لقد تناول كثير من الأبحاث أسباب الإصابة بسرطان الثدي، إلا أن السيدات لا يزلن في حيرة من أمرهن. ولكن لا يجب على الرجال ترك هذا الجزء؛ فالرجال لديهم أمهات وبنات وأخوات وزوجات عليهم مساعدتهن، والعوامل نفسها التي تسبب سرطان الثدي هي التي تسبب سرطان البروستاتا. إن الرجال الذين لديهم تاريخ عائلي مع سرطان الثدي، يرتفع احتمال إصابتهم بسرطان البروستاتا، والسيدات اللاتي لديهن تاريخ عائلي مع سرطان البروستاتا، يرتفع احتمال إصابتهم بسرطان الثدي. إذن هناك علاقة وطيدة بين هذين النوعين من السرطانات الحساسة للهرمونات.
أصبحت السيدات الأمريكيات معرضات الآن للإصابة بسرطان الثدي مرتين أكثر مما كانت الحال عليها من قرن مضى، وأغلب هذه الزيادة حدثت خلال الأعوام الخمسين المنصرمة. فعلى الرغم من كل المخاوف والدعاية، لا تزال السيدات الأمريكيات حائرات بشأن ما يمكنهن عمله لحماية أنفسهن، وقوبل سعي الباحثين عن سبب بسيط بالفشل. السبب هو أن سرطان الثدي، مثل أغلب السرطانات، له أسباب متعددة. وعند التفكير في عدد من العوامل المساهمة، من المهم أن نفهم الارتفاع السريع في حالات الإصابة بسرطان الثدي في العقود الأخيرة. فلقد أصبحنا نعرف الكثير اليوم عن سرطان الثدي، والأخبار الطيبة أن العوامل الوراثية تؤدي دورًا صغيرًا، والمرض لا يسدد ضربته بشكل عشوائي. وهذا ما يجعل من الممكن الفوز في المعركة ضد سرطان الثدي.
فهم العوامل المؤدية لتطور السرطان
من المعتقد أن السرطنة – وهي العملية التي تؤدي إلى السرطان – تحدث في سلسلة من الخطوات، فهي عملية متعددة المراحل تبدأ بتلف خلوي محتمل التسرطن يتطور تدريجيًّا إلى تغيرات أكثر ضررًا. والخطوة الأولى هي حدوث عيوب خلوية، تؤدي في نهاية المطاف إلى السرطان. وعادة ما يحدث ذلك خلال البلوغ، وبعد البلوغ بوقت قصير. تذكر أن العادات الغذائية غير الصحية في مرحلة الطفولة تسبب إفراز الهرمونات الجنسية بكثرة، وتغيرات مرضية مبكرة في نسيج الثدي تمهد الطريق للسرطان في سنوات لاحقة.
نحن نعرف أن البلوغ في سن مبكرة مؤشر كبير على ارتفاع الخطر، ونعرف أن هناك دليلًا قويًّا على أن هرمونات الرحم تؤدي دورًا مهمًّا – في كل المراحل – في تطور سرطان الثدي. ومن المعروف بالنسبة للأطباء أنه كلما بلغت المرأة في سن مبكرة – وهو ما نعرفه من خلال نزول الطمث عليها لأول مرة – زاد خطر إصابتها بسرطان الثدي. فنزول الطمث للمرة الأولى في سن مبكرة (بدء الطمث) وزيادة وزن الجسم مؤشران على ارتفاع خطر الإصابة بسرطان الثدي.
السيدات لسْن النوع الوحيد الذي يتأثر بذلك، فالخطر نفسه يزداد نتيجة البلوغ في سن مبكرة بالنسبة لسرطان البروستاتا وسرطان الخصية. فإذا كبرنا وبلغنا بسرعة أكبر، ترتفع احتمالات إصابتنا بالسرطان والتقدم في السن بسرعة أكبر. والأمر نفسه نراه في حيوانات المعامل، فإذا ما أطعمناها بحيث تنمو بسرعة أكبر، فإنها تموت في سن أصغر.
