التصنيفات
صحة المخ والجهاز العصبي

تمرينات وحمية لمكافحة الشيخوخة وضمان عقل سليم

الرسالة العامة التي يتلقّاها الشعب هي أنه إذا أكل شخص وتمرّن جيداً، ينبغي أن يحافظ على عافية بدنية جيدة، وحركية مقبولة، وقدرات ذهنية سليمة. في هذا الموضوع، سأناقش تأثيرات عوامل وقاية عصبية معينة فيما يتعلق بحمية وتمرينات، وأحاول الكشف عن سبب حاجتنا إلى الحذر مما نتناوله، وحاجتنا إلى النهوض والحركة، ولماذا ينبغي أن نراقب ما نأكله.

فيتامينات

أحياناً، يكتشف صحفيون دراسة طبية يمكن تحويلها إلى تقرير إخباري مسائي أو مقال رئيس. تركّز هذه التقارير عادة على نوع جديد من المداواة، أو “دواء عجيب” جديد، أو كيف تؤثر طريقة أكلنا وفيتامينات معينة على صحتنا عموماً. عالمياً، السكان يتقدّمون بالعمر، إلى حد أن عدد السكان الذين تتجاوز أعمارهم الخامسة والستين سيفوق عدد الأطفال تحت الخامسة على الأرجح باقي تاريخ الإنسانية. إحدى مجالات التركيز حين يتعلق الأمر بالتقدّم بالعمر جيداً هي تحديد إضافات يمكن أن تؤثر بإيجابية على عملية التقدّم بالعمر، خاصة تأكسد الخلايا. الأكسدة كلمة تُستخدم غالباً حين نتكلم عن صدأ على سيارة، لكن البشر على كل حال يختبرون أيضاً بنحو أساسي هذه العملية، وإن يكن بطريقة مختلفة نوعاً ما طبعاً، ويحظى إيجاد طرق لمكافحة عملية التقدّم بالعمر هذه باهتمام شخصي وتجاري كبير في المجتمع العالمي.
تحدث الأكسدة على مستوى خلوي وتنتج برد فعل كيميائي تحفّز إنتاج شوارد حرّة (إلكترونات لا ثنائية يمكن أن تسبب أضراراً خلوية). تسبب شوارد حرّة ضمن خلية أساساً أضراراً لها أو موتها، من ثم فقد فحصت أبحاث كثيرة طريقة إيقاف رد الفعل الكيميائي هذا عبر الاستفادة من مضادات أكسدة، التي تعمل كما يصف اسمها: توقف التأكسد. تعدُّ أغذية غنية بمضادات أكسدة معينة طريقة للحفاظ على الصحة ومكافحة عملية التقدّم بالعمر – لهذا تدعى أغذية وفيتامينات مضادة التقدّم بالعمر. تاريخياً، يُروّج لأغذية غنية بفيتاميني C وA (لوحظ أنها تحفّز أنزيمات مضادة أكسدة) على أنها طرق ممتازة وآمنة لخفض وطأة الأكسدة وزيادة صحة الخلية، والتأثير على صحة المرء العامة بطريقة إيجابية.
كان باحثون لهذا السبب مهتمين جداً بفهم أدوار فيتامينات C، وA، وD، خاصة فيتامين E في إحداث تغيير في “سكان معرّضين لخطر”، مثل أفراد مصابين بحال تنكّس عصبي كداء ألزهايمر أو خلل معرفي معتدل.

فيتامين C

قد يقول شخص إن فيتامين C كان مسؤولاً جزئياً عن بناء الإمبراطورية البريطانية، ويُعزى هذا إلى أن البريطانيين، ضمن أمم أخرى، كانوا يستكشفون العالم بحراً، وإحدى أصعب العقبات التي واجهوها كانت الحفاظ على صحة بحّارتهم. اكتشف البريطانيون أن أكل فاكهة حمضيات طازجة يساعد بحّارتهم في تفادي الأسقربوط، وجاء مع هذا الاكتشاف أول تجربة لفيتامين سي. أكّد جرّاح البحرية الملكية جيمس ليند أن بحّارة يُمنحون فاكهة حمضيات طازجة يومية بقوا أصحاء مقارنة بمجموعة أخرى من بحّارة تلقّوا حميتهم المعتادة. منذ ذلك الوقت، أصبح معروفاً أن أفراداً ينبغي أن يستهلكوا فاكهة طازجة لضمان جرعة من فيتامين C. إن C (مختصر حمض الأسكوربيك) فيتامين يذوب بالماء ومهم في وظيفة الأيض الصحية، وبسبب أهميته يُستهلك غالباً بكميات كبيرة، خاصة في مجتمعات غربية. أظهرت دراسة كندية أن معدّل الاستهلاك منه يبلغ 133 ملغ يومياً لذكور و120 ملغ لإناث يومياً. تختلف الجرعة اليومية الموصى بها من فيتامين C، لكن كميات قريبة من 90 ملغ يومياً للذكور و75 ملغ للإناث، زائد ناقص 10 ملغ، ستكون فاعلة، وبالنسبة إلى كبار السن، يُوصى بأن يستهلكوا كميات قرب أعلى المعدّل. لضمان مستويات جيدة، ينبغي أن يعرف المرء أن ثلاثة أرباع كأس من عصير البرتقال يضم نحو 50 ملغ من فيتامين C، لذا ليس صعباً الحفاظ على مستويات ملائمة.

