هل أفكارك ومشاعرك المتعلقة بمشكلات نومك تعوقك؟ إذا كان هذا هو السبب، فقد تجد هذا الموضوع مفيدًا لك على نحو خاص. ويناقش هذا الموضوع الدور المهم للقبول والرضا في مساعدتك على تهدئة عقلك.
خدعة الإصبع
ربما ليس من الغريب عليك أن تظل مستلقيًا على الفراش يقظًا محبطًا لعدم قدرتك على النوم. وعندما يحدث لك هذا، فهل يظل عقلك حائرًا يفكر في كيفية التخلص من مشكلاتك الخاصة بالنوم أو التساؤل عن سبب استمرارها؟ وهل لاحظت أمورًا تعوق نومك مثل اضطرابات المعدة، أو الأفكار التي لا تتوقف عن مراودة عقلك، أو الضوضاء المزعجة، أو الآلام الجسدية؟ ولعلك لا تفكر بشأن النوم على الإطلاق، وربما تفكر بشأن يومك، أو الأنشطة التي ستؤديها غدًا، أو في كونك لا تحب البقاء في الفراش يقظًا.
وقد تكون مشكلات النوم مسببة للإحباط والإزعاج. ورغم هذا، كلما زاد إحباطك وضيقك، زادت صعوبة النوم. إذن، هل ينبغي عليك التظاهر بأنك لست منزعجًا من مشكلات نومك؟ ليس هذا هو المقصود تمامًا.
وهل سبق لك أن علقت أصابعك في لعبة خدعة الإصبع الصينية؟ وطريقة عمل خدعة الإصبع الصينية هي أن تضع سبابتيك في طرفي أنبوب نسيجي رقيق، ومهمتك حينها هي أن تخرجهما. وعند محاولتك إخراج سبابتيك، تلاحظ أنهما عالقتان بقدر أكبر، وتصبح عالقًا. وكلما اجتهدت في إخراج سبابتيك، زاد الأنبوب تعلقًا بهما؛ مما يجعل الهروب مستحيلاً. واستخدام القوة الغاشمة يزيد الموقف سوءًا.
والحل المناسب للتخلص من خدعة الإصبع هي أن تفعل النقيض. وعندما تقاوم دافعك إلى التخلص من الخدعة، وأن تسترخي بدلاً من ذلك بأن تدفع سبابتيك بتعمق أكبر في الأنبوب، فإنك تنشئ فراغًا أكبر ويمكنك حينها تحريرهما. وعندما تختار ألا تصارعها، و تثق بأنه لا بأس في ذلك، ينفتح هذا الشَّرَك وتصبح حرًّا.
ولتفكر في صعوبة الاستيقاظ؛ فكلما زادت صعوبة نومك، كان أشد جاذبية وإغراءً. وكما في خدعة الإصبع الصينية، الحل للخروج منه هو أن تغير من خططك؛ فبدلاً من المحاولة بجهد أكبر، فلتسترخِ له. ونحن لا نتحدث عن الاستسلام هنا، بل نقول إن الرضا بالشعور بالضعف والإرهاق – بدلاً من مقاومتهما – قد يكون ضروريًّا للخروج من شَرَكِ الأرق.
تعلم كيفية قبول الأمور
هناك قصيدة تسمى “منزل الضيف” وهذه القصيدة التي تصف الناس بأنهم منازل تقترح بأن العاطفة – سواء أكانت سرورًا، أم توترًا، أم إحباطًا، أم قلقًا – تعد زائرًا ترحب بقدومه إلى منزلك. والترحيب بالعواطف والمشاعر غير السارة كاليقظة في منتصف الليل، أو إفراط النشاط، أو الإحباط، أو الإرهاق، أو التوتر قد يبدو في البداية اقتراحًا غريبًا. ورغم هذا، ففي الحقيقة يقف هؤلاء الضيوف غير المرغوب فيهم على عتبة بابك بالفعل. وقد ترغب في رحيلهم، ولكن ليس لديك قدر كبير من التحكم في رحيلهم. ومحاولة التحكم في هذه العواطف يتيح للأفكار والمشاعر غير المرغوب فيها أن تهيمن على منزلك. وربما يمكنك التفكير في طريقة بديلة تشبه إلى حد كبير الطريقة المستخدمة في التخلص من خدعة الإصبع الصينية. ولتدعُ الأفكار أو العواطف المزعجة – كالقلق، أو الإحباط، أو الغضب، أو الحزن، أو الإرهاق – إلى منزلك. وهذا سيجعلك في حالة عقلية أكثر هدوءًا، ويفتح الباب للضيف الذي ترغب في دخوله حقًّا، ألا وهو النوم.
