التصنيفات
داء السكري

زيادة الأنسولين لمرضى السكري يزيد الأمور سوءاً

السكري هو مرض مرتبط بالتغذية؛ مرض من الممكن تجنبه وعكس آثاره (في حالة النوع الثاني) من خلال طرق غذائية.
قد تكون نتائج الإصابة بالسكري قاسية للغاية؛ حيث يسبب نوبات قلبية وسكتات دماغية، بالإضافة للعديد من المضاعفات الأخرى الخطيرة. وأكثر من 80% من البالغين المصابين بالسكري من النوع الثاني يموتون بسبب نوبات قلبية وسكتات دماغية. وتكون الإحصائيات أكثر إحباطًا عندما تراقب الأشخاص الذين تزداد أوزانهم، فتزداد معاناتهم بسبب هذا المرض، وتصيبهم مضاعفات أخرى، كل ذلك وهم تحت رعاية أطبائهم.

لا تتعايش مع مرض السكري!

ينصح الأطباء المرضى بتعلم التعايش مع السكري والسيطرة عليه لأنه لا شفاء منه. لكني أقول لك: “لا تتعايش معه، أنقص وزنك وتخلص من وزنك الزائد”.

هناك نوعان من السكري: النوع الأول، أو بدء السكري في مرحلة الطفولة، والنوع الثاني، أو النوع الذي يبدأ في مرحلة البلوغ. وفي النوع الأول الذي عادة ما يحدث في وقت مبكر من الحياة، يلحق ضرر بالبنكرياس؛ وهو العضو الذي يفرز الأنسولين، مما يسبب نقصًا في الأنسولين. وفي النوع الثاني – وهو النوع الأكثر شيوعًا – يفرز الفرد نسبًا من الأنسولين شبه طبيعية؛ ولكن الجسم يقاومها، وبالتالي ترتفع نسبة السكر في الدم أو الجلوكوز. والناتج النهائي يكون واحدًا في كلتا الحالتين؛ حيث ترتفع نسب الجلوكوز في دم المريض.

كلا نوعي السكري يسرِّع تقدم أجسامنا في السن. والسكري يعزز تطور التصلب العصيدي لحد كبير، وأيضًا أمراض القلب، مما يؤدي لتقادم الكلى في السن وتدميرها فضلا عن أجهزة أخرى في الجسم. والسكري هو السبب الأساسي للعمى في البالغين، والسبب الأساسي للفشل الكلوي. ونحن اليوم نشهد أعدادًا ضخمة من مرضى السكري من النوع الثاني الذين يعانون مضاعفات مروعة: كالبتر، واعتلال الأعصاب (تلف عصبي مؤلم في القدمين)، واعتلال الكلية. ومضاعفات السكري من النوع الثاني لا تقل سوءًا عن مضاعفاته من النوع الأول.

والسكري، بصرف النظر عن نوعه، مرتبط بارتفاع نسب ثلاثي الجليسريد وارتفاع نسب الكوليسترول المضر مقارنة بعامة الناس، فمرضى السكري ترتفع احتمالات إصابتهم بنوبات قلبية بنسبة 400% مقارنة بغير مرضى السكر. وثلث كل المرضى الذين يعتمدون على الأنسولين (النوع الأول) يموتون بسبب نوبة قلبية قبل تجاوزهم سن الخمسين. وهذا التسارع في عملية التصلب العصيدي، وما ينتج عنه من ارتفاع معدلات الوفاة، موجود بين مرضى السكري بنوعيه.

بالمنطق البسيط، يمكنك أن تتوقع أن أية توصيات غذائية مصممة لمرضى السكري سوف تحاول على الأقل أن تقلل خطر الإصابة بنوبات قلبية، أو سكتات دماغية، أو غيرها من أمراض القلب. ولسوء الحظ، فإن النصيحة الغذائية التي تقدم لمرضى السكري هي اتباع النظام الغذائي الذي أثبت فشله مع مرضى القلب. ومثل هذا النظام يكون خطيرًا بالنسبة لأغلب الناس، ولكن بالنسبة لمرضى السكري تحديدًا يصبح خطيرًا للغاية؛ بل مميتًا. فالجمع بين الحبوب المعدلة، والأطعمة المعالجة، والمنتجات الحيوانية يضمن سيلاً متدفقًا من المرضى إلى المستشفيات وغرف الطوارئ.

