حرقان الصدر هو شعور بالحرقة أو الألم في منطقة الصدر، وقد يمتد أحيانًا إلى الحلق. هذا العرض شائع وقد يكون بسيطًا ناتجًا عن مشكلة هضمية عابرة، أو مهمًا يدل على حالة صحية أكثر خطورة. في كثير من الحالات يكون السبب هو حرقة المعدة الناتجة عن ارتجاع أحماض المعدة إلى المريء، لكن هناك أسباب أخرى متنوعة تشمل مشاكل القلب والرئتين والجهاز النفسي وغيرها. من حسن الحظ أن معظم حالات الإحساس بالحرقان في الصدر لا تكون بسبب مشكلة في القلب، إلا أنه من الضروري الانتباه للأعراض المرافقة وتحري السبب الحقيقي لضمان السلامة.
أمراض الجهاز الهضمي (الارتجاع المعدي المريئي وجرثومة المعدة)
يُعد الارتجاع المعدي المريئي (GERD) من أبرز أسباب حرقان الصدر. يحدث الارتجاع عندما يرتفع حمض المعدة إلى الأعلى باتجاه المريء، الأنبوب الذي ينقل الطعام من الحلق إلى المعدة. هذا الحمض مهيِّج لبطانة المريء ويسبب شعورًا بالحرقة في منتصف الصدر خلف عظمة القص. غالبًا ما يظهر الألم الحارق بعد تناول وجبة كبيرة أو عند الاستلقاء والانحناء، وقد يصاحبه طعم حامض في الفم أو ارتجاع لبعض محتويات المعدة إلى الحلق. عادة ما تخفف مضادات الحموضة من هذه الأعراض. من العوامل التي تزيد ارتجاع الأحماض: تناول الأطعمة الدسمة أو الحارة، وشرب الكافيين والمشروبات الغازية، والتدخين، والسمنة. الارتجاع المزمن (GERD) يعني تكرر هذه الأعراض عدة مرات في الأسبوع، وقد يؤدي مع الوقت إلى التهاب في المريء. بعض مرضى الارتجاع يعانون أيضًا من صعوبة في البلع أو سعال مزمن بسبب تهيج المريء والحلق بالحمض.
سبب هضمي آخر لحرقان الصدر هو تقرحات المعدة المرتبطة بجرثومة المعدة. جرثومة المعدة (Helicobacter pylori) هي نوع من البكتيريا يصيب بطانة المعدة، وقد يؤدي إلى التهاب وتقرحات في جدار المعدة والإثني عشر. هذا التقرح هو جرح مفتوح في بطانة المعدة تسببه الأحماض، وغالبًا يكون نتيجة إصابة بجرثومة المعدة أو الاستعمال الطويل لمسكنات الألم. يمكن لقرحة المعدة أن تسبب ألمًا حارقًا في أعلى البطن أو وسط الصدر، قد يشتد في المساء أو عند فراغ المعدة لفترة طويلة، وأحيانًا مباشرة بعد الأكل. قد يُصاحبها شعور بالانتفاخ والتجشؤ المتكرر والغثيان. علاج جرثومة المعدة والقرحة يتضمن عادةً مضادات حيوية للقضاء على البكتيريا وأدوية لتقليل حمض المعدة، مما يساعد على شفاء التقرحات وتخفيف الألم.
أمراض القلب (الذبحة الصدرية)
مشاكل القلب تعتبر من أخطر مسببات آلام الصدر، رغم أنها ليست الأكثر شيوعًا لحرقان الصدر تحديدًا. الذبحة الصدرية (Angina) هي مصطلح يصف الألم أو الضغط الصدري الذي يحدث عندما لا يحصل القلب على كمية كافية من الدم الغني بالأكسجين. السبب المعتاد هو مرض في شرايين القلب (تصلب الشرايين التاجية) يؤدي إلى تضيقها وعدم قدرتها على تزويد عضلة القلب بالدم عند الحاجة، خاصة أثناء المجهود. يشعر المريض حينها بألم أو حرقة أو ضغط في منتصف الصدر قد يمتد إلى الكتف أو الفك أو الذراع الأيسر، وأحيانًا يصفه بعضهم بأنه ثقل أو ضيق في الصدر. قد ترافق الذبحة أعراض أخرى مثل ضيق التنفس والتعرق والغثيان. عادة ما تأتي الذبحة مع المجهود البدني أو الانفعال وتزول بالراحة أو باستخدام أدوية مثل النيتروجليسرين التي توسع الشرايين.