كن منفتحًا لليقظة
تذكرنا قصيدة “منزل الضيف” أن الانشغال الشديد في منع حدوث شيء ما يجعل احتمالية حدوثه أكبر. ومحاولة منع هذا الشيء من الحدوث تستهلك قدرًا هائلاً من الطاقة والتركيز. وماذا سيحدث لو كنت منفتحًا على الاستيقاظ ليلاً؟ إذا كنت منفتحًا على المشاعر، فلن تكون على القدر ذاته من الانزعاج عندما تعتريك. وفي الحقيقة، من الراجح أن تظل هادئًا بقدر كافٍ للنوم سريعًا.
ولتعِ أن الانفتاح على الموقف ليس كالفرح به، وما نقترحه هو أن ترضى بواقع الأمور. ولتتفهم وتتقبل أنه ليس بمقدورك فعل الكثير، واختر ألا تخصص المزيد من طاقتك للمقاومة.
وما من شيء كارثي في البقاء يقظًا في الليل. وفكر في مرة سابقة كنت فيها يقظًا خلال الليل وكانت ممتعة. وفكر في المرات التي كنت فيها ضيفًا على أحد أو عندما أمضيت الليل مع شخص تحبه. وفي هذه الحالات، كان من الممتع بقاؤك يقظًا ليلاً. وعندما لا تستطيع أن تنام، تحدَّ الشعور الذي يقول لك: “هذا أمر فظيع”. وبدلاً من ذلك، اختر الاشتغال بشيء ممتع ومهدئ بعيدًا عن الفراش، وسوف يعتريك شعور مختلف.
كن منفتحًا على الشعور بالتعب خلال نهارك
بعد مرورك بليلة من النوم السيئ، قد تشعر بالتعب. وقد تشعر بالخمول وتجد مشكلة في التركز. وقد تقول: لن أكون قادرًا على العمل جيدًا اليوم؛ مما يجعلك تتمارض في العمل، أو تلغي أنشطة معينة أو تتجنب أداءها، أو محاولة النوم حتى وقت متأخر في الصباح أو أخذ غفوة طويلة خلال النهار.
وبالطريقة ذاتها التي يمكنك بها اختيار قبول البقاء يقظًا في أثناء الليل، بدلاً من البقاء عالقًا في صراع ضد المشاعر، يمكنك اختيار قبول شعور التعب في أثناء النهار, بدلاً من الاستسلام لهذا الشعور وتقليل مستويات نشاطك.
وإذا اخترت قبول شعور التعب في أثناء النهار، فسوف يمكنك تحويل انتباهك إلى إيجاد طرق يمكنك بها التغلب على الإرهاق. وعلى منوال قصيدة “منزل الضيف”، ماذا سيحدث لو قلت لنفسك: حسنًا، التعب هنا، لا بأس في ذلك. والتعب ضيف بغيض، ولكنه لن يمنعني من فعل ما اعتدت على فعله على نحو طبيعي. وسوف أتحكم فيما يمكنني التحكم فيه، وسوف آخذ فترات استراحة عديدة من العمل للتحكم في إرهاق عيني أو إجهادهما أو للتخلص من الملل، وسوف أستنشق هواءً نقيًّا لحصولي على بعض الطاقة، وسأشرب الكثير من المياه لتجنب الكافيين والانخفاض الذي يحدث حتمًا بعده، وسأقبل بأن اليوم قد يكون يومًا صعبًا وقد لا يكون كذلك بسبب الشعور الذي يعتريني، فلا بأس من كل ذلك. وحاول أن تتبنى موقف القبول نحو الإرهاق خلال هذا الأسبوع، ولاحظ التحول الذي سيحدث لمشاعرك.
