الجهاز المناعي القوي هو أساس الاستعداد لمكافحة جميع الجراثيم والميكروبات البيئية، لاسيما إذا كان أطفالك في المدرسة. وبالرغم من أن الإصابة ببعض الفيروسات يعد أمراً جيداً لبناء مناعة الأطفال، فلا يجب أن يتعرضوا لضرر شديد كلما أصيبوا بالعدوى. وإذا كان جهاز المناعة ضعيفاً، فسيكون طفلك أكثر عرضة للإصابة بالمرض، والشعور بالضعف، والغياب عن المدرسة، وتعاطي الأدوية بما قد يكون لها من آثار جانبية.
وقد أوردت فيما يلي العوامل الرئيسية المتعلقة بالمناعة وكيفية تنشيط الوسائل الدفاعية الطبيعية لطفلك. وما أن تقوى مناعته، فإن جسمه سيعتمد عليها للوقاية والتعافي من الأمراض إذا أصيب بها.
ما العوامل التي تضعف المناعة؟
لا يمكن أن يوجد سبب واحد فقط لضعف المناعة؛ والأرجح أن يحدث هذا نتيجة تضافر مجموعة من العوامل التي تؤدي في النهاية إلى ضعف الوسائل الدفاعية والمرض. وتشمل العوامل المتعلقة بالنظام الغذائي والتي يمكن أن تضعف المناعة ما يلي:
• السكر، والمشروبات السكرية، ومنتجات الدقيق الأبيض المكرر (مثل الخبز الأبيض) تقلل من قوة خلايا الدم البيضاء، وتضعف المناعة لفترة تصل إلى خمس ساعات بعد تناولها وتقلل كمية فيتامين ج المتاحة للجسم، وهو فيتامين ضروري للمناعة.
• منتجات الألبان (مثل اللبن، والجبن، والقشدة) تزيد إنتاج المخاط في الجسم مما يمكن أن يسد الجيوب الأنفية ويمنع تصريف الميكروبات. كما أنها تحث على إنتاج مواد مسببة للالتهاب، مما يجعلها تسهم في حدوث أو تفاقم حالات مثل الربو والإكزيما. إلا أنه من المفيد تناول الزبادي الحيوي العادي من حين لآخر لأنه يحتوي على بكتريا نافعة.
• الدهون المشبعة والمتحولة (في الأطعمة المقلية والتافهة) تتنافس مع الدهون الأساسية المفيدة والضرورية للمناعة، كما أنها تسد الجهاز الليمفاوي الذي يقوم باحتجاز الميكروبات وتصفيتها.
• الكافيين (مثل مشروبات الكولا، والشاي، والقهوة) يقلل امتصاص بعض المعادن المهمة مثل الكالسيوم، والمغنسيوم، والزنك، وهي ضرورية للمناعة.
• ومن العوامل الأخرى التي يمكن أن تضعف مناعة الطفل: تعاطي الأدوية والمضادات الحيوية لفترات طويلة، والتعرض للسموم (مثل الدخان، والهواء الملوث، والمبيدات الحشرية)، والضغوط والاضطرابات النفسية. وعلاوة على ذلك، فإن نقص النوم وقلة ممارسة التمرينات الرياضية، وزيادة الوزن جميعها عوامل سلبية يمكن أن تخل بالمناعة وتجعل طفلك أكثر عرضة للمرض.
كيفية تعزيز مناعة طفلك
لقد منحنا الله الكثير من الخيارات الطبيعية التي يمكن أن تساعد في بناء مناعة الجسم ودعم دفاعاته الطبيعية. وفيما يلي بعض العناصر التي يمكنك الاستعانة بها لدعم وتقوية مناعة طفلك:
• مضادات الأكسدة: وهي فيتامينات، ومعادن، وكيميائيات طبيعية تحمي الجسم من التلف والتدمير بفعل الشوارد الحرة. وتشمل أساساً فيتامينات أ، ج، هـ، والبيتا كاروتين، وفيتامينات ب المركب، ومعادن السيلنيوم، والزنك، والكالسيوم، والمغنسيوم. وتوجد مضادات الأكسدة بصورة طبيعية في الفواكه والخضراوات الطازجة، والسلطات، والمكسرات، والبذور النيئة. وكلما كانت الفواكه والخضراوات أكثر ألواناً، كانت مضادات الأكسدة التي سيتم الحصول عليها أكثر تنوعاً!
