يعتمد جسمك على المثيلة في إزالة سمية المسرطنات Carcinogens والسموم الأخرى، وإصلاح الـ د أن إي DNA المتضرر، وتشكيل خلايا جديدة، وتصنيع هرمونات مضادة للشيخوخة أخرى. وعندما تضطرب قدرتك على المثيلة، تعاق جميع هذه الوظائف الهامة، مما يقود إلى تسريع الشيخوخة والأمراض التنكسية، مثل المرض القلبي وداء آلزهايمر والسرطان والداء السكري وغيرها.
وهناك أنباء سارة، حيث من السهل نوعا ما تعزيز المثيلة Enhancing Methylation، إذ يمكنك من خلال بعض المغذيات الأساسية دعم هذه العملية الحيوية الكيميائية الضرورية، فتحقق الوقاية من الشيخوخة المبكرة وتقلل من خطر الأمراض كثيرا لديك. ولا يحصل معظم الناس – وللأسف – على مدخول كاف من المغذيات المشجعة للمثيلة، ويمثل ذلك واحدا من الأسباب الرئيسية الممكن تجنبها للشيخوخة المبكرة والمرض.
ما هي المثيلة؟
المثيلة Methylation من الناحية الكيميائية هي نقل مجموعة ميثيلية Methyl group (ذرة كربون واحدة مرتبطة بثلاث ذرات من الهيدروجين) من جزيء إلى آخر؛ ويعتمد جسمك على هذه التبادل الكيميائي الحيوي في بعض أكثر وظائفه أهمية. وتحدث المثيلة ملايين المرات في اليوم في كل خلية من الجسم.
وتمثل مانحات الميثيل Methyl donors مركبات تعطي المجموعات الميثيلية اللازمة للمثيلة؛ أما عوامل المثيلة Methylating factors فهي المغذيات التي تساعد على عملية المثيلة من خلال تقديم الإنزيمات Enzymes التي تفصل المجموعات الميثيلية عن مانحات الميثيل، وتعيد ربطها بجزيئات أخرى. ويبين الشكل أدناه تفاعلا شائعا للمثيلة، موضحا تآزر هذه العناصر المشاركة مع بعضها البعض في إتمام حلقة المثيلة.
وتبدأ الحلقة في هذا المثال بالمثيونين Methionine، وهو حمض أميني نحصل عليه من اللحم والسمك والمنتجات اللبنية والبيض والحبوب الكاملة؛ فالمثيونين يمنح مجموعته الميثيلية لتشجيع التفاعلات الكيميائية الضرورية في الجسم. وعندما يفقد المثيونين مجموعته الميثيلية، يختزل أكثر إلى مركب آخر يدعى الهوموسيستئين Homocysteine؛ وتعاد دورة الهوموسيستئين إلى مثيونين من جديد باكتساب مجموعة ميثيل جديدة من مانحة أخرى بمساعدة عوامل المثيلة (الفيتامين B12 وحمض الفوليك Folic acid).
لذلك، تتطلب عملية المثيلة إمدادا وافرا بمانحات الميثيل، فضلا عن إمداد كاف بعوامل المثيلة. وبالإضافة إلى المثيونين، تشتمل مانحات الميثيل الهامة الأخرى على الكولين Choline وثلاثي ميثيل الغليسين Trimethylglycine – TMG وإس أدينوزيل المثيونين S-adenosyl-methionine – SAMe أما عوامل المثيلة فتشتمل على الفيتامين B12 وحمض الفوليك والزنك.
عندما ينقص إمداد جسمك بمانحات الميثيل أو عوامل المثيلة، تضطرب وظائف إزالة السمية Detoxification والإصلاح الضرورية؛ ويبدأ الجسم فيما يبدأ بمواجهة صعوبة في المحافظة على عملية العودة بحلقة الهوموسيستئين إلى مثيونين. ويمثل تراكم الهوموسيستئين في الدم إشارة خطر واضحة على اضطراب المثيلة، كما يعد تهديدا مباشرا لصحتك بحد ذاته.
