استشارة طبية “أعاني وزوجي من أنواع كثيرة من الحساسية، وأخشى أن يصاب بها ابننا أيضا”.
لسوء الحظ فإن السمات القابلة للوراثة لا تقتصر على السمات الأفضل فقط كخصلات الشعر اللامعة والسيقان الطويلة، والموهبة الموسيقية، والاستعداد الطبيعي للتعامل مع الآلات. بل تشمل أيضا السمات الأقل جاذبية، وإصابة كلا الأبوين بالحساسية تجعل الطفل أكثر عرضة للإصابة بها مما لو كان لديه أبوان خاليان من الحساسية.
لكن ذلك لا يعني أن طفلك قد قدر له أن يعيش طوال حياته مصابة بداء الشری والعطس، بل يعني أنك لابد أن تناقشي مخاوفك مع الطبيب الخاص بطفلك، ومع متخصص في حساسية الأطفال إذا دعت الضرورة.
ما هي الأطعمة المسببة للحساسية؟
من أكثر الأطعمة المسببة للحساسية شيوعاً: اللبن (الحليب) والبيض والفول السوداني والقمح والذرة والسمك والمحار والتوت والبازلاء، والفاصوليا، والشيكولاتة وبعض التوابل، وفي بعض الحالات يمكن أن تؤدي كمية ضئيلة جدا من أحد الأطعمة إلى حدوث تفاعل حاد، وفي حالات أخرى لا تسبب الكميات الصغيرة أي مشكلة على الإطلاق. وعادة ما يتجاوز الأطفال بعض أنواع حساسية الطعام مع تقدمهم في العمر ولكنهم يصابون فيما بعد بحساسية مفرطة ضد مواد أخرى في البيئة مثل غبار المنزل وحبوب اللقاح وقشور الحيوانات.
كيف تحدث الحساسية؟
إن الطفل يصبح حساسا تجاه مادة معينة حين يصبح الجهاز المناعي حساسا ضدها من خلال إنتاج أجسام مضادة لها، ويمكن أن تحدث الحساسية في المرة الأولى التي يواجه فيها هذه المادة أو في المرة المائة، ولكن بمحرد حدوثها تبدأ الأجسام المضادة في العمل كلما تعرض الجسم لهذه المادة، مما يؤدي إلى حدوث واحد من بين مجموعة كبيرة من التفاعلات الجسدية، ومن ضمنها رشح الأنف والعين، والصداع، والأزيز، والإكزيما، والشري، والإسهال، والألم أو عدم الارتياح في منطقة البطن، والقيء العنيف، وفي الحالات الحادة يصل الأمر إلى الإصابة بالصدمة الاستهدافية. وهناك أيضا بعض الأدلة على أن الحساسية قد تكشف عن نفسها من خلال الأعراض السلوكية مثل التقلقل.
غير أنه ليس كل تفاعل مضاد تجاه أحد الأطعمة أو أي مادة أخرى يعتبر حساسية، والواقع أن المتخصصين استطاعوا من خلال بعض الدراسات الخاصة بالأطفال تأكيد الإصابة بالحساسية لدى أقل من نصف أفراد الدراسة. الذين سبق أن شخصت إصابتهم جميعا بالحساسية، ففي بعض الأحيان قد يتضح أن ما بدا أنه حساسية هو مجرد قصور إنزيمي، فالأطفال الذين يعانون من نقص مستويات إنزيم اللاكتاز مثلا لا يستطيعون هضم لاكتوز سكر اللبن، ومن ثم يتفاعلون مع اللبن ومنتجاته على نحو سيئ، كما يعجز الأطفال المصابون بمرض سيلياك (حساسية القمح) عن هضم الجلوتين، وهي مادة توجد في العديد من حبوب الغلال، ومن ثم يبدون مصابين بحساسية ضد هذه الحبوب، كذلك قد يساء تشخيص أنشطة الجهاز الهضمي غير الناضج أو مشكلات الرضع المرضية الشائعة مثل المغص على أنها حساسية.
ويمكن استبعاد الأغذية والأغذية السائلة الخاصة كوسيلة لتشخيص الحساسية بأنواعها، ولكنها وسيلة معقدة ومستنفدة للوقت. أما اختبارات الجلد للكشف عن حساسية الطعام فلا تتميز بالدقة العالية، فقد تأتي نتيجة اختبار حساسية جلد أحد الأشخاص ضد طعام بعينه إيجابية، ولكن لا يصاب بأي تفاعل حين يتناوله على الإطلاق. أما اختبارات الفحص الخاصة بـ “حساسية الطعام ” التي تدعى قدرتها على تشخيص الحساسية من خلال عينات الدم، فهي أقل دقة وتكلفتها باهظة إلى حد بالغ.
