يشير مصطلح الاكتئاب، كما هو مُستخدمٌ من قِبَل الأطباء، إلى ما هو أكثر بكثير من الشعور بالكآبة أو الحزن. فالحزن هو شيء يشعر به جميع الناس من وقتٍ إلى آخر. كما يجب أن يتم التفريق بين الاكتئاب والأسى، أي ردّ الفعل الطبيعي والصحي على الخسارة، سواء أكانت خسارة عزيز، أو وظيفة، أو منزل، أو صحة المرء (رغم أن الأسى الطبيعي يمكن أن يتحول إلى اكتئاب). الاكتئاب السريري هو حالة طبية مهدِّدة للحياة والتي يمكن أن يطغى فيها الحزن والأعراض الأخرى بشكلٍ كبير جداً بحيث يصبح الشخص عاجزاً وقد يفكِّر حتى في الانتحار. يبحث الأطباء عن تسعة عوارض رئيسة ليقرِّروا إن كان شخصٌ ما يعاني من الاكتئاب السريري.
توصَّل الأطباء بصورة متزايدة إلى تصوير الاكتئاب كمشكلة كيميائية حيوية ترتبط بمستويات لاسويَّة من الناقلات العصبية مثل السيروتونين والنوربينِفْرين والدوبامين في الدماغ. وكنتيجةٍ جزئية لهذا الاعتقاد وأيضاً كنتيجةٍ جزئية للتكلفة العالية للمعالجة النفسية، فإنَّ المعالجة الرئيسة، وغالباً الوحيدة، الموصوفة للاكتئاب هذه الأيام هي الأدوية، والأكثر شيوعاً منها هما عقارا البروزاك والزولوفت اللذان يرفعان مستويات السيروتونين. هذه الأدوية التي تُعرف جماعياً بمثبِّطات إعادة امتصاص وتمثّل السيروتونين الانتقائية selective serotonin reuptake inhibitors، أو SSRIs، هي ليست بفعالة أكثر من مضادات الاكتئاب القديمة، ولكن الكثير من المرضى يجدون أن تأثيراتها الجانبية مُحتملة. ورغم أنها لا تساعد الجميع، وأنا أعتقد بقوة بأنه من الأفضل استعمالها كجزءٍ من مقاربةٍ متعددة الشُعب، إلا أن هذه العقاقير يمكن أن تكون منقذة للحياة. أنا أقول هذا رغم الموقف السلبي جداً في معظم الأحيان والموجود في عالم اليوغا وأيضاً بين العديد من مؤيِّدي الطب البديل.
وفي حين أن مضادات الاكتئاب هي أبعد ما تكون عن المثالية، إلا أن بعض الناس يحتاجون لتناولها – والاستمرار بتناولها – كي يتمكنوا من القيام بوظائفهم. بالنسبة للآخرين، فإن تناول مضادٍّ للاكتئاب على أساسٍ مؤقَّت يمكن أن يمنحهم القوة للانهماك في نشاطات مُعزِّزة للصحة مثل اليوغا والتمارين الرياضية والمعالجة النفسية والتي يمكن أن تساعد في انتشالهم من الاكتئاب. لا تُعتبَر مضادات الاكتئاب، من وجهة نظر يوغية، مفيدة أو ضارة بل هي مجرد وسائل. ما هو حاسمٌ هنا أن يتم استعمالها بحكمة، أن تتناولها عندما تكون فعلاً بحاجةٍ إليها، وأن تتجنّبها إذا لم تكن كذلك. وكما تقول باتريشيا: “الحمد لله أن لدينا هذا الخيار”.
ورغم توفّر المعالجات الفعالة، إلا أن العديد من مرضى الاكتئاب لا يتم تشخيص حالتهم أبداً. فالبعض منهم غير مدرك لما يعاني منه، وفي هذا الإطار يبدو الرجال أكثر احتمالاً من النساء لأن يخفقوا في تمييز متى يكونون مكتئبين. قد يتجنب الرجال والنساء على حدٍّ سواء التماس العلاج انطلاقاً من إحساسٍ مضلّل بالإحراج، ناظرين إلى حالتهم على أنها إشارة إلى ضعفهم أو معتقدين بأنه لا يوجد ما يمكن فعله لهذه الحالة إلا القليل. ولكن حتى أولئك الذين يدركون وجود خطأ ما ويلتمسون علاجه بالفعل قد يذهبون إلى عيادة الطبيب بفهرس من العوارض – تشمل الإعياء والصداع ومشاكل المعدة والدوار- والتي من الصعب تشخيصها. غالباً ما يفشل أطباء العناية الصحية الأولية في تشخيص الاكتئاب بدقة، وخاصةً عند الرجال، الذين هم أكثر احتمالاً لأن يُظهروا الاكتئاب من خلال عوارض مثل الغضب والاهتياج بدلاً من الحزن الذي تكون النساء أكثر عُرضة له. قد يخفق الأطباء أيضاً في تمييز الاكتئاب عند كبار السن والذين قد تظهر عوارضهم بطريقة جسدية بشكلٍ رئيس، أو عند الأناس المُصابين بحالات مثل السرطان وفيروس نقص المناعة البشرية واعتلال القلب. يزداد احتمال الإصابة بالاكتئاب بشكلٍ ملحوظ عندما يكون المرء مُصاباً بمرض خطير، ولكن الأطباء يميلون – لأسباب يمكن فهمها – إلى تركيز علاجهم على المرض المحدّد وليس على الاكتئاب المصاحب له. ومن المؤسف أن الإخفاق في تمييز وعلاج الاكتئاب قد يُضعف الجهود العلاجية لهذه المشاكل الطبية الأخرى ويسهم أخيراً في موتٍ أقرب.
