“هل أرغب بانجاب طفل ثالث؟ بالتاكيد أود ان أفعل ذلك ولكني لا أعلم إذا ما كان جسدي مستعدًا للحمل مرة أخرى. حتى أنّي نسيت كيف هو الإحساس بوجود طفل في داخلي، لقد مر وقت ليس بالقليل! وتراودني الكثير من الافكار والتساؤلات مثل….هل يا ترى أتمتع بالخصوبة الكافية؟ كيف سيتعامل جسدي مع الحمل؟ من تراه سيشبه طفلي القادم؟ هل سأكون أما صالحة؟…. والعديد العديد من التساؤلات.”
كل هذه التساؤلات والأفكار التي قد تراودك عندما تفكرين بإنجاب طفل هي أمر طبيعي جدًا. فأنا مثلا راودتني مثل هذه التساؤلات مع كل طفل من أطفالي. وقد تراودك المخاوف أيضًا بأن إنجاب طفل هو أمر متعب. نعم هو متعب ولكنًه أيضًا ممتع… ممتع هو إحساسك بمشاعرالأمومة المبكرة مع أول نبضة يرسلها جنينك… ممتع أن تلاحظي تلك التغيرات في جسدك يوما بعد يوم تنبؤك بالاستعداد لاستقبال الطفل الجديد. في هذه الفترة من الطبيعي أيضًا أن تفاجئك بعض الأمور الغير متوقعة والتي قد تحدث خلال فترة الحمل.
هناك الكثير من السيدات اللواتي اخترن تأجيل الحمل فقط لأنهن غير متأكدات من التوقيت المناسب لذلك. صحيح أن قرار إنجاب طفل هو أمر ليس باليسير ولكن وبشكل عام لن يكون هناك أبدًا توقيت مثالي للقيام بذلك.
في نفس الوقت هناك من السيدات من تخطط للإنجاب قبل ستة أشهر وربما سنة من الوقت الذي ترغب فيه بالحمل. فتسأل مالذي عليها القيام به حتى تزيد من فرصها في الحمل وماهي النصائح التي عليها اتباعها حتى تتمتع هي وطفلها بصحة جيدة أثناء فترة الحمل. يسعدني هذا النوع من السيدات.
فإذا كنت تفكرين في الحمل، عليك أن تعلمي أنه كما أن صحتك خلال فترة الحمل تعتبر عاملا مهمًا لصحة الطفل، فإن صحتك قبل حدوث الحمل هي بنفس القدر من الأهمية. و تذكري أن تكوين البويضة في جسم المرأة يحتاج شهرا كاملا لذا فإن كل ما تقومين به خلال هذا الشهر سيؤثر على فرص الحمل لديك كما سيؤثر على صحة جنينك. بينما يختلف الأمرعند الرجل فإن الحيوانات المنوية تأخذ حوالي أربعة أشهر حتى تتكون وتكون قادرة على التلقيح. لذا فالأمر بالنسبة للرجل لا يتعلق فقط بما يقوم به بشكل يومي، بل بكل ما يمارسه خلال الأشهر الأربعة السابقة للحمل!
وتذكري أن محافظتك على صحتك بشكل عام هوأمرمهم للغاية وليس فقط عندما ترغبين بإنجاب طفل. للأسف أن الكثير من السيدات وخاصة عندما يكن في مرحلة المراهقة يساهمن في تدمير أجسادهن بدون وعي وذلك من خلال الإكثار من تناول المشروبات الغازية والكافيين وتدخين السجائر. ولا يعلمن أن ذلك قد يؤدي لاحقا إلى عدم القدرة على الإنجاب. والأمر نفسه ينطبق على الرجال بطبيعة الحال.
لذا، إذا كنت تفكرين بإنجاب طفل، عليك الاهتمام بتحسين نظامك الغذائي وطريقة حياتك على الأقل قبل ستة أشهر من بدء الحمل.
من اين أبدأ
قبل البدء بأي خطوة، توقفي قليلا مع نفسك، والق نظرة صادقة على جسدك وصحتك… وخذي في اعتبارك الأمور التالية:
● إذا كنت تعانين من البدانة أو من نقص الوزن، فالآن هو الوقت المناسب لمعالجة الأمر. ولكن تنبهي إلى أنك إذا كنت ترغبين في حدوث الحمل خلال الشهر المقبل فعليك ألا تتبعي نظاما غذائيا صارما بهدف انقاص الوزن. أما إذا كنت تعانين من بدانة مفرطة أو نقص حاد في الوزن فربما يكون من الأفضل تأجيل الحمل حتى يكون جسدك أقرب إلى الوزن المثالي. وتذكري أن اتباع النهج الصحي في الأكل سواءًا كان بهدف انقاص الوزن أو زيادة الوزن هو دائما أكثر تأثيرا من الحلول السريعة.
