الداء السكري حالة لا يجري فيها تنظيم سكر (غلوكوز) الدم بشكل مناسب؛ وتتعلق الحالة بهرمون يسمى الأنسولين، وهو ينظم مستويات الغلوكوز؛ وعندما يظهر الداء السكري عند امرأة ليس عندها هذه الحالة قبل الحمل، تسمى الحالة هنا الداء السكري الحملي؛ ويعتقد بأن هذا الاضطراب ينتج عن تبدلات استقلابية تسببها تأثيرات الهرمونات في أثناء الحمل، ويحدث المرض في حوالى 3 إلى 5 % من النساء الحوامل في الولايات المتحدة؛ ويكون خطر حدوث الداء السكري الحملي أعلى عند بعض النساء، ولا سيما اللواتي:
● أعمارهن فوق 30 عاما.
● لديهن قصة عائلية للداء السكري.
● البدينات.
● لديهن حمل مختلط (مضاعفات حملية) سابق.
إذا كان قد حدث لديك حالة ولادة جنين ميت أو ولادة طفل كبير الحجم أو داء سكري حملي في حمل سابق، يكون لديك خطر أعلى لظهور هذه الحالة عندك؛ ولأسباب غير واضحة، يزداد خطر حدوث السكري الحملي عند الزنجيات والأمريكيات من أصل هندي والهسبانيات (من أمريكا اللاتينية) Hispanic.
وعلى الرغم من أن الداء السكري الحملي لا يهدد صحة الأم عادة، يجري الأطباء فحوصات لكشفه، لأنه يحمل بعض المخاطر على الجنين؛ ويكون الخطر الرئيسي لأجنة النساء اللواتي لديهن داء سكري حملي هو زيادة وزن الولادة الشديد (العملقة) Macrosomia لدى الطفل، ويعرف معظم الأطباء العملقة بأنها الوزن عند الولادة الذي يبلغ 9 باوندات و14 أونصة (نحو 4400 غ) أو أكثر.
ويكون الأطفال الكبار الحجم عرضة للأذيات الولادية أكثر من غيرهم، ويعزى هذا الأمر بشكل كبير إلى تعسر ولادة الكتفين، والذي يحدث عندما يجري توليد الرأس إلى خارج قناة الولادة بينما يمنع حجم الكتفين الكبير خروجهما أو ولادتهما؛ ويمكن أن تظهر بعض المشاكل الأخرى كنتيجة للداء السكري الحملي، وهي تتضمن انخفاض مستوى سكر الدم Hypoglycemia عند الطفل بفترة قصيرة بعد الولادة واليرقان ومتلازمة الضائقة التنفسية (وهي حالة تسبب