التصنيفات
الغذاء والتغذية

تناول الأطعمة المؤكسدة يولد الجذور الحرة

تحصل الأكسدة، عند ارتباط المادة مع الأوكسجين وحصول (الصدأ). إن الطعام يصدأ رغم أنه ليس من المعادن، التي قد اعتدنا رؤية صدئها لكننا كثيراً ما نرى صدأ الطعام أيضاً، لكن قد نجهل أن ما نراه من تغيُر لون الطعام هو (الصدأ). عندما نقلي شيئاً ما، يتغير لون الزيت المستعمل، كما أن التفاح والبطاطا يتغير لونهما، ويصبح بنياً بعد تقشيرهما بفترة قصيرة ويعزى كل ذلك إلى الأكسدة، أي تأثير الأوكسجين الموجود في الهواء.

ليست الأطعمة التي يتغير لونها فقط مؤكسدة فهنالك الكثير من الأطعمة التي تتأكسد ولا يتغير لونها، فالرز الأبيض (المقشور) مثلاً يتأكسد لكن لا يتغير لونه، كل الأطعمة المصنعة مؤكسدة ولكن لا يتغير لونها بفعل المركبات الكيميائية المضافة إليها. كما تضيف الدراسات المعتمدة إلى قائمة الأطعمة المؤكسدة المولدة للجذور الحُرة أصنافاً كثيرة قد اعتدنا على تناولها ونحن مطمئنون لسلامة اختيارنا لها. لعل أكثرها تواجداً واستخداماً في مطابخنا هو الزيت النباتي، فماذا عنه..؟

في الماضي، كان الزيت النباتي يستخرج عادةً بعملية ضغط بدائية تعتمد على استعمال الآلات والآن لا يزال عدد قليل من الشركات التي تعنى بالغذاء الصحي تستعمل هذه الطريقة التي تستخلص الزيت من دون أي إضافات كيميائية ولا تسخين للحصول على زيت سليم. واليوم، تنتج معظم الزيوت المباعة في الأسواق بطريقة الاستخلاص الكيميائي، حيث يوضع مذيباً كيميائياً يدعى (الهكسان) داخل المادة الأصلية، مما يؤدي إلى تسخين المادة العكرة،ثم يستخرج الزيت بتبخير المادة الكيميائية المذيبة، باستعمال الضغط المرتفع والحرارة. ويقلّ في هذه الطريقة فقد الزيت لذلك تعتبر هذه الطريقة الحديثة، أوفر عطاءً وأقل تكلفة.

وبما أن الزيت المستخرج قد تعرض للتسخين لذلك يبدو محافظاً على جودته الظاهرية، لكن الزيت المستخرج بهذه الطريقة يصبح حمضاً دهنياً مفروقاً، وهو عنصر مخرِّب للجسم بشدة.

وهذا النوع من الزيت شاذّ ولا يوجد ما يشبهه في الأغذية الطبيعية، وتشير التقارير العلمية – كما يذكر د. شينيا – إلى أنها أي هذه الزيوت، ترفع مستوى الكولسترول السيئ في الجسم، في حين تنقص الكولسترول الجيد. كما أنها تسبب السرطان وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، ومشاكل صحية أخرى والسبب هو توليدها المستمر للجذور الحُرة في أجسامنا ما دمنا مستمرين في تناولها. وفي المجتمعات الغربية، هناك موقف واعٍ لخطرها ومتشدد في حال استخدامها بإفراط في الأغذية المصنعة، من قبل الجهات الرقابية الصحية. وقد صوت المجلس الصحي في مدينة نيويورك في أواخر 2006 على خطر استخدام الدهون المفروقة تماماً في مطاعم المدينة بحلول يوليو/تموز 2008.

كما يعدّ الدهن الصناعي النباتي المتوفر في مطابخنا، وهو أحد مفردات الحصة التموينية للأُسر العراقية، دهناً مؤكسداً وبالتالي فهو مولد للجذور الحُرة في أجسامنا.