مخاطر الهوموسيستئين
يحرض الهوموسيستئين على ظهور شلال تخريبي من التفاعلات الكيميائية في الخلايا البطانية التي تبطن الجدران الشريانية؛ ويشجع الضرر الواقع على هذه الجدران عندئذ تشكل الرواسب الكولستيرولية.
كما أن وجود الهوموسيستئين في الدم يعيق قدرة الجسم على تحطيم الفبرينوجين. تجعل مستويات الفبرينوجين المرتفعة الدم لزجا وثخينا، وبذلك يصبح أكثر ميلا إلى تشكيل جلطات دموية خطيرة. ويمكننا من خلال إنقاص مستويات الهوموسيستئين الوقاية من تضرر الشرايين، والتقليل من وقوع الجلطات وحالات الانسداد والنوبات القلبية والسكتات؛ ويكون إنقاص الكولستيرول حينئذ هدفا ثانويا.
أثبتت الأبحاث أن الهوموسيستئين عامل خطر مستقل في مرض القلب؛ فارتفاع مستويات الكولستيرول يزيد كثيرا خطر إصابتك بنوبة قلبية أو سكتة؛ ولكن إذا كنت مصابا بمرض القلب، يزيد ارتفاع الهوموسيستئين خطر الوفاة لأي سبب لديك.
وجد الباحثون أن ارتفاع مستويات الهوموسيستئين يرتبط بضروب غريبة من الأمراض والحالات ذات العلاقة بالعمر.
كما يمكن أن يساهم الهوموسيستئين في تشكل السرطان؛ وتعد المثيلة الشاذة إحدى الصفات المميزة للخلايا السرطانية. وفي الواقع، بينت الأبحاث أن عوامل المثيلة يمكن أن تشفي الآفات السرطانية في حيوانات المختبر.
كما قد يساهم الهوموسيستئين في تشكل السرطان من خلال زيادة نشاط الجذور الحرة؛ ويمكن للإجهاد التأكسدي أن يضر بعملية المثيلة ضمن المنحنى الهابط الخطير بين السبب والمسبب. وقد تكون التأثيرات المشتركة والإضافية لاضطراب المثيلة والإجهاد التأكسدي هي الرابط بين الهوموسيستئين والسرطان.
الحالات المصحوبة بارتفاع مستويات الهوموسيستئين
• داء آلزهايمر.
• التراجع الإدراكي (الذهني).
• التعب المزمن/الألم العضلي الليفي.
• تخلخل العظام.
• اعتلال الشبكية السكري Diabetic retinopathy (العمى).
• داء باركنسون.
• الاكتئاب.
• نقص الوظيفة الدرقية.
• متلازمة الأمعاء الالتهابية Inflammatory bowel syndrome.
البحث المستمر عن الأجوبة
قد لا يكون الهوموسيستئين سببا مباشرا بل إشارة إلى أن الجسم يتعرض لنقص خطير في المثيلة؛ ونحن نعلم على سبيل المثال أن داء آلزهايمر يتصف بخلل شديد في مسالك المثيلة الدماغية، وهذا ما قد يفسر السبب في ارتفاع مستويات الهوموسيستئين عند مرضى داء آلزهايمر. وقد يقترح أن تعزيز المثيلة يمكن أن يساعد على الوقاية من ظهور داء آلزهايمر.
ورغم كل ما نقوم به، لم نفهم بعد تأثيرات سمية الهوموسيستئين والأدوار المتعددة للمثيلة؛ ولكن من الواضح أن تعزيز المثيلة (وإنقاص الهوموسيستئين) طريقة فعالة للوقاية من الشيخوخة المبكرة والأمراض.
