الربو هو حالة تصبح فيها الأنابيب القصبية (الشُعبية) في الرئتين منتفخة ومتقبِّضة ومسدودة بالإفرازات المخاطية، مسبِّبة الأعراض المميزة المتمثِّلة بالأزيز (الصفير عند التنفس)، وضيق الصدر، والسعال، وضيق النَّفَس. وقد تم ربطه بعوامل وراثية، وبالحساسية، وبالظروف البيئية، رغم أن أسبابه تختلف من شخص إلى آخر. يبدأ الربو غالباً في مرحلة الطفولة ولكنه يمكن أن يحدث في أي عمر. وفي حين يبدو أن بعض الأطفال يشفون من ربوهم عندما يكبرون، إلا أن من شأن الربو إذا بدأ في مرحلة البلوغ أن يكون أكثر إصراراً. ولأسباب لم يتم فهمها كلياً، فإن معدلات الحوادث والموت من الربو أخذت ترتفع بشكلٍ مفاجئ في السنوات الأخيرة. من الأسباب المحتملة التي تم اقتراحها لتبرير ذلك تلوث الهواء، ومستويات الإجهاد المتزايدة، وقلة التعرض للجراثيم خلال الطفولة والذي قد يجعل الجهاز المناعي يقظاً بإفراط.
إنّ الحدوث المتزايد لنوبات الربو المميتة يمكن ربطه أيضاً بأدوية التوسع القصبي (الشُعبي). هذه الموسِّعات القصبية – والتي تُدعى شوادّ بيتا لأنها تحفِّز مستقبلات بيتا في الرئتين – توسِّع الأنابيب القصبية المتقبِّضة، وعندما يتم استنشاقها تستطيع أن تهدِّئ أعراض الربو خلال دقائق. ومع ذلك، من الممكن استعمال هذه المناشق كثيراً جداً (في حين أن المطلوب هو دواء أقوى)، حيث تُوقف مؤقتاً الأعراض التي تعاود الظهور بلا شك. والأسوأ من ذلك أن الموسِّعات القصبية قد تحجب أيضاً أزمة ربو وشيكة، مسبِّبة تأخيراً في الحصول على العلاج الطارئ، وأحياناً بعد أن يكون الأوان قد فات. ونتيجة لهذه المشاكل وللفهم المتزايد للدور الذي يلعبه الالتهاب في الربو (والذي لا تفعل شوادّ بيتا شيئاً لتعكسه)، فإنّ عقاقير الكورتيزون المضادة للالتهاب (الستيرويدات)، سواء أكانت مستنشَقةً أو مأخوذة عن طريق الفم في الحالات الأكثر حدة، قد أصبحت المقياس الذهبي للعلاج التقليدي في الحالات كلّها ما عدا الأخف منها.
كيف تساعد اليوغا في علاج الربو؟
من وجهة نظر يوغية، يتنفس العديد من الناس – وليس من هم مصابون بالربو فقط – بطريقة مختلة وظيفياً وغير فعالة. إنّ تحسين أنماط تنفسهم يستطيع أن يزيد إمداد الأكسجين إلى الأنسجة، وأن يقلِّل مستويات الإجهاد ويحثّ الاسترخاء العضلي، وهي أمور مفيدة للجميع ولكنها من الممكن أن تكون منقذة للحياة لشخص يعاني من الربو. ترى باربارا بيناغ نصف دزينة من عادات التنفس المختلة وظيفياً عند الأناس المصابين بالربو (انظر الصندوق). أدركت باربارا بأنها هي نفسها لديها تقريباً كل هذه العادات رغم ممارستها اليوغا لسنوات. تقول: “لم أكن متنفسة حجابية (من خلال حركات الحجاب الحاجز). كنت متنفسة فمِّية، حابسةً للنَّفَس، متنفسة صدرية. كنت كربو ينتظره الشخص ليحدث. كل ما تطلّبه الأمر بالنسبة لي أن أُصاب بذات الرئة لتكون القشة الأخيرة. كان لدي كل شيء بالفعل مهيَّئ للانطلاق، والكثير من الناس لديهم ذلك أيضاً”.
يعني التنفس الصدري بأن معظم الهواء يدخل في الجزأين الأعلى والأوسط من الصدر، والأقل يدخل في الأجزاء السفلى من الرئتين. الإجهاد هو أحد أسباب التنفس الصدري، ويعتقد اليوغيون بأن المزيد من الإجهاد يمكن أن يكون نتيجةً للتنفس بهذه الطريقة. فكِّر بالطريقة التي تتنفس بها إذا تم إجفالك؛ شهيق سريع سطحيّ يمكنك أن تشعر به مباشرة تحت عظم الترقوة. يتنفس بعض الناس المصابين بالربو بهذه الطريقة معظم الوقت، وإذا جرَّبتها لبضعة أنفاس فسترى أن فعل ذلك مهيِّج للعقل. ونتيجة أخرى للتنفس الصدري هي أن المساحات السفلى من الرئتين والتي هي مزوَّدة بكثافة بالأوعية الدموية، لا تحصل على الأكسجين الكافي لتعيد ملء الدم المار خلال تلك الأوعية بشكلٍ كامل.
تُسهم الوِقفة المترهلة الشائعة في المجتمع الحديث في التنفس الصدري وذلك بدفع الأضلاع السفلى نحو البطن العلوي. يحدّ هذا من حركة الحجاب الحاجز – أي الصحيفة العضلية الكبيرة قبّية الشكل الواقعة تحت الرئتين – والذي يعتبر عضلة التنفس الرئيسة، وبالتالي فإن الصدر (وأحياناً العنق) يتولى المهمة. ومع التنفس الصدري المزمن، يمكن أن يصبح الحجاب الحاجز ضعيفاً مثل أية عضلة أخرى لا تحصل على تمرين كاف، مما يفاقم المشكلة. كما يمكن للعادات الوضعية الرديئة المزمنة أن تؤدي إلى شدّ في عضلات مثل العضلة الصدرية والعضلات بين الأضلاع بالإضافة إلى الأربطة والأنسجة الموصِلة (الضامة) في الصدر، والتي تستطيع جميعاً أن تحدّ من قدرة القفص الصدري على الاتساع بشكلٍ كامل عندما تشهق.