عندما يتبنى مريض السكري من النوع الأول نهجًا غذائيًّا أكثر فاعلية وتقدمًا، يمكنه أن يقي نفسه الكثير من المضاعفات التي تحدث لمرضى السكري. فيمكنه أن يتوقع العمر الافتراضي المتوقع؛ لأن التداخل بين السكري والنظام الغذائي الحديث المسبب للمرض هو ما يؤدي إلى هذه الإحصائيات المحزنة، وليس مجرد الإصابة بالسكري. وسوف يحتاج مريض السكري من النوع الأول إلى الحصول على نصف جرعة الأنسولين التي كان يحصل عليها قبل تبني البرنامج الغذائي. كما أن نسب السكر لديهم لا تتذبذب بقوة صعودًا وهبوطًا، ونظرًا لاستخدامهم قدرًا أقل من الأنسولين، تقل احتمالات إصابتهم بمضاعفات انخفاض نقص سكر الدم الخطيرة.

ومرضى السكري من النوع الثاني الذين يتبنون هذا النهج يتعافون من السكري ويتمتعون بالصحة والعافية. كما يمكنهم التخلص من السكري مدى الحياة! وكل مرضى السكري من النوع الثاني تقريبًا يتوقفون عن تناول الأنسولين في الشهر الأول. فبفضل التغذية المثالية، تنخفض نسبة السكر في الدم بشكل أفضل مقارنة بحالتهم عندما كانوا يحصلون على الأنسولين. كما أن مضاعفات السكري المخيفة تزول عنهم.

لقد لاحظت أن هناك مرضى أتوني وهم يعانون اعتلال الشبكية بسبب السكري وأيضًا اعتلال الأعصاب، وقد تحسنت حالتهم تدريجيًّا حتى استقرت في نهاية المطاف. كما أبلغ دكتور “ملتون كرين” عن نتائج مماثلة مع مرضاه: فسبعة عشر من بين واحد وعشرين مريضًا يتبنون نظامًا غذائيًّا غنيًّا بالخضراوات يتعافون تمامًا من اعتلال الأعصاب.

الأنسولين للسكري من النوع الثاني يزيد الأمور سوءًا

تقل فاعلية الأنسولين عندما يتناول الناس أطعمة دهنية أو تزداد أوزانهم. فالنظم الغذائية التي تحتوي على كمية أقل من الدهون تحسن حساسية الجسم للأنسولين، مثلما يفعل إنقاص الوزن. وشخص يعاني زيادة في الوزن يحتاج لكمية أكبر من الأنسولين، سواء أكان مريض سكري أم لا. في الواقع، فإن إعطاء مرضى السكري الذين يعانون زيادة في الوزن المزيد من الأنسولين يزيد حالتهم سوءًا لأنه يعزز اكتساب الوزن. فتزداد حالة السكري لديهم سوءًا.
كيف تنجح هذه العملية؟ يفرز البنكرياس كمية الأنسولين التي يحتاج إليها الجسم. وشخص وزنه طبيعي يحتوي محيط سرته على ثلث بوصة من الدهون سوف يفرز كمية من الأنسولين. دعونا نفترض أن شخصًا اكتسب حوالي 9 كيلوجرامات من الدهون، فإنه سوف يحتاج إلى قدر أكبر من الأنسولين، تقريبًا ضعف كمية الأنسولين، وهذا لأن الدهون المتراكمة في الجسم تعوق امتصاص الخلايا للأنسولين.
إذا كان الشخص سمينًا، وتزيد الدهون الزائدة لديه عن 22.5 كيلوجرام، فسوف يحتاج جسمه إلى إفراز البنكرياس كميات هائلة من الأنسولين، ربما أكثر من الكمية التي يحتاج إليها شخص وزنه طبيعي بعشرة أضعاف. فما الذي تعتقد أنه يحدث بعد خمس إلى عشر سنوات من إجبار البنكرياس على العمل بهذا الجد؟ تمامًا كما خمنت، سوف يتوقف البنكرياس عن أداء وظائفه.

يبدأ البنكرياس في إفراز كمية أقل من الأنسولين على الرغم من حاجة الجسم الشديدة له. وفي نهاية المطاف، ومع تواجد كمية أقل من الأنسولين لكي يحرك الجلوكوز من مجرى الدم إلى الخلايا، يبدأ مستوى الجلوكوز في مجرى الدم في الارتفاع، ويتم تشخيص حالة الشخص بأنه مريض سكري. وفي أغلب الحالات، يستمر هؤلاء الأفراد في إفراز كمية كبيرة من الأنسولين (مقارنة بشخص وزنه طبيعي)، ولكنها لا تكفيهم. وعندما يتناولون كمية أقل من الدهون وينقصون وزنهم فإنهم لا يحتاجون إلى جرعة الأنسولين الزائدة للتحكم في السكر.

