مع وجود 30 إلى 40 مليار خلية دهنية، يملك جسمك قدرة لا متناهية على تخزين الدهن. وقد يؤثر ذلك بشكل كبير على صحتك. في الواقع، يمكن تشبيه كل خلية دهنية ببالون لا ينفجر أبداً، لأنها قادرة على التوسع والانقباض حسب توازن الطاقة في جسمك. لذا، حين تتناول وحدات حرارية لا تحتاجها فوراً للطاقة، يخزنها جسمك في هذه الخلايا بمثابة دهن. وحين تتناول وحدات حرارية أقل مما تحتاج استناداً إلى مستوى نشاطك، يستمد جسمك الطاقة المحفوظة في هذه الخلايا ويستخدمها.
وقد جرى ربط الدهن الفائض بعدد من المخاطر الصحية. وفي الإجمال، كلما ازدادت درجة البدانة، ازدادت مخاطر الأمراض. هكذا، يمكن لتخفيض الوزن أن يساعد على الحؤول دون تأثيرات الأمراض أو التخفيف منها. وقد أظهرت الأبحاث أن التخفيض البسيط في الوزن، أي 5 إلى 10 في المئة، قادر على تحسين صحتك.
هل صحتك معرّضة للخطر؟
● تشكل البدانة خطراً كبيراً على الصحة السليمة.
● يعتبر فائض الوزن عند البطن خطراً جداً.
● حتى التخفيض المتواضع للوزن قادر على تخفيض مخاطرك.
المشاكل الصحية الممكن تفاديها
يكون الأشخاص البدينون وأصحاب الوزن الزائد أكثر عرضة لعدد من المشاكل الصحية. فقد كشفت الدراسات أن خطر تعرضك للأمراض التالية يزداد مع تزايد مؤشر وزن جسمك. كما أن الخطر الإجمالي للموت يزداد مع البدانة.
والواقع أن التوصل إلى وزن صحي ليس مسألة تحسين الجاذبية الجسدية. فاعتماد أسلوب العيش الصحي المشتمل على ممارسات غذائية وجسدية سليمة يمكن أن يخفف من خطر تعرضك للأمراض الخطيرة. فتحسين الغذاء والنشاطات الجسدية يؤثر إيجاباً في تخفيض خطر تعرضك لمثل هذه المشاكل الصحية حتى لو لم تتخلص من الوزن الزائد. هكذا، حين تجمع بين التغذية الجيدة والنشاط الجسدي والتخلص من الوزن الزائد، فإنك تحصل على تأثير إضافي. ويمكن للأمور الثلاثة معاً أن تخفض كثيراً من مخاطر تعرضك للمشاكل الصحية المرتبطة بالوزن.
ارتفاع ضغط الدم
قد يكون ارتفاع ضغط الدم المشكلة الأكثر ارتباطاً بالوزن الزائد والبدانة عند الرجال والنساء على حد سواء. في الواقع، يبدو أن الأشخاص البدينين معرضون لارتفاع ضغط الدم مرتين أكثر من رفاقهم أصحاب الوزن السليم.
فحين يكدّس جسمك الدهن الفائض، يميل إلى الاحتفاظ بالصوديوم. للتخفيف من هذا الصوديوم الإضافي المتنقل في الدورة الدموية، يعمد جسمك إلى احتباس المزيد من الماء. هكذا، يزداد حجم دمك. صحيح أن الأوعية الدموية مرنة لكنها تستطيع التمدد فقط لمقدار معين للاتساع للسائل الإضافي. وفي النهاية، يتراكم الضغط داخل الشرايين وتؤدي هذه القوة المفرطة إلى دفع القلب للعمل بجدّ اكبر. وإذا بقي ارتفاع ضغط الدم من دون معالجة، قد يلحق الضرر بالعديد من أنسجة الجسم وأعضائه. تجدر الإشارة إلى أن تخفيض الوزن يخفض ضغط الدم، مما يخفض خطر الضرر اللاحق بالعديد من الأعضاء الأساسية، بما في ذلك الشرايين والقلب والدماغ والكليتين والعينين.
الدهون غير الطبيعية في الدم
انخفاض مستويات كولسترول HDL
تشير الدراسات إلى أن الوزن الزائد والبدانة يرتبطان بانخفاض مستويات كولسترول HDL (“الجيد”). واللافت أن التخلص من الوزن قادر على رفع مستويات كولسترول HDL وخفض خطر تعرضك لمرض القلب.
