عندما أكون مشغولاً في إحدى هواياتي المفضلة وهي تصفح الكتب في المكتبات، أصاب بالدهشة من عدد الأرفف التي تئن تحت ثقل كتب التغذية. وقدر ما أستطيع أن أستنتج، فإن هذه الكتب يقيناً تساعد الناس في إنقاص وزنهم عدة أرطال، ولكن للأسف يكون ذلك من حافظة النقود بدلاً من محيط الجسم عند الحصر. لقد فكرت في تأليف كتاب غذائي نهائي وزاد حماسي عندما ظننت أنني بصدد شىء هام، ولكنني تأخرت عن ذلك عدة سنين بسبب أولئك الذين يعيشون في جزيرة أوكيناوا اليابانية، حيث يعيش المعمرون الذين يزيد عددهم عن نظرائهم في أي جزء آخر من العالم وهم السكان الذين يتسمون بأعلى متوسط أعمار في العالم تقريباً 85 عام. وأكثر من ذلك، فإن معظم كبار السن هناك أكثر لياقة وصحة من أندادهم الأصغر سناً من الغربيين.
والشىء المثير أيضاً هو إحصائيات الصحة على الجزيرة. فالسكان تقل لديهم نسبة الإصابة بأمراض القلب خمسة أضعاف عن الغرب. وكذلك فإن معدل الإصابة بالسرطان ومعدل انخفاض مستوى الكولسترول هناك هما الأقل في العالم. وتفوق زيادة هرمون الذكورة عند الرجال عندما يبلغوا السبعين بمقدار الثلث معدل هذا الهرمون لدى الأمريكيين في نفس السن. وهم يستمتعون بكل الفوائد لمثل هذه المعدلات.
إذن، ما السر؟ ليس هناك شراب سحري أو خلطة مضادة للهرم تقدم هذه النتيجة، ولكنه أسلوب حياة بسيط يشتمل على نظام غذائي يقترب من الكمال وفهم عقلي للحياة. ويبدو النظام الغذائي الذي يتبعونه هناك غريباً للوهلة الأولى حيث يشمل استهلاكاً كبيراً للأطعمة مثل الشمام لاذع الطعم، ومشروب الزنجبيل، ولكنه خليط من الأغذية الغربية والشرقية يمكن تلخيصه فيما يلي:
أولاً: إن مقدار السعرات الحرارية التي يتناولها سكان أوكيناوا من خلال الغذاء يقل عما نتناوله في الغرب بنسبة 30%، وليس مستغرباً أن هذا يقلل من البدانة إلى درجة الصفر تقريباً ويعزز من كتلة عضلات الجسم.
ثانياً: إنهم يتناولون في المتوسط سبع وجبات من الفاكهة والخضروات يومياً، مع تناول كمية كبيرة من الحبوب والسمك الدهني.
ثالثاً: هناك حد أدنى من تناول اللحوم ومنتجات الألبان، مع كمية قليلة جداً من الملح أقل من ثلاث ملاعق صغيرة في اليوم. والأطعمة الرئيسية لديهم تشتمل على الثوم، والزنجبيل، والبصل، والطماطم، والسمك، وفول الصويا وهو مثال قديم للغذاء الغني بالفلافونويدات، ومضادات الأكسدة. إن هذه المواد تبدو ذات فاعلية في تقليل أمراض القلب، والسرطان وهي المواد التي ينعدم وجودها في غذائنا.
ولكن لا يعزى طول العمر إلى النظام الغذائى وحده (الأعمار بيد الله)، فبجانب هذا النظام يوجد برنامج رياضي معتدل ولكنه متواصل، مع التأكيد على الفنون العسكرية، والتأمل، والتمارين المخفضة للشد العصبي مثل: تمارين الاستطالة، والتنفس العميق. وهناك أيضاً شبكة اجتماعية قوية تأتي بفوائد جمة مثل: القدرة على التحدث، والضحك، والصراخ، أو البكاء مع الأصدقاء.
إننا اليوم نذهب إلى السوبر ماركت لكي نخزن كل أنواع المشروبات لذيذة الطعم، وكذلك أفلام فيديو عن تاي شاي (نوع من الرياضة)، ولكن هناك مبادئ هامة لأي شخص أن يعيش حياة بصحة مستدامة، مع الحفاظ على اللياقة، والنشاط. وأحد تلك المبادىء هو التخلي عن ذلك النمط من الغذاء الغربي الذي يؤذي أجسامنا بدلاً من أن يفيدها. وشىء آخر وهو أن مراعاة جانب واحد بمفرده ليس هو الدواء الشامل لحياة صحية، حيث يعتمد الجسم السليم صحياً على التفكير السليم، وتحمل المسئولية بالنسبة لصحة الشخص، ويعتمد كذلك على دعم المجتمع للشخص قبل أي شىء آخر. وأنت لن تحصل على كثير من هذا الأشياء من وصفة طبية. ويبدو أن السر لم يعد سراً الآن، فعلينا أن نختار إذا أردنا أن نفعل أي شىء لتوظيف لهذا السر.
إذا بدا أن هناك مجتمع بكامله يعيش حياة أطول من أي مجتمع آخر في العالم، فمن الواجب الجلوس وتدوين الملاحظات. لا يوجد شىء غامض في أسلوب حياة أهل أوكيناوا إنه مجرد نظام غذائي طبيعي مصحوب بنظرة عقلية إيجابية، ومزاولة تمرينات رياضية. لماذا لم نفكر في ذلك؟