القلق مشكلة انفعالية منتشرة في كل مكان. لا يوجد شخص لم يشعر بالقلق في مرحلة معينة من حياته. يقول رولف: “هناك حدوث نسبته 100 بالمائة”. وعلى قدر ما هو القلق حتمي الحدوث بالنسبة لمعظمنا، فإن بعض الأناس يختبرونه بشدة يمكن أن تُضعف صحتهم على نحوٍ خطير. يشير رولف إلى المعلِّم الروحي المختص بإدارة الإجهاد روبرت إليوت في تعامله مع الغضب: “اعتاد أن يقول: “ما الداعي للغضب إذا كان القليل من النزق سيفي بالمطلوب؟” ويمكنك أن تقول الشيء ذاته عن القلق: “ما الداعي للرعب إذا كان القليل من التوتر سيفي بالمطلوب؟”
عندما يخرج القلق عن السيطرة ويصبح أكثر من مجرد “توتر قليل”، فبإمكانه أن يسبِّب أعراضاً موهنة من ضمنها التفكير الاستحواذي، والأرق، والصداع النصفي، ومشاكل معوية، ودوار، وغثيان، وضيق نَفَس، وخفقان في القلب. نوبات الذعر الكاملة مثل تلك التي كانت تنتاب غراسيلا هي الشكل الأقصى للقلق. وكما يمكنك أن ترى، فإن اختبار القلق بهذا الحد من الشدة يمكنه أن يضعف نوعية حياتك، وصحتك وحسن حالك.
يمكن للقلق المفرط على سبيل المثال أن يُضعف قدرتك على الشفاء. أظهرت دراسة حديثة بأن الأناس الذين يعانون من مرض المناعة الذاتية الجلدية، الصداف، والذي يتسبب بظهور صفائح حمراء حرشفية على الجلد، يستغرقون ضعف الوقت – أي تسعة عشر يوماً إضافياً – ليستجيبوا لعلاج الأشعة فوق البنفسجية إذا قلقوا كثيراً. وبالمقابل، وجدت دراسة أخرى بأن مرضى الصداف تتحسّن حالتهم على نحوٍ أسرع بكثير عندما يستمعون إلى أشرطة تأمُّل موجَّه خلال خضوعهم لعلاج الأشعة فوق البنفسجية.
ومشكلةٌ أخرى، وفقاً لرولف، هي أن القلق يمكن أن يكون مستحوِذاً جداً على الذهن بحيث إنّك تركِّز فقط على أعراض القلق ولكنك تضيِّع السبب الرئيس. إذا لم تعِ السبب وراء قلقك، فإن اتخاذ إجراء لتخفيفه سيصبح أمراً أكثر صعوبة. هناك بالطبع بضعة مصادر للقلق ليست لديك سيطرة عليها. إذاً، نعم، يمكن لكويكب بالفعل أن يرتطم بالأرض ويمحي الجنس البشري؛ ولكن القلق بشأن هذا الاحتمال سيجعلك بائساً فقط، وليس هناك مطلقاً ما تستطيع فعله حيال هذا الأمر.
وفي أحيانٍ أخرى، يمكن للقلق فعلياً أن يؤدِّي وظيفةً. إذا كان هناك خطر حقيقي، فإن التفكير بشأنه وكيف يمكنك أن تتجنبه أو تستجيب له، يمكن أن ينقذ حياتك. إن القلق انفعال مفيد طالما أنه يساعدك على القيام باختيارات أفضل للكيفية التي ستعيش بها. أما التفكير على نحوٍ استحواذي بشأن المشكلة نفسها عندما لا يأتيك ذلك بأية بصيرة إضافية ويجعلك أكثر بؤساً، فهو لا يؤدِّي أي هدف.
كيف تساعد اليوغا في علاج القلق ونوبات الذعر؟
تستطيع اليوغا أن تساعد في حل مشكلة القلق بعدد من الطرق. فهي تقدِّم تقنيات خاصة يمكنها أن تقلِّل الأعراض على المدييْن القصير والطويل على حد سواء. وبسبب تركيزها على التآلف مع الحالات الداخلية، فإن اليوغا تستطيع أيضاً أن تجعلك تتجاوز السطح الظاهري للقلق لتكتشف ما الذي يمكن أن يكون محفِّزاً له، مثل صراعات غير محسومة، أو أنماط تفكير معتادة.
إحدى التقنيات اليوغية الرئيسة المستخدمة في مجابهة القلق تتمثَّل في التركيز على النَّفَس. ربما لا يوجد مكان تتّضح فيه العلاقة بين العقل والنَّفَس مثل القلق. فخلال اللحظات القلقة أو المخيفة، يتشوَّش التنفس بتنوّع واسع من الطرق. فقد يصبح سريعاً ومتقطِّعاً، أو جامداً ومقيّداً، أو حتى قد يتوقف لفترات من الزمن. من جهة أخرى، من شأن التنفس، عندما تكون هادئاً، أن يكون سلساً ومتناغماً.
يحدث التنفس القلق على نحوٍ غير متناسب في الصدر العلوي، ولا يُشغِّل بشكلٍ كلي الحجابَ الحاجز، أي الصحيفة العضلية الكبيرة التي تفصل تجويف الصدر عن الأعضاء البطنية. يهبط الحجاب الحاجز نحو الأسفل عند انقباضه مُحدِثاً مساحة أكبر في الصدر ومُخفِضاً الضغط في الرئتين كي تستطيعا أن تسحبا المزيد من الهواء. يستخدم اليوغيون أحياناً التعبير المختصر “التنفس الصدري” ليصفوا الأنفاس السريعة السطحيّة وتعبير “التنفس البطني” ليشيروا إلى الأنفاس الأبطأ والأعمق والتي يتحرك خلالها الحجاب الحاجز بحرية أكثر.