كان بدء الحيض يحدث في سن أصغر في المجتمعات الغربية خلال القرن الماضي. وأصبح متوسط سن الحيض في الولايات المتحدة هو الثانية عشرة تقريبًا. ووفقًا لمنظمة الصحة العالمية، فإن متوسط سن البلوغ عام 1840 كان السابعة عشرة. خلال الفترة الزمنية التي انخفضت فيها سن الحيض من سبعة عشرة عامًا إلى اثني عشر عامًا في أوروبا الغربية والولايات المتحدة، كان هناك تغير مصاحب في العادات الغذائية في الغرب. فقد ارتفع استهلاك الدهون والنشويات المعدلة والجبن واللحوم الحمراء، وانخفض كثيرًا استهلاك النشويات المعقدة مثل النباتات النشوية. وتظهر الدراسات الحديثة التي تجرى على الفتيات اللاتي يتبعن نظامًا نباتيًّا يتسم بالإكثار من النشويات المعقدة، وعدم تناول اللحوم الحمراء الوصول لمرحلة البلوغ في سن لاحقة، كما يمكننا أن نتوقع، وانخفاضًا ملحوظًا في ظهور حب الشباب أيضًا. وزيادة استهلاك الأطعمة الحيوانية تؤدي إلى ارتفاع نسب الهرمونات المرتبطة بتطور الجهاز التناسلي. كما تتطور أورام ليفية في الرحم من اتباع نظام يتسم بنقص الفاكهة والخضراوات والإكثار من اللحوم الحمراء. ومع ارتفاع استهلاك اللحوم الحمراء، وانخفاض استهلاك الأطعمة النباتية، يرتفع خطر الإصابة بأورام ليفية وفقًا لذلك. بعبارة أخرى، يتمهد الطريق بفعل عاداتنا الغذائي للإصابة بالسرطان في مرحلة مبكرة من حياتنا. فسرطانا الثدي والبروستاتا يتأثران بعاداتنا الغذائية عندما نكون في سن أصغر.
سن البلوغ على مدار السنين
أشارت أول دراسة أوروبية وأمريكية إلى أن ارتفاع نسبة البروتين في النظام الغذائي للفرد مؤشر حساس للبلوغ في سن مبكرة من زيادة وزن الجسم. وهذا الاستنتاج يتناسب مع البيانات المتعلقة بالبلوغ المبكر مع الاستهلاك الزائد للبروتينات الحيوانية بالنسبة لإناث جنوب إفريقيا. ثم في التسعينيات؛ عند فحص البيانات المأخوذة من مشروع أكسفورد – كورنيل – الصين، رأينا من جديد العلاقة الوطيدة بين حالات الإصابة بسرطان الثدي وتناول منتجات حيوانية.
في الصين، يرتبط استهلاك الأطعمة الحيوانية ارتباطًا قويًّا بالبلوغ المبكر، وارتفاع نسب الهرمونات الجنسية. وترتبط نسب التستوستيرون ارتباطًا قويًّا بسرطان الثدي، ربما أكثر من الإستروجين. ومن المهم أن نوضح أن ارتفاع نسب التستوستيرون يزيد خطر الإصابة بكل من سرطان الثدي وسرطان البروستاتا لحد كبير. كما ترتفع نسبة التستوستيرون أيضًا عند ارتفاع نسب السمنة، أما زيادة الوزن فهي مؤشر خطر آخر.
الشيء الذي يجعل البيانات المأخوذة من مشروع الصين مذهلة هو انخفاض معدلات الإصابة بسرطان الثدي بشكل ملحوظ في الصين مقارنة بالدول الغربية، وانخفاض استهلاك الأطعمة الحيوانية لحد كبير عن الوضع في أمريكا. ثم إن من يتناولون أكبر قدر من المنتجات الحيوانية في الصين يستهلكون كمية أقل من نصف الكمية التي يستهلكها الأمريكيون. ومع زيادة استهلاك الأطعمة الحيوانية من مرة أسبوعيًّا في المجموعة التي تتناول أقل قدر منها، إلى أربع مرات أسبوعيًّا في المجموعة التي تتناول أعلى قدر منها، ترتفع معدلات الإصابة بسرطان الثدي بنسبة 70%. ومن المهم أن نذكر أن الفارق الوحيد بين النظم الغذائية هو إضافة اللحوم الحمراء بكميات مختلفة. أما استهلاك الخضراوات الطازجة بين جميع المجموعات فكان واحدًا، مما يتيح فرصة صغيرة لوجود متغيرات محيرة. وقد كانت هناك زيادة كبيرة في حدوث حالات وفاة بسبب سرطان الثدي مع زيادة استهلاك المنتجات الحيوانية.
نحن في أمريكا، نستهلك كمية كبيرة من الجبن. وهذه الزيادة القياسية في استهلاكنا للجبن هي مؤشر خطر: فقد ارتفع استهلاكنا على مدار الأعوام الثلاثين الماضية بنسبة 182%. ويحتوي الجبن على كمية أكبر من الدهون المشبعة، كما يحتوي على نسبة أكبر من الهرمونات والمركبات مقارنة بأي أطعمة أخرى، كما ارتفعت معدلات إصابتنا بسرطانات حساسة للهرمونات ارتفاعًا هائلًا.