أين يأتي دور الكولستيرول؟
قد تتساءل الآن عن السبب في تواصل الحديث كثيرا عن الكولستيرول وقليلا عن المثيلة (والالتهاب) كعوامل خطر في أمراض القلب؛ وفي الجواب نقول: تعد المثيلة والالتهاب – مثلما سنشاهد – من عوامل الخطر القوية في أمراض القلب، فضلا عن عدد من الأمراض الأخرى المرتبطة بالشيخوخة. ويمكن تدبير هذه الحالات بمعالجات مغذية غير موصوفة، ممذا ينقص كثيرا خطر الأمراض، وهنا يكمن جزء من الإجابة.
وفي حين أن مستويات الهوموسيستئين منبئ قوي جدا بخطر مرض القلب مستقبلا، غير أن العلاقة بين الكولستيرول ومرض القلب ليست واضحة تماما؛ فالحقيقة أن الكثير من الناس الذين لديهم ارتفاع في الكولستيرول لا يصابون بمرض القلب، بينما يموت الكثير من الأشخاص الذين لديهم مستويات طبيعية تماما للكولستيرول بالنوبات القلبية أو السكتات. وفي الواقع، أخفق تحري الكولستيرول الأساسي في التعرف إلى نحو 50% من أولئك المصابين بالمتلازمات الإكليلية (التاجية) الحادة Acute coronary syndromes.
ولكن ربما لا تزال تقرأ مقالات تبدأ بعبارة “تظهر الدراسات أن إنقاص الكولستيرول يمكن أن يساعد على الوقاية من مرض القلب”؛ وهذه حقيقة؛ ففي تحليل لاثنين وعشرين دراسة سريرية كبرى أجريت عام 1992، كان عدد الدراسات التي بينت فائدة من إنقاص الكولستيرول مماثلا تقريبا لعدد الدراسات التي لم تظهر أية فائدة على الإطلاق. وفي الواقع، عندما أخذت المعطيات من جميع الدراسات الاثنتين والعشرين بعين الاعتبار، استنتج المؤلفون أن إنقاص الكولستيرول لا يقلل الوفيات، ومن غير المرجح أن يقي من داء الشرايين الإكليلية.
لكن ذلك ليس الشيء المدهش الوحيد الذي وجده المؤلفون؛ فقد تفحصوا بعدئذ الأدب الطبي بشكل عام، ووجدوا أن الدراسات التي أظهرت فائدة من الأدوية الخافضة للكولستيرول كان قد استشهد بها من قبل باحثين آخرين أكثر بست مرات من الدراسات التي لم تظهر فائدة من هذه الأدوية. وبمعنى آخر، يدل الأدب الطبي على انحياز شديد ومتواصل نحو الأدوية الخافضة للكولستيرول، مع اقتباس الباحثين للدراسات التي تشجع على استعمال الأدوية المؤيدة وإهمال البقية.
العادات القديمة لا تزول بسهولة
إن حقيقة أن الأدوية الخافضة للكولستيرول لا تزال من بين أكثر الأدوية الموصوفة إلى حد كبير تنبع من جهود دعاية شركات الأدوية.
إن هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن التأثيرات المفيدة للأدوية الخافضة للكولستيرول تنجم إلى حد بعيد عن نقص الالتهاب وليس عن نقص الكولستيرول وحسب. وفي الواقع، أظهرت الدراسات مرارا أن أغلبية الذين يتناولون الأدوية الخافضة للكولستيرول يخفقون في إنقاص مستوياته إلى المجال الهدفي.
وليست الفوائد من الأدوية الخافضة للكولستيرول مثار جدال فقط، بل إنها تنطوي على خطر كبير للتأثيرات الجانبية، بما في ذلك اضطراب النوم والأوجاع العضلية والغثيان والصداع وحرقة الفؤاد Heartburn وتغيرات المزاج. كما أن هذه العقاقير تؤدي إلى نضوب خطير في مدخرات الجسم من CoQ10، وهو مضاد تأكسد ذو فوائد نوعية واقية للقلب، وتسبب ضررا كبديا شديدا في بعض الأحيان. ومع توفر معالجات طبيعية يمكنها موازنة مستويات الكولستيرول، لم يعد مبررا التعرض عادة للكثير من المخاطر التي تصاحب هذه الأدوية.
