كلنا يفعل ذلك: نتناول شيئًا بسرعة كبيرة دون حتى أن نتذوقه. تناولنا أكياسًا من الرقائق، وعبوات ضخمة من مخفوق اللبن، والتهمنا أطباقا من البسكويت، وابتلعنا حلوى بسرعة كبيرة بدون حتى أن نتذكر أن نزيل غلافها.
نفعل ذلك عندما نكون على عجلة، نختطف شيئًا ما سريعًا – وغالبا ما يكون برجر مليئًا بالدهون أو حلوى مليئة بالسكر – ونلتهمها بسرعة كبيرة جدًّا لدرجة أن عقولنا لا تتذكر حتى أننا نأكل.
ونفعل ذلك في المنزل، نلتهم وجباتنا الخفيفة والمفضلة لدينا، بينما نحن نشاهد التلفاز بعد يوم طويل.
بل إننا نفعل ذلك حتى في أثناء مواعيد الوجبات الرئيسة، ونحن جالسون جلستنا القديمة نفسها، نلتهم الطعام بدون تفكير ونحن نتفقد البريد الإلكتروني، أو نقرأ الصحيفة، أو نتواصل مع الأصدقاء عبر الفيس بوك.
ربما قد فعلت ذلك في آخر وجبة أساسية لك. سريعًا: ماذا تناولت على العشاء بالأمس؟ إذا لم تستطع أن تتذكر، فربما يكون هذا لأنك التهمته بدون تفكير.
من الممكن أن تلتهم وعاءً من الآيس كريم، وبالكاد تتذكر، حتى لو بعد نصف ساعة فقط، ماذا كان نوع الآيس كريم. هذا النوع من الأكل يدعى الأكل غير الواعي لأنه عندما يقوم الفم بالمضغ، لا ينتبه العقل نهائيًّا لما يتم تناوله. عندما نأكل بدون وعي، فنحن لا نتذوق طعامنا أو نقدر النكهات التي نلتهمها. والأسوأ هو أننا لا ننتبه إلى كمية الطعام التي نتناولها، أو المكونات الموجودة في الطعام الذي نستهلكه. فنحن نتجاهل الإشارات التي ترسلها أجسامنا عندما نشعر بالشبع. نحن فقط نستمر في الأكل، ونختار اختيارات ضعيفة، ونركز على كل شيء عدا رد فعل أجسامنا تجاه الطعام الذي نتناوله.
أعتقد أن تناول الطعام دون وعي يُعتبر أحد أكثر العوامل المساهمة في انتشار وباء السمنة في أمريكا. أعلم أن هناك أكثر من ذلك – فنحن نأكل كثيرًا، ونأكل الأنواع الخطأ من الأطعمة.
ولكن هل فكرت من قبل لماذا نفعل ذلك؟ فلا يوجد أحد يخطط لاكتساب وزن زائد. لا يوجد من يتعمد أن يتناول الطعام الذي قد يضعه على المنحى السريع للوصول لغرفة الطوارئ.
نحن لا نجلس إلى طاولة العشاء، ونقول لأنفسنا: “سوف آكل كثيرا جدًّا في هذه الوجبة لدرجة أن بنطلوني لن يُغلق بعد الآن”. نحن لا نتجرع زجاجة من الكولا ونقول لأنفسنا: “يحتاج جسمي الآن ست عشرة ملعقة صغيرة من السكر وكمية من لون الكراميل الصناعي!” وبالتأكيد، نحن لا نتمنى، عندما نقضم قطعة من كيك القهوة أن نقول: “قطعًا آمل أن ترفع هذه القطعة نسبة خطورة إصابتي بمرض في القلب!”.
هذه هي المشكلة: إننا معتادون للغاية على عدم التفكير في الطعام الذي نتناوله لدرجة أننا نُمرض أنفسنا بما نتناوله. الأكل بدون تفكير يقودنا إلى غرفة الطوارئ والقبر مبكرًا.
حان الوقت لتغيير كل ذلك والبدء في الأكل بوعي. حان الوقت للانتباه – الانتباه التام – إلى ما تضعه في فمك، ومذاقه، وكيفية شعور جسمك نحوه، ومن أي شيء صنع، وإلى أي مدى قد يحافظ على صحتك أو يضر بها.
حان الوقت كي تستمع إلى جسمك في أثناء الأكل؛ لذا، عندما يبدأ بإخبارك أنه امتلأ، فسوف تسمع رسالة بوضوح وتضع الشوكة جانبًا.
حان وقت اليقظة – مبدأ قديم من الشعور بالوعي والاستيقاظ والتنوير، تبناه الفلاسفة والحكماء على مر التاريخ – إلى طاولة مطبخك.
تناول الطعام بشكل واعٍ هو وصفتي الأولى، لأنه إذا تمكنت من فتح عقلك وأصبحت مدركا تمامًا للطعام وتأثيره على صحتك وحياتك، سيصبح كل شيء آخر تفعله أسهل بكثير؛ فهذا التغير وحده بإمكانه أن يحدث كل الفارق بالنسبة لك في رحلتك لإنقاص وزنك.