تشخيص الاكتئاب
كي يتم تشخيص الحالة على أنها اكتئاب سريري، يجب أن يختبر الشخص خمسة على الأقل من العوارض التسعة التالية، لمدة أسبوعين على الأقل:
1. مزاج مكتئب في معظم الأيام، ولمعظم كل يوم.
2. فقدان المتعة في نشاطات كانت ممتعة سابقاً.
3. زيادة كبيرة أو نقصان كبير في الشهية أو الوزن أو كليهما.
4. مشاكل في النوم، سواء الأرق أو النوم الزائد كل يوم تقريباً.
5. مشاعر اهتياج أو إحساس باللامبالاة الشديدة.
6. فقدان النشاط أو الإعياءُ الزائد يومياً.
7. إحساس متواصل بالذنب أو عدم القيمة.
8. عدم القدرة على التركيز، يحدث تقريباً كل يوم.
9. أفكار متكررة تتعلّق بالموت أو الانتحار.
كيف تساعد اليوغا في علاج الاكتئاب؟
حيث إنّ الإجهاد يمكن أن يكون عاملاً كبيراً في الاكتئاب، فإن جزءاً كبيراً من فعالية اليوغا مصدره بلا شك قدرتها المُثبَتة على تخفيف التوتر. يميل مرضى الاكتئاب لأن تكون لديهم حالة تنشيط دائم في الجهاز العصبي السمبثاوي (استجابة القتال أو الهروب) ومعدلاتٌ مرتفعة من هرمون الإجهاد المعروف بالكورتيزول. وبالفعل، فإن إخفاق مستويات الكورتيزول في الانخفاض عندما يجدر بها ذلك هو الأساس في اختبارٍ يُستخدم أحياناً لتشخيص الاكتئاب (اختبار إيقاف الدكساميتازون). ولكن اليوغا أثبتت بشكلٍ متكرِّر قدرتها على خفض مستويات الكورتيزول، وهو ما يمكن أن يكون عاملاً رئيساً في قدرتها على رفع الحالة المعنوية (المزاج).
ومن وجهة نظر يوغية، هناك صلة بين وِقفتك ومزاجك، كما اقترح إينغار بتعليقه حول إبقاء الإبطين مفتوحين. تقول باتريشيا: “كان الكثير من طلاب الصف في ذلك اليوم يقولون: ’ماذا؟ ما الذي يقوله؟ إبقاء الإبطين مفتوحين؟‘. أحسب بأن كلامه قد نفذ بوضوح إليّ لأن وِقفتي كانت وِقفة شخص مكتئب، وصدري كان صدراً غائراً. عندما يقول افتح إبطيك، فهو يعني بأن الحيِّز بين الإبط والصدر ينمو، ويصبح أكثر اتساعاً وارتفاعاً، بحيث ترتفع الرئتان، وترتفع عضلة القلب، وتكون قادراً على أن تتنفس بعمق أكثر. يبدأ عمودك الفقري الصدري بالتمدد، وهذه الأشياء البسيطة تملك تأثيراً في حالتك الوظيفية (الفيسيولوجية) والعقلية. لقد شعرت بذلك على الفور”.
يعتقد اليوغيون بأن إرخاء التوتر العضلي يمكن أن يعاكس الشعور بالإجهاد والاكتئاب، وقد يكون له تأثيرات مفيدة أخرى. تقول باتريشيا: “إذا كنت تُبقي بطنك مشدوداً وتطبق بإحكام على حجابك الحاجز وكان حاجباك منجذبين إلى بعضهما، فإن الناس سيستجيبون لك على نحوٍ مختلف مما لو كنت شخصاً يقف منتصباً بصدر مفتوح ونظرة سارة على الوجه وحيِّز بين الحاجبين”. وهي تعتقد أيضاً بأن مجرد امتلاكك لوِقفة وتعبير وجهي كذاك يمكن أن يجعلك تتخذ قرارات مختلفة مما لو كنت تمتلك وِقفة أكثر استرخاءً وإيجابية.
يمكن لوسيلة دراسة النفس اليوغية (السفادهيايا) أن تكون مفيدة أيضاً في التعامل مع الاكتئاب. وعلى الرغم من اعتراف اليوغيين بأن بعض الاكتئاب قد يكون له أساسٌ حيوي (بيولوجي) في الدرجة الأولى، إلا أنهم غالباً ما يطرحون السؤال: ما الذي تستطيع أن تتعلَّمه من اكتئابك؟ فعدا عن مجرّد مساعدتك على تعلّم كيفية تعديل استجابتك للإجهاد، وهو ما تفعله اليوغا على نحوٍ جيدٍ جداً، فإن التوغل إلى مستوىً أعمق يقتضي النظر فيما إذا كانت هناك مساحات في حياتك – علاقاتك، عملك، قدرتك على تخصيص وقتٍ لنفسك – بحاجةٍ إلى أن تتغيّر. يعتقد الكثير من الناس بأنهم إذا شعروا بالحزن، فإن هناك شيئاً خاطئاً في داخلهم. ولكن يمكن أن يكون المزاج المكتئب أحياناً ردَّ فعلٍ صحياً لشيء غير صحيح في العالم الخارجي، وقد يكون التعامل معه هو الوسيلة الأفضل لتخفيف الاكتئاب. تعبِّر باتريشيا عن ذلك بهذا الشكل: “هل هذه الليلة المظلمة للروح رسالة بأن حياتك تحتاج لأن يُنظَر إليها؟”
وسيلة يوغية:الإيمان. إذا قرَّرت أن تمارس اليوغا كجزءٍ من طريقك للخروج من الاكتئاب، فإن باتريشيا تقترح أن تتحلَّى بالإيمان وأن تكون صبوراً وتلتزم بالتدريب. وهي تجزم بأن الإيمان بحدِّ ذاته يمكن أن يكون قوةً شفائية. ففي حالة باتريشيا نفسها، كان رفع المعنويات (الشعور بالابتهاج) الذي اكتسبته من ممارستها لليوغا في وقت اكتئابهايستمر كما تقول “ليومٍ وأحياناً لساعة. ولكن ما كان يدوم بالفعل هو ذكرى ممارستي، وتلك الذكرى هي الشرارة التي كانت تساعدني على أن أذهب إلى تدريبي التالي. لنقُل مثلاً بأني أدَّيت تدريباً كان ناجحاً جداً وشعرت بعده بالفرح والهدوء. كانت هذه المشاعر تخفّ حتماً، ولكن شرارة النور التي كان التدريب يمنحني إياها كانت تبقى في ذاكرتي وذاك ما كان يجذبني إلى تدريبي التالي، وإلى جلستي التالية”. لا يرتكز الإيمان في اليوغا على العقيدة بل ينشأ لأنك ترى أن ما تفعله يبدو بأنه ينجح.