عش في اللحظة الحالية: الساعة هي الآن
وعندما تكون قلقًا، تركز على المستقبل، أي على خوفك أن يحدث شيء ما وتعجز عن تناوله. وإذا كنت تخشى ألا تنام هذه الليلة، أو أن ليلة الغد ستكون ليلة سيئة بسبب سوء نومك، أو أنك لن تتعافى من مشكلاتك الخاصة بالنوم، فأنت بذلك تركز على أمر مستقبلي قد يحدث وقد لا يحدث. وهناك قدر هائل من البؤس يرتبط بالتفكير في المستقبل بدلاً من التفكير في الواقع الحالي. ويوجد حل بسيط للتخلص من هذه العادة الضارة.
ويوجد هذا الحل في اللحظة الحالية. وأنت لست قادرًا على معرفة ما سيحدث في المستقبل، ولكن اللحظة الحالية يقينية. ولا توجد كوارث في اللحظة الحالية، بل توجد كوارث نتخيل وقوعها في المستقبل. ولتأخذ لحظة على الفور، في هذه اللحظة، ولاحظ ما حولك. ما الذي تلاحظه بشأن ما حولك؟ وما الذي تسمعه؟ وماذا تشم؟ وكيف شعورك بالحرارة؟ وإذا كنت جالسًا، فلتنسجم مع الأماكن التي يكون جسدك فيها ملتحمًا بالكرسي. وإذا كنت واقفًا، فلتركز على قدمك وهي تمس الأرض. ما الذي تلاحظه؟ واستمع إلى أنفاسك، واستشعر الهواء وهو ينتقل عبر أنفك أو فمك إلى صدرك، واستحضر وعيك باللحظة الحالية. واللحظة الحالية تتسم بالطمأنينة، وهي أكثر إفادة لنومك من الماضي أو المستقبل. والوعي باللحظة سوف يساعدك على تقبل ما تجلبه لك هذه اللحظة الحالية.
مارس الوعي بخلق لحظات واعية
يتطلب التحلي بمزيد من الوعي باللحظة الحالية بعض المران. ومن الشراك التي يجب الاحتراس منها عند اكتسابك لهذه المهارة عدم الصبر. وعندما تحاول زيادة وعيك والعيش في اللحظة الحالية، قد يضل انتباهك. ومن ردود الأفعال الشائعة نحو إدراك ضلال انتباهك أن تصبح محبطًا وميالاً لليأس. ورغم هذا، فاللحظة التي تدرك فيها أن انتباهك قد ضل تعد لحظة زيادة وعي بالحاضر، وهذا جزء من عملية المران, وفرصة لك لإعادة توجيه انتباهك بهدوء نحو اللحظة الحالية. وكن صابرًا؛ فالوعي يستغرق بعض الوقت في اكتسابه.
وابحث عن الفرص المناسبة لزيادة وعيك لفترات زمنية وجيزة على مدار يومك. وبدلاً من السماح لعقلك أن يهيم في أثناء تمسيدك لشعر حيوانك المدلل، أو غسل الأطباق، أو السير – كن واعيًا بالمناظر، والأصوات، والروائح، والمشاعر التي تحويها اللحظة الحالية عند فعلك لهذه الأمور. ولتمسد شعر حيوانك المدلل بوعي، واغسل الأطباق بوعي، وسر بوعي. وهذه التمارين سوف تدرب عقلك على التقليل من تركيزه على الأخطاء الماضية التي لا يمكن التراجع عنها وعلى الكوارث المستقبلية التي قد لا تحدث، وزيادة التركيز على ما يحدث الآن. ويمكنك استخدام أي نشاط ترغب فيه لمساعدتك على ممارسة الوعي. والأنشطة التي تتطلب جميع حواسك تميل إلى النجاح على نحو أفضل. وفي الصفحات التالية يوجد مثالان على تحويل الأفعال العادية إلى تمارين وعي، وهما الأكل بوعي والاستحمام بوعي. واكتساب هذه العادة العقلية الجديدة يمكنه في النهاية أن يساعدك على ترويض عقلك النشط ليلاً.