إذا كنت متنفِّساً صدرياً على نحوٍ غالب، فستستفيد من تشديد اليوغا على التنفس بطريقة أعمق وأبطأ وأكثر استرخاءً، رغم أنها قد تكون شاقة في البدء. يعتقد رولف بأنه في معظم الحالات، بما فيها حالة غراسيلا، يُصاب الأناس الذين يعانون من القلق بشكلٍ مزمن من أشكال التقييد العضلي الذي يؤثِّر في العضلات البطنية المحيطة بالبطن. عندما تضيق هذه العضلات نتيجة التوتر (أو عادة إدخال البطن للظهور بمظهرٍ أرفع)، فإن البطن لا يستطيع أن يتحرك بحرية ويصبح التنفس ضعيفاً. تشكِّل العضلات البيضِلعية، أي الواقعة بين الأضلاع، منطقةَ تضييق مزمن أخرى تقيِّد التنفس عند الأناس الذين يعانون من القلق. مهما كان سبب التوتر العضلي، فقد يستغرق الأمر فترة كي تتعلم كيف تحرره وتستمتع بمنافع النَّفَس الأكمل، ولكن التدريبات المصمَّمة من قِبَل رولف لغراسيلا تُظهر كيفية القيام بذلك.
ومن وجهة نظرٍ يوغية، فإن التنفس الأمثل هو عميق وسلس وهادئ وحتى من دون فواصل هامة. يجب تشغيل الحجاب الحاجز، أما عضلات التنفس المُلحقة، مثل تلك الموجودة في العنق والصدر، فيجب أن تبقى هادئة إلا حين تُدخل كمية هواء أكبر من المعتاد. وبشكلٍ عام، يجب أن يكون الشهيق والزفير عبر الأنف.
النَّفَس هو الوظيفة الآلية (الأوتوماتيكية) الوحيدة في الجسم التي تستطيع بسهولة أن تقوم بها بجهد واع. ويثبت في النهاية أن التحكّم في النَّفَس هو نقطة الدخول لتهدئة جهاز استجابة الإجهاد المفرط النشاط. من خلال التّنفس عبر الأنف عند الزفير، تطول مدة الزفير ويبطؤ معدّل التنفس (لأن الممرات الأنفية أضيق من الفم وتقاوم تدفق الهواء أكثر)، وهما فعلان من شأنهما تعزيز هدوء العقل. ومن جهة أخرى، فإن التنفس السريع القلق يؤدي إلى تنشيط الجهاز العصبي السمبثاوي أكثر، مسبِّباً إطلاق هرمونات الإجهاد ومعزّزاً الاضطراب. عندما تتنفس بسرعة، فأنت تطرد المزيد من ثاني أكسيد الكربون من جهاز التنفس، وهذا أيضاً من شأنه أن يجعلك متوتراً، وهكذا يسهم في الحلقة المفرغة من الاهتياج والتنفس السريع والمزيد من الاهتياج. إحدى أهم ثمار الممارسة المستديمة لليوغا تتمثَّل في الانخفاض التلقائي لمعدّل التنفس حتى خلال الفترات التي لا تبذل فيها جهداً واعياً للتحكّم في النَّفَس. وفي حين أن اثني عشر نفَساً إلى عشرين نَفَساً في الدقيقة تُعتبر أمراً طبيعياً، إلا أن ممارسي اليوغا المحترفين غالباً ما يتنفسون نصف هذا المعدّل. كلما تدرّبت أكثر، كلما أصبح تنفسك اليوغي متأصلاً أكثر وكلما أصبح عقلك هادئاً أكثر.
وعلاوةً على إدراكك لنَفَسك، تُعلِّم اليوغا أيضاً إدراك أنماط التفكير. قد تكون مثلاً قادراً على تمييز أول وميض للقلق يمكنه أن يتحوّل إلى نوبة ذعر كاملة، وأن تكتشفه في وقتٍ مبكر بما يكفي بحيث تستطيع أن تتدخل بتقنية تنفس مُرخية. وتقنيةٌ أخرى مفيدة عند مداهمة الأفكار المزعجة، كما أوصى بها باتانجالي في مجموعة حكم اليوغا Yoga Sutras، تتمثَّل في تشجيع التفكير المعاكس. قد يعني هذا تحويل تركيزك من مخاوفك إلى ما أنت ممتن له أو ما يمكن أن تفعله للآخرين. ولكن اليوغا، كما هو العلاج الإدراكي، تطلب منك أيضاً أن تعترف بهذه الأفكار السلبية وأن تنظر بصدق للأمر، وذلك كي تفهم إن كنت تسهم في وضعٍ سيئ من خلال سلوكك أو أنماط تفكيرك. هذا النوع من اختبار الحقيقة هو ما يفرِّق اليوغا عن مجرد “التفكير الإيجابي”.
إنّ جزءاً مما تستطيع اليوغا أن تفعله للقلق يتعلّق ولا بدّ بإبطاء تدافع الأفكار، أي ما يُسمَّى عقل النسناس. عندما تؤدِّي الاسترخاء اليوغي – والذي يستخدم تنوّعاً من الوسائل تشمل الآسانا، والتنفس، والإدراك المقوَّى للحالات الداخلية والخارجية – فهو يسهِّل الانفصال عن تلك الأفكار لفترة طويلة بما يكفي كي تبدأ برؤيتها بشكل أكثر وضوحاً. يصبح عقلك مسترخياً ولكن ليس بليداً، متآلفاً ولكنه منفصل عن العلاقة الطبيعية بالعالم الخارجي. يجد رولف بأن بلوغ هذا النوع من الاسترخاء هو أبعد ما يكون عن السهولة في البدء، ولكنه مع الوقت يصبح “العازل الذي يغيّر طبيعة القلق برمته”.