كيف يمكنك أن تشجع المثيلة؟
يعد مستوى الهوموسيستئين في الدم، كما لاحظنا آنفا، مؤشرا مفيدا يدل على جودة المثيلة في الجسم؛ فعندما تكون مستويات الهوموسيستئين منخفضة، نستطيع أن نتأكد بشكل مقبول من أن حلقة المثيلة تعمل جيدا؛ أما حينما يكون الهوموسيستئين مرتفعا، فهو يدل على أن المثيلة مضطربة، وأن خطر المرض مرتفع.
لقدد أصبحت اختبارات الهوموسيستئين أكثر شيوعا؛ ولكن أكرر من جديد أن هناك تناقضا كبيرا ما بين مستوى الهوموسيستئين الذي يعد “طبيعيا” والمقدار الذي يعد مثاليا. ومع ذلك، يكون مرض القلب شائعا جدا بين الأميركيين إلى درجة يصبح معها معيارا إحصائيا عند الذين تجاوزوا الخمسين من العمر.
واستنادا إلى مسح حديث، بلغ المستوى المتوسط للهوموسيستئين بين الأميركيين 10 مكمول (مكرومول)/ل، وهو ضمن المجال المقبول “الطبيعي” البالغ 5-15 مكمول/ل؛ لكن بحثا خاصا برابطة القلب الأميركية American Heart Association أظهر أن خطر مرض القلب يبدأ بالزيادة حالما ترتفع مستويات الهوموسيستئين فوق 6.3 مكمول/ل.
وفي الواقع، يكون خطر مرض القلب عند الأميركي المتوسط الذي يبلغ مستوى الهوموسيستئين “الطبيعي” لديه 10 مكمول/ل ضعفي ما لدى أي شخص آخر يبلغ مستوى الهوموسيستئين عنده 6.3 مكمول/ل أو أقل. وعندما تصل مستويات الهوموسيستئين عند المريض إلى 15 مكمول/ل (أي تكون مرتفعة)، يزداد ذلك الخطر حتى أربعة أضعاف؛ ولا يزيد ارتفاع الهوموسيستئين بالطبع الخطر لديك بالنسبة إلى مرض القلب فقط، بل بالنسبة إلى عدد من الحالات الأخرى أيضا.
وبما أن تعزيز المثيلة إجراء بسيط وغير مكلف، ليس هناك ما يدعو إلى القبول بأي مستوى من الخطر؛ فحتى إذا كان مستوى الهوموسيستئين مرتفعا بشكل طفيف، يمكنك اتخاذ خطوات نحو إنقاصه بالمعالجات الغذائية. وإذا ما اختبرت الهوموسيستئين وأخبرت بأن مستواه “جيد”، قد ترغب بالسؤال عن المستوى الفعلي لتتأكد من أنك لست في خطر بسبب رؤية المختبر له بأنه “طبيعي”.
خطر داء الشرايين الإكليلية (التاجية) / الهوموسيستئين في الدم Mcmol/L
6.3 أو أقل: لا يزداد الخطر
10: الخطر أكبر بمرتين
15: الخطر أكبر بأربع مرات
20: الخطر أكبر بثماني مرات
25: الخطر أكبر باثنتي عشرة مرة
تعزيز المثيلة وإنقاص الهوموسيستئين
عندما يشتمل نظامك الغذائي على اللحم، فمن الأرجح أنك تحصل على إمداد وافر بالمثيونين كمانح للميثيل؛ غير أن الكثير من الأميركيين يفتقرون إلى المغذيات التي تعمل كعوامل مثيلة، وتشتمل هذه العوامل مثلما تتذكر على الفيتامين B12 وحمض الفوليك.