تناول وجباتك بوعي
الأكل نشاط قد يصبح تلقائيًّا، وكثيرًا ما يصبح كذلك. والأكل التلقائي قد يفقدك الاستمتاع بالطعام، وقد يعزز أيضًا من الإفراط في تناوله إذا غفلت عن ملاحظة الإشارات الفسيولوجية التي توحي بالشبع أو بقلة الجوع. ومن جانب آخر، قد ينبه تناول الوجبات بوعي حواسك ويساعدك في الانتباه بقدر أكبر للمشاعر الأخرى خلال يومك، وقد تعد أوقاتها فترات استراحة من ضغوط يومك وتوتره. والأكل الواعي يعد وسيلة للاتصال بجسدك وفهم اللحظة الحالية. ولا توجد أحداث طارئة خلال فترات تناول الوجبات, بل هي قاصرة على الأكل.
وبالنسبة لهذا التمرين, اختر وقتًا يمكنك الأكل فيه بمفردك، دون التعرض للإزعاج. وعد لنفسك وجبة واجلس بارتياح لتناولها، ولكن قبل أن تتناول طبقك أو ترفع الطعام إلى فيك، أغلق عينيك. وخذ نفسًا عميقًا ولاحظ إحساسك بالهواء وهو ينتقل عبر شفتيك أو فتحتي أنفك إلى صدرك. وقد ينتقل الهواء إلى مكان أعمق، إلى بطنك. والآن، ركز انتباهك على النَّفَسِ وهو يخرج من جسدك. وكرر هذا الأمر مرتين أو أكثر. وإذا أصبحت مشتت الانتباه، فلتعد انتباهك بلطف إلى تنفسك. والآن، انظر إلى أصناف الطعام التي ستتناولها، ولاحظ كيف تبدو، أي لاحظ ألوانها، وأشكالها، وقوامها. ما الذي ستتناوله منها أولاً؟ خذ وقتك الكافي لاتخاذ قرارك، ولكن عندما تتخذه، فلتركز انتباهك على هذا الصنف من الطعام واستكشفه بعينيك. ما الذي لاحظته؟ وبعد هذا، استخدم حاسة الشم لديك. هل لهذا الصنف رائحة جذابة؟ وركز انتباهك على أنفك وكيف تشفط الهواء إلى قنواتك الأنفية، ولاحظ هل تمسك بشوكة أم ملعقة. وركز على إحساسك بنقاط اتصال الطبق بجلدك. هل تمسكه بإحكام، أم باسترخاء شديد، أم بدرجة بين المنزلتين؟ وانتقل إلى هذا الصنف من الطعام والتقطه بشوكتك أو ملعقتك، وخذ وقتك الكافي، وقرب الطعام من فمك ثم توقف لبرهة. ما الذي تلاحظه الآن في صنف الطعام هذا ولم تلاحظه فيه عندما كان موضوعًا في طبقك، أي ما الذي تراه، وما الذي تشمه؟ وتخيل كيف سيكون مذاق الطعام؟ وضعه في فمك، ولكن لا تمضغه، وخذ بعض الوقت لملاحظة شعورك بمذاقه في لسانك. والآن، ابدأ في مضغ الطعام ببطء وعمد، وانتبه لحركات فكيك وفمك. وامضغه ببطء عشرين مرة على الأقل. ما الذي تلاحظه بشأن حركة فمك؟ وما الذي تلاحظه بشأن مذاق الطعام؟ وما الذي تلاحظه بشأن ابتلاعك له؟ خذ وقتك الكافي وكرر هذه الخطوات مع أصناف وجبتك كلها.