تُعلِّم مقاربة اليوغا الشمولية بحد ذاتها بأن تعدداً من العوامل يمكنه أن يؤثِّر في مستويات القلق. لتلخيص ذلك بإيجاز شديد: التنفس الضعيف هو سبب للإجهاد ونتيجة له على حد سواء، وهناك الكثير من تدريبات التنفس ضمن اليوغا والتي يمكنها أن تُعمِّق وتحسِّن النَّفَس. إذا كان التنفس الضعيف هو نتيجة إلى حدٍّ ما للوِقفة المترهِّلة أو الشد في العضلات البطنية السفلى، فيمكن بالطبع لوضعيات اليوغا المتنوعة أن تساعد في تصحيح هذه المشاكل. كما أن الامتنان، وهو خاصية من شأنها أن تنشأ تلقائياً مع الممارسة المنتظمة لليوغا، يساعد في تقليل القلق. والمبدأ اليوغي إشفارا برانيدهانا Ishvara Pranidhana، أي الاستسلام للكون أو التخلي عن وهم السيطرة كما يحلو لي أن أفكِّر به، وهو نتيجة فرعية أخرى لممارسة اليوغا، له أيضاً تأثير مُهدِّئ. إنّ الإدراك المقوَّى الذي يكتسبه جسمك من خلال ممارسة اليوغا قد يتيح لك أن تنشئ صلات بين حالتك الانفعالية والطعام الذي تأكله، والموسيقى التي تستمع إليها، والكتب التي تقرأها، والأناس الذين تشارك حياتك معهم. تساعدك اليوغا على أن تتعلم أن تثق برسائل جسمك وعقلك وأن تحث التاباس (الانضباط، النار) كي تعمل وفقاً لها عند الضرورة.
أخيراً، يمكن للانهماك في تدريب يوغي أن يؤمّن أيضاً إحساساً بالأمل وفقاً لرولف، لأنك تكتشف بأن هناك تقنية يمكنك استخدامها لتغيير وضعك. يمكن للأمل الناشئ عن تدريبك أن ينمو مع الوقت مع استمرارك بالتدريب، لأنه تماماً كما تستطيع الأفكار المقلقة أن تحفر أخاديد عميقة (سامسكارا)، يمكن للتدريب المنتظم والتغير في الموقف الذي يرافقه أن يتعمّق مع التكرار. هذه الفكرة اليوغية القديمة الخاصة بالسامسكارا تجد الآن تأكيداً لها في اكتشافات علم الأعصاب، ولكن ما يتحدّث عنه العلماء هو كيف أن القدح المتكرر للعصبونات يغيِّر شبكة أسلاك الدماغ. غيِّر شبكة أسلاكك فتغيِّر بذلك عقلك.
تمارين اليوغا لعلاج القلق ونوبات الذعر
إليك تتابع التدريبات والتعليمات التي أعطاها رولف لغراسيلا:
التمرين رقم 1. تنفس كيس الرمل، من خمس إلى عشر دقائق.
هيِّئ لوضعية استرخاء عميق (شافاسانا) بوضع بطانية أو وسادة تحت رأسك بحيث تسند قوس رقبتك أكثر من إسنادها لمؤخرة رأسك (انظر الشكل 1.8). عندما تصبح مستقراً، ابدأ بالتركيز على تنفسك. أرخِ بطنك، واشعر به يعلو مع شهيقك وينخفض مع زفيرك. ثم عندما يصبح تدفق نفَسك راسخاً تماماً، ضع كيس رمل وزنه حوالى خمسة كيلوغرامات أو أي شيء آخر (مثل كيس أرز أو فول) له الوزن نفسه على بطنك الأعلى. هذا يؤمّن ما يدعوه رولف “تدريب وزن للبطن”. خلال الشهيق، ارفع الكيس بلطف مستخدماً حجابك الحاجز، وليس عن طريق دفع عضلاتك البطنية نحو الخارج. وخلال الزفير، سيعمل وزن كيس الرمل على دفع الهواء بسرعة خارج رئتيك. وهكذا، أبطئ زفيرك بوعي محاولاً أن تجعله مساوياً في الطول لشهيقك. وبعد إكمال التمرين، أزِل كيس الرمل ولكن ابقَ حيث أنت لدقيقة أو اثنتين ملاحظاً أية اختلافات في تجربة تنفسك.
طلب رولف من غراسيلا أن تمارس تنفس كيس الرمل لخمس دقائق وأن تزيد المدة تدريجياً حتى عشر دقائق. هو يوصي بأداء التمرين لثلاثة أيام متتالية، ومن ثم التوقف ليوم واحد، ثم أدائه لشهرٍ واحد، ومن ثم التوقف عنه نهائياً. حينما تكون قد أدَّيت هذا التمرين لمدة شهر، فأنت تستطيع، وفقاً لرولف، أن تحافظ على القوة المكتسبة لأن تشمل ببساطة الالتواءات والانقلابات الخفيفة، مثل تلك المبيَّنة أدناه، في تدريبك اليوغي المعتاد.
التمرين رقم 2. تنفس التمساح (ماكراسانا)، من ست إلى عشر دقائق.
استلقِ على بطنك مباعداً بين رِجليك مسافة مريحة. أَدِرْ أصابع قدميك نحو الدّاخل أو نحو الخارج، وفقاً لما هو مريح لك. اثنِ ذراعيك واضعاً كل يد على المرفق المعاكس، واسند جبهتك على ساعديك (انظر الشكل 2.8).