• الفلافونويدات: وهي مركبات نباتية، تقي الجسم من المرض، ولها تأثيرات مضادة للأكسدة، فضلاً عن كونها مضادة للفيروسات، والبكتريا، والفطريات، ومضادة للالتهاب. وتوجد الفلافونويدات في الفواكه والخضراوات مثل التفاح، والبرقوق، والحمضيات، والكرنب، والخس، والبصل، وبذور العنب، والجوز، والتوت الأسود، والطماطم.
• البروبايوتكس أو المعززات الحيوية: يستخدم هذا المصطلح كتسمية للبكتريا الصديقة التي توجد في أمعائنا وتساعد في مكافحة حالات العدوى والأمراض، وهي تشكل خط الدفاع الأول للجسم ضد الغزاة الدخلاء. وبدونها يتعرض الجهاز المناعي لطفلك للضرر. لذا، احرصي على زيادة مستويات المعززات الحيوية لديه، بإعطائه الأطعمة الرائبة (مثل الزبادي الحيوي)، أو مكملات المعززات الحيوية.
• الألياف: وهي ضرورية لصحة الجهاز الهضمي ولمقاومة العدوى. وتساعد على التخلص من أي ميكروبات أو سموم ضارة. وتوجد الألياف القابلة للذوبان وغير القابلة للذوبان في الماء في الحبوب الكاملة، والنخالة، والبقول، والفواكه، والخضراوات.
• البروتين: يحتاجه الجسم لتكوين الخلايا المناعية والأجسام المضادة. ونحصل على البروتينات عالية الجودة من اللحوم العضوية، والبيض، والبقول، والمكسرات، والبذور.
• الماء: هذا الشراب الضروري مهم للمناعة لأنه يخلص الجسم من أي مواد ضارة أو غير مرغوب فيها. وكثير من الأطفال يشربون كميات من الماء أقل بكثير مما يحتاجونه مما يؤدي إلى إضعاف مناعتهم.
• الرياضة والتدليك: عاملان مهمان لتنشيط المناعة لأنهما ينبهان الجهاز الليمفاوي. وهذا الأخير هو جهاز التصريف الطبيعي في جسم الإنسان، إذ يحتجز الجزيئات غير المرغوبة ويهاجم الميكروبات. وهذا الجهاز لا يؤدي عمله إلا إذا نشطت العضلات، من خلال الحركة والتدليك مثلاً.
التدليك الليمفاوي للصغار
يلعب الجهاز الليمفاوي دوراً مهماً جداً في المناعة. إنه يتخلل الجسم بأكمله في شكل عقد ليمفية وأوعية موصلة. ولدينا عقد ليمفية في جميع أنحاء الجسم، وأغلبها في مناطق العنق، والإبطين، والبطن، والأربيتين وهي تحتجز أي كائنات ضارة وتبطل مفعولها.
ونظراً لأن الجهاز الليمفاوي يعمل بفعل النشاط العضلي، فإن ممارسة الرياضة والتدليك تساعد على تحسين كفاءته. والتدليك الليمفاوي، لاسيما أثناء المرض، يمكن أن يفيد في تنشيط مناعة الطفل والتعجيل بشفائه.
وبالنسبة للأطفال الأصغر سناً، قومي بتدليك الجسم بأكمله، بدءاً من القدمين ومتجهاً لأعلى، وذلك في شكل ضربات سريعة مؤثرة (ويفضل معه استخدام زيوت طبيعية مثل زيت اللوز). مارسي نفس الطريقة لباقي الجسم، مع التحرك دائماً باتجاه القلب. هذا يساعد في تصريف العقد الليمفية ويمنع إصابة الجهاز المناعي بالضعف وقلة النشاط. ويمكن فعل نفس الشيء للأطفال الأكبر سناً، أو يمكنك تدريبهم على التدليك الليمفاوي ليمارسوه بأنفسهم.