ارتفاع مستويات الترايغليسريد
الترايغليسريد هي الشكل الذي يتوافر فيه معظم الدهن في الأطعمة وكذلك في جسمك. يحوّل جسمك الوحدات الحرارية التي لا يحتاج إليها فوراً لتصبح ترايغليسريد وينقلها إلى الخلايا الدهنية لتخزينها. وبما أن الوزن الزائد ينجم عن تناول وحدات حرارية أكثر مما تحتاج، ليس مستغرباً أن ترتفع مستويات الترايغليسريد في دم الأشخاص البدينين وأصحاب الوزن الزائد. تجدر الإشارة إلى أن المستويات المرتفعة للترايغليسريد قد تسهم في مرض الشريان الإكليلي. فإذا كان وزنك زائداً، يمكن للتوصل إلى الوزن الصحي أن يخفض مستوى الترايغليسريد لديك.
داء السكري النوع الثاني
قد يكون داء السكري من الفئة 2 (الذي أطلق عليه قبلاً اسم السكري غير المعتمد على الأنسولين أو السكري الظاهر في سن البلوغ) الشكل الأكثر شيوعاً من داء السكري في الولايات المتحدة الأميركية. والواقع أن هذا النوع من السكري يخفض قدرة الجسم على التحكم في مستوى السكر في دمك. لذا، يعتبر سبباً رئيسياً للموت المبكر ومرض القلب ومرض الكليتين والسكتة الدماغية والعمى. ويرتبط نشوء داء السكري من الفئة 2 بزيادة الوزن بعد عمر 18 عند الرجال والنساء على حد سواء. وتبين فعلاً أن ربع الحالات الجديدة للسكري ناجمة عن زيادة في الوزن قدرها 5 كيلوغرامات أو أكثر بعد سن البلوغ. ويزداد خطر التعرض لداء السكري بنسبة 25 في المئة لكل وحدة من مؤشر وزن الجسم الذي يتخطى 22. هكذا، يمكن لتخفيض الوزن وزيادة مستوى النشاط الجسدي أن يخفضا خطر التعرض لهذا المرض. وإذا كنت تعاني قبلاً من داء السكري، يمكن لخفض الوزن وزيادة مستوى النشاطات الجسدية أن يساعدا في السيطرة على مستويات السكر في دمك.
مرض الشريان التاجي
تزداد مخاطر التعرض لمرض الشريان التاجي القاتل وغير القاتل على حد سواء مع ازدياد مستويات مؤشر وزن الجسم. وتكون المخاطر عند أدنى حد لها إذا كان مؤشر وزن الجسم 22 أو أقل عند الرجال والنساء. إلا أن المخاطر تزداد مع أبسط ارتفاع في مؤشر وزن الجسم. فزيادة الوزن بمعدل 5 إلى 10 كيلوغرامات يمكن أن تزيد خطر التعرض لمرض الشريان التاجي بنسبة 25 في المئة، فيما يمكن لزيادة الوزن بمعدل 20 كيلوغراماً أو أكثر أن تزيد خطر المرض بنسبة 250 في المئة.
السكتة الدماغية
لم تخضع العلاقة بين الوزن الزائد والبدانة من جهة والسكتة الدماغية من جهة ثانية إلى الكثير من الدراسات مثلما حصل في العلاقة مع مرض الشريان التاجي. إلا ان الدراسات الحديثة ألقت ضوءاً جديداً على الطريقة المثلى للنظر إلى هذه العلاقة. فقد كشفت الأبحاث الآن أن الوزن الزائد والبدانة يسهمان في خطر السكتة الاسكيمية حتى في غياب ارتفاع ضغط الدم وداء السكري (وكلاهما من العوامل المسببة للسكتة). والواقع أن السكتة الاسكيمية هي الشكل الأكثر شيوعاً للسكتة، إذ تشكل 80 في المئة من كل حالات السكتة وتحدث عند انقطاع وصول الدم إلى جزء من الدماغ.
حصى المرارة
يبدو أن حصى المرارة شائعة بين النساء أكثر مما هي بين الرجال. والأهم من ذلك أنها تصبح أكثر شيوعاً إذا كان وزنك زائداً، بصرف النظر عن جنسك. في الواقع، يزداد خطر تعرضك لحصى المرارة مع ازدياد الوزن. ولم يتضح بعد كيف يؤدي الوزن الزائد إلى تكوّن الحصى في المرارة.