مقاربة رولف ذات الخطوات الخمس لتنفس التمساح تتمثَّل بالتالي:
الخطوة 1: اجذب وعيك إلى نَفَسك خلال سريانه نحو الخارج ونحو الداخل. بينما يسري نَفَسك خارجاً، اشعر به كيف يفرغ، وكيف يطهِّر الزفير التوتر ويحرِّره. وبينما يسري نَفَسك نحو الدّاخل، اشعر به كيف يملؤك، وكيف يغذِّيك الشهيق ويعيد إليك طاقة جديدة. استمر في مراقبة سريان نَفَسك شاعراً به وهو يفرغ ومن ثم يملؤك من جديد.
الخطوة 2: خلال إحساسك بسريان نَفَسك، أرخِ بلطف منطقة سرّتك متيحاً لبطنك أن يسترخي.
الخطوة 3: لاحظ بأنك عندما تشهق، يتسع بطنك بلطف، وعندما تزفر ينقبض بطنك ببطء.
الخطوة 4: عندما تصل إلى نهاية شهيقك، استرخِ ببساطة ومن ثم ازفر. وبالطريقة نفسها، عندما تصل إلى نهاية زفيرك، استرخِ ببساطة ومن ثم اشهق. دع كل نَفَس يسري ببطء وسلاسة نحو التالي دون توقّف واعٍ.
الخطوة 5: راقب التدفق السلس وغير المتوقّع لتنفسك. وكدولاب يدور مرة بعد أخرى، يسري النفس خارجاً وداخلاً، وأنت الشاهد على تنفسك الخاص.
التمرين رقم 3. تمددات جانبية.
للمرحلة الأولى من التمرين، قف مباعداً بين قدميك أكثر قليلاً من عرض الوركين، واضعاً يديك على وركيك، وأمِل الحوض بلطف من جانب إلى جانب. انظر إن كنت تستطيع أن تشعر بالتمدد نزولاً من خلال عضلات الفخذ الداخلية (العضلات المقرِّبة). للمرحلة الثانية من التمرين، حاول أن تعمِّق التمدد من خلال الجذع بينما تنحني بعمق أكثر إلى كلّ جانب. إذا كنت تنحني نحو اليمين، فإن اليد اليمنى ستنتهي في مكان ما قرب الركبة اليمنى. في المرحلة الثالثة، أطل الذراع المعاكسة واجلبها نحو الأعلى وبمحاذاة الرأس متيحاً لوزن الذراع أن يزيد التمدد بعض الشيء (انظر الشكل 3.8). اشهق بينما ترفع وازفر بينما تخفض متحركاً من جانب إلى جانب ومنسِّقاً الحركة مع شعور التنفس. سيمدِّد هذا جانبي الجذع بما في ذلك العضلات بين الأضلاع والتي تحتاج لأن تفتح من أجل التعبير الكامل للنَّفَس. بعد التحرك من جانب إلى جانب، ابقَ على جانب واحد من أربعة إلى عشرة أنفاس، ومن ثم كرِّر على الجانب الآخر.
التمرين رقم 4. التواء متصالب الرِجلين.
ابدأ بالجلوس في وضعية بسيطة متصالبة الرِجلين، مع وسادة أو بطانية مطوية تحت وركيك لترفع حوضك عن الأرض. ازفر ودُر نحو اليسار آخذاً يدك اليمنى إلى الركبة اليسرى وذراعك اليسرى إلى الخلف (انظر الشكل 4.8). اشهق وعُد إلى الوسط. كرِّر على الجانب الآخر وامضِ جيئة وذهاباً عدة مرات، متحرِّكاً مع نَفَسك. أبقِ ظهرك منتصباً ونَفَسك سارياً بسلاسة خلال كامل مرات التكرار.
بعد تحمية العمود الفقري بهذا التمرين، ابقَ في الوضعية من أربعة إلى ثمانية أنفاس لكل جانب. يقترح رولف وضع كتلة مضلَّعة تحت اليد الخلفية لتساعد ذراعك على الاسترخاء. استعمل ذراعيك لتساعداك في الحفاظ على استقرار الوضعية وتشجيع الإطالة الفقرية، وليس لتسحباك اصطناعياً بعمق أكثر داخل الوضعية (وهو ما يمكن أن يتسبّب بإصابة).
التمرين رقم 5. التواء نصف فقري (أردها ماتسيندراسانا Ardha Matsyendrasana)، من ستة أنفاس إلى اثني عشر نَفَساً.
ابدأ بالجلوس في وضعية بسيطة متصالبة الرِجلين. احنِ رِجلك اليمنى فوق الفخذ الأيسر وضع عقبك الأيمن بمحاذة الورك الأيسر. لفّ ذراعك اليسرى حول الركبة المنحنية واسند يدك اليمنى على كتلة مضلَّعة خلفك. يعتقد رولف بأنه من المفيد قبل الالتواء أن تشهق وتقبض الأرضية الحوضية ومن ثم أن تزفر وترخيها، لتحصل على إحساس بأن هذه العضلات ستدخل في الالتواء ولتساعد في إحداث الاستقرار عند قاعدة الحوض. وبينما تتحرك في الوضعية، تخيَّل بأن الحركة الالتوائية تبدأ من الأرضية الحوضية. بعد ليّ البطن، والقفص الصدري، والكتفين في ذلك الترتيب، أدِر الرقبة والرأس بلطف. ابقَ في الوضعية من ستة أنفاس إلى اثني عشر نَفَساً لكل جانب، مخفِّفاً نظرتك المحدِّقة ومحاولاً أن تسترخي في الوضعية (انظر الشكل 5.8).
