قبل أن تباشر أيّ برنامج رياضي لمساعدتك على إذابة السعرات الحراريّة وعلاج مشاكلك القلبيّة، ثمّة بعض الأسس التي يجب عليك معرفتها. أدرك بأنّ كثيراً منكم لم يواظبوا على برنامج رياضي منتظم منذ فترة طويلة – وفي بعض الحالات منذ أيّام المدرسة! لذا فإنّ أوّل ما أودّ القيام به هو تهنئتك. لقد أخذت للتوّ الخطوة الأولى والأهمّ بمجرّد القيام بهذا الالتزام تجاه سلامة قلبك.
تذكّر، حتّى وإن كنت رياضيّاً جدّاً في وقت سابق من حياتك، من شأن مباشرة الرياضة من جديد أن تشكّل تجربة مربكة لا بل وخطيرة، إن لم تتّخذ الاحتياطات المناسبة. لذا، لا تضغط على نفسك، بل ابدأ ببطء، واعمل تدريجيّاً لتبلغ أهدافك. فكما أنّ الوصفة الطبيّة لدواء جديد يجب أن تأخذ تاريخك الطبّي بالاعتبار، الأمر سيّان بالنسبة إلى وصفة رياضيّة. فما من داعٍ لأن تهدر فوائد التمارين عبر تعريض نفسك للإصابات المتهوّرة، لذا احرص على قراءة هذه التوصيات قبل أن تنتقل إلى إيجاد الوصفة الرياضيّة المناسبة لك.
ملاحظة: من الأهمية بمكان أن تستشير طبيبك قبل أن تباشر أيّ برنامج رياضي.
إليك توصيات لمراجعتها أثناء استعدادك لمباشرة التمارين.
اعرف حدودك الجسديّة
قبل أن تباشر برنامجك الرياضي (أو أيّ علاج آخر لهذه المشكلة) عليك أن تستشير طبيبك. ولهذا الأمر أهميّة مزدوجة إن كنت معرّضاً لخطر اعتلال القلب التاجي أو شخصاً يعاني من أعراض اعتلال القلب أو كنت زائد الوزن أو غير متمتّع باللياقة البدنيّة على الإطلاق. ويجب أن تتعاون أنت وطبيبك لوضع برنامج رياضي يناسبك ويقلّص من خطر التعرّض لمشاكل في القلب. ولا بدّ لك من القيام بهذه الخطوة، وإلاّ فإنّك تعرّض نفسك لمخاطر حقيقيّة.
والواقع أنّ أغلب الأطباء، بما في ذلك الكليّة الأميركيّة للطبّ الرياضي، ينصحون إذا كان سنّك يتجاوز الأربعين وتباشر للتوّ برنامجاً رياضيّاً أن تخضع لاختبار الدوّاسة للتأكّد من أنّك لا تعاني من انسداد خطير في الشريان التاجي أو من شكل آخر من أشكال الأمراض القلبيّة التاجية الخطيرة. لماذا؟ لكي لا تتعرّض للإغماء عند أوّل تمرين هرولة حول منزلك. لا أودّ إخافتك بقول ذلك، ولكن الرياضة تسبّب ضغطاً إضافيّاً على القلب، وعليك توخّي الحذر إن لم تكن معتاداً عليها.
عليك أن تعرف من خلال التشخيص الطبّي إذاً إن كان قلبك قادراً على تحمّل هذا المجهود، قبل أن تمارس الرياضة بشكل آمن. وسيخبرك الطبيب إن كان عليك أن تخضع لاختبار الجهد قبل مباشرة برنامج رياضي، لذا يتحتّم عليك أن تناقش هذه المسألة معه قبل أن تعرّض نفسك لمجهود كبير.
وأنا أشدّد كثيراً على النقطة التالية: إن شعرت بأنّك لست على ما يرام أو عانيت من أيّ انزعاج لدى قيامك بالتمارين – بغضّ النظر عن وزنك أو عن مستوى لياقتك البدنيّة – أوقف التمارين واتّصل فوراً بطبيبك.