ما يعنيه ذلك هو أن السكري من النوع الثاني تسببه زيادة الوزن لدى الأفراد الذين لديهم احتياطي أقل من الخلايا التي تفرز الأنسولين في البنكرياس. وبالنسبة للشخص المعرض لذلك، فإن زيادة الدهون ولو بمقدار 4.5 إلى 9 كيلوجرامات سوف تحدث فارقًا. وخسارة الوزن الزائد تمكن هؤلاء الأفراد من العيش في ظل كفاءة أجسامهم. وأغلب مرضى السكري من النوع الثاني يفرزون كميات كافية من الأنسولين للحفاظ على حالتهم الطبيعية طالما أنهم يحافظون على وزن نحيف وطبيعي.

نحن نعرف منذ سنوات أن إنقاص الوزن المتعمد يحسن نسبة السكر لدى مريض السكري، وأيضًا نسب الشحوم وضغط الدم. وقد سجلت إحدى الدراسات زيادة كبيرة في العمر الافتراضي؛ حيث قلت حالات الوفاة المبكرة بمتوسط 25% لدى مرضى السكري الذين أنقصوا أوزانهم. وقد توصلت دراسات أخرى إلى نتائج مماثلة. تخيل النتائج عندما تؤدي التغذية المثلى غرضها لإنقاص الوزن.

إن الأنسولين عقار خطير لمرضى السكري من النوع الثاني. وهؤلاء هم الأشخاص الذين يعانون زيادة في الوزن في البداية، فالعلاج بالأنسولين سوف يؤدي إلى اكتساب وزن بصورة أكبر، وتسريع إصابة الشخص بالسكري. فتبدأ دائرة شرسة عادة ما تجعل المرضى يحتاجون إلى قدر أكبر وأكبر من الأنسولين مع ازدياد أوزانهم. ومثل هؤلاء المرضى عندما جاءوا لرؤيتي للمرة الأولى، ذكروا أنه يستحيل التحكم في مستويات السكر لديهم رغم جرعات الأنسولين الهائلة التي يحصلون عليها، فضلّا عن الأدوية التي يتم أخذها عن طريق الفم. فيصبح الأمر كأنك تتجول حاملاً معك قنبلة موقوتة في جيبك، على وشك الانفجار في أية لحظة.

لا تكتفِ بالتحكم في نسبة السكر لديك، بل تخلص منه تمامًا

عندما يبدأ المريض في البرنامج الغذائي، عادة ما أقلل جرعة الأنسولين التي يحصلون عليها إلى النصف. ثم يتم إلغاء الجرعة تدريجيًّا على مدار الأيام أو الأسابيع القليلة الأولى، بناءً على استجابتهم وكيفية تقدم حالتهم منذ بدئهم فيه. وأغلب المرضى يمكنهم التوقف عن أخذ جرعة الأنسولين بالكامل في غضون الأيام القليلة الأولى. والتحذير الذي أنصح به المرضي والأطباء الذين يتبعون هذا البرنامج هو عدم التقليل من مدى فاعلية هذا الأمر. فإذا لم يتم تقليل العقاقير لحد كبير – خاصة الأنسولين – قد تحدث انخفاضًا هائلًا وخطيرًا في نسبة السكر جراء الإسراف في تناول العقاقير. فمن الأفضل تقليل جرعة الدواء والسماح لنسب الجلوكوز أن تبقى مرتفعة قليلًا في البداية، ثم إدخال كمية قليلة من الدواء في وقت لاحق إن لزم الأمر، فهذا من شأنه أن يقلل خطر انخفاض نسبة السكر في الدم. ونظرًا لأن هذا النظام الغذائي فعال للغاية في عكس آثار السكري وغيرها من الأمراض الناتجة عن الإهمال الغذائي، من المهم أن تعمل بجد مع طبيب يمكنه مساعدتك وتعديل جرعة الدواء التي تتعاطاها بعناية جيدة.