● تخلصي من جميع أشكال السموم، فبعض السموم مثل المبيدات الحشرية بإمكانها أن تتخلل إلى المشيمة وتؤثر على جنينك. وقد تقلل أيضا من فرصك في الحمل مستقبلا. لذا، اذا كنت تملكين وقتًا كافيا – ستة أشهر- قبل حدوث الحمل فقد يكون من المفيد جدأ أن تبادري بالتخلص من السموم في جسدك. ارجعي في ذلك إلى طبيب متخصص ولا تحاولي القيام بذلك لوحدك.
● إذا كنت تتناولين حبوب منع الحمل، فتوقفي عن ذلك في أسرع وقت ممكن. وعندها عليك الانتظار على الأقل مدة ثلاثة أشهر قبل البدء في محاولة الحمل. فترة الانتظار هذه ستتيح لجسدك فرصة التخلص من الهرمونات المتراكمة نتيجة تناول حبوب منع الحمل. وبالطبع عليك اتباع وسائل أخرى لمنع الحمل خلال الفترة التي سيحتاجها جسدك للتخلص من السموم والهرمونات.
● من الأفضل دائما الإبقاء على فترة مناسبة بين كل طفل وآخر. أعط نفسك فترة ثمانية عشر شهرا من الراحة قبل أن تحملي ثانية. هذه الفترة ضرورية لإعطاء جسدك الوقت الكافي للتعافي من الحمل والولادة الأولى. كما أنها تعتبر فترة مهمة لجسدك كي يعيد إنتاج العناصر الغذائية التي سيحتاجها للحمل الجديد.
● تعتبر العناصر الغذائية عاملا مهما جدًا في توفير البيئة المناسبة للإنجاب، فتأكدي من أنك تحصلين على مستويات كافية من كافة العناصر الغذائية الضرورية. فمثلا حتى تتأكدي أنك تحصلين على ما تحتاجينه من الزنك عليك الإكثار من تناول الشعير والشوفان والمكسرات والأسماك البحرية (ان كانت غير ملوثة). وتناولي الحبوب الكاملة والخضار فهي تمدك بفيتامينات ب (B). وستحتاجين أيضا لزيادة رصيدك من الدهون الأساسية وخاصة أوميغا 3 والتي تكثر في المكسرات والبذور النيئة. إضافة لتناول فيتامين سي (C) والذي سيساعد على رفع معدل الخصوبة لديك
● احرصي على تناول نوعية جيدة من الفيتامينات المتعددة والمكملات الغذائية الخاصة بمرحلة ما قبل الولادة. بإمكانك مثلا تناول خلطة زيوت الأوميغا كأحد المكملات الغذائية.
● الأمر الأخير هو ضرورة التوقف عن ممارسة العادات الضارة، مثل شرب الكحول والكافيين وتدخين السجائر. لا يشك عاقل أن هذه المواد تؤثر سلبًا على معدل الخصوبة كما أنها ستؤثر على الجنين في حال الحمل. وقد أظهرت الأبحاث أن تناول كوب واحد من القهوة يوميًا من الممكن أن يؤدي إلى تقليل معدل الخصوبة لدى المرأة إلى النصف.
توازن الهرمونات
قبل حدوث الحمل، تأكدي من توازن مستوى الهرمونات لديك. فالجسم الذي يعاني من خلل في الهرمونات قد لا يكون مهيأً للحمل، و قد يسبب المتاعب للمرأه خلال فترة الحمل.
الآن خمّني ما هو العامل الأكبر المسبب لاختلال التوازن الهرموني؟
إنّه السكر!
عليك الاستغناء تماما عن السكر المكرر(السكر المضاف/المصنع) في نظامك الغذائي. ومن ناحية أخرى من المهم جدا تحقيق أقصى قدر من توازن السكر في الدم حيث أن ذلك يؤثر مباشرة في الدورة الشهرية وفي جودة البويضة المنتجة.
هل عليك التفكير بتأجيل الحمل؟
إذا كان لديك شعور أن هناك خلل في نظامك الغذائي وفي صحتك بشكل عام فهذا يعني أن جسدك غير مهيأ للحمل في الوقت الراهن، لذا من الأفضل تأخير الحمل لعدة أشهر حتى تتحسن صحتك. فلا يكفي رغبتك وحماسك للإنجاب، في النهاية أنت ترغبين بإعطاء طفلك أفضل فرص للحياة. وتذكري أن صحة هذا الطفل تبدأ بوقت مبكر جدًا قبل حدوث الحمل وأن كل ما تبذلينه من جهد لتحسين صحتك سينعكس بشكل إيجابي على صحة طفلك.
