التصنيفات
طب نفسي | علم النفس

الفصام Schizophrenia | التعريف، الأسباب، التشخيص وعلاج الاضطرابات الفصامية

المحتويات إخفاء

الفصام Schizophrenia هو مصطلح وضعه العالم والطبيب السويسري أوغن بلولر Eugene Bleuler عام 1911 ويعني أدبيا (العقلية المنقسمة) ليؤكد انشطار الشخصية.

(Schizophrenia هي كلمة يونانية الأصل تتكون من قسمين: Schizo وتعني “يشطر، يفكك، يجزئ، يقسم، يفصم،…” وphrenia وتعني “الطاقة الروحية، العقل، الطاقة الذهنية، الشخصية،…”).

تعددت معاني وترجمات هذا المصطلح في اللاتينية والإنكليزية والفرنسية والروسية والعربية وغيرها من اللغات.. فبعضهم يترجمها على أنها انفصام في الشخصية والآخر يعتبرها فصاما في العقل وغيرهم يعتبرها فصاما في الروح، والبعض يعتبرها فصما في الطاقة الذهنية،…الخ.. واعتمدت ترجمتها الأكثر دقة علمية وهي فصم الطاقة الذهنية واختصارا ومنعا للالتباس اعتمدت تسميتها بالفصام فقط.. ويشار إلى هذا المرض بعدد كبير من الألفاظ كالجنون والخبل والهبل و…

يجب أن أشير هنا إلى وجود التباس شائع بين الفصام Schizophrenia وبين (ازدواج الشخصية) التي تقع ضمن حالات تصدع الوعي وتدعى حالات هيستريا نفسية تنشطر فيها شخصية الفرد ويكون أحد هذه الأجزاء مسيطرا في وقت ما، ويليه الجزء الآخر في وقت آخر، وخير مثال على ازدواج الشخصية في الأدب العالمي قصة الكاتب والروائي الألماني Robert Louis Stevenson (1894-1850) الدكتور جيكيل ومستر هايد Dr. Jekyll and Mr.Hyde والتي يتحدث فيها عن شخصية الدكتور جيكلDr. Jekyll المتوازن الوقور أثناء النهار وهو يقوم بمهام مهنته العلمية بمهارة وإتقان ولكنه يتحول في الليل إلى شخصية مختلفة تماما وهي شخصية مستر هايد Mr.Hyde المنحل والمنافق والعربيد والنزق.. وكذلك وصف الكاتب والروائي العالمي الروسي فيودور ديستيوفسكي Fyodor Dostoyevsky (1881-1821) لحالة مماثلة في روايته البديلThe double والروائي غوغول Gogol (1852-1809) في الأنف ومذكرات مجنونThe Portrait and notes of a madman ومثال آخر في رواية شرايبر المشهورة باسم sybil والتي تتحدث عن مريضة تتنقل بين 16 شخصية تختلف كل منها عن الأخرى..

كي أستطيع إعطاء صورة دقيقة عن هذه الاضطرابات التي تدعى بالفصام Schizophrenia، سأبدأ بسرد قصة سريرية لمريض فصام زوري Paranoid schizophrenia سأدعوه (زيادا).. أبين من خلالها الأعراض الحاضرة في حالته..

الأعراض الحاضرة في حالة زياد

زياد (هذا الاسم افتراضي وليس اسم المريض الحقيقي) عمره (25) عاما مجاز جامعي.. دخل المشفى في حالة ذهانية، كان هائجا، مشككا بكل من حوله. ومقتنعا بأن مجموعة من الرجال تلاحقه كي تقتله. مذهولا بالأصوات التي لم تتوقف عن نقده “هلاوس سمعية”.

ذكرت زوجته رولا (وهذا الاسم أيضا افتراضي وليس اسم الزوجة الحقيقي) أن زوجها، لدى عودته من سهرة مع أصدقائه كان هائجا وأفعاله وأقواله غير مفهومة، ومشوشة، فأحست رولا، عندئذ أن هناك مشكلة مخيفة، كان كلام زوجها زياد كما وصفته: “مكسرا، متقطعا، ليس له معنى”، وأضافت: “كان زياد يتحرك كالمكوك، يذرع الغرفة جيئة وذهابا، هائجا، متعرقا، يحرك يديه بصورة غريبة.. ثم فجأة رفض التحدث في أي شيء، وجلس دون حراك يحدق إلى الجدار..”.

اتصلت رولا بطبيب الأسرة فنصحها بإسعاف زوجها إلى المشفى، استقلت مع زوجها سيارة البيك آب الصغيرة التي يمتلكانها، في الطريق إلى المشفى، دفع زياد زوجته خارج السيارة، وعاد بسرعة إلى البيت، وكتب لها رسالة وأخذ كمية من النقود. قاد زياد سيارته بسرعة ظنا منه أن السيارات الأخرى تلاحقه، وبعد ساعتين من القيادة السريعة، توقف ودخل إلى مطعم هو عبارة عن استراحة ومحطة للتزود بالوقود جوار الطريق العام.

شعر زياد أن كل شيء حوله غريب، ولم يستطع أن يأكل، وكان يظن أن جميع الموجودين في المكان، يحدقون إليه. نظر إلى مجموعة من السائقين كانت تجلس على مقربة منه، ظن زياد أن أحدهم يغمزه بعينيه، ويبتسم له، فخاف زياد وصاح بهم، ماذا تفعلون؟.. وبدأ يشتم الرجال، وألقى الرعب في قلوبهم. وجلس الرجال دون أن يفعلوا شيئا بعد أن لاحظوا اضطرابه الشديد..

خرج زياد من الاستراحة مسرعا، خائفا، لأنه ظن أن أولئك السائقين سيلحقون به. في تلك الأثناء بدأ يسمع أصواتا غريبة تناديه، “حزمة الحطب”، “بائع الهوى”، “غريب الطبع”.. ومن المصادفة أن زوجته رولا كانت تسخر منه، وتصفه بالشذوذ الجنسي…

ظل يقود سيارته حتى الثالثة صباحا، حتى وصل إلى منزل والدته في منطقة بعيدة..

في الصباح وجدته أمه نائما على الأريكة، نصف عار، أشعث الشعر، وتساءلت الأم ما المشكلة؟!..

عندما استيقظ من نومه أخبرها عن الذين يلاحقونه، والأصوات التي يسمعها، كان بائسا، خائفا، ورجا أمه أن تجد له مخبأ. عندها أدركت الأم بأن شيئا ما أصابه في عقله.

اتصلت بصديقة لها نصحتها بأخذه إلى رجل (له قدرات خارقة) كما تعتقد ويستطيع أن يطرد الجني الذي تلبس عقل زياد وجسده.. وعلى الفور اصطحبته أمه وصديقتها إلى ذاك الرجل الذي يدعي هذه القدرات الخارقة…

أمسك بضعة رجال بزياد وقيدوه بإحكام، وبدأ الرجل الذي يدعي القدرات الخارقة بعد قيامه بطقوس لا يمكن فهمها وتفوهه بعبارات غير واضحة بضرب زياد بالعصي والسياط كي يخرج الجني الذي يأبى مغادرة جسد زياد وعقله… وزياد مكبل ومقيد يصرخ ويستنجد ولكن دون مغيث… وأمه تطلب منه أن يتحمل كل ما يجري له كي يخرج الجني اللعين.. وأخيرا خر زياد مغشيا عليه من شدة الألم وهوله..

اتصلت أمه بطبيب تربطه صلة قربى مع العائلة، وأشار عليها الطبيب بضرورة نقله إلى المشفى فورا.. عندما دخل زياد إلى المشفى كان بحالة إعياء شديد وكانت أثار التعذيب تغطي كل جسده، أجريت له الإسعافات الضرورية ونقل إلى الجناح النفسي في المشفى… كان من الصعب متابعة كلامه وفهمه، وبدا وكأنه يستعمل لغة خاصة، مفككة، غير مترابطة. كان كثير الشك، حذرا، يشير إلى قوة غريبة تجعله يسيطر على تصرفات الآخرين وتفكيرهم، وكانت لهجته في الكلام قاسية جدا، رغم أنه كان شديد الخوف. كان حديثه ذا نبرة واحدة، مع تسطح في التعابير.

تعريف الفصام

حاول الكثيرون عبر التاريخ وحتى كتابة هذه السطور تعريف الفصام Schizophrenia، وجميع هذه المحاولات دون استثناء عجزت إلى الآن عن التوصل إلى تعريف دقيق وشامل ومحدد لهذه الحالة المرضية، فالفصام Schizophrenia حتى الآن غير واضح من حيث الأسباب والأعراض والمسيرة وحتى النتائج، لذلك من البديهي أن معظم التعاريف تركزت على الأعراض المرضية الأكثر ظهورا. وفي بعض الحالات اتسع التعريف ليصف العمليات النفسية التي تكمن وراء هذا المرض..

لن استطيع في هذه العجالة أن أعرض الكثير من المحاولات التعريفية التي تجاوزت بضع مئات من المحاولات التعريفية لكنني اكتفي بذكر بعض من أهمها:

عرف إميل كريبيلين Email Kraepelin هذا المرض (وكان قد دعاه العته الباكر) من خلال أعراضه المميزة وهي: “الهلاوس (خاصة السمعية واللمسية)، انخفاض في المحاكمة والبصيرة، العاطفة المثلومة والسلبية، السلوك النمطي، الأوهام، تغير في الكلام بحيث يصبح غير مفهوم، انخفاض عتبة حب الاستطلاع، النقص في الانتباه إلى العالم الخارجي..”. وكل هذه الأعراض توجد في المريض مع صفاء وعيه وصحة إدراكه وذاكرته.

Eugen Bleuler

عرف أوغن بلولر Eugen Bleuler الفصام Schizophrenia بأنه حالات من المرض العقلي والتي قد تكون مسيرتها متباينة أو أن هذه المسيرة يمكن إيقافها أو حتى عكسها ولكن لا يمكن أن تعود إلى حالتها الأولى والمتكاملة أبدا…ويضيف إلى ذلك (أنها حالات تتصف بتغيير محدد في الفكر والعاطفة وبالعلاقة مع العالم المحيط وهو تغيير لا يظهر في أي حالة أخرى)

أوغن بلولر Eugen Bleuler (1939-1859)

سويسري، تعلم في زيورخ وعلم بها الطب النفسي، واشتغل مديرا لإحدى مستشفياتها العقلية. قبل بلوغه التاسعة والعشرين من العمر، ويعتبر من أبرز من كتب في الفصام، وهو صاحب هذا المصطلح، وله مصطلحات أخرى كثيرة يرجع له فضل استخدامها في مجال الطب النفسي، وقيل إنه من المؤسسين لعلم الطب النفسي الدينامي، وكانت له مراسلات مع فرويد، وشاركه يونغ في أبحاثه، واجتمعا وآخرون مع فرويد سنة 1908، ثم عقدوا اجتماعهم الثاني بعد ذلك بسنتين وأعلنوا قيام الرابطة الدولية للتحليل النفسي، وأسهم في تحرير مجلتها إيماغو الناطقة والداعية إلى مفاهيم التحليل النفسي، والناشرة لأبحاث وأخبار المحللين النفسانيين.

واشتهر Bleuler بكتابين (العته الباكر أو مجموعة الفصام Dementia Praecox: or the Group of Schizophrenias) (1911) وكان قد قرأ مسودته في مؤتمر أطباء النفس الألمان في برلين (1908) تحت اسم تشخيص العته الباكر أو مجموعة الفصامDie Prognose der Dementia Praecox (Sxhizophreniegruppe)، والكتاب الثاني هو (المرجع في الطب النفسي Textbook of Psychiatry) (1951) أو (Lehrbuch der Psychiatrie) كما في الطبعة الألمانية (1916).

يتمثل الإسهام العلمي ل Bleuler في مجال الفصام في نبذه للفكرة القديمة التي أرساها Emil kraepelin أن الفصام من الأمراض العقلية التي ليس لها أسباب نفسية بتاتا، وأنه يصيب المرضى في سن مبكرة، والمريض به تسوء حاله وتتدهور قواه العقلية باستمرار، وذلك لأن المرض ناشئ عن تلف عضوي بالمخ، ولذلك لا علاج له.

