إن الدخول في صندوق مغلق يتحرّك صعوداً وهبوطاً بمجرّد كبسة زرّ من شأنه أن يكون تجربة مخيفة بالنسبة إلى ولد في الثالثة من عمره (وكذلك الأمر أيضاً بالنسبة إلى السلّم الكهربائي). وصحيح أن هذا قد يغضب الأهل أحياناً! إلاّ أن الولد بحاجة في هكذا حالات إلى صبر والديه وطمأنتهما إياه وذلك بغيّة مساعدته على التأقلم والتكيّف مع وسائل النقل الإعتياديّة تلك.
بعض النصائح المفيدة
● ينبغي على الأهل أن يدعوا ولدهم يعتاد على المصاعد والسلالم الكهربائية من خلال زيارتها معه قبل اضطرارهم إلى استخدامها معه. وهنا يُفترض بهم أن يدعوه يراها عن بعد لكي يتمكن بالتالي من رؤيّة الناس يصعدون فيها وينزلون منها بأمان. ويمكن أيضاً للأهل أن يشرحوا لولدهم طريقة عمل هذه الأخيرة، إن كانوا يظنون أن هذا قد يخفّف من خوفه.
● يتعيّن على الأهل أن يتحقّقوا دائماً من وجود خيارات أخرى لركوبهم المصعد أو السلّم الكهربائي، فلا يجدوا بالتالي أنفسهم في وضع يضطرّهم إلى ركوب إحدى وسيلتي النقل السالفتي الذكر. فينبغي عليهم إذن أن يتأكدوا من وجود سلالم عاديّة أو منتزه ما على الطابق نفسه للمخزن الذي ينوون زيارته، إلى أن يرتاح الولد نوعاً ما لفكرة ركوب المصعد أو السلّم الكهربائي.
حديث الأهل لأنفسهم
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“سيظن الناس أني حمقاء لأن ولدي يقوم بكل هذه الجلبة في المصعد”.
إن اعتقاد الأهل بأن سلوك ولدهم يجعلهم يبدون أهلاً سيّئين وغير صالحين من شأنه أن يزيد من حدّة قلقهم وتوتّرهم مع أولادهم.
إنما ينبغي عليهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
” ليست نوبة ولدي عند المصعد بمسألة خطيرة”.
إن نظر الأهل إلى النزاعات بينهم وبين أولادهم وفقاً لعلاقاتها الصحيحة أو أهميتها النسبيّة ودون النظر إليها وكأنها موجّهة ضدّهم، هما خطوتان أساسيتان لحلّ تلك النزاعات برويّة وهدوء. وبالتالي وما أن يعتبر الأهل تلك النزاعات طبيعيّة ومحتّمة حتى يصبح بإمكانهم تفهّم أولادهم والتعاطف معهم.
ينبغي على الأهل ألا يقولوا لأنفسهم:
“لا يمكنني أن أحتمل رؤيته غاضباً. فأنا لن أعود وأركب المصعد معه أبداً بعد الآن لأنه يكره ذلك”.
إن إنقاذ الولد من مخاوفه لن يعلّمه كيفيّة مواجهتها والتغلّب عليها.
إنما يُفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“لا بأس إن كان ولدي يخاف من بعض الأشياء. فأنا كنت كذلك في صغري، وها أنا الآن قد تخطّيت كل تلك المخاوف”.
إن تقبّل الأهل لسلوك ولدهم على أنه سلوك طبيعي جداً بالنسبة إلى الأولاد عموماً من شأنه أن يساعد الأهل وأولادهم معاً على تخطّي تلك المخاوف، كما ومن شأنه أيضاً أن يساعد الأهل على التخفيف من خوف أولادهم من خلال تفهّمهم والتعاطف معهم.
ينبغي على الأهل ألاّ يقولوا لأنفسهم:
“ما الخطأ الذي ارتكبته لكي يكون ولدي جباناً إلى هذا الحدّ؟”
إن لوم الأهل أنفسهم على مشاعر أولادهم يجعلهم يشعرون بالذنب طيلة حياتهم. فالأهل لا يمكنهم أن يتحكّموا بمشاعر أولادهم ويضبطونها، إنما الأولاد وحدهم قادرون على ذلك.
إنما يُفترض بهم أن يقولوا لأنفسهم عوضاً عن ذلك:
“لا ذنب لي في مخاوف ولدي”.
ما أن يدرك الأهل أن مشاعر ولدهم هي ملكه وحده حتى يصبح بإمكانهم أن يفصلوا أنفسهم عن مخاوفه تلك وأن يساعدوه على تخطّيها.