لحسن الحظ، فإن العديد من أنواع حساسية الطفولة تزول مع تقدم عمر الطفل (وإن كانت هناك أنواع معينة من حساسية الطعام، مثل الحساسية ضد الفول السوداني والمكسرات والمحار والأسماك لا تميل للزوال). لذا ابحثي إذا اتضح أن طفلك مفرط الحساسية للبن أو القمح أو أي أطعمة أخرى، فقد تزول هذه الحساسية في غضون بضعة أعوام أو أقل.
احتياطات عامة للوقاية من الحساسية
بالنسبة للأطفال الذين ينتمون لعائلات لديها تاريخ مرضي مع الحساسية، ينصح الأطباء عامة باتخاذ الاحتياطات التالية:
● الاستمرار في الرضاعة الطبيعية
تزداد احتمالات الإصابة بالحساسية لدى الأطفال الذين يرضعون صناعيا عن الأطفال الذين يرضعون طبيعيا – ربما لأن لبن الأبقار تعد من الأسباب الشائعة نسبيا للتفاعل التحسسي، فإذا كنت ترضعين طفلك طبيعيا، فاستمري عليها على مدى العام الأول بأكمله إن أمكن. فكلما أصبح لبن الأبقار أساس غذائه في سن متأخرة، كان ذلك أفضل، وعادة ما يقترح استخدام اللبن الصناعي الذي يقوم على الصويا حين تكون هناك حاجة لتغذية تكميلية بالنسبة للأسر المصابة بالحساسية، ولكن هناك أطفال يتضح أنهم حساسون ضد الصويا أيضا. ومن ثم سوف يكون هناك حاجة للبن الصناعي المنحل بالماء والمزود بالبروتين بالنسبة لهؤلاء الأطفال.
● تأخير الأطعمة الصلبة
يعتقد الآن أنه كلما تأخر تعرض الطفل للمسببات المحتملة للحساسية، سوف يقل احتمال حدوث الحساسية. لذا ينصح معظم الأطباء بتأجيل إدخال الأطعمة الصلبة بالنسبة للأطفال المنتمين الأسر مصابة بالحساسية. وغالبا ما ينصح بتأجيلها حتى الشهر السادس على الأقل، وأحيانا بعد ذلك.
● مزيد من التدرج في إدخال الأطعمة الجديدة
من الحكمة دائما أن تقدم الأطعمة الجديدة للأطفال بمعدل نوع واحد في المرة الواحدة، لكن ذلك يكتسب أهمية خاصة لدى العائلات المصابة بالحساسية. وقد ينصح بتقديم كل طعام جديد يتم إدخاله كل يوم على مدى أسبوع كامل قبل البدء في تقديم طعام آخر. فإذا كان هناك أي نوع من التفاعلات المضادة – مثل تفكك البراز، أو تكون الغازات، أو الطفح الجلدي (شاملا طفح الحفاض)، أو الإفراط في التقيؤ، أو الأزيز، أو رشح الأنف، فينصح بتجنب ذلك الطعام بشكل عام وعدم استئناف تقديمه على مدى عدة أسابيع على الأقل حتى قد يقبل من جانب الطفل بدون متاعب.
● إدخال أطعمة أقل إثارة للحساسية في البداية
غالبا ما ينصح بحبوب الأرز الغذائية كطعام مبدئي لكونها أقل الحبوب الغذائية إثارة للحساسية، كما يعتبر الشعير والشوفان أقل إثارة للحساسية من القمح والذرة ويقدمان قبلهما بشكل عام. والفواكه والخضراوات لا تسبب أي مشاكل، ولكن عادة ما ينصح الآباء والأمهات بالامتناع عن إدخال التوت والطماطم. كذلك يمكن للمحار والبازلاء والفاصوليا الانتظار. وغالبا ما يمكن إدخال معظم الأطعمة الأخرى التي تسبب الحساسية بنسبة كبيرة (مثل المكسرات والفول السوداني، وبعض أنواع التوابل، والشيكولاتة) بعد العام الثالث.