نواجه كل يوم خيارات، وفي الواقع، توجد في هذا العصر العديد من التجارب التي تثير الحواس والعقل حتى أصبح تحديد الأولويات يشكل ضغطًا نفسيًّا في حد ذاته.
يجب أن نعطي الأولوية العظمى لعقلنا ومشاعرنا وروحنا ونشاطنا الجسدي، ومع ذلك في أيامنا تلك المشحونة بقوائم الأشياء التي يجب أن نقوم بها، يهمل العديد من الناس تغذية ذاتهم الداخلية. فالذات الداخلية دائمًا ما توجد هناك في انتظار اهتمامنا، وهي مستعدة وقادرة على تجديد احتياجاتنا الأعمق. مع تقدمي في العمر أصبحت أكثر وعيًا باحتياجي الشخصي لتجديد طاقتي الداخلية، وأحاول تكريس ساعة كل يوم لتحقيق ذلك.
يمكن للضغط العقلي والعاطفي أن يؤدي إلى استنفاد مزمن لطاقتنا ونشاطنا. فالأفكار التي تولد مشاعر اضطراب موجودة في عقولنا نحن، ولا يسهل دائمًا السيطرة عليها، ففي بعض الأحيان تصبح قاهرة. والتحدي الأعظم أن تصبح مهيمنًا على هذه الأفكار السلبية، فلا تتطور إلى أن تسبب فوضى عاطفية وجسدية. يمكن أن تؤدي المشاعر السلبية إلى إفراز هرمونات الضغط النفسي، مثل الأدرينالين، بينما تحد من إفراز المواد هرمونات السعادة للمخ، مثل الإندورفين، والميلاتونين، والسيروتونين. هذا الخلل الكيميائي يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، والصداع، والأوجاع والآلام، وتشنج شرايين الدم، وزيادة اللزوجة في الدم، وجلطات خطيرة في الشرايين. نعم، يمكن للضغط العصبي أن يسبب أمراضًا خطيرة ومميتة، ويؤدي إلى الوفاة المبكرة.
في حياتنا، تعتبر أفكارنا السلبية هي السارق الأكبر الذي يدمر طاقتنا ومرحنا، فهذه الأفكار تسرق وقتنا وتغرق اللحظة بالسلبية، وتحرمنا من الفرحة. ما فائدة أن نتناول المكملات المضادة للشيخوخة الصحيحة، ونتبع نظامًا غذائيًّا مضادًا للشيخوخة، إذا لم نستمتع بالوقت الإضافي الذي تتيحه لنا هذه الأشياء؟ من الأفضل أن نعيش حياة قصيرة ومرحة!
من السهل حماية منازلنا وسنداتنا من السرقة من خلال أجهزة الأمن والحراسة، ولكن من الصعب أن نحمي أنفسنا من السارق العقلي الذي بداخلنا، خاصة عندما نعتقد أن هذا السارق صديق لنا، ونستمع له بكل الاحترام، بينما يملؤنا بالأفكار السلبية عن أنفسنا أغلب الوقت. من الصعب طرد هذا الجزء في أنفسنا، الذي ربما يلقى الدعم من المجتمع ومعارفنا وعلاقاتنا وطفولتنا، فأصبح جزءًا منا. ولرفض الأفكار والذكريات السلبية وطردها من الغرفة الداخلية الخاصة في عقولنا، نحتاج إلى استبدال أشياء أخرى بهذه الأفكار، وإلا سيحدث فراغ. يمكننا التركيز على شيء آخر بدلًا منها، سواء خارجنا أو داخلنا. ولتحقيق الأمر الأول، من السهل أن نلقي بأنفسنا في معمعة العمل، أو في ممارسة هواية، أو في العاطفة، أو في علاقة أو أي عدد من الأنشطة الخارجية، وكثير من الناس يقومون بذلك بشكل ناجح جدًّا. ولكن إن كانت الأفكار السلبية قوية للغاية، فقد تستمر في الزحف متسللة إلى عقلنا الواعي لتحد من فرحتنا وتشل أداءنا.
لذا ماذا عن التركيز على شيء يكمن بالكامل داخلنا، وهو فريد من نوعه، وإيجابي دائمًا، ومعزز للطاقة، والأهم أنه مبهج؟ هل فكرت في ذلك؟
ثمة طريقة فعالة لتطرد السارق العقلي، وتتمثل في التواصل مع الجمال الداخلي والبساطة التي توجد في كل نَفَس نتنفسه. يقول لنا السارق العقلي إن الأمور لا تسير على ما يرام؛ فنحن لا نشعر بشعور جيد، ولا نبدو بمظهر جيد، وتشعر بأننا أقل من غيرنا، وبأننا غير محبوبين، والمستقبل غير مضمون، ولم يعد بإمكاننا إنجاز أي شيء، ونحن ضعفاء، ومجهدون… إلخ، بينما يمكن لذاتنا الداخلية أن تشعرنا بشعور جيد، وبتقدير الفرحة البسيطة بأنك على قيد الحياة. ففي النهاية إنها معجزة أننا على قيد الحياة، وما زلنا نتنفس، والأهم أننا بشر.