كسب فيتامين C أيضاً شهرة في التأثير بإيجابية على صحة القلب (يساعد في إنتاج الكولاجين الضروري في الجهاز الوعائي) ويستخدمه أيضاً أفراد لديهم تاريخ أسري مع السرطان، بالرغم من أن التوثق من فاعلية هذا لا يزال صعباً. لقد أظهر باحثون سريريون أن فيتامين C يسهم بخفض خطر الأمراض القلبية الوعائية والجلطة بخفض ضغط الدم الانقباضي. كما سأناقش لاحقاً، بالرغم من أننا نعلم أن جهازنا الوعائي أساسي في صحة الدماغ، ما نرغب بمعرفته حقاً هو إن كان بمقدور فيتامين C مساعدة دماغك، لكن التوثق من هذا صعب؛ لأنه من بين كل الأجهزة في الجسم، الدماغ هو الأقل فقداناً لمشتقّات فيتامين C (مثال: أسكوربات)، وما يشير هذا إليه هو أن فيتامين C أساسي في وظيفة الدماغ. إضافة إلى هذا، يُظنُّ أن أسكوربات معدّل عصبي لنواقل غلوتامات، ودوباميني، وكولين، وغابا. أخيراً، مهم أن نبيّن أن أمراض التنكّس العصبي تتضمن غالباً مستويات عالية من التأكسد، ويُظنُّ أن أسكوربات يساعد في خفض الشوارد الحرّة، وقد يساعد من ثم في مكافحة التقدّم بالعمر عموماً.

فيتامين A

يؤثر فيتامين A على عدد من الوظائف في الجسم (مثال: رؤية، وظيفة المناعة، الجلد وصحة الخلية، نشاط مضاد الأكسدة). يؤثر نقص فيتامين A على تطوّر الرؤية إلى حد أن 250.000 إلى 500.000 طفل تقريباً في أقاليم مثل جنوبي شرقي آسيا وأفريقيا يُصابون بالعمى نتيجة ذلك. ترتبط مشكلات ثانوية متعلقة بنقص فيتامين A بانخفاض نظام مناعة المرء، وفي الواقع، لقد أظهرت دراسات في دول نامية أن نقص فيتامين A قد يكون مرتبطاً بزيادات كبيرة في معدّلات وفاة أفراد أُصيبوا بالملاريا. من ثم، علاقته بالصحة واضحة جداً.
فيتامين A يذوب بالدهن، ولهذا تكون إزالة كميات زائدة أكثر صعوبة من فيتاميني C وB، اللذين يُحلان بالماء، وهذا يعني أن أفراداً ينبغي أن يتوخوا الحذر من جرعات عالية قد تُحدث مستويات سُمّية. حالياً، يُظنُّ أن جرعات تتجاوز 3000 ميكروغرام يومياً غير مفضّلة لأي من الجنسين، والجرعة المقترحة لإناث هي 700 ميكروغرام يومياً، ولذكور 900 ميكروغرام كل يوم. لقد اقتُرح أيضاً أن أفراداً في دول متطوّرة ربما يستهلكون أكثر من الكميات اليومية الموصى بها، وقد رُبط تناول أكثر من الكمية المحدّدة بكسور الورك وهشاشة العظام.
إذاً، هل يمكن أن تساعد الدماغ؟ الإجماع العام على هذا السؤال هو عدم وجود جواب، ففاعلية فيتامين A في تغيير مسار الخلل المعرفي ليست معرّفة جيداً، ولذا لا يمكن عرض أي استنتاجات. إذاً ما نعرفه عن هذا الفيتامين فيما يتعلق بالحفاظ على صحة الدماغ شحيح، وأظنُّ أنه في سياق فهم عملية هذا الفيتامين كلها، ينبغي استكشاف أشياء أخرى سيتمخّض عنها مزيد من الأجوبة.

