سرطان الغدة الدرقية هو أكثر أنواع سرطانات الغدد الصماء (الغدة المنتجة للهرمونات) شيوعًًا، وينشأ السرطان عادةً من النتوء، أو العُقَيْدَة، الموجود في الغدة الدرقية، وأغلب عُقَيْدَات الغدة الدرقية غير سرطانية، غير أن نسبة صغيرة منها سرطانية.
وهناك بعض الأنواع المختلفة من سرطان الغدة الدرقية، ولحسن الحظ أغلبها يمكن علاجه بسهولة، وأكثر الأنواع شيوعًا تُستأصل بسهولة جراحيًّا، ولكن للأسف تتزايد الإصابة بسرطان الغدة الدرقية.
أنواع سرطان الغدة الدرقية
أنواع سرطان الغدة الدرقية الرئيسية هي الحُليمية والجُريبية، ويشكل هذان النوعان أكثر من ٩٠٪ من الحالات، وتتضمن الأنواع الأخرى لسرطانات الغدة الدرقية السرطان الكشمي، والسرطان النخاعي (سرطان الخلايا المجاورة للجريب)، وسرطان الغدة الدرقية الليمفاوي، وسرطان خلايا هرثل.
ويمكن عادةً استئصال السرطان الحُليمي والجُريبي جراحيًّا بالكامل، وتكون نتائجها ممتازة، غير أن السرطان النخاعي عادةً يكون أشد قسوة، وأصعب في العلاج من السرطان الحُليمي والجُريبي، أما السرطان الكشمي فينمو سريعًا، ولا يشبه أيًّا من خلايا الغدة الدرقية.
الإصابة بسرطان الغدة الدرقية
يؤثر سرطان الغدة الدرقية فيما يقرب من ١٥٠٠٠ شخص في الولايات المتحدة الأمريكية كل عام١٢، وفي أستراليا عام ١٩٩٧، تم تشخيص ٨٦٠ حالة جديدة،
و٧١ حالة وفاة جراء الإصابة بسرطان الغدة الدرقية في ذلك العام. ويحتل سرطان الغدة الدرقية الترتيب السادس عشر بين أنواع السرطانات الأكثر شيوعًا في أستراليا، واحتمالية إصابة النساء بسرطان الغدة الدرقية أكثر مرتين أو ثلاث مرات من الرجال.
ونسبة النجاة من سرطان الغدة الدرقية عالية للغاية، ففي نيو ساوث ويلز في أستراليا، كان ٩٥٪ من الأشخاص الذين أصيبوا بسرطان الغدة الدرقية ما بين عامي ١٩٨٠ و١٩٩٥ ما زالوا أحياء بعد مرور خمسة أعوام من إصابتهم به، فهو أكثر أنواع السرطانات القابلة للشفاء في أستراليا بعد سرطان الجلد غير الميلانيني.
أعراض سرطان الغدة الدرقية
لا تكون لسرطان الغدة الدرقية في المراحل المبكرة أية دلائل أو أعراض، وتستمر الغدة في العمل بشكل طبيعي، وعادةً ما تكون مستويات الهرمونات في اختبار الدم طبيعية أيضًا. وعندما ينمو السرطان، يمكن أن يسبب الأعراض الآتية:
• ظهور تورم في العنق أسفل تفاحة آدم
• بحة الصوت
• صعوبة التنفس
• صعوبة البلع
• ألمًا في العنق أو الحلق قد يصل إلى الأذن
• تورم الغدد الليمفاوية الموجودة في العنق
أسباب سرطان الغدة الدرقية
تساعد المادة الوراثية الموجودة في الخلايا، والمعروفة باسم DNA، على نمو الخلايا وانقسامها بشكل طبيعي وسليم، وبشكل عام حين يتعلق الأمر بالسرطان، فإن خطبًا ما يحدث يعمل على تغيير أو تلف ال DNA، ويمكن أن يسبب ذلك تغييرًا في الخلايا يجعلها تنمو بشكل خارج عن السيطرة، مكوَّنةً ورمًا يمكن أن ينتشر في النهاية.