واللافت أن خفض الوزن ولاسيما الانخفاض السريع للوزن أو انخفاض مقدار كبير من الوزن، يمكن أن يزيد أيضاً من فرص تكوّن الحصى في المرارة. أما الانخفاض البطيء للوزن، أي بمعدل ربع كيلوغرام إلى كيلوغرام واحد في الأسبوع، فيؤدي إلى تكوّن حصى المرارة باحتمال أقل.
التهاب مفاصل العظام
التهاب مفاصل العظام هو مشكلة شائعة في المفاصل تصيب غالباً الركبتين والوركين وأسفل الظهر. واللافت أن الوزن الزائد يفرض ضغطاً إضافياً على هذه المفاصل ويؤدي إلى تلف الغضروف الذي يحميها. لذا، يمكن لخفض الوزن أن يخفف الضغط على هذه المفاصل ويحسّن العوارض المرتبطة بالتهاب مفاصل العظام، بما في ذلك الألم وتضاؤل الحركة.
اختناق النوم
يرتبط اختناق النوم عن كثب بالوزن الزائد وهو يعني انقطاع النفس أثناء النوم. والواقع أن اختناق النوم هو مشكلة خطيرة تؤدي إلى انقطاع نفس الشخص لفترات قصيرة خلال النوم والشخير بصوت عالٍ. ينسدّ المجرى الهوائي العلوي أثناء النوم ويؤدي إلى الاستيقاظ مرات عدة خلال الليل وبالتالي النوم خلال النهار. وقد يؤدي اختناق النوم أيضاً إلى قصور في القلب. تجدر الإشارة إلى أن حدّة اختناق النوم مرتبطة بدرجة البدانة. فقد تبين أن معظم الذين يعانون من اختناق النوم لديهم مؤشر وزن جسم يتعدى 30.
كما تبين أن الرقبة الضخمة مرتبطة باختناق النوم عند الرجال والنساء الذين يشخرون. وفي الإجمال، يكون الرجال الذين يتعدى حجم رقبتهم 43 سنتيمتراً والنساء اللواتي يتعدى حجم رقبتهنّ 40 سنتيمتراً أكثر عرضة لاختناق النوم. تجدر الإشارة إلى أن اختناق النوم شائع عند الرجال أكثر مما هو عند النساء ولا بد أن تكون المرأة بدينة أكثر من الرجل حتى تظهر هذه المشكلة عندها.
أثبتت الدراسات أن التخلص من 10 في المئة من وزن الجسم يمكن أن يخفف من حدة اختناق النوم بنسبة 50 في المئة.
السرطان
ترتبط أنواع عدّة من السرطان بالوزن الزائد. وتشمل أنواع السرطان هذه عند النساء سرطان الثدي والقولون والمرارة. أما الرجال أصحاب الوزن الزائد فهم أكثر عرضة لسرطان القولون والبروستات. ولم يتضح بعد بالنسبة إلى بعض أنواع السرطان ما إذا كان الخطر المتزايد ناجماً عن الوزن الزائد أو ارتفاع مستوى الدهون أو الغذاء الغني بالوحدات الحرارية.
أدوات التقييم الذاتي
هناك ثلاثة تقديرات يمكنك إنجازها بنفسك لمساعدتك على تحديد ما إذا كان وزنك سليماً أو أنك تستطيع الاستفادة عند التخلص من بعض الكيلوغرامات. والواقع أن أدوات التقييم هذه هي مؤشر وزن جسمك ومحيط خصرك والتاريخ الطبي الخاص بك وبعائلتك.
التفاحة والإجاصة
إن العديد من الأمراض المرتبطة بالوزن الزائد تتأثر بكيفية توزيع الدهن في جسمك. فإذا كنت تحمل معظم الدهون حول خصرك، يقال إن لديك “شكل التفاحة”. وإذا كنت تحمل معظم الدهون حول وركيك وفخذيك، يقال إن لديك “شكل الإجاصة”.
وفي الإجمال، حين يتعلق الأمر بصحتك، يفضل أن يكون لديك شكل الإجاصة وليس شكل التفاحة. فإذا كان لديك شكل التفاحة – انتفاخ في البطن – يعني ذلك أنك تخزن الدهن داخل أعضاء بطنك وحولها.
والواقع أن الدهن الموجود في البطن يزيد من خطر ارتفاع ضغط الدم ومرض الشريان التاجي وداء السكري والسكتة الدماغية وبعض أنواع السرطان. وإذا كان لديك شكل الإجاصة – أي تضخم في الوركين والفخذين والمؤخرة – قد لا تكون معرضاً للمخاطر الصحية أكثر من أي شخص لا يعاني من الوزن الزائد.
