يتساءل العديد من أولياء الأمور عما سيكون عليه طفلهم الجديد؟ كيف سيبدو؟ ما هي
مهاراته واهتماماته التي سيطورها؟ متى سينطق أول كلماته؟ خصوصاً أن الصورة الآن،
ومع التشخيص الجديد (توحد) تبدو معتمة وضبابية، هنا لابد لهم كأولياء أمور معرفة
ماهية التوحد وفهم هذا الاضطراب للتعامل معه في المراحل الأولى بعد عملية التشخيص.
يمر الأهل بمشاعر عديدة تبدأ بالإحباط والقلق وتستمر هذه المشاعر إلى حين الانتقال
إلى مرحلة السعي لإيجاد الحلول المناسبة والشعور بالمسؤولية. هناك عوامل عديدة تؤثر
على طريقة ردة الفعل عند الوالدين وحجم الصدمة التي يشعرون بها، ومن هذه العوامل
شدة الإصابة بالتوحد وما إذا كانت مصحوبة بإعاقة عقلية ومدى حدة الإعاقة.
قد يتحول شعور الأهل بالألم والحزن على حالة طفلهم إلى إحساس شديد بالكآبة والبؤس
وقد يتطور ذلك إلى شعور بالتشاؤم وفقدان الثقة بالنفس كما قد يمتد التأثير ليشمل
عدم القدرة على النوم وفقدان الشهية للطعام، عندها لابد للأهل من الاستعانة
بالمختصين وطلب المساعدة منهم التي تساعدهم للخروج من محنتهم.
ومن حسن الحظ أن الكثير من الآباء والأمهات يتكيفون بطريقة إيجابية مع مشكلة طفلهم
بعد أن يتضح لهم أن رفضهم لمشكلة طفلهم تعود لعدم قدرتهم على فهم واستيعاب الاضطراب
الذي يعاني منه.
جهود مثمرة
إن الجهود التي يبذلها الأهل من أجل الحصول على المعلومات اللازمة حول مشكلة ابنهم
وكيفية التعامل معها تجعل العلاقة والارتباط بين الأهل وابنهم أقوى وخاصة عندما
يدرك الأهل أن احتياجات هذا الطفل تختلف عن احتياجات الأطفال الآخرين وان مساعدة
ابنهم تتطلب وقتاً وجهداً أكبر.
وكمحصلة نهائية يتمكن معظم الآباء والأمهات من التكيف مع واقعهم ويصبحون أكثر
عقلانية في التعامل مع المشكلات التي تواجههم، ويكون تركيزهم منصباً على تلمس أفضل
السبل للوفاء بحاجات طفلهم بعد أن يكونوا قد تعرفوا على نقاط القوة والضعف عند
طفلهم وكيفية التعامل معها بطريقة أفضل.
تعاون أفراد الأسرة
تأثير وجود طفل مصاب بالتوحد على الأطفال الآخرين في الأسرة: ينبغي على أسرة الطفل
المصاب بالتوحد إخبار إخوانه بطبيعة مرضه وكيفية مساعدته بحيث يتناسب الشرح مع عمر
الطفل وقدرته على الاستيعاب، ويتم إخبارهم بالتدرج، لأن ذلك يساعدهم على تفهم
الموقف وتقبله، بحيث يكون الأهل على استعداد للإجابة بشكل واضح وصريح على كافة
الأسئلة التي ستطرح عليهم من قبل أولادهم والتي تتعلق بحالة أخوهم أو أختهم.
تشير بعض الدراسات إلى أن أخوة الطفل المصاب بالتوحد مقارنة بمن هم في سنهم قد
يكونون أكثر قدرة على تفهم الآخرين بمن في ذلك المعاقين، بحيث يدركون أهمية الصحة
التي ينعمون بها،
ومن جهة أخرى فقد يعاني الأخوة والأخوات من مشكلات في تحمل المسؤولية التي تلقى على
عاتقهم وخاصة الأخوات الكبيرات، وهنا لابد للأهل من تحمل هذه المسؤوليات تجاه طفلهم
المصاب بالتوحد وألا يلقوا بهذه المسؤولية على أبنائهم الذين هم في طور النمو
ويحتاجون إلى وقت كاف ليكون نموهم سليماً ومتوازناً.
الأهل والأصدقاء
من الضروري جداً أن يخبر الأهل أقاربهم أن طفلهم يعاني من اضطراب التوحد الذين
غالباً ما يصابون بالذهول عندما يعلمون بالخبر حتى وإن حاولوا إخفاء مشاعرهم
ولاسيما إذا تبادر إلى ذهنهم أن أسباب الإصابة ربما تكون وراثية، فلابد للأهل في
هذه الحالة أن يقدموا شرحا وافيا حول أسباب الإصابة وكيفية التعامل مع هذا الاضطراب
وذلك حسب الإرشادات التي يضعها الطبيب المتخصص لحالة الطفل، وكذلك فإن الحديث حول
مشكلة الطفل مع أصدقاء العائلة يجب أن يكون في غاية الوضوح والصراحة مع تقديم كافة
المعلومات حول هذا الاضطراب بدقة.
ولعل أفضل سبل تحدي المشكلات التي تواجه الأهل هو من خلال شرح حالة طفلهم للآخرين
والتي تكون صعبة ومعقدة في بعض الأحيان وأن يتبادل الأهل المشورة ووجهات النظر مع
الآباء والأمهات الآخرين الذين لديهم طفل مصاب بالتوحد، ولهذا السبب يكون انضمام
الأهل للجمعيات والهيئات المتخصصة في تقديم الدعم والمساندة لآباء وأمهات المصابين
بالتوحد أمرا هاما وضروريا جداً.
إن الدعم والمؤازرة التي يحصل عليها الأهل من الأقارب والأصدقاء والمختصين كلها
عوامل يمكن أن تساعدهم على التعامل مع نتائج التشخيص بطريقة أكثر واقعية وعقلانية،
لذا فمن الضروري أن يخصص الأهل وقتاً لمناقشة ما يشعران به من احباطات وحزن تجاه
حالة ابنهم لأن ذلك يساعدهم على التعامل مع هذه المشكلة بطريقة أكثر إيجابية.
دعم ومساندة
يقوم مركز دبي للتوحد بدعم أهالي الأطفال المصابين بالتوحد معنوياً وذلك من خلال
تقديم المعلومات الكافية حول هذا الاضطراب وكيفية تعامل الأهل والقائمين على رعاية
الطفل مع هذا الاضطراب، بالإضافة إلى تنظيم اجتماعات بشكل دوري للأهل تسمح بتذليل
الصعوبات وتخفيف المعاناة والأسى الذي يعاني منه الأهل من خلال تبادل الأسئلة مع
المختصين حول المشكلات التي تواجههم مع طفلهم وكيفية التغلب عليها.
كما يقوم المركز بتقديم خدمات التوعية اللازمة في هذا المجال لتشمل أخوة وأخوات
وأقارب الأطفال المصابين بالتوحد من خلال تعريفهم على هذا الاضطراب وكيفية التعامل
معه.
هدى فهد جربوع
معلمة تربية خاصة مركز دبي للتوحد