بالكاد يتعلم الولدان كيفية الاستمتاع بحرية الحركة خارج أرباع الرحم المكتظة؛ إذ قد يبدو كما لو أن الوليد يمانع نوعا ما في تجريب حركته الجديدة مفضلا أن يبقى ملفوفا ومحمولا بشكل مريح، ولكن مع مضي الوقت يبدأ الوليد في اكتشاف سلسلة من الحركات الجديدة.
المنعكسات المستقلة
ويملك الأطفال عند ولادتهم عددا من المنعكسات المستقلة (الأوتونومية) automatic reflexes والحركات اللاإرادية والتي قد يكون بعضها استجابة دفاعية للجسم، مثل إمالة الرأس تجنبا للاختناق، ومنها ما يكون إعدادا للطفل للقيام بالحركات الإرادية؛ وتتناقص شدة غالبية تلك المنعكسات بعد مضي أسابيع أو أشهر قليلة من الولادة لتختفي بعد ذلك كليا، وذلك بعد أن تكون قد استبدلت بمهارات جديدة مكتسبة.
وفي غضون ذلك، تراقب المنعكسات التالية:
● المنعكس التجذيري rooting. يستحث ذلك المنعكس الطفل على الاتجاه نحو مصدر الغذاء، سواء أكان ذلك المصدر هو الثدي أم القارورة؛ بمعنى أنه عند نقر خد الطفل بلطف، فإنه يدير خده في ذلك الاتجاه بفم مفتوح مستعد للرضاعة.
● منعكس المص sucking. يبدأ الطفل بالمص بمجرد وضع الثدي أو حلمة القارورة أو أي شيء ما في فمه، ويساعد ذلك المنعكس على تهدئة الطفل، فضلا عن كونه مما يساعد على إطعامه.
● منعكس اليد نحو الفم hand to mouth. يساعد هذا المنعكس الطفل في التعرف إلى فمه بواسطة يده، وقد يفسر هذا المنعكس السبب في أن الكثير من الأطفال يضعون أيديهم على الثدي أو القارورة عند الإرضاع.
● منعكس الخطو stepping. يتمثل ذلك في وضع الطفل إحدى قدميه أمام الأخرى كما لو أنه يمشي، وذلك لدى حمله من تحت الذراع وترك أخمص القدم يلامس الأرض، ويكون هذا المنعكس أكثر وضوحا في حوالى اليوم الرابع من الولادة، ويختفي بعد حوالى شهرين من الولادة؛ ويجدر التنبيه هنا إلى أن غالبية الأطفال لا يمشون في الغالب إلا بعد سنة من ذلك الوقت.
● منعكس الإجفال startle (منعكس مورو (Moro reflex. قد يصرخ الطفل ويفتح كلتا ذراعيه إلى الخارج عندما يجفل فجأة بانزعاج ما أو حركة مفاجئة، وقد يلاحظ ذلك عند وضع الطفل في مهده أو سريره الصغير بشكل سريع جدا.
● منعكس المبارزة fencing (منعكس العنق الموتر tonic neck reflex). قد نلاحظ وضعية كلاسيكية للطفل لدى إدارة رأسه إلى جهة ما، بينما يكون مستلقيا على ظهره، حيث يعقف الطفل إحدى ذراعيه ويرفعها خلف رأسه، بينما تبسط الأخرى بعيدا عن الجسم وفي الاتجاه نفسه الذي أدير الرأس نحوه، وقد يشد الطفل خصلة من شعره أحيانا دون أن يتركها.
● منعكس التبسم smiling. يتبسم معظم الأطفال في الأسابيع الأولى من الحياة بشكل لاإرادي، كما يبدأ الطفل بالتبسم استجابة لموقف أو شخص ما بعد فترة ليست بالطويلة.
وقد يحالفك الحظ في ملاحظة بعض من تلك المنعكسات إذا كنت يقظة، مع العلم أن عدم ملاحظة أي منها أمر لا يستدعي القلق؛ إذ إن مقدم الرعاية الصحية سيقوم بالتحري عنها في أثناء الفحص البدني.
ويمكنك المساعدة في تحسين حركات طفلك عن طريق التدوير اللطيف لذراعيه وساقيه، بينما يكون مستلقيا على ظهره، ويمكنك أيضا جعل طفلك يركل يديك أو لعبة صارة squeaky toy.
حواس الطفل
تتناغم كل حواس senses الطفل لتساعده على اكتشاف عالمه الجديد، وقد يبدو ذلك جليا لدى ملاحظة مدى انشغال الطفل بأي شيء جديد كجسم أو ضوء أو صوت أو رائحة أو ملمس ما لدرجة كفيلة بصرف انتباهه وتهدئته.
حاسة البصر sight
من الأمور الطبيعية أن يكون الوليد حسيرا، مما يجعل أفضل مسافة للرؤية بالنسبة له هي 30 – 45 سم (12 – 18 بوصة)، وهي المسافة الأفضل لرؤية أكثر الأشياء أهمية بالنسبة للطفل “وجه والدته عندما تحمله أو ترضعه”، ولابد أن الطفل يحب التحديق في وجه والدته، بل ربما يجد ذلك مسليا لبعض الوقت، ومما يساعد على تعرف الطفل إلى أمه قضاء بعض الوقت في النظر إليه وجها لوجه.