يعود الفضل إلى Bleuler في تغيير اسم المرض، والتنبيه إلى أن أعراضه المستحدثة هي التي تتسبب للمريض في هذا الانشطار في الشخصية، حيث يشتق الفصام من الفعل فصم بمعنى قسم وجزأ. ووصف Bleuler ديناميات المرض فقال إن المريض يتميز بتناقض مشاعره، أو تضادها، وهذا المصطلح التناقض الوجداني Ambivalence من اختراعه، وقال إن أفكاره قد تتدفق أو كلامه قد يتدفق حيث يبدو أن المريض يعاني من ضغط الأفكار أو الكلام، وقد ينقطع هذا التدفق فجأة فيبدو كما لو كان يعاني اسندادا Blocking، وحتى ما يقوله ويفكر فيه رغم تدفقه يبدو بلا روابط، وغير متسق مع بعضه، وهو ما يعطيه Bleuler اسم التكثيف. فقد يربط المريض بين الفكرتين في فكرة واحدة، أو بين الكلمتين في كلمة واحدة، وقد يلمس المعاشرون له أن المريض لا شيء لديه ليقوله، كأنما يعاني من فقر أو إفلاس أو نضوب فكري، وقد يصل به الأمر إلى ألا يجيب عما يلقى إليه من أسئلة إلا بأن يردد السؤال، أو يجيب بكلمة أو عبارة لا صلة لها بالسؤال، كما لو كان المريض يعبر عن سؤال في نفسه هو، أو كما لو كانت عبارته سلسلة من عبارات داخلية لم يتفوه بها، وكما لو كان المريض يعيش داخل عالمه الخاص. ويسمي Bleuler هذه الظاهرة باسم الذاتية Autism، ويقول إن المريض يبدو بها مجانبا للواقع Dereistic، ويفسرها بدوافعه الدفينة وعقدة اللا شعورية، وأفكاره الذاتية المنبت Autochthonous التي تنازع اهتمامه بالواقع أو العالم الخارجي.

هذا التشخيص الذي قدمه Bleuler والمصطلحات التي صاغه بها، هو ما شاع عنه وأحدث انقلابا في التفكير النفسي الطبي، فلأول مرة تستعمل مفاهيم التحليل النفسي التي استخدمها فرويد في مجال النفاس – تستعمل في مجال الذهان. وهذا التطور نفسه هو الذي أطلقوا عليه من بعد اسم الطب النفسي التأويلي Interpretative psychiatry. ولقد بين Bleuler أن مريض الفصام ليس هو المسطح Flat وجدانيا كما يقول Krapelin، وإنما له عالمه الوجداني الخاص الذي يتجاوب مع حاجاته الوجدانية. ولأول مرة يبدو هذا التشخيص مبررا للهذاءات والتخيلات الخاصة بمريض الفصام، ويعني ذلك أن التداعي بالمرض دليل على الانسحاب من العالم الخارجي الذي يعجز عن مسايرته، إلى عالم داخلي خاص به يستطيع أن يسيطر عليه. وبهذا التفسير يكون الفصام من الاضطرابات التي يمكن أن يفيد فيها التحليل النفسي لميكانيزمات اللا شعور عند المريض والتي تتسبب عنده في الانسحاب. وكانت لهذه التحليلات آثارها البعيدة في مجال الطب النفسي التحليلي، خاصة عند تلميذه لودفينغ بنزفانغر صاحب الاتجاه الوجودي. وكانت لبلويلر تحليلات للشخصية الفصامية باصطلاحات وجودية لا شك أن بنزفانغر أخذ بها، وكذلك جاكوب ويرش صاحب المصطلح (الشخصية الفصامية) (1949). ولعل بلويلر كان أسبق من ياسبرز وهايدغر في محاولاته أن يجعل عالم المريض بالفصام من العوالم التي لا تثير فينا الاستغراب، بأن أخضعه للتحليل، ووصف نمط حياته كأحد الأنماط الوجودية التي تحفل بها الحياة. وكان Bleuler شديد الإعجاب بالتحليل النفسي، وكان أحد الأوائل الذين أضفوا على هذا الفرع من العلوم الاحترام الواجب له من الدوائر العلمية.

(المصدر: المركز الرقمي للعلوم النفسية).

وقد تجاوز Bleuler في تعريف الأعراض وتناول أسبابها… وكذلك قال إن للمرض أعراضا ثانوية وأولية والثانوية قد تكون هي الأعراض الأكثر وضوحا في كثير من الحالات والأعراض الأولية هي:

.1 اضطراب في الفكر.

.2 اضطراب في الترابط (ترابط الأفكار).

.3 تغيرات في التفاعلات العاطفية.

.4 الميل لتفضيل الخيال على الواقع.

.5 الميل للانعزال عن الواقع.

والظواهر السابقة وحدها كانت مبررا لإعطاء مصطلح الفصام Schizophrenia على المرض والذي يعني انقسام العقل إلى مكوناته الأساسية وهي الفكر والعاطفة والسلوك.

Manfred E. Bleuler

ساهم مانفرد بلولرManfred Bleuler في تثبيت نظرة والده أوغن بلولر Eugen Bleuler وأكد على وجود مظاهر عدم الترابط في شخصية المريض أو ما سماه (عدم ترابط أو تفكك الشخصية). ورأى Manfred Bleuler بأن هذا التفكك يؤدي إلى تجزئة الشخصية إلى مكوناتها وأن هذه المكونات وإن لم تكن كل واحدة منها وحدة مرضية.. إلا أنها تجتمع من تركيبات غير متوافقة مع بعضها البعض..هذا التفكك هو ما يميز هذه الحالة ويبرز التسمية (الفصام Schizophrenia) التي وضعها والده.

صمم اوبري لويس Aubrey Lewis تعريفا يتضمن العناصر الأساسية التي أوردها كرابلن وبلولر ومانفرد وأكد تعريفه ناحيتين هما:

الأولى: التكسير (الانقسام) أو التجزئة في المقومات المكونة للعقل (الشخصية) وهي الفكر والعاطفة والسلوك.

الثانية: فقدان التوازن (الرنح) في العمليات النفسية الداخلية.

أما عميد الطب النفسي العربي البروفيسور يحيى الرخاوي yahia Rakhawy فيعرف‏ مرض ‏الفصام Schizophrenia ‏ (‏أو‏ ‏أمراض‏ ‏الفصام) بأنه‏ ‏مرض‏ ‏عقلي ‏يتميز‏ ‏بأعراض‏ ‏متنوعة‏ ‏ناتجة‏ ‏من‏ ‏تفكك‏ ‏الشخصية‏ ‏ومحاولات‏ ‏تماسكها‏ ‏بدفاعات‏ ‏مرضية‏ ‏مختلفة،‏ ‏ويجنح‏ ‏في ‏النهاية‏ ‏إلى ‏تدهور‏ ‏الشخصية‏، ‏والانسحاب‏ ‏من‏ ‏الواقع‏، ‏وتظهر‏ ‏فيه‏ ‏أعراض‏ ‏الاضطراب في ‏وظائف‏ ‏الشخصية كافة، ‏ففي ‏مجال‏ ‏العاطفة‏ ‏تظهر‏ ‏ثنائية‏ ‏الوجدان‏ ‏والتذبذب‏ ‏واللامبالاة‏ ‏واللا توافق‏ ‏وفي ‏مجال‏ ‏السلوك‏ ‏العملي ‏والإرادة‏ ‏تظهر‏ ‏علامات‏ ‏فقد‏ ‏الإرادة‏ ‏والتصلب‏ ‏وأحيانا ‏الذهول‏ ‏التام‏ ‏وفي ‏مجالات‏ ‏الإدراك‏ ‏والتفكير‏ ‏تظهر‏ ‏علامات ‏تغير‏ ‏الذات‏ ‏والعجز‏ ‏عن‏ ‏التجريد‏ ‏وتفكك‏ ‏الأفكار‏ ‏وتكاثفها‏ ‏وقد‏ ‏توجد‏ ‏هلاوس‏ ‏وضلالات‏ ‏غير‏ ‏منتظمة‏ ‏في ‏العادة‏.

يعرف المسرد النفسي للجمعية الأمريكية للطب النفسي الفصام Schizophrenia على أنه مجموعة كبيرة من الاضطرابات- ذات جزء ذهاني عادة- تتظاهر باضطرابات مميزة في اللغة والاتصال والأفكار والإدراك والوجدان والسلوك، تستمر أكثر من ستة أشهر. وتتصف اضطرابات الأفكار بتغيرات في تشكيل الفكرة Concept formations قد تؤدي إلى خطأ تفسير الواقع وإلى الإدراك الخاطئ و- أحيانا- إلى التوهمات والإهلاس. وتتضمن تغيرات المزاج: الازدواجية ambivalence والتبلد blunting وعدم الملائمة inappropriateness وفقد التوحد العاطفي loss of empathy مع الآخرين. وقد يكون السلوك انسحابا ونكوصيا regressive وغريبا bizarre ولا يمكن تفسير هذه الصورة السريرية بأي مرض عقلي عضوي.

يعرف جدول المعايير التشخيصية في الدليل التشخيصي والإحصائي الرابع المعدل لجمعية الطب النفسي الأميركي DSM-IV-TR الصادر عام 2000 واصفا السمات الرئيسية للفصام على أنها (وجود أعراض ذهانية مميزة أثناء الطور الفعال للمرض، وكون الأداء Functioning دون المستوى الأعلى الذي تحقق مسبقا (عند الأطفال والمراهقين: فشل تحقيق المستوى المتوقع من التطور الاجتماعي). والمدة التي لا تقل عن ستة أشهر قد تتضمن أعراضا مميزة بادرية أو ثمالية. ويشمل الفصام Schizophrenia دائما في أحد أطواره التوهمات أو الإهلاس أو بعض الاضطرابات المميزة في الوجدان وشكل الأفكار. ولا يوضع التشخيص إلا عند فشل إثبات أن عاملا عضويا ما قد بدأ الاضطراب وحافظ عليه. ولا يتم التشخيص إذا كان سبب الأعراض اضطراب مزاج أو اضطراربا فصاميا وجدانيا DSM- IV- TR. وهكذا تتضمن المعايير السريرية ل DSM- IV- TR:

.1 الأداء دون المستوى الأعلى الذي تحقق مسبقا في مجالات كالعمل والعلاقات الاجتماعية والعناية بالذات.

.2 أعراضا سريرية تخص عمليات نفسية متعددة تشمل: محتوى الأفكار وشكلها، والإدراك، والوجدان، والإحساس بالذات، والإرادة، وتأذي الأداء تجاه الأشخاص والعلاقة مع العالم الخارجي والسلوك النفسي الحركي.

أما منظمة الصحة العالمية في تصنيفها الدولي للأمراض النفسية والسلوكية المراجعة العاشرة ICD-10 الصادر عام 1992 فتعرف الاضطرابات الفصامية على أنها تحريفات أساسة ومميزة في التفكير والإدراك والعواطف، مع بقاء الوعي والقدرة الذهنية سليمين وإن كان يظهر بعض من مظاهر النقائض المعرفية cognitive deficits مع مرور الوقت.

ويضيف هذا الدليل بأن الفصام يصيب اضطراب الشخصية تلك الوظائف الأساسية التي تعطي الشخص الطبيعي إحساسا بالفردية والتميز وتوجيه الذات، فيشعر المريض أن الآخرين يعلمون أو يتقاسمون معه أكثر أفكاره ومشاعره وأفعاله الخصوصية. وقد تتكون ضلالات delusions لتفسير هذه الظواهر تصل إلى حد الاعتقاد بوجود قوى طبيعية أو خارقة للطبيعة تعمل من أجل التحكم في أفكار وأفعال الشخص المصاب وذلك بأشكال شاذة وغريبة غالبا.