خصائص النوعين الرئيسيين للاكتئاب
يتميز الاكتئاب التاماسي بالكسل والبلادة، ومشاعر اليأس، والسوداوية (مالنخوليا)، كما أن نوبات البكاء شائعة أيضاً. قد لا يكون الشخص قادراً على النهوض من السرير في الصباح. تقول باتريشيا: “أنت لا تشعر بقوة حياتك، أنت لا تشعر بأنك قوي، ولا تشعر بأنك متفائل”. عندما تنظر باتريشيا إلى شخص يعاني من الاكتئاب التاماسي، فهي غالباً ما ترى بأن الطالب لديه: كتفان مترهِّلتان، وصدر متداع، وتنفس ضحل، وعينان كئيبتان، ووجه خالٍ من التعبير، وشدّ في البطن والذي تشبِّهه باتريشيا ببالون مفرَّغ من الهواء. تقول: “أنت بالكاد تستطيع أن تراهم يتنفسون”. إن جلب النَّفَس بشهيق عميق نحو ذلك البالون المفرَّغ من الهواء هو جزء كبير من العلاج اليوغي. تقول: “عندما تبدأ بالتركيز على نَفَسك، وأخْذ النَّفَس إلى داخل صدرك والتنفس بعمق، فأنت تبدأ بالإحساس بنَفَسك. وما يأتي مع هذا هو شعور بعودة الحياة، شعور بالدفء يقطّر كامل أنحاء صدرك في البداية، ولكنه بعد ذلك ينتقل إلى كامل أنحاء جسدك.
أما مقاربة باتريشيا للاكتئاب الراجاسي فهي مختلفة. غالباً ما يُظهر مرضى هذا النوع من الاكتئاب مستويات عالية من القلق، وذهناً متدافعاً، وغضباً، واهتياجاً. تشير باتريشيا لهذا النوع من الاكتئاب “بالقبضة المغلقة”. هي تلاحظ بأن الطلاب الذين يعانون من الاكتئاب الراجاسي غالباً ما يكون لديهم شدّ في عضلاتهم ونوعٌ من “الصلابة” في أعينهم وحولها. لا يستطيع هؤلاء الطلاب في معظم الأحيان أن يبقوا ساكنين، فأصابعهم تتحرك تقريباً بشكلٍ متواصل حتى عندما يحاولون الاسترخاء في وضعيات يوغا مرمّمة. يميل التنفس لأن يكون سريعاً ومتقطِّعاً. من أجل معاكسة الاهتياج، تطلب باتريشيا من الطلاب الراجاسيين أن يركِّزوا أكثر على الزفير محاولين أن يجعلوه طويلاً وسلساً، متخيِّلين بأن التنفس يتيح استرخاءً لعضلات الصدر وتحريراً تدريجياً لقبضة اليد المغلقة. تقول: “ما يأتي مع الحيِّز في داخل صدرك هو حيِّز أيضاً في تكوينك العقلي. أنت لم تعد تشدّ”.
ووفقاً لباتريشيا، عانت كاري من كلا الاكتئابين التاماسي والراجاسي على نحوٍ تبادلي ولكنها أظهرت دلائل مرضية أكثر على الاكتئاب الراجاسي. تقول: “أعتقد بأن كاري تعاني الكثير من القلق. كانت مشاعرها تُجرح بشدة ويمكن أن تصبح بسهولة متحفِّزة بإفراط، وهي تملك دماغاً نشِطاً جداً وسريعاً جداً”. لاحظت باتريشيا بأن كاري تبدو أحياناً مندفعة فعلاً في الصف. تقول: “كانت تعمل بكدٍّ شديد عند أداء وضعية ما”. وفي أحيان أخرى اعتقدت باتريشيا بأن كاري بدت كسولة. ورغم أن الجميع يختبر أياماً عالية النشاط وأخرى منخفضة النشاط، إلا أن باتريشيا رأت بأن الاختلافات في حالة كاري كانت متطرفة أكثر مما هو طبيعي، وقد أخبرها حدسها على نحوٍ صحيح بأنها كانت تكابد صعوبةً في حياتها، حتى قبل أن تفاتحها كاري بالموضوع.
تمارين اليوغا لعلاج الاكتئاب
التمرين رقم 1. وضعية تصالب الرِجلين الاستلقائية (سوبتا سفاستيكاسانا Supta Svastikasana)، خمس دقائق.