التمرين رقم 6. وضعية “الرجلان أعلى الحائط” (فيباريتا كاراني)، من ثلاثين إلى تسعين ثانية.
هيِّئ للوضعية بأن تضع مسنداً أو وسادةً أو كومةً مؤلَّفةً من بطانيتين مطويتين على بعد خمسة عشر سنتمتراً تقريباً من حائط. كي تدخل في الوضعية، اجلس على طرف واحد من المسند بحيث يكون جانبك مواجهاً للحائط، واضغط يديك نزولاً على المسند لتبقيه في مكانه (إنّ وضع بساط مطوي لزج أسفل المسند سيساعد أيضاً على منعه من التحرك)، وأرجح رِجليك إلى الأعلى وعلى الحائط. حينما تصبح رِجلاك في وضعٍ علوي، حرِّك حوضك بسرعة لتضعه في مكانه على المسند بحيث يكون العصعص فقط متدلِّياً خارج المسند (سيكون حوضك في انحناء خلفيّ خفيف). تأكد من أن وزنك يقع على كتفيك ووركيك، وبأن رأسك وعنقك مرتاحان ومسترخيان (انظر الشكل 6.8). يقول رولف: “لأن هذه الوضعية عبارة عن انقلاب خفيف فهي تتيح لك أن تعتاد على فكرة كونك مقلوباً، وعلى التغيرات الناتجة في ضغط الدم وديناميكية النَّفَس”. عادة ما يتطلّب التنفس في الانقلابات قليلاً من الجهد الإضافي. طلب رولف من غراسيلا أن تبدأ بالإبقاء على هذه الوضعية لثلاثين ثانية وأن تزيد المدة تدريجياً مع الوقت حتى تسعين ثانية.
التمرين رقم 7. وضعية الكرسي الهزاز، من عشر إلى عشرين مرة.
ابدأ بالجلوس مستقيماً وركبتاك محنيتان ويداك تحت فخذيك. خلال الشهيق، كوِّر ظهرك السفلي وتأرجح إلى الخلف على كتفيك (وليس على عنقك)، ومدّ رجليك باستقامة (انظر الشكل 7.8أ). وخلال الزفير، مبقياً ظهرك السفلي مكوَّراً، تأرجح إلى الأمام واحنِ ركبتيك (انظر الشكل 7.8ب). كرِّر من عشر إلى عشرين مرة محافظاً على تكوير ظهرك السفلي بينما تستخدم رِجليك لتجلباك إلى الأمام والخلف. يقول رولف بأن هذه الوضعية تساعدك على قلب جسمك دون أية مساندة وهي بمثابة تدليك مفيد لعمودك الفقري.
التمرين رقم 8. وقوف الكتفين المُسنَد (سالامبا سارفانغازانا Salamba Sarvangasana)، مع القدمين على الحائط، من ثلاثين إلى تسعين ثانية.
هيِّئ للوضعية بوضع بطانية مطوية قرب الحائط من أجل إسناد كتفيك عليها. للدخول في الوضعية، اجلس على الأرض مواجهاً الحائط وحرِّك وركيك قريباً من الحائط. ارفع رِجليك على الحائط، واحنِ ركبتيك، وضع باطن قدميك على الحائط. مستخدماً قدميك لحمل وزنك، اضغط نزولاً نحو ظهرك، وأرجح حوضك وارتفع على كتفيك بحيث تكون قدماك على الحائط ووزنك مستنداً على قدميك وظهر كتفيك. يجب أن يكون رأسك وعنقك مرتاحَين ولا يحملان أي وزن. أطلق ذراعيك تحت جذعك. لا يكون جذعك عمودياً بالكامل في هذه النسخة من وقوف الكتفين، بل مائلاً حوالى 15 إلى 20 درجة (انظر الشكل 8.8). ابدأ بالإبقاء على هذه الوضعية لثلاثين ثانية، ومن ثم زِد المدة تدريجياً مع الوقت إلى تسعين ثانية.
التمرين رقم 9. الاتزان الوقوفي. ابدأ بالوقوف وذراعاك ممدودتان إلى الجانبين كما لو كنت تمشي على حبلٍ مشدود.
حوِّل وزنك إلى رِجلٍ واحدة وارفع الأخرى عن الأرض مسافة كافية فقط لتكون متوازناً (انظر الشكل 9.8). إذا اضطررت، يمكنك أن تعيد أصابع قدمك إلى الأرض مرة أخرى لاستعادة توازنك. الهدف هنا هو الحصول على إحساس بالترنّح أو التذبذب الذي يحدث في مفصل كاحلك عندما تحاول أن تتوازن والذي يمكِّنك من فعل ذلك. حينما تفهم بإحساسك كيف أن ذلك التبديل جيئة وذهاباً يؤدي إلى التوازن، فمن السهل أن تنتقل إلى وضعية التوازن التالية ووضعيات اليوغا الأخرى الكثيرة التي تعتمد على التوازن. ابقَ في الوضعية مدة كافية لتتوازن ولكن ليست طويلةً جداً بحيث يحتمل وقوعك. إذا وقعت بالفعل، فعد مباشرة إلى الوضعية بحيث يمكنك أن تتدرَّب على تأديتها بطريقة أكثر تحكّماً.
التمرين رقم 10. وضعية الشجرة (فيركساسانا Vrksasana).