كما قد يشعر المريض بأنه هو محور كل ما يحدث. والهلاوس شائعة، خاصة السمعية التي تنطوي على تعليق على سلوك الشخص وأفكاره. وكثيرا ما يضطرب الإدراك بأشكال أخرى: فالألوان والأشكال قد تبدو أكثر حيوية من الطبيعي. أو قد تبدو متغيرة نوعيا، وتكتسب السمات الثانوية للأشياء العادية أهمية تتجاوز أبعاد الشيء أو الموقع بأكمله. كذلك فان الارتباك perplexity يشيع منذ البداية، وكثيرا ما يؤدي إلى الاعتقاد بأن المواقف اليومية تحمل معاني خاصة، عادة سوداوية، يقصد بها الفرد بالذات.

أما اضطراب التفكير المميز عند الفصامي فيبرز الملامح غير المترابطة والهامشية لمفهوم كامل، يتم تجاهله عادة في النشاط الذهني السوي الموجه، فيبرز هذه الملامح في المقدمة ويستخدمها بدلا من تلك الملامح الملائمة والمناسبة للموقف، وبذا يصبح التفكير مبهما وغير مركز وغير واضح ويصبح التعبير عنه من خلال الكلام أحيانا غير مفهوم. كذلك تكثر التحريفات والاقحامات في تسلسل الأفكار، ويبدو وكأن قوة خارجية تسحب الأفكار. أما المزاج mood فيكون إما مسطحا أو متقلبا capricious أو غير متسق. وقد يظهر التأرجح واضطراب الإرادة على شكل كسل أو معاندة أو ذهول. كما قد يكون هناك حالة تخشب أو جمود catatonia. وقد تكون بداية المرض حادة مع سلوك مضطرب اضطرابا شديدا، أو متدرجة تتكون فيها مجموعة الأفكار والسلوك غير الطبيعية بشكل تدريجي. كذلك فإن مسار المرض متباين كثيرا.

يمكنني القول بعد هذا العرض السريع والوجيز لأهم محاولات تعريف الفصام Schizophrenia إنه عبارة عن مجموعة من الاضطرابات العميقة المتميزة بالاضطرابات في التفكير والشعور والسلوك.. ورغم أنني سأصف الكثير من العلامات أو الأعراض فإنني أؤكد على عدم وجود تعريف عالمي مقبول له، وأسبابه هي الأسباب الأقل فهما بين الآليات الإمراضية للأمراض النفسية.. ومن الأفضل التفكير بالفصام على أنه يمثل مجموعة من الاضطرابات المتعددة المنشأ وذات الأسباب المتعددة أكثر من كونه وحدة مرضية مفردة.. ولقد عرضت صورة دقيقة عن حالة من هذه الاضطرابات في بداية هذا الكتاب من خلال قصة (زياد).


تشخيص الفصام

معظم التصانيف المعروفة تعتمد في قواعد التشخيص على بدء الفصام، ومراحل وأعراض مثيرة للإصابات الفصامية ثم تضع تحت هذا الوصف عدة أنواع لهذا الاضطراب.

البداية

خلال فترة المراهقة أو بداية الرشد ولكن قبل 45 سنة.

السير

يجب أن تستمر العلامات أكثر من 6 أشهر حتى يكون التشخيص صحيحا. المرحلة الأولى هي مرحلة البوادر prodrome حيث يظهر المريض تقهقرا واضحا على المستوى الذي كان عليه في السابق.

المرحلة الثانية هي المرحلة النشطة Active حيث تظهر اضطرابات تتناول عدة عمليات نفسية.

المرحلة الثمالية Residual تبقى بعض الأعراض ولكن بشكل أخف.. وإن العودة للحالة قبل المرض واردة ولكنها غير عادية.

الأعراض

تتضمن اضطرابا في عدة وظائف نفسية وهي موضحة في الجدول التالي:

.1 الوظائف المستقلة (التلقائية)

أ) الادراك

ب) الذاكرة

ج) الاهتداء (التوجه)

د) التفكير

هـ) الوجدان (الانفعالات، المزاج)

و) السلوك الحركي (بما فيه المظهر)

ز) اللغة والكلام

.2 الوظائف التكيفية

أ) العلاقات الاجتماعية

ب) الأداء المهني

ج) الاستفادة من وقت الفراغ

د) قدرات ابداعية أو مواهب خاصة

.3الوظائف الدفاعية

أ) آليات الدفاع

ب) أنماط السلوك

ج) سمات الشخصية

.4الوظائف التركيبية

أ) التنظيم والقدرات التوحيدية التكاملية

ب) المحاكمة

ج) البصيرة

.5اختبار الواقع

وحسب التصانيف المتعارف عليها فإن هناك عدة أشكال أو أنماط للفصام تتراوح بين أربعة أنماط وتصل أحيانا في بعض التصانيف إلى أكثر من ثلاثين نمطا..

إلا أن أغلب التصانيف المعاصرة كتصنيف الجمعية الأميركية للطب النفسي وأحدثها DSM-IV-TR الذي صدر عام 2000 ويتوقع صدور التصنيف الخامس DSM-V عام 2011، فتصنف الفصام على خمسة أشكال هي: (غير المنظمة، الجمودي، الزوري، غير مميز، ثمالي (الباقي).

أما منظمة الصحة العالمية من خلال المراجعة العاشرة للتصنيف الدولي للأمراض النفسية والسلوكية (ICD -10) International Classification of Disease عام 1992م، ويتوقع انجاز الطبعة الحادية عشر ICD-11 عام 2011، فتصنف الفصام على تسعة أشكال هي (الزوري، الهبيفريني”المراهقة”، الجمودي، غير المميز، المتبقي، الاكتئاب التالي للفصام، البسيط، فصام آخر، غير المعين.).

أما الروس وعلى أساس من التأكيد على مسيرة المرض ومصيره فإنهم يصنفون الفصام إلى الأصناف التالية: (الفصام المستمر أو المتواصل “البطيء، المتدرج، الخبيث” والفصام الدوري غير المتدرج، والفصام المتدرج شبه المتغير”الخفيف، المتدرج، الخبيث”).

ثم وضوا تصنيفا آخر اعتبر أكثر تطورا وصنفوا الفصام فيه إلى أحد عشر نمطا: (البسيط، المراهقة، الجمودي”المستثار والمنسحب”، الهذائي، والشطحة الفصامية الحادة، والكامن، والمترسب، والوجداني” المستثار والمكتئب”، الطفولة، المزمن غير المميز، غير محدد النوع “أنواع أخرى”).

أما تصنيف عميد الطب النفسي العربي البروفيسور يحيى الرخاوي yahia Rakhawy للفصام يشمل عشرة أنماط وهي: الفصام البدئي، والانفعالي: “الاكتئابي والهوسي والمختلط”، والزوري (الضلالي)، والمزمن غير المميز، والهبيفريني (الخامل) والجمودي: “الهياجي والذهولي”، ونوبة الفصام الحاد غير المميز، والبسيط، والمتبقي، وأنواع أخرى متفرقة:” الحالم، الطفولي،…”

‏التشخيص التفريقي

سيتم التفريق بين الفصام والهوس عند حديثي لا حقا عن الاضطرابات الوجدانية في الجزء الثاني من هذا الكتاب.

لكن أذكر هنا أن الاضطرابات الزورية paranoid disorder تشاهد مع الأوهام الاضطهادية المستمرة والغيرة التخيلية، لكن دون إهلاسات بارزة وبدون اضطرابات حادة في شكل الأفكار (المشاركة والترابط فقط) أو محتوى الفكر (توهمات غريبة) الذين يميزان الفصام.

في الاضطرابات الشبيهة بالفصام (شبه الفصامية) تكون الأعراض أعراض الفصام نفسها لكن استمرارها أقل من 6 أشهر وأكثر من أسبوعين.

في الذهان الارتكاسي القصير الأمد هناك بدء مفاجئ في الأعراض النفسية يتلو عامل شدة واضح يحرض أعراض كرب هامة عند أي شخص عادي. وعلى عكس الفصام لا توجد هنا فترة بوادر من الاضطرابات النفسية، التي تسبق ظهور مسبب الشدة، والأعراض لا تستمر أكثر من أسبوعين مع عودة إلى الحالة الطبيعية قبل المرض بعد ذلك.

وأخيرا فإن الاضطرابات الوجدانية الفصامية تشخيص قابل للجدل ويجب ألا يستعمل إلا في تلك الحالات التي يكون فيها التفريق بين الاضطرابات الفصامية والوجدانية غير ممكن.


أسباب الفصام

إن توضيح أسباب الفصام هو من الأمور الصعبة ورغم أن الكثير قد فهم خلال السنوات الأخيرة عن الفصام فإن فهما أساسيا وموحدا له لم يظهر حتى الآن.

رغم أن السريريين الأوائل اعتبروه مرضا عصبيا ذا نتيجة ثابتة فإن الكثير قد تمت معرفته فيما بعد وهو ما يدفعنا إلى اقتراح وجود تداخلات معقدة ذات أوجه مختلفة بين عوامل متعددة تؤدي لبدئه.

فأسباب الفصام كما ذكرت ليست مفهومة بوضوح، ويؤدي العديد من الاكتشافات المتضاربة لباحثين مختلفين إلى الاعتقاد بأن الفصام هو فعلا عبارة عن اضطرابات عديدة مختلفة. ويصف آخرون نمطين رئيسين: الأول داخلي process لا يستجيب للمعالجة، وإنذاره سيئ ويحتمل أن أساسه بيولوجي. والثاني ارتكاسي reactive وهو نمط هاجع ذو إنذار أفضل، ويحتمل أنه متعلق بعوامل المعاناة experiential. ويمكن أن تقسم النظريات التي تحاول معرفة أسباب الفصام إلى: عضوية واجتماعية ثقافية ومعاناة أو نفسية.

أولا: اعتبارات عضوية

هناك قليل من الشك بأن العوامل البيولوجية تلعب دورا في إحداث الفصام. وأما ما هي العوامل الهامة، وما أهميتها في هذا الدور فما تزال موضع جدل حتى الآن.

1. بنية ووظيفة الدماغ

إن احتمال كون الفصام اضطرابا عضويا مع إمراضية دماغية مرافقة كان مجال تركيز العديد من الباحثين على مدى الفترة التي درس فيها هذا الاضطراب. وكل الدراسات بعد الوفاة لمدة سنوات عديدة لم تتهم أي عامل مستبطن عصبي أو عصبي مرضي.. وكان التأكيد مباشرة قبل الحرب العالمية الثانية يتركز على العوامل النفسية والاجتماعية في دراسة المفاهيم الخاصة بالاضطرابات الفصامية. ولكن في العقود الأخيرة تطور الاهتمام ثانية باحتمال وجود الأساس العصبي المرضي للفصام ويبدو أن عدة عوامل تدعم هذا التوجه منها نجاح المعالجة الدوائية النفسية التي تطورت منذ خمسينيات القرن الماضي، وظهور طرق تقص واستقصاء معاصرة كالتصوير بالرنين المغناطيسي النووي (يدعى أيضا MRI التصوير بالرنين المغناطيسي). وإن تصوير الدماغ هو رسم تمثيلي بمساعدة الكمبيوتر لبنية الدماغ ووظيفته. يستخدم رسم الكمبيوتر الألوان لتمثيل طيف من الأرقام لقياس الظاهرة قيد الدراسة. تتضمن الطرائق الطبقية لتصوير الدماغ بالأشعة الطبقية المحوسبة (CAT scan) والتصوير بالرنين المغناطيسي MRI والتصوير الطبقي بإصدار البوزيترون PET وقد جعلت هذه التقنيات تحسين دراسة بنية ووظيفة الدماغ ممكنا. وقد رافق ظهور هذه التقنيات الفحص المباشر للدماغ الذي أمن ظهور معايير تشخيصية دقيقة، مما ساعد على التغلب على المشاكل المنهجية التي وجدت في العديد من دراسات البحث السابقة.

