التعرض لأشعة الشمس بقدر ضئيل يمكن أن يساعدك في عيش حياة أكثر صحة وشباباً؛ ولكن التعرض لها أكثر مما ينبغي يمكن أن يقضي عليك.
قد يبدو هذا خبراً سيئاً، ولكن ليست هناك وسيلة أكثر فعالية للتعجيل بعملية الشيخوخة من الاستلقاء تحت أشعة الشمس.
السمرة المتوردة المشوبة بالحمرة يمكن أن تغطي العديد من العيوب. ولكن الشمس لا تتسبب فقط في تجاعيد تجعلنا نبدو أكبر سناً، ولكنها أيضاً تدمر الكروموسومات الموجودة في خلايا الجلد ويمكن أن تتسبب في سرطان الجلد.
الأشعة فوق البنفسجية هي الجزء الذي يدمر البشرة. عندما كانت الأشعة فوق البنفسجية من نوع UVB مسئولة بنسبة 85% عن حرق وسفع الجلد -وكان يعتقد أنها السبب الرئيسي للإصابة بسرطان الجلد- كانت كريمات الوقاية من الشمس الأولى تحمينا من تلك الأشعة. ولكن، منذ حوالي خمسة عشر عاماً مضت، بدأ العلماء يكتشفون أن أشعة UVA يمكن أيضاً أن تدمر الجلد على المدى الطويل، وذلك عن طريق إطلاق الشوارد الحرة المؤذية في البشرة. تلك الشوارد الحرة يمكن أن تعوق عمل الجهاز المناعي، وتسبب استجابات حساسية، مثل طفح الجلد، وتدمر الحمض النووي لخلايا الجلد. والنتيجة هي الشيخوخة المبكرة؛ في شكل تجاعيد، ومسام واسعة، وأورام، واصطباغ البشرة، ورقة الجلد. وهناك أيضاً أدلة متزايدة على أن أشعة UVA هي المسئولة في الأساس عن حدوث الورم الميلانيني (الميلانوم) -أخطر أنواع سرطان الجلد على الإطلاق- وليست أشعة UVB كما كان الظن في البداية.
هل تواجه صعوبة دائمة في معرفة القدر الكافي من كريم الوقاية من الشمس؟
إن قدراً بحجم قطعة عملة معدنية كبيرة يمكنه تغطية ذراع ويد واحدة، أو وجهك وعنقك، وقدرين بنفس الحجم يمكنهما تغطية ساق وقدم، أو مقدم الجذع، أو الظهر.
ويجب استخدام كريمات الوقاية من الشمس قبل خمس عشرة دقيقة من التعرض للشمس، ثم يجب إعادة استخدامها فور التعرض للشمس.
ويجب إعادة استخدام تلك الكريمات كل ساعتين لأنها سريعة الزوال عن الجلد. ويجب إعادة استخدامها دائماً بعد السباحة؛ حتى إذا كانت من النوع المقاوم للماء (فهي مصممة لحمايتك أثناء وجودك في الماء، ولكن ليس هناك كريم وقاية من الشمس يقاوم الماء بشكل كامل، لذا فسيزول قدر معين منه عن جسدك بعد السباحة).
حاول أن تنتظر خمس دقائق بعد استخدام الكريم قبل أن تستلقي متمدداً؛ حيث يتكون غشاء واقٍ بعد خمس دقائق ولا يزول بنفس السهولة. ستحتاج إلى عبوة حجم 400 مل من الكريم الواقي من أشعة الشمس لكل شخص كل عشرة أيام خلال الإجازات التي يتم قضاؤها على الشاطئ في الأساس.
ولكن هذا لا يعني تجنب الشمس بشكل مطلق؛ فالجسم يحتاج إلى التعرض لضوء الشمس حتى يتمكن من صنع فيتامين د، وهو فيتامين ضروري لتقوية وتعزيز الاستجابات المناعية، والعظام، وصحة القلب. وقد كان هناك أيضاً بحث مثير للاهتمام تم إجراؤه مؤخراً حول كيفية تأثير ضوء الشمس على حالاتنا المزاجية، وكيف أن التعرض للضوء الطبيعي يمكن أن يدرأ الاكتئاب. ليس هذا تصريحاً بالتجرد من ملابسك وتحميص نفسك تحت أشعة الشمس في فصل الصيف المقبل. فعشر دقائق يومياً فحسب من التعرض للشمس بدون استخدام كريم الوقاية من أشعة الشمس كافية للسماح لجسدك بصنع فيتامين د.
