ألم الليف العضلي هو حالة مؤلمة مجهولة السبب. بالإضافة إلى نقاط الإيلام العديدة التي تميل لأن تتواجد في المواضع التي تتصل عندها العضلات بالأربطة أو العظام، تشمل الأعراض النموذجية ألماً منتشراً، وإعياءً، ونوماً رديئاً، والتي عانت جيل منها جميعاً. غالباً ما يتم وصف النوم بأنه “غير مرقِّم”، ما يعني أن الشخص يستيقظ في الصباح وهو لا يشعر بالانتعاش. إن مشاكل النوم بارزة جداً في هذه الحالة إلى حد أن بعض الباحثين يعتقدون بأنه السبب الرئيس للعوارض، وهناك بعض الدليل العلمي لدعم وجهة النظر هذه. وفيما يُحتمل أن تكون حقيقة ألم الليف العضلي أكثر تعقيداً من ذلك، إلا أن النوم الرديء يمكن أن يفاقم العوارض ويقلِّل من نوعية الحياة. غالباً ما يعاني مرضى ألم الليف العضلي من حالات أخرى مثل متلازمة المعيّ المتهيِّج، ومتلازمة الإعياء المزمن، ومتلازمة تململ الرِجلين (والمميزة بالحكاك، أو الخِدر، أو الوخز في الرِجلين، والذي غالباً ما يخفّ بالمشي). ولأسباب غير مفهومة، فإنّ النساء هن أكثر احتمالاً من الرجال بعشرين ضعفاً تقريباً لأن يُصابوا بألم الليف العضلي.
ورغم عدم وجود فحص مخبري تشخيصي لألم الليف العضلي، إلا أن الحالة ليست “كلها في رأسك”. وجد الباحثون على سبيل المثال مستويات مرتفعة لوسيط ألم، يُعرف بالمادة P، في السائل النخاعي عند مرضى ألم الليف العضلي. وهكذا، يبدو أن المشكلة تتضمّن انحرافات في معالجة أحاسيس الألم في النخاع الشوكي والدماغ والتي تضخِّم الألم إلى حد كبير. تسبِّب إشارات الألم المضخَّمة ألماً حقيقياً ويمكن أن يكون موهناً على الرغم من أن أحاسيس الألم هي غير متناسبة مع أي تلف فعلي أو إصابة للعضلات أو الأنسجة الأخرى. ورغم أن معرفة أن ألم الليف العضلي لا يتلف المفاصل أو العظام أو الأعضاء الداخلية لن تؤدِّي بالضرورة إلى تخفيف الألم، إلا أنها يمكن أن تكون مطمئنة. من المطمئن أيضاً أن نعرف بأنه على الرغم من الألم والافتقار إلى علاج، إلا أن ألم الليف العضلي لا يتطوّر أو يسبِّب الموت.
معلومة مفيدة
حيث إنّ العديد من الأطباء ليس لديه اطِّلاع جيد بشأن ألم الليف العضلي، فمن الضروري أن تجد واحداً متفتّح الذهن ولديه خبرة في معالجة مرضى ألم الليف العضلي ويكون متابعاً لآخر الأبحاث. يمكن غالباً للأناس الآخرين المُصابين بالحالة نفسها أو جمعيات المستهلك مثل، شبكة ألم الليف العضلي Fibromyalgia Network، أن تقدّم إحالات أو معلومات.
كيف تساعد اليوغا في علاج الألم العضلي الليفي؟
يمكن لليوغا عندما تُمارس بشكلٍ ملائم أن تساعد مرضى ألم الليف العضلي بطرق متعددة، مبتدئةً باستجابة الإجهاد. هناك دليل بأن مرضى ألم الليف العضلي لديهم جهاز عصبي سمبثاوي مفرط النشاط والذي يعمل معظم الوقت. يمكن لعدد من تدريبات اليوغا أن تخفِّض استجابة الإجهاد هذه وتحوِّل الجسم باتجاه استجابة الاسترخاء المُحدثة بواسطة الجهاز العصبي نظير السمبثاوي. إنّ تعلُّم تعديل استجابتك للإجهاد لا يُضعف العوارض عندك فحسب، بل يساعدك في التعامل مع إجهاد إصابتك بمرضٍ مفهومٍ على نحو ضعيف من قِبَل المجتمع الطبي وعامة الناس.