ابدأ بأن تقف وجانبك الأيمن قريباً من حائط وواحد من أصابع يدك اليمنى يلامس الحائط. ثم اثنِ رِجلك اليسرى واضغط قدمك اليسرى على داخل فخذك الأيمن (وفخذك الأيمن على قدمك اليسرى). إذا كنت لا تستطيع أن تضغط قدمك اليمنى على فخذك، فحاول أن تضغطها على حافة القصبة فوق الكاحل مباشرة (من الصعب إبقاء الرِجل عالياً في منتصف المسافة). حالما تشعر أنك متوازن وواثق، حاول أن تبعد إصبعك عن الحائط مدركاً بأنك تستطيع أن ترجعه في أية لحظة. أبقِ مربّع وركيك قدر الإمكان نحو الأمام، متيحاً لوركيك أن يفتحا وكذلك ركبتيك (انظر الشكل 10.8).
التمرين رقم 11. وضعية الاسترخاء العميق (شافاسانا)، من خمس إلى عشر دقائق.
هيِّئ للوضعية بأن تضع بطانية مطوية أو وسادة تحت رأسك لتسند رأسك وعنقك (انظر الشكل 11.8). استلقِ على ظهرك ورأسك على الوسادة بحيث يميل ذقنك نحو صدرك. اطوِ رجليك إلى جانبٍ واحد وأدِر راحتي يديك نحو الأعلى بحيث تكون ذراعاك على مسافة مريحة من جسمك. يمكنك إذا شئت أن تغطِّي نفسك ببطانية لتبقيك دافئاً بينما تسترخي. قد يشعر بعض الأناس الذين هم قلقون بأنهم عرضة للانهزام والانكشاف في هذه الوضعية، ويمكن للغطاء أن يكون باعثاً على الراحة. عندما تكون مرتاحاً ابدأ بمراقبة نَفَسك.
يقول رولف: “إنّ الاسترخاء بالنسبة لشخص يختبر القلق هو مثل الأسبرين: حبة يمكنك أن تأخذها بانتظام”. لقد جعل أناساً يعانون من نوبات الذعر يمارسون وضعية الاسترخاء لستّ مرات في اليوم. حيث يستلقون كل ساعتين أو ثلاث ساعات في وضعية الشافاسانا لمدة خمس إلى عشر دقائق يراقبون خلالها سريان النَّفَس فقط.
وبعد عدة شهور أضاف رولف تدريب تأمل في وضع الجلوس إلى نظام تدريب غراسيلا.
التمرين رقم 12. تأمُّل جلوسي، عشر دقائق.
اجلس في أي وضع جلوس مريح. إذا كان ظهرك مشدوداً أو رِجلاك أو وركاك، فاستخدم الكثير من الوسائد. إذا جلست مثلاً في وضع متصالب الرِجلين على الأرض، فضع وسائد أو بطانيات مطوية تحت وركيك بالإضافة إلى أخرى تحت رِجليك (انظر الشكل 12.8). إذا كنت تفضِّل أن تجثو على مقعد طويل، أو تجلس على كرسي مستقيم الظهر، أو حتى أن تنحني إلى الخلف في كرسي قلاب طري، فلا بأس. ما يهم هنا هو أن لا تتسبَّب وضعيتك بأي قلق أو انزعاج، وذلك كي يبقى تركيزك داخلياً. عندما تكون مرتاحاً في جلستك، اجذب إدراكك إلى إحساس النَّفَس الذي يلامس داخل منخريك، وركِّز على هذا الإحساس.
يمكنك بعد بعض الوقت أن تضيف المانترا “سو هام so ham” (تقال الـ “سو” بصمت مع الشهيق، وتقال الـ هام – بتضخيم الهاء – بصمت مع الزفير). يقول رولف: “ليس القصد إغراق الأفكار الأخرى في جلبة المانترا المتكررة، بل أن ترتاح في صوت المانترا بينما تكون مدركاً للأفكار الأخرى وهي تجول في عقلك”.
وهو عادةً ما يقترح البدء باسترخاء استلقائي مدته ست إلى ثماني دقائق، متبوعاً بما لا يقل عن عشر دقائق من التأمل الجلوسي. وهو يعتقد بأنه من المثالي أن تتدرب مرتين في اليوم لثماني عشرة أو عشرين دقيقة، ولكنه يدرك أيضاً بأنه ليس بإمكان الجميع أن يتدبَّر ذلك.
أفكار يوغية أخرى
يُستخدم في يوغا إينغار عددٌ من الوضعيات كجزءٍ من علاج القلق. إنّ وضعيات مثل الانحناء الأمامي الوقوفي المنفرج الرِجلين (براساريتا بادوتاناسانا) والتي يُسند فيها الرأس على نحوٍ لطيف تُعتبَر مهدِّئة على وجه التحديد. إذا كان رأسك لا يصل الأرض عندما تنحني إلى الأمام، فاستعمل كتلة مضلّعة أو بطانية أو وسادة أو غير ذلك من وسائل الإسناد لتسند هامة رأسك وإلا ستفقد التأثيرات “المهدِّئة للعقل”.
نصائح طبية للقلق ونوبات الذعر
● الاكتئاب، والإفراط في شرب الكحول، وداء السكر، ومرض الغدة الدرقية هي جميعاً من بين الحالات التي يمكن أن تسبِّب القلق ويجب أن تُستثنى و/أو تعالَج.
● إذا كان الغضب الواضح أو المستوى المنخفض من احترام النفس يشكِّلان جزءاً من أعراضك، فربما تعاني من اكتئاب ضمني وقد تستفيد من استشارة طبيب أو معالج نفسي.
● يمكن أن يكون العلاج النفسي وسيلة هامة لتهدئة القلق. يُرجَّح أن يكون جمع العلاج والأدوية أو العلاج واليوغا أكثر فعالية من استخدام كل طريقة بمفردها.
