إن الحساسية وعدم تحمل الطعام أشياء حقيقية. ومن الممكن أن تصل إلى درجة قاتلة. ولكن، هل من الممكن أن تؤدي هذه الحساسية إلى زيادة وزنك، أم أن هذا مجرد عذر مساير للموضة؟
كثير من الناس يتعذرون بأحدث موضات الحساسية لتبرير عادات أكلهم غير الصحية، الأمر الذي لا يفيدهم، لا هم ولا الأشخاص الذين يعانون حقاً من الحساسية من الطعام.
منذ عدة سنوات، أجريت مجموعة واسعة من اختبارات الحساسية من الطعام، ففي الثمانينيات من القرن الماضي كانت هناك آراء منتشرة تلقي باللوم على أطعمة بعينها فيما يتعلق بزيادة الوزن. كان من نتائج الاختبارات أن الكوسا تزيد وزني! هل أقلع عن تناولها؟ أنا بالكاد أعرف اسمها! لقد كان الأمر مضيعة للوقت والمال. لقد عايشت الحساسية الحقيقية من الطعام منذ سنوات طويلة من خلال ابنتي. فهي تعاني من الحساسية من الفول السوداني، وهذا حال عدد كبير من الناس في أيامنا هذه، وهذا ليس بالأمر الممتع. والواقع أنها من الممكن أن تمثل تجربة قاتلة.
ما الحساسية، وكيف تؤثر علينا؟
تحدث الحساسية الحقيقية من الطعام عندما يستجيب جسمك إلى مادة ما بردة فعل مناعية، أي أنه يفرز الهيستامين وغيره من المواد الكيميائية في مجرى الدم لمكافحة المادة الدخيلة. وقد يؤدي ذلك إلى رغبتك في حك جلدك، أو يتسبب لك في طفح جلدي أو نوبة ربو. ومن الممكن أن تؤدي هذه الظاهرة أيضاً إلى تغيرات في الأوعية الدموية وتورم اللسان والحلق. وأسوأ ردة فعل من الممكن أن تنشأ عن هذه الحساسية هي الصدمة التحسسية التي تعاني فيها من ضيق التنفس الشديد لدرجة تهددك بالموت. وتجنب المادة المسببة للحساسية هو أفضل حل ممكن. وعادة ما يحمل الأشخاص الذين يعانون من هذا النوع من الحساسية حقنة أدرينالين.
أما عدم تحمل الطعام فلا ينطوي على ردة فعل مناعية، ولكنه من الممكن أن يمثل مصدر إزعاج شديداً أيضاً. وينشأ عدم تحمل الطعام عن عيوب إنزيمية. على سبيل المثال، فنقص اللاكتوز يجعلك عاجزاً عن هضم اللاكتوز، وسكر اللبن، وقد يتسبب لك في العديد من المشاكل المعوية، فضلاً عن الصداع النصفي. وقد تعاني أيضاً من ردود أفعال عقاقيرية استجابة للعديد من المكونات الغذائية، مثل الأمينات في القهوة والشيكولاتة. وقد يكون لأطعمة أخرى أثر منفر، إذ تتسبب في نشوء أعراض خطيرة مثل خفقان القلب، وآلام الصدر. والاستجابة لمادة غلوتمات أحادي الصوديوم المستخدمة من الأطعمة الصينية من الممكن أن تؤدي إلى هذه الأعراض لدرجة أنك تعتقد أن أزمة قلبية تنتابك! وقد يصعب تحديد حالات عدم تحمل الأكل أيضاً. فقد تتراوح أعراضها ما بين الصداع النصفي، والتوتر، وآلام العضلات، أو الاحتفاظ بالمياه في الجسم. كل ما في الأمر أنك تشعر بأن شيئاً ما ليس على ما يرام، ولكن في أغلب الأحوال سيقول لك الطبيب إنك يجب أن تتعايش مع هذه الأعراض.
في ظل هذه الحقائق، من المهم أن تحصل على تشخيص سليم على يد طبيب أو خبير غذائي يمكنه إجراء العديد من اختبارات الحساسية، ومساعدتك على اتباع حمية تمكنك من استبعاد الأطعمة التي تعتقد أنك تعاني من حساسية منها، على أن تتناولها تدريجياً مترقباً ردة فعلك تجاهها.