لقد تعرفنا في هذه الأيام على معلومات موثوقة حول مخاطر التعرض لأشعة الشمس، ومعظمنا يدرك القواعد الأساسية لحماية أنفسنا. ولكن الشيء الأكثر إثارة للقلق هو أن احتمال الإصابة بأنواع السرطان التي تسببها الشمس يتحدد بناءً على قدر تعرضك للشمس عندما كنت طفلاً؛ فالتعرض لضربة شمس واحدة فقط في الطفولة يضاعف احتمالات الإصابة بسرطان الجلد، وتلف الحمض النووي في الجلد يمكن أن يتسبب في الإصابة بالسرطان بعد مرور ما يتراوح بين عشر سنوات وثلاثين سنة. الأرجح أن هذا أبعد ما يكون عما تود سماعه إذا كنت تنتمي لذلك الجيل الذي تربى على فكرة أن ضربة الشمس هي شيء لابد منه في فصل الصيف. ما الذي يمكنك فعله إذن (إذا كان هناك أي شيء يمكنك فعله) لإصلاح الضرر الذي وقع في الماضي وتقليل احتمالات إصابتك بسرطان الجلد في المستقبل؟
يمكنك البدء بشرب كميات كبيرة من الشاي الأخضر (حوالي أربعة أكواب يومياً). أظهرت الدراسات أيضاً أن هناك مركبات في الشاي الأخضر يمكنها مكافحة سرطان الجلد. التزم بهذا. كما أن الخضراوات الغنية بالبيتا كاروتين وفيتامين أ مثل الجزر يُعتقد أيضاً أنها تحمي من ظهور سرطان الجلد.
ومن المهم أيضاً أن تراقب بشرتك (وبشرة رفيق حياتك) باهتمام؛ 75% من حالات الورم الميلانيني (الميلانوم) يكتشفها الأفراد، وليس الأطباء، ومع الاكتشاف المبكر، يمكن علاج نسبة تكاد تصل إلى 100% من سرطانات الجلد. قم بزيارة طبيبك على الفور إذا كانت هناك شامة أو بقعة داكنة آخذة في التمدد، أو كانت هناك أخرى جديدة تظهر وتنمو، أو إذا كانت هناك شامة لها حواف خشنة (الشامات الطبيعية تكون ناعمة ومتسقة)، أو إذا كانت هناك شامة لها مزيج من درجات اللون البني أو الأسود (الشامات الطبيعية قد تكون ذات لون بني داكن، ولكنها تكون ذات درجة لون واحدة). ويجب عليك أيضاً أن تخبر طبيبك بالتغيرات التالية ما لم تختفِ في غضون أسبوعين: شامة ملتهبة، أو شامة ذات حافة محمرة، أو شامة تبدأ في النزف، أو الرشح، أو تكوين قشرة، أو شامة أكبر من باقي شامات جسدك بشكل ملحوظ.
نصيحة: لا أحد يصاب بالشيخوخة لمجرد أنه عاش عدداً من السنين. إننا نصاب بالشيخوخة عندما نتخلى عن أهدافنا. السنون قد تصيب البشرة بالتجعد، ولكن فقد الحماس يصيب الروح بالتجعد.
إذا كنت أستخدم كريماً ذا عامل وقاية مرتفع من أشعة الشمس، فهل يمكنني قضاء اليوم كله على الشاطئ؟
بالتأكيد؛ طالما كنت تقضي يومك في الظل. ومن المهم أن تعلم أن منتجات الوقاية من الشمس ليست مصممة لتمديد الفترة الزمنية التي يمكنك قضاؤها معرضاً للشمس، وأن الأشعة فوق البنفسجية يمكنها أن تدمر بشرتك قبل وقت طويل من الشعور بالالتهاب. إن أكبر أخطار منتجات الوقاية من الشمس هو أنها تعطي الناس إحساساً زائفاً بالأمان. العديد من الناس يعتقدون أنهم سيكونون في مأمن، حتى إذا تعرضوا لأشعة الشمس لساعات، طالما قاموا بطلاء جسدهم بكريمات الوقاية من الشمس؛ وينعكس هذا في حقيقة أن من يستخدمون منتجات الوقاية من أشعة الشمس أكثر عرضة للإصابة بسرطان الجلد هذه الأيام ممن لا يستخدمون تلك المنتجات (ولا يحصلون على حمامات شمس أيضاً). وبالإضافة إلى استخدام منتجات الوقاية من أشعة الشمس، يجب عليك أيضاً أن تحاول تجنب أشعة الشمس بين الساعة الحادية عشرة صباحاً والثالثة عصراً؛ احمِ نفسك بارتداء غطاء رأس وقميص ذي أكمام طويلة.
هل يجب أن أتمسك بجلسات “جهاز تغميق البشرة” من الآن فصاعداً؟
كلا بالتأكيد. فعلى الرغم من أنه يتم الإعلان عن تلك الأجهزة باعتبارها خياراً آمناً تماماً، فإنها ليست كذلك. إنها تعطي جرعة كبيرة من أشعة UVA التي يمكنها أن تدمر الحمض النووي للبشرة وتسبب سرطان الجلد. وقد أظهرت إحدى الدراسات أن مستخدمي تلك الأجهزة بانتظام تزيد احتمالات إصابتهم بالورم الميلانيني الخبيث، وهو أخطر أنواع سرطان الجلد، بنسبة 55% عمن لا يستخدمونه.