استشارة طبية: ” إنني أهرع لحمل طفلي بمجرد أن يبدأ في البكاء، وينتهي بي الأمر بحملة والتجول به لفترة كبيرة من اليوم، فهل هذا يعتبر دلال؟”.
على الرغم من أنه من الصعب أن يفسد الدلال طفلك. في هذه السن، فإن هناك أسبابا عديدة وجيهة قد توجب الحد من حمل الطفل. إن تقمص دور ” تاكسي الطفل”. أي رفع صغيرك فور تلقيك إشارة من ذلك الذراع الصغيرة أو أنين ملل يمكن أن يستنفد وقتك (إذ يبدو وكأنك ” في خدمته ” طوال ساعات استيقاظه). ولكن حمل الطفل والتجول به طوال اليوم لا يمنعك من القيام بالأشياء، فحسب، بل يمنع طفلك أيضا من القيام بالأشياء. ففي ذراعيك، يحرم الطفل من فرصة ممارسة مهارات مثل الزحف والتجول، التي سوف تتيح له في النهاية التحرك بدون مساعدة. كما أن ذلك لا يمنحه فرصة تمرين عضلاته بشكل يسمح له بالاعتماد على نفسه، مثل تعلم كيفية تسلية نفسه لفترات قصيرة وكيفية الاستمتاع بصحبة نفسه (وهي مهارات أساسية لدعم إحساسه الناشئ بتقدير الذات). وأخيرا ليمنعه من تعلم درس آخر سوف يكون له قيمة لا تقدر في تطوره كإنسان يراعي مشاعر الغير وهو أن الآخرين لهم احتياجات مهمة، حتى الأبوين.
ونظرا لأن الرضع والأطفال الصغار مخلوقات أنانية بحكم الطبيعة والضرورة، سيكون من الصعب إدراك هذا المفهوم في البداية. غير أن تقديمه الآن سوف يساعدك على ضمان تنشئة طفل لا يضع احتياجاته دائما قبل احتياجات الآخرين – بعبارة أخرى : طفل غير مدلل.
● في بعض الأحيان يبكي الأطفال لحملهم، لا لأنهم يبحثون عن وسيلة للركوب والتنقل من مكان لآخر، ولكن لأنهم يتوقعون الراحة والاهتمام اللذين لا يزال الطفل بحاجة إليهما في جرعات سخية. لذا فإن أول شيء يجب عليك القيام به هو تحديد ما إذا كان طفلك يحصل على ما يكفيه من هذه السلع الثمينة.
● فكري : هل جلست للعب، مع طفلك عدة مرات خلال النهار، أم اشتمل تفاعلك معه على وضعه في العرية النقالة مع لعبة، أو تركه في المشاية الثانية أثناء العشاء، أو ربطه في مقعد السيارة في رحلة إلى السوبر ماركت؟ إذا كان الأمر كذلك، فقد يكون قد خلص إلى أن التنقل وهو بين ذراعيك، إذا لم يقدم له كل ذلك أي نوع من التحفيز والإثارة، أفضل من عدم تلقي أي اهتمام على الإطلاق.
● بعد ذلك انظري ما إذا كان طفلك لديه احتياجات جسمانية. هل حفاضه متسخ؟ هل حان وقت الغداء؟ هل يشعر بالعطش؟ إذا كان الأمر كذلك، فاحرصي على إشباع احتياجاته، ثم انتقلي إلى الخطوة التالية.
● انقليه إلى مكان جديد : الحظيرة النقالة إذا كان في المهد أو المشاية الثابتة. فقد يعمل ذلك على إشباع رغبته للتجوال والتنقل.
● بعد ذلك تأكدي من أن لديه لعبا أو أشياء لتسليته مثل : قدور ومقالي، أو حيوان محشو لطيف جدير بالمعانقة، أو لوحة ألعاب. فأنت تعرفين ما يحبه. وحيث إن فترة انتباهه قصيرة، فاكتفى بوضع لعبتين أو ثلاث في متناوله ؛ فتوافر عدد أكبر من اللازم من اللعب تحت تصرفه سوف يربكه ويحبطه، وقدمي له مجموعة أخرى جديدة حين يبدو قلقة ومتململا.
● إذا استمر في البكاء طالبا حمله، حاولي إلهاءه. انزلي إلى مستواه لبضع دقائق واشغليه في نشاط ما بدون حمله. أريه كيف يكدس بعض المكعبات في شكل منظم، ويشير إلى العين والأنف والفم على حيوان محشو، ويلف الإسطوانة، وتحديه أن يفعل نفس الشيء.
● إذن لبرهة قصيرة، وحتى إذا ظل يصدر اعتراضاته الفاترة، أخبريه بأن لديك عملا يجب القيام به وانصرفي لأدائه بلا مبالاة وبدون تردد. ابقي في نطاق رؤيته وتحدثي معه أو غني له إذا بدا ذلك مفيدا ؛ ولكن ابتعدي عن مرمی بصره (دون الابتعاد عن مرمى سمعه وفقط إذا كان في عربة نقالة أو مهد آمنين أو في غرفة آمنة للأطفال) إذا كان وجودك يزيد من استيائه. وقبل أن تفعلي ذلك، أبرزي رأسك من أحد أركان الغرفة، وأخفيه مرة أخرى لتريه أنك تعودين حين تختفين.
● اتركيه لأدواته لفترة أطول قليلا كل مرة، تاركة إياه يعترض لفترة أطول قليلا إذا الزم الأمر. ولكن عودي إليه دائما حين يتهيج تهيجا خفيفا – لطمأنته واللعب معه لبضع دقائق، ثم ابدئي العملية من جديد. احرصي على تمديد الفترة ولكن لا تنتظري حتى يصرخ كي تحمليه. فالفكرة هي تشجيعه على اللعب بمفرده، وليست إعطاءه شعورا بأنه متجاهل أو أن البكاء هو الوسيلة الوحيدة لجذب انتباهك.
● اجعلي آمالك واقعية ؛ فمعظم الأطفال لن يلعبوا بمفردهم لأكثر من بضع دقائق، وحتى الأطفال الذين يتميزون بحس استقلالي شدید يحتاجون لتغيير المنظر واللعب كثيرا.
● تذكري أيضا أن العديد من الأطفال الذين لا يستطيعون الزحف بعد، قد يحبطون عند مواجهة حقيقة أنهم لا يستطيعون بعد الانتقال من مكان إلى آخر إلى هناك بمفردهم ؛ وإلى أن يتمكنوا من ذلك، سيظل الركوب على الأم أو الأب هو تذكرتهم الوحيدة للتحرك.
● لا تشعري بالذنب تجاه محاولة دفع طفلك القضاء قليل من الوقت بمفرده ؛ فإذا فعلت، فإنك بذلك سوف ترسلين له رسالة بأن اللعب وحده يعد عقابا (وهو ليس كذلك).
● لا تنسي أيضا أن طفلك لايزال رضيعا. يحتاج للكثير من العناق والحمل والتجول به من مكان لآخر.