إذا كان لديك شكل التفاحة ويتعدى مقاس خصرك الحدود القصوى، تكون معرّضاً أيضاً لما يسميه الأطباء “تناذر إكس” ويشير التناذر إكس إلى العديد من المشاكل الصحية المحددة، بما في ذلك داء السكري وارتفاع ضغط الدم وارتفاع مستوى الترايغليسريد وانخفاض مستوى الكولسترول الجيد HDL. وقد جرى ربط بعض جوانب أسلوب العيش بازدياد الوزن حول الخصر وتناذر إكس – وهي التدخين والافتقاد إلى اللياقة الجسدية، بالإضافة إلى تناول وحدات حرارية فائضة.
التاريخ الطبي
لا تكفي الأرقام وحدها لمنحك الصورة الكاملة. فتقدير تاريخك الطبي وكذلك تاريخ عائلتك، مهم أيضاً في تحديد ما إذا كان وزنك سليماً. لذا، حاول الإجابة على هذه الأسئلة:
● هل تعاني من مشكلة صحية، مثل ارتفاع ضغط الدم أو داء السكري أو ارتفاع مستوى الكولسترول، يمكن تحسينها في حال التخلص من بعض الوزن؟
● هل يشتمل التاريخ الطبي لعائلتك على البدانة أو مرض الشريان التاجي أو أي مرض آخر مرتبط بالوزن، مثل داء السكري من الفئة 2 أو ارتفاع ضغط الدم أو اختناق النوم؟
● هل ازداد وزنك كثيراً بعد تخرجك من الثانوية؟
● هل تدخن السجائر كل يوم أو تعيش تحت إجهاد كبير؟ فعند وجود كل أنماط السلوك هذه، تؤدي زيادة الوزن إلى المزيد من المشاكل الصحية.
اضطرابات الأكل
ليس الأكل مجرّد متعة بسيطة بالنسبة إلى بعض الأشخاص. فهو بدل ذلك جزء من مشكلة نفسية معقدة تتخذ عدداً من الأشكال المتنوعة.
والواقع أن اضطرابات الأكل هي عادات غير طبيعية في الأكل قد تشمل عدم الأكل كفاية أو الإفراط في اعتماد الحمية الغذائية وممارسة التمارين أو التوق إلى كميات كبيرة من الطعام أو التخلص من الطعام قبل امتصاصه في الجسم من خلال الاستعمال المتعمّد للتقيؤ أو المواد المسهلة.
وفي معظم الأحيان، يكون الأشخاص المصابون باضطرابات الأكل دون الوزن الطبيعي، لكنهم قد يكونون أيضاً من أصحاب الوزن الطبيعي أو الزائد. ويبدو أن النساء والفتيات يعانين من اضطرابات الأكل أكثر مما يفعل الرجال والصبيان. تجدر الإشارة إلى وجود نوعين أساسيين من اضطرابات الأكل، هما فقدان الشهية إلى الطعام والشراهة المرضية.
● فقدان الشهية إلى الطعام: إن المصابين بفقدان الشهية إلى الطعام لا يأكلون كفاية للحفاظ على وزن صحي. قد يؤدي فقدان الشهية إلى الطعام إلى سوء التغذية وضرر في القلب والكليتين وخلل خطير في مستويات إلكتروليت الدم. وترتبط هذه المشكلة بترقق العظام وعدم انتظام الدورة الشهرية عند النساء وارتفاع خطر الموت المبكر عند الرجال والنساء على حد سواء.
● الشراهة المرضية: يطلق على هذا الاضطراب في الأكل اسم “النهم والتخلص”. فالشخص المصاب بالشراهة المرضية يأكل كميات كبيرة من الطعام في فترة قصيرة من الوقت ويلجأ من ثم إلى التقيؤ أو المسهلات أو الاثنين معاً للتخلص من الطعام. وقد تتناوب فترات النهم والتخلص مع فترات من الحمية الغذائية المفرطة. لذا، قد يبقى الوزن على حاله أو يتقلّب كثيراً. وتؤدي هذه المشكلة إلى التجفاف وضرر في اللثة والأسنان نتيجة الحوامض في القيء وضرر في الأعضاء ونزف داخلي من إجهاد التقيؤ وحتى الموت.
لذا، إن رأيت أنك تعاني من اضطراب في الأكل، تحدث إلى طبيبك. تجدر الإشارة إلى أن معالجة اضطرابات الأكل تستلزم استشارة نفسية واستشارة غذائية على حد سواء وتتطلّب غالباً رعاية طبية أيضاً.