اقرأ معي نصيحة د. شينيا لمرضاه فيما يخص تغذيتهم، (فالحقيقة هي أنه لا يوجد نمط من الزيوت أسوأ للجسم من السمن الصناعي النباتي. وعندما أُسدي نصيحة لمرضاي بشأن نظامهم الغذائي، أذهب بعيداً وأقول: إذا كان لديك سمنٌ صناعي نباتي في بيتك، ارمه خارجاً على الفور) ويطلق الطبيبين سيفرين على هذا النوع من الدهون بـ (الدهون الأكثر سوءاً، لأنها تجعل مستويات الشحوم الثلاثية والكولسترول تُحلق نحو الأعالي وهي المتهم الرئيسي في تخثر الدم في الشرايين).

من جهة أخرى يعتقد الكثير من الناس أن الزبدة النباتية (مرغوين)، هي الخيار الأفضل لصحتهم مقارنة بالمنتجات الحيوانية (كالقيمر أو القشطة) كأصناف يكثر تناولها في الوجبة الصباحية (الترويقة) ولكن لو اطلعوا على طبيعة تصنيعها لكان لهم منها موقف آخر.

يكون الزبد النباتي (المرغوين) صلباً بدرجة حرارة الغرفة، مثل الدهون الحيوانية تماماً مع أنه في الأصل زيت نباتي سائل في درجة حرارة الغرفة لكنه يصبح جامداً لأنه مهدرج.

عند صناعته، تبدأ الشركات المُصنعة بالزيت النباتي المحضر بطريقة الاستخراج الكيميائي – كما سبق توضيح ذلك -، وهذا يعني أنه يحتوي على دهون مفروقة مخربة للجسم ثم يهدرج (يضاف إليه الهيدروجين)، مما يغيّر الحموض الدهنية غير المشبعة إلى حموض دهنية مُشبعة، وبذلك يكون الزبد النباتي حاوياً على الدهون المفروقة للزيت النباتي المستخرج كيميائياً إضافة إلى الدهون المشبعة مثل الدهون الحيوانية ولهذا يعتبر الزبد النباتي (المرغوين) وجهاً آخر للدهن النباتي الصناعي، وهو أسوأ دهن ممكن أن يدخل في مكونات طعامنا.

قد تشعر أخي القارئ… بالقلق والضيق وأنت تقرأ مثل هذه الحقائق المزعجة عن غذائك. فمذاق طعامك الذي تربيت عليه منذ الطفولة، تحول فجأةً إلى تهمة ضدك، لأنه يساهم في هدم صحتك وتهديد حياتك وعليك أن تتخذ قراراً حاسماً، بالتصدي لهذا البركان الذي يوشك أن ينفجر في داخلك بسبب سوء اختيارك لما تأكل. لكن الأمر ليس كما يبدو لك، ليس المطلوب أن تقوم بانقلاب غذائي مفاجئ في حياتك. أولاً كُن فخوراً لأنك أصبحت أكثر دراية بهوية طعامك، ثم قرر أن تستثمر هذه المعرفة لصالح صحتك على قدر ما تستطيع. مهما كانت التعديلات الجديدة التي ستجريها على نظامك الغذائي بسيطة، إلا أنها ستترك آثاراً إيجابية ملحوظة على صحتك، وستشعُر بالارتياح لذلك مما يجعلك أكثر حماساً لإدخال تعديلات أخرى، وشيئاً فشيئا ًستشعر أنك غيّرت الكثير من عاداتك الغذائية من دون معاناة تُذكر، قياساً بالتحسن الذي ستلمسه في صحتك وسينعكس على كل أنشطة حياتك، مما يجعلك تحمل لنفسك امتناناً واحتراماً لأنك أصبحت أكثر نضجاً ووعياً، وأخذت على عاتقك مسؤولية إدارة أول وأهم مهامك الشخصية.. صحتُك وحياتك.

أمر طبيعي أن يجد المرء بعض الصعوبة في الاستغناء عن بعض عاداته الغذائية، ولكن بالتدريج وبحكم قناعاتنا الجديدة فيما يخص الغذاء ودوره الرئيسي في الصحة والمرض، بإمكاننا وبكل تأكيد أن نتجاوز تلك الصعوبة.

فمثلاً كيف نستخدم الزيت بعد اليوم:

كخطوةٍ أولى، نحاول تقليل الكمية المستخدمة منه في تحضير الأصناف المختلفة. كما نُجرب الاستغناء عنه في بعض الطبخات، التي لا يختلف مذاقها بغيابه عما لو كانت تحتويه.