وبالإضافة إلى أن وجوه البشر مما يثير اهتمام الأطفال، فإنهم يهتمون أيضا بالإضاءة والحركة والأجسام الصغيرة الفارقة؛ لذا، نجد أن الكثير من محلات ألعاب الأطفال تعرض لعبا بيضاء وسوداء وأخرى ذات ألوان ساطعة، بالإضافة إلى الهواتف النقالة وشيء من الزينة لروضة الطفل.
ونظرا لعدم قدرة الطفل على التحكم بحركة عينيه بشكل جيد، فقد يبدو في بعض الأحيان كما لو أنه مصاب بالحول، أو ربما تنحرف العينان لمدة قصيرة لتبدوا كما لو أنهما جاحظتان، وذلك من الأمور الطبيعية التي تختفي خلال عدة شهور، حيث تزداد قوة عضلات العينين ونضجها.
ومن المفيد إعطاء الطفل عندما يكون هادئا ويقظا جسما صغيرا لينظر إليه، ومن ثم تحريك ذلك الجسم أمام الطفل ببطء إلى اليمين أو اليسار، حيث يلاحظ أن غالبية الأطفال يلاحقون ذلك الجسم بعيونهم وربما يحركون رؤوسهم أحيانا، ويجب عدم إجهاد الطفل باستخدام أكثر من جسم، وقد لا يرغب الطفل في تلك اللعبة عندما يكون متعبا أو متهيجا.
وينصح بمراجعة مقدم الرعاية الصحية بشأن مسألة الرؤية في الحالات التالية:
● عندما يبدو وكأن الحول أو الانحراف في عيني الطفل يزداد.
● عندما تبدو عينا الطفل غائمتين وغير شفافتين.
● عندما يبدو أن عيني الطفل تتحركان بعشوائية ونادرا ما تركزان.
● عند الشعور بأية مخاوف أخرى حول مقدرة الطفل على الرؤية.
حاسة السمع hearing
تأسر الأصوات اهتمام الطفل بمجرد ولادته، وقد يتوقف الطفل عن الرضاعة استجابة لبعض الضوضاء، وربما تحملق عيناه أو قد يتوقف عن الإثارة، وقد تثير الجلبة المرتفعة كنباح الكلاب الذعر في نفس الطفل؛ وفي المقابل، قد يسكن الطفل هزيج المكنسة الكهربائية أو طنين مجفف الملابس؛ ولكن الأطفال – ولله الحمد – يتأقلمون بسهولة مع أي صوت مزعج، لذلك فقد يتفاعلون مع أي من ذلك مرة واحدة فقط أو مرتين.
يستطيع الولدان التمييز بين أصوات البشر والأصوات الأخرى، وأكثر ما يثير فضولهم صوت آبائهم، حيث يتعلمون بسرعة كيف يربطون بين ذلك الصوت ومسألة الطعام والدفء والحنان؛ لذلك، تجدهم ينصتون بعناية عندما يتكلم معهم، بل ربما يستمتعون ببعض الموسيقى أو الاستماع لمن يقرأ لهم، ولذلك يفضل التحدث إلى الطفل متى كان ذلك ممكنا، لأن ذلك الصوت أو تلك النبرة قد تريح الطفل وتهدئه بالرغم من عدم فهمه لما يقال.
ومن أنعم الله أن التقدم الحاصل في اختبارات السمع قد جعل من مسألة تحري السمع عند الولدان أمرا ممكنا، لذا نجد أن الكثير من المستشفيات في الوقت الحالي تجري اختبارات السمع بشكل روتيني لكل الولدان، ويمكنك الطلب من مقدم الرعاية الصحية أن يحيلك إلى اختصاصي السمع للقيام بالتحري عن وظيفة السمع عند الوليد إذا كان ذلك الإجراء لا يجري في مركز ولادتك، ويصبح ذلك أكثر ضرورة إذا كان أحد أفراد العائلة يعاني من مشاكل سمعية.
حاسة اللمس touch
يتمتع الرضع بحساسية للمس، ويمكنهم اكتشاف الفوارق في القوام والضغط والرطوبة، كما أنهم يستجيبون بسرعة للتغير في درجات الحرارة، بل قد يجفلون عندما تهب نسمات باردة على جلودهم ليعودوا إلى هدوئهم عندما يلفون بشيء دافئ، ويمكن للمسات الأم أن تثير الراحة والطمأنينة عند الطفل، وقد توقظه من نومه من أجل الإرضاع.
حاستا الشم والذوق smell and taste
يتمتع الرضع بحاسة شم جيدة، وقد يمكن حتى للصغار جدا منهم التعرف إلى أمهاتهم عن طريق الرائحة، ويمكن أن يبدوا اهتماما بأية رائحة جديدة من خلال تنويع الحركة وتغيير النشاط، إلا أنهم سريعا ما يألفون تلك الرائحة ويتوقفون عن التفاعل معها.
وبالنسبة لحاسة الذوق، فإنها ترتبط بشكل كبير بحاسة الشم؛ ورغم أن الولدان لا يجربون الكثير من الأطعمة غير حليب الثدي أو الحليب الصناعي، إلا أن الدراسات تشير أن الأطفال منذ سن الولادة يفضلون الأطعمة الحلوة على المرة أو الحامضة.