ويبدو أن هناك توجها متزايدا إلى احتمال كون الفصام مجموعة من الاضطرابات العضوية، ورغم أنه لم يتبين أي عامل عصبي مرضي أو عصبي فيزيولوجي حتى الآن (ولكن يعتقد الخبراء في الغرب عموما أن ذلك يبدو منسجما إلى حد ما مع تعدد أسبابه).

2. التأهب المورثي

يشير أدب الطب النفسي المعاصر إلى التأهب predisposition المنقول وراثيا للفصام. وقد تضمنت الطرق الرئيسية: دراسة العائلة والتوائم والتبني.. وإن خطورة الإصابة بالفصام بين التعداد السكاني العام هو من رتبة واحد بالمائة تقريبا،(بدقة تسعة بالألف).. ودراسات العائلة: بينت أن أقرباء الفصامي عندهم خطورة مزدادة للإصابة بهذا الاضطراب، وهذه الخطورة تزداد كلما ازدادت قربا العلاقة المورثية بين النموذج (الحالة الأصلية في الدراسات الوراثية) وقريبه (إلا أن التأثيرات البيئية لا يمكن أن تستبعد تماما) Gottesman, McGriffin, and Fornier, 1987. وفي دراسات التوائم: كانت نسبة التوافق للتوائم أحادية البيضة (المتطابق، MZ) %44.3 وهي أعلى بشكل واضح من نسبة التوائم ثنائية البيضة (الأخوين، DZ) وهي %12.08 وهي بشكل واضح أقل من %100 (كوتسمان وماكغريفين وفورنيير 1987،Gottesman, McGriffin, and Fornier, 1987). أما دراسات التبني: فسجل هستون 1966 دراسة على سبعة وأربعين شخصا ولدوا من أمهات فصاميات في المشافي العقلية الحكومية في أميركا وعزلوا منذ ولادتهم ليربيهم أبوان بالتبني adaption أو بالاسترضاع foster وقارنهم مع 50 من الشواهد (من بيوت اللقطاء التي قدمت أطفال الأمهات الفصاميات للدراسة) حيث ظهر الفصام عند %16.6 من أطفال الأمهات الفصاميات، وأعطيت تشاخيص نفسية ل 31 طفلا من بين ال 47 (%66) مقارنة مع 9 من الشواهد، أي %18. ولم يظهر الفصام عند أي من الشواهد.

هكذا يمكننا تقييم الدراسات المورثية بأن كل المعطيات تشير إلى أن العوامل المورثية تلعب دورا هاما – لكن غير تام – في ظهور الفصام.. ويمكن القول إنه يبدو أن نموذج التأهب – الكرب ملائم، أي أن التأهب تحدده الوراثة، إلا أن الكرب اللاحق ضروري للاصابة بالفصام.

3. التأهب الكيميائي الحيوي

لقد ازدادت معرفتنا بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة عن الكيمياء الحيوية للدماغ وكذلك عن الأدوية النفسية. إذ توجد اضطرابات كيميائية حيوية في العديد من الحالات، إن لم يكن كلها.. واتضح أن العديد من المكتشفات الباكرة عن الكيميائية الحيوية مرتبطة بالحمية أو بالأدوية أكثر من ارتباطها بالاضطراب.. كما اقترح العديد من الفرضيات، ولقد توجه الاهتمام بشكل كبير إلى تلك التي تهتم بالأمتلة المناظرة transmethylation والنقل السيروتونيني والنقل الدوباميني.

أ. فرضية الأمتلة المناظرة Transmethylation hypothesis: افترض هارلي ماسون حدوث تراكم لمواد ممتلة في الفصام، لأن العديد من المهلسات هي مواد ممتلة. وجد الاندول أمين الممتل في دم وبول الفصاميين، وتشير الدراسات الحديثة إلى وجود المواد الممتلة عند الأشخاص المصابين بالاضطرابات العقلية الأخرى، لذا يبدو أن العلاقة النوعية مع الفصام مشكوك بها.

ب. النقل السيروتونيني: اقترحت الدراسات الأولى أن النقل السيروتونيني قد يكون ناقصا في الفصام، ولكن الدراسات اللاحقة على الدماغ لم تظهر شذوذا موافقا في السيروتونين.

ج. فرضية الدوبامين: وتفترض أن الفصام انعكاس لخلل في الجمل الدماغية التي يتواسطها الدوبامين وخاصة الجمل الطرفية المركزية mesolimbic والقشرية المركزية mesocortical.. كما يمكن للأمفيتامينات – التي تحث إطلاق الكاتيكولامينات – أيضا أن تسبب أعراضا ذهانية تشبه الفصام، وتفاقم الأعراض الذهانية للفصام الحاد.. إضافة إلى ذلك فإن وصف مضادات الذهان الأكثر فعالية في معالجة الأعراض الفصامية (الفينوتيازينات) تعمل عن طريق تثبيط أو حصر النقل الدوباميني.. (على الرغم من أن تغير مستويات الدوبامين لا يعتبر سببا للفصام، إلا أنه يبدو متورطا في ظهور الأعراض. كما أن هذه الأدوية فعالة بشكل معادل في إنقاص الأعراض الذهانية والأنماط الأخرى من الذهان). بقي أن أذكر أن اكتشاف الكلوزابين clozapine ومضادات الذهان (اللا نموذجية) الأخرى حد من تعميم فرضية الدوبامين الأصلية بإثارة الاستفهام عن أنماط ونوعية مستقبلات الدوبامين المتورطة في إنقاصها للأعراض، وباتهام جمل النقل العصبي (مثل السيروتونين، الغلوتامات) في تأثيراتها.

4. العوامل العصبية التطورية Neurodevelopmental factors

لقد سجل بعض الباحثين التواتر الذي حدثت به حوادث تطورية سيئة قبل الولادة وحولها في تاريخ المرضى الفصاميين.. فبعض هذه الحوادث يمكن أن تسبب أذية بنقص الأكسجة الناجمة عن نقص التروية في البطينات والنسج المجاورة مما يؤدي إلى توسع البطينات. ويقترح بعض الباحثين حاليا تأثر الحوادث قبل وحول الولادة، والتي أثرت على التطور العصبي، مع العوامل الوراثية المؤهبة، أو مساهمتها بذاتها في التعبير اللاحق عن الفصام.

ثانيا: النظريات الاجتماعية الثقافية Sociocultural theories

1. هناك كثافة عالية من الفصاميين في الأحياء والتجمعات الفقيرة من المدن، وفي المناطق الأخرى رديئة الخدمات. وقد قاد ذلك إلى نظريتين متضاربتين: تقول الأولى التي تدعى بنظرية (الانجراف للأسفل down drift) أن الفصاميين ينحدرون إلى هذه المناطق لأنهم غير أكفاء اجتماعيا واقتصاديا. أما الثانية فمفادها أن هذه المناطق (تفرخ) الفصاميين لأن سكانها محملون بمشاكل اجتماعية واقتصادية شديدة. وبكلمة أخرى، لم يحقق الفصامي النجاح مطلقا.. لكنني أعتقد أنه يبدو أكثر ترجيحا لو قلنا أن الذين يصابون بالفصام يميلون للانتقال إلى المناطق التي تؤمن العزلة والتجهيزات غير الملائمة.

2. تؤكد بعض الدراسات على ترافق الفصام مع المستوى الاجتماعي الاقتصادي المنخفض. إن القيود الاجتماعية والاقتصادية تمنع تحقيق الإشباع الأساسي، فالفقر والازدحام قد يكونان إذا من العوامل التي تسبب كربا أكبر ونقص مرونة في اختيار استجابة الشخص للكرب.. وبشكل عام يعتقد الباحثون أن هناك حدوثا أكبر لتفكك العائلات في المناطق المنخفضة اجتماعيا واقتصاديا.

ثالثا: نظريات الدينمية النفسية Psychodynamic theories

تفترض هذه النظريات أن الإمراضية النفسية وظيفية أي يمكن تفسير الأعراض بشكل كامل أو جزئي بالناحية النفسية psychology وليس بالفيزيولوجيا أو العوامل العضوية. نشأت هذه النظريات من المعالجة بطرق التحليل النفسي أو الموجهة بالدينمية النفسية.

وخلاصة القول.. هناك وجود للعوامل الوراثية.. وهناك فرضية الدوبامين والنواقل العصبية.. وأيضا النماذج النفسية الحركية لبدء الفصام والتأكيد على مفهوم التركيز والتراجع المبكران.. ويبقى بعض الأسباب الاجتماعية جميعها متهمة بشكل أو آخر بإحداث الفصام..

لقد ظهر اهتمام حديث بالأسباب العصبية الفزيزلوجية يركز حول وجود علامات توسع البطينات الدماغية وشذوذات في معايير الطاقة محرضة جنسيا، فقد لقدرات استعرافية مختلفة، فقد حركات العين والملاحقة العينية في بعض حالات الفصام.

وأخيرا أشارت بعض الدراسات لدور اضطرابات العلاقات بين أفراد الأسرة. فبعض العلاقات العائلية قد تلعب دورا في حدوث أمراض جسمية نفسية عند الأطفال. وصف (ليدز) وزملاؤه عدة نماذج من عدم التناسق المزمن في عائلات المصابين بالفصام، بينما تأثر (بانسون) و(جاكسون) بتعدد حالات “الاتصال المزدوج Double bind” في مثل هذه العائلات.. أما (وين وسينغر) فقد طور مفهوما مختلفا وهو “العلاقات المتبادلة الكاذبة” لشرح العلاقات العائلية في الفصام، وفي مثل هذه العائلات يعتبر أي خلاف أو صراع وكأنه تهديد لوجود العائلة لذلك يقمع بشدة. وتستعمل عدة وسائل لدفع أعضاء العائلة لكي يحافظوا على صورة كمال العائلة وأي فرد يفشل في المشاركة يصبح كبش فداء يتحمل كل مسؤوليات الخطأ.

وربما تكون أكثر الأبحاث العلمية تركيزا على أهمية العلاقات العائلية هي أبحاث “فون وولف” اللذين اكتشفا أن التعرض المستمر للنقد من قبل أفراد العائلة له علاقة بإنذار المرض ومعاودته. وباستمرار الأبحاث يؤمل أن يفهم كل نوع من الفصام حسب الآلية المسببة له.


أعراض الفصام

إن التفكير وظيفة ضرورية للتعامل مع العالم الواقعي، والفصامي المصاب بتراجع فكري يفقد قدرته على التفكير كشخص راشد متخليا عن طريقة تفكير أرسطو أو الطريقة المنطقية المقبولة في العالم.. يصبح التفكير متحجرا، لا منطقيا، مشوشا، في شكل الأفكار وفي محتواها.

الفعاليات الذاتية

أما بشأن الشكل، عندما يتحدث الشخص الطبيعي فان كلماته تتبع أفكاره ويتم استبعاد كل فكرة غريبة عن سياق الفكرة الأصلية. وهكذا يكون الحديث مرتبا منطقيا، ذا هدف معين، ذا شكل مفهوم، كل فكرة فيه لها معنى ومرتبطة بشكل جيد مع ما يسبقها وما يتبعها. في الفصام يفقد المريض قدرته على استعراض أفكاره والتخلص من الأفكار التي لا علاقة لها بالموضوع فيمتزج كلامه بأفكاره مشاركة تجعل كلامه دون معنى.

لقد سميت هذه الحالة “فقد المشاركة Loosing of association” وقد يكون الفقد كبيرا بشكل يجعل المريض يتكلم بشكل غير مترابط كليا.

تفقد اللغة عنده دور الاتصال مع الآخرين وتصبح وسيلة للتعبير عما بداخله فقط، وهذا يدعى “اضطراب شكل الأفكار”. مثلا كتب أحد مرضى الفصام في وصف حالته: “لقد سحرت صورتي بلزوجة الزمن، وهذا سبب إلحاح نفسي السامية ولكن دون مقاومة ورغم الضغط المائي فقد بدأت باختصار في محاولة لتحديد ورسم هذه الجسيمات (جزيئات الماء المتناهية في الصغر) والتي تجزأت مميزاتها، التي تشبه الآلهه إلى جزيئات صغيرة غير قابلة للقسمة، جعلت ذرات هذا وصف لحالتي…..”.