من المهم التفريق بين الذبحة الصدرية والنوبة القلبية. النوبة القلبية تحدث عند انسداد كامل في أحد شرايين القلب مما يؤدي إلى انقطاع الدم عن جزء من عضلة القلب. ألم النوبة القلبية قد يكون مشابهًا للذبحة لكنه أشد ويستمر حتى في الراحة ولا يزول بالدواء، وغالبًا يرافقه شعور بالضغط الساحق على الصدر مع تعرق شديد وضيق نفس وإحساس بالخطر الوشيك. قد لا يستطيع الشخص العادي (وأحيانًا حتى الطبيب من الأعراض وحدها) التمييز بين ألم الذبحة والنوبة، لذا فإن أي ألم صدري جديد أو مختلف عن المعتاد يستدعي تقييمًا طبيًا عاجلًا.
خلاصة القول: آلام الصدر ذات المنشأ القلبي خطيرة وتتطلب عدم إهمالها. في حال حدوث حرقان أو ألم صدري لدى شخص لديه عوامل خطر قلبية (مثل ارتفاع ضغط الدم أو السكري أو التدخين) أو كان الألم يظهر مع الجهد، ينبغي الإسراع بمراجعة الطبيب، فقد تكون الذبحة جرس إنذار لنوبة قلبية وشيكة.
الأسباب التنفسية (الربو أو الالتهاب الرئوي)
يمكن لأمراض الرئة والجهاز التنفسي أن تسبب أيضًا إحساسًا بالحرقان أو الألم في الصدر. أحد الأمثلة هو الربو؛ فالربو مرض ينتج عن تضيق والتهاب الشعب الهوائية في الرئتين. أثناء نوبة الربو، يشعر المريض بضيق في التنفس وانقباض أو شد في الصدر، وقد يوصف أحيانًا بأنه ألم أو حرقة نتيجة الجهد المبذول في التنفس. غالبًا ما يكون هذا مصحوبًا بسعال وأزيز (صفير) عند التنفس. يكون الألم الصدري في الربو أكثر ارتباطًا بصعوبة التنفس وليس ناتجًا عن القلب. تتحسن أعراض الربو باستخدام بخاخات موسعة للشعب الهوائية وأدوية مضادة للالتهاب، وعندما يسيطر المريض على مرضه تقل كثيرًا نوبات الألم أو الحرقان في الصدر.
من جهة أخرى، الالتهاب الرئوي (ذات الرئة) هو عدوى تصيب أنسجة الرئة ويمكن أن تسبب ألمًا حادًا أو إحساسًا بالحرقان في الصدر، خاصة مع التنفس العميق أو السعال. يحدث ذلك لأن الأغشية المحيطة بالرئة قد تلتهب مع العدوى (وهذا يُعرف بالتهاب الجنبة) مما يجعل التنفس مؤلمًا. يكون الألم في الالتهاب الرئوي عادةً موضعيًا في جهة واحدة من الصدر وقد يزداد عند الكحة. تشمل الأعراض الأخرى للالتهاب الرئوي: السعال (غالبًا مع بلغم متغير اللون)، الحمّى والقشعريرة، وضيق التنفس، والتعب العام. يعتبر الالتهاب الرئوي حالة خطيرة نسبيًا، خاصة لدى كبار السن أو مرضى نقص المناعة، ويتطلب العلاج الفوري بالمضادات الحيوية (في حالة العدوى البكتيرية) والرعاية الطبية المناسبة. كذلك التهاب الغشاء الجنبي (Pleurisy) يمكن أن يسبب ألمًا حادًا في الصدر يزداد مع الشهيق، وأسبابه قد تكون التهابات فيروسية أو أمراض مناعية. بشكل عام، أي ألم صدري يزداد مع التنفس أو يصاحبه سعال وحرارة يرجح وجود سبب صدري (رئوي) ويتطلب زيارة الطبيب.