يجد معظم المصابين بالربو صعوبة في الزفير أكثر بكثير من الشهيق، وسمة الصفير المميزة للمرض تحدث بشكلٍ رئيس عند الزفير. تعكس صعوبة الزفير تضييق الأنابيب القصبية الصغيرة بسبب الالتهاب، والانتفاخ، والتشنّج القصبي (تقبُّض الأنابيب القصبية)، بالإضافة إلى تراكم المخاط في الممرات الهوائية. حين تتسع الرئتان عند الشهيق، يحدث فعلُ سحب على الممرات الهوائية ما يؤدي إلى فتحها، ولكنها تميل لأن تنطوي مع ارتداد الرئتين عند الزفير. وحيث إنّ الرئتين يدخلهما الكثير جداً من الهواء نسبةً لمقدار الهواء الخارج منهما عند الزفير، فإن الهواء البائت يبقى في الرئتين تاركاً حيِّزاً أقل لدخول الهواء الجديد الغني بالأكسجين، وهو ما يؤثِّر بالتالي بشكل سيئ في إمداد الأكسجين لبقية أنحاء الجسد. وفي استجابة لهذا، يصبح التنفس أسرع. إن التنفس السريع بمقادير صغيرة من الهواء هو مجهدٌ وغير فعال على حد سواء. إنّ ضعف العضلات البطنية – والإخفاق في تشغيلها في عملية الزفير – هو من وجهة نظر يوغية عاملٌ إضافي في صعوبة الزفير.
إيقاف التنفس هو الميل غير الواعي عادةً لإيقاف النَّفَس بعد الشهيق. يتزايد الضغط بحيث يصبح من الأصعب حتى أن تزفر بشكلٍ مسترخٍ. هذا شيء مجهد، وقد يضع إجهاداً إضافياً على القلب والرئتين إذا تم فعله بشكلٍ مزمن.
يشهق ويزفر متنفسو الفم حصرياً تقريباً عبر الفم. هم يميلون لأن يتنفسوا على نحوٍ أسرع لأن مقاومة الفم لتدفق الهواء هي أقل من مقاومة الممرات الأنفية، وهم يخسرون فوائد التدفئة والتصفية والترطيب التي يوفرها الأنف للهواء الداخل (يمكن للهواء البارد أن يكون صادماً للرئتين، ومُستحثِّاً للتشنج القصبي، وحاثّاً لأي التهاب جارٍ بالفعل). من شأن التنفس الفمي أيضاً أن يجفف الفم والحلق وهو ما يمكن أن يؤدي بدوره إلى تهيّج أكثر في الممرات الهوائية.
في التنفس المعكوس (التنفس المتناقض)، يرتفع الحجاب الحاجز مع الشهيق ويهبط مع الزفير، أي عكس الحركة الطبيعية. يخفض هذا من فعالية التنفس ويُسهم في التنفس الصدري بأضراره كلّها.
فرط التنفس هو الميل للإفراط في التنفس. يملك المصابون بالربو غالباً معدلات تنفس عالية على نحوٍ غير سوي. إذا كان معدل التنفس الطبيعي هو اثني عشر نفساً في الدقيقة، فقد يتنفسون هم بمعدل يبلغ ضعفي أو ثلاثة أضعاف ذلك المعدل. ربما يُدخلون الكثير من الأكسجين، ولكن ذلك على حساب زفر كمية أكبر من ثاني أكسيد الكربون (2CO) تتجاوز المقدار الصحي. ومع المستويات المنخفضة لثاني أكسيد الكربون في الجهاز، فإن الـ pH للدم يرتفع وكنتيجة لهذا يلتصق الهيموغلوبين بجزيئات الأكسجين بإحكام أكثر من المعتاد ولا تستطيع الخلايا أن تحصل على المقدار الذي تحتاجه من الأكسجين. يمكن أن يؤدي هذا إلى حلقة مفرغة حيث يعمد المصاب بالربو إلى أن يتنفس بسرعة أكبر كي يدخل المزيد من الأكسجين، مُخرجاً بذلك المزيد من ثاني أكسيد الكربون. من شأن التنفس السريع أيضاً أن يبرِّد ويجفف الممرات التنفسية وهو ما يمكن أن يسبِّب تشنجاً قصبياً.
يتوجّه عدد من التدريبات اليوغية بشكلٍ خاص لمعالجة مشاكل التنفس الست الشائعة التي أوجزتها باربارا أعلاه. مثلاً، هناك عدد من تمارين التنفس التي تقوِّي الحجاب الحاجز وتشجِّع اتساعه الكامل حين يهبط ليجذب الهواء إلى داخل الرئتين. هذا التنفس المسمَّى بالتنفس البطني هو عكس التنفس الصدري. يعمل عدد من التدريبات اليوغية، وتحديداً الآسانا، على تحسين الوِقفة بصورة منهجية منظمة ومعها يتحسّن التنفس.
أنت تتعلم في اليوغا أن تشغِّل العضلات البطنية عندما تزفر، ضاغطاً المزيد من الهواء خارج الرئتين. يؤدي هذا مع الوِقفة المحسَّنة إلى دخول هواء أكثر عند أخذ النَّفَس التالي. تُظهر الدراسات بأن اليوغا يمكن أن تزيد سعة الرئة بالإضافة إلى حجم وكفاءة الزفير (انظر أدناه).