استحم بوعي
يعد الاستحمام الواعي طريقة محببة لممارسة الوعي لأنها تخدم غاية إضافية أخرى، ألا وهي النظافة. ورغم أن أكثر الناس يجدون الاستحمام باعثًا على الاسترخاء، فإن الاسترخاء ليس هو الهدف من تمارين الوعي. والغاية من الاستحمام الواعي وتمارين الوعي الأخرى هي أن تصبح واعيًا، حقًّا؛ لأن اكتساب مهارة الوعي يتطلب المران، وهذه التمارين لا تبعث على الاسترخاء مطلقًا.
وعندما تملأ حوض الاستحمام بالمياه وتستقر فيه بارتياح، ابدأ استحمامك الواعي بتركيز انتباهك على تنفسك. ونظرًا للأصوات التي تملأ الحمام، قد يبدو صوت تنفسك مختلفًا عن صوته المعتاد، أو ربما تكون أذناك مغمورتين بالمياه، ومن ثم يكون ما تسمعه مختلفًا تمامًا عن المعتاد. وأيًّا كان الحال، فلتركز انتباهك على تنفسك لعدة لحظات، ثم تحرَّكْ بلطف في حوض الاستحمام ولاحظ الأصوات التي تنتج عن تحركك. هل تسمع صوت انغماسك في المياه؟ وهل تسمع صوت تسرب المياه في فتحة الصرف؟ وماذا تلاحظ أيضًا؟ وماذا تلاحظ بشأن درجة حرارة المياه؟ وماذا تلاحظ عن درجة حرارة جلدك في الأجزاء الموجودة خارج المياه من جسدك؟ والآن، ابدأ في غسل جسدك، وحول انتباهك إلى ما تشعر به في كل خطوة من خطوات الاستحمام. وانتبه لشعورك بوجود رغوة الصابون على جسمك، ورائحة الصابون المختلطة برائحة جسدك الطبيعية، ولشكل الرغوة. وراقب المياه وهي تصنع فقاعات على جسدك عندما تزيل آثار الصابون. وخذ وقتك الكافي ولاحظ كل جانب من هذا الشعور.
لاحظ أفكارك
لعلك تطالع هذا الموضوع لأن لديك عقلاً مفرط النشاط على نحو عام. ومهما حاولت إيقافه، فقد تستمر الأفكار في مراودة عقلك أحيانًا، ويصبح وجودها أكثر إحباطًا. وسوف تشعر بأنك عالق بأفكارك وتريد الهرب منها. وفي هذه الحالات، سوف تبدو أفكارك كتيار متدفق، يجذبك إلى قاع النهر في الوقت الذي تصارع فيه للوصول إلى الضفة. وماذا سيحدث لو أنك جلست بدلاً من هذا على ضفة النهر ولاحظت أفكارك دون الوقوع فيها؟
ولتجرب أداء التمرين التالي. عندما ترد إحدى الأفكار إلى عقلك، فلتلاحظها ببساطة وتخيل كلماتها مكتوبة على ورقة شجرة، وتخيل وضع هذه الورقة في النهر ومراقبتها وهي تطفو على السطح وتبتعد إلى أن تختفي عند أحد المنعطفات. وها هي ذي فكرة أخرى (أو ورقة)، فلتلاحظها، ولاحظ كلماتها المكتوبة على الورقة وهي تطفو وتبتعد. وإذا لاحظت أية عاطفة سلبية، فلتتقبل وجودها، ولاحظها دون الحكم عليها، وحوِّل انتباهك بلطف لملاحظة أفكارك مرة أخرى. وافعل هذا الأمر مرات عديدة بحسب الضرورة، أي متى لاحظت أنك مشتت، وأعد تركيز انتباهك. وإذا نشأت في عقلك أفكار تنتقد هذا التمرين بوصفه بالسطحية، فلتضع هذه الأفكار في أوراق أيضًا ودعها تنجرف.
ويمكنك اختيار صور أخرى مشابهة لفكرة الأوراق والنهر. وعلى سبيل المثال, يمكنك وضع أفكارك على السحاب الذي تراه يمر بعيدًا، أو على الشارات التي تحمل في مواكب الاستعراضات في المهرجانات وهي تمر، أو على الفقاعات التي تراقبها وهي تسبح في الجو صاعدة.