فيتامين D

فيتامين آخر يحظى بكثير من الاهتمام أخيراً هو D، وقد لوحظ أن له دوراً مفيداً في وظيفة العضلات، والصحة القلبية الوعائية، ومكافحة السكري، والسرطان. مجدداً، الصلات ليست مؤكدة 100 بالمئة، وقد اقترحت أدلّة إضافية أن الفيتامين D قد يكون فاعلاً في حالات تسبّب فيها عوامل وعائية (مثل شرايين مسدودة جزئياً) خللاً معرفياً، أو على أنه عامل حماية ضد عوامل خطر مرتبطة بخلل وظيفي معرفي. على كل حال، كما هي الحال مع فيتامينات أخرى، لم يُتوصّل إلى نتيجة نهائية حاسمة، وأظهرت مراجعة تصنيفية لعدّة دراسات تقوّم فاعلية فيتامين D، وفيها قدرته على الحفاظ على وجود علاجي ودائم في الجسد، نتائج متباينة. مثلاً، عرضت ثلاث دراسات فوائد إيجابية، في حين أظهرت إحدى عشرة دراسة أخرى علاقات غير مهمة. بالرغم من أن الحكم على فيتامين D لا يزال بعيد المنال، ينبغي أن يتوخى المرء الحذر من دراسات جديدة توضّح الجرعات الملائمة للاستهلاك والفوائد المنجزة التي يمكن كسبها من استخدام هذا الفيتامين، وأنا أظنُّ أنه قد يُحدث عدداً من الفوائد التي لم تُفهم تماماً حتى الآن.

فيتامين E

فيتامين E مضاد أكسدة يذوب في الدهن، وقد لوحظ أنه يسهم في وظائف تتعلّق بتنظيم نشاطات إنزيمية مسؤولة عن تسهيل نمو العضلات، والقدرة النسبية الجينية، ونمو النسيج الضام (ما يعني أنه جيد لالتئام الجروح والأنسجة). الأبرز أن فيتامين E مضاد أكسدة أنسجة عصبية، وقد أظهر البحث أنه عندما تُنهك جرذان عمرها سنة واحدة (تُحقن بشوارد منزوعة الأوكسجين)، فإن أول عضو يتأثر هو الدماغ. من ثم، قد يؤثر نقصان فيتامين E على نمو العصبون، وتكوّن الغشاء النسيجي، وحركة الخلية. مع إبقاء هذا وأدلّة أخرى في الذهن، يفترض باحثون منطقياً أن كميات كبيرة من فيتامين E قد تكون مفيدة للدماغ، خاصة لأفراد ينتمون إلى مجموعة معرّضة للخطر، مثل أولئك المصابين بخلل معرفي.
في العقد الأخير أو نحو ذلك، وُصف فيتامين E على أنه عامل تغيير، وكان يوصف طوال سنوات عديدة، ولا يزال غالباً، على أنه طريقة لزيادة فاعلية المداواة الطبية لأفراد مصابين بخلل معرفي. أصبح فيتامين E لهذا السبب الفيتامين النوعي الذي يُوصى به لأفراد كثيرين تُشخّص حالتهم بخلل معرفي، خاصة أولئك المصابين بعته، لكن ماذا يخبرنا البحث عن فيتامين E؟ لم يُثبت دور فيتامين E على أنه مضاد أكسدة فاعل وفي الحفاظ على دماغ سليم حتى الآن. يتمتع فيتامين E وفيتامين C، كما قلت آنفاً، بخصائص مضادة أكسدة مهمة، لكن لا دليل حاسم على قدرتهما بإحداث تغيير فاعل في أفراد مصابين بعته أو عدّه إستراتيجية وقاية عصبية لأولئك المصابين بخلل معرفي معتدل. لم تُثبت دراسة متابعة امتدّت ثلاث سنوات وفحصت تأثيرات فيتامين E على بداية داء ألزهايمر في مواطنين مصابين بخلل معرفي معتدل أي حقائق. إضافة إلى هذا، زادت جرعات عالية طويلة الأمد من فيتامين E (400 وحدة دولية يومياً) معدّل الوفاة مقارنة بتجارب منخفضة الجرعة. وبوصفه عنصراً أساسياً في معالجة داء ألزهايمر، لم يعد فيتامين E يوصف على نطاق واسع كما هي الحال سابقاً، وإضافة إلى هذا، أضحت الرعاية أكبر الآن قبل التوصية بجرعات عالية من أي فيتامين، خاصة فيتامين E.