ولعلاج حالات التهاب الحلق، قومي بتدليك خفيف ومؤثر في الوقت نفسه للعقد الليمفية في العنق، بدءاً من خط الفك ومتجهاً ببطء لأسفل حتى عظم الترقوة. يجب أن يسبب ضغط التدليك شيئاً من الضيق ولكن ليس الألم. افعلي هذا بشكل متكرر (ويفضل أن يكون مع استخدام زيت طبيعي مثل اليوكالبتوس) لمدة 15-20 دقيقة لإزالة احتقان العقد الليمفية وإتاحة فرصة الشفاء لها.
كلمة عن استخدام المضادات الحيوية في مقابل المعززات الحيوية
الشيء الرائع في المضادات الحيوية هو أنها تقتل البكتريا وتنجز المهمة، مما يجعلها ضرورية أحياناً لعلاج الأمراض الصعبة. وتكمن المشكلة في أن المضادات الحيوية لا يمكنها التفرقة بين البكتريا الخطرة المسببة للمرض وبين البكتريا الصديقة المفيدة للصحة. ومن ثم، فإن المضادات الحيوية أثناء محاولتها تخليص الجسم من البكتريا الضارة تقتل أيضاً البكتريا النافعة، التي تعتبر الخط الدفاعي الأول للجسم ضد الميكروبات والفطريات والفيروسات الخطيرة.
إن البكتريا النافعة أو الصديقة داخل الأمعاء تعتبر بمثابة جيش صغير يدافع عن الجسم. وكلما زادت علاجات المضادات الحيوية التي يأخذها الأطفال، زاد الضعف الذي يصيب ذلك “الجيش” الدفاعي، وزادت قابلية إصابة الأطفال بالمرض مجدداً. ومع كل فترة علاجية بالمضادات الحيوية، تزداد أجهزة المناعة ضعفاً أكثر فأكثر، وهو ما يعرض الأطفال لضرر أشد عند الإصابة بالمرض في المرة التالية.
وكذلك، فإن كثرة استخدام الأدوية، والملينات، والتعرض للتلوث، وإضافات الأطعمة، والتوتر، والتدخين المباشر أو غير المباشر، والأطعمة المتبلة كلها عوامل تؤثر بالسلب أيضاً على البكتريا النافعة. ويمكن أن يؤدي اختلال التوازن بين البكتريا النافعة والضارة إلى حدوث كثير من الأعراض بدءاً من الإمساك، والانتفاخ وحتى حالات الحساسية، والمشكلات الجلدية.
ولكن الخبر السار هو أن تلك البكتريا الصديقة، إذا ما أعطيت الفرصة للتجدد، فإنها تقوم بدورها بكل قوة، وتعمل جاهدة على صنع بيئة داخلية مقاومة للغزاة الدخلاء.
والمعززات الحيوية البروبايوتكس Probiotics هو الاسم الذي يطلق على البكتريا النافعة التي يحتاجها الصغار والكبار للمساعدة في مكافحة حالات العدوى والمرض. وكلمة Probiotics تعني حرفياً “من أجل الحياة”.
وتلك البكتريا الصديقة تنطبق عليها تماماً مقولة: “كلما زادت، كان أفضل”، إذ إنها لا تسبب آثاراً جانبية علاوة على تميزها بالكثير من الفوائد. فهي تنتج العديد من الفيتامينات والمواد المضادة للميكروبات، وتزيد قدرة الجسم على امتصاص العناصر الغذائية، والاستفادة منها، وتنشط جهاز المناعة، وتمنع حدوث الكثير من المشكلات الهضمية وتعمل على علاجها إذا حدثت.