وبجذب الوعي إلى تنفسك من خلال اليوغا، أنت تتعلَّم أن تقلِّل من الإيقاف غير الواعي للنَّفَس. تنشأ هذه العادة بدايةً خلال تدريب اليوغا، ولكن بعد أن تكون قد تدربت لمدة طويلة بما يكفي، فإن هذا النمط وغيره من أنماط التنفس المفيدة يميل لأن يصبح طريقتك المعتادة حتى عندما لا تكون تفكِّر به. وعلى نحوٍ مماثل، يمكن تقليل العادات السيئة مثل التنفس الفمي والتنفس المعكوس وحذفهما أخيراً عن طريق جذب الوعي إلى عملية التنفس. كلما كانت ممارستك لليوغا منتظمة ومكرَّسة أكثر، كلما استطعت أن تستبدل بفاعلية أكثر عادات التنفس المختلة وظيفياً بالعادات الصحية التي تتدرب عليها. بالنسبة لأولئك الذين يجدون صعوبة في التنفس عبر الأنف بسبب حساسية أنفية أو تراكم المخاط، فإن غسل الممرات الأنفية بالماء المالح باستعمال قِدر النِتي يستطيع أن يفتح الممرات ويزيل المواد المسبِّبة للحساسية والخلايا المناعية الالتهابية التي يمكن أن تسهم في أعراض الربو.
تعاكس اليوغا الميل لفرط التنفس عن طريق تنمية أنفاس بطيئة عميقة ومنتظمة. حينما تكون قد مارست اليوغا لفترة طويلة بما يكفي، فستبدأ بإدراك أنك تستطيع أن تدخل هواءً أكثر إلى رئتيك وتخرجه منهما بأنفاس بطيئة، واعية مستخدماً أقل جهد ممكن لتحريك الهواء بدلاً من التنفس بسرعة. عندما يصبح تنفسك مُجهداً (ثقيلاً وصعباً)، تعمل الأنفاس البطيئة على تهدئة جهازك العصبي وتساعد على إبقاء عقلك أقل اهتياجاً. وكما سيشهد بعض اليوغيين المُصابين بالربو، فإن الطريقة الوحيدة أحياناً لتحريك الهواء خلال نوبة ربو هي أن تتنفس ببطء وسلاسة. إن الاهتياج سيزيد أعراضك سوءاً، مسبِّباً حلقة مفرغة يؤدي فيها التنفس الضعيف إلى الاهتياج والذي بدوره يجعل التنفس أكثر سرعة وتقطُّعاً.
تستطيع اليوغا أيضاً أن تساعد الناس المصابين بالربو عن طريق زيادة تحسّسهم لحالة تنفسهم. الكثير من مرضى الربو الذين رأيتهم قد اعتادوا إلى حد كبير على السعة المحدودة لتنفسهم بحيث إنّهم بالكاد يلاحظونها. كما أن معظمهم أيضاً غير مدركٍ كلياً لأنماطه التنفسية المختلة وظيفياً. وكما هو الحال في طرق العلاج باليوغا كلّها، فإن تمييز المشكلة هو الخطوة الأولى باتجاه تغييرها. بضبط وعيك لتنفسك في اليوغا، أنت تتعلم أن تصبح ما تطلق عليه باربارا “تحرِّي تنفس”. إحدى الفوائد الملموسة لزيادة تحسّسك تتمثَّل في احتمال اكتشافك لنوبة ربو قبل حدوثها حين يكون من الأسهل معالجتها وتكون التدخلات أكثر فعالية.
يمكن تسهيل دراسة النفس – السفادهيايا svadhyaya – بالاحتفاظ بدفتر تدوِّن فيه حوادثك الرَبْوية، والطعام الذي تناولته، ومقدار ما حصلت عليه من النوم، والتمارين التي قمت بها، وأية عوامل أخرى قد يكون لها تأثير في تنفسك. إذا كان طبيبك قد طلب منك قياس معدل التدفق الأقصى (باستخدام جهاز محمول باليد مصمم لذلك الغرض) لمراقبة تنفسك، أو استخدام أية اختبارات أخرى للأداء الوظيفي للرئة، فيجدر بك أن تدوِّن هذه الأرقام أيضاً. ومع ذلك، تقترح الدراسات بأن مراقبة الأعراض قد تكون قيِّمةً بقدر مراقبة معدلات التدفق الأقصى. وحيث إنّ اليوغا تجعل الناس حساسين تجاه أنماط تنفسهم، فهي تساعدهم لأن يصبحوا جيدين جداً في معايرة عوارضهم.
يشعر العديد من اليوغيين (وحتى بعض الأطباء) بأن الإجهاد أيضاً يلعب دوراً في الربو. بالإضافة إلى تدوين الملاحظات في دفتر يوميات، فإن التحدث مع معالج نفساني أو عندما تصبح ببساطة متنبِّهاً أكثر لانفعالاتك عند نشوئها – وهو شيء تساعدك الممارسة المنتظمة لليوغا على بلوغه – هما أيضاً شكلان من السفادهيايا (دراسة النفس).
أوضحت دراسة نُشِرت في مجلة الجمعية الطبية الأميركية فائدة الكتابة بشأن المسائل الانفعالية (العاطفية). طُلِب من مرضى مُصابين بالربو المزمن أن يكتبوا عن أكثر حدثٍ مُجهِد في حياتهم وذلك لمدة عشرين دقيقة لثلاثة أيام متتالية. طُلِب من المرضى في مجموعة الضبط أن يكتبوا عن موضوع محايد انفعالياً، مثل مشاريعهم لليوم التالي. وبعد أربعة أشهر، أظهر أولئك الذين كتبوا عن أحداث مشحونة عاطفياً تحسّناً نسبته عشرون بالمائة في الـ FEV (الكمية القصوى من الهواء التي يمكنك زفرها في ثانية واحدة). أما بالنسبة للمصابين بالربو الذين كتبوا عن مشاريعهم فلم يكن هناك تغيير في الأداء الوظيفي للرئة.