أما الأطعمة المقلية، فنعمل على إطالة المدة الزمنية بين أكلة وأخرى على أن يكون الهدف هو الامتناع عن أكل هذه الأطعمة (المقلية) أكثر من مرة أو مرتين في الشهر.

ومن الضروري الانتباه إلى أن الزيت لا يستعمل إلا مرة واحدة ويجب التخلص منه بعد القلي مباشرةً. وحتى عند استخدام الزيت في القلي للمرة الأولى إذا طالت مدة القلي، يجب أن نغيّر الزيت ثم نكمل لكي نقلل قدر الإمكان من ضرره الكبير ويفضل وضع مناديل ورقية في الطبق لكي تمتص الزيت العالق في المادة المقلية وينبغي أن نمضغ الطعام جيداً وبالذات المقلي، لأن المضغ الجيد ومزج الطعام المقلي مع اللعاب يساعدان على تعديل الحموض الدهنية المفروقة (الزيت المتوفر في الأسواق والذي تستخدمه جميعاً) بدرجةٍ ما.

ومهم جداً، عند تناول الأطعمة المقلية تناول الفجل (الحار، الحاد) المبروش معه، كوسيلة أخرى للحد من ضررها لأن الفجل الحار يعمل على تجزئة الدهون ويقلل من امتصاصها. وبما أن الأكسدة تحصل بسرعة فائقة في الأطعمة المطبوخة مع الزيت، علينا إذاً أن لا نأكل أطعمة مقلية مرّ عليها بعض الوقت.

وفيما نحن نتخذ هذا الإجراء لنتقي ضرر الزيت قدر المستطاع، علينا أن نتذكر دائماً بأن الأطعمة المقلية تستهلك أنـزيمات أجسامنا بكثرة، في حين يجب أن نعمل على تقليل استهلاك تلك الأنـزيمات، لنحافظ على رصيد مناسب منها لدعم طاقة أجهزتنا الحيوية، كي لا نعرض أجسامنا لشحَّتِها في ظروف قد نكون في غاية الحاجة إليها.

وحين توجِّه سؤالك:

أيكون التخلي عن كل أنواع الزيوت والدهون في غذائنا خياراً نافعاً لصحتنا..؟

تجيبك الدراسات: بأن هناك حموضاً دهنية غير مشبعة لا يمكن أن تتكوّن في جسم الإنسان، ولذلك لا بد من الحصول عليها من الأطعمة، وهي تدعى الحموض الدهنية الأساسية وتشتمل على حمض اللينولييك وحمض اللينولينيك وحمض الأراكيدونيك.

ينبغي أن نعلم أن المكون الرئيسي للزيت عادةً، أي الحموض الدهنية يصنف إلى حموض دهنية مشبعة أو حموض دهنية غير مشبعة. وتعتبر الحموض الدهنية غير المشبعة جيدة ومفيدة، وهي من المغذيات الضرورية للمحافظة على القلب وأعضاء جهاز الدوران والدماغ والجلد.

أما الدهون المشبعة، فهي التي يجب إبعادها عن طعامنا لآثارها الضارة على الصحة مثل الدهون الحيوانية والنباتية المهدرجة.

وتتفق معظم الأنظمة الغذائية العلمية على اعتبار السمك أفضل المصادر الغذائية وأكثرها سلامةً لتزويد الجسم بالحموض الدهنية غير المشبعة.

كما ترى أنه من غير الضروري استخدام – الزيت المستخلص – في الطبخ، إذا كنت تأكل الأطعمة بشكلها الطبيعي لأنها توفر لك الحموض التي تحتاجها (الحموض الدهنية غير المشبعة)، الموجودة في أصل المادة الغذائية، كالزيتون واللوز والجوز والبندق وباقي أنواع المكسرات وكذلك الحبوب والبقول فهذه هي أفضل الطرق للحصول على الزيت الضروري لصحتك.

أما الزيت المستخلص، حتى وإن تمّ استخلاصه بالطريقة السليمة – وهذا نادر ما نحصل عليه – فهو يبدأ بالتأكسد فوراً بمجرد تعرضه للهواء.