هيِّئ للوضعية بأن تضع وسادة (أو بطانيات مطوية) على بساطك لتسند بها جذعك، وبطانية مطوية على أعلى الوسادة لإسناد رأسك بحيث تكون جبهتك أعلى قليلاً من ذقنك. اجلس أمام الوسادة (وليس عليها) واستلقِ إلى الخلف. صالِب رِجلاً فوق الأخرى واضعاً سِناداً تحت فخذيك إذا شعرت بأي توتر (شد) في أُربيتيك (انظر الشكل 1.15). يمكنك أيضاً أن تستخدم حزاماً حول رِجليك لزيادة الاسترخاء البطني. بعد مرور نصف المدة المقترَحة للتمرين، بدِّل تصالب رِجليك.
الشكل 1.15
تقول باتريشيا: “وضعية تصالب الرِجلين الاستلقائية هي أساساً لإيجاد حيِّز في الجسم؛ في الحوض والبطن والصدر. ولأن الصدر مُسنَدٌ ومفتوح، فهو ينشِّط العقل، ولكنه أيضاً يجذب العقل إلى حيِّز هادئ. هذه الوضعية هي منشِّطة ومهدِّئة معاً”.
التمرين رقم 2. انحناء ظهري خلفي بوسائد متصالبة، ثلاث دقائق.
هيِّئ للوضعية بأن تضع وسادتين فوق بعضهما بشكلٍ متصالب. بإمكانك أن تستخدم بطانيات مطوية مكان الوسادة السفلية إذا لم يكن عندك سوى وسادة واحدة. ثم اجلس على الوسادة العليا واستلقِ إلى الخلف بحيث تمتد الوسادة العليا على طول عمودك الفقري، وتلامس مؤخرة رأسك الأرض. ضع ذراعيك على الأرض فوق رأسك ومرفقاك مثنيان؛ يُدعى هذا الوضع أحياناً بوضع “الصبّار” (انظر الشكل 2.15).
الشكل 2.15
تقول باتريشيا بأن هذه الوضعية تفتح الصدر أكثر حتى من الوضعية الأولى. “لأن الرأس إلى الخلف، فهي أكثر تحفيزاً للجهاز العصبي، وأكثر إحياءً. يُفتح الصدر أكثر قليلاً باستخدام تلك الوسادة الإضافية”.
التمرين رقم 3. وضعية الكلب المواجه للأسفل المُسندة (أدهو موكها سفاناسانا Adho Mukha Svanasana)، ثلاث دقائق.
هيِّئ للوضعية بأن تضع وسادة، أو بطانية مطوية، أو كتلة مضلَّعة لإسناد رأسك. ادخل في وضعية الطفل وإبهاما قدميك مضمومان معاً وركبتاك بعيدتان عن بعضهما ورأسك على الوسادة أو الوسيلة المساعِدة. مدّ ذراعيك أمامك وضع راحتَي يديك على البساط وأصابعك متفرقة عن بعضها (انظر الشكل 3.15أ). باعد بين قدميك بقدر عرض الأوراك وأدِر إبهامَي قدميك إلى الأسفل. عند الزفير، قوِّم رِجليك لتدخل في الوضعية. إذا لم تستقر جبهتك بسهولة على الوسيلة المساعِدة (انظر الشكل 3.15ب) فقد تحتاج إلى تحريك الوسيلة المساعِدة أو زيادة ارتفاعها.
الشكل 3.15 (أ)
الشكل 3.15 (ب)
تقول باتريشيا بأن هذه الوضعية مثبِّتة وموازِنة جداً للعواطف (الانفعالات). ولأن يديك وقدميك وذراعيك ورِجليك تشترك جميعها في الوضعية، فمن الصعب، خاصةً على المبتدئ، أن لا يكون حاضراً. هي توصي باستخدام سناد الرأس لمعاكسة الإعياء الذي غالباً ما يصاحب الاكتئاب. طلبت باتريشيا من كاري أن تؤدِّي هذه الوضعية لثلاث دقائق ولكنها قد توصي بدقيقة واحدة لطالب أقل خبرة.
التمرين رقم 4. وضعية نصف القمر (أردها تشاندراسانا Ardha Chandrasana) عند الحائط، دقيقة واحدة.
وأنت تحمل كتلةً مضلَّعة بيدك اليمنى، قف وظهرك بعيد عن الحائط بضعة سنتمترات والبعد بين قدميك حوالى متر وخمسة سنتمترات. أدِر قدمك اليمنى خارجاً تسعين درجة وقدمك اليسرى قليلاً نحو الدّاخل. ضع الكتلة المضلَّعة بجانب قدمك اليمنى. والآن، مدّ ذراعيك إلى الجانبين وعند الزفير ادخل في وضعية المثلث، واضعاً يدك على الكتلة المضلَّعة. وحالما تكون في هذا الوضع، اثنِ ركبتك اليمنى إلى أن تمتد أبعد من كاحلك، وأزلق يدك اليمنى والكتلة المضلَّعة حوالى ثلاثين سنتمتراً أمام رِجلك اليمنى. ارفع قدمك اليسرى على الأصابع (انظر الشكل 4.15أ). عند الزفير، قوِّم ركبتك اليمنى وارفع رِجلك اليسرى في الوقت نفسه بحيث تكون موازية للأرض أو أعلى قليلاً. ارفع ذراعك اليسرى نحو السقف وأدِر صدرك باتجاه الأعلى (انظر الشكل 4.15ب). اعكس حركات مسارك لتخرج من الوضعية وكرِّر على الجانب الآخر.
الشكل 4.15 (أ)
الشكل 4.15 (ب)
تجد باتريشيا هذه الوضعية مفيدة تحديداً للعقل المشدود المنقبض بسبب الطريقة التي تجعلك “تركِّز بها على محيط الجسم؛ ممتداً خلال أصابع اليد، ممتداً خلال أصابع القدم، ممتداً من المركز إلى الخارج. هناك حرية وإعتاق في ذلك”.