وسيلة يوغية: التأمل. ربما يجعلك التأمل أكثر من أي وسيلة يوغية أخرى على اتصال مع الأفكار والمشاعر دون الوعي والتي قد تكون تؤثِّر في تنفسك. يقول المعالج النفساني ومعلِّم يوغا كريبالو، ستيفن كوب: “لاحظت بأنه مع رياضات التأمل الروحية الطويلة، تزول تقريباً أعراض الربو كلّها لدي”.
تمارين اليوغا لعلاج الربو
البرنامج التالي هو نسخة باربارا المحدَّثة من البرنامج الذي ظهر في مقال مجلة اليوغا YogaJournal الذي قرأه كين. لم يعمل كين أبداً مع باربارا شخصياً، ولكنه أسَّس برنامجه الخاص بناءً على ما كتبته وعلى إدراكه لما كان ينجح معه. كما أنه استشار بانتظام معلِّم اليوغا الذي كان يحضر صفوفه.
التمرين رقم 1. وضعية الاسترخاء العميق (شافاسانا)، مع تنفس مسترخٍ، وفم مغلق، من خمس إلى عشر دقائق.
يتيح لك هذا التمرين أن تراقب تنفسك ولكنه لا يتضمن فعل أي شيء لتغييره. ابدأ بأن تستلقي في وضعية استرخاء عميق وذراعاك ممدودتان على الجانبين وكذلك رِجلاك (انظر الشكل 1.10أ). تقول باربارا بأن هذا هو الوضع الأسهل للتنفس الحجابي. إن الجلوس منتصباً يتطلب منك أن تعمل ضد الجاذبية عندما تزفر، ومشكلة كبيرة لشخص يعاني من الربو هي عدم قدرته على أن يزفر. وهذا هو السبب أيضاً في أن الانقلابات، مثل وقوف الكتفين، هي مفيدة لمرضى الربو، وهو موضوع تتم تغطيته أدناه. إذا كان الاستلقاء أرضاً غير مريح، كما هو الحال بالنسبة لبعض الأشخاص المصابين بالربو، فإن باربارا توصي بالجلوس على كرسي والانحناء نحو الأمام على طاولة، بحيث تسند رأسك على ذراعيك المطويتين، وتدير وجهك إلى جانب واحد (انظر الشكل 1.10ب).
الشكل 1.10 (أ)
الشكل 1.10 (ب)
حينما تكون مرتاحاً في الوضعية، ابدأ بالتنفس وفمك مغلق. ثم تآلف مع زفيرك: المفتاح ببساطة هو أن تعير انتباهك. وبينما تستمر في التنفس، ضع يديك مناصفة على أضلاعك وبطنك العلوي (انظر الشكل 2.10)، وهو ما سيتيح لك أن تشعر بحركة قفصك الصدري وبطنك العلوي دون التدخل بتلك الحركة بأية طريقة. عند الشهيق، يجب أن تشعر بالاتساع في كل اتجاه باستثناء الأعلى (نحو رأسك). وعند الزفير، يجب أن تشعر بالاسترخاء في كل مكان باستثناء الأسفل. ومع ذلك، فإن المربوّ، كما تقول باربارا، قد تنقبض أضلاعه عند الشهيق وتتسع عند الزفير. هذا هو ما تطلق عليه باربارا اسم “التنفس المعكوس”.
الشكل 2.10
بعد أن تكون قد راقبت نمط تنفسك، يمكنك أن تستخدم التمارين التالية لتعلِّم نفسك التنفس الحجابي. ستعزِّز هذه التمارين إدراكك عندما تشغِّل حجابك الحاجز، وتساعدك على تقويته واستخدامه بشكلٍ أكمل خلال التنفس. تقترح باربارا أن تبدأ بثلاث إلى خمس دورات تنفس في التمارين من 2 إلى 6. ومع الوقت، وفقاً لما تسمح به عوارضك، زِد حتى عشر إلى خمس عشرة دورة تنفس في كل تمرين. تقول باربارا بأنه لا بأس في أي من هذه التمارين أن تأخذ عدة أنفاس بين دورات التمرين. تذكَّر، لا تجبر نفسك.
التمرين رقم 2. الموجة.
ابدأ بالاستلقاء على ظهرك وركبتاك محنيتان ويداك على ركبتيك (انظر الشكل 3.10أ). بينما تزفر، اجلب فخذيك العلويين برفق نحو بطنك السفلي (انظر الشكل 3.10ب). وبينما تشهق، دع قدميك تهبطان نحو الأرض مقوِّساً ظهرك السفلي. أبقِ وركيك على الأرض خلال كامل التمرين واسمح ليديك أن تبقيا على ركبتيك بينما تتحرك إلى الخلف وإلى الأمام. إنّ حركة رِجليك وعضلاتك البطنية تحاكي تأثير المكبس في التنفس الطبيعي، والتي هي مختلفة عن الطريقة التي يتنفس بها معظم المصابين بالربو. تؤكِّد باربارا على أن الحركات لا يجب بالضرورة أن تكون واسعة، رغم أنها قد تتسع حينما تستقر في التمرين.
الشكل 3.10 (أ)
الشكل 3.10 (ب)
التمرين رقم 3. زفير مزموم الشفتين.
ابدأ بأن تستلقي في وضعية استرخاء عميق (شافاسانا). عندما تصبح مرتاحاً، زمّ شفتيك بحيث تكون هناك فتحة صغيرة فقط لزفيرك (انظر الشكل 4.10). إن زمّ شفتيك خلال الزفير سيشغِّل العضلات البطنية مسبِّباً زفيراً أقوى مما لو لم تستخدم هذه العضلات. هل تستطيع أن تشعر بالعضلات البطنية تساعد في ضغط الهواء نحو الخارج؟ وعند شهيقك التالي، يجب أن تكون قادراً على الشعور بالهواء وهو يُسحب نزولاً دون جهد يُذكر داخل الجزء السفلي من رئتيك. تقول باربارا بأن الوضع المثالي لهذا التمرين هو الجلوس، ولكن ابدأ بوضع الاستلقاء وتدرّب على ذلك النحو إلى أن تكون مرتاحاً تماماً لأن تجلس.