إنّ التنفس البطيء العميق الشائع في ممارسة اليوغا والذي يصبح الطريقة التي يتنفس بها ممارسو اليوغا طويلو الأمد معظم الوقت، هو طريقة فعالة بشكلٍ خاص لتهدئة جهازٍ عصبي مهيَّج. تقول كريستين ثورسون – من جمعية شبكة ألم الليف العضلي ومُصابة بألم الليف العضلي ونصيرة للمرضى – بأنه وفقاً لخبرتها فإن تمارين التنفس العميق يمكن أن تساعد المُصابين بالمرض على توليد “إحساسٍ داخلي بالسكينة” بالإضافة إلى إحداث منافع عاطفية يمكن أن تكون مهمة جداً لمرضى ألم الليف العضلي الذين جُعِل الكثير منهم يشعرون وكأنّهم “بضاعة مُتلفة” من قِبَل جهاز طبي لا يعترف بحقيقة ما يكابدونه.
تستطيع اليوغا أن تحسِّن قدرتك على النوم وهو ما يمكن أن يكون ذا فائدة هائلة في ألم الليف العضلي. وبالإضافة إلى هذا، يبدو أن عدداً من تدريبات اليوغا بما فيها التأمل واليوغا نيدرا والاسترخاء العميق (شافاسانا) تزوِّد ببعض من التأثيرات المرمّمة للنوم، حتى عندما تكون مستيقظاً. تستطيع الآسانا، بالإضافة إلى تدريبات مثل البراناياما والتأمل، أن تزيد الطاقة محسِّنةً الوِقفة ومُحدِثةً تراصفاً أفضل للعظام والعضلات وغيرها من الأنسجة، تحديداً إذا كانت تُؤدَّى بانتظام وعلى مدى فترة زمنية طويلة.
وفي حين أن الآسانا تستطيع أن تخفِّف من ألم الليف العضلي، إلا أنه من السهل أن يُفرَط في أدائها (كما حدث لجيل في تجربتها الأولى مع اليوغا). وربما كان هذا هو السبب في اختلاط الدليل على فعالية التمرين في معالجة مرضى ألم الليف العضلي. وفيما يشجِّع الأطباء غالباً مرضى ألم الليف العضلي على التمرّن، إلا أن فعل ذلك قد يكون ذا أثرٍ معاكس أحياناً. وكما يقول سام: “كلما حاولوا بكدٍّ أكبر، كلما ازدادت حالتهم سوءاً”. قد تكون المشكلة، من وجهة نظر يوغية، أن الأطباء بشكلٍ نموذجي يعطون المرضى روتين تمارين موحّداً يضم مقداراً ونوعاً معيناً من التمارين كل يوم. إن مثل هذه المقاربات المُستخدمة للجميع على حد سواء هي مختلفة جداً عن مقاربة المعالج باليوغا الذي يقيِّم كل فرد وفقاً لحالته وعلى نحوٍ متواصل ليرى ما الذي يقدر المريض على أدائه معتمداً على تقييم المريض نفسِه لألمه ومستوى نشاطه.
إنّ الممارسة المنتظمة لليوغا تحسِّن بالطبع قدرتك على مراقبة استجابة جسمك لما تفعله وعلى الحُكْم فيما إذا كان شيء ما يفيدك. وبالاعتماد على ما تكتشفه من خلال هذا الوعي المطوَّر يمكنك أن تعدِّل مستوى نشاطك وأن تلاحظ مرة أخرى كيف يستجيب جسمك. إنها عملية مستمرة تقود إلى وعي أدقّ وأدقّ واختيارات أفضل.
يمكن للتأمل أن يلعب دوراً أساسياً في المساعدة على تدبّر ألم الليف العضلي. يتعلّم الممارسون في التأمل أن يتآلفوا مباشرة مع تجربتهم وأن يفصلوا الأحاسيس المؤلمة التي يمكن أن تكون مزعجة بما يكفي عن أفكارهم ومشاعرهم بشأن الألم والتي يمكن أن تكون أكثر إزعاجاً، مستحثِّين بذلك نار المعاناة. بتنمية القدرة على تركيز وعيك اختيارياً، فإن التأمل يمكن أن يساعدك أيضاً في أن تعدِّل أحاسيس الألم إلى مستويات أقل تستطيع التعامل معها.
