يعتبر داء السكري من الأمراض كثيرة الانتشار في العالم، نظراً لتطور الأوضاع المعيشية للمجتمعات الاستهلاكية وتنوعها في عصرنا الحاضر. وعلى سبيل المثال يوجد في فرنسا أكثر من مليوني مصاب بهذا الداء.
ويعرف مرض السكري بزيادة مستوى السكر (غليكوز) في الدم، إذ يتجاوز نسبة 125 ملغ (في كل مئة مليلتر من الدم) صباحاً وعلى الريق، أو يزيد عن 140 ملغ بعد ساعتين من تناول الطعام.
يضاف إلى ذلك علامات سريرية متمثلة بكثرة التبول وزيادة تناول المياه، نظراً للعطش الشديد الذي يسببه المرض، إلى جانب الاحتفاظ بشهية جيدة للطعام ويرافق كل ذلك نقصان في الوزن. من الناحية الطبية العملية يقسم داء السكري إلى:
النمط الأول وهو وراثي، يظهر باكراً، قبل العقد الثالث من العمر، وفي سن تتراوح بين 5 و30 مع معدل عام 11 سنة. يتميز هذا النمط من المرض بفقدان إفراز هرمون «الأنسولين»، المنظم لكمية السكر في الدم والذي تفرزه غدة «البنكرياس» (في دوره كغدة صماء) حيث يسجل غياب الخلايا من فئة «بيتا» التي تفرز هذه المادة.
النمط الثاني وهو مكتسب يحدث إجمالاً بعد سن الأربعين، ويحتفظ لنفسه بالتعبير من خلال زيادة الوزن والسمنة إلى جانب العلامات السريرية الأخرى. وتكون نسبة الأنسولين، في هذا النمط، قليلة أو عديمة الفعالية، ما يستوجب المعالجة بواسطة أدوية تحفز استعمال الأنسولين وتنظم إفرازه، أو تساعد على تصحيح استعماله في الجسم أو العمل على تخزين السكر في الكبد.
والمعروف عن داء السكري «شغفه» بإصابة الشرايين وإتلافها مع الوقت، وخصوصاً شرايين القلب، الدماغ، الكلى، الأطراف والعيون، مع تعرض المصاب للالتهابات المتكررة.
وداء السكري هو بمثابة «صديق لدود»! يوجب التعامل معه «بوفاء» حتى لا يخون «صاحبه». ما يستوجب اتباع نظام غذائي مناسب تحت إشراف طبي وتثقيف المصاب للمداواة الذاتية، وهي من جملة الحالات التي تستوجب هذا النمط من العلاج لتدارك المضاعفات الخطيرة للمرض كي لا يتعرض المصاب إلى الحوادث المفاجئة لارتفاع أو هبوط مستوى السكر في الدم، وما يتبعها من مخالطات بيولوجية، وظيفية وعضوية على بقية أعضاء الجسم.
داء السكري والحمل
ويعتبر داء السكري المرض الرئيس الذي يسبب الاشتراكات خلال فترة الحمل. من هنا يتوجب مراقبة مستوى السكر في الدم للوقاية من حصول تشوهات لدى الجنين. من دون الوقوع في حالة هلع أو خوف، فإن النساء المصابات بداء السكري باستطاعتهن الوصول إلى نهاية الحمل بأمان بفضل المتابعة الطبية اللازمة والدقيقة.
ويظهر داء السكري في الفصل الثاني أو الثالث من الحمل وذلك من خلال ارتفاع نسبة السكر في الدم. وهو يتواجد بنسبة 2 إلى 4 % من مجموع النساء الحوامل؛ ويمكن أن يصيب المرأة الحامل والجنين. إمكانية حدوثه أكثر لدى المرأة في سن 35 عاماً وما فوق والتي تكتسب زيادة في الوزن خلال الحمل، وفي سوابقها العائلية إصابة بداء السكري.
وإذا كان وزن المولود الجديد يزيد عن أربعة كيلو غرامات، وقد أصيبت الأم بداء السكري في حمل سابق، ما يعتبر ذلك مؤشراً إلى زيادة المجازفة لحصول هذا النوع من داء السكري خلال الحمل الذي يليه.
علامات الإصابة بداء السكري خلال الحمل
لا توجد علامات واضحة وأكيدة خصوصاً، ولكن يجب التنبه والحذر عند الشك، وتوخي المراقبة الدائمة لمستوى السكر في الدم وخصوصاً عند وجود سوابق مرضية أو عائلية، أو في حال تجمع علامة أو أكثر تشير إلى ذلك: تعب جسدي عام، عطش متزايد مع تناول كميات كبيرة من المياه وما يتبعه من ازدياد التبول.
ومن العلامات التي تشكل خطراً على الحمل: التعب المتزايد، زيادة نسبة الالتهاب الإنتاني (المثانة، الرئة، الجلد..)، زيادة كمية السائل الأمنيوتيكي (ماء الرأس حيث يسبح الجنين) ما يزيد من إمكانية الولادة قبل الأوان أو إجراء عملية قيصرية طارئة (بسبب حجم الجنين ووزنه).
علامات الخطر عند المولود الجديد
تتلخص هذه العلامات بما له علاقة بـ:
– وزن الطفل الزائد (4 كيلو وما فوق، ما يتوجب إجراء الفحوصات البيولوجية اللازمة والتي لها علاقة بداء السكري لدى كل مولود جديد بهذا الوزن حتى لو لم تكن الأم مصابة بداء السكري).
– نقص السكر في الدم عند الولادة وما لذلك من مخالطات على مستوى وظائف الجسم الأساسية (الدماغ، القلب، الرئتان…).
– اليرقان أو الاصفرار الحاد وخصوصاً إذا كان المولود الجديد من فصيلة الخدج (قبل الأوان).
– اضطرابات التنفس وخلل بيولوجي متعدد (نقص مواد أساسية في الدم: سكر ـ كالسيوم….).