التمرين رقم 5. انحناء أمامي وقوفي متباعد الرِجلين (براساريتا بادوتاناسانا Prasarita Padottanasana)، دقيقتان.
قف وقدماك متوازيتان والبعد بينهما مترٍ وخمسة سنتمترات إلى متر وخمسة وثلاثين سنتمتراً. عند الزفير، انحنِ إلى الأمام عند الوركين مُحافظاً على جذعك ممتداً واجلب يديك أسفل كتفيك وأصابعك مواجهةً للأمام (انظر الشكل 5.15أ). اشهق، وعند الزفير التالي احنِ مرفقيك واخفض قمة رأسك إلى الأرض. إذا كنت لا تستطيع أن تبلغ الأرض، استعمل كتلةً مضلَّعة تحت رأسك. ضع يديك بتراصف مع قدميك بحيث تواجه أصابعك الأمام (انظر الشكل 5.15ب).
الشكل 5.15 (أ)
الشكل 5.15 (ب)
التمرين رقم 6. وقوف الرأس (سيرساسانا Sirsasana)، ثلاث دقائق.
هيِّئ للوضعية بأن تضع بساطاً مطوياً أو بطانية أمام حائط لإسناد رأسك وساعديك. اجثُ وضع يديك المتشابكتين على بُعد 2.5 سنتم أو 5 سنتم من الحائط. اجلب قمة رأسك إلى الأرض واضعاً مؤخرة رأسك داخل راحتَي يديك. أدِر أصابع قدميك نحو الأسفل وقوِّم رِجليك (انظر الشكل 6.15أ). اثنِ ركبتيك واجلبهما فوق وركيك ومن ثم مدّ رِجليك لتدخل في الوضعية (انظر الشكل 6.15ب). للخروج من الوضعية، اعكس الخطوات. تقول باتريشيا بأن هذه الوضعية تجعل العقل صافياً، وتوازن العواطف، وتبني الثقة.
الشكل 6.15 (أ)
الشكل 6.15 (ب)
من وجهة نظرٍ يوغية، تُعتبَر الانقلابات الفعالة مثل وقوف الرأس ووقوف الكتفين، والانقلابات المرمّمة مثل وضعية “الرِجلان أعلى الحائط”، مفيدة جداً لتشجيع الاستقرار العاطفي. يعتقد اليوغيون بأن الممارسة المنتظمة للانقلابات – وخاصة عندما تُؤدَّى لأشهر أو سنوات – لها تأثيرات رائعة، حيث تهدِّئ وتسكِّن العقل وتوازن الأمزجة.
تحذير: لأجل أسباب تتعلّق بالسلامة، يجب أن يتم تعلُّم وقوف الرأس تحت إشراف معلِّم متمرِّس يستطيع أن يقيِّم ما إذا كان يجدر بك أن تقوم بهذه الوضعية، وإذا كان من الضروري استخدام أية وسائل إسناد أو إجراء أية تعديلات. وحيث إنّ الانحناء الأمامي الوقوفي متباعد الرِجلين (براساريتا بادوتاناسانا) يُحدث العديد من المنافع ذاتها، فإنّ هذا التتابع يمكن أن يُؤدَّى من دون وقوف الرأس إذا كنت لم تتعلّم بعد كيفية أدائه.
التمرين رقم 7. وضعية الجمل المُسنَدة (يوستراسانا Ustrasana)، دقيقة واحدة.
هيِّئ للوضعية بوضع مساند وبطانيات مطوية على كرسي لإسناد صدرك ورأسك. اجثُ أمام الكرسي بحيث يكون ظهرك مواجهاً له، وقدماك وقصبتا رِجليك تحت مقعد الكرسي. أمسك مرفقيك بيديك وارفع ذراعيك فوق رأسك. عند الزفير، قوِّس الجزء العلوي من ظهرك وادخل في الوضعية (انظر الشكل 7.15). تجنَّب التقوّس الكثير في الجزء السفلي من الظهر لأن هذا يمكن أن يضغط العمود الفقري القَطَني (السفلي). إذا لم يكن عمودك الفقري ورأسك مستقرَّين براحة على المساند، فقد تحتاج إلى تعديل وضع المساند أو إضافة المزيد. تقول باتريشيا: “إنّ رفع وتوسيع الصدر يُدخلاننا في حالةٍ مبهجة”.
الشكل 7.15
التمرين رقم 8. وضعية السارية المقلوبة المُسنَدة (فيباريتا دانداسانا Viparita Dandasana)، على ظهر كرسي، من دقيقة إلى دقيقتين.
هيِّئ للوضعية بأن تضع كرسي مكتب معدنياً على بساط بحيث تضمن عدم انزلاق الكرسي، مع بطانية مطوية فوق الظهر من أجل التبطين. ضع الكرسي على بعد تسعين سنتمتراً تقريباً من الحائط، بحسب طولك. قف خلف الكرسي وركبتاك مثنيتان وضع عمودك الفقري العلوي على امتداد ظهر الكرسي (انظر الشكل 8.15أ). ومن ذلك الوضع، مدّ رِجليك وضع أصابع قدميك أعلى الحائط وباطن قدميك على الأرض (انظر الشكل 8.15ب). تؤكِّد باتريشيا بأنك لا تستخدم الكثير من الجهد العضلي في هذه الوضعية. تقول: “عندما تعمل مستعيناً بمساند، فأنت فعلياً تعمل أكثر من الداخل إلى الخارج مما لو كنت تؤدِّي الوضعية دون إسناد، حيث تكون بالفعل مُستخدِماً بقوةٍ لذراعيك ورِجليك”.
الشكل 8.15 (أ)
الشكل 8.15 (ب)
التمرين رقم 9. وضعية السارية المقلوبة المُسنَدة (فيباريتا دانداسانا Viparita Dandasana)، فوق مقعد كرسي، من ثلاث إلى خمس دقائق.