وفي الخطوة التالية، وهو أيضاً موضوع يمكنك أن تسأل طبيبك مساعدتك فيه، هو معرفة ما إذا كان لديك أيّة حدود جسديّة عليك أخذها بالاعتبار وأنت تضع برنامجاً رياضيّاً.
ومن شأن الطبيب أن يرغب فعلاً في تأدية دور في وضع هذا البرنامج، خاصّة إن كنت تعاني من حالات جسديّة هامّة. فمن يعاني من التهاب مفاصل خطير في يديه قد يجد صعوبة في حمل الأثقال، فيما أنّ من يعاني من إصابة مزمنة في الركبة قد يفضّل تجنّب التمارين التي تتطلّب جهداً كبيراً، كالعدو أو التمارين الهوائيّة الخاصّة بالساقين. والحقيقة أنّ الطبّ الرياضي يملك حلولاً لجميع أنواع المشاكل الجسديّة تقريباً، ولكن عليك أن تعرف ما يمكنك أو لا يمكنك القيام به قبل أن تتسبّب بالأذى لنفسك.
ضاعف نشاطاتك اليوميّة
لا شكّ بأن بعضكم يشعر بالقلق لكونه لا يتمتّع باللياقة الكافية أو لأنّه دائم الانشغال، غير رياضيّ أو لا يملك الحماس الكافي للالتزام ببرنامج رياضي جديد، حتّى ولو كنت تعلم بأنه مفيد جدّاً لقلبك. ولكن لا تقلق.
أعلم بأنّ بدء برنامج جديد من شأنه أن يكون شديد الصعوبة، خاصّة بعد انقضاء وقت طويل منذ محاولتك الأخيرة لتخفيف وزنك، ممّا أكسبك زيادة في الوزن. فجسدك غير معتاد على الحركة وقد تجدها غير مريحة في بادئ الأمر. ولكن إن التزمت بالبرنامج، تباشره ببطء وتضاعف تدريجيّاً مستوى الحركة، سوف تلاحظ بأنّ الأمر يزداد سهولة. وربّما أخبرك الطبيب بأنّك لا تتمتّع باللياقة التي تسمح لك ببدء برنامج رياضي قاسٍ على الفور. أودّ أن أقدّم لك النصيحة عينها: ابدأ ببطء.
وإحدى الطرق لبدء برنامج رياضي ببطء هي مضاعفة النشاطات اليوميّة، أي زيادة الحركة في حياتك اليوميّة. ولا يجب أن تستغرق هذه الحركة كثيراً من الوقت والجهد. أركن سيّارتك أبعد ما يمكن حين تذهب للتسوّق. اذهب مشياً على الأقدام إلى المتجر الواقع عند زاوية الشارع عوضاً عن قيادة السيارة إلى السوبرماركت. اصعد إلى مكتبك على السلالم عوضاً عن استعمال المصعد.
وكما هو الأمر بالنسبة إلى كلّ شيء آخر، سيسهل عليك ممارسة الرياضة إن بدأت بها تدريجيّاّ. فالمشي لعشر دقائق بعد العشاء ليس بالأمر الشاق، ويمكنك زيادة وقت هذا التمرين تدريجيّاً إلى أن يصبح كافياً لتحصد فوائد إضافية لجهازك القلبي الوعائي. فإن بدأت بتمرين مشي لمدّة 10 دقائق يوميّاً، وضاعفته 5 دقائق أسبوعيّاً، ستتمكّن من السير لمدّة 60 دقيقة في غضون شهرين إلى ثلاثة أشهر. وليس هذا الإنجاز سوى نقطة في بحر حين تفكّر بأنّك تبدأ مسيرة حياة كاملة لإدخال النشاط الجسدي في حياتك. فمباشرة الرياضة تدريجيّاً ستساعد على تقليص خطر إصابات المفاصل والعظام والعضلات عبر تكييف جسدك (وفكرك) ببطء مع النشاط الجسدي الروتيني.