حديث الأهل إلى أولادهم
ينبغي على الأهل ألاّ يعزلوا ولدهم بقولهم:
“تعال يا أحمد. أنت بحاجة لأن تواجه مخاطرك”.
إن الأهل وباستخدامهم هذا الأسلوب مع ولدهم فكأنهم يقولون له إنه يتعيّن عليه أن يعالج مسألة مخاوفه تلك بمفرده عوض أن يعلّموه كيفيّة تخطّيها.
إنما يُفترض بهم عوضاً عن ذلك أن يقدّموا له الحلول كأن يقولوا مثلاً:
“أنا أعلم أنك لا تريد أن تركب المصعد. لذا يمكننا استعمال السلالم الآن، وربما نجرّب المصعد في المرة المقبلة إن أردت”.
إن تعاطف الأهل مع مشاعر الولد من شأنه أن يجعل هذا الأخير يشعر بالأمان بحضورهم معه، الأمر الذي سيساعد على تعزيز ثقته بنفسه في النزهات أو الرحلات التاليّة. كما يمكن للحلول البديلة التي يقترحها الأهل على ولدهم أن تمده بطرق إيجابيّة وفعّالة لمعالجة مخاوفه وتخطّيها.
ينبغي على الأهل ألاّ يصنّفوا ولدهم ويحطّموه بالألقاب السلبيّة التي ينعتونه بها كقولهم له مثلاً:
“لا تكن طفلاً بكّاءً!”
في الواقع، إن نعت الولد بالطفل البكّاء يولّد لديه صورة سلبيّة عن نفسه وكأنه يعاني من خلل ما في شخصيّته، الأمر الذي قد يصبح توقّعاً ذاتيّ التحقيق.
إنما يُفترض بهم أن يكونوا إيجابيّين معه بقولهم:
“أنا أعلم أن المصعد كان أمراً مخيفاً بالنسبة لك في السابق، إلا أنك أصبحت الآن أكثر قوّةً وشجاعة، وأظنّك قادر الآن على مواجهة الأمر، إن كنت طبعاً تريد ذلك”.
إن الأهل وبثقتهم بقوّة ولدهم، يجعلون هذا الأخير يشعر بدعمهم له، الأمر الذي قد يشجّعه على التغلّب على مخاوفه.
ينبغي على الأهل ألاّ يهددوا أولادهم بقولهم:
“إن بكيت مجدداً عند المصعد، سأضربك، فيكون لديك بالتالي سبب وجيه للبكاء”.
لا تؤدي التهديدات سوى إلى زيادة المخاوف، كما وأنها تظهر للولد وكأنّ أهله يريدون إيذاءه عوض مساعدته في الحالات التي يكون فيها غير راغب بالقيام بما يطلبونه منه.
إنما يُفترض بهم أن يأخذوا الأمور معه باللهو واللعب، كأن يقولوا مثلاً:
“سأحملك في المصعد بين ذراعيّ لكي تشعر بالأمان. أنا أحب ذاك الشعور في بطني عندما يتحرّك المصعد صعوداً وهبوطاً. فهو شعور مثير نوعاً ما!”
إن مساعدة الأهل ولدهم على تصنيف خوفه على أنه نوع من الإثارة يجعل بالتالي الولد يتقبّل، لا بل يستمتع بالمشاعر التي لطالما كان يخشاها في الماضي.
ينبغي على الأهل عدم رشوة الولد بقولهم:
“إن صعدت عزيزي على السلّم الكهربائي سأعطيك شيئاً لذيذاً تأكله”.
إن رشوة الولد بهدف كسب تعاونه لن يساعده على التغلّب على مخاوفه، إنما قد يعلّمه بأن عدم التعاون يستحقّ المكافأة.
إنما ينبغي عليهم عوضاً عن ذلك أن يقدّموا له خيارات أخرى كأن يقولوا مثلاً:
“إنّ استخدامنا السلالم العاديّة سيكون بمثابة تمرين جيّد لنا إلى أن لا يعود لديك أي مشكلة في ركوب المصعد. ربما يمكننا في المرّة المقبلة تجربة السلّم الكهربائي لرؤيّة السرعة التي يمكنه أن يقلّنا بها إلى الأعلى”.
إن الأهل وبتقديمهم خيارات أخرى لولدهم يحولون دون شعور هذا الأخير بأنه عالق في فخّ أو شرك، كما وأنهم يعلمونه بذلك أيضاً أن يزن إيجابيات وسلبيات كل خيار على حدة، وهذا في الواقع تمرين جيّد في مسألة اتّخاذ القرارات.
تأليف: جيري وايكوف و باربرا أونيل