يأتون إلى الحلقة الدراسية وينهالون بقبضاتهم على الوسائد. يعصرون المناشف ويطبقون عليها بأسنانهم. يصرخون ويصيحون. لماذا؟ لأنهم يسعون إلى التخلص من الغضب الذي غالبا ما يشعرون به. ويجدون الراحة في إطلاق العنان لغضبهم، والسماح لأنفسهم بالتعبير عنه جسديا، بصورة آمنة ومن دون إيذاء أحد.
وبعد عدة أسابيع، يتلقى المشرف على الحلقة كثيرا من الرسائل أو الاتصالات الهاتفية، تعبر عن سرور أصحابها بالنتائج: لم أعد أعاني من الصداع النصفي، لقد زال ألم الظهر، أشعر بالهدوء والثقة معظم الوقت عوضا عن الانزعاج والارتباك.
ويقول معظم أطباء النفس التقليديين أن التعبير عن الغضب بأية طريقة، بما في ذلك الجسدي منها، يؤدي إلى مزيد من الغضب. وقد يضيفون بأن الغضب هو بالفعل قناع يضلل الذات عن انفعالات أعمق، كالحزن والخوف. بالتالي، فإن أفضل الطرق للتعامل مع الغضب تتمثل بالغوص تحته لفهم مشاعرك الحقيقية.
إن الغضب هو طاقة تدخل الجسد بطرق مختلفة. فقد دخلت في جسدك فيما ئمضى حين صاح أبواك في وجهك، مثلا، وشعرت بالغضب من دون أن تعبر عنه. وهو يدخل جسدك اليوم حين تتعطل سيارتك في الشارع المزدحم، مثلا، أو تتلقى أربع مخابرات للتسوق عن بعد أثناء تناولك للعشاء.
وإن لم تحرر غضبك من داخلك، قد يسمم أفكارك وأحاسيسك. لا بل من شأنه أن يسبب أمراضا جسدية، من الصداع وألم الظهر إلى اعتلال القلب.
أما إن أطلقت غضبك من عقاله، فستشعر براحة جسدية، ذهنية، وعاطفية عميقة. وهذه الراحة لا تتوصل إليها بالصراخ ولا بما يؤذيك أنت أو الآخرين، بل بتمارين آمنة ونشيطة تخرج الغضب من داخلك.
دليل العناية الطبية
يفتقر بعض علماء النفس إلى التدريب والخبرة الشخصية لمساعدتك على التعامل مع الغضب. فلو كنت تفكر بزيارة طبيب نفسي، اطرح عليه بعض الأسئلة.
• ما رأيك بالغضب؟
• هل أنت مدرب لمساعدتي على التعامل مع غضبي بوسائل أخرى غير التحدث عنه؟
• هل مارست تقنيات تحرير الغضب على نفسك؟
فإن كان المعالج النفسي لا يعتقد بأن الغضب هو شعور موجود في الجسد يجب إخراجه، وليس مدربا على تقنيات تحرير الغضب المرتكزة على الجسم، ولم يمارس تقنيات تحرير الغضب على نفسه، ابحث عن معالج آخر.
فكثير من الناس ينتظرون كثيرا قبل مواجهة المسائل المسببة لغضبهم. غير أنه ثمة عدد من الإشارات البديهية عن الوقت الذي تحتاج فيه إلى طلب المساعدة الطبية، بما فيها الصراخ أو الصياح أو تجنب بعض الأشخاص على الدوام، ابتعاد الناس عن طريقك تفاديا لك، أو قيام المقربين إليك بلفت نظرك إلى مشكلتك.
ومن العلامات الأكثر ظهورا، والتي لا تقل أهمية عن سابقاتها، الأعراض الجسدية المحتملة للغضب، بما في ذلك عسر الهضم والأرق والصداع النصفي والتوتر المزمن في الفك.
لا تصب جام غضبك على الآخرين
تهدف وسائل العلاج عن تحرير الغضب، ولكن صب جام الغضب على الآخرين هو أمر مختلف تماما. ونحصي عشر طرق غير لائقة للتعبير عن الغضب، وهي التخجيل، اللوم، الحط من القدر، توجيه الشتائم والإهانات، إضعاف المعنويات، الانتقاد، إصدار الأحكام، التبشير، التعليم، والتحليل.