توجد تقنيات يمكن تعلمها لتحقيق الاتصال بين وعينا الإدراكي وطاقتنا الداخلية. وسوف نكون قادرين على رفض الأفكار السلبية، ومعانقة الجمال والسلام في كل نفس. إن ما يقودنا إلى الجنون هي أفكارنا السلبية والغاضبة، التي تدور في دوائر مفرغة دون اتجاه ودون هدف محدد. نحن في حاجة إلى التخلي عن هذه الدوائر العصبية مفرطة النشاط التي تتخللنا عقليًّا وجسديًّا. ستكون هناك دائمًا أشياء تضغط على أعصابنا، فهذه هي الحياة، ولكن يمكننا اختيار التركيز على شيء آخر؛ شيء إيجابي يقودنا ويحقق لنا فهمًا أعمق، وقبولًا، وانفصالًا عن المتاعب.
لدى الصينيين مثل يقول: “لا يمكنك منع طيور القلق والهموم من أن تهيم حول رأسك، ولكن بمقدورك منعها من بناء أعشاشها هناك”.
تخلق أفكارنا ومشاعرنا تجربة نتصور نحن أنها واقعنا – الواقع المتصور – ولكن إلى أي مدى هذا حقيقي، والأهم، إلى أي مدى نجد هذا الواقع ممتعًا؟ هل نريد البقاء فيه إذا كان ضارًّا بصحتنا العقلية والجسدية؟ في بعض الأحيان يجب أن نصل إلى نهاية الطريق الذي رصفناه بأفكارنا ورغباتنا، لنجد فقط أننا يجب أن نبدأ من جديد ونستخدم بوصلة مختلفة. بداية رحلة جديدة أمر مثير دائمًا، وكذلك هي الرحلة التي نسير فيها عندما نبدأ في سبر أغوار أنفسنا لتجديد هذه الطاقة التي تمنحنا الإلهام.
إليك تمرين تنفس يمكن أن يساعدك على تحقيق الاسترخاء، والتركيز بشكل أفضل: اجلس في وضعية مريحة، في مكان هادئ، وأغلق عينيك. تنفس بعمق وببطء، وضع كل تركيزك العقلي في التنفس. بينما تتنفس، اشعر بالقوة الإيجابية المعززة للطاقة التي تملأ رئتيك، وكن واعيًا بقوتها. إن نَفَس الحياة الذي تتنفسه هبة تؤكد وجودك على هذا الكوكب، وتجلب الأكسجين المطلوب لكل خلية في جسمك. يعطيك التنفس بعمق قوة وقدرة.
لدى الصينيين مثل يقول: “لا يمكنك منع طيور القلق والهموم من أن تهيم حول رأسك، ولكن بمقدورك منعها من بناء أعشاشها هناك”.
بينما تخرج النفس، اجعل كل الضغط والقلق يخرج من جسدك، وهذا سوف يشعرك بالأمان. كن على دراية بالحياة نفسها وهي تدخل وتخرج من جسمك في صورة أنفاس منظمة عميقة، فمن شأن ذلك أن يجعلك واعيًا بقدرة وجمال نفسك، والحقيقة التي لا تصدق أن شيئًا بسيطًا كهذا هو ما يبقيك على قيد الحياة.
إذا حاول عقلك تشتيتك بالأفكار الأخرى، فتجاهلها خلال هذا الوقت، وعد بكل تركيزك العقلي لنفسك. يمكنك تخصيص عشر دقائق أو ما شابه يوميًّا للقيام بذلك، وربما تسمح لنفسك بالمزيد من الوقت إذا شعرت بأنك تحتاج إلى ذلك. عند القيام بذلك ستدرك الثرثرة المزعجة التي تملأ عقلك التي تستمع إليها طوال اليوم، وستكون لديك القدرة على ملاحظة هذه الثرثرة، بدلًا من الاستجابة لها. عندما تتوقف الثرثرة أو لا تتلقى إجابة، فسيصبح الشيء الوحيد الذي تدركه هو نفسك. ويجد بعض الناس هذا التمرين مفيدًا ومعينًا على الاسترخاء في نهاية اليوم ويساعدهم على نوم أكثر هدوءًا.
كطبيبة لاحظت تكرارًا أن الناس على استعداد للتغيير إذا استطعت إلهامهم وتحفيزهم بشكل كافٍ، وعندها سيتولد لديهم بعض الإيمان بالعلاج الغذائي. فالإيمان بالقدرة على شفاء أي من أشكال العلاج يسمى الإيحاء، وهو دائمًا عامل مهم في شفاء المريض. ودون هذا الإيمان لن يكون هناك حافز عند الناس لتغيير أسلوب حياتهم، وتناول المكملات. فالإيحاء عادة هو ما ينجز المهمة في البداية، وهذا مهم لأن العلاج الغذائي يستغرق وقتًا أطول ليظهر تأثيره أكثر من أغلب العقاقير، وفي الواقع لا يبدأ بعض المرضى في ملاحظة تحسن كبير إلا بعد أربعة أو خمسة شهور؛ لذا يجب أن تصمد، وتشجع عملية علاجك العقلي خلال هذا الوقت. لقد رأيت أن العلاج الغذائي، وتحسين أداء الجسم يساعدان العديد من الناس المصابين بأمراض خطيرة، وعلى حافة الهاوية. وحتى مرضى السرطان كثيرًا ما يتحدون التوقعات الإحصائية باستخدام قدرة العلاج الغذائي.