الأسباب النفسية (التوتر والقلق)
العوامل النفسية والعاطفية يمكن أن تنعكس في شكل أعراض جسدية بما فيها ألم أو حرقان في الصدر. التوتر النفسي والقلق الشديدان قد يؤديان إلى ما يسمى نوبة الهلع أو الذعر، والتي يشعر خلالها المريض بأعراض تشبه النوبة القلبية تمامًا. قد يشكو الشخص من ألم حارق أو ضغط في الصدر مع خفقان سريع للقلب وتعرق وضيق تنفس ودوار، مما يزيد هلعه ظنًا أنه يمر بأزمة قلبية بينما هي في الحقيقة نوبة قلق حاد. حتى من دون حدوث نوبة هلع واضحة، يمكن أن يظهر القلق المزمن والتوتر على شكل ألم صدري مبهم أو حارق يستمر لفترات طويلة (يُسمى ألم الصدر غير القلبي النفسي). وفقًا للتقارير الطبية، يمكن للتوتر والقلق والاكتئاب أن تتظاهر لدى بعض الأشخاص كألم صدري وظيفي بدون سبب عضوي واضح.
هناك آليات متعددة تفسر كيف يسبب العامل النفسي ألمًا في الصدر: فخلال التوتر قد يرتفع إفراز الأدرينالين مما يسرّع ضربات القلب ويُحدث انقباضًا في عضلات الصدر والرقبة. أيضًا فرط التهوية (التنفس السريع الضحل) في نوبات القلق يسبب تقلصات عضلية وألمًا بالصدر. إضافة إلى ذلك، يمكن للتوتر المزمن أن يحفز إفراز أحماض المعدة أو يسبب عادات غير صحية (كالتدخين والأكل العاطفي) مما يزيد حرقة المعدة. على الرغم من أن الألم النفسي في الصدر غير خطير من ناحية عضوية، لكنه قد يكون مخيفًا للمريض. من المهم عند حدوث ألم صدري لأول مرة ألا يُفترض أنه نفسي قبل استبعاد الأسباب الجسدية، لأن التشخيص الخاطئ قد يحجب عن المريض علاج مشكلة قلبية أو رئوية خطيرة. إذا تأكد أن السبب نفسي، يتركز العلاج على تقليل التوتر عبر تقنيات الاسترخاء والعلاج السلوكي، وقد تُستخدم الأدوية المضادة للقلق أو مضادات الاكتئاب عند اللزوم تحت إشراف طبي.
أسباب أخرى (مشاكل في العضلات أو العظام في منطقة الصدر)
كثيرًا ما يكون مصدر الألم أو الحرقان في الصدر هو جدار الصدر نفسه (العضلات والعظام والمفاصل الموجودة في الصدر). الإجهاد العضلي أو إصابة عضلات القفص الصدري يمكن أن تسبب ألمًا حارقًا شديدًا، عند تحريك الذراع أو حمل أشياء ثقيلة باستخدام العضلة المصابة. على سبيل المثال، قد يؤدي السعال الشديد المتكرر أو ممارسة التمارين العنيفة إلى شد أو تمزق عضلات ما بين الأضلاع، مما ينتج عنه ألم حارق يزداد عند الكحة أو الالتفاف للجانب. كذلك، التهاب الغضروف الضلعي (Costochondritis) هو التهاب يصيب غضاريف الأضلاع في منطقة اتصالها بعظم القص، ويؤدي إلى ألم يمكن أن يكون حادًا أو حارقًا في الصدر الأمامي.
يتميز الألم العضلي أو الهيكلي في الصدر بأنه يتغير مع الحركة أو مع الضغط على المنطقة المصابة؛ فقد يجد المريض أن ألم الصدر يزداد بالانحناء في اتجاه معين أو عند الضغط بأصابع اليد على موضع معين في الأضلاع، وهذا عادة لا يحدث في آلام القلب أو المريء. من العلامات الأخرى الدالة على منشأ عضلي أو عظمي: وجود انتفاخ أو كدمة مكان الألم (إذا كانت هناك إصابة)، أو أن الألم بدأ بعد حركة عنيفة أو إصابة مباشرة. بشكل عام، مشاكل العضلات والعظام في الصدر غير خطيرة لكنها قد تستغرق وقتًا للشفاء وتسبب إزعاجًا للمريض. علاجها يعتمد على الراحة وتجنب المجهود الذي يسبب الألم، مع استخدام مسكنات خفيفة أو كمادات دافئة لتخفيف التشنج العضلي. ينصح أيضًا بتمارين تمديد لطيفة بعد زوال المرحلة الحادة لتقوية المنطقة ومنع تكرار الإصابة.