وحين يتعلق الأمر بسرطان الغدة الدرقية، فإن الأسباب وعوامل الخطورة الوحيدة المعروفة هي التالية:
• التعرض للإشعاع في سن مبكرة. أكبر العوامل المؤدية إلى سرطان الغدة الدرقية هو تعرض الرأس والعنق لإشعاع في أثناء مرحلة الطفولة، والمراهقة، والبلوغ، وفي الولايات المتحدة الأمريكية ما بين حقبة العشرينات والخمسينات من القرن الماضي كانت أشعة إكس تُستخدم لعلاج حبوب الشباب، وغيرها من حالات الأمراض الجلدية الأخرى في الوجه، والأمراض الفطرية في فروة الرأس، والتهاب اللوزتين، والتهاب الحلق، والكحة، ومرض السل العنقي، وكذلك علاج الشعر الزائد في الوجه! وفي هذه الأيام يزيد خطر الإصابة بعُقَيْدَات الغدة الدرقية، أو سرطان الغدة الدرقية بعد الخضوع لعلاج إشعاعي لمعالجة السرطان، إذا كان في الرأس، أو العنق، أو قريبًا منهما. وكذلك يُعد التعرض للإشعاع الناتج عن اختبارات الأسلحة النووية، أو حوادث المحطات النووية من عوامل الخطورة؛ حيث لا يظهر سرطان الغدة الدرقية إلا بعد مرور عقود من التعرض للإشعاع، ومع ذلك فإن العديد من الأشخاص المصابين بسرطان الغدة الدرقية لم يتعرضوا إلى أي إشعاع.
• عوامل وراثية. تتوارث العائلات بعض أنواع سرطان الغدة الدرقية، فإذا كان أحد والديك مصابًا بسرطان الغدد الصماء المتعدد من نوع ٢ أ، أو من نوع ٢ ب، أو سرطان الغدة الدرقية النخاعي الوراثي، فهناك احتمال بنسبة ٥٠٪ أن يكون لديك هذا الخلل الجيني المسبب لهذا السرطان، وإذا كنت مصابًا بهذا المرض ولديك أطفال، فهناك احتمال بنسبة ٥٠٪ أن يصابوا بالمرض. ويشير سرطان الغدد الصماء المتعدد إلى العديد من أورام الغدد الصماء.
• زراعة النخاع العظمي. أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين تنجح معهم زراعة النخاع العظمي، يوجد لديهم خطر متزايد قليلًا للإصابة بسرطان الغدة الدرقية.
• بعض الأمراض الوراثية. تزيد الإصابة بمتلازمة جاردنر، والمعروفة أيضًا بداء سلائل القولون والمستقيم الوراثي، من خطر ظهور سرطان الغدة الدرقية الحُليمي، وينتج هذا المرض من خلل جيني يؤدي إلى نمو عدد كبير من السلائل في القولون، وتصبح هذه السلائل سرطانية إذا لم تُكتشف وتُستأصل، والإصابة بمتلازمة كاودن تزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية أيضًا، ويؤدي هذا المرض إلى ظهور أورام متعددة على الجلد، وداخل الفم والأمعاء.
• الحمل في سن متأخرة. النساء اللاتي كان آخر حمل لهن حين كُنَّ في سن الثلاثين، أو أكبر، أكثر عُرضةً لخطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية من النساء اللاتي أنجبن جميع أطفالهن قبل سن الثلاثين.
• المبيدات الحشرية، ومبيدات الآفات، وغيرها من المواد الكيميائية. ترتبط عدة مواد كيميائية بخطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية.
• العِرق. القوقازيون والآسيويون أكثر عرضةً للإصابة من أصحاب البشرة الداكنة.
• نقص السيلينيوم، ومضادات الأكسدة.
سرطان الغدة الدرقية الحُليمي
ينشأ هذا السرطان من خلايا الغدة الدرقية الجُريبية. وهو ورم سهل التمايز، بمعنى أنه يبدو ظاهريًّا مثل أنسجة الغدة الدرقية الطبيعية، ويمكن لأغلب هذه الأورام أن تستمر في امتصاص اليود الموجود في الطعام، وبعضها يمكنه أن ينتج الثيروكسين (تي٤).
