داء التكيس المبيضي المتعدد
منذ أول اكتشاف لمرض تكيس المبيض المتعدد منذ أكثر من 60 عامآ، فلا زال هذا المرض يعد أكثر إضطرابات الغدد الصماء شيوعآ، وهو السبب الرئيسي للعقم لملايين السيدات في العالم.
هذا الداء يجمع عدة أمراض وأعراض مع بعضها(اي انه متلازمة مرضية) ويختلف عن الحالة التي نسميها (الكيس المبيضي المفرد).
وهذا الداء اي التكيس المبيضي المتعدد-الذي يغفل تشخيصه غالباً- يصيب الملايين من السيدات ويعتبر من أكثر أسباب العقم شيوعاً، بل وإن له آثاراً بعيدة المدى على الحالة الصحية العامة للسيدات.
ويحدث هذا الداء عندما تنحبس الحويصلات البيضية تحت سطح المبيض مباشرة وتبقى غير قادرة على تحرير البويضات منها، فتتحول الى اكياس صغيرة متعددة.
وقد يصاحب هذا التجمع التكيسي تحت سطح المبيض اعراض اخرى مثل السمنة والعقم وانتشار الشعر في الجسم بشدة.
وعلى الرغم من ذلك فإن عدم انتشار الشعر في الجسم أو حدوث السمنة لا يعني عدم وجود تكيسات بالمبيضين.
وهناك العديد من النظريات التي وُضعت لتفسير ما يسبب داء تكيس المبيضين، يعتقد بعض الأطباء ان اسباب هذا الداء ترجع الى زيادة إنتاج الهرمون الذكري في جسم المرأة(توجد في كل سيدة نسبة ضئيلة جداً بصورة طبيعية) وبعضهم الآخر يفترض أن هذا الداء يحدث عندما تصل مقاومة الانسولين الى النقطة التي تؤثر فيها الوظائف الكيميائية الحيوية في المبيض، مما يمنع المبيض من تحرير البويضات.
أما اعراض الداء تشمل ما يلي:
- إحساس بالانتفاخ أو الضغظ على جانب واحد من البطن(نادر جداً).
- ألم حاد في البطن(نادر جداً).
- نزيف مهبلي متقطع.
- حب الشباب(مرض جلدي).
- غياب الدورة الشهرية.
- زيادة غير طبيبعية في شعر الوجه أو الجسم.
- اضطرابات في حركات الأمعاء والتبول (نادر جداً).
ولعدة سنوات مضت عجز الاطباء عن فهم الحقيقة الكاملة لداء تكيس المبيضين وظنوا أنه مجرد سبب من أسباب العقم (نقص الخصوبة) أما اليوم فقد أدرك المتخصصون أن تأثير داء تكيس المبيضين يتعدى مجرد العلاقة بالتناسل.
اسباب تكيس المبيضين:
الاعتقاد السائد ان تكيس المبيضين هو عبارة عن مجموعة من الاختلالات في وظيفة التناسل ووظيفة التمثيل الغذائي في الجسم يتسبب فيه واحد او اكثر من العيوب الوراثية.
الكثير من السيدات لديهن ارتفاع في مستوى الهرمونات الذكرية(خاصة التستوستيرون) وندرة التبويض.
وقد تشكو هؤلاء السيدات من عدم انتظام الدورة الشهرية والعقم والسمنة ونمط يشبه الشكل الذكري في توزيع الشعر على جلد الجسم أو بثور حب الشباب، ولكن سبب ارتفاع مستوى الهرمون الذكري في هؤلاء السيدات لم يزل غير واضح حتى الآن.
في الأحوال الطبيعية فإن الغدة النخامية بالمخ تفرز نوعين من الهرمونات ينبهان المبيضين، أحدهما الهرمون الذي يأمر المبيض بإطلاق البويضة في موعد التبويض ويجعل المبيض يفرز هرمون البروجيسترون الذي يتحول في الجسم الى هرمون الإستروجين الأنثوي.
أما في السيدات المصابات بداء التكيس المبيضي المتعدد فإن عملية إنتاج هرمون التستوستيرون تتجه اتجاهاً منحرفاً، مما ينتج عنه زيادة في هرمونات الذكورة تخل بالمنظومة التتابعية الهرمونية بأكملها (تلك التي تؤدي الى التبويض) مما يمنع تكوين حويصلة بيضية رئيسية.
وبمرور الوقت يمتلئ المبيض بأكياس لم تستطع تحرير بويضاتها.
في ابحاث حديثة تبين أن السيدات المريضات بداء تكيس المبيضين(ليس كلهن) لديهن مقاومة للأنسولين المفرز داخل أجسامهن والانسولين هو الهرمون الذي يساعد خلايا الجسم على امتصاص السكريات من مجرى الدم.