اختر نشاطاً تحبّه
حين تصبح جاهزاً لمباشرة برنامج رياضي، عليك أن تفكّر باختيار النشاط الذي يستهويك. وقد يبدو لك ذلك تافهاً، ولكنه ليس كذلك. فأنا أطلب منك أن تجري تغييراً دائماً في نمط حياتك، أن تبدأ باكتساب عادات للقيام بنشاطات تسرّك ممارستها مدى حياتك. فأهمّ الأسباب التي تدفع الناس إلى عدم المواظبة على التمارين هو أنّه لم يفكّروا بجدّية كافية بالمتعة التي سيجدونها في النشاط الذي يمارسون. فمن السهل القول إنك ستعدو خمسة أميال يوميّاً، ولكن إن لم تستمتع بأية دقيقة من التمرين سوف تنتقل لممارسة رياضة أخرى في غضون شهر.
ولكن إن تمكّنت من إدخال المتعة في تمارينك، ستقلّل من شعورك بالملل وستضاعف شعورك بالمتعة، ممّا سيجعلك أكثر رغبة في ممارستها.
لا تجهد نفسك
إن كنت قد بدأت للتو ببرنامج رياضي أو كنت تعاني من مشاكل جسديّة، قد ترغب بممارسة تمارين خفيفة. فحين تمارس القفز، تسبّب ضغطاً قويّاً على مفاصلك. ولكنّ التمارين الخفيفة تمكّنك من زيادة وتيرة القلب من دون أن تسبّب ضغطاً على جسدك. وهذا ممتاز للأشخاص الذين يعانون من مشاكل في المفاصل أو من التهاب المفاصل أو لأصحاب الوزن الزائد. وتعتبر السباحة الرياضة الخفيفة المثالية، لأنّ الجسد مغمور بالمياه بالكامل، ممّا لا يسبّب ضغطاً كبيراً على المفاصل.
ولكن من الممكن الحصول على تمرين خفيف على اليابسة. فالمشي هو من التمارين الخفيفة، ومن الممكن حتّى جعل صفّ التمارين الهوائية خفيفة بعد إدخال بعض التعديلات عليه. وفي ما يلي قاعدة أساسيّة: يعتبر التمرين خفيفاً إن كانت إحدى قدميك على الأرض دوماً. بالتالي، عوضاً عن ممارسة القفز، حرّك ذراعيك فوق رأسك كالعادة، ولكن حرّك إحدى قدميك جانباً بدل القفز لتحريكهما معاً. ويمكن تعديل معظم التمارين الهوائيّة على هذا النحو.
الماء: حافظ على إماهة جسدك
يمكن لأيّ كان تقريباً أن يتحمّل شرب مزيد من الماء. ومن السهل جدّاً أن تستنفد مخزونك من الماء وأنت تمارس الرياضة ما لم تبذل مجهوداً للتوقّف وشرب مزيد من الماء.
بالتالي، إن كنت تباشر برنامجاً رياضيّاً، تذكّر شرب مزيد من الماء للتعويض عمّا تفقده. وهذا أمر ضروري، لا سيّما إن كنت تعيش في منطقة مرتفعة أو إن سافرت إليها. كما أنّ الإماهة الجيّدة مهمّة إن كنت تتناول الأدوية. ففي حال الإصابة بالتجفاف، ينخفض حجم الدم، ممّا يعني بأنّ تركّز الدواء في الدم من شأنه أن يتضاعف. وهذا ما يؤدّي إلى تفاقم التأثيرات الجانبيّة، على نحو خطير أحياناً ومع عواقب وخيمة. ويعتبر التجفاف أيضاً واحداً من الأسباب المؤدّية للإمساك، الذي يعدّ أحد التأثيرات الجانبيّة لكثير من عقاقير القلب. لذا فإن الإكثار من شرب الماء يساهم في تخفيف الانزعاج كما يساعد في حالة اعتماد غذاء أكثر غنىً بالألياف.