تكون الأطعمة المعالجة أو المصنعة، والتي تمثل ركنا أساسيا في التغذية اليوم، فقيرة جدا بالفيتامينات B، لاسيما الفيتامين B6 وحمض الفوليك. كما أن المدخول الزائد من الدهون والسكاكر يؤدي إلى نضوب مخازن الجسم من هذه المغذيات. ومع تقدم العمر، يصبح عوز الفيتامين B12 مشكلة غالبا بسبب نقص امتصاص المغذيات خلال الهضم.
تظهر الأبحاث أن ارتفاع مستويات الهوموسيستئين يرتبط بشكل دائم تقريبا مع نقص مستويات الفيتامين B12 وحمض الفوليك والفيتامين B6 (والفيتامين B6 على وجه التحديد ليس عاملا ممثيلا، بل يساعد على نزع الهوموسيستئين من الدم بآلية مختلفة، بتحويله إلى سيستئين حمض أميني غير ضار Amino acid cysteine، ثم إلى مضاد التأكسد القيم الغلوتاثيون Glutathione في نهاية المطاف).
يكون التكميل بهذه المغذيات الثلاثة فعالا عادة في المحافظة على مستويات الهوموسيستئين خارج حدود الخطر المفرط. ولكن، لضمان المحافظة على الهوموسيستئين عند أخفض عتبة آمنة، أوصي أيضا بإضافة مانح ميثيل آخر هو ثلاثي ميثيل الغليسين Trimethylglycine – TMG لإنقاص مستويات الهوموسيستئين أكثر.
يمثل ثلاثي ميثيل الغليسين مانح ميثيل يساعد على إعادة مثيلة الهوموسيستئين لتشكيل المثيونين؛ ويدل ثلاثي على حقيقة أن ثلاثي ميثيل الغليسين يحمل ثلاث مجموعات ميثيل، مما يجعل منه مانح ميثيل قويا جدا. وتبلغ جرعة البدء في ثلاثي ميثيل الغليسين (الذي يدعى البيتائين Betaine أيضا) 750 مغ.
خطة تحريض المثيلة الأساسية
• حمض الفوليك: 800-1600 مكغ
• الفيتامين B6: 100 مغ
• الفيتامين B12: 500-1000 مكغ
• ثلاثي ميثيل الغليسين: 750 مغ
يمكن أن تتفاوت الحاجات الفردية من المغذيات الممثيلة Methylating nutrients؛ فبعض عوامل نمط الحياة، مثل المدخول المرتفع من اللحم وفرط تناول القهوة أو التدخين، قد ترفع مستويات الهوموسيستئين وتزيد الحاجة إلى المغذيات الممثيلة (لاسيما حمض الفوليك والفيتامين B6). ويحتاج بعض الأشخاص إلى مستويات أعلى من المغذيات الممثيلة بسبب حالات مرضية أو عوامل وراثية تضر بالمثيلة.
ويعد ضمان المثيلة الكافية أهم بكثير من تركها للصدفة؛ وتكون خطة المثيلة الأساسية عند الكثير من الناس فعالة في التقليل من الهوموسيستئين إلى المستويات المرغوبة، ولكنها لا تكفي في عدد هام منهم؛ وتسمح لك اختبارات الدم بتعديل مدخولك من المغذيات بحيث يدل على حاجات جسمك منها.
خطة تحريض المثيلة المتقدمة
إذا بقيت مستويات الهوموسيستئين Homocysteine لديك مرتفعة بعد إنجاز خطة تحريض المثيلة الأساسية Basic pro-methylation protocol، يمكن أن يعمل طبيب اختصاصي في الطب المناهض للشيخوخة معك على تعديل التدبير، حيث قد تزاد مقادير المغذيات تحت إشراف الطبيب إلى أن يبلغ الهوموسيستئين مستوى آمنا.