وأجاب أحد الفصاميين عن سبب وضعه عدة فرشات فوق بعضها.. فأجاب: “كي أكون أقرب إلى الله عندما أنام”. وعندما سئل عن سبب وضعه الشاش حول رأسه أجاب: “كي أمنع دخول الأفكار القذرة إلى رأسي”.

وعندما أدخل أحد المرضى إلى أحد المشافي سأل عن إدخاله الى مركز الشرطة وعن الجريمة التي اتهم بارتكابها.. فسئل عما دعاه إلى الاعتقاد بأنه في مركز الشرطة، فأجاب “بسبب وجود شرطيين في الصالة”. وبينما كانت ملاحظة الشرطيين صحيحة إلا أنه فشل في ملاحظة الأطباء والممرضات الذين يقومون بأعمالهم، ولجأ لاستنتاج وجوده في مركز الشرطة اعتمادا على حقيقة غير كاملة ترتبط جزئيا مع الظروف المحيطة فقط. لقد تصرف المريض كما يتصرف الكثير من الفصاميين، إذ افترض تشابها تاما في موضوعين أو حديثين يشتركان في صفة أوصفات صغيرة بالعادة.

مثل هذا التفكير هو تفكير مجانب للمنطق، طفلي، سحري، يشكو من عيوب في بنيته ومن فهم خاطئ للأمور العادية.. كل هذا يؤدي لعجز في القدرة على الفهم والتعامل مع العالم الخارجي.

مميزة أخرى للفصام هي “الانقطاع المفاجئ في الأفكار” يحدث هذا عادة عندما يكون المريض على وشك الدخول في تجربة شعورية غير سارة فيدافع عن نفسه تجاه ذلك بإيقاف أفكاره، وعندما تعود أفكاره يظن أن أحدا قد سرقها من رأسه. هذا يقودنا للاضطراب في محتوى الأفكار الذي يسمى: “التوهم”. وهو اعتقاد خاطئ وثابت لا يشاركه فيه الآخرون. يتعلق به المريض رغم الأدلة الواسعة على عكس هذا الاعتقاد. إن المريض هنا يعاني من نكوص فكري إلى المراحل المنطقية المبكرة التي تميز الطفولة.. إنه يتصور كل ما يريده ويعتقده رغم كل الحقائق المعارضة.

كما أن المريض يقبل بفكرتين متضاربتين تحدثان معا ولا يتضايق من وجود التضارب المنطقي بينهما. فأحد المرضى في المشفى كان يعتقد وبشكل ثابت أنه (ابن الله الأقوى) ولم يهتم لكونه أدخل إلى المشفى أو أنه غير حر في مغادرته، وأنه كان قبل دخوله المشفى غير قادر على تأمين اللازم لطعامه ولباسه.

وكما ذكرت فإن توهمات إذاعة الأفكار وسحب الأفكار، ووجود قوة خارقة مسيطرة هي أعراض تظهر في الفصام أكثر من الاضطرابات الذهانية الأخرى.

توهم الإشارة Delusion of Reference (إعطاء الأحداث مدلولات غير عادية، عادة من طبيعة سلبية) هي حالة شائعة.. كما قد تشاهد التوهمات الجسدية والعدمية رغم أنها أكثر تواردا في النفاسات الوجدانية.

إن التوهمات الاضطهادية وتوهم العظمة وتوهمات الغيرة هي بشكل خاص مميزة للفصام الزوري.

الوجدان والانفعال وظيفتان قد تضطربان بشكل واضح في الفصام، وهناك نقص في الاستجابة الشعورية مع تسطح ولا مبالاة وضحالة في عواطف الفصامي. وقد تصل الضحالة الشعورية إلى درجة تجعل المريض يفقد القدرة على التعاطف مع الآخرين فيبدو غبيا، غير مهتم، غير مشارك للآخرين وللعالم من حوله.. ويشعر المراقب وكأن هناك هوة عاطفية تفصله عن المريض.

تتضمن الاضطرابات الوجدانية استجابة غير مناسبة لظروف الحياة.. إن مشاعرنا تترجم إلى الآخرين بمظهرنا الخارجي، فالوجه الحزين والرأس المطأطأ والصوت الناعم والدموع في العينين هي المظاهر التي نراها عند الكئيب. هذا الأمر مختلف عند الفصامي الذي يضحك أحيانا دون سبب ظاهر وقد يتحدث عن حادث وفاة مؤلمة وهو يبتسم ويضحك، وهو رد فعل غير مفهوم يسبب الخوف للمراقب العادي. وقد يصف الفصامي التجارب المرعبة دون أي تأثر.

إن عدم التناسب المخيف في الانفعالات هو المسؤول جزئيا عن تسمية Eugen Bleuler للمرض “بالفصام Schizophrenia” أو “العقلية المنقسمة”.

هناك اضطراب في قدرة المرء على الشعور والتفكير بشكل متوافق، وهما منقسمان ومنفصلان. وهكذا فإن القدرة على خلق التكامل بين المركبة الفكرية والمركبة الشعورية (الوجدان) للعالم النفسي الداخلي مفقودة.

إن الشخص المصاب هنا ينسحب إلى جفاف في المشاعر كنوع من حماية نفسه من الشعور بالكآبة أو القلق.

الإدراك

هو الوظيفة الأساسية لملاءمة متطلبات الحياة تتأثر في الفصام. فالتجارب الحسية دون وجود منبه خارجي هي أمور واردة تدعى “اهلاسات” وأكثرها شيوعا السمعية – أصوات إلهية أو شيطانية مطمئنة أو مخيفه، قد تأمر المريض ببعض الأفعال كالانتحار أو قتل الآخرين. وبشكل عام الإهلاسات البصرية قليلة المشاهدة لكن التخيلات في الساحة البصرية هي الشائعة فالأشخاص والأجسام يغيرون من أشكالهم وأحجامهم. والمريض عادة يخطئ في تفسير التنبيهات السمعية والبصرية الآتية من المحيط. إن محادثة عادية بين اثنين في الطريق قد تصبح مؤامرة لقتل المريض.

كما تحدث اضطرابات أخرى في الادراك تتبع المشاعر الذاتية. فالمريض يخبر عن انطباعات تشبه الأحلام بأن العالم يتغير وأنه يسير نحو نهايته.. وقد يشعر المريض أن جسده يخضع لتغيرات مما يدفعه لطلب المشورة الطبية.

وبشكل عام الإهلاسات تحدث بأي نوع من أنواع الحس، وقد تجعل المريض منشغلا تماما بها، ناسيا العالم.. وهذه هي صورة للانسحاب.

السلوك الحركي

السلوك الحركي أو حرية استعمال الجسد بطريقة تتوجه نحو هدف معين، وهي وظيفة حيوية أيضا وضرورية لكل إنسان.. الفصامي يفقد هذه الحرية (الإرادة Volition) في الحركة وقد يصاب بالتناقض Ambivalance حيث لا يستطيع أن يقرر فعلا أن يدخل الغرفة أو أن لا يدخلها فيبقى واقفا لساعات عند الباب دون أن يصل إلى قرار.. في الحالات الأكثر شدة كما في الفصام الجمودي يفشل المريض في التفاعل مع المحيط (الخبل الجمودي) ويقاوم كل محاولات التحريك (السلبية الجمودية)، البقاء في وضعية صلبة (الصلابة، الجمودية، وضعيات غير مناسبة وغريبة) وتدعى (الوضعية الجمودية) القيام بحركات نمطية مثارة، لا تتأثر بالتحريضات الخارجية (الاستثارة الجمودية).. وأنوه هنا إلى أن المريض قد يأخذ وضعيات صعبة جدا مما دعا بعض العلماء لوصفها بالمرونة الشمعية..

الكلام واللغة

الكلام واللغة قد يضطربان بشكل شديد في الفصام، فتضطرب بشكل واضح قدرة الشخص على التعامل مع الآخرين بشكل ذي معنى، والكلمات تفقد قيمتها الاتصالية، وكذلك تفقد قيمتها الرمزية، وتصبح بحد ذاتها أشياء وهي ظاهرة تدعى “إزالة الرمزية عن الكلمات”. فقد يستعمل المريض كلمة لأنها تناسب ايقاع الحديث رغم أنها لا تخدم المعنى. كما أنه قد يخترع ألفاظا وتعابير جديدة وغير موجودة للتعبير عن فكرة لا تعبر عنها الكلمات العادية ويسمى هذا “باختراع الكلمات الجديدة”.

عندما كانت مريضة تتحدث مع طبيبها طلبت منه “التوقف عن تعليقاته الخلوية” وعندما سألها عن معنى التعليقات الخلوية، أجابت “إن تعليقاتك تنفذ إلى خلايا جسمي وتسبب لي الانزعاج”. ومن الواضح أن الابتعاد عن استعمال التعابير والرموز المستعملة واستعمال لغة خاصة تحمي المريض من مشاعر وأفكار الخوف.

إن تراجع الفصامي في استعمال الكلمات والتعابير هو تراجع إلى أسلوب أكثر بدائية للاتصال وهو مشابه للتكثيف وتغيير الوضع والرمزية المشاهدة في الأحلام.

الذاكرة والتوجه

وهي عمليات نفسية تخص مجموعة الفعاليات الذاتية. وهي تبقى سليمة رغم الاضطرابات الكبيرة بالوظائف الأخرى وأكثر ما تتأثر فيه هذه الوظائف هو المتلازمة الدماغية الوظيفية.

الوظائف التكيفية

إن فشل التكيف مع الواقع adapt to Reality هو العامل اللافت لنظر العاملين في مجال الصحة العقلية ليكون الشخص فصاميا. إن مفهوم التكيف مع الواقع يختلف عن مفهوم التطابق Confirmity فالتطابق ليس بالضرورة صفة جيدة, والعادة أن أولئك الأشخاص الذين رفضوا أن يتطابقوا مع المعايير السائدة في وقت ما من التاريخ هم الذين تدين لهم البشرية بالفضل في التقدم في هذا العالم. وبالواقع فإن هناك كثيرا من القيم السائدة في كل مجالات حياة الإنسان تستحق أن تقاوم بقسوة ويكون الخضوع لها نوعا من السلبية والجبن. فالتطابق ليس معادلا للصحة العقلية والرفض والمخالفة ليسا مساويين للمرض العقلي.

إن التكيف مع الواقع يعني قدرة المرء على الوصول إلى نوع من التوازن بين دوافعه وضميره ومن ثم استعمال المحاكمة لتقييم الخيارات بشكل واقعي يلبي متطلبات الحياة، وإذا كان الشخص قادرا على التكيف بهذا الشكل فإن النتيجة هي مشاركة فعالة في الحياة.

إن قدرة الفصامي في هذا المجال قاصرة وبشكل كبير جدا، وليس غريبا أن نرى مريضا يتجول في الشارع دون ثياب تقيه شر البرد أو آخر يقف على تقاطع طريق غير آبه للسيارات التي توقفت بسببه.

إن مثل هذه الحالات من سوء التكيف خطرة وتدل على اضطراب عميق في قدرة الإنسان على التصرف بشكل مستقل.

إن شكل العلاقات الاجتماعية هو مؤشر يعتمد عليه في تحديد وظيفة التكيف عند المريض. إذ أن العلاقات الاجتماعية تضطرب بشكل كبير عند الفصامي ويحدث الانسحاب. واعتبر Eugen Bleuler أن “الانطواء الذاتي” من العلامات الرئيسية للفصام. وهي حالة من الانشغال العميق في الحياة العقلية الداخلية للفرد وابتعاد عن العالم الخارجي وهي ميزة واضحة للفصام.

فقد يبقى المريض الفصامي عدة أيام في غرفته دون أن يخرج لتلبية حاجاته الأساسية. ويكون هؤلاء منشغلين في أفكارهم الفلسفية أو إهلاساتهم.