تتطلَّب هذه الوضعية كرسياً أُزيل ظهره، (تجده متوفراً عند مزوِّدي وسائل اليوغا). هيِّئ للوضعية بوضع الكرسي وظهره إلى الحائط على بعد ستين سنتمتراً تقريباً من الحائط. ضع وسادةً أو كومة من البطانيات المطوية أمام الكرسي لتسند رأسك. اجلس على الكرسي مواجهاً الخلف وازلق رِجليك خلال ظهر الكرسي محرِّكاً وركيك بسرعة بحيث يكونان قريبين إلى الحافة الخلفية للمقعد. اثنِ ركبتيك وضع قدميك على الأرض ومِل إلى الوراء إلى أن يتقوس ظهرك فوق الحافة الأمامية للكرسي. ضع ذراعيك بحذرٍ تحت الكرسي وأمسك بهما الرِجلين الخلفيتين للكرسي. مدّ رِجليك إلى أن تلاقي ضرّتا قدميك الحائط. إذا كانت قمة رأسك لا تستقر بسهولة على السناد، فعدِّل علوّ السناد ليتلاءم مع أبعادك. وإذا كانت قدماك لا تبلغان الأرض بسهولة، فيمكنك أن تستخدم كتلة مضلَّعة تحت عقبيك (انظر الشكل 9.15).
الشكل 9.15
تقول باتريشيا: “في هذا الانحناء الظهري الخلفي، أنت تستخدم ذراعيك ورِجليك ولكن ليس إلى الدرجة التي ستبلغها في الوضعية غير المُسنَدة كلياً. يمكنك أن ترى كيف أن حافة الكرسي تقع مباشرة أسفل القلب، مباشرة أسفل عظم القصّ”، مُحدِثةً بالتالي انفتاحاً في المكان الذي يحتمل أنه أكثر فائدة للاكتئاب. وهي تؤكِّد بأن هذه وضعية متوسطة ولا يجب أن تُجرَّب من قِبَل المبتدئين.
التمرين رقم 10. وضعية الكلب المواجه للأسفل (أدهو موكها سفاناسانا Adho Mukha Svanasana)، دقيقة واحدة.
كرِّر هذه الوضعية بإيجاز دون سناد الرأس. تقول باتريشيا بأن الهدف من هذه الوضعية عند هذه المرحلة من التتابع، هو تحرير الظهر والعضلات الفقرية بعد الانحناء الظهري الخلفي.
الشكل 10.15
التمرين رقم 11. وقوف الكتفين المُسنَد (سالامبا سارفانغاسانا Salamba Sarvangasana)، خمس دقائق أو أكثر.
هيِّئ للوضعية بأن تضع وسادةً أو بطانيتين مطويتين على شكل مستطيلين طويلين رفيعين على الأرض أمام كرسي، واسند وسادة أخرى على ظهر الكرسي. اطوِ بساطاً على شكل مربع وضعه على مقعد الكرسي ليكون بطانةً لوركيك؟ عندما تكون في الوضعية. اجلس على الكرسي مواجهاً الخلف واقبض على جانبَي ظهر الكرسي بكل يد واجلب ركبتيك نحو الأعلى خلف ظهر الكرسي بحيث تكون الوسادة بينهما (انظر الشكل 11.15أ). استخدم ركبتيك لتدعماك مثل طفلٍ يلعب في هيكل من قضبان أفقية وعمودية jungle gym. مُبقياً ركبتيك على ظهر الكرسي، حرِّر ذراعيك ومِل إلى الخلف إلى أن تستقرّ كتفاك على السناد على الأرض ويصل رأسك إلى الأرض. ضع ذراعيك بحذرٍ تحت الكرسي وامسك الرِجلين الخلفيتين. ثم قوِّم رِجلاً واحدة في كل مرة وانقلهما على الوسادة. ضع ذراعيك بشكل “صبّار” ومرفقاك مثنيان بزاوية 90 درجة وظهر يديك على الأرض بمحاذاة أذنيك (انظر الشكل 11.15ب).
الشكل 11.15 (أ)
الشكل 11.15 (ب)
تحذير: يتطلَّب هذا الشكل المعدَّل من وقوف الكتفين كرسياً لن ينقلب عندما تنخفض إلى الخلف لتدخل في الوضعية. عندما تجرِّب كرسياً لأول مرة، اجعل صديقاً يراقبك وهو مستعد لمنع الكرسي من الانقلاب. إذا لم يكن الكرسي ثابتاً، فانزلق عنه فوراً واجلب ردفيك على السناد على الأرض لتنزل إلى الأسفل. ورغم أن هذه الوضعية تصبح بسيطة ما إن تتقنها، إلا أنه من الأفضل أن تتعلمها تحت إشراف معلِّم متمرس قبل أن تحاول القيام بها لوحدك.
التمرين رقم 12. وضعية الجسر المُسنَدة (سيتاباندا سارفانغاسانا Setubanda Sarvangasana)، خمس دقائق أو أكثر.
هيِّئ للوضعية بأن تضع كتلة مضلَّعة أو وسادة قبالة الحائط لتسند قدميك، ووسادة أخرى متعامدة مع الحائط لتسند عمودك الفقري. استخدم بطانية مطوية لتسند رأسك. لتدخل في الوضعية، اجلس على وسط الوسادة وركبتاك مثنيتان وقدماك مواجهتان الحائط ومسطَّحتان على الأرض. ثم استلقِ إلى الخلف بحيث تستقر كتفاك على الأرض وتلامس حافة الوسادة أسفل عظام (لوحَي) كتفيك، وتلامس قدماك الحائط ورِجلاك ممدودتان بالكامل (قد تكتشف أنك بحاجةٍ لأن تخرج من الوضعية وتعيد ضبط مكان الوسادة لتجعل بُعدها عن الحائط ملائماً لطولك). حينما تصبح مرتاحاً في الوضعية، ضع ذراعيك في وضع الصبّار أو دعهما تستقران إلى جانبيك (انظر الشكل 12.15). ومن أجل مزيد من الاسترخاء، جرِّب أن تثبِّت حزاماً بإحكام حول فخذيك.