ويخرج هذا السلوك غير اللائق إلى السطح حين “يضغط أحدهم على الزر، ويذكرك بأمر أثار غضبك في الماضي البعيد. إن ثمة علامات جسدية في الواقع تشير إلى أن الغضب مرتكز على تجارب انفعالية من الماضي: جفاف الفم، تشنج المعدة، ارتفاع الكتفين حتى الأذنين، تعرق ورطوبة وبرودة في اليدين، والشعور بكتلة في الحلق. فإن شعرت بواحدة أو أكثر من هذه العلامات، مارس التقنيات المذكورة لتتخلص من غضبك.
أخيرا، يرى أنه من الحيوي أن نفهم أن نوبة الغيظ – أكانت كلامية أم جسدية – ليست على الإطلاق طريقة ملائمة لتحرير الغضب. الواقع أن الغيظ يختلف عن الغضب.
الغيظ هو فعل وسلوك يستعمل لتغطية انفعالات أخرى مؤلمة وتخديرها. أما الغضب فهو ببساطة شعور موجود في الجسد يحتاج إلى التعبير.
ضرب الوسادة: صب غضبك عليها
جد مكانا تكون فيه وحيدا وبعيدا عن الإزعاج. ثم الكم وسادة أو اضربها تكرارا بمضرب تنس وأنت تصيح وتشتم وتصرخ وتشتكي. ولا تتوقف حتى تشعر بالرغبة بذلك.
إن الأصوات التي تصدرها بغاية الأهمية لأنها تساعد على لفظ الغضب والألم ما قبل الكلامي اللذين تحملتهما عميقا منذ طفولتك.
الصراخ في السيارة: فعال في ازدحام السير
ادخل في سيارتك وأغلق النوافذ ثم اصرخ بأعلى صوتك. واصل الصراخ ما دامت لديك طاقة لذلك. ويستخدم هذا التمرين لتحرير الغضب الذي يكظمه في حلقه وفي جوفه.
أصرخ حتى أتوقف عن الإحساس بالحاجة إلى الصراخ أكثر، لأن موجة الغضب تكون قد استنفدت.
فتل منشفة: يعصر الغضب
أمسك منشفة حمام بيديك الاثنتين وافتلها بأقصى ما تستطيع. وبينما تعصر غضبك فيها، أطلق كل التنهدات أو الأنين أو الخرير الذي يخرج منك، أو كرر (أنا غاضب).
وإن كنت تخزن غضبك في فكك، أطبق بأسنانك على المنشفة وأنت تزمجر.
كسر الأطباق: للأشخاص السمعيين
يحتاج بعض الأشخاص إلى سمع أصوات خارجة عنهم ليشعروا بأن غضبهم قد خرج من جوفهم. فإن كنت منهم، يقترح عليك الخروج وابتياع 100 من الأطباق الزهيدة الثمن لكسرها.
ضع غطاء على جدار المرآب أو جدار آخر للوقاية من الشظايا، وابتعد عه لمسافة كافية كي لا ترتد عليك الأطباق المتناثرة، ثم اقذف الأطباق بكل قوتك، واحدا تلو الآخر، على الجدار.
بينما تقوم بذلك، ركز على غضبك وعلى إخراجه من ذراعيك وصدرك وفمك ووجهك إلى العالم.
الغضب الهوائي: السر في التركيز والكلام
من شأن أي شكل من أشكال الرياضة أن يحرر الغضب من الجسم إن هو مورس بهذا الهدف. يمكنك مثلا ضرب كرة التنس بأقصى قوتك وأنت تركز على مدى غضبك وتتلفظ بما ترغب قوله. كما تستطيع ركوب دراجة ثابتة وتحريك ساقيك بسرعة وأنت تقول: “أنا غاضب، أنا غاضب”.
التنفس: مع كثير من الضجيج
استعمل التنفس لتتخلص من شعورك بالغضب. تنفس ببطء وعمق من أنفك، مالئا جذعك من أسفل بطنك إلى أعلى صدرك بالهواء، ثم ازفر من فمك وأنت تتنهد وتتأوه.
التنفس حيوي لعملية تحرير الانفعالات. فالتنفس كاف بمفرده لتحرير حالات الغضب الطفيفة الحاضرة. فإن اضطررت للتوقف عند كل إشارات السير، أو طال وقوفك في الصف لدى متجر البقالة، جرب الشهيق والزفير بعمق بضع مرات (ويمكنك عدم التأوه والتنهد في الأماكن العامة) ولاحظ كيف سيزول غضبك تماما.