لوحظ أن هؤلاء المرضى وقبل أن يصبحوا مرضى بشكل شديد، يبدؤون بالانسحاب بشكل تدريجي وبطيء، ويعانون أحيانا من الشعور بالخجل والنقص والسخافة وهي ميزات “شبيه الفصام” و”الشخصية الفصامية”.. إنهم أشخاص وحيدون حالمون لا يستطيعون أن يتواصلوا مع الآخرين بصورة أو طريقة ذات معنى.. هنا تظهر الوظيفة الدفاعية، فالقلق الذي يظهر بالاتصال مع الآخرين يتخلص منه بالانسحابية.

إن الفقر والنضوب بالعلاقات الاجتماعية هو الثمن الذي يدفعونه للحصول على راحة من القلق المخيف الذي كان سيصيبهم.

الوظائف الدفاعية

هي من الوظائف الأساسية في بناء الشخصية. للأسف الشديد قد يعتبرها الكثيرون جزءا من المرض ويتصورون أن المعالجة تتضمن التخلص منها.. وهذا بعيد كل البعد عن الحقيقة.. فالدفاع ضروري لكل واحد منا بحيث يستطيع التعامل مع صراعات الحياة مع قدرة على مقاومة القلق. إن قوة وسلامة الدفاعات مؤشران على سلامة الوظائف.

في الفصام يلجأ المريض للدفاع عن نفسه تجاه القلق الذي يهدد بكونه غير محتمل. لكن هذه الدفاعات تبدأ بالضعف وتصبح غير كافية كي تقف أمام مد القلق الناتج عن صراعات كثيرة.. ومن هنا فإننا قد نرى في بدء الفصام المريض وقد تهدمت وسائل دفاعه وأصبحت أفكاره معبرة عن دوافعه المخيفة.

قد يصبح المريض محسا بشكل واع بالأفكار والمشاعر التي لا يستطيع معظمنا التجرؤ على الحلم بها فقط – وحتى عندما يحلم بها المرء فإنه يراها بشكل مشوه ومخفي.. إن تلك الأفكار تكون من نوع المحرمات.. هي بشكل أو آخر نوع من الرغبات العدوانية والإجرامية والجنسية الممنوعة..

في العادة فإن مثل هذه الدوافع تبعد مباشرة عن الوعي لأنها غير مقبولة، ولأن مجرد التفكير بها يثير المزيد من القلق والشعور بالذنب أكثر بكثير مما يستطيع الإنسان تحمله.

في مواجهة هذه الدوافع وبوجود الدفاعات المنهارة في مواجهة القلق يلجأ الفصامي لدفاعات أخرى.. لذلك يتراجع المريض لاستعمال الدفاعات الأكثر بدائية والأقل تكيفا.

يبدأ باستعمال الإنكار والإسقاط وهي الدفاعات التي طورت واستعملت بشكل مقصور على المراحل الباكرة للحياة.

وبهذه الطريقة يتخلص المريض من كون هذه الدوافع والأفكار ناشئة منه بأن يجعلها ناشئة عن الآخرين. وهكذا فهو لا يريد قتل الآخرين بل الآخرون يريدون قتله. ولكن هذا الثمن أقل من تحمل القلق الفظيع الذي كان سيحدث لو عرف المريض أن هذه الأفكار أفكاره.. وبتراجع المريض إلى استعمال وسائل الدفاع البدائية فإنه يفقد القدرة على التمييز بين الأحداث التي تجري داخله والأحداث التي تجري خارجه..

إن تجاربه الداخلية تسقط على الآخرين، وهكذا تتحطم الحدود بينه وبين الآخرين وبسبب هذا التحطم فإنه يفقد الاحساس بالواقع بشكل صحيح..

الإحساس بالواقع

الإحساس بالواقع إنها الوظيفة المسؤولة عن الإدراك الصحيح للعالم الخارجي وسلامتها هي المؤشر الرئيس لتحديد فيما إذا كان الشخص ذهانيا أم لا..

هذه القدرة على التفريق بين الذات والغير، بين الحلم الداخلي والواقعية الخارجية تضعف بشكل كبير في الاضطرابات الفصامية. فالشخص الذي يحس بمشاعره الداخلية وأحلامه وكأنها جزء من العالم الخارجي هو شخص لا يستطيع التمييز بين ذاته وسواها. ومن هنا فإن الشخص الذي ينصت إلى إهلاساته السمعية ويظنها آتية من مصدر خارجي هو شخص فقد القدرة على الإحساس بالواقع.

بشكل عام فإن فقد القدرة على الإحساس بالواقع هو ضياع أو نقص في “حدود الذات” وهو الشعور بأين تنتهي الذات وأين يبدأ الآخرون.

ويذكر الكثير من الفصاميين مشاعر الانصهار مع الآخرين أو الشعور بالقدرة على قراءة أفكارهم.

وبعضهم يذكر أنه مسيطر عليهم من قبل الآخرين – آلات من الفضاء الخارجي أو قوى غريبة وغير مرئية تتبعهم وتؤثر فيهم.

إن فقد القدرة على التمييز بين ما هو خارجي حقيقي عما سواه، بين الذات وسواها، يعكس التراجع الكبير إلى المراحل المبكرة من التطور حيث لا يستطيع الطفل فيها – بسبب عدم تطور قدرته الفكرية وعدم نضجها – أن يقوم بهذا التمييز.

الوظائف التركيبية

قد يصدم القارئ بالفشل الظاهري في محاولات الفصامي للتلاؤم مع عالمه الذي يصيبه بالتجزئة وعدم التكامل.

على كل، من الضروري أن نعرف أن الأعراض الكثيرة التي وصفتها ما هي إلا محاولات تكيفية ودفاعية من قبل المريض لكي يفهم، ويعطي النظام للعالم غير المفهوم حوله.

والاضطرابات التي عرفناها (الإهلاسات، ضحالة الاستجابات الشعورية، التخيلات، الانسحاب الذاتي، واضطرابات التفكير واللغة،..) هي كلها محاولات دفاعية لإعادة تنظيم وبناء عالمه، كي يوجد بعض التوازن التركيبي. وهي محاولات من قبل المريض للتعامل مع شخصية مضطربة ناجمة عن قلق يفوق حدود التحمل.

هذه الجهود لإبعاد الذعر والخوف من التجزؤ والعدمية ناجحة جزئيا إلى درجة تمنع تدمير الشخص وتبقي على بعض الوظائف النفسية سليمة إلى حد ما.

مثل حاله، هو انسحاب الجيش الذي أصيب بهزيمة كبيرة وكانت فرقه في حالة فوضى، تنصب ما يمكن من الدفاعات أثناء تقهقرها لاتقاء الدمار والهزيمة النهائيين واللذين سيكونان مؤكدين إن لم تفعل الفرق شيئا.

تفاصيل وتحليل لحالة زياد

كان زياد قد تزوج منذ فترة وجيزة، وانتقل من بيت والدته الأرملة في أقصى شمال شرق البلاد، ليعيش مع زوجته في منزل خاص في العاصمة قريبا من أهل زوجته. رغم اعتراضات والدته التي كان متعلقا بها بشدة. وجد زياد التلاؤم صعبا. ولم يكن زواجه رومانسيا، ومرضيا كما كان يتوقع.

وقعت عدة مشادات مع زوجته، فوظائف الدولة غير متوفرة. ويعمل مؤقتا موظفا في قطاع خاص، وكان يشعر بعدم التلاؤم، والازدراء تجاه العمل. كذلك لم تستطع “رولا” أن تجد عملا، وكانت تتحدث بازدراء عن وضعها المادي، وعن زواجها، وفي اليوم السابق للحالة، كان زياد يلعب الورق مع أصدقائه، وكان يشعر بالمتعة والتسلية معهم حتى شعر فجأة أنه مثار جنسيا استغرب ذلك لعدم وجود نساء.. وتلك الأمسية كانت سارة في بدايتها، ثم ما لبثت أن أصبحت غير مريحة بالنسبة له، وازداد قلقه، وشعر بزيادة في رغبته الجنسية، ولازمته أفكار بتقبيل أحد الرجال، وبدأ يشعر بالتعرق والخفقان وأصبح فاقد التركيز على المحادثة والنكات، وأصبح منشغلا بأفكاره التي كانت تتردد بصوت عال.

أحد الرجال تعرى أمام الآخرين على سبيل المزاح، وكان الجميع يضحكون عدا زياد إذ ازداد قلقه وشعر بالغثيان، واضطراب الأفكار، وبدأ يمشي في الغرفة خائفا، ثم خرج إلى بيته.

وكنت قد وصفت ردة فعل زوجته في المنزل في مقدمة القصة.. في المشفى عندما بدأ بالتحسن، أخبرني عن نفسه.. فقد كان وحيدا، وأعارته أمه جل اهتمامها، وأذكر كيف وصفها لي بتعبير (أنها أم خانقة) وهو لفظ يعبر عن مشاعره تجاهها. واهتمامها مركز على زياد. إذا أن علاقتها مع أبيه لم تكن جيدة. وأضحت بالتالي معتمدة على ابنها بسبب الراحة والحب اللذين لم تجدهما عند زوجها، وبالتالي أصبح زياد شديد الاعتماد عليها.. كان والد زياد سكيرا، وكثير التغيب عن المنزل، ويعطي القليل من الوقت لزوجته وابنه. وزياد كان يجد صعوبة في مصادقة الآخرين، وكان يفضل القراءة والبقاء في المنزل بدل ذلك، وكان يشعر بالخجل من التجمعات غالبا. وهكذا كان لديه مركبتا الفصامانية والاتكالية (Schizoid and dependent features).

كانت “رولا” المرأة الأولى التي كانت علاقته معها ذات نتيجة، إذ كانت تغطيه بالحماية والسيطرة، وتذكره بوالدته بعدة طرق. تزوجا بعد مواعيد معدودة. لاحظت “رولا” بعد الزواج سيطرة الأم على ابنها، لذلك أرادت امتلاكها وزوجها لمنزل مستقل في منطقة أخرى قريبة من أهلها فكان لها ذلك في العاصمة، وهكذا انتقل دور الأم إلى “رولا” التي استمتعت بذلك في البداية، لكنها بعد ذلك بدأت تستاء من انسحابية زوجها واتكاليته واشتدت حدة هذه المشاعر تجاه زوجها، وأصبحت علاقتهما أكثر ازعاجا عندما بدأت المشاكل الاقتصادية، وعندها أخذت “رولا” تحتقر مصاعب زوجها، وتنتقده لعدم كونه عدوانيا ورجوليا، ولعدم قدرته على دعمها. ورغم أن مرض زياد بدأ فجأة، إلا أن المصاعب التي سبقته كانت قد بدأت قبل عدة سنوات.

في السوابق العائلية كانت هناك قصة لسلوك غريب بين أقرباء الأم، وقصة كحولية، وربما قصة إدمان من جهة الجد. وكانت علاقة والده بوالدته مضطربة، وعلاقتهما مع زياد تتأرجح بين الرفض من قبل الوالد، وبين علاقة حميمة (إلى حد الاختناق) من جهة الوالدة. ولأسباب تعود إلى ماضيها النفسي، كانت لا تسمح له أن ينفصل عنهما، ويصبح رجلا مستقلا. لذلك عانى زياد من الشك والقلق اللذين يعاني منهما كل شخص لم يطور شعورا حقيقيا بشخصيته وقدراته. وبسبب اضطراب العلاقات العائلية كان من الصعب عليه الشعور بشخصيته المستقلة ورجولته. وبمقدرته على التعامل مع مشاكل الحياة بصورة منطقية، وهكذا تزوج بشكل مدفوع من امرأة اعتقد أنها ستؤكد توجهه الجنسي نحو المرأة Heterosexuality، وأن حاجتها تكمل حاجاته، وخلال الأشهر الأولى، اضطربت حالة التوازن، ولكن بروز الصعوبات، جعلت التوازن المضطرب في حالة خطر بسبب هجمات رولا المتعددة على زياد مما أنقصه الحس بالرجولة والقدرة. كانت تلك الليلة بداية لحالة صريحة، إذ عانى زياد من هجمة مخيفة ومحرمة من الجنوسة التي سببت له القلق والذعر. كانت محاولته للتخلص من القلق تتضمن تراجعا نحو استعمال وسائل الدفاع النفسية (الإنكار والإسقاط Denial and projection) حيث أنكر وذم مشاعره الجنوسية تجاه الرجال الآخرين، وحول مشاعره الجنوسية إلى الكراهية، وأسقط كراهيته على العالم الخارجي، وطور تخيلاته الزورية بأنه هدف للحقد ومحاولات القتل من قبل الآخرين.