وسيلة يوغية: السانغا، وتعني التشارك الاجتماعي. يستطيع الحب والدعم اللذان ينشآن من مجتمع من معلِّمي اليوغا والممارسين أن يكونا علاجيَيْن، وخاصةً لأن المُصابين بألم الليف العضلي قد يشعرون بالوحدة وإساءة الفهم من قِبَل الغير بسبب مرضهم. كما يجد العديد من المُصابين بألم الليف العضلي أن من المفيد أن يتصلوا ببعضهم البعض شخصياً أو عبر الإنترنت، سواء بشكلٍ غير رسمي أو كجزءٍ من جمعيات الدعم لألم الليف العضلي. غالباً ما يتبادل أفراد مجموعات الدعم المعلومات بشأن تطورات الأبحاث ويوصون بأطباء داعمين وغيرهم من اختصاصيي العناية الصحية.
تمارين اليوغا لعلاج الألم العضلي الليفي
التمرين رقم 1. وضعية الاسترخاء المُسنَدة (شافاسانا).
هيِّئ أدواتك المساعِدة لإسناد جسمك في وضع استلقاء محايد خالياً من الألم لأقصى حد. استخدم قدر ما تحتاجه من وسائل الإسناد لتسترخي كلياً. حينما تكون مرتاحاً، اجذب انتباهك إلى تنفسك، وابقَ معه لبقية الشافاسانا. لا تحاول أن تتحكّم بنَفَسك بفاعلية، بل تآلف ببساطة مع الإيقاع اللطيف للهواء الداخل والخارج. إذا بقيت هادئاً ومرتاحاً، يمكنك أن تبقى في الوضعية لعشرين دقيقة أو أكثر.
لم تستطع جيل أن تستلقي بشكلٍ مسطّح على ظهرها بسبب الألم في رقبتها وكتفيها، وهكذا فقد استخدم سام وسائل إسناد متنوعة لإنشاء منصّة إسفينية لإسناد جسمها بزاوية منزلقة. كما وضع وسادة صغيرة أسفل عنقها وأسند ذراعيها ورِجليها بحيث كانت في وضعٍ متراصف مع جذعها (انظر الشكل 1.17). التأثير النهائي لذلك هو كما لو أنها في “كرسي قلاب”، حيث الرِجلان مرفوعتان والذراعان مُسندتان.
الشكل 1.17
تتوقف المدة التي قد يبقي فيها سام طالباً جديداً في هذا الوضع المُسند على ما يلاحظه. يقول: “أنا مثل نسر، أراقب طوال الوقت مستوى اهتياجهم أو انزعاجهم”. بالنسبة لجيل، كان التوقيت عشرين دقيقة أو أكثر لأن الإسناد أتاح لها “أن تشعر بارتياح لم تشعر بمثله لأزمان، حتى أكثر ارتياحاً من الاستلقاء في السرير”.
وعدا عن وضعية الاسترخاء المُسنَدة، فإن مقدار ما أدَّته جيل من وضعيات في جلسة معينة توقَّف على حالتها في ذلك اليوم المحدد. يشرح سام بأن التقدّم في اليوغا هو مثل سوق البورصة. ففي بعض الأيام ستشعر بأنك أفضل حالاً وستقوم بالمزيد، وفي أيامٍ أخرى ستشعر كما لو أنك لم تمارس اليوغا مطلقاً. ينطبق هذا على ممارسة سام الخاصة أيضاً. يقول: “هناك أيام أنزل فيها السلالم لتدريبي الصباحي، وأكون قادراً على أداء عشرين إلى ثلاثين وضعية من تحيات الشمس كما فعلت في اليوم الذي سبقه. وفي اليوم التالي سأقضي معظم جلستي في وضع تنفس مسترخٍ مُسنَد لأن ذلك هو كل ما أستطيع فعله في ذلك اليوم؛ ولا بأس في ذلك”. يقول سام بأن ما سيأخذك في الاتّجاه الصحيح هو أن تقوم فقط بما تستطيع القيام به براحة في أية لحظة، حتى لو كان ذلك مجرد تنفس في وضعٍ مُسنَد. هو يعرف بأن ذلك قد يبدو متكلِّفاً وبعيد الاحتمال، لأن التأكيد في مجتمعنا هو دوماً على العمل بكدّ. يقول: “يتم تعليم الجميع منذ اليوم الأول في صف صالة الألعاب الرياضية بأن عليه أن يتنافس ويحاول”. وهو يشرح بأن المنافسة والمحاولة لن تمنحا المُصابين بألم الليف العضلي الشفاء الذي ينشدونه. يقول: “كي تشفى، أنت بحاجة لأن تقبل حقيقة أين أنت الآن وأن تستجيب على نحوٍ ملائم، لا أن تكره نفسك على شيء جسمك غير مستعد له”.