يمكن أن يحتاج أناس آخرون إلى مغذيات إضافية، مثل الكولين أو إس أدينوزيل المثيونين S-adenosyl methionine – SAMe، لبلوغ الاستجابة المرغوبة؛ كما قد يتمثل الأمر في إيجاد المغذيات الأكثر فاعلية لديك؛ فبعض الأشخاص، على سبيل المثال، يفتقرون إلى الإنزيم الذي يحول الفيتامين B6 إلى شكله الفعال بيولوجيا؛ فإذا كنت تفتقر إلى هذه الإنزيم، يمكن أن تلاحظ أن مستويات الهوموسيستئين تبقى مرتفعة بشكل مستعص لديك رغم تناول المقدار الموصى به من الفيتامين B6. وفي هذه الحالة، يمكن أن يفيد شكل أكثر فعالية بيولوجية من هذا الفيتامين هو البيريدوكسال 5 فوسفات Pyridoxal-5-phosphate – P5P. (إذا حصلت على نتائج جيدة بالشكل المعياري من الفيتامين B6، ليس هناك مبرر لاستعمال الشكل الأكثر كلفة منه أي البيريدوكسال – 5 – فسفات).
وخلافا لأوجه التحدي التي نواجهها مع الوقاية من الشيخوخة والأمراض، يعد تعزيز المثيلة وإنقاص الهوموسيستئين أمرا سهلا نوعا ما؛ لكن ليس من البديهي أن يناسب التدبير الجميع؛ فكما لاحظنا من الأمثلة السابقة، تمثل الاختبارات الطريقة الوحيدة للتأكد من أنك وجدت التدبير المناسب لك؛ وعندما تصل أنت وطبيبك إلى التركيبة الفعالة، أوصيك بإعادة اختبار مستويات الهوموسيستئين لديك سنويا.
يمكن أن تشتمل الخطة المتقدمة المراقبة على أية توليفة مما يلي:
• ثلاثي ميثيل الغليسين حتى 6000 مغ.
• حمض الفوليك حتى 10 مغ (10000 مكغ).
• الفيتامين B12 حتى 5000 مكغ.
• الفيتامين B6 حتى 250 مكغ.
• S-أدينوزيل المثيونين SAM-e حتى 800 مغ.
• الكولين حتى 5000 مكغ.
• البيريدوكسال – 5 – فسفات حتى 50 مغ.
هل يمثل الكولستيرول مشكلة أيضا؟
بعد أن تتخذ الخطوات نحو التقليل من الهوموسيستئين وتعزيز المثيلة، هل هناك ما يدعو إلى أن تبقى في قلق من مستويات الكولستيرول؟ في حين أن العلاقة ما بين ارتفاع الكولستيرول ومرض القلب ليست قوية مثلما كنا نعتقد، لكنني لن أمضي بعيدا في القول بأن الكولستيرول ليس ذا أهمية مطلقا؛ فارتفاع الكولستيرول الشديد (أو انخفاضه الشديد) مؤشر على أن الجسم خارج التوازن؛ فكل نظرة شمولية إلى الصحة تستدعي إعادة كل جزء من كيمياء الجسم، بما في ذلك مستويات الكولستيرول، إلى التوازن الأمثل.
فالكثير من الناس يعتقدون أنه كلما قل الكولستيرول في الدم لديك، كان ذلك أفضل لك. لكن الكولستيرول في الحقيقة مادة هامة وضرورية، فهو المادة الأساسية المستعملة في تصنيع جميع الهرمونات الستيرويدية Steroid hormones، بما في ذلك الديهيدرو إيبي آندروستيرون Dehydroepiandrosterone – DHEA والتستوستيرون (فكلمة ستيرويد steroid مشتقة في الحقيقة من الكولستيرول Cholesterol). كما يعطي الكولستيرول الشحميات Lipids اللازمة لبناء الأغشية الخلوية الصحية؛ وهو يساعد الجسم على إنتاج الصفراء الضرورية لهضم الدهون بشكل صحيح.