أخيراً، ينبغي توخي الحذر والتعقّل عند تناول جرعات عالية جداً من فيتامينات معينة، فتأثيراتها قد تكون متباينة، وفي بعض الحالات قوية جداً، ولذا ينبغي مقاربتها بحد معين من الشك، خاصة حين أخذ البحث عن فيتامين E بالحسبان. يتطلّع الناس غالباً إلى جواب أو مسار فعل، خاصة حين يتعلق الأمر بتناول النوع الملائم من الفيتامينات، وفيها معرفة الجرعات الصحيحة، والمزيج الملائم، وأفضل الأوقات من اليوم لتناولها. كما قد أظهرت، ليست هناك أجوبة شافية، لكن هذا لا يعني بالتأكيد أنه ينبغي تجاهل الفيتامينات أيضاً، ولكسب فوائدها كاملة، ينبغي أن تتناولها قبل وجبات لا بعدها؛ لأنها تساعد في زيادة مستوى امتصاص مواد مغذية أخرى في طعامك. تتمتع الفيتامينات بدور مهم وقد تكون فاعلة لبعض الأفراد أكثر من آخرين. مثلاً، قد لا يستفيد أولئك الذين يأكلون حمية غنية بالفيتامينات من الاستخدام الشامل لها، لكن أفراداً يتناولون حمية تنقصها فيتامينات قد يحصلون على نتائج جيدة. أخيراً، يكون سلوك أفراد يستهلكون فيتامينات غالباً صحياً، من ثم على مستوى السكان يصبح صعباً فهم معدّل فاعليتها. ما يمكن استنتاجه من هذا هي أن سلوكاً صحياً (مثال: تمرينات منتظمة) واستخدام فيتامينات (تُستهلك عبر أغذية غنية بالفيتامينات) يمثّلان أفضلية لحياة صحية.