الشكل 4.10
التمرين رقم 4. تنفُّس 1:2.
يمكنك أن تؤدِّي هذا التمرين إما بالاستلقاء أرضاً في وضعية استرخاء عميق (شافاسانا) أو جالساً. ابدأ بأن تخفِّف من الجهد الذي تبذله لتشهق، وقلِّل بالتدريج طول مدة شهيقك إلى أن تصبح مساوية لنصف مدة الزفير. مثلاً، إذا كنت تزفر عادةً لأربع ثوان، فسينتهي بك الأمر إلى أن تشهق لثانيتين وتزفر لأربع ثوان كالعادة. لا تكافح كي تطيل مدة زفيرك، بل قصِّر ببساطة مدة الشهيق. إذا شعرت بالقلق أو بضيق في النفَس في أي وقت، فخذ بضعة أنفاس عادية قبل أن تتابع التدريب.
التمرين رقم 5. تنفُّس، توقُّف بعد الزفير.
كرِّر التمرين السابق ولكن حاول في هذه المرة أن تضيف توقُّفاً بعد زفيرك (ولكن ليس بعد شهيقك). زِد بالتدريج طول مدة التوقُّف إلى أن تصبح مساوية لمدة الزفير.
التمرين رقم 6. تنفُّس، مع توقُّف مُمدَّد بعد الزفير.
في هذا التمرين، أبقِ شهيقك مساوياً في طول مدته لزفيرك، ولكن أضف توقُّفاً بعد زفيرك (ولكن ليس بعد شهيقك). وفي النهاية، اجعل مدة التوقُّف مساوية لضعفي إلى أربعة أضعاف مدة الشهيق والزفير. تشير باربارا إلى هذا التمرين على أنه “موسِّع الطبيعة القصبي”، لأنها تجد بأنه يستطيع أن يقلِّل بفعالية ظهور ربو.
بالإضافة إلى التمارين أعلاه، توصي باربارا بوضعيات الانقلاب للمصابين بالرّبو. عندما يكون جسمك رأساً على عقب، يتحرك حجابك الحاجز مع الجاذبية عند الزفير وليس ضدها كما يفعل عندما تكون منتصباً. تقول باربارا: “لهذا السبب يُعتبر وقوف الرأس ووقوف الكتفين – وقوف الرأس تحديداً – مفيدين جداً”. عندما تواجه مشاكل في تنفّسها، تقوم باربارا بتأدية وقوف الكتفين المُسند فوق كرسي، ووضعية “الرِجلان أعلى الحائط” (فيباريتا كاراني). ولكن، إذا كنت مثل كين تعاني من مشكلة الدوار عند القيام بوضعيات الانقلاب، فقد لا تكون قادراً على تأدية هذه الوضعيات.
وعدا عن تمارين التنفس والانقلابات، فليس هناك وضعيات يوغا أخرى أو تدريبات ترى باربارا بأنها علاجية على نحوِ خاص للربو. ولكنها تعتقد بقوة بأن تدريب آسانا منتظماً سيكون مفيداً. هي تظن أن السبب وراء شعور معظم الأناس المصابين بالربو بتحسّن كبير من جراء ممارستهم للآسانا، “هو حقيقة أنك اتخذت القرار المحوِّل لقضاء بعض الوقت على بساطك كل يوم. وهذا بحدّ ذاته مغيِّرٌ جداً للحياة بحيث إنّك ستشعر بتحسن بسببه”. وتتسع قي فلسفتها لتقول: “بالنسبة لي، فإنّ اليوغا بالدرجة الأولى هي تعديل سلوكي. إذا توقفت عن فعل تلك الأشياء التي تفعلها عادةً، وقمت عوضاً عن ذلك بتأدية تمارين يوغا، وتأمل، وتمارين تنفس كل يوم، فإن ذلك سيجعلك تشعر بتحسن وستكون بشكلٍ عام مُعافىً أكثر”.
أفكار يوغية أخرى
لمساعدة الطلاب الذين يعانون من نوبة ربو، يوصي معلِّمو يوغا إينغار في معظم الأحيان بالانحناءات الأمامية المُسنَدة. مثلاً، يمكن أن يجلس الطالب في وضع بسيط متصالب الرِجلين مُسنِداً الصدر والرأس على وسادة أو كدسة من البطانيات موضوعة على الأرض (الصورة اليسرى). يمكن للطالب ذي الوركين المشدودين أن يجلس على بطانية مطوية أو وسادة وينحني إلى الأمام مُسنِداً الجبهة على كرسي (الصورة اليمنى). يتم تشجيع الطلاب الذين يقدرون على فعل ذلك براحة على البقاء في الوضعية لمدة عشر دقائق أو أكثر.
أفكار مفيدة
● أنا أؤيِّد الكتابة بطريقة تيار الوعي stream-of-consciousness لفترة قصيرة كل صباح. مجتمعةً مع الوعي اليوغي، يمكن لكتابة اليوميات أن تكون متمِّماً رائعاً للعلاج النفساني. وخلافاً للعلاج الذي لا تحب شركات التأمين بشكلٍ عام أن تدفع له على كل حال، فإن التكلفة الوحيدة هي الورقة والقلم. أنا أحب تحديداً نوعاً من كتابة اليوميات يُعرف “بصفحات الصباح”.