الشكل 12.15
التمرين رقم 13. وضعية الاسترخاء المُسنَدة (شافاسانا).
هيِّئ للوضعية بأن تضع وسادة أو بطانيات مطوية على بساطك لتسند صدرك، وبطانية مطوية أعلى الوسادة لتسند رأسك. اجلس أمام الوسادة (وليس عليها) واستلقِ إلى الخلف وذراعاك ممدودتان خارجاً على الأرض وراحتا يديك نحو الأعلى. مدِّد رِجليك على طول الأرض وقدماك مفتوحتان إلى الجانبين (انظر الشكل 13.15).
الشكل 13.15
إذا كنت تميل لأن تطيل التفكير عندما تغمض عينيك، فبوسعك أن تبقيهما مفتوحتين خلال وضعية الاسترخاء وتستمتع فقط بحركة تنفسك، مركِّزاً على الشهيق. لم يكن إغماض العينين في الشافاسانا وغيرها من الوضعيات المرمّمة يمثّل مشكلة لكاري، رغم أن باتريشيا تقول بأنها اعتادت أن ترى عينَي كاري تتحركان تحت جفنيها، ما يشير إلى نوعٍ ما من الاهتياج الخفيف. ومع ذلك، فقد كان إغماض العينين بالنسبة لبعض الطلاب الذين عملت معهم باتريشيا مرعباً، وبالتالي فقد كيَّفت الشافاسانا وفقاً لاحتياجاتهم. كانت تجعلهم يميلون إلى الخلف على وسادة مزوّاة (angled) مع الحائط. تقول: “كانوا نصف جالسين ونصف مستلقين إلى الخلف، وهكذا كانوا يحصلون على التأثيرات المهدِّئة، ولكن صدورهم بقيت مفتوحة، وأعينهم بقيت مفتوحة. وبصورةٍ خاصة لأولئك الذين هم في حالة تاماسية كئيبة فعلاً، فإن إبقاء الأعين مفتوحة بالكامل هو أمرٌ مهم فعلاً”.
وبالإضافة إلى ممارسة هذا التتابع، أوصت باتريشيا بأن تستخدم كاري وسيلة الإنشاد اليوغية. تقول باتريشيا: “بالنسبة للكثير من الناس الذين هم مكتئبون، يُعتبَر الإنشاد ممارسةً رائعة فعلاً. للإنشاد قدرة على النفاذ خلال طبقات الاكفهرار والكآبة وجذبك إلى حالة إيجابية، خصوصاً عندما تؤدِّيه مع أناسٍ آخرين”. وهي تؤكِّد بأنك لا يجب أن تحاول فهم هذه الأناشيد بعقلك أو القيام بتحليلها، بل احفظها غيباً فقط واستخدمها كثيراً.
أفكار مفيدة
● يجد ب. ك. س. إينغار بأن الكثير من الطلاب المرضى بالاكتئاب يبقون الجزء الخارجي من أعينهم مشدوداً. هو يطلب أحياناً من هؤلاء الطلاب أن يحاولوا، كما يعبِّر هو، “تحريك حافة العينين باتجاه الصدغ والأذنين”، خلال تأديتهم لوضعية شاقة.
● تجد باتريشيا بأن التتابع البسيط من وضعية الجبل (تاداسانا) إلى وضعية الذراعين فوق الرأس (أردهفا استاسانا Urdhva Hastasana)، يمكن أن يكون مفيداً جداً في حالة الاكتئاب عندما يُؤدَّى بشكلٍ متكرِّر. تقول: “تستطيع أن ترى كيف يتغيَّر الناس في فترة قصيرة من الوقت مع هاتين الوضعيتين فقط، مزامنين النَّفَس مع الحركة”. وتتابع فعال آخر تحبه هو أن تنقلب إلى الأمام وإلى الخلف بين وضعية المحراث (هالاسانا) والانحناء الأمامي الجلوسي (باستشيموتاناسانا) (انظر الشكلين 14.15أ وب). احترس مع هذا التتابع إذا كنت تعاني من أية مشاكل في العنق والرقبة.
الشكل 14.15 (أ)
الشكل 14.15 (ب)
● إحدى مزايا التمرين عند الحائط، حتى لو كنت تستطيع القيام بالوضعية في منتصف الغرفة، هو أنك تستخدم الحد الأدنى من الجهد العضلي لتبقي نفسك هناك. بدلاً من القلق بشأن التوازن، تستطيع بالفعل أن تركِّز فقط على حوضك وبطنك وصدرك وتستمتع بالوسعة (الاتساع).
● تقترح باتريشيا بأنك إذا وجدت نفسك تطيل التفكير في همومك خلال التدريب أو في أي وقتٍ آخر، أن تزفر ببطء وعمق. إذا شعرت بأن مزاجك يتهاوى، خذ شهيقاً عميقاً كاملاً. إذا استمرت الأفكار السلبية في البروز على نحوٍ غير متوقع، فوازِنها بأفكار إيجابية. هذه النصيحة الأخيرة هي مثال على تدريب باتانجالي الموصوف في مجموعة حكم اليوغا والمتعلِّق بتشجيع الضدّ.
نصائح طبية عن علاج الاكتئاب
● إنّ الجمع بين الأدوية والعلاج هو عادةً أكثر فعاليةً من أيٍّ منهما على حدة.