أشركي زوجك في الأمر
إن عبء إنجاب طفل سليم يتمتع بصحة جيدة يقع على عاتق الأم كما يقع أيضًا على عاتق الأب على حد سواء. فالطفل القادم سيحمل ما نسبته 50% من أبيه. لذا فإن صحة زوجك قبل الحمل تعتبر أمرًا حيويا لصحة الطفل وأيضًا لتحسين فرص حدوث الحمل. وللأسف، لا نزال حتى الآن نرى العديد من الثقافات تلقي باللوم المباشر وبشكل كامل على المرأة في حال العقم، في حين ثبت أن 60% من حالات العقم يعود سببها للرجل.
ومع هذا فلا يزال هناك الكثير من الرجال الذين يتوقون لتقديم يد العون لزوجاتهم ولكن تنقصهم المعرفة. هنا يأتي دورك كأم في تعريف زوجك بدوره في حياة الطفل، عندها سيكون سعيدا جدا بالمشاركة وتقديم المساعدة. وعليك أن تشجعيه على البدء بالاهتمام بصحته بشكل أفضل على الأقل قبل أربعة أشهر من الحمل المخطط له.
اختاري التوقيت المناسب
إذا كنت تشعرين أن جسدك أصبح مهيأ للحمل (أو على الأقل أقرب لما يجب أن يكون عليه) حينها يمكنك القيام بمحاولة الحمل.
وحتى تزيدي من فرصك في الحمل، فمن الأفضل ممارسة العلاقة الحميمية خمسة أيام قبل وبعد الفترة التقديرية لحدوث التبويض. ويحدث التبويض لدى النساء في المتوسط في اليوم الرابع عشر من الدورة الشهرية. إذا كنت لا تستطيعين تحديد أيام التبويض لديك فبإمكانك الرجوع لبعض المواقع على الانترنت أو التطبيقات التي فيها الكثير من المعلومات للمساعدة. أما إذا كنت تواجهين صعوبة في الحصول على المعلومات من الانترنت فبإمكانك شراء بعض الأدوات المساعدة التي تباع في كثير من الصيدليات.
وتذكري أن اختيارك للتوقيت الصحيح سيزيد من فرصك في حدوث الحمل وذلك لأن بويضة المرأة تبقى لمدة 24 ساعة فقط. في حين تبقى الحيوانات المنوية لدى الرجل على قيد الحياة لمدة تصل إلى ثلاثة أيام، وبعضها إلى خمسة أيام.
ولا تنسي القيام بتدوين تاريخ أول يوم في دورتك الشهرية، لأنك إذا حملت سيسألك الجميع عن ذلك التاريخ.
كم من الوقت سيستغرق الأمر؟
هذا السؤال تصعب الإجابة عليه. فهناك الكثير من السيدات اللواتي حملن من المحاولة الأولى، كما أن هناك أخريات احتجن إلى بضعة أشهر حتى يتحقق حلمهن.
وبشكل عام فإن الوقت الذي تحتاجينه للحمل يتأثر بصحتك وصحة زوجك و طبيعة جسدك و قدرتك على التبويض إضافة إلى عوامل أخرى كثيرة.
هناك الكثير من السيدات اللواتي يشعرن بالتوتر بشأن الحمل خلال فترة الانتظار. أذكر أني اضطررت ذات مرة للانتظار لمدة أسبوعين حتى أقوم بإجراء اختبار الحمل، وقد شعرت حينها أنها كانت أطول أسبوعين في حياتي.
إذا كنت سريعة التوتر حاولي معالجة ذلك لأن أي شكل من أشكال التوتر سيؤدي إلى تقليل فرصك في حدوث الحمل. فعندما تشعرين بالتوتر تتحول طاقتك كلها لمحاربة ذلك التوتر أو للهروب منه، ولن يكون جسدك عندها قادرا على التركيز على الإنجاب. وسواءًا كان السبب في التوتر هو الرغبة في حدوث الحمل، أو عدم الرغبة في حدوث الحمل أو كان لأي أمر آخر عليك اتباع الوسائل التي تجعلك تشعرين بالاسترخاء.
في حال كانت محاولاتك للحمل غير إيجابية، فربما تحتاجين فقط لوقت أطول. وتذكري أن المرحلة العمرية تلعب دور أساسي في تحديد سرعة استجابة جسدك للحمل، حيث يقال أن المرأه في سن الخامسة والثلاثون تحتاج في المتوسط إلى ضعف المدة التي تحتاجها المرأة في سن الخامسة والعشرون حتى تحمل. أما بالنسبة للرجل فإن قوة الحيوانات المنوية تضعف بعد سن الرابعة والعشرون.
هناك أمور أخرى من الممكن أن تتسبب في تأخير الحمل لديك مثل: تكيس المبايض, الأورام الليفية، التهاب بطانة الرحم أو وجود التهابات معينة. لذا عليك مراجعة الطبيب المختص في حال شعرت بالقلق من تأخر الحمل. كما ستفيدك كثيرًا زيارة أخصائية التغذية بهدف وضع خطة صحية متكاملة لتعزيز فرصك ومساعدتك أثناء الحمل.