● يتم تعليم بعض طلاب اليوغا أن يدفعوا بطنهم نحو الخارج عند الشهيق، ولكن بحسب خبرة باربارا فإن فعل ذلك لا يضمن بأن الحجاب الحاجز يعمل على نحوٍ صحيح. تقول بأنك إذا راقبت طفلاً رضيعاً نائماً أو شخصاً مسترخياً جداً، فسترى بأن البطن يتسع عند الشهيق وينكمش عند الزفير، وهو ما قاد إلى الاستنتاج بأنه يُفترَض بك أن تدفع البطن نحو الخارج عند الشهيق وتسحبه نحو الدّاخل عند الزفير. ولكن هذه لا يجب أن تكون حركة مقصودة، بل هي ما يفعله الحجاب الحاجز خلال التنفس الطبيعي. ومع ذلك، إذا دفعت بطنك نحو الخارج، فأنت لست مضطراً إلى استخدام حجابك الحاجز على الإطلاق
● يمكن أن تكون عادات التنفس المختلة وظيفياً راسخة جداً، وخاصة عند أولئك الذين يعانون من ربو طويل الأمد حيث يمكن أن تستغرق فترة لتتغير. في غضون ذلك يمكن لمقاربة “اصطنعه حتى تحقِّقه fake-it-till-you-make-it” أن تكون مفيدة. توصي باربارا بتقليد التنفس الصحي إلى أن تتم إعادة برمجة جسمك وجهازك العصبي. هي ترى بأن تغيير تنفسك يماثل أي نوع من التحدي لإحداث أي تغيير آخر؛ كخسارة الوزن أو أن تصبح نباتياً، إلخ. تقول: “هو صعب في البداية، ولكنه في النهاية يصبح طبيعة ثانية، إنه يصبح عادة”. عندما يسمع الناس بوصفة باربارا للربو، يخبرها البعض بأن الأمر لا يمكن أن يكون بهذه البساطة. وجوابها هو بأن التمارين بسيطة، ولكن ما هو ليس ببسيط هو القيام بها كل يوم دون انقطاع. تقول: “أنت لست مضطراً حتى لأن تؤديها وأنت مستلقٍ. أنا أؤديها وأنا جالسة في سيارتي. وقد قمت بها وأنا في الطائرة. أنا أقوم بها في أي وقت تخبرني حالتي بوجوب تأديتها. بالنسبة لي، هي مثل تنظيف أسناني بالفرشاة”.
نصائح طبية عن علاج الربو
● يعاني الأناس الذين يمارسون تمريناً هوائياً منتظماً من عدد أقل من نوبات الربو، ويستعملون أدوية أقل، ويتغيَّبون أياماً أقل عن المدرسة أو العمل.
● يمكن أن تكون خسارة الوزن مفيدة لأن الأشخاص الزائدي الوزن يميلون لأن يتنفسوا على نحوٍ أكثر سطحيّة وهو ما يجعل الممرات الهوائية أكثر احتمالاً للإصابة بتشنج قصبي.
● قد يكون السعال والأزيز (الصفير) وضيق النَّفَس في الليل دلالة على ضرورة تناول دواء أو تغيير وقت تناولك له.
● يمكن أن تكون الستيرويدات المأخوذة عن طريق الفم، مثل البردنيزون Prednisone، ضرورية وحتى منقذة للحياة بالنسبة لبعض المرضى؛ كما يمكن لباربارا وكين أن يشهدا. ولكن يجب تجنّبها عند الإمكان أو استعمالها بأدنى جرعة فعالة ولأقصر مدة ممكنة، لأنها إذا استُخدِمت لفترة طويلة من الزمن تستطيع أن تتسبَّب بتأثيرات جانبية مخرِّبة، بما فيها إيقاف المناعة، وزيادة الوزن، وضغط الدم العالي، واضطرابات مزاجية خطيرة، بالإضافة إلى ترقق العظم وغيره من مشاكل العظم.
● الستيرويدات المستنشَقة هي أكثر أماناً بكثير من تلك المأخوذة عن طريق الفم ولكنها يمكن أن ترقِّق العظم من بين تأثيرات جانبية أخرى. إحدى الطرق البسيطة لتقليل الكمية التي يتم امتصاصها في جهازك هي أن تغسل فمك بعد كل جرعة.
● يبدو أن دواء الكرومولين المستنشَق هو آمن للغاية رغم أنه غير فعال بقدر الستيرويدات المستنشَقة. إذا تبيّن أنه لا غِنى عن الستيرويدات، فإن استعمال الكرومولين قد يتيح لك الإفلات بجرعة أقل.
● يُنصَح بلقاحات ذات الرئة وحقن الإنفلونزا السنوية.
● اتَّخذْ خطوات لتقليل تعرّضك للهواء الملوّث، سواء داخل الأبنية أو في الهواء الطلق.
● تملك الغالبية العظمى من الأناس المصابين بالربو حالات تحسُّسٍ بيئية تستطيع أن تستحث الالتهاب والأداء الوظيفي المخفَّض للرئة. التجنّب هو أساسي.
● إذا كانت لديك حيوانات أليفة، فأبقها بعيداً عن غرفة نومك حيث يُحتمل أنك تقضي فيها وقتاً أكثر من أي غرفة أخرى. تجنّب الصوف أيضاً والذي يقوم بعمل المغناطيس من جهة جذبه للقشرة وجرِّب القطن بدلاً منه.
● يمكن لأجهزة إزالة الرطوبة أن تتخلّص من الرطوبة الزائدة التي يمكن أن تؤدي إلى تراكم العفن وعثّ الغبار.
● إنّ التعرّض خلال العمل إلى الكيميائيات والعفن وغير ذلك من المهيِّجات والمواد المُحِثَّة للحساسية (التحسُّسيَّة) يمكن أن يلعب دوراً غير محدّد في مفاقمة الربو وحتى في التسبُّب به. يُنصَح بارتداء المعدات الواقية، والحدّ من التعرّض، وإن دعت الضرورة الحصول على وظيفة مختلفة أو تغيير المسمَّى الوظيفي.