ريسفيراترول Resveratrol

ريسفيراترول موضوع شائع آخر في أحاديث التقدّم بالعمر، وهو مادّة مركبة نباتية متعددّة الفينول من أسرة الإستلبين. إذاً، أساساً هذا مركّب كيميائي موجود في نباتات معينة، ودورها مكافحة البكتريا. على كل حال، يستهلك بشر أغذية غنية بالريسفيراترول الذي يتمتع بفوائد مضادة الأكسدة.
من الأغذية الغنية بمحتوى الريسفيراترول، العنب الأحمر، وعنب الأحراج، والتوت البرّي، والفول السوداني، وعشبة العُقَد اليابانية، والشوكولا الداكنة (كاكاو)، وهذا غيض من فيض. إضافة إلى هذا، لقد اكتشف باحثون أن المرء لا يجني تأثيرات مضادة تخثّر فقط من ريسفيراترول، إنما قد يتمتع هذا المركّب بخصائص وقاية عصبية أيضاً.
أنا واثق بأنك ترغب حقاً بمعرفته هو إن كان بمقدور ريسفيراترول مساعدة دماغك. حسناً، الجواب البسيط هو نعم، فهذا ما يبدو عليه الأمر، وقد أظهر البحث أن ريسفيراترول يتميز بخصائص وقاية عصبية ومرتبط بطول العمر. أحد أهم عوامل ريسفيراترول هو أنه يبدّل مسار داء ألزهايمر، وأحد العوامل الجينية الأساسية في داء ألزهايمر هو إنتاج نشاء بيتا، الذي يعد نذيراً لتطوّر صفيحات وتشابكات في دماغك. لقد أظهرت أدلّة حديثة أن إنتاج نشاء بيتا ينخفض مع وجود ريسفيراترول، ويبرز أمل بإمكانية إبطاء تقدّم داء ألزهايمر بنحو مؤثر أو إيقافه بتشذيب العملية التفاعلية لمركّبات كيميائية معينة (مثال: فيتامينات) تشترك في تعزيز صحة الخلايا. حالياً، يُربط ريسفيراترول بتعزيز هذه المركّبات الكيميائية الصحية ويستمر فحصه، خاصة فيما يتعلق بأمراض تنكّس عصبي. في الواقع، لقد أثبت باحثون أن إنتاج مركّبات كيميائية صحية تأتي من تناول ريسفيراترول يؤثر على تقدّم المرض في حالات تنكسّس عصبي أخرى مثل مرضي باركنسون وهنتينغتون. يساعد ريسفيراترول في إيجاد وضع تنشط فيه عمليات كيميائية جيدة، وفي الوقت نفسه يحدُّ من عمليات سيئة. على كل حال، يحدث هذا إلى حد معين فقط، والتأثيرات ليست دائمة، من ثم لا يزال هناك كثير من الأشياء غير المعروفة في هذه العملية. إضافة إلى هذا، بالرغم من إمكانية إبقاء تفاعلات كيميائية معينة تحت السيطرة نتيجة هذا التفاعل الإيجابي، إلا أن هناك غالباً مجموعة أشياء سيئة تحدث على مستوى خلوي تسهم في تقدّم تنكّس عصبي. يعدُّ هذا البحث قطعة أخرى من الأحجية، وسيسهم في الكشف عن هذه الأمراض، وتمثّل معرفة ظهور فوائد إيجابية في حالات التنكّس العصبي هذه بوجود ريسفيراترول بحد ذاته أدلّة جيدة للباحثين في مضيهم قدماً.
كما قلت سابقاً، نعرف أن حمية جيدة مهمة للحفاظ على صحة المرء، لكن مهم أيضاً أن تكون الحمية منظّمة جيداً. يظن أفراد كثيرون أنهم إذا أكلوا حاجاتهم اليومية من الفاكهة والخضراوات، ينبغي أن يكون هذا كافياً ليتمتعوا بصحة عامة جيدة. على كل حال، بالرغم من أنهم قد يحصلون على حاجتهم اليومية من الخضراوات والفاكهة، إلا أنهم ربما يحصلون على جرعات عالية من السعرات الحرارية، ما قد يكون ضاراً للدماغ، وقد أظهر باحثون أن تطبيق حمية تقل فيها السعرات الحرارية بنسبة 30 بالمئة على جرذان وفئران قد مدّ حياتها 30 إلى 40 بالمئة. إضافة إلى هذا، مقارنة بجرذان وفئران سُمح لها بأن تأكل كما تريد، أظهرت تلك الخاضعة لقيود سعرات حرارية قدرة أكبر على تجاوز تأثيرات إجهاد الأكسدة. يعدُّ الحد من السعرات الحرارية التقنية الوحيدة التي تبين بانتظام أنها تبطئ عملية التقدّم بالعمر وتحافظ على الصحة والحيوية، وقد أظهرت دراسة واسعة النطاق نفّذها المعهد الوطني للتقدّم بالعمر باستخدام حيوانات رئيسة (قرود صغيرة وسناجب وسعادين) عدداً من الفوائد الإيجابية. مثلاً، أظهرت مشروعات منفصلة انخفاضاً في كتلة الدهن، ووزن الجسم، ومستويات الكولسترول والغليسيريد الثلاثي، إضافة إلى التصلّب الشرياني. لاحظت هذه الدراسة أنه بمرور الوقت يُتوقّع انخفاض احتمال إصابة هذه الحيوانات بأمراض قلبية وعائية، وسرطان، وسكري، وأمراض أخرى مرتبطة بالتقدّم بالعمر. على كل حال، تكمن مشكلة هذه الدراسة في قدرة أفراد على خفض جرعتهم من السعرات الحرارية بنسبة 30 بالمئة، ولجني هذه الفوائد ينبغي على هؤلاء أن يبدّلوا كثيراً عاداتهم الغذائية.
لقد زوّدتنا دراسات سكانية ببعض الاستنتاجات المبالغ فيها لكن المثيرة جداً للاهتمام، وإحدى الأمثلة على هذا هي المقارنة بين مجتمعات بذاتها. مثلاً، يستهلك أفراد في الصين واليابان بالمتوسط 1600 إلى 2000 سعرة حرارية يومياً (حمية تستند على الأسماك والأرز)، وهذا مقارن مع الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، حيث يبلغ متوسط استهلاك السعرات الحرارية 2500 إلى 3000 يومياً. معروف أن داء ألزهايمر أوسع انتشاراً أيضاً في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية، وبالرغم من أن هذه مجرد صلة عَرَضية، إلا أنها لا تزال تحظى باهتمام كبير. مهم أيضاً أن نلاحظ أن داء ألزهايمر هو واحد من أمراض عصبية عديدة تنخفض بخفض جرعة السعرات الحرارية.

تمرينات

قد تحافظ ممارسة نشاط بدني وتعزّز الوظيفة المعرفية والعقلية، وسيوجز القسم الآتي أهمية التمرينات الرياضية وكيف تعزّز وظيفة دماغ إيجابية.