إن الخوف الناتج عن قناعاته التخيلية بأنه ملاحق من قبل الآخرين لا يساوي الخوف الناتج عن دوافعه الجنوسية التي خضع لها.

وفي حالته الزورية أعاد المريض زياد تنظيم وبناء الحقيقة كي تتلاءم مع صراعاته وبطريقة سيئة للتكيف أعطى وجودا ونظاما لما كان عالما متهدما. وعلى كل فمن خلال هذا العمل أضاع التمييز بين ما يجري بداخله وبين واقعية العالم الخارجي.

ولم تعد الجنوسة هي سبب قلقه، وإنما تلك الأصوات التي تنعته بالصفات السيئة. إن عودة زياد، المجنونة إلى منزل أمه، كانت انسحابا واقعيا ونفسيا إلى الماضي، كان عودا إلى المراحل التطورية الباكرة حيث كان عالمه مختلفا ومميزا بالأمن. فعالم زياد الحالي ليس عالم الواقعية، كان عالمه عالم الفصام..


علاج الفصام وملخص الاضطرابات الفصامية

إن أهم الاكتشافات خلال النصف الثاني من القرن الماضي كان فائدة الفينوتيازين phenothiazine وغيره من مضادات الذهان في معالجة الفصام. وفيما عدا بعض الاستثناءات فإن هذه العناصر تحسن بشكل كبير حالة المريض وإنذاره وتزيد في نجاح العلاجات الأخرى.

الأدوية المضادة للذهان

إن المعالجات الدوائية ليست كافية في أكثر المرضى، فحوالي ثلث المرضى المعالجين بالدواء وحده سيحدث عندهم نكس خلال سنة. وإذا انقطع الثلثان الباقيان عن المعالجة فإن النكس سيحدث عند نصفهم خلال العام التالي.. لذلك فإن المعالجات الأخرى تكون عادة ضرورية.

المعالجة النفسية

إن المعالجة النفسية مفيدة خاصة إذا كانت داعمة وتتوجه بمحورها نحو الواقع وتستعمل إلى جانب المعالجة الدوائية.

إن المعالجة النفسية إلى جانب الدوائية أعطت فعالية أكثر مما لو استعملت كل واحدة وحدها وخاصة إذا كانت المعالجة النفسية تساعد المريض على التكيف مع مشكلات حياته اليومية. مثل هذه المشكلات قد تكون داخل العائلة. فإذا كانت العائلة داعمة وغير منتقدة للمريض فإن النكس يحدث بنسبة منخفضة (%15-12) بغض النظر عما إذا كان المريض يتناول دواء أم لا.

وترتفع نسبة النكس في العائلات الكثيرة الانتقاد إلى (%50)، وتكون المعالجة الدوائية في مثل هذه العائلات إلزامية وهي تخفض نسبة النكس الى قيم مماثلة للقيم في العائلات الداعمة. وبدون المعالجة ترتفع نسبة النكس الى ثلاثة أضعاف لتصل الى أكثر من %90 بالنسبة للمرضى الذين يمضون أكثر من 35 ساعة أسبوعيا مع عائلاتهم الانتقادية.

الدخول إلى المشفى

غالبية الفصاميين تحتاج إلى الدخول إلى المشفى في أحد مراحل مرضهم خاصة خلال المراحل الحادة.

وفي المشفى يمكن البدء بالمعالجة بينما يساعد المريض على البدء باستعادة مستوى وظائفه السابقة. وأكثر الدراسات أشارت إلى أن الاستشفاء الطويل (أكثر من 3 أشهر) لا يفوق كثيرا بفائدته الاستشفاء القصير شريطة أن يعاد تأهيل المريض للعيش في المجتمع فور انتهاء المرحلة الذهانية الحادة.

وبنظرة عامة إلى الفصاميين الذين تعرضوا لمختلف أنواع المعالجة فإن %70 منهم يكونون لا عرضيين نسبيا خلال 3 أشهر من أزمتهم الذهانية الأولى.

بعد 5 سنوات %60 يعودون لطبيعتهم اجتماعيا رغم بقاء دلائل على مرض سابق.. و%30 من المرضى يبدون إعاقة اجتماعية حيث يحتاجون إلى الدعم المادي أو العاطفي، بينما %10 الباقية تحتاج إلى رعاية طويلة الأمد أي الاستشفاء.

عوامل إنذارية

إن عددا من العوامل تؤثر على إنذار الفصام فهو سيئ إذا كان بدء المرض باكرا وخاصة عندما يكون البدء تدريجيا. كذلك فإن لمميزات شخصية المريض قبل المرض علاقة بالإنذار، فالمريض ذو المشاعر الضحلة غير المتناسبة مع دلائل الإصابة الدماغية مثل توسع البطينات (على التصوير الطبقي المحسب أو المرنان) تترافق بإنذار سيئ.

على العكس فان المرضى ذوي التاريخ الجيد، المعلمين، المتزوجين، الذين يتمتعون بعلاقات جيدة في أعمالهم، الذين يكون البدء عندهم جادا في عمر متأخر، يكون إنذارهم أفضل.. وإن وجود اضطراب انفعالي في العائلة يحسن الإنذار كما يحسنه وجود أعراض هوس أو اكتئاب مرافقة للفصام.

اقترحت الدكتورة نانسي اندرسون Anderson Nancy تصنيفا للفصام حسب الإنذار. ففي مجموعة الفصام الإيجابي يكون البدء حادا، وتاريخ المريض قبل المرض حسنا، والإنذار جيدا. في هذا النوع يملك المريض واحدا على الأقل من الاضطرابات الذهانية التالية:

.1 إيجابية اضطراب شكل الأفكار.
.2 الأوهام.
.3 الإهلاسات.
.4 السلوكيات الغريبة.

أما في مجموعة الفصام السلبي فإن البدء تدريجي، التاريخ قبل المرض سيئ والإنذار سيئ والمريض يمتلك اثنين من خمس:

.1 قلة الكلام
.2 التسطح الانفعالي
.3 عدم القدرة على الشعور بالسعادة وقلة العلاقات الاجتماعية.
.4 نقص القدرة والمثابرة.
.5 نقص الاهتمام.

وتعتقد الدكتورة نانسي اندرسون Anderson Nancy أن هناك نقصا بؤريا في الوسائط الكيماوية العصبية في الفصام الإيجابي وهو قابل للعكس بالمعالجة، بينما يكون هناك اضطراب منتشر فيزيولوجي عصبي إضافة للاضطرابات البنيوية الأخرى في الفصام السلبي (الذي يلاحظ من خلال اضطراب نسبة البطين / الدماغ) ويكون غير قابل للعكس بالمعالجة. ونحن بحاجة للمزيد من الأبحاث للتأكد من هذا التصنيف ولكن تبدو الآن صحته السريرية والتجريبية.

ملخص الاضطرابات الفصامية

الخصائص النوعية للفصام

.1 الفصام هو اضطراب عقلي موهن مزمن يتميز باضطراب في التفكير والسلوك والكلام.. يوجد في حوالي %1 من السكان العام في كل المناطق والمجموعات العرقية المدروسة..

.2 ويتميز الاضطراب ب: فترات من النوبات الذهانية تدعى (الطور الذهاني) يبدي المريض (فقدان التماس مع الواقع) حيث تحدث الهلوسات والتوهمات.. أما في الطور المنذر Prodromal والفترات بين الحوادث الذهانية (الطور المتبقي Residual) يكون المريض في تماس مع الواقع بالرغم من كثرة الأعراض إذ يظهر اضطراب في السلوك والمظهر والكلام والتأثير ولديه تفكير غريب.

.3 لدى المريض مظهر غريب غالبا ويبدو بهندام سيئ ومنعزل اجتماعيا.

.4 المريض لديه شعور غير طبيعي (غير مناسب،سطحي، عديم الشعور).

.5 المريض يبدي سعة ذاكرة سليمة وهو متوجه للأشخاص والمكان والزمان.

المعايير حسب ال DSM-IV-TR

.1 الأعراض (المنذرة، الذهانية الحادة، المتبقية) تدوم ستة أشهر.

.2 توجد على الأقل فترة واحدة من ذهان حقيقي خلال فترة الأشهر الستة.

.3 اضطراب الأداء المهني والاجتماعي خلال فترة الأشهر الستة.

الأعراض والعلامات المنذرة

.1 قبيل الحادثة الذهانية الأولى يتجنب المريض غالبا النشاطات الاجتماعية ويقلل من عدد الأصدقاء ويكون عادة هادئا وسلبيا أو متهيجا.

.2 يمكن أن يكون للمريض شكايات جسمية ويبدي اهتماما جديدا في الدين والسحر والتنجيم والفلسفة.

الأعراض والعلامات الذهانية

تحدث اضطرابات التفكير والعلامات السريرية المميزة الأخرى خلال حادثة ذهانية حادة. الصفات النوعية والأمثلة عليها تشمل اضطرابات في:

.1 الإدراك الحسي (هلوسات).

.2 محتوى التفكير (توهمات، أفكار الإشارة، فقدان حدود الذات).

.3 تسلسل التفكير (احصار التفكير، اضطراب القدرة التحريرية، ألفاظ جديدة).

.4 شكل التفكير (سلطة كلامية، ترابطات رخوة، الصداء اللفظي، التماسية، المثابرة).

الأعراض والعلامات المتبقية

العلامات والأعراض التي تحدث بين حوادث الذهان الحاد تدعى متبقية “Residual” وتشتمل على:

.1 عاطفة سطحية وغير مناسبة (ارتكاس طفيف لأخبار مزعجة).

.2 تفكير غريب وسلوك شاذ (قراءة المعنى الشخصي لظاهرة طبيعية).

.3 انسحاب اجتماعي (اختيار العمل في دوام ليلي ليكون وحيدا).

الأعراض الإيجابية والسلبية

يمكن تصنيف أعراض الفصام إلى إيجابية وسلبية ويمكن أن يكون هذا التصنيف مفيدا في التنبؤ بتأثيرات دواء مضاد للذهان.

.1 الأعراض الإيجابية (المنتجة) تتميز بأداء “زائد”:

.a تشمل الأعراض الإيجابية التوهمات والهلوسات والاهتياج والسلوك الغريب والثرثرة.

.b تستجيب هذه الأعراض جيدا لأغلب الأدوية المضادة للذهان التقليدية.

.2 الأعراض السلبية (عوز) تتميز بأداء ناقص

.a تشمل الأعراض السلبية العاطفة السطحية واحصار التفكير واضطرابات الإدارك وعدم الترتيب وفقدان الدافع والانسحاب الاجتماعي ومحتوى كلام فقير.

.b تستجيب الأعراض السلبية لRisperidone، Clozapien، Olanzapine، Quetiapine بشكل أفضل من مضادات الذهان التقليدية.

الأنماط الفرعية

يسجل DSM-IV-TR خمسة أنماط فرعية للفصام

الأنماط الفرعية للفصام حسب DSM-IV-TR

الخصائص

النمط الفرعي (من الأكثر شيوعاً إلى الأقل شيوعاً)

خصائص لأكثر من نمط فرعي واحد

غير مميّز Undifferentiated

توهمات الاضطهاد، عمر أكبر عند البدء وأداء أفضل من الأنماط الفرعية الأخرى.