لذا، أنا أحثّ مرضاي على تذكير أنفسهم بشرب ثلاثة أكواب كبيرة إضافيّة من الماء يوميّاً، بالإضافة إلى الماء الذي يشربونه عادةً: كوب كبير صباحاً، وكوب آخر بعد الظهيرة، وكوب في المساء. أمّا المشروبات المحتوية على الكافيين، كالقهوة والشاي والمشروبات الغازيّة، ومشروبات الطاقة المحسّنة للأداء فلا أنصح بها، لا سيّما وأنّ الكافيين مدرّ للبول وسوف يزيد في الواقع من التجفاف الذي تعاني منه. أمّا إن كنت ترغب بقوّة بشراب منشّط، فاشرب المياه الغازيّة مع عصرة من الليمون الحامض أو البرتقال
تسخين وتبريد الجسم
أودّ من كلّ منكم أن يضيف 10 دقائق على تمرينه – خمس دقائق في بداية التمرين وخمس دقائق أخرى في نهايته – لتسخين الجسم وتبريده.
وهاتان الخطوتان بالغتا الأهميّة. فليس من الحكمة دفع الجسم على القيام بنشاط جسديّ عنيف من دون أيّ تنبيه أو استعداد مسبق. ذلك أنّ الجسم لا يمكنه التمييز فعلاً بين الأنواع المختلفة من الجري، كالنوع الذي تمارسه على دوّاسة في إحدى الصالات الرياضيّة وبين النوع الذي تقوم به أثناء هروبك من حيوان مفترس. لذا، حين تباشر تمرينك فوراً على 75 بالمئة من وتيرة قلبك القصوى، سيسبّب التمرين ضغطاً قويّاً على جسدك.
وليس من الضروري أن تكون عمليّة التسخين طويلة، بل اكتفِ بما تراه مناسباً. ابدأ بتحريك مجموعات العضلات الكبرى والمفاصل الكبرى. حرّك عنقك بعض الشيء، وذراعيك بشكل دائريّ، ثمّ سخّن ساقيك ببعض تمارين القرفصة اللطيفة. والحقيقة أنّ أخصّائيّي الرياضة منقسمون حول ما إذا كانت تمارين شدّ العضلات تمنع الإصابات، ولكنّها تحسّن من دون شكّ من أدائك وتشعرك بأنّك أفضل. اعمد بالتالي إلى شدّ المجموعات العضليّة الكبرى بلطف قبل أن تبدأ: انحنِ عدّة مرات، المس أصابع قدميك، وانحنِ إلى الجانبين. وسيخبرك جسدك بالمناطق المشدودة والمحتاجة أكثر من غيرها إلى تركيز.
وحين تبدأ نشاطك باشره ببطء، وستتمكّن في الواقع من الإحساس بعضلاتك وهي تسخن. اسمح لقلبك بمضاعفة وتيرته تدريجيّاً إلى أن يبلغ المجال الهدف.
والأمر نفسه ينطبق على التبريد. عليك أن تخفض من سرعة نبضك بلطف، من وضع السرعة إلى وضع الراحة. إذاً في الدقائق الخمس الأخيرة من تمرينك، ابدأ بالتركيز على خفض السرعة. عليك أن تواصل الحركة، ولكن أعطِ قلبك الفرصة لكي يخفّف من سرعته تدريجيّاً. فإن كنت تعدو، انتقل إلى المشي، أوّلاً بسرعة ومن ثمّ أكثر بطئاً. ويعتبر المشي تمرين تبريد جيّد بعد أيّ تمرين رياضيّ. وحتّى لو مشيت مكانك أو حول الملعب، ستحصل على المفعول المرجوّ.
اختم تمرينك ببعض تمارين الشدّ فيما تكون عضلاتك ما زالت حامية. فهذا هو الوقت الأنسب عادةً للحصول على جميع فوائد تمارين الشدّ. وستسرّ حين تكتشف كم صرت أكثر ليونة من بداية التمرين.