فالكولستيرول ليس عدوا، ولكنك تحتاج منه إلى مقدار صحي في جسمك ليقوم بوظيفته بشكل جيد وصحي؛ ولذلك، قد تؤدي مستويات الكولستيرول المنخفضة جدا إلى زيادة فعلية في خطر السرطان والسكتة والأمراض التنفسية والهضمية؛ ولهذا، تقوم الصحة المثالية على التوازن، وينطبق ذلك على الكولستيرول مثلما ينطبق على أي شيء آخر.
يبلغ المجال المثالي للكولستيرول الكلي ما بين 160-180 مغ/الدسيلتر؛ فإذا كنت تتخذ التدابير لإنقاص الكولستيرول، ووجدت أنه قد انخفض إلى ما دون 140 مغ/الدسيلتر، يمكن أن يدل ذلك على أنك أفرطت في الأمر؛ وأوصيك بمناقشة طبيبك بالنسبة إلى إنقاص الجرعات قليلا، الأمر الذي يسمح لمستويات الكولستيرول بالعودة إلى المجال المثالي.
لكن موازنة الكولستيرول ليس في إنقاص مستواه الكلي؛ فجسمك ينتج عدة أنماط مختلفة من الكولستيرول، لكل منها وظائفه المختلفة؛ فالبروتين الشحمي المرتفع الكثافة High-density Hpoprotein – HDL يدعى الكولستيرول “الجيد” غالبا، بينما يطلق على البروتين الشحمي المنخفض الكثافة Low-density lipoprotein – LDL اسم الكولستيرول ” السيء ” أحيانا، لأن هذا النمط من الكولستيرول يميل إلى التراكم في الأوعية الدموية عند المصابين بمرض القلب.
كما أن الشكل المنخفض الكثافة من الكولستيرول أكثر عرضة للتأكسد بالجذور الحرة، مما يجعل منه أكثر إضرارا وخطرا على جدران الأوعية الدموية. وقد أظهرت الأبحاث أن الكولستيرول المؤكسد (لاسيما LDL) عامل خطر في مرض القلب أقوى من الكولستيرول بوجه عام.
تقوم موازنة شواكل الكولستيرول على استجرار جميع هذه العوامل إلى المجالات والنسب المثلى فيما بينها؛ ويبدي الجدول التالي القيم المثالية لشحميات الدم المختلفة، فضلا عن بعض النسب التي وضعتها بنفسي لتقييم التوازن بين العناصر المختلفة. ولحساب النسبة، تقسم القيمة الأولى على الثانية؛ فمثلا، إذا كان LDL لديك بقيمة 100 وHDL بقيمة 50، عندها تكون نسبة LDL إلى HDL بقيمة 100÷50=2
قيم الشحميات الدموية | ||
المجالات المرجعية الطبيعية | المجالات المثالية | |
الكولستيرول الكلي | 100-199 مغ/دسيلتر |
160-180 مغ/دسيلتر |
البروتين الشحمي المرتفع الكثافة | 35-150 مغ/دسيلتر |
50-120 مغ/دسيلتر |
البروتين الشحمي المنخفض الكثافة | 0-129 مغ/دسيلتر |
80-100 مغ/دسيلتر |
نسبة الكولستيرول الكلي إلى البروتين الشحمي المرتفع الكثافة | 3-4 (رجال)2-3 (نساء) |
|
نسبة البروتين الشحمي المنخفض الكثافة إلى البروتين الشحمي المرتفع الكثافة | أقل من 2 |
موازنة الكولستيرول لديك من دون أدوية
يمكن موازنة الكولستيرول Cholesterol من دون استعمال أدوية الوصفات؛ فالنياسين Niacin (الفيتامين B3) بجرعة مرتفعة معالجة مأمونة وفعالة في إنقاص المستويات المرتفعة للكولستيرول وثلاثيات الغليسيريد؛ ويمكن أن تتراوح الجرعات الفعالة ما بين 500-6000 مغ يوميا. وقد تؤدي هذه الجرعات من النياسين إلى تبيغ (تورد) Flushing الجلد، ويتصاحب ذلك أحيانا بإحساس بالحكة؛ وينجم ما يدعى بالتبيغ النياسيني Niacin flush عن توسع الأوعية الدموية الصغيرة، وهو غير ضار أبدا ومؤقت، مع أن البعض يجده غير مريح.