التشخيص
نظرًا لتعدد أسباب حرقان الصدر، يعتمد الطبيب في التشخيص على مجموعة من الخطوات لاستبعاد الأخطر فالأخطر. يبدأ التقييم بأخذ التاريخ المرضي المفصل، حيث سيسأل الطبيب عن خصائص الألم: متى يبدأ؟ هل يرتبط بتناول الطعام (يوحي بسبب هضمي) أم بالمجهود (يوحي بسبب قلبي) أم بوضعية الجسم أو التنفس (يوحي بسبب عضلي أو رئوي)؟ وهل يصاحبه أعراض أخرى كخفقان القلب أو حرقة في الحلق أو سعال أو قلق؟ بعد ذلك يقوم الطبيب بإجراء الفحص السريري، فيه يستمع إلى القلب والرئتين ويتحسس الصدر للتحقق من وجود مناطق مؤلمة بالضغط أو أي علامات تورم.
قد يقيس أيضًا النبض وضغط الدم ونسبة الأكسجين. بناءً على المعطيات، قد يتم طلب بعض الفحوص المخبرية والتصويرية للمساعدة في التشخيص. على سبيل المثال، تُجرى تحاليل دم معينة للتحقق من علامات حدوث جلطة قلبية (مثل إنزيمات القلب) أو وجود التهابات تشير لعدوى في الجسم. كما يعد تخطيط القلب الكهربائي (ECG) اختبارًا أساسيًا في غرفة الطوارئ لتقييم النشاط الكهربائي للقلب والبحث عن أي دلائل لنوبة قلبية أو اضطراب في نظم القلب. في حال الشك بوجود مشكلة في الرئة، قد يتم عمل صورة أشعة سينية للصدر لكشف علامات الالتهاب الرئوي أو تضخم القلب أو مشكلات أخرى.
أحيانًا يحتاج الأمر لإجراء تصوير مقطعي محوسب (CT) للحصول على صورة أدق للقلب والرئتين والأوعية الدموية، خاصة إذا اشتبه الطبيب بوجود جلطة رئوية (انسداد في شريان الرئة) أو تمزق في الأورطى.
وفي الحالات المرتبطة بالجهاز الهضمي، قد يطلب الطبيب منظارًا هضميًا لرؤية المريء والمعدة من الداخل والتحقق من وجود تقرحات أو التهاب، أو اختبارًا للكشف عن جرثومة المعدة في التنفس أو البراز. تكمن أهمية التشخيص الدقيق في توجيه العلاج المناسب؛ فلكل سبب من الأسباب المذكورة خطة علاج مختلفة عن الأخرى.
العلاج
تعتمد معالجة حرقان الصدر على علاج السبب الأساسي وراءه، وبالتالي يختلف العلاج من حالة لأخرى. بشكل عام، الحالات البسيطة مثل حرقة المعدة يمكن التعامل معها بتغييرات نمط الحياة والأدوية الخفيفة، بينما الحالات الخطيرة كأمراض القلب أو الرئة قد تتطلب تدخلات طبية عاجلة. فيما يلي نظرة عامة على خيارات العلاج حسب كل سبب محتمل:
أمراض الجهاز الهضمي:
في حالة الارتجاع المعدي المريئي، يُنصح بإجراء تغييرات في نمط الحياة مثل تجنب الأطعمة المهيجة (المقلية، الحارة، الحمضية)، وتناول وجبات أصغر، وعدم الاستلقاء بعد الأكل مباشرة. قد تساعد مضادات الحموضة المتوفرة دون وصفة على تخفيف الأعراض بشكل سريع. كذلك تُستخدم أدوية تقلل إنتاج الحمض المعدي مثل مثبطات مضخة البروتون (مثال: أوميبرازول) أو حاصرات الهيستامين-2 (رانيتيدين وفاموتيدين) لعلاج الارتجاع المزمن. إذا تم تشخيص جرثومة المعدة أو تقرح المعدة، فالعلاج عبارة عن مزيج من المضادات الحيوية لقتل البكتيريا وأدوية حماية المعدة لشفاء التقرحات. معظم هذه الحالات الهضمية غير طارئة، لكن ينبغي زيارة الطبيب إذا كانت الحرقة شديدة ومتكررة أو لا تستجيب للعلاج، أو في حال صعوبة البلع أو نقص الوزن غير المبرر (فهذه قد تكون علامات لمضاعفات أكثر خطورة كالتهاب المريء الشديد أو القرحة النازفة).