زوري Paranoid

حادثة ذهانية واحدة سابقة تبدي لاحقاً أعراضاً متبقية لكنها ليست أعراضاً ذهانية.

متبقي Residual

عدم كبح للنفس، تنظيم سيئ، المظهر الشخصي واللباس والاستجابات العاطفية غير مناسبة، العمر عند البدء هو أقل 25 سنة.

مشوش Disorganized

(خبل البلوغ Hebephrenic)

أخذ وضعيات شاذة (مرونة شمعية)، بكم، خبل stupor تهيجية شديدة، نادر بعد استعمال مضادات الذهان

جمودي Catatonic

التشخيص التفريقي

.A الأمراض الطبية التي تقلد الفصام تشمل مرضا عصبيا ورض الرأس وصرع الفص الصدغي والعته المبكر والهذيان والتسمم والاضطرابات الغدية (اضطراب ذهاني ناتج عن مرض عام).

.B الأمراض النفسية التي تقلد الفصام تشمل الاضطراب الذهاني المختصر والاضطراب فصام الشكل والاضطراب العاطفي الفصامي والطور الهوسي من الاضطراب ثنائي الطور واضطرابات الشخصية الشديدة (الفصاماني Schizoid، فصام الشكل Schizotypal، الحدية Borderline) والاضطراب الذهاني المحدث بالأدوية).

الحدوث

خطر حدوث الفصام

50 % للتوائم وحيدة البويضة لمرضى مصابين بالفصام.

40 % لشخص أبواه مصابان بالفصام.

12 % لأقرباء الدرجة الأولى (ابن، أخ) لشخص مصاب بالفصام.

1 % لعامة الناس.

التشخيص التفريقي للفصام

الخصائص المميزة

الاضطراب

تغيم الوعي، الهلوسات وهي بصرية ومتغيرة أكثر منها سمعية ومتكررة، يحدث في سياق مرض حاد

اضطراب ذهاني بسبب مرض عام

أعراض ذهانية ومتبقية تمتد لأكثر من يوم واحد لكن أقل من شهر واحد، غالباً ما يوجد عوامل نفسية اجتماعية مثيرة واضحة.

الاضطراب الذهاني المختصر

أعراض ذهانية ومتبقية تدوم 1-6 أشهر (بالنسبة الفصام تدوم الأعراض أكثر من 6 أشهر).

الاضطراب ذو الشكل الفصاماني schizophreniform

أعراض لاضطراب مزاج رئيس مع فصام، اضطراب مهني واجتماعي مزمن.

الاضطراب العاطفي الفصامي

أعراض ذهانية، مزاج متهيج، فرط نشاط، كلام سريع، حب اختلاط بالآخرين، بدء سريع، اضطراب طفيف أو عدم اضطراب في الأداء الاجتماعي والمهني بين الحوادث الحادة، نظام توهمي غير شاذ ثابت وطويل الأمد، اضطرابات تفكير أخرى قليلة إن كانت موجودة، أداء اجتماعي ومهني طبيعي نسبياً.

طور هوسي لاضطراب ثنائي الطور

انسحاب اجتماعي بدون ذهان.

اضطراب الشخصية الفصامانية

سلوك مميز وأنماط تفكير شاذة مثل التفكير السحري (فكرة تمنّ لو يجعل شيئاً ما يحدث)، بدون ذهان.

اضطراب الشخصية فصام الشكل

تأرجحات مزاج شديدة مع غضب غير مضبوط، انفصال dissociation، وأفكار انتحارية نوبية وحوادث ذهانية صغرى (تدوم لدقائق فقط).

اضطراب الشخصية الحدية

هلوسات بارزة (غالباً بصرية أو لمسية) أو توهمات مرتبطة مباشرة باستعمال دواء نوعي أو سحبه (خاصة الامفيتامينات والمهلوسات والكحول).

اضطراب ذهاني محدث بالمادة

العمر عند البدء، الجنس، العرق

.1 العمر لبدء الفصام هو 25-15 سنة بالنسبة للرجال و35-25 سنة بالنسبة للنساء. في %90 من المرضى يحدث أول بدء بعمر 45-15 سنة ونادرا ما يشخص الفصام عندما تحدث الحادثة البدئية بعد عمر 45 سنة.

.2 يحدث الفصام بشكل متساو في الرجال والنساء وفي كل الثقافات والمجموعات العرقية المدروسة.

.3 العوامل الموسمية… أكثر الفصاميين يولدون خلال أشهر الشتاء الباردة (من كانون الثاني إلى إبريل في نصف الكرة الشمالي ومن تموز إلى أيلول في نصف الكرة الجنوبي)، التفسير المحتمل لهذا هو إنتان فيروسي عند الأم خلال الثلث الثاني من الحمل لأن الإنتانات تحدث بشكل موسمي.

السببيات

التشريح المرضي العصبي

.1 شذوذات في الفصوص الجبهية تتمثل بنقص استعمال الغلوكوز بعد اجراء Positron emission tomography (PET).

.2 توسع البطين الثالث والجانبي، تناظر مخي غير طبيعي، تغيرات في الكثافة الدماغية.

.3 نقص حجم حصان البحر hippocampus واللوزة amygdala والفصيص المحاذي لحصان البحر parahippocampal gyrus.

.4 اصابة محتملة للنوى القاعدية (بسبب مشاكل الحركة التي تحدث في بعض المرضى).

الشذوذات في النواقل العصبية

.1 فرضية الدوبامين في الفصام تقول إن الفصام ينتج عن فعالية دوبامينية زائدة (عدد زائد من مستقبلات الدوبامين، تركيز زائد للدوبامين، فرط حساسية المستقبلات)، يمكن للاختبارات المخبرية أن تظهر ارتفاع مستويات Homovanillic acid (وهو مستقلب للدوبامين) في سوائل الجسم.

.2 فرط فعالية السروتونين متورطة في الفصام لأن المهلوسات التي تزيد مستويات السروتونين تسبب أعراضا ذهانية ولأن Clozapine، Risperidone، Olanzapine، Quetiapine لها فعالية مضادة للسروتونين – 2 (5-HT2).

.3 فرط فعالية النورابنيفرين متورطة وخاصة في الفصام الزوري.

.4 γ-Aminobutyric acid (GABA) متورطة لأن مرضى الفصام يظهرون نقصا في GABA-ergic neurons في حصان البحر.

الموجودات السريرية غير الطبيعية

.1 تخطيط الدماغ الدكهربائي (EEG) يظهر نقص موجات ألفا وزيادة موجات بيتا ودلتا وفعالية صرعية.

.2 الحركات العينية (ملاحقة بصرية ناعمة سيئة) وهي غير طبيعية في %80-50 من مرضى الفصام وأقربائهم.

.3 الشذوذات الغدية العصبية مثل نقص مستويات الهرمون الملوتن LH والهرمون الحاث الجريبي FSH وتنظيم غير طبيعي للكورتيزول مشاهد في بعض المرضى كما يظهر في اختبار تثبيط الديكساميتازون.

السببيات البيئية والاجتماعية

.1 لا يوجد عامل بيئي أو اجتماعي مسبب للفصام ومع ذلك بما أن مرضى الفصام يميلون لخفض مقياسهم الاقتصادي الاجتماعي كنتيجة لعوزهم الاجتماعي (فرضية “الانسياق للأسفل”) فإنهم غالبا موجودون في مجموعات اقتصادية واجتماعية متدنية (أشخاص متشردون).

.2 الشدة الخارجية أو الداخلية يمكن أن تسرع الزمن للبدء أو زيادة شدة الأعراض في الفصام.

العلاج

العلاج الدوائي والنفسي

.1 العلاجات الدوائية تشمل مضادات الذهان التقليدية [مضادات مستقبلات الدوبامين- 2 (D2)] ومضادات الذهان غير النموذجية.

.2 العلاجات النفسية بما فيها العلاج النفسي الفردي والعائلي والجماعي مفيدة في تأمين دعم طويل الأمد والمحافظة على المطاوعة في استعمال الأدوية.

مضادات الذهان التقليدية وغير النموذجية

.1 مضادات الذهان التقليدية مثل الكلوربرومازين والهالوبيريدول تعمل مبدئيا بتثبيط المستقبلات D2 المركزية.

.2 يشاهد تحسن هام في %70 من المرضى الذين يتناولون مضادات الذهان التقليدية (%25 من هذا التحسن يحدث كنتيجة لتأثير غفل placepo) وهذه الأدوية فعالة بشكل خاص ضد الأعراض الإيجابية.

.C Clozapine (مضاد ذهان غير نموذجي) هو مضاد مستقبل D4 ويعمل أيضا من خلال نظام السروتونين.

.a Clozapine أقل تسببا من الأدوية التقليدية بأعراض خارج هرمية (باركنسونية كاذبة، عسر مقوية، زلز akanisia) وعسر الحركة المتأخر Tardive dyskinesia والمتلازمة الخبيثة لمضادات الذهان neureleptic malignant S..

.b Clozapine هو أكثر تسببا بنقص محببات وصرع وتأثيرات مضادات للكولين من المضادات الذهان التقليدية.

مضادات الذهان غير النموذجية الأخرى مثل Risperidone Olanzapine، Quetiapine، لها فعالية مضادة للمستقبلات السروتونية والدوبامينية وتسبب تأثيرات عصبية ودموية أقل.

التأثيرات الجانبية لمضادات الذهان:

.1 مضادات الذهان القوية مثل الهالوبيرويدول مبدئيا لها تأثيرات جانبية عصبية مثل الأعراض خارج هرمية وعسر حركة متأخر والمتلازمة الخبيثة لمضادات الذهان.

.2 مضادات الذهان الضعيفة مثل الكلوربرومازين مبدئيا لها تأثيرات جانبية مضادة للكولين وللهيستامين.

.3 التأثيرات الجانبية الأخرى لمضادات الذهان:

.a مشاكل قلبية وعائية تشمل شذوذات في ال ECG وهبوط ضغط انتصابي.

.b زيادة وزن ونعاس.

.c تأثيرات كبدية من يرقان وارتفاع خمائر الكبد.

.d مشاكل غدية بسبب زيادة مستويات البرولاكتين تؤدي إلى التثدي وثر الحليب والعنانة وانقطاع الطمث ونقص الرغبة الجنسية.

.e سوء وظيفة دموية تشمل نقص الكريات البيض وغياب المحببات وخاصة مع Clozapine.

.f تأثيرات جلدية تشمل حساسية ضوئية واندفاعات جلدية وتصبغ الجلد باللون الرمادي الأزرق باستعمال الكلوربرومازين.

.g تأثيرات عينية تشمل تصبغ شبكية غير عكوس بسبب الثيوريدازين وترسبات في العدسة والقرنية بسبب الكلوبرومازين.

.4 علاج المرضى غير المطاوعين يتضمن أشكالا مستودعية قابلة للحقن ومديدة التأثير مثل haloperidol decanoate, fluphenazin decanoate حيث تعطى عضليا كل أربعة أسابيع.

السير والإنذار

السير

.1 تشير زيادة الاهتياج والاكتئاب والأرق إلى أن المريض سيتعرض لحادثة ذهانية.

.2 المرض يتضمن غالبا حوادث ذهانية متكررة وسيرا تدهورا مزمنا ويستقر المرض غالبا في منتصف الحياة.

.3 خلال الحادثة الذهانية الحادة يمكن أن ينتج الانتحار عن هلوسات (صوت يقول للمريض بأن يقتل نفسه).

.4 بعد انتهاء الحادثة الذهانية الحادة يحدث اكتئاب بعد الذهان في %50 من المرضى ويمكن للمريض أن يحاول الانتحار.

الإنذار

.1 الاضطراب هو لمدى الحياة عموما.

.2 يكون الإنذار أفضل إذا كان المريض أكبر عمرا عند البدء أو متزوجا أو لديه علاقات اجتماعية أو لديه أعراض مزاجية أو كان أنثى أو لديه سوابق مهنية جيدة أو أعراض إيجابية أو مرات نكس قليلة.

تأليف: عبد الرحمن إبراهيم