● التحسّس الغذائي هو مُستحِثّ غير محدّد لنوبات الربو، وخاصةً المهدِّدة للحياة منها. يمكن أن تكون المكسِّرات، والقمح، والصويا، والبيض مشكلة للبعض. يمكن “لحمية الاستبعاد” أن تساعد في تصنيف ما هو ملائم وما هو غير ملائم.
● يمكن للنظام الغذائي أن يلعب دوراً في حثّ أو تهدئة الالتهاب (انظر “مقاربة شمولية لالتهاب المفاصل” صفحة 161).
● يملك التابلان: الزنجبيل والكركم، خواصاً مضادة للالتهاب ويمكن استخدامهما في الطبخ أو تناولهما كمكمِّلات.
موانع واعتبارات خاصة وتعديلات
● تحذير: لا يجب أن تتركك تمارين التنفس أكثر قلقاً أو أكثر ضيقاً في النَّفَس مما كنت بدايةً
● تحذير: في حين أن هذه التمارين يمكن أن تكون مفيدة “كإسعاف أولي”، إلا أنك إذا مِلتَ لتأديتها لأكثر من مرة في الساعة للتحكم بالعوارض، فربما يجب عليك أن تلتمس عناية طبية بدلاً من ذلك. لا تنصح باربارا أيضاً بحذف أدوية الربو عند تأدية هذه التمارين، كما يحاول بعض الطلاب أن يفعلوا.
● قد يشير ضيق النَّفَس، أو السعال، أو الأزيز (الصفير) إلى تحكّم ضعيف بالربو، وفي هذه الحالة يتعيّن عليك أن تتجنب تدريب الآسانا النشِط. يكون السعال أحياناً عارض الربو الوحيد وقد لا يتم تمييزه على حقيقته. إن انحداراً في قراءات التدفق الأقصى يمكن أن يدلّ على نوبة وشيكة، وعلى ضرورة الإحجام عن تدريب نشِط. يمكن للزكام، حتى لو كان خفيفاً، أن يفاقم مشاكل التنفس وقد يوجب الحذر.
● يمكن لأي تمرين، بما في ذلك اليوغا، أن يسبِّب نوبات ربو عند الأفراد القابلين لذلك. إذا كنت تستخدم موسِّعاً قصبياً مستنشقاً، فخذ نفختين قبل خمس عشرة دقيقة من بدء تدريبك (إن منشقة ستيرويد لن تفيد إذا استُخدمت بهذه الطريقة). وحيث إنّ الهواء البارد يمكن أيضاً أن يستحث الصفير، فإن غرفة دافئة هي على الأرجح البيئة الأفضل لتتدرب فيها. من المفيد أيضاً أن تُحمِّي وتُهدِّئ ببطء، كما يحدث في معظم صفوف اليوغا. احترس من التدريب في غرَف حارة ورطبة دون تعويض السوائل، لأن التجفاف يمكن أن يزيد أعراض الربو سوءاً.
● تجد باربارا بأن الكثير من النصائح القياسية التي سمعت بشأنها في أوساط اليوغا لم تنجح جيداً معها. فتقنية التنفس السريع المعروفة باسم تنفس الجمجمة المشرق Skull Shining Breath (كابالابهاتي Kapalabhati)، والتي يوصي بها بعض المعلِّمين في حالة الربو، لم تلائمها وتحديداً في أي وقتٍ كانت تختبر فيه ثوراناً في العوارض. وعلى نحوٍ مماثل، يوصي بعض المعلمين بانحناءات الظهر الخلفية. تقول: “سأقول، لا، لا، لا، ليس انحناءات الظهر الخلفية”، ما لم تكن كلياً من دون عوارض. تقول: “عندما تكون عَرَضياً (عوارضك ظاهرة)، فإن انحناءات الظهر الخلفية تكون عملياً مستحيلة الأداء. إنها تجعلك تبدأ في السعال واللهاث”. هي تجد بأن انحناءات الظهر الخلفية تستهلك الكثير منك إذا كانت طاقتك منخفضة، وهي مشكلة شائعة بين الأناس المصابين بالربو. يمكن أيضاً لانحناءات الظهر الخلفية أن تكون محفِّزة بإفراط إذا كنت قلقاً مسبقاً، وهو أمرٌ شائع أيضاً في حالة الربو. ومع ذلك، إذا كنت لا عَرَضي (من دون عوارض)، فإن باربارا تعتقد بأن انحناءات الظهر الخلفية، وخاصةً عندما تكون مُسنَدة وتُؤدَّى كجزء من تدريب منتظم، يمكن أن تكون مفيدة جداً في المساعدة على فتح العضلات بين الأضلاع المشدودة. من الأمثلة على الوضعيات المرمّمة الفاتحة للصدر نذكر وضعية الجسر المُسنَدة (سيتو باندها سارفانغاسانا Setu bandha Sarvangasana) ووضعية الإسكافيّ المُسنَدة (سوبتا بادها كوناسانا (Supta Baddha Konasana.
الشكل 5.10
● تنصح باربارا مرضى الربو بالإحجام عن أية تدريبات براناياما تتم فيها إطالة الشهيق أو احتجاز النَّفَس بعد شهق الهواء. هي تقلق من أن تنفُّسَ أوجايي قوياً يمكن أن يقبض الحلق كثيراً ويسهم في مشاكل التنفس. أما إذا كنت تستخدم شكلاً أخف من التنفس الأوجايي، فهي تشدِّد على عدم تقويته والتأكد من بقاء الزفير مساوياً للشهيق. لا يُنصح أيضاً بتقنيات البراناياما مثل السيتهالي Sithali والتي تشهق بها من خلال الفم، لأن الهواء البارد يمكن أن يستحث تشنجاً قصبياً يعترض سريان الهواء.