مارس الرياضة يوميّاً
في الواقع إنّني أوصي بممارسة الرياضة يوميّاً لتحصل على النتائج القصوى لأنّني أعتقد بوجود برهان علمي يدعم هذه النصيحة. فالفوائد التي نجنيها من الرياضة، كانخفاض لصوقيّة اللويحات، زيادة نشاط أنزيم ليباز البروتين الشحمي LPL أو الزيادة العامّة في الوتيرة الأيضيّة، تدوم لمدّة 24 ساعة تقريباً بعد التمرين. ولو أردت أنّ تستمرّ بالاستفادة من مفعولها الإيجابي طيلة الوقت، عليك بالطبع أن تمارس الرياضة يوميّاً.
ونحن نعمد في العيادة إلى دراسة برنامج كلّ مريض لنعثر على الطريقة الفضلى والمريحة لإدخال البرنامج الرياضي في حياته. فلا فائدة من وضع برنامج يستحيل على المريض تنفيذه، ويشعر معه بالذنب على الدوام. فإن كان يوم الجمعة هو يوم اجتماع العائلة، لا تمارس رياضتك فيه. وإن كان جدولك مزدحماً بالمواعيد يوم الأربعاء، لا تضغط على نفسك وتقصد صالة الرياضة، بل احرص على التمرّن جيداً يومي الثلاثاء والخميس. فممارسة الرياضة خمس مرات في الأسبوع تبقى ممتازة. وإن تمكّنت من إدخال قليل من الحركة الفعليّة، كنزهة طويلة على الأقدام عند الغداء أو المشاركة في لعبة بعد العشاء، في الأيّام التي لا تمارس فيها تمارينك، سيكون الأمر أفضل أيضاً.
وهنا أيضاً أودّ تشجيعك على القيام بالنشاطات التي تحبّها. نوّع تمارينك خلال الأسبوع الواحد لكي لا تشعر بالضجر، واختر ما يعجبك. وستجد مع الوقت بأنّك تنجح في إدخال الرياضة في حياتك اليوميّة، وكلّما طال ذلك، تضاعف مستوى لياقتك – ولربّما فضّلت السباحة مع أولادك عوضاً عن تفويت تمرين يوم السبت تماماً.
مراقبة وتيرة القلب
من الأهميّة بمكان مراقبة وتيرة القلب والبقاء ضمن المجال الهدف طيلة الوقت الذي تتمرّن فيه وإلاّ فإنّك تخاطر بهدر وقتك (إن كنت تحت المجال الهدف) أو تؤذي نفسك (إن تجاوزته). فقد أتاني عديد من المرضى عبر سنوات خبرتي يتذمّرون من عجزهم عن تخفيف وزنهم أو تغيير نتائج تحاليلهم، بالرغم من ممارستهم الرياضة يوميّاً. فيشتكون قائلين: “أمضي ساعات في تماريني على الدواسة، ولم أخسر باونداً واحداً حتّى الآن!” وفي أغلب الأحيان، يعود السبب في ذلك إلى أنّ هؤلاء الأشخاص لا يتمرّنون بجهد كافٍ. فهم لا يضاعفون من وتيرة قلبهم ويحافظون عليها.
لا يكفي في الواقع أن تتمشّى في الحديقة أو تقف منتظراً فيما يركّز شريكك في لعبة الغولف ضربته. لا شكّ بأنّه أفضل من الجلوس أمام التلفاز، ولكنّه لا يعدّ تمريناً حقيقيّاً. ولكي أوضّح لك الأمر، عليك أن تفهم بأنّ الرياضة مختلفة تماماً. لا بدّ من أن تستمتع بما تقوم به، ولكن عليك أن تتمرّن بجهد معقول لتأتي النتائج ملحوظة. وأفضل طريقة لمعرفة الجهد الذي تبذله هي قياس وتيرة القلب.
إنّ ساعة واحدة من الرياضة في الوصفة الرياضيّة تعني عموماً ساعة من الرياضة المتواصلة بحيث تكون وتيرة القلب ضمن المجال التمريني – بين الحدّين الأعلى والأدنى لمجال وتيرة القلب الهدف. ويمكنك أن تسرع أو تبطئ مع البقاء ضمن المجال التمريني لتحقيق النتائج القصوى.