عادة ما أستمر أو أبدأ في وصف الجلوكوفاج (الميتوفورمين) أو أية أدوية مماثلة. والأدوية الأحدث التي لا تتعارض مع إنقاص الوزن أكثر أمانًا من أدوية السكري التي تؤخذ عن طريق الفم التي كانت تستخدم في الماضي. وفي نهاية المطاف، ومع إنقاص مزيد من الوزن، يمكن أن تصبح نسب الجلوكوز لدى هؤلاء المرضى طبيعية دون تناول أية عقاقير. فيتعافون من مرض السكري، رغم أن المرض قد يصيبهم مرة أخرى إذا ما اتبعوا نظامًا غذائيًّا غنيًّا بالدهون التي تؤدي لزيادة محيط الخصر.

نصائح لمرضى السكري

أهم هدف يجب تحديده هو كمية الوزن الواجب إنقاصها، وليس ما إذا كانت نسبة الجلوكوز لديك أعلى أو أقل قليلًا على المدى القصير. لن يكون ضروريًّا تعقيد نظامك الغذائي من خلال إدخال أطعمة خاصة بمرضى السكر وحساب السعرات الحرارية. فأغلب الناس ليس عليهم قياس النسب أيضًا. فأهدافك هي أهداف مرضى القلب نفسها: وهي التمتع بجسد نحيف وعلاج عوامل الخطر لديك بفاعلية. ومع الوقت، سوف يعود جسمك لتأدية وظائفه بشكل طبيعي. ضع الإرشادات التالية في اعتبارك:

1.     النشويات المعدلة كالخبز الأبيض والمكرونة مضرة على وجه خاص، تجنبها تمامًا.

2.     لا تتناول أية عصائر فاكهة أو فاكهة مجففة. تجنب كل الحلويات، باستثناء الفاكهة الطازجة بكميات معقولة. لا بأس أن تتناول ثمرتين أو ثلاثًا من الفاكهة على الإفطار، وثمرة واحدة بعد الغذاء وأخرى بعد العشاء. وأفضل الفاكهة على الإطلاق؛ الجريب فروت، البرتقال، الكيوي، الفراولة، والتوت بأنواعه والشمام والتفاح الأخضر.

3.     تجنب كل أنواع الزيوت. يمكنك تناول المكسرات النيئة، ولكن أوقية واحدة أو أقل يوميًّا.

4.    نظامك الغذائي يركز على “الخضراوات والبقوليات”؛ فالخضراوات الخضراء والبقوليات يجب أن تشكل الجزء الأكبر من نظامك الغذائي.

5.     قلل من تناولك للأطعمة الحيوانية حتى لا تتجاوز وجبة أو اثنتين من السمك أسبوعيًّا.

6.    حاول أن تمارس التمارين الرياضية بانتظام، وأن تستغني عن أدويتك. افعل ذلك بصفة منتظمة، يفضل مرتين يوميًّا. ويعد صعود السلالم واحدًا من أفضل التمارين لإنقاص الوزن.

تقليل نسبة ثلاثي الجليسريد

يؤمن بعض الأطباء وإخصائيو التغذية بأن الأفراد الذين يعانون البدانة والسكري وارتفاع نسب ثلاثي الجليسريد قد يحققون نتائج جيدة في إنقاص الوزن والتحكم في ارتفاع نسب ثلاثي الجليسريد وارتفاع نسب الجلوكوز من خلال اتباع نظام غذائي غني بالبروتين ومنخفض النشويات. وهم يؤمنون بذلك لأنه لوحظ أن النظم الغذائية الغنية بالنشويات قد ترفع نسب ثلاثي الجليسريد.
أنا أتفق أنه لا ينصح باتباع نظام غذائي غني بالنشويات المعدلة، وأنه سيزيد الوضع سوءًا. ولكنني أريد أن أوضح أن هؤلاء المرضى يمكنهم تحقيق نتائج مذهلة دون المخاطر الأخرى التي يجلبها اتباع نظام غذائي غني بالبروتين الحيواني والدهون المشبعة. كل ما يحتاجون إليه هو نصيحة عن كيفية تعديل النظام الغذائي الذي يركز على الأطعمة النباتية لتحسين حالتهم. وهم يفعلون ذلك من خلال اتباع نظام غذائي غني نسبيًّا بالبروتين نباتي المصدر الذي يقلل كمية النشويات منخفضة الألياف. وهذا النظام الغذائي غني بالبقوليات، والخضراوات النيئة، والخضراوات المطهوة. ستجد النتائج مذهلة على الدوام.