أمراض القلب:
أي ألم صدري يُشتبه أنه قلبي المصدر يجب اعتباره حالة طبية طارئة حتى يثبت العكس. إذا شخّص الأطباء ذبحة صدرية مستقرة، يشمل العلاج أدوية مثل النيتروجليسرين تحت اللسان لتخفيف الألم عند اللزوم، وأدوية للوقاية على المدى الطويل مثل الأسبرين ومضادات التخثر الخفيفة لمنع الجلطات، وحاصرات بيتا أو مثبطات الإنزيم المحول للأنجيوتنسين لخفض عبء العمل على القلب. كذلك يتم ضبط عوامل الاختطار (ضبط ضغط الدم، سكر الدم، الكولسترول، والإقلاع عن التدخين) لمنع تفاقم المرض. في حالة الذبحة غير المستقرة أو النوبة القلبية، قد يحتاج المريض إلى إجراءات عاجلة مثل قسطرة قلبية لفتح الشرايين المسدودة وربما دعامة أو جراحة تطعيم مجازة الشريان التاجي (قلب مفتوح) في الحالات الشديدة. النقطة الأهم هي عدم التأخر في طلب الرعاية؛ ألم الصدر القلبي قد يكون إنذارًا مبكرًا لإنقاذ الحياة إذا عولج في الوقت المناسب. لذا يجب زيارة الطبيب فورًا عند الشعور بحرقان أو ضغط صدري شديد خاصة إذا ترافق مع ضيق تنفس أو امتد الألم إلى الذراع أو الفك أو صاحبه تعرق ودوخة.
الأسباب التنفسية:
يختلف العلاج بحسب المشكلة. في حالة نوبة الربو، يجب استعمال بخاخ موسع للشعب الهوائية (مثل السالبوتامول) على الفور لتخفيف التضيق في الممرات الهوائية. إذا كانت النوبات متكررة أو شديدة، يصف الطبيب علاجًا وقائيًا كورتيزونيًا بخاخًا للسيطرة على التهاب الشعب على المدى البعيد. أما الالتهاب الرئوي، فيتطلب مضادًا حيويًا مناسبًا لنوع العدوى (بكتيرية أو حسب المسبب)، مع خافض للحرارة ومسكن للألم عند الحاجة. من المهم أيضًا الراحة وتناول السوائل بوفرة. سيتابع الطبيب تحسن المريض، وقد يطلب صورة أشعة متابعة للتأكد من زوال الالتهاب. تجدر الإشارة إلى أن الألم الصدري الناتج عن أمراض التنفس يتحسن تدريجيًا مع شفاء الحالة الأساسية. ينبغي طلب المشورة الطبية عند ظهور أعراض التهاب رئوي (سعال مع حرارة وألم صدري) دون تأخير، لأن العلاج المبكر أكثر فعالية ويمنع المضاعفات.
الأسباب النفسية:
إذا تبين أن حرقان الصدر ناتج عن القلق أو التوتر، فعلاج السبب النفسي سيساعد كثيرًا في زوال العرض. التقنيات التنفسية وتمارين الاسترخاء (مثل التنفس العميق البطيء وتمارين التأمل) يمكن أن تخفف من حدة أعراض نوبة الهلع في وقتها. على المدى الأطول، قد يستفيد المريض من العلاج السلوكي المعرفي لتعلم السيطرة على نوبات القلق وتغيير طريقة التفكير حيال الأعراض البدنية. في بعض الحالات، يصف الأطباء أدوية مضادة للقلق أو مضادات اكتئاب بجرعات صغيرة للتحكم بالأعراض الجسدية المصاحبة للتوتر. من المهم أيضًا اتباع نمط حياة صحي: نوم منتظم، ونشاط رياضي خفيف يومي لتفريغ التوتر، وتجنب المنبهات كالكافيين. مع ذلك، لا يجوز افتراض أن الألم نفسي دوماً؛ على المريض أن يقوم بالفحوص اللازمة أولاً لاستبعاد أي مشكلة عضوية، خصوصًا إن كانت المرة الأولى التي يشعر فيها بهذا الألم.