أي الأطعمة توجد فيها هذه البكتريا النافعة؟ هناك بعض المصادر المعروفة لاسيما الأطعمة الرائبة مثل الزبادي الحيوي والميسو. ولكن توجد أيضاً مكملات من المعززات الحيوية يمكن شراؤها من محال الأطعمة الصحية. ويمكن تناولها عند الإصابة بالأمراض أو بصفة منتظمة للحفاظ على الصحة. ومن المهم جداً إعطاء مكملات المعززات الحيوية كلما أعطيت مقرراً علاجياً من المضادات الحيوية (تعطى بعد كل جرعة من المضادات الحيوية بساعتين) ولمدة أسبوعين بعد انتهاء المقرر العلاجي.
وعند شراء المعززات الحيوية عليك أن تتحري المنتجات عالية الجودة. وأفضلها الذي يوجد في شكل مسحوق مجفف مجمد أو في شكل كبسولات. ويجب حفظها بالثلاجة في جميع الأحوال.
منشطات طبيعية للمناعة
الإيكيناسيا
الختم الذهبي (جولدنسيل)
الزنجبيل
الثوم
البصل
عسل النحل الخام
عكبر النحل (البروبوليس)
فيتامين ج
الزنك
التقدم للأمام: قائمة المراجعة
إن تحسين صحتك وصحة أطفالك لن يحدث بين عشية وضحاها. وأساس الاستغلال الناجح والفعال لما تعلمته هو أن تجري تغييرات صغيرة كل أسبوع أو كل شهر. الأرجح أنك ستكتشفين وسائل خاصة بك لتحسين الصحة أثناء تقدمك. إليك قائمة مراجعة يمكنك استخدامها:
• تخلصي من الأطعمة غير الصحية، المعالجة بإفراط، قليلة القيمة الغذائية، من النظام الغذائي لطفلك
• قللي استهلاك طفلك من السكر وتجنبي المحليات الصناعية
• قللي تعرض طفلك للسموم في المنزل وفي البيئة الخارجية
• جربي استخدام بدائل منتجات الألبان لكي تقللي الاستهلاك الإجمالي لطفلك منها
• أدخلي المأكولات والمشروبات ذات القيمة الغذائية في الحياة اليومية لطفلك
• كوني مستهلكاً حصيفاً، واقرئي بطاقات المكونات على السلع، واجعلي طفلك يشارك في تسوق البقالة
• اطهي الطعام بشكل صحي، واجعلي طفلك يشارك في إعداده
• رسخي عادات، وارتباطات، وسلوكيات الأكل الإيجابية
• زيدي مناعة طفلك إلى أقصى حد واتخدي موقفاً وقائياً حيال المرض
• فكري في استخدام العلاجات الطبيعية والوسائل العلاجية لمكافحة الأمراض الشائعة
• اضبطي سلوكيات طفلك ومستويات طاقته بدعم توازن مستويات سكر الدم
• حسني الهضم لدى طفلك لجعل صحته في أحسن حال، وتعاملي مع أي شكوك في حالات الاستهداف، أو الحساسية، أو عدم تحمل الطعام
• اتخذي إجراءً بشأن أي مشكلات يعانيها طفلك فيما يتعلق بالوزن أو صورة الجسم
• اعملي على تقوية أسنان طفلك بالأطعمة المفيدة للأسنان وبعادات النظافة الشخصية الجيدة للأسنان
• عالجي أي علامات للتوتر قد تظهر على طفلك، واجعلي نومه سليماً بالطعام، والعناصر الغذائية، والنظام الجيد
• استعدي للتعامل مع المؤثرات الخارجية، وحسني اختيارات طفلك للطعام في المدرسة، وأشركي إدارة المدرسة ومدرسيها في جهودك
• طبقي إرشادات غذائية واقعية سليمة عند الخروج من المنزل، وفي الزيارات الاجتماعية والحفلات والسفريات
• شجعي أطفالك على ممارسة الألعاب الرياضية والحفاظ على النشاط الدائم