التمرين رقم 2. حركات المرفق في وضعية الاسترخاء (شافاسانا).
بعد أن تكون قد هيَّأت الأساس القاعدي لتناسق الجسد، والعقل، والنَّفَس في وضعية الاسترخاء كما هو مشروح أعلاه، تستطيع أن تبدأ بتحريك ذراعيك، واحدة في كل مرة.
الشكل 2.17
مُبقياً يدك مسترخية وعلى شكل كوب، اشهق واثنِ ذراعك عند المرفق. ازفر وحرِّر ذراعك مرة أخرى نحو الأسفل على السناد. حرِّك ذراعك ببطء ووعي، منسَّقاً حركتك دائماً مع نَفَسك. مارس هذه الحركة ثلاث مرات على أحد الجانبين، ثم كرِّر مع الذراع الأخرى.
أساسيٌ لفلسفة سام أن تبدأ بتحريك ذراع واحدة في كل مرة. هو يقول بأنه عندما يكون جهازك الحسّي مُثقلاً بالفعل بالألم المزمن، فإن تحريك كلتا الذراعين يعني “بأن ضِعف المُدخَل الحسّي يدخل عقلاً هو معرَّض للخطر مسبقاً compromised”.
التمرين رقم 3. حركات اليد والمرفق في وضعية الاسترخاء (شافاسانا).
كرِّر حركات الذراع من التمرين رقم 2 بينما تقوِّم أصابعك وإبهاميك لتمطّ راحتَي يديك (انظر الشكل 3.17). يعتقد سام بأنه عندما تكون راحة اليد فعالة، فهي تساعد المرفق والكتف ليفتحا أكثر وتوجِد إحساساً بالخفّة. وكما في الوضعية السابقة، أدِّ حركة الذراع ثلاث مرات على كل جانب مُنسِّقاً مع نَفَسك ومعدِّلا وفقاً لمقدرتك كما هو الحال دوماً.
الشكل 3.17
التمرين رقم 4. حركة الكتف في وضعية الاسترخاء (شافاسانا).
بينما لا تزال في وضعية الاسترخاء المُسنَدة، قوِّم أصابع وإبهام إحدى يديك كما فعلت في التمرين رقم 3، وراحة يدك مواجهة للأعلى إلى الدرجة التي تجدها مريحة. مُبقياً مرفقك مستقيماً، ارفع ذراعك من الكتف عندما تزفر، وحرِّكها إلى الأعلى وفوق نحو رأسك. عندما تمدّ الذراع، سيتحرك الإبهام باتجاه الإشارة إلى السقف (انظر الشكل 4.17). يعتمد العلوّ الذي سترفع الذراع إليه على قابلية الحركة في كتفك في أي وقت معين. إذا اختبرت أي ألم على الإطلاق، تكون قد تماديت. اشهق وأنت تخفض ذراعك. كرِّر مرّتين إضافيتين على ذلك الجانب ومن ثم كرِّر على الجانب الآخر.
الشكل 4.17
لأن قابلية الحركة في كتف جيل كانت محدودة، وضع سام وسائل إسناد على الأرض خلف رأسها لإسناد ذراعيها، كي لا يكون هناك أي توتر أو إجهاد. ولأن قابلية الحركة في ذراعها اليمنى كانت أقل، فقد أسند ذلك الجانب حوالى 10 أو 15 درجة أعلى.