● رغم أن المسكِّنات في عائلة الفاليوم غالباً ما يتم وصفها لتهدئة القلق، إلا أنه بسبب التأثيرات الجانبية لها مثل النعاس والإدمان، يفضِّل معظم الخبراء عندما يضطرون لوصف أدوية، مضادات الاكتئاب مثل البروزاك أو الزولوفت.
● يمكن للتقارير الإخبارية وخاصة أخبار التلفاز أن تغذّي القلق. بدلاً من مشاهدة الأخبار لنصف ساعة في اليوم، مارس اليوغا عوضاً عن ذلك وانظر إن كنت تشعر بتحسّن.
● يقترح رولف تقليل استهلاك الطعام المعالَج، والأطعمة السريعة الجاهزة، والكيمياويات التي تزيد من تنشيط جهازك العصبي. وهو ينصح تحديداً بتقليل أو إلغاء استهلاك الكافيين، والسكر، والكحول، والنيكوتين. كما يفضِّل رولف الطعام المطهو جيداً على الطعام النيِّئ بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من القلق، وهي نصيحة تتماشى مع التفكير الأيورفيدي.
● يبدو أن الأحماض الدهنية أوميغا – 3 المتواجدة في بعض أسماك المياه العميقة وفي زيت بزر الكتان تخفِّض القلق.
● البابونج الألماني، وصبغة زهرة الآلام، وفيتامينات ب المكمِّلة، والمغنيزيوم هي جميعاً علاجات آمنة يبدو أنها تحتوي على خواص مضادة للقلق. كما ظهر أن المعالجة العطرية بروائح مثل الخزامى لها تأثير مهدِّئ.
● من التدابير الأخرى لمصارعة القلق هناك الوخز بالإبر والتمارين الهوائية المنتظمة.
موانع واعتبارات خاصة وتعديلات
● يمكن للأناس الذين عانوا من حالات مطوَّلةٍ من القلق أن يصلوا إلى حالة من الإنهاك المهلِك. يمكن لهؤلاء الناس أن يصبحوا فقط أكثر استنفاداً إذا اضطلعوا بتدريب يوغا مفرط النشاط قبل الأوان. فوضعيات تحية الشمس القوية، ووضعيات الوقوف المركَّزة بفترات بقاء طويلة، والتدرّب في غرفة دافئة قد تكون جميعها غير ملائمة. حكم التجربة هو أن تعيد شحن بطارياتك أولاً ومن ثم أن تزيد من شدة تدريبك تدريجياً. كما أن الوضعيات المرمّمة القياسية ليست دائماً ملائمة في البداية. يقول رولف: “الشخص الذي يدخل اليوغا وهو قلق للغاية قد لا يستجيب جيداً للوضعيات المرمّمة والمُسنَدة. فهو يستلقي هناك مستعجلاً وعيناه مفتوحتان باتساع منتظراً منك أن ترشده بطريقةٍ ما”.
● يمكن للاسترخاء الفعال، مثل يوغا نيدرا حيث يتم إرشاد الطالب من قِبَل معلِّم أو شريط تسجيل، أن يُبقي العقل الجوّال أكثر هدوءاً وأكثر تركيزاً مما قد يفعل الصمت التام. يمكن للانقلابات أيضاً أن تلعب دوراً هاماً في تهدئة العقل ولكن هناك بعض الاعتبارات الخاصة للأناس الذين يعانون من القلق. يقول رولف بأنه عندما يحاول الناس تأدية وضعيات انقلاب من أي نوع لأول مرة، فهم سيختبرون شعوراً بالضغط في الرأس. ويقول إنّ بعض مرضى القلق لا يستجيبون جيداً لهذا الإحساس. وهو يقترح إن كانت هذه هي الحالة، أن تبدأ بانقلابات أقل شدة مثل وضعية الجسر أو وضعية “الرِجلان أعلى الحائط” والتي لا ترفع الجسم عالياً جداً وبالتالي فهي تولِّد ضغطاً أقل في الرأس. كما يحاول أن يطمئن الطلاب القلقين بأنهم إذا سمحوا لأنفسهم بأن يبقوا في الوضعية لفترة قصيرة، فإن الضغط سيتحوَّل إلى إحساس بالامتلاء سيجدونه ممتعاً. يقول: “ولكن إذا كنت تقاوم الوضعية بسبب القلق، فإن تركيزك على الضغط قد يعني بأنه لن يتغيّر”.
● قد لا تنجح بعض تدريبات الآسانا والبراناياما جيداً مع أولئك الذين يعانون من القلق. فانحناءات الظهر الخلفية التي تميل أحياناً لأن تكون منشِّطة ستجعل مرضى القلق أشد قلقاً. ومع ذلك، فإن تعلُّم كيفية أداء انحناءات الظهر الخلفية مع تنفس هادئ وحالة عقلية متوازنة يمكن أن يكون وسيلة فعالة لمصارعة القلق. كما أن شمل عدد من التدريبات المهدِّئة بعد انحناءات الظهر الخلفية لتهدئة الجهاز العصبي هو شيء مفيد أيضاً. وعلى نحوٍ مماثل، فإن أي تدريب يطيل الشهيق أو يركِّز على التنفس من خلال المنخر الأيمن قد يحث الاهتياج. من الأفضل بشكلٍ عام أن تركِّز على إطالة الزفير أو أن تُبقي الشهيق والزفير متعادلين. بالنسبة للأناس الذين يميلون لأن ينزلقوا في حالة قلقة أو كئيبة بإفراط عندما يحاولون تأدية البراناياما أو التأمل أو حتى الشافاسانا، فالحل الوحيد هو أن يبقوا أعينهم مفتوحة خلال كامل التدريب.