● قد يكون بعضٌ من التجربة والخطأ ضرورياً لاكتشاف مضاد الاكتئاب الذي ينجح معك.
● التمرين الهوائي المنتظم هو طريقة فعالة لرفع الحالة المعنوية (تحسين المزاج)، وقد يمنع على المدى الطويل انتكاسة الاكتئاب على نحوٍ أفضل من العقاقير. كما يبدو أن التمارين الرياضية غير الهوائية مثل رفع الأثقال تساعد أيضاً.
● يمكن للأحماض الدهنية أوميغا – 3 الموجودة في بذور الكتان وبعض أسماك المياه العميقة أن تساعد على رفع الحالة المعنوية (تحسين المزاج).
● إنّ الحصول على قسط وافرٍ من النوم يستطيع أن يُبقي مستويات الإجهاد منخفضة ويساعد على منع اللوالب العاطفية الهابطة downward emotional spirals. إنّ تحديد وقت منتظم تنهض فيه كل يوم يمكن أن يرسِّخ النوم وقد يكون مهماً تحديداً للأناس الذين يعانون من الاضطراب ثنائي القطب.
● قد تكون عشبة سانت جون وورت فعالة بقدر مضادات الاكتئاب التقليدية (رغم اختلاط الدليل) وأقل احتمالاً لأن تسبِّب تأثيرات جانبية. وحيث إنّ هذا العلاج العشبي يمكن أن يتفاعل مع مضادات الاكتئاب التقليدية، فقد يكون من الأفضل أن تستخدم واحداً منهما فقط، وأن تتخذ قراراً كهذا تحت إشراف خبير صحة مؤهَّل. بسبب الظهور البطيء لمدى فعاليّة هذه العشبة، استعملها شهرين قبل أن تقرِّر إذا كانت تنجح معك أم لا.
● يبدو أن الفيتامينات ب التكميلية تملك بعض الفائدة لعلاج الاكتئاب وهي آمنة جداً.
● يمكن للمكمِّل 5-HTP، أي مستقلب التربتوفان، أن يساعد في حالة الاكتئاب عن طريق رفع مستويات السيروتونين.
● مكمِّلٌ آخر، SAM-e، يبدو أيضاً مبشِّراً بالخير، ولكنه غالي الثمن.
● وجدت دراسة دليلية صغيرة في جامعة أريزونا بأن العلاج بالوخز الإبري كان فعّالاً في تخفيف الاكتئاب عند أربع وستين بالمائة من النساء، وهي نتيجة قابلة للمقارنة مع العلاج بالأدوية أو المعالجة النفسية.
موانع واعتبارات خاصة وتعديلات
● تعتقد باتريشيا بأن الأناس المُصابين بالاكتئاب التاماسي قد يحتاجون لأن يبدأوا بوضعيات أكثر فاعلية من أجل تنشيط الجسم والتغلّب على الكسل. وهي تقترح البدء بعدة وضعيات سريعة من تحية الشمس. ورغم أنها تعير الكثير من الانتباه للتراصف، إلا أنها ترى بأنك عندما تكون مكتئباً لا يجدر بك أن تقلق كثيراً بشأن لياقتك، من الأفضل أن تتآلف مع تنفسك. بالنسبة للاكتئاب التاماسي، يمكن لتقنيات البراناياما التي تركِّز على الشهيق أن تكون مفيدة أيضاً. وبالنسبة لأولئك الذين يستطيعون احتمالها، فإن تدريبات مثل التنفس الأوجايي الذي يميل لأن يطيل الشهيق والزفير معاً، وتنفس الشهيق الثلاثي الأجزاء أو المُقاطَع (يُدعى أحياناً باسم فيلوما) يمكن أن تساعد.
● وعند استخدام اليوغا لمعالجة الاكتئاب الراجاسي، فإن التدريبات التي تهدِّئ الجهاز العصبي السمبثاوي مُرخيةً بذلك الحالة المتيقِّظة بإفراط، يمكن أن تكون مفيدة. من المؤسف أن العقل عادةً ما يكون قلقاً جداً ليستفيد مباشرة من الوضعيات المرمّمة البسيطة في البداية (رغم أن كاري كانت استثناءً). بدلاً من ذلك، قد تحتاج أولاً لأن تحرق ما يكفي من الطاقة الزائدة من خلال تدريب قوي لتجعل عقلك يستقر كي يستطيع الاستجابة للانقلابات ووضعيات الاسترخاء في مرحلة لاحقة. إن تدريبات البراناياما التي تركِّز على الزفير والتي تميل لأن تكون مهدِّئة، يمكن أن تُجرَّب في تلك المرحلة أيضاً. ومع ذلك، فإنّ البدء بتدريب قوي قد لا يكون ممكناً عند الأناس المكتئبين الذين هم في حالة من الإنهاك العصبي. قد يستفيدون أكثر من تدريبات داعمة بطيئة تهدِّئ عقولهم دون أن ترهق أجسادهم كثيراً.
● دام فصل الاكتئاب الجدِّي لكاري بعد مشاهدتها فيلم بيلي إليوت، حوالى ستة أسابيع. وهي تحسب في النهاية بأنه ربما كان شيئاً جيداً لها لأنه استحثها على اتخاذ إجراء، وقادها إلى “ممارسة أعمق بكل ما في الكلمة من معنى”. تقول: “أنا أشعر الآن بأني أملك أدوات أكثر في سلّة أدواتي لتساعدني على الخروج من الاكتئاب في المستقبل. إن إدراكي بأني أمتلك هذه الأدوات، والتي تُعتبَر اليوغا الأداة الرئيسة فيها، هو شيء مُمكِّن جداً”.