التصنيفات
تطوير الذات

تقبل غضبك | السيطرة على الغضب

إذا نظرنا إلى الكلمات التي يستخدمها البعض للحديث عن رغبتهم في التعامل مع مشاكل غضبهم، لوجدناهم يستخدمون كلمات مثل: “القضاء عليه” أو “كبحه” أو “توجيهه” أو “ترويضه”؛ وفي هذا إشارة إلى أن الغضب أمر خطير وسيئ: لا بد أن أقضي على غضبي (“لا أريد أن أشعر بالغضب مرة ثانية”)، فأنا أحاول كبحه (“أحاول أن أبقي غضبي داخلي، فلا يشعر به أحد”)، وتوجيهه (“أعمل جاهدا حتى أستطيع توجيه غضبي”) وترويضه (“سآخذ جلسات لأتعلم التعامل مع غضبي”). فأنت تتعامل وكأنك مروض أسود يمسك بالسوط بين يديه حتى يُبقي ذلك الوحش الهائج على مسافة بعيدة منه، وأنك إذا أدرت رأسك عنه، افترسك.

ولكن الغضب ليس عدوا طبيعيا للإنسان. فهو يُنبهك إلى وجود الأخطار حولك، ويعطيك الطاقة لتواجهها، ويوجهك إلى رد الفعل الذي ينبغي عليك اتخاذه. فالغضب يعينك على النجاة وقت الخطر، كما أنه واحد من بين ستة مشاعر أساسية بالمخ، وهي الخوف والفرح والحزن والدهشة والاشمئزاز؛ لذا، لا يمكنك القضاء عليه مهما فعلت.

هناك طريقة بديلة تتعامل بها مع غضبك، بدلا من اعتباره عدوا لك؛ وهي أن تتعلم تقبله كجزء أساسي من كيانك، فتراه وكأنه صديق لك، صديق أحيانا ما يقول أمورا غبية، لكنه لا يزال صديقا؛ فتفعل معه مثلما تفعل مع أصدقائك الجيدين، تستمع إليه بانتباه عندما يتحدث إليك؛ فقبول غضبك يعني حسن استماعك إلى شكوى أصدقائك؛ لكن هذا لا يعني أن تتصرف بناء على ما تستمع إليه من شكواهم.

تمرين. ماذا يعني لك قبول الغضب وليس محاربته؟ هل تستطيع التفكير في عبارة بسيطة تساعدك على قبول غضبك، مثل “لا تحاربه – فقط دعه يمر”؟

من المهم بالنسبة لك، أن تدرك الفرق بين قبول الغضب، والتصرف بُناء على الإشارات التي يُعطيها لك. في كتاب نشرته (نيو هاربينجر للنشر) بعنوان ACT on Life Not on Anger، من تأليف جورج إيفرت، ومات ماكاي، و جون فورسيث، يتحدث المؤلفون عن قبول الغضب وليس التصرف على أساسه. ونعني بـ قبول الغضب التخلص من الرغبة في القضاء عليه وكبحه وتوجيهه وترويضه؛ وبدلا من ذلك السماح لنفسك بسماع أفكارك والشعور بأحاسيسك الغاضبة. لا بأس إذا تركت هذه المشاعر تغمرك. فتقبلك لغضبك، يعني تقبلك لكونك بشرا يغضب من وقت لآخر.

لكن قبول الغضب لا يعني أن تحبه، ولكن يعني أنك توقفت عن محاربته، فهو جزء منك، فتترك نفسك تشعر به دون إصدار حكم سلبي.

ألقِ نظرة أخرى على عنوان الكتاب الذي تحدثنا عنه هنا (ومعناه: تصرف بناء على حياتك، وليس على غضبك). يقول المؤلفون إنه حتى أثناء قبولك لأفكار ومشاعر غضبك، ستحتفظ بقدرتك على تقرير كيف سيكون رد فعلك. على سبيل المثال، كونك غاضبا من زوجتك السابقة لا يعني أن تتصل بها في الثالثة صباحا لتُزعجها، ولكن بدلا من ذلك، يمكنك أن تختار ألا تفعل شيئا على الإطلاق حتى تنسى ذلك الشعور، أو أن تتصل بصديق لك تشكي له آلامك، أو حتى تدعي لزوجتك السابقة.

تقبل غضبك هو إحدى الطرق الإيجابية في التعامل معه، فتقل احتمالية قولك أو فعلك أمورا تندم عليها لاحقا عندما تتقبله تماما، بدلا من أن تعمل على محاولة حجب هذا الشعور. فقبول غضبك يقلل من احتمالية وقوع حوادث “التراكم حتى الانفجار”، التي تقع عندما يفيض غضبك ويطفو على السطح. سيقل احتمال وقوع هذه الحوادث عندما تقبل وتعالج غضبك بدلا من الركون إليه بشكل ثابت وإيجاد مشاعر السخط في نفسك.

ماذا عن الجزء الخاص بــ “تصرف بناء على حياتك”؟ هذا ما نعنيه تماما بقبول الغضب؛ ولكن تذكر، فنحن لا نتحدث عن قبول غضبك كما لو أنه شيء خارجي عنك. فالغضب جزء منك. فهو صديق يعيش داخل عقلك، إنه أنت لكنه ليس كيانك ككل. لذا عن طريق قبول غضبك كأحد الأجزاء الأساسية من كيانك، ستكون قادرا على اختبار مشاعرك تماما. فإذا تعلمت كيف تتقبل كل أفكارك ومشاعرك، فسيساعدك هذا على الاستمتاع بحياتك ككل. وإذا توقفت عن محاربة نفسك، فستولد بداخلك طاقة إيجابية تتعايش بها مع العالم الخارجي، وبالتأكيد، في هذه الحالة ستعيش حياتك وليس غضبك.

تمرين. ما الصورة التي كنت ترى غضبك عليها؟ هل كنت تراه كالأسد يحارب سوط مُروضه؟ هل تراه عدوا لك؟ ماذا يمكنك أن تفعل حتى تتقبل غضبك؟ كيف يمكن أن يصبح صديقا لك؟