سؤال أساسي هو الآتي: هل التمرين عامل جوهري في الحفاظ على عقل سليم إضافة إلى جسم سليم؟ يا محبّي الجلوس أمام التلفاز، استجمعوا قواكم! إليكم الرسالة مرة أخرى؛ رسالة قد سمعناها طوال حياتنا: نعم، التمرين عامل جوهري في الحفاظ على دماغ وعقل سليمين. على كل حال، هذا لا يعني أنك ينبغي أن تتدرّب للمشاركة في ماراثون، وفي الواقع، تشير نتائج من عدّة دراسات إلى أن مقداراً معتدلاً من النشاط قد يكون مفيداً لجسمك ودماغك. يقدّم القسم الآتي بعض الأمثلة على نشاطات ينبغي أن يشترك فيها المرء والتحسّنات التي تنتج عنها.
بعض الأسئلة المهمة التي تُطرح بشأن التدهور المعرفي حين يتقدّم أفراد بالعمر هي: هل هناك أشياء يمكنني فعلها لمنع حدوث هذا لي؟ إذا حدث لي، فهل هناك أشياء يمكنني، وينبغي، أن أفعلها لإبطاء العملية؟ مثلاً، إذا شُخّصت إصابتي بحال تنكّس عصبي مثل داء ألزهايمر، فهل هناك أي وقت لبدء برنامج تمرينات؟ هذه المعلومة هي الأكثر طلباً؛ لأن أفراداً وأسراً يرغبوا بأن يعرفوا ما ينبغي فعله قبل مثل هذا المرض، ويريدون أيضاً معرفة ما يجب القيام به حين تصبح الحال حقيقة واقعة. لننظر إلى بعض الأبحاث.
رداً على السؤال الأول، الجواب هو نعم. هناك بعض الدراسات التي تُظهر أننا نمتلك جميعاً في الواقع القدرة، عبر التمرين، على خفض الخلل المعرفي. أظهرت دراسة تحسّناً مهماً في مهارات التواصل حين يشترك أفراد في برنامج مشي لا يتعدّى ثلاثين دقيقة يومياً، ثلاث مرات أسبوعياً، مدة عشرة أسابيع (مع مراقبة عوامل خطر قلبية وعائية). لوحظ تحسّن أيضاً في مجالات مثل وظيفية تنفيذية (نشاطات تخطيط واستنتاج) ووظيفة معرفية عامة مع برنامج يتطلّب، مجدداً، ثلاثين دقيقة من المشي يومياً أو إكمال تمرينات يدوية معدّلة (تُستخدم مع أفراد قدرتهم الحركية محدودة) ثلاث مرات أسبوعياً مدة ستة أسابيع. أظهرت نتائج هذه البرامج تحسّناً كبيراً مقارنة بمجموعة مراقبة لم تشترك إلا في نشاطات أحاديث. لقد أظهرت دراسات إضافية تحسّناً معرفياً عاماً كبيراً حين يشترك أفراد في نشاطات مثل بينغو (عشرين دقيقة يومياً) أو مشي أو ركوب درّاجات هوائية. يمكن ربط كل من سرعة المشي ومسافته باحتمال انخفاض اختبار أعراض داء ألزهايمر. لقد لوحظت التأثيرات المفيدة لنشاط بدني منتظم على أنه عنصر “حماية” ضد بداية العته في دراسات أبحاث كثيرة، وفي إحداها تطوّر داء ألزهايمر في 158 فقط من 1740 مشتركاً تزيد أعمارهم على الخامسة والستين. على كل حال، لدى تنظيمهم وفقاً للعمر، والجنس، والحال الطبية، انخفض احتمال إصابة أفراد يمارسون تمرينات ثلاث مرات، أو أكثر، أسبوعياً بعته 34 بالمئة، ويشير دليل آخر إلى إمكانية ربط ازدياد حجم الدم الدماغي، الذي يعكس زيادة في أداء معرفي، بازدياد النشاط البدني. مرة أخرى، لا يرتبط النشاط البدني وحده بزيادات في مقاييس سلوكية (نقاط اختبار أفضل)، إنما بتغييرات دماغية تُلحظ بسهولة (زيادة تدفق الدم عبر الدماغ). من ثم، حتى معدّلات معتدلة من النشاط قد تكون مهمة لمنع التدهور المعرفي حين نتقدّم بالعمر. إضافة إلى هذا، تبين أن مقدار النشاط يؤثر على عناصر حماية صحة دماغية جيدة، مع فوائد لاحقة للصحة العامة، لذا تدل النتائج بوضوح على أننا عندما نتقدّم بالعمر، تصبح تمرينات مستدامة ومنتظمة طريقة ممتازة للوقاية من التدهور المعرفي.
كان السؤال الثاني المطروح إن كان بمقدور المرء إعاقة تقدّم التدهور المعرفي حين يبدأ. مجدداً، النبأ السار هنا هو نعم!