الهدف الرئيس للتمرين التالي هو مطّ اللفافة في الذراعين، والكتفين، والجذع، والوركين، والرِجلين. على سبيل المثال، أنت تحرِّك اليد بعيداً عن الكتف لتمطّ الذراع. ولشرح مفهوم تحريك جزأين من الجسم بعيداً عن بعضهما من دون إجهاد، يلتقط سام حزاماً مطاطياً قديماً ويحمله على نحو رخو بين سبابتيه. أولاً، هو يوضِّح عملياً شدّ الحزام المطاطي بسرعة بيد واحدة ويبيِّن كيف أن المطّ هو غير متعادل وفي كثيرٍ جداً من الأحيان قد ينقطع حزام المطاط فجأة. ثم يوضِّح عملياً شد الحزام المطاطي ببطء وتعادل بكلتا اليدين. يقول: “يمكنك أن ترى كيف أن ألياف الحزام المطاطي تبدو أنها تتمدد بشكل أكثر تساوياً على طول كامل جزئه المركزي. إنّ مطّ ذراعك بهذه الطريقة يتيح لجلد ذراعك ومن ثم للّفافة التحتية أن يبدآ بالتمدد برفق”.
التمرين رقم 5. تذبذب وهزّ.
ابدأ بأن تقف مواجهاً لنضد مطبخ أو سطح طاولة واضعاً راحتَي يديك بشكلٍ مستوٍ على السطح. ثبِّت موضع قدميك بحيث يكون البعد بينهما من خمسة عشر سنتمتراً إلى عشرين سنتمتراً وتكونان مُدارتين نحو الخارج قليلاً. بينما تخطو إلى الخلف، انحنِ إلى الأمام عند الوركين إلى أن تصبح ذراعاك ممدودتين بالكامل وتكون قد وصلت إلى زاوية لا تُحدِث ألماً في أي مكان في جسدك. اثنِ ركبتيك بقدر ما هو ضروري لمنع عمودك الفقري من التكوّر. ومن هذا الوضع، “ارفع مؤخّرتك tail feathers بشكلٍ خفيف إلى الأعلى”، لتمطّ أوتار مأبضك (عضلات الفخذ) واللفافة (النسيج الرابط) عند مؤخرة الفخذين (انظر الشكل 5.17أ).
الشكل 5.17 (أ)
لأداء الوضعية بشكلٍ صحيح، تأكد من أنك تُبقي كتفيك تتحرّكان للأسفل بعيداً عن الأذنين، متيحاً للعنق أن يبقى مسترخياً. وأيضاً أبقِ رأسك أعلى قليلاً من عمودك الفقري دون أن يكون مائلاً إلى الخلف. عندما تدير رأسك من جانب إلى جانب، يجب أن تكون قادراً دوماً على أن تنظر فوق ذراعيك وكتفيك.
لتبدأ بالتذبذب والهز، اثنِ ركبتك اليسرى دون تحريك ذراعيك. ثم عند الزفير، ابدأ بمطّ الجانب الأيمن من جسمك (انظر الشكل 5.17ب). يقول سام: “شد حزامك المطاطي بتعادل من كلا طرفيه، من اليدين إلى الوركين”. عند الشهيق، عد إلى الوضع المحايد. كرِّر مرتين إضافيتين على الجانب الأيمن فقط متحرِّكاً مع نَفَسك. ثم عد إلى المنتصف متأكداً من أن عنقك لا يزال مسترخياً وأدِّ التمرين على الجانب الآخر ثلاث مرات.
الشكل 5.17 (ب)
يطلق سام على تمرين التذبذب والهز “التمرين الأساسي الأهم في اليوغا للأناس ذوي الألم المزمن والمُصابين”. والحقيقة أنه يصفه لكل زبون يأتي إليه، بدءاً من أولئك الذين هم مرضى مزمنون ويعانون الألم إلى أولئك الذين هم شباب ونشيطون جسدياً ورياضيون جداً. وبالنسبة للأناس الذين هم بعيدون إلى حد كبير عن التراصف، وقد كانت جيل مثل ذلك قليلاً، فهو يشرح بأن الشد في النسيج الطري الذي يبعدهم عن التراصف سيحلّ نفسه مع الوقت. يقول سام: “يحصل الرياضيون وغير الرياضيين على تحرّر كبير مع هذا التمرين، ما يعزِّز المرونة”.
التمرين رقم 6. الطاحونة، من ثلاثين إلى ستين ثانية.