يمكن أن يؤخذ النياسين بشكل نياسيناميد Niacinamide، وهو لا يسبب التبيغ النياسيني النموذجي، لكنني وجدت أن النياسيناميد ليس فعالا مثل النياسين؛ ولا أوصي بالأشكال المديدة التأثير للنياسين، بسبب زيادة خطر الضرر الكبدي، بل أفضل الشكل المتوسط التأثير لهذا المغذي والمسمى النياسبان Niaspan.
وللتقليل من أي انزعاج ناجم عن التبيغ، أوصي بتناول النياسين عند النوم؛ فمعظم الناس ينامون جيدا من دون حدوث أي تفاعل.
يستقلب النياسين من خلال المثيلة، ويمكن أن يزيد متطلبات الجسم من المغذيات الممثيلة Methylating nutrients. ونتيجة لذلك، قد تزيد المعالجة بجرعة عالية من النياسين مستويات الهوموسيستئين. لذا، عندما نستعمل النياسين بجرعة عالية، يكون من المهم أن يراقب الطبيب مستويات الهوموسيستئين لديك، فضلا عن مستويات الكولستيرول، ويعدل التدبير المحرض للمثيلة وفقا لذلك.
هناك مغذ هام آخر لصحة القلب هو الفيتامين E، حيث وجد أنه ينقص النوبات القلبية بنسبة 77٪ عند المرضى المصابين بمرض القلب. ويحمي الفيتامين E القلب بعدد من الطرق. إنه يحسن نوعية جريان الدم ويجعله أقل لزوجة وأقل عرضة لجلطة دموية. وهو يساعد أيضا على الوقاية من أكسدة الكولستيرول في الأوعية الدموية، وهذا أمر ضروري للوقاية من مرض القلب.
تحتوي معظم مكملات الفيتامين E على شكل من الفيتامين يدعى ألفا – توكوفيرول Alpha-tocopherol؛ لكن هناك عدد من أشكال هذا الفيتامين، بما في ذلك التوكوفيرولات Tocopherols الأخرى، فضلا عن الأشكال التوكوترينولية Tocotrienol forms.
تعد الأشكال التوكوترينولية للفيتامين E، مع أنها أقل استعمالا بكثير، أكثر فعالية بالفعل إلى حد بعيد؛ فهي مضادات تأكسد أقوى بستين مرة في الوقاية من الضرر الناجم عن الجذور الحرة. كما أن التوكوترينولات Tocotrienols تبدي قدرة ملحوظة على إنقاص كل من مستويات الكولستيرول الكلي ومستويات البروتين الشحمي المنخفض الكثافة LDL؛ ولا توجد هذه الفائدة الخافضة للكولستيرول مع ألفا – توكوفيرول (أو أي شكل توكوفيرولي آخر). وتبلغ الجرعة الفعالة للتوكوترينولات في إنقاص الكولستيرول 50-100 مغ يوميا.
المغذيات الخافضة للكولستيرول
- النياسين: 500-2000 مغ (عند النوم، أو كجرعة مجزأة إلى جرعتين صباحا وليلا)
- الفيتامين E (مثل التوكوترينولات): 50-100 مغ