إحدى أفضل طرق اختبار تأثيرات التحسّن المعرفي بمواجهة داء ألزهايمر هي عبر استخدام نماذج الفئران، التي تعدُّ فاعلة؛ لأن الباحثين يتمتعون بالقدرة على إنتاج حيوانات تُظهر ثباتاً في علم أمراض داء ألزهايمر، إضافة إلى وجود طرق ثابتة لقياس تحسّن الذاكرة بالاستفادة من بيئات اختبار معيارية. كان ما وجده الباحثون أنه يمكن رؤية تحسّن معرفي في حيوانات مصابة بداء ألزهايمر، وأن التمرينات مفيدة لتحسين معالجة أفكار حتى إن بدأت بعد ظهور المرض. كانت المجموعة الأكثر استفادة، في الواقع، الحيوانات التي لم تكن فاعلة جداً في البداية، ما يشير إلى الأهمية البالغة ليبدأ أفراد لا يمارسون تمرينات برنامجاً بعد تشخيص العته في محاولة لمكافحة المرض، وقد أظهر بحث على البشر نتائج مماثلة. عرضت مراجعة لعدّة دراسات أُجريت بين 1970 و2003 أن تدريباً (تمريناً) بدنياً لم يكن فاعلاً في تحسين الوظيفة المعرفية فقط في أفراد مصابين بعته إنما الرشاقة البدنية، ونشاطات وظيفية (مثال: تحضير وجبة للنفس)، ومقاييس سلوكية (مثال: مزاج) أيضاً. إذاً، يمكن أن نلخّص أن المرء يرى للتمرينات فوائد في أي مرحلة من التقدّم بالعمر، وفيها قبل العته وفي أثناء الإصابة باضطراب مرتبط به.
بعد قراءة نتائج الأبحاث هذه، يبدو محتماً أنك إذا أردت تفادي الإصابة بداء ألزهايمر، ينبغي أن تكون نشيطاً.

بالرغم من أنني أدعم تماماً نمط حياة نشيط لخفض احتمال إصابة المرء بداء ألزهايمر، إلا أن الفوائد الإضافية في خفض التوتر، والصحة القلبية الوعائية، والوقاية من أمراض (أمراض القلب، والجلطة)، وزيادة نمو الأعصاب، والتحكّم بالوزن، وفوائد النوم، وزيادة مستويات الطاقة، وتحسّن المزاج – القائمة طويلة ولا تنتهي – تستحق اهتماماً أيضاً. على كل حال، ينبغي أن يُلحظ إلى جانب هذا البحث حقيقة أن الاشتراك في برنامج تمرينات منتظم لا يضمن لك الوقاية من أي مرض صعب، فقد فشلت دراسات أخرى في إثبات أن كونك فاعلاً بدنياً يعني بالضرورة انخفاض احتمال إصابتك بتدهور معرفي. لكن عموماً، هناك دليل مقنع جداً أن الاشتراك في مستوى معين من النشاط البدني قد يخفض فرص إصابة المرء بتدهور معرفي، وإضافة إلى كل الفوائد الأخرى المرتبطة ببرنامج رشاقة منتظم (أي نوع من النشاط يتحدّى مستواك الحالي من النشاط)، لا ينتج عن عدم القيام بشيء أي شيء، وهذا مثل قول: “لا يمكن أن تفوز إن لم تلعب”، باستثناء أن اللعبة التي تمارسها في هذه الحال مهمة جداً – صحتك وربما حياتك.
تمهّل قبل أن تتجه إلى بابك مجدداً، وتوثّق من أن يقوّم مختص بالرعاية الصحية بفحص مستوى رشاقتك، خاصة قبل أن تباشر أي برنامج منتظم أو لم تكن قد مارست أي تمرينات بعض الوقت. تذكّر أن الاستمرارية مهمة جداً، وأن عليك تحديد أهداف وجدول يمكن تحقيقها، من ثمَّ زد أهدافك من هناك إن ظننت هذا ضروروياً. إذا احتجت إلى حافز إضافي، فسيكون جيداً دائماً أن تحظى بشريك، أو صديق، أو جار، أو أي شخص آخر ليرافقك، وهذا قد يزوّدك بالدعم والمساندة للبقاء على السكة الصحيحة، خاصة في أيام تفتقر فيها إلى الرغبة بالنهوض والخروج. أدركُ البساطة في هذه النصيحة، لكنها كذلك حقاً: زد نشاطك البدني، ويمكن أن تجني عدداً من الفوائد لصحتك. لا يعني هذا أنك ينبغي أن تقضي وقتاً طويلاً في التمرين، فأي شيء أفضل من لا شيء، واحترس حين تتقدّم بالعمر؛ لأن التمرين البدني جزء مهم من الحفاظ على عقل سليم. إضافة إلى هذا، قد يصبح بدء برنامج منتظم (سواء كنت في الخمسين أو التسعين من عمرك) عادة لك حتى في سنواتك الأخيرة، حتى إن لم يكن قد أثار اهتمامك من قبل. تذكّر أن الوقت لم يفت لتبدأ، ويمكن أن تجني الفوائد في أسابيع قليلة.