ابدأ بأن تقف والبعد بين قدميك مساوٍ لعرض الوركين وذراعاك إلى جانبيك. مُديراً جذعك، أرجح ذراعيك من جانب إلى جانب منحنياً عند الركبتين ومتمحوِراً على قدمك الخلفية مثل لاعب غولف يهيِّئ لضرب الكرة بسرعة (انظر الشكل 6.17). دع نَفَسك يسري بسلاسة. ناوب بين الجانبين الأيمن والأيسر متمحوِراً على قدمك الخلفية دائماً ومتيحاً لعقبك الخلفي أن يرتفع عن الأرض لتضمن عدم وجود مجال للتدوير على ركبتيك.
الشكل 6.17
التمرين رقم 7. وضعية الاسترخاء المُسنَدة (شافاسانا).
من أجل وضعية الاسترخاء الأخيرة، استعمل وسائل إسناد لتسند رأسك وذراعيك ورِجليك في وضع استلقاء محايد خالٍ من الألم. قد تجد بأن ما تحتاجه من وسائل إسناد في هذه المرحلة هو أقل بكثير مما احتجت إليه في بداية التدريب نتيجةً للتحرير اللفافي (تطرية النسيج الرابط) المُحدَث بواسطة الوضعيات السابقة.
كانت هذه التمارين السبعة هي نطاق جلسات التدريب الأولية لجيل مع سام. عندما تحسّنت جيل لاحقاً، أضاف سام وضعيات تحية الشمس الخفيفة. من أجل أن يجعل تحيات الشمس أقل احتمالاً لأن تسبِّب مشاكل، أحدث سام التعديلات الثلاثة التالية:
1. أبقِ يديك على خصرك عندما تنحني إلى الأمام وعندما ترتفع نحو الأعلى (انظر الشكل 7.17أ). وجد سام بأنه عندما يدخل الطلاب المرضى بألم الليف العضلي في الانحناء الأمامي أو يخرجون منه وأذرعهم فوق رؤوسهم، فإن ذلك يمكن أن يزيد عوارضهم سوءاً.
الشكل 7.17 (أ)
2. بدلاً من أداء وضعية الكوبرا أو وضعية الكلب المواجه للأعلى، أدِّ وضعية السفينكس (أبو الهول) وساعداك على الأرض (انظر الشكل 7.17ب).
الشكل 7.17 (ب)
3. أبقِ ركبتيك مثنيتين في وضعية الكلب المواجه للأسفل (انظر الشكل 7.17ج).
الشكل 7.17 (ج): ثلاثة تعديلات لتحيات الشمس يوصي بها سام.
أفكار يوغية أخرى
في حياتها المهنية الطويلة كمعلِّمة يوغا، لم تلتقِ آنا فورست إلا برجلٍ واحد قال إنه يعاني من ألم الليف العضلي. كل الآخرين المُصابين بهذا المرض كانوا من النساء وتقول بأنهن جميعاً دون استثناء كنّ يتنفَّسن بضعف. وقد لاحظت بأنّه عند الكثير منهن، هناك عنصر عاطفي (انفعالي) يسهم في الحالة. يبدو أنهن عاجزات عن التعبير عمّا يشعرن به أو أنهنّ غير راغبات بذلك، ولهذا هناك تراكمٌ عاطفي ضخم يبقى مستقراً في النسيج حيث يسبِّب الألم. هي ترى بأن تدريبات التنفس العميق مفيدة للغاية في هذه الحالة. قد تقول لطالبة مريضة بألم الليف العضلي: “لنذهب إلى ذلك المكان في جسمك الذي تشعرين فيه بهذا اليأس وهذا الحزن، ولنتنفس داخله ونحرِّر قدر ما نستطيع منه. إذا قمنا بهذا العمل جيداً، فكثيراً ما سيكون هناك انهمار كامل للدموع، بالإضافة إلى إنقاصٍ للألم”.
أفكار يوغية أخرى
سمع روجر كول من عدة طلاب مرضى بألم الليف العضلي أن وضعيات إينغار المرمّمة “هي ما أنقذهم”. هو يعتقد بأنه من المنطقي تماماً أن تكون الوضعيات المرمّمة مساعِدة لأنها تمطّ العضلات على نحوٍ سلبي بينما تؤمّن الاسترخاء العميق اللازم كثيراً. هو يوصي تحديداً بالانحناءات الأمامية المُسنَدة مثل الانحناء الأمامي الجلوسي (باستشيموتاناسانا) حيث الجبهة مسنَدة ببطانية مطوية موضوعة على كرسي (طالما أنك لا تعاني من مشاكل في أسفل الظهر) والالتواءات الاستلقائية مثل جاتهارا باريفارتاناسانا Jathara Parivartanasana مع ركبتين مثنيتين واللتين يمكن إسنادهما ببطانيات مطوية.