وتذكّر، أنت لا تحاول سوى الحفاظ على وتيرة قلبك ضمن المجال المرغوب به، وستتفاجأ بمدى سهولة بلوغ ذلك المستوى الأدنى والحفاظ عليه. وليس من الضروري أن يكون نبضك شديد السرعة طيلة الوقت. فالجري كالمذعور لن يفيدك كثيراً إن كنت لا تمارسه لأكثر من 15 دقيقة ويسبّب ضغطاً شديداً على جسدك.
والحقيقة أنّ الرياضيّين غالباً ما يتمرّنون على مراحل، ما يعني بأنّهم يناوِبون بين مستويات متفاوتة من حدّة التمارين – مثلاً، عدو لمدّة 4 دقائق، مشي سريع لمدّة 3 دقائق، ثمّ يعيدون الكرّة. ونادراً ما تنخفض وتيرة قلبهم عن الحدّ الأدنى للهدف المرغوب به، ولكنّ الفترات التي تتدنّى فيها حدّة التمرين تتيح لهم التريّض لمدّة أطول من دون الشعور بتعب مفرط. بالتالي، إن مدّدت تمرين العدو القاسي ذاك من 15 إلى 45 دقيقة، وقطعته بفترات من المشي السريع، ستحصل على تمرين أفضل – وأكثر متعة بكثير.
والفائدة الحقيقيّة للتمرين مستعملاً وتيرة القلب الهدف تتمثّل في قدرتك على فعل أيّ شيء، وأعتقد بأنّك تجد أن هذه الميزة تحرّرك إلى حدّ بعيد. فبإمكانك أن تشذّب الأغصان أو أن ترقص، تسبح، تركض، تمشي، تركب الدراجة، تلعب الملاكمة أو أن تقوم بملايين النشاطات الأخرى. فما دامت وتيرة قلبك ضمن المجال المرغوب به وللوقت الموصوف لك، ستحصل على النتيجة المرجوّة.
كيف تتحقّق من وتيرة قلبك
التحقّق من وتيرة القلب أثناء ممارسة التمرين هو بغاية البساطة. استعمل أصابعك، وليس إبهامك، لتفحص نبضك، إمّا عند العنق أو المعصم، وعدّ عدد النبضات التي تشعر بها لمدّة عشر ثوانٍ. اضرب عدد النبضات الذي تحصل عليه بستّة لتعرف عدد النبضات بالدقيقة.
وكثيرٌ من الآلات الرياضيّة لديها طرق لمراقبة نبضك. والواقع أنّه يمكنك أن تضع المجال الذي ترغب به على كثير منها، وسوف تصدر الآلة رنيناً إذا بلغت وتيرة قلبك حدّاً أدنى أو أعلى من هذا المجال. وإن كنت تمارس الرياضة خارج المنزل، يمكنك أن تبتاع ساعة رياضية غير مكلفة لمراقبة وتيرة القلب من معظم متاجر الأدوات الرياضيّة.
ويعتبر قصر النفس هو مؤشّر آخر يمكن الوثوق به جدّاً لمعدّل الجهد ووتيرة القلب والتحقّق منه أسهل أثناء التمرين من عدّ النبضات. ويمكنك تعديل هذا الاختبار بسهولة وفقاً لحاجتك الخاصّة. إذ يجب أن يكون تنفّسك سريعاً أثناء التمرين ولكن عليك أن تكون قادراً دوماً على لفظ جملة كاملة. وإن لم تتمكّن من إتمام جملة واحدة كاملة، أنت تتمرّن بجهد زائد على الأرجح وتدخل المنطقة اللاهوائيّة ما يعني بأنّ خلاياك لا تحصل على حاجتها من الأكسيجين. وإن كنت قادراً على إتمام جملتين كاملتين، ربّما كنت لا تتمرّن بالجهد المطلوب، وتحتاج إلى زيادة حدّة تمرينك بعض الشيء.