إن كافة هذه الأمور حقيقية جداً، ولكن عدداً كبيراً من خبراء الحميات والصحة البديلة يسايرون الموجة زاعمين أنك إن تخليت عن تناول كذا وكذا، فلن يخالجك شعور رائع فحسب، بل وستفقد الكثير من وزنك الزائد أيضاً. هذا ليس صحيحاً! فمن الصعب أن يفقد المرء وزنه؛ إذ إن الأمر يستغرق وقتاً، ويتطلب مجهوداً، وانضباطاً، وتغييرات في نمط الحياة. فضلاً عن أن الرغبة في فقدان الوزن تجعل المرء مستقبلاً جيداً لأي شعوذة؛ يا للاطمئنان الذي سينتاب المرء عندما يقال له إن فقدان الوزن مشكلة لا تتعلق سوى بعدم تحمله للقمح أو منتجات الألبان على سبيل المثال.
إن هذا النوع من الأشخاص عديمي الضمير كثيراً ما يبنون مزاعمهم غير المنطقية على القمح ومنتجات الألبان، وذلك لأن عدم تحمل هذه الأطعمة شائع نسبياً. فمن الممكن أن تمثل منتجات الألبان مشكلة لك إذا كنت لا تتحمل اللاكتوز على سبيل المثال. وكذلك القمح، ولكن من الأرجح أن يتم تشخيص حالتك على يد طبيب تقليدي على أنك تعاني من مرض بطني عندما يستجيب جسمك إلى الجلوتين، وهو أحد مكونات القمح. وتتضمن أعراض هذا المرض تعباً شديداً، وآلاماً بالمعدة، والمفاصل، وتقلبات المزاج، والصداع النصفي، والربو، والزكام. ويمنعك المرض البطني من امتصاص المواد الغذائية بشكل سليم الأمر الذي يؤدي إلى العديد من حالات القصور وفقدان الوزن، ويتحتم عليك حينئذ أن تتبع حمية خالية من القمح للأبد.
ومحصلة هذا أنه بينما قد تعاني من عدم تحمل الطعام، يصعب التشخيص بسبب التشكيلة العريضة للأعراض التي تنطوي عليها هذه الحالة. لا تدع أحداً يخدعك بزعمه أنك تعاني من عدم تحمل الطعام الأمر الذي يعني أنك غير قادر على فقدان الوزن أو وضع حد لزيادة الوزن. كل ما سيحدث أنك ستنفق الكثير دون أن تحصل على النتائج التي تستحقها كما حدث في قصتي مع الكوسة. راجع خبيراً بالحساسية، أو خبيراً بالتغذية لاستبعاد وجود أي شيء خطير، وبعدها ركز على الأساليب المجربة المعتمدة لفقدان الوزن.
ماذا أستطيع أن أتناول إذن إن لم يكن في مقدوري تناول القمح؟
إذا قيل لك إنك يجب أن تتبع حمية خالية من الجلوتين أو القمح، فقد يكون الأمر مرعباً في البداية إذ يتحتم عليك قراءة ملصقات الأطعمة بدقة متناهية؛ فحتى مرق الدجاج من الممكن أن يشتمل على طحين القمح على سبيل المثال. ولكن، ستجد أن الكثير من المحال الآن تبيع أطعمة خالية من الجلوتين، ولا بأس من تناول الأرز، والحنطة السوداء (فهي لا تنتمي للقمح على الرغم من اسمها)، والدخن، والذرة، وطحين البطاطس، وغير ذلك الكثير من أنواع الطحين والحبوب. سلّح نفسك بكتاب طهي للأكلات الخالية من القمح.
ألا توجد حبوب يمكنني تعاطيها إذا كنت أعاني من عدم تحمل اللاكتوز؟
يمكنك اتباع حمية أكثر تنوعاً إذا كنت تستخدم بدائل اللاكتوز التي تساعد على هضم اللاكتوز إذا تم تناولها في نفس وقت تناول الأطعمة المصنوعة بالألبان. وهذه البدائل متاحة بسهولة. ومن المفيد أن تجرب أنواعاً مختلفة لكي تستقر على أنسبها بالنسبة لك.