نصائح طبية عن ألم الليف العضلي
● يمكن للنوم الضعيف (الرديء) أن يزيد الألم والإعياء خلال اليوم. تشمل الخطوات المتَّبعة لتحسين النوم، النهوض في الوقت نفسه كل يوم، والاسترخاء قبل موعد النوم، وإذا لزم الأمر تناول جرعة خفيفة من دواء مثل مضاد الاكتئاب ثلاثي الحلقات.
● حيث إنّ هناك أقلية لا بأس بها من مرضى ألم الليف العضلي تعاني من انقطاع النَّفَس أثناء النوم (البُهر)، فقد يتعيّن على طبيبك أن يتقصّى هذا الاحتمال.
● يبدو أن العلاج السلوكي الإدراكي (المعرفي) يحسّن المزاج والقدرة على مواجهة المرض بنجاح.
● بالنسبة لمرضى ألم الليف العضلي الذين يعانون من الاكتئاب، يمكن للأدوية المضادة للاكتئاب (بجرعات أعلى من تلك المستخدمة للنوم) أن تساعد. ملاحظة: يمكن لبعض العقاقير الجديدة مثل الباكسيل والزولوفت أن تسهم في مشاكل النوم.
● هناك مكمِّلان يمكن أن يساعدا في حالة الاكتئاب وهما: S-adenosyl-methionine (SAM-e) و5-hydroxytryptophan (5-HTP)، وقد يخفِّفان أيضاً ألم نقاط الإيلام.
● العقاقير المضادة للالتهاب غير المحتوية على الستيرويدات مثل الايبوبروفين والنابروكسين، بالإضافة إلى مخفِّف الألم أسيتامينوفين، هي ليست فعالة بشكلٍ عام لألم الليف العضلي.
● يمكن أن تكون المخدِّرات الفموية خياراً جيداً للسيطرة على الألم. قلَّة من الأناس المصابين بحالات مزمنة مؤلمة مثل ألم الليف العضلي تصبح مدمنة على هذه العقاقير، رغم أن التأثيرات الجانبية مثل التسكين والإمساك هي شائعة.
● يمكن معالجة الألم بحقن مخدِّر مباشرة إلى داخل نقاط الإيلام وذلك بواسطة طبيب مدرَّب على القيام بذلك (مثلاً، بعض أطباء الرثية وأطباء العناية الأولية). عادةً ما يلزم تكرار المعالجات من أجل التأثير الأقصى. ملاحظة: إن مهارة الطبيب الذي يقوم بالحقن هي أمرٌ أساسي.
● تشمل تقنية أخرى مساعِدة يقوم بها بعض الأطباء رشّ المناطق الحساسة للألم برذاذ مخدِّر ومن ثم مطّ النسيج التحتي.
● يمكن لمخفِّفات الألم الموضعية مثل الـ capsaicin والتي تُفرك على العضلات المؤلمة أن تقلِّل الانزعاج.
● الوخز الإبري آمن جداً ويمكن أن يكون مفيداً.
● وجد استطلاع حديث على العلاجات غير المشتملة على أدوية والذي أجرته شبكة ألم الليف العضلي بأن التدليك الذي يستطيع أن يقلِّل الألم ويخفِّف الإجهاد، كان العلاج الموصى به من قِبَل النسبة الأعلى من المرضى. ومع ذلك، لاحِظ بأن التدليك القوي العميق للأنسجة يمكن أن يزيد الألم سوءاً.
● من الوسائل العلاجية الأخرى المفضَّلة في الاستطلاع هناك تطبيق الحرارة سواء عبر اللفّات الحارة أو الأحواض الساخنة، والعناية اليدوية، تحديداً عندما كان العلاج متمَّماً بتقنيات الضغط الإبري.
● اعتقد بعض الأطباء الذين شملهم استطلاع شبكة ألم الليف العضلي بأن المعالجة المتعلقة باعتلال العظم قد تكون حتى أكثر فعالية من المعالجة اليدوية.
● وجد الاستطلاع أيضاً بأن تعلُّم كل ما بإمكانهم عن المرض ومتابعة التطورات في الأبحاث أتاح لمرضى ألم الليف العضلي أن يتعاملوا بشكلٍ أفضل مع مرضهم.