● ثبت أن اليوغا كانت مفيدة على نحوٍ هائل بالنسبة لغراسيلا. تقول: “لولا اليوغا، وإدراك النَّفَس، وقدرتي على قمع قلقي، ما كنت لأعرف أين سأكون اليوم”. ربما معتمدةً على الأدوية، كما تفترض.
● كما يبدو أن التدريب قد ساعد في تخفيف الربو الذي تعاني منه. احتاجت غراسيلا إلى عقاقير متنوعة لأجل الربو، بما فيها التيوفيلِّين والألبيوتيرول ومناشق الستيرويد. ومنذ أن بدأت بممارسة اليوغا بانتظام اختفت أعراض الربو لديها وهي الآن لا تتناول أية عقاقير له.
● كانت بعض منافع اليوغا أقل توقّعاً. تقول غراسيلا بأنها بعد أن بدأت بالتدريب بانتظام شعرت بجسمها أكثر رشاقة. تقول: “بأدائي للآسانا شعرت بأن نوعاً ما من الرشاقة هو في طريقه إليّ أخيراً”. كما لاحظت تحسّناً هاماً في وِقفتها. وتخبرها عائلتها الآن بأنها حصلت على جسدٍ جديد تماماً.
● لم يكن الأمر برمّته سهلاً. فقد شعرت في البداية برهاب الانغلاق ووجهها للأسفل في الماكراسانا. كما أن التأمل كان تحدياً خاصاً ولكنها تعتقد الآن بأن التأمل قد ساعدها أكثر من أي شيء آخر في التعامل مع المسائل الانفعالية التي ربما كانت تغذّي قلقها.
● تؤدي غراسيلا الآسانا لمدة ساعة تقريباً في اليوم ونصف ساعة أخرى للتأمل وتدريبات التنفس. ورغم أنها تحاول أن تتدرب كل يوم، إلا أنها لا تنجح في ذلك دوماً. وعندما تفوِّت يوماً واحداً فهي تلاحظ فرقاً هائلاً في مستوى طاقتها وصفائها الذهني.
● كما أن اليوغا قد منحتها الشجاعة لتطرق تحديات جديدة. ففي محاولةٍ منها لتستفيد من مناخ أقسى بكثير من مناخ موطنها في أميركا الجنوبية، تعلّمت غراسيلا أن تتزلج مباشرة بعد بدئها دراسة اليوغا مع رولف. كانت تنتابها في البداية نوبات ذعر خفيفة على المنحدرات. كانت محظوظة لأن تحظى بمعلِّم ميَّز ما كان يحصل معها. تضحك غراسيلا عندما تخبر القصة: “كان يقول لي: ’هل يمكننا أن نؤدِّي بعض تمارين تنفس، رجاءً؟‘ لا أحسب بأني كنت سأقدر على أدائها لولا اليوغا”.
أقكار مفيدة
● يشعر يعض الناس الذين هم قلقون أو مكتئبون بأنهم لا يستطيعون أن يأخذوا نَفَساً كاملاً. تعلِّم اليوغا بأن إحدى الطرق لتحسين الشهيق هي أن تركِّز على الزفير. حين تتعلّم أن تشغِّل العضلات البطنية لتضغط بلطف المزيد من الهواء إلى الخارج مع كل زفير، فستقدر على أخذ نَفَسٍ أعمق وأكثر إرضاءً
● إذا كانت لديك مشكلة في التنفس عبر الأنف بسبب احتقان أنفي، فجرِّب استعمال قِدر النِتي مرة أو مرتين في اليوم لغسل ممراتك الأنفية بماء مالح دافئ. ورغم أن الفكرة قد تبدو مثيرة للقلق في البداية، إلا أنّ هذه التقنية بمجرّد إتقانها تصبح سارّة ومهدِّئة
● يتخلّى بعض الناس عن التأمل قبل أن يمنحوه فرصة حقيقية لينجح لأنهم يعتقدون بأنهم لا يجيدونه. يقول رولف بأن المشكلة الأكبر تتمثَّل في ما يعتقده الناس بأن الهدف من التأمل هو إفراغ العقل. لديهم الانطباع بأن عقولهم يجب أن تصبح فارغة بطريقة ما وبأن قلقهم يجب أن يتم استبداله بذلك الفراغ. يقول رولف: “ولكن هذا لن يحدث أبداً. إنّ عملية التأمل هي عملية استبدال القلق والإلهاءات بتركيز مسترخٍ. ومن دون شك، فإن القلق والإلهاءات تتواجد في الوقت نفسه مع ذلك التركيز المسترخي”. ولكنه يقول بأن الشخص الذي يتأمل يكتسب على نحوٍ سريع نسبياً مسافةً بعيداً عن القلق والأفكار المشتّتة وسيسترخي حتى بعمق أكثر
● يمكن لعدد من تدريبات التنفس التي تدرَّس في تقاليد يوغية مختلفة أن تساعد في تهدئة العقل. من بين أبسط هذه التدريبات وأكثرها فائدة هو ذاك الذي تكون فيه نسبة الشهيق إلى الزفير مساوية لـ 1:2. إذا كنت تشهق طبيعياً لثلاث ثوان، على سبيل المثال، فانظر إن كنت تستطيع أن تبطئ الزفير إلى ست ثوان بينما تُبقي شهيقك بسرعته المعتادة. وكما هو الحال في تمارين التنفس اليوغية كلّها، لا يجب أبداً أن تشعر بأي ضيق في النَّفَس أو إزعاج خلال إطالتك للزفير. إذا شعرت بذلك، فارجع على الفور إلى معدّل تنفسك الطبيعي.