● في العديد من صفوف السريان flowing بما فيها يوغا آشتانغا ويوغا القوة، يُفترَض بك أن تغيِّر من وضعية إلى التالية خلال شهيق واحد أو زفير، وهو إجهاد حقيقي للعديد من الأشخاص المصابين بالربو. تعتقد باربارا بأن المصابين بالرّبو يجب أن يتجنبوا مثل هذه التدفقات الفينية vinyasa السريعة. يقترح معلِّم الفيني يوغا، ليسلي كامينوف، بأن لا ترغم التنفس أبداً إذا انتسبت لصفوف كهذه. يقول ليسلي: “إذا لم يتقبَّل جسمك نمط التنفس الموصوف، فإن لذلك سبباً”. ويقترح متى ما دعت الضرورة أن تأخذ نَفَساً تعويضياً، أي نَفَساً إضافياً فيما بين الأنفاس، كي لا يُجهَد تنفسك أبداً.
● يعتقد كين بأن تدريبه اليوغي قد ساعده في فهم “أن الطريقة التي تتنفس بها تعني أكثر بكثير من مجرد شيء يتم على نحوٍ آلي (ميكانيكي) ويبقيك حياً”، وأصبح أكثر وعياً بكثير للعملية بأكملها. وبالإضافة إلى مواظبته على تدريبه اليوغي وأداء التمارين المشروحة في مقال باربارا، فقد وجد تسجيلاً يضمّ تدريبات تنفس لأندرو ويل وبدأ بممارستها. يقول: “أنا أجرِّب تقنيات باربارا، وأحياناً أخرى أجرِّب تقنيات ويل. أحسب أني نوعاً ما قد وصلت إلى طريقتي الخاصة”. كما أنه يؤدِّي أيضاً انحناءات الظهر الخلفية المُسنَدة مستلقياً على وسائد عند بداية ونهاية تدريبه اليوغي، لأنه يجد أنها تساعده في فتح صدره.
● إنّ هذا النوع من المقاربة العملية يتماشى تماماً مع فلسفة باربارا. تقول: “لا يهم ما هي المشكلة، فما من طريقة واحدة تنجح مع الجميع. إذا لم ينجح شيء فأنا أستغني عنه. وإذا نجح، أستبقيه”. أما اقتراحها لتكييف برنامجك وفقاً لاحتياجاتك: “الانتباه، والتجربة والخطأ، والمثابرة إلى أن تصل إلى شيء ينجح بصورة موثوقة”.
● قبل سنتين فقط وبمباركة طبيبه، استطاع كين أن يستغني عن الستيرويدات ومنذ ذلك الحين هو لا يستعملها (رغم أنه لا يزال بين الحين والآخر يضطر إلى استعمال الموسِّع القصبي، ألبيوتيرول Albuterol). وبالإضافة إلى هذا، لا يزال كين يعمل لكي يصبح متنفِّساً أنفياً بدوام كامل. لقد جعله مقال باربارا يدرك بأنه كان متنفِّساً فمِّياً، وهو يفهم لماذا يُعتبَر ذلك مشكلة ولكنه يجد أن تغيير عادة متأصلة كهذه هو تحدّ بالنسبة له.
وكنتيجة للتدريبات، فإن إدراك كين لتنفسه ولقدرته على تنظيمه يمتد إلى ما وراء بساطه اليوغي. يقول: “كنت معتاداً على التنفس بشكل سطحيّ جداً. أنا بكل تأكيد أتنفس الآن بعمق أكثر وعلى نحوٍ أكثر بطئاً. أنا واعٍ جداً للزفير، ولهذا فأنا أصرف الكثير من الوقت بالقياس. هل مدة زفيري تساوي على الأقل ضعفَي مدة شهيقي؟ هل أتوقّف بعد الزفير؟ هل أتأكد بأنني لا أتوقّف بعد الشهيق؟ إنه شيء واعٍ جداً وأنا أمشي، وأنا في القطار الكهربائي النفقي، وفي أي مكان”. وجد كين بأن تدريب التنفس 1:2 هو مفيد جداً بحيث إنّه يؤدِّيه في سياق حياته اليومية قدر ما يستطيع، وهو يحاول أن يجعله طريقته المعتادة في التنفس.
وعلاوةً على تحسينها لحالته الرَبْوية، فإن التمارين، كما يقول كين، قد جعلت التنفس أكثر متعة. يقول: “لقد كان التنفس دوماً بمثابة صراع بالنسبة لي، حتى في أحسن الأوقات. والآن، يجعلني التنفس أشعر بشعور جيد، عاطفياً وجسدياً على حد سواء”.
وبالطبع، فإن التنفس من وجهة نظر يوغية يتصل على نحو حميم بانفعالاتك وروحك. وبالفعل، يحب اليوغيون أن يشيروا إلى أن كلمتَي الروح والتنفس ترجعان للجذر نفسه. فكلمة برانا prana في اللغة السنسكريتية تعني التنفس وقوة الحياة على السواء. تُعلِّم الفلسفة اليوغية بأنك إذا جذبت الوعي إلى تنفسك، فأنت تستطيع أن تهدِّئ العقل وتقترب من مصدر الحكمة داخلك، أي الهدوء الداخلي الذي يدعوه بعض الناس الروح.
كانت التغيّرات التي اختبرها كين عميقة جداً بحيث إنّها بدّلت أيضاً علاقاته مع الناس من حوله. يقول: “أنا أهدأ بكثير. اعتدت أن أكون مصدر إجهاد عظيم، كنت كابوساً لمن يعمل معي. كنت فقط أجعل الناس مُثارين ومُنهَكين، لقد تلاشى هذا من حياتي، حتى إنهم يقولون في العمل: ’من الجميل حقاً أن نكون حولك الآن‘. أطفالي قالوا ذلك، وأصدقائي قالوا ذلك، لا بد أنه صحيح إذاً”.