موانع واعتبارات خاصة وتعديلات
● يُصاب بعض مرضى ألم الليف العضلي بدوار عندما يغيِّرون موضعهم بسرعة. إنّ التحرّك ببطء من وضعية إلى وضعية والانتباه بشكلٍ خاص عند الخروج من الانحناءات الأمامية الوقوفية ووقوف اليدين وغيرها من الوضعيات التي يتحرك فيها الرأس من الأسفل إلى الأعلى، يمكن أن يمنعا هذا العارض أو يقلِّلا تأثيره.
● الكثير من صفوف اليوغا النشيطة – وأيضاً النشاطات مثل التمارين الهوائية، والهرولة، وكرة السلة – يقتضي القفز. يعتبر معظم الخبراء أن مثل هذه النشاطات ذات التأثير العالي يجب الامتناع عنها في حالة ألم الليف العضلي. ومن ناحية أخرى، ربما كان عدم القيام بشيء هو أسوأ ما يمكن أن تفعله. إن عدم الحركة يؤدي إلى نقص في تهيئة العضلات والذي يمكن أن يسفر على المدى الطويل عن ألم أكثر.
● من المألوف في اليوغا أنك يجب دائماً أن تجعل الألم دليلك: إذا كانت وضعية ما تؤلمك بشكل دائم يجب أن تعدِّلها بحيث لا تؤلمك أو لا يجدر بك أن تؤدِّيها. قد يكون اتباع هذه القاعدة الأساسية هو أكثر أهمية حتى بالنسبة لمرضى ألم الليف العضلي. إذا ضغطت نفسك لتؤدِّي وضعية يوغا أو أي تمرين آخر وأنت تختبر انزعاجاً، فقد تندم على ذلك في اليوم التالي. لمنع الإفراط في الأداء، من المفيد أن تأخذ استراحات بين الآسانا، مستريحاً في وضعية الطفل أو الشافاسانا قبل أن تتابع تدريبك الأكثر نشاطاً.
● تقول كريستين ثورسون: “في كثير من الأحيان، لا يعرف المصابون بألم الليف العضلي بأنهم قد أفرطوا في الأداء إلا في اليوم التالي أو بعد بضع ساعات لاحقة، عندما يكونون في البيت ويتساءلون ’ماذا فعلت؟‘”. لتحديد ما إذا كان تدريبٌ معين آمناً، لا تلاحظ فقط كيف تشعر خلال أدائك له بل حاول أن تتآلف مع النزعات الأطول أمداً. هل تشعر بألم أقل من المعتاد في اليوم التالي لتدريب الآسانا؟ هل أنت أكثر استرخاءً ونشاطاً؟ إذا تدرّبت بانتظام هل يتحسّن مزاجك؟ ماذا عن نومك؟ في النهاية، قد تكون هذه مؤشرات يمكن الاعتماد عليها في ما إذا كان التدريب يفيدك أكثر من الاعتماد على كيفية شعورك خلال أدائك الوضعيات، رغم أن هذا أيضاً يجب أن يكون جيداً. تعتقد كريستين بأنك إذا تآلفت مع نفسك بدقة فإن اليوغا ستساعدك على بناء القوة والقدرة على الاحتمال. قد يستغرق منك هذا فترة أطول من الشخص العادي المعافى، ولكنك ستحقِّق نتائج تستمر لفترة طويلة.
● واعتبارٌ واحد أخير في حالة ألم الليف العضلي هو متى تقوم بتدريبك اليوغي. يختبر معظم المرضى ألماً أقل وتيبّساً أقل بدءاً من أواخر الصباح إلى منتصف بعض الظهر. إذا كان هذا ينطبق عليك أيضاً وكان جدولك يسمح، فحاول أن توقِّت تدريبك في الآسانا وفقاً لذلك. إنّ تدريبات مثل البراناياما والتأمل والاسترخاء العميق يمكن أن تُؤدَّى في أي وقت يكون ملائماً. بينما يتطوّر وعيك الداخلي، ستكون قادراً بشكل متزايد على معرفة الأوقات الأفضل لممارسة اليوغا وقد تكتشف بأن ما ينجح معك بشكلٍ أفضل لا ينطبق مع القواعد الأساسية المذكورة هنا.