على الرغم من الدراسات التي لا تظهر ارتباطًا وثيقًا في ظل وجود اختلافات صغيرة في استهلاك الدهون في وقت لاحق في الحياة، فإن التغيرات الكبيرة التي تحدث في وقت مبكر من الحياة لها عواقب وخيمة. فعندنا نفكر في النظام الغذائي الذي نتبعه طوال حياتنا، تبقى اللحوم الحمراء ومنتجات الألبان عوامل قوية للإصابة بسرطان الثدي. وتقريبًا ليست هناك حالات إصابة بسرطان الثدي على الإطلاق في الشعوب التي تستهلك أقل من 10% من سعراتها الحرارية من منتجات حيوانية. وبعد مراجعة العديد من الدراسات في هذا الصدد من دورية المعهد القومي للسرطان، خلصت مجموعة من العلماء البارزين إلى أن الدراسات التي فشلت في إظهار العلاقة بين استهلاك المنتجات الحيوانية وسرطان الثدي عانت مشكلات منهجية.
حل أسطورة البروتين
لقد اعتدت منذ نعومة أظافرك اعتقاد أن البروتين الحيواني عنصر غذائي يجب أن تتمسك به بكل فخر، فقد نشأنا على فكرة أن الأطعمة تكون مفيدة بالنسبة لنا إذا كانت تساعدنا على أن ننمو بسرعة. لا شيء أبعد ما يكون عن الصحة من هذا الاعتقاد.
لا يزال العامة ووسائل الإعلام حائرين في هذا الشأن، فهم لا يزالون يربطون مصطلح تغذية أفضل بالبلوغ المبكر، والتمتع بجسم أكبر نتيجة تناول كميات أكبر من البروتين والدهون الحيوانية. وهذه الاتجاهات غير المحبَّذة كثيرًا ما يتم الحديث عنها باعتبارها أحداثًا إيجابية. فقد أخطأ الكتاب وإخصائيو التغذية السابقون في المساواة بين النمو السريع والتمتع بصحة جيدة. أنا أؤمن بأن ارتفاع معدل النمو ليس بالأمر الجيد. فكلما كبر الطفل بمعدل أبطأ، تقدم في السن بمعدل أبطأ. والنمو بمعدل أبطأ والحاجة لوقت أطول لحين الوصول لسن البلوغ، مؤشر لطول العمر في الدراسات التي أجريت على الحيوانات. وقد وجدنا الأمر نفسه في الإنسان: فالنمو السريع بصورة غير طبيعية والوصول لسن البلوغ من العوامل الخطر للإصابة بالسرطان وغيرها من الأمراض في وقت لاحق من الحياة. وتستمر الدلائل تؤكد أن هذه العوامل نفسها التي تؤدي إلى البلوغ المبكر والنمو السريع تزيد احتمالات الإصابة بالسرطان بوجه عام، وليس فقط سرطان الثدي والبروستاتا. وعند استبعاد سوء التغذية أو المرض الشديد، كلما كبرنا وبلغنا بمعدل أبطأ، عشنا حياة أطول.
الجانب الآخر من الحكاية هو أنه ليست الدهون فحسب الموجودة في الأطعمة الحيوانية هي ما يسبب السرطان وأمراض القلب؛ فقد لقي البروتين الحيواني تقديرًا سيئًا من باحثين وعلماء متخصصين في التغذية؛ حيث اكتشف العلماء وجود علاقة بين تناول البروتين الحيواني والإصابة بالسرطان في كل من دراسات الوبائيات التي أجريت على حيوانات المعامل والبشر، وتقليل استهلاك الفرد من البروتين الحيواني يبطئ عملية التقدم في السن.
استهلاك المنتجات الحيوانية بوجه عام يرتبط بالإصابة بأنواع عديدة من الأمراض السرطانية، فقد أظهرت دراسة عالمية هائلة جمعت بيانات من تسع وخمسين دولة مختلفة أن الرجال الذين تناولوا القدر الأكبر من اللحوم الحمراء والدواجن ومنتجات الألبان، ارتفعت احتمالات وفاتهم بسبب سرطان البروستاتا، أما من تناولوا القدر الأكبر من الأطعمة النباتية غير المعدلة والمكسرات، فقد قلت احتمالات تعرضهم لهذا المرض لأقل قدر.
وجدت دراسة أخرى من ألمانيا أن احتمالات الإصابة بسرطان القولون وسرطان المستقيم تقل بنسبة 50% في البالغين النباتيين، إلا أن انخفاضًا أكبر في معدلات الوفاة جراء الإصابة بالسرطان (انخفاضًا بنسبة 75% تقريبًا) يرتبط باتباع نظام نباتي لأكثر من عشرين عامًا. وترتبط درجة الحماية بعدد السنوات التي تتبع خلالها نظامًا نباتيًّا. وأظهرت دراسات أخرى أجريت عن نظم نباتية في دول مختلفة الأمر نفسه. فالأسباب تبدأ في التراكم في سن مبكرة.
هناك كثير من الأدلة على أن التعرض لمواد كيميائية محظورة قانونيًّا؛ خاصة البي سي بي والدي دي تي، قد تعزز المزيد من التغيرات المرضية. فالسيدات اللاتي يعانين سرطان الثدي ترتفع نسب هذه المواد في أنسجة الثدي لديهن مقارنة بالسيدات غير المصابات بالسرطان. وقد لوحظ هذا الأمر أيضًا في لونج آيلاند، ونيويورك؛ حيث ترتفع معدلات الإصابة بسرطان الثدي. ويفترض الباحثون أن التعرض الزائد لهذه المواد الكيميائية – التي لا تزال موجودة في بيئتنا – هو ناتج تناول أسماك ساحلية. أضف إلى كل ذلك تعرضنا إلى دهون متحولة ومركبات تسبب السرطان تتحرر عند شي اللحوم الحمراء أو الأسماك أو الدواجن أو قليها في الزيت. من الواضح أن أسباب السرطان معقدة ولها عدة عوامل.
ممارسة التمارين الرياضية بقوة تقلل خطر الإصابة بالسرطان
ذكر الباحثون بجامعة “ترومسو” في النرويج أن السيدات اللاتي يمارسن التمارين الرياضية بانتظام يقل خطر إصابتهن بسرطان الثدي لحد كبير. وقد تضمنت الدراسة أكثر من 25000 سيدة تتراوح أعمارهن بين العشرين والرابعة والخمسين وقت دخولهن الدراسة. وقد وجد الباحثون أن السيدات الأصغر اللاتي لم يتجاوزن سن انقطاع الطمث (أقل من خمس وأربعين سنة، اللاتي يمارسن التمارين الرياضية بانتظام قل خطر إصابتهن بنسبة 62% مقارنة بالسيدات اللاتي يتسم أسلوب حياتهن بكثرة الجلوس. وقد كان انخفاض الخطر كبيرًا بالنسبة للسيدات النحيفات اللاتي مارسن التمارين الرياضية أكثر من أربع ساعات كل أسبوع؛ حيث انخفض خطر إصابة هؤلاء السيدات بنسبة 72%.
يؤدي النظام الغذائي وممارسة التمارين الرياضية دورًا أهم بكثير في الوقاية من السرطان مقارنة بالدور الذي تؤديه صور الثدي الشعاعية وغيرها من سبل الكشف عن السرطان. ضع في اعتبارك أن صور الثدي الشعاعية تكشف عن السرطان، ولا تقينا خطره؛ حيث إنها تُظهر المرض بعد انتشار الخلايا السرطانية بسنوات عديدة. وبحلول ذلك الوقت، تكون غالبية السرطانات انتشرت بالفعل من مكانها الأصلي ولا يكون للاستئصال الجراحي للورم أية قدرة على العلاج. فنسبة صغيرة فقط من السيدات اللاتي يتم الكشف عن سرطان الثدي لديهن بصور الثدي الشعاعية ترتفع احتمالات استمرارهن على قيد الحياة بسبب الكشف المبكر. أما الغالبية العظمى فإنها تبلي بلاء حسنًا لحين الكشف عن سرطان الثدي في وقت لاحق. أنا لا أريد أن أثبط عزيمة السيدات اللاتي تتراوح أعمارهن بين الخمسين والخامسة والستين من إجراء تصوير شعاعي للثدي، ولكن رسالتي هي أن هذا الإجراء وحده لا يكفي. فتصوير الثدي بالأشعة الذي لا يفعل أي شيء لوقاية السيدات من سرطان الثدي، يتم الترويج له بقوة، بينما لا تسمع السيدات أي شيء عما يمكنهن عمله لحماية ووقاية أنفسهن من سرطان الثدي في المقام الأول.
لا تقلل من شأن الانتظام في اتباع نظام غذائي ممتاز؛ حيث إنه يعالج ويصلح أي تلف يحدث على مر السنوات من خلال إساءتنا لأنفسنا بأية صورة. ولا تترك نفسك فريسة للإحباط، لأنه لا يمكنك أن تقلل خطر إصابتك إلى الصفر بسبب الأخطاء التي ارتكبتها في الماضي. والأمر نفسه يمكننا قوله عن مدخني السجائر. ألا يتحتم عليهم الإقلاع عن التدخين لمجرد أن خطر إصابتهم بسرطان الرئة لا يمكن تقليله إلى الصفر بعد إقلاعهم عن السجائر؟ في الواقع، تنخفض معدلات الإصابة بسرطان الثدي كثيرًا (حوالي الخمس) في المدن التي ترتفع فيها نسبة استهلاك الخضراوات. فالفاكهة والخضراوات النيئة توافران لنا حماية قوية، وتعد الخضراوات الورقية هي مصدر حمايتنا الأكبر.
النقطة الأساسية التي أتناولها هي أن شعبنا يتجاهل هذه التدخلات التي قد تكون أكثر كفاءة في إنقاذ حياتنا. فنحن نبحث عن مزيد من الإجابات لأن الإجابات التي توصلنا إليها لا تعجبنا.
زيادة احتمالات صمود مرضى السرطان
قد يكون من الصعب أن يختلف اثنان على أن التغذية المثالية لها نتائج تقينا من السرطان. ولكن يبقى السؤال: هل يمكن للتغذية المثالية أو الوقاية الغذائية أن تكون طريقة علاجية فعالة للمرضى المصابين بأمراض سرطانية بالفعل؟ هل يمكن للنظام الغذائي الذي تتبعه أن يحدث فارقًا إذا كنت مريضًا بالسرطان؟ تشير البيانات العلمية إلى أن الإجابة هي نعم.
لقد درس الباحثون الذين يبحثون عن إجابات عن هذه الأسئلة السيدات المريضات بالسرطان، فوجدوا أن الدهون المشبعة في النظام الغذائي تحميهن من الانتشار السريع للخلايا السرطانية. وقد توصل باحثون آخرون لنتائج مماثلة. فبالنسبة للسيدات المريضات بالسرطان بالفعل، يرتفع خطر الوفاة لديهن بنسبة 40% لكل 1000 جرام من الدهون المشبعة التي يتم استهلاكها شهريًّا. كما تشير الدراسات أيضًا إلى أن الاستهلاك العالي من الفاكهة والخضراوات يحسن نسبة بقائهن على قيد الحياة، كما تزيد الدهون الموجودة في الجسم خطر الوفاة في سن مبكرة.
وهناك نتائج مماثلة في الأبحاث العلمية المتعلقة بسرطان البروستاتا والنظام الغذائي، والتي تشير إلى أن النظام الغذائي له أثر كبير على صمود مرضى سرطان البروستاتا. على سبيل المثال، بالنسبة لبني الإنسان: يكون الإسراف في تناول الأطعمة المعالجة والمنتجات الحيوانية سامًّا.
يشتهر البروتين الحيواني – وليست الدهون الحيوانية فقط – عند استهلاكه بكميات كبيرة، بأنه من العناصر الغذائية السامة بالنسبة لبني الإنسان. ولا تزال مزيد من الكتب تستعرض مزايا ارتفاع نسبة البروتين في النظام الغذائي المعني بإنقاص الوزن، وتلقى شعبية واسعة. ويتمنى كثير من الأمريكيين حماية إدمانهم للأطعمة الحيوانية الغنية بالدهون التي لا تحتوي على القدر الكافي من العناصر الغذائية. وهؤلاء المستهلكون يمثلون سوقًا ضخمة لهؤلاء المضللين الذين يقلبون الأدلة العلمية رأسًا على عقب.
واليوم، أصبحت العلاقة بين المنتجات الحيوانية وكثير من الأمراض المختلفة تلقى دعمًا قويًّا من قبل الأبحاث العلمية، تمامًا مثل تدخين السجائر وسرطان الرئة. على سبيل المثال، وُجد أن الأشخاص الذين يتناولون اللحوم الحمراء، والدواجن والأسماك معرضون للإصابة بالخرف الشيخوخي بنسبة مضاعفة (فقد القدرات الفكرية مع التقدم في السن) مقارنة بنظرائهم وذلك في الدراسات التي صممت بعناية. واتسع الفارق أكثر عند وضع استهلاك اللحوم الحمراء فيما مضى في الاعتبار. والنظام الغذائي نفسه – المعبأ بمنتجات حيوانية – الذي يسبب أمراض القلب والسرطان، هو المسئول أيضًا عن انتشار كل مرض آخر في أمريكا؛ والذي يسبب حصوات الكلى، والقصور الكلوي، والفشل الكلوي، وهشاشة العظام، وتليف الرحم، وفرط التوتر، والتهاب الزائدة الدودية، والرتوج وتجلط الدم.