نصائح تمرينات ونشاطات من أجل صحة أفضل

مُبتدئ

تمرين تحمّل (ثلاث مرات أسبوعياً)
•    5-20 دقيقة مشي
•    5-15 دقيقة ركوب درّاجة هوائية (وضعية الثبات مقبولة)
•    5-20 دقيقة تمرينات ذراعين (الجلوس مقبول، ويفضّل الوقوف)
•    5-20 دقيقة من ممارسة لعبة (مثال: بولينغ عشب، رمي حدوات حصان، شفبرد [دفع أقراص خشبية بعصا على مائدة نحو نقاط محدّدة]، ركوب ثور، [لكن توخَّ أقصى درجات الحذر مع هذا التمرين الأخير – ربما يمكنك مشاهدته فحسب!])

تمرين مقاومة/توازن (مرتان أسبوعياً)

•    رفع أثقال (ابدأ باستخدام وزن خفيف في الأسابيع القليلة الأولى، قبل زيادة الأوزان – مثال: عضلات ذات الرأسين، أثقال للذراعين، تمرين عضلات ثلاثية الرؤوس [مؤخر العضد])
•    تمرينات ساقين (مثال: ثني الركبتين، تمرين الورك، رفع الساق جانبياً، ثني أخمص القدم)

تمرينات مرونة (مرتان أسبوعياً)

•    تتضمن الكتفين، وأعلى الذراعين، والصدر، والظهر (أسفل وأعلى)، والعنق، والساقين (خلف وأمام)، والفخذ، والورك، وباطن الساق، والكاحل، وأوتار باطن الركبة
•    يوغا خفيفة

متوسط

تمرين تحمّل (ثلاث مرات أسبوعياً)

•    20-40 دقيقة مشي
•    15-35 دقيقة ركوب دراجة هوائية (وضعية الثبات مقبولة)
•    10-40 دقيقة تمرينات ذراعين (الجلوس مقبول، ويفضّل الوقوف)
•    15-45 دقيقة ممارسة لعبة (مثال: تنس، غولف، صيد)

تمرين مقاومة/توازن (ثلاث مرات أسبوعياً)

•    رفع أثقال (مثال: عضلات ذات الرأسين، أثقال للذراعين، تمرين عضلات ثلاثية الرؤوس [مؤخر العضد]، تمرين الكتفين)
•    تمرينات ساقين (مثال: ثني الركبتين، تمرين الورك، رفع الساق جانبياً، ثني أخمص القدم)

تمرينات مرونة (مرتين أسبوعياً)

•    تتضمن الكتفين، وأعلى الذراعين، والصدر، والظهر (أسفل وأعلى)، والعنق، والساقين (خلف وأمام)، والفخذ، والورك، وباطن الساق، والكاحل، وأوتار باطن الركبة
•    يوغا

نموذج عن برنامج يمتد أسبوعين

الجدول 1.11 (مبتدئ)

الأسبوع الجمعة السبت الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس
1 5-10
دقائق مشي + تمطّي
رفع أثقال + تمرين ساقين (تركيز
على التوازن)
استراحة 5-10
دقائق ركوب دراجة هوائية + تمرينات ذراعين
تمطّي يوغا خفيفة – رفع أثقال استراحة ممارسة لعبة
2 5-10
دقائق مشي + تمطّي
استراحة رفع أثقال + تمرين ساقين (تركيز
على المقاومة)
تمطّي +
5-10 دقائق مشي على الأقل
استراحة ممارسة لعبة + رفع أثقال تمطّي أو يوغا خفيفة + تمرين
ساقين (تركيز على التوازن)

جدول 2.11 (متوسط)

الأسبوع الجمعة السبت الأحد الإثنين الثلاثاء الأربعاء الخميس
1 20-40
دقيقة مشي + تمطّي أو 40
دقيقة يوغا
رفع أثقال + تمرين ساقين (تركيز
على التوازن)
استراحة 15-35
دقيقة ركوب دراجة هوائية + تمرينات ذراعين
تمطّي + رفع أثقال +
25
دقيقة مشي
استراحة ممارسة لعبة
2 5-10
دقائق مشي + 20
دقيقة ركوب دراجة هوائية وتمطّي
استراحة رفع أثقال + تمرين ساقين (تركيز
على المقاومة والتوازن)
تمطّي +
40
دقيقة مشي على الأقل + 20
دقيقة تمرين ذراعين
20
دقيقة ركوب دراجة هوائية + رفع أثقال
ممارسة لعبة أو استراحة تمطّي +
30
دقيقة تمرين الساقين أو يوغا (تركيز على التوازن) + 30
دقيقة مشي