مشاكل العضلات أو العظام:
غالبية آلام جدار الصدر تزول تلقائيًا مع الوقت والرعاية البسيطة. ينصح المريض بالراحة وتجنب الحركة أو الوضعيات التي تستفز الألم لبضعة أيام. يمكن استخدام مسكنات خفيفة مثل الإيبوبروفين أو الباراسيتامول لتخفيف الألم والالتهاب في العضلات أو الغضاريف. الكمادات الدافئة أو الباردة على موضع الألم قد تساعد أيضًا بحسب ما يرتاح إليه المريض (البعض يرتاح للدفء العضلي والبعض للبرودة التي تخدر الألم). إذا كان الألم شديدًا، قد يصف الطبيب مرهمًا موضعيًا مضادًا للالتهاب أو حتى حقنة موضعية من مخدر موضعي أو كورتيزون في حالات التهاب الغضروف الضلعي الحاد. من المفيد بعد تحسن الألم القيام بتمارين تمديد لطيفة لصدر والكتفين لتحسين المرونة ومنع التيبس. عمومًا، ينبغي زيارة الطبيب إذا كان الألم الناتج عن إصابة حادًا جدًا أو مصحوبًا بتورم واضح، أو إذا استمر لأسابيع دون تحسن رغم العلاج التحفظي.
متى يجب زيارة الطبيب
نظرًا لتداخل الأعراض بين الأسباب المختلفة، يُنصح بالتماس الرعاية الطبية عند الشك لتجنب إغفال حالات خطرة. فيما يلي بعض الحالات التي تستوجب زيارة الطبيب فورًا:
-
ألم أو حرقان مفاجئ شديد في الصدر، ظهر دون سابق إنذار.
-
ألم صدري يصاحبه أعراض أخرى مقلقة مثل التشوش أو فقدان الوعي أو صعوبة شديدة في التنفس.
-
ضغط أو ضيق شديد في منتصف الصدر، خاصة إذا استمر لأكثر من بضع دقائق.
-
ألم الذبحة الصدرية المعتاد للمريض إذا أصبح أشد أو أكثر تكررًا من ذي قبل أو لم يزُل مع الراحة كالمعتاد.
-
حرقان في الصدر مستمر أو متزايد سوءًا رغم استعمال العلاجات المنزلية كالراحة ومضادات الحموضة.
وفي المجمل، لا تتردد أبدًا في طلب تقييم طبي إذا كنت غير متأكد من سبب الألم الصدري لديك. التشخيص المبكر والدقيق هو مفتاح العلاج الناجح. تذكّر أن حرقان الصدر بالرغم من شيوعه غالبًا ما يكون حميدًا ناتجًا عن مشاكل هضمية أو عضلية، لكنه قد يكون أيضًا إشارة لنوبة قلبية أو مشكلة خطيرة أخرى تتطلب تدخلًا عاجلًا. لذا فإن القاعدة الذهبية هي: عند الشك، اسلم نفسك للفحص. الطبيب سوف يساعدك على تحديد السبب الحقيقي ويصف لك العلاج المناسب، وبذلك تطمئن وتتعامل مع الحالة بالطريقة الصحيحة.
المراجع والمصادر الطبية
-
Villines Z. Chest burning: Causes, treatments, and home remedies. Medical News Today. 2023 Oct 12 [Internet]. https://www.medicalnewstoday.com/articles/326273
-
Pitman D. Chest Burning? 17 Possible Causes. Healthline. 2020 Sep 18 [Internet]. https://www.healthline.com/health/chest-burning
-
Cleveland Clinic. Noncardiac Chest Pain: Symptoms, Causes and Treatments. Cleveland Clinic Health Library. 2018 [Internet]. https://my.clevelandclinic.org/health/diseases/15851-gerd-non-cardiac-chest-pain
-
Mayo Clinic. Heartburn or heart attack: When to worry. MayoClinic.org. 2022 Feb 8 [Internet]. https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/heartburn/in-depth/heartburn-gerd/art-20046483
-
American Heart Association. Angina (Chest Pain). Heart.org. 2015 [Internet]. https://www.heart.org/en/health-topics/heart-attack/angina-chest-pain
-
Charles S. Why Do I Have a Burning Sensation in My Chest? Verywell Health. 2024 Dec 17 [Internet]. https://www.verywellhealth.com/burning-sensation-in-chest-5214589