اصنع لحظات من الهدوء في وسط الضجيج
من الأساطير الشهيرة بشأن التأمل القول بحاجتك إلى عقل هادئ لكي تنجح في أدائه. وعلى النقيض لذلك، يتعلق التأمل بتقبل الأمور. وفي التأمل، لا تزيد قيمة العقل الهادئ على قيمة العقل المنزعج؛ فكلاهما يقابل بالقبول والشغف، وملاحظة الروح. ومفهوما “النجاح” و”الفشل” لا يرتبطان بالوعي؛ فالوعي يتعلق بمراقبتك لأفكارك رغم ضوضائها وبغض النظر عن مدى إزعاجها.
ويمكن لممارسة ملاحظة أفكارك أن تقلل من احتمالية وقوعك في شرك أفكارك بمرور الوقت. ولتفكر في تلك المشاهد الكارتونية والتليفزيونية التي تحاط فيها الشخصية الرئيسية بالضوضاء عندما يسير كل شيء ببطء. وفي لحظة الحركة البطيئة هذه، تكون الشخصية الرئيسية قادرة على صنع بعض السكينة لتأخذ استراحة وتستجمع قواها. أليس من الرائع أن نفعل هذا في حياتنا الواقعية؟ يقدم لك الوعي فترة الاستراحة هذه.
وكلمة “الهدوء” تشير إلى حالة تأمل يمكنك تحقيقها في فترات وجيزة خلال يومك. وعندما تصبح الأمور مليئة بالتوتر والضوضاء، اجلس للحظة. واذهب إلى مكان ما يمكنك فيه البقاء وحيدًا للحظة لتغلق عينيك وتتنفس (يمكن أن يكون هذا المكان هو الحمام), ولتنتبه لتنفسك للحظة. وتخصيص مكان لممارسة التنفس يمكنه أن يوفر لك الاستراحة التي تحتاج إليها لتستجمع قواك، وتعيد التركيز، وتعيد الاتصال بقواك ومهارات المثابرة لديك.
ويمكنك فعل هذا الأمر في أي وقت شئت، ولتعتزل العمل أو غيره من المهام المثيرة للتوتر لبضع دقائق لممارسة الوعي، ولاحظ ما تشعر به بعد ذلك. والوعي ممارسة تصبح فيها أكثر يقظة ووعيًا، ويمكن أن يحدث هذا الأمر آثارًا إيجابية في مستويات انتباهك. ولتأخذ فترات استراحة واعية قصيرة خلال يومك، ولاحظ الفرق في انتباهك العقلي.
الخلاصة
يوضح لنا هذا الموضوع كيف أن تقبل الأمور يمكنه أن يساعدك في الشعور بمزيد من الاطمئنان نحو طبيعة الأمور. وعلى سبيل المثال، إذا استطعت تقبل كونك تواجه صعوبة في الخلود إلى النوم وتذكر أن الاستيقاظ ليلاً ليس بالأمر السيئ دائمًا، فمن الراجح أن تنام بسرعة أكبر مما إذا قاومت فكرة الاستيقاظ بروح محبطة. وعلى نحو مشابه، إذا تقبلت حقيقة كونك قد تشعر بالتعب خلال يومك، فلن يعود الإرهاق عدوًّا لك.
والوعي يساعدك على تغيير شعورك بالقلق أو اجترار الأحداث الماضية بأن تزيد تركيزك على اللحظة الحالية. ويتطلب هذا الأمر المران، ولكن بمجرد أن تكتسب عادة الوعي، سوف تصبح أكثر تقبلاً لمشكلات النوم، وسوف تتوقف عن الظهور في صورة ضخمة في عقلك. وتذكر النصائح التالية:
• كن منفتحًا لليقظة.
• كن منفتحًا على الشعور بالتعب خلال نهارك.
• عش في اللحظة الحالية.
• اصنع لحظات واعية خلال يومك.