وكلما ارتفع مستوى السكر في الدم ازداد وزنهن وعندما يرتفع مستوى مقاومة الأنسولين ويزيد الوزن يبدأ البنكرياس في إفراز المزيد من الأنسولين والذي يتسبب في إفراز المبيضين لمزيد من هرمون التستوستيرون.
هذه الأحداث الطويلة المتلاحقة لهذه السلسلة من التفاعلات المميتة تحتوي على مرض السكر وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكتة الدماغية(المخية).
بالطبع لا توجد كل هذه المشاكل لدى كل السيدات المريضات بداء تكيس المبيضين، بعضهن لا توجد لديهن زيادة في إفراز التستوستيرون ولكن لديهن متاعب شديدة مع الأنسولين، بينما تعاني سيدات أخريات من عكس المشكلة السابقة، ولهذا التناقض الغريب فإن الأطباء يعتقدون أنهم لا يتعاملون مع مرض واحد ولكن مع العديد من المشاكل المرضية وهذا ما يجعل هذا الداء غير مفهوم حتى الآن.
نود أن نذكر أن الفتيات اللاتي لديهن دورات حيض غير منتظمة يكن أكثر عرضة للاصابة بالاكياس المبيضية المتعدة من الفيتات ذوات الدورات الطبيعية.
أنواع العلاج المعروفة لداء تكيس المبيضين
ان الانتباه حديثآ إلى داء تكيس المبيضين خلال السنوات الماضية قد قادنا إلى مزيد من الابحاث والعلاج الافضل الذي يزيد من مقاومة الانسولين كفتاح لهاذ المرض.
وفي الواقع أن مشكلة مقاومة الانسولين ه يالتي تجعل من مرض التكيس المبيضي تهديدآ شديدآ للصحة طويل الأمد، إذ يزيد خطر الإصابة بمرض السكر وارتفاع ضغط الدم وامراض القلب، وهذا بالإضافة إلى الافتقار المزمن للتبويض الذي يقودنا إلى التأثير التنشيطي لهرمون الاستروجين على بطانة الرحم مما يعرضها لخطر سرطان بطانة الرحم.
كان العلاج التقليدي لداء تكيس المبيضين يشمل أقراص تنظيم النسل بالفم لتخفض من نسبة الهرمونات الذكرية وتستعيد نشاط الدورة الشهرية بالاشتراك مع دواء يبطل عمل الهرمونات الذكرية وهكذا تعالج مشكلة زيادة الشعر وحب الشباب.
الآن هناك طرق أحدث من ذلك تركز على الأدوية التي تساعد خلايا الجسم على استخدام الأنسولين بطريقة فعالة.
وعلى الرغم من أن هذه الادوية قد أتت بنتائج جيدة مع بعض الأعراض لمريضات داء تكيس المبيضين وشمل ذلك حالات العقم.
ميتفورمين(جلوكوفاج) وهو احد أدوية علاج السكر أدى الى عكس الأوضاع البدنية والاخرى المتصلة بتمثيل (امتصاص) الغذاء داخل الجسم التي يسببها داء تكيس المبيضين، ولكن المتخصصين في المرض يحتاطون في التعامل مع هذه الادوية فلا يمكن استخدامها مع كل السيدات المريضات بداء تكيس المبيضين وعلى الأخص اللاتي يرغبن في الحمل بسبب نقص المعلومات عن مدى سلامة تأثير هذه الادوية على الجنين.
ويرى المختصون كذلك أن الابحاث الأطول مدى والاكبر حجماً على هذه الادوية لم تنته بعد.
أظهرت عدد من الدراسات أن العقاقير الشائعة المعالجة لمرض السكر يمكن أن تعيد دورات الحيض إلى حالتها الطبيعية في السيدات المصابات بمرض التكيس المبيضي.
علاجات ودراسات:
يدرس العلماء مواد أخرى تزيد الحساسية للأنسولين التي قد تبدو أكثر تأثيرآ في علاج تكيس المبيض، ومن هذه العقاقير ” دي شيرو إنوسيتول ” D-Chiro-Inosito الذي تتوفر مادته في الفواكه والخضروات بصورة طبيعية، ويساعد على تحسن البويضة وينعكس ايجابيآ على الاحوال الصحية، ونتائج هذا الدواء تفترض أن مقاومة الانسولين في حالة داء تكيس المبايض قد ترجع إلى نقص مادة ” دي شيرو إنوسيتول ” والتي يمكن تعويضها باستخدام الدواء المذكور.
جاري ايضآ إكتشاف أحد الجينات الوراثية على أمل معرفة اسباب هذه الحالة المرضية، الامر الذي يفتح الباب أمامنا لمعرفة من هن الاكثر تعرضآ وما هي أحسن الطرق لعلاج داء تكيس المبيض.
حيث يبدو أن مرض التكيس المبيضي المتعدد هو حالة وراثية، فإذا كانت لديك اعراض لهذا المرض مع تاريخ مرضي عائلي له، كان عليك لزامآ على طبيبك أن يضع في عتباره هذا التشخيص