والحُليمة هي عبارة عن نتوء يشبه الحلمة، وتتميز السرطانات الحُليمية بوجود العديد من النتوءات التي تجعلها تبدو تحت المجهر مثل نبات السرخس، ويحدث سرطان الغدة الدرقية الحُليمي في كل المراحل العمرية، وهو أكثر أنواع سرطانات الغدة الدرقية شيوعًا، فهو يشكل من ٧٠٪ إلى ٨٠٪ تقريبًا من حالات سرطانات الغدة الدرقية، وهو أكثر شيوعًا في النساء اللاتي تتراوح أعمارهن ما بين ٣٠ و٥٠ عامًا.
ينمو السرطان الحُليمي ببطء، ويمكن أن ينتشر في النهاية في مناطق أخرى من الجسم عبر الجهاز الليمفاوي، وفي هذه الحالة ينتشر عن طريق الغدد الليمفاوية الموجودة في العنق، وقد انتشر السرطان عند نحو ثلث المرضى الذين خضعوا لجراحة استئصال ورم حُليمي في العقد الليمفاوية، وهناك دلائل على التحسن لهذا النوع من سرطان الغدة الدرقية سواء انتشر بالعقد الليمفاوية أم لا، لكنَّ الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن ٢٠ عامًا والمصابين بهذا السرطان يواجهون خطورة كبيرة لانتشاره في الرئة، أو العظام، واحتمالية الإصابة به مرة أخرى، وكذلك لا تكون الدلائل جيدة في حالة الأشخاص الذين جاوزوا سن الخمسين.
سرطان الغدة الدرقية الجُريبي
هو نوع من سرطانات الغدة الدرقية ينشأ من خلايا الغدة الدرقية الجُريبية أيضًا، وهو يشكل نحو عشرة في المائة من حالات سرطان الغدة الدرقية، ويحدث عادةً في الفئات العمرية الأكبر من تلك الفئات التي تصاب بالسرطان الحُليمي، وبشكل عام فإن هذا النوع أكثر شراسة من السرطان الحُليمي، وغالبًا لا تنتشر هذه الأورام إلى العقد الليمفاوية، ولكن من الممكن أن تخترق الأوردة والشرايين التي تمر داخل الغدة الدرقية، وبالتالي تنتشر عبر تيار الدم، وتصل منه إلى العظام والرئة، ولهذا النوع دلائل على التحسن أيضًا، والنتائج العلاجية أفضل في الفئات العمرية الأقل من ٥٠ عامًا.
سرطان الغدة الدرقية النخاعي
ينشأ هذا النوع من سرطانات الغدة الدرقية من الخلايا المجاورة للجُريب التي تفرز هرمون الكالسيتونين، وتستمر الخلايا السرطانية في إفراز الكالسيتونين إضافةً إلى البروتين الذي تنتجه عدة خلايا سرطانية تسمى المستضد السرطاني المُضغي (سي إي إيه)، ويمكن الكشف عن كل من هاتين المادتين من خلال اختبار الدم، ويمكن للسرطان النخاعي أن ينتشر في العقد الليمفاوية، أو أعضاء الجسم الأخرى.
أنواع من السرطان النخاعي:
• غير وراثي. هو أكثر أنواع الأورام النخاعية شيوعًا، ويحدث عادةً ما بين سن ٤٠ و٦٠، ولا يورث.
• سرطان الغدد الصماء المتعدد من النوع الثاني. هناك نوعان منه وهما ٢ أ، و ٢ ب. وتزيد احتمالية الإصابة بهذه الأورام في الأشخاص الأصغر سنًّا، وتنتقل من جيل إلى الجيل الذي يليه، وكذلك يمكن أن تظهر لدى المصابين بهذه الأمراض أورام في الغدد الكظرية، والغدد جار الدرقية (الغدد الأربع الصغيرة الموجودة خلف الغدة الدرقية).
• وراثي. هذا النوع من الأورام وراثي أيضًا، لكن الأشخاص المصابين بالسرطان النخاعي الوراثي لا تظهر لديهم عادةً الأورام في أعضاء أخرى. وعادةً يصيب هذا النوع من السرطانات الأشخاص في عمر الخمسينات والستينات.
سرطان الغدة الدرقية الكشمي
يشكل هذا النوع من سرطانات الغدة الدرقية نحو سبعة في المائة فقط من الحالات، ويصيب عادةً الأشخاص الذين تجاوزوا الستين، ويسمى في بعض الأحيان سرطان الغدة الدرقية غير المتمايز؛ لأن الخلايا السرطانية تبدو مختلفة تمامًا عن خلايا الغدة الدرقية الطبيعية، وينشأ هذا السرطان من ورم حُليمي أو جُريبي موجود وغير مشخص يبدأ فجأةً النمو بسرعة، والورم الكشمي شرس للغاية؛ فهو ينتشر إلى العقد الليمفاوية، والرُغامَى (القصبة الهوائية)، ثم يصل إلى أعضاء أخرى مثل العظام والرئة. ولا ينجح العلاج الجراحي والإشعاعي دائمًا مع هذا النوع من الأورام, وليست له دلائل جيدة.
سرطان الغدة الدرقية الليمفاوي
يشكل هذا النوع من سرطانات الغدة الدرقية نحو أربعة في المائة فقط من الحالات، ويعني السرطان الليمفاوي، السرطان الذي يصيب الغدد الليمفاوية، أو خلايا الدم البيضاء التي تسمى ليمفوسيت. ومعظم الأشخاص الذين أصيبوا بسرطان الغدة الدرقية الليمفاوي كانوا يعانون التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو؛ حيث إنه مرض من أمراض المناعة الذاتية، وتصبح الغدة الدرقية ممتلئة بخلايا الليمفوسيت، ويُعتقد أن السرطان ينشأ في هذه الخلايا. ومع أن التهاب الغدة الدرقية هاشيموتو شائع للغاية، فإنه لحسن الحظ لا يتطور الأمر عند أغلب الناس إلى سرطان الغدة الدرقية الليمفاوي.
وهذا النوع من السرطانات غالبا ما يصيب الأشخاص متوسطي العمر، وكبار السن، وقد زادت حالات الإصابة به في السنوات الأخيرة، ويجب فحص الأشخاص المصابين بالتهاب الغدة الدرقية هاشيموتو الذين ظهر لديهم تضخم، أو نتوءات، في العنق، للتحقق من عدم إصابتهم بسرطان الغدة الدرقية الليمفاوي، ويُعالج هذا السرطان عادةً بالعلاج الإشعاعي الخارجي، يصاحبه العلاج الكيميائي.
تشخيص سرطان الغدة الدرقية
في حالة اكتشاف نتوءات في الغدة الدرقية، تُجرى الفحوص الآتية:
• أخذ عينة أنسجة باستخدام الإبرة الدقيقة. وهذا أكثر الاختبارات الموثوق بها للتفريق بين العُقَيْدَة الحميدة والسرطانية، وفي هذا الاختبار تؤخذ عينة من الخلايا عن طريق إبرة دقيقة جدًّا تدخل في العُقَيْدَة، وتؤخذ دائمًا بعض العينات من العُقَيْدَات، ثم تُحلل تحت المجهر في المعمل. ويعتمد تشخيص السرطان على مشاهدة الخصائص المميزة لكل الخلايا.
• أخذ عينة أنسجة بالتدخل الجراحي. إذا لم نحصل من العينة المأخوذة بالإبرة الدقيقة على تشخيص حاسم، فسوف نلجأ إلى استئصال العُقَيْدَة بالكامل لفحصها تحت المجهر.
• اختبارات الدم. إذا كان هناك اشتباه بالإصابة بالسرطان النخاعي، فسوف يطلب الطبيب تقدير مستوى هرمون الكالسيتونين في الدم للتحقق من ارتفاعه، كذلك سوف يقدر مستوى الثايروجلوبولين، وهو المادة التي تُشتق منها هرمونات الغدة الدرقية، وقد تنتج الخلايا السرطانية الحُليمية والجُريبية في الغدة الدرقية كميات كبيرة من الثايروجلوبولين.
• المسح الذري للغدة الدرقية. كان هذا الاختبار في الماضي هو الوسيلة الأساسية لتشخيص عُقَيْدَات الغدة الدرقية، ويحقن نظير مشع نشط في الوريد، ويصل هذا النظير بعدها إلى الغدة الدرقية، وتظهر صورة للغدة الدرقية على شاشة الحاسوب، ولا يميز هذا الاختبار بين العُقَيْدَات الحميدة والسرطانية.
علاج سرطان الغدة الدرقية
1. الجراحة
يُستأصل جزء من الغدة الدرقية، أو تُستأصل كلها من أغلب مرضى سرطان الغدة الدرقية، وتترك أجزاء صغيرة من أنسجة الغدة الدرقية الموجودة حول الغدد جار الدرقية لتقليل الضرر الذي قد يلحق بهذه الغدد، لأن إصابة الغدد جار الدرقية بضرر سوف يؤدي إلى نقص شديد في مستوى الكالسيوم في الدم. وإذا انتشر السرطان إلى العقد الليمفاوية المحيطة بالعنق، فسوف يتم استئصالها أيضًا. وإذا استؤصلت معظم الغدة الدرقية، فسوف يحتاج المريض إلى تناول أقراص هرمونات الغدة الدرقية البديلة مدى الحياة. وإضافة إلى أن هذه الأقراص تمد الجسم بهرمون الغدة الدرقية تي٤ الذي يحتاج إليه، فإنها توقف إفراز الغدة النخامية للهرمون المحفز للغدة الدرقية، حيث إن المستويات المرتفعة للهرمون المحفز للغدة الدرقية قد تحفز نمو أية خلايا سرطانية متبقية من الغدة الدرقية في الجسم، وسوف تحتاج إلى إجراء اختبارات دم كل شهرين، للتأكد من أن جرعة أقراص هرمونات الغدة الدرقية مناسبة بالنسبة إليك.
2. اليود المشع النشط (اليود المشع)
يُستخدم هذا العلاج لتدمير أية أنسجة متبقية من الغدة الدرقية بعد الجراحة، ويطلق عليه اجتثاث البقايا أيضًا. وعند استخدام هذا العلاج للتخلص من أنسجة الغدة الدرقية المتبقية، تستخدم كمية قليلة من اليود المشع النشط، ويمكن إجراء ذلك دون الحاجة إلى إقامة المريض في المستشفى. ويستخدم العلاج باليود المشع كذلك لتدمير أية خلايا سرطانية منتشرة في أجزاء أخرى في الجسم، ويعطى اليود المشع النشط (يود-١٣١) في شكل كبسولات، أو في صورة سائلة.
وتمتص الغدة الدرقية اليود بشكل طبيعي وتجمعه في الدم، وذلك بتحفيز من الهرمون المحفز للغدة الدرقية الذي تفرزه الغدة النخامية. وتقوم خلايا الغدة الدرقية السرطانية أيضًا، سواء أكانت هذه الخلايا موجودة في الغدة الدرقية نفسها أم منتشرة في أجزاء أخرى من الجسم، بجمع اليود، ولكن بكميات أقل كثيرًا، وإذا زاد مستوى الهرمون المحفز للغدة الدرقية في الدم بشكل هائل، فسوف يحفز الخلايا السرطانية على امتصاص كميات يود أكثر بكثير. تذكر أن خلايا الغدة الدرقية الطبيعية والسرطانية لا تستطيع التفريق بين اليود العادي واليود المشع.
وعندما تُستأصل الغدة الدرقية، ولا يُعطى هرمون تي٤ (ثيروكسين)، يرتفع مستوى الهرمون المحفز للغدة الدرقية في الدم بشكل كبير، وهذا يعني أنه عند إعطاء اليود المشع للمريض، فإن أية خلايا غدة درقية سرطانية سوف تمتص اليود بسهولة، ما يؤدي إلى تدميرها.
ويمكن أن تكون عملية التحضير لتناول اليود المشع عملية مزعجة، حيث يواظب المرضى عادةً على هذا العلاج بعد ستة أسابيع من إجراء جراحة استئصال سرطان الغدة الدرقية، وخلال هذه الفترة لا يُسمح للمريض بتناول أية أقراص هرمون تي٤ (الثيروكسين)، بل يعطى عادةً هرمون تي٣ (الاسم التجاري له هو سيتوميل) لمدة أربعة أسابيع؛ لأن مدة استمراره في الجسم أقصر، ويجب أن يمتنع المرضى في آخر أسبوعين قبل تلقي اليود المشع النشط عن تناول أية عقاقير للغدة الدرقية، حيث يزيد ذلك إفراز الغدة النخامية للهرمون المحفز للغدة الدرقية، ونتيجة لذلك تمتص خلايا الغدة الدرقية السرطانية أكبر قدر ممكن من اليود المشع النشط. ويُطلب أيضًا من المريض خلال هذه الأسابيع الستة اتباع نظام غذائي منخفض اليود.
عندما يُستخدم اليود لتدمير خلايا الغدة الدرقية السرطانية التي انتشرت في الجسم، تعطى جرعة كبيرة نسبيًّا من الإشعاع، وهذا يتطلب الإقامة في المستشفى لمدة تتراوح ما بين يوم وعدة أيام. ويمكث المريض في غرفة معزولة بالرصاص لها مرحاض خاص، ولا يمكنه الخروج منها لعدة أيام، كما لا يُسمح للمرضى بالتواصل مع أشخاص آخرين حتى ينخفض مستوى الإشعاع في الجسم إلى مستوى آمن. ويُحَث المرضى على شرب كميات كبيرة من الماء حتى يخرج الإشعاع من أجسامهم بسرعة أكبر.
ويُطالَب المرضى بعدم التواصل مع الأشخاص الآخرين عن قرب لمدة أسبوع كامل بعد العلاج؛ حتى لا يصل الإشعاع إلى جسم أي شخص آخر، وهذا يعني أن العناق ممنوع، واستخدام أدوات طعام منفصلة، والنوم في فراش منفصل، ومن الأفضل التعامل مع الأشخاص الآخرين مع الحفاظ على مسافة ١٨٠ سنتيمترًا بينهم، وينصح بألا تحمل النساء لمدة ستة أشهر على الأقل بعد العلاج باليود المشع، كما يجب على النساء المرضعات أن يفطمن أطفالهن قبل العلاج. وبالنسبة إلى الرجال، يمكن أن يقلل العلاج باليود المشع النشط عدد الحيوانات المنوية لمدة عامين؛ لذا قد يؤثر هذا العلاج فيمن يخططون لإنجاب أطفال في المستقبل القريب.
وأكثر الأعراض الجانبية شيوعًا للعلاج باليود المشع هي الغثيان والقيء والشعور بالألم في الغدد اللعابية، ويمكن تهدئة هذا الألم بمضغ بعض الحلويات. ونتيجة لإصابة الغدد اللعابية ببعض الضرر، يمكن أن يصاب المريض مؤقتًا بجفاف الفم.
النظام الغذائي منخفض اليود
قبل أن يخضع المريض للعلاج باليود المشع النشط لعلاج أمراض الغدة الدرقية، يطلب منه اتباع نظام غذائي منخفض اليود، والغرض من ذلك هو استنزاف اليود الموجود في جسمك بقدر الامكان، من أجل أن يصبح العلاج باليود المشع أكثر فاعلية، فعندما تكون خلايا الغدة الدرقية تعاني نقص اليود، فسوف تمتص اليود المشع بكميات كبيرة للغاية.
وسوف يطلب منك اتباع هذا النظام الغذائي قبل نحو اسبوعين من بدء العلاج، والمداومة عليه لمدة يومين بعد العلاج.
ويوجد اليود في العديد من الأطعمة المختلفة، وأكثر الأطعمة غنى باليود هي عادة الملح اليودي، السمك، اللحوم المصنعة (مثل اللانشون)، منتجات الألبان، حلوى البودنج، والأطعمة التي تحتوي على ألوان صناعية (اليود عنصر في ألوان الطعام الحمراء).
الطعام الذي بإمكانك تناوله في أثناء اتباع نظام غذائي منخفض اليود:
– الدجاج، الديك الرومي، اللحم البقري، لحم البتلو
– البطاطس المحمرة المقشرة، الأرز، المكرونة، الخبز (من شريحة إلى اثنتين في اليوم كحد أقصى)
– كل الفواكه باستثناء الفواكه الحمضية
– كل الخضراوات باستثناء السبانخ
– المكسرات غير المملحة، زبدة المكسرات غير المملحة، باستثناء الكاجو
– زيت الزتيون، الخل، الأعشاب الطازجة
3. العلاج بالإشعاع الخارجي
يصدر الإشعاع المستخدم في العلاج في هذه الحالة من مصدر خارج الجسم، ويُستخدم جهاز أشعة إكس عالي الطاقة، ويطلق عليه المُسرع الخطي، لاستهداف الخلايا السرطانية لبضع دقائق في كل مرة. ويستمر العلاج عادةً لمدة من ستة إلى ثمانية أسابيع بواقع خمس جلسات علاج أسبوعيًّا، وغالبًا يشعر المرضى بالتعب الشديد في نهاية العلاج، ويمكن أن يتأثر الجلد في الأماكن المستهدفة، فيصبح أحمر اللون، ويبدو كأن أشعة الشمس تسببت في حرقه، كما يمكن أن يعاني المريض بحة الصوت وصعوبة البلع.
متابعة مرضى سرطان الغدة الدرقية
من المؤسف أن نسبة إمكانية عودة السرطان مرة أخرى تصل إلى ٣٠٪، حتى بعد عقود من التشخيص الأول؛ لذلك فإنه من المهم جدًّا متابعة هؤلاء المرضى لفترة طويلة. وتتضمن متابعة مرضى سرطان الغدة الدرقية إجراء اختبار دم لتقدير مستوى الثايروجلوبولين؛ لأن خلايا الغدة الدرقية السرطانية يمكن أن تنتج الكثير من هذا البروتين، وإذا كانت نسبة البروتين مرتفعة في الدم، فربما يكون ذلك دلالة على عودة السرطان. إضافةً إلى ذلك يُجرى مسح ذري باستخدام اليود المشع للجسم كله؛ وبهذه الطريقة إذا كانت خلايا الغدة الدرقية السرطانية موجودة في أي جزء من الجسم، فسوف تمتص اليود، وعندها يمكن رؤيتها بسهولة. ويُجرى هذا الفحص عادةً كل ٦ أشهر وحتى ١٢ شهرًا.
ولكي تكون هذه الفحوصات دقيقة قدر الإمكان، يجب أن تكون مستويات الهرمون المحفز للغدة الدرقية الذي تفرزه الغدة النخامية مرتفعة في الدم، والطريقة التقليدية لتحقيق ذلك هي منع المريض من تناول أدوية هرمونات الغدة الدرقية لمدة ستة أسابيع قبل إجراء الفحوصات، وهو ما يؤدي إلى ظهور أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية مرة أخرى، وهو شيء مؤلم تمامًا للناس.
الثيروجين هو عقار جديد يلغي حاجة المريض إلى التوقف عن الأدوية الهرمونية لمدة ستة أسابيع قبل الفحوصات. وهذا العقار هو أحد أشكال الهرمون المحفز للغدة الدرقية البشري معاد التركيب. وقد حصل الثيروجين على الموافقة في الولايات المتحدة، ليُستخدم في حالات متابعة المرضى المصابين بسرطان الغدة الدرقية المتمايز, بما فيها سرطان الغدة الدرقية الحُليمي والجُريبي. ويُحقن الثيروجين في العضلات، وربما يتسبب في بعض الأعراض الجانبية مثل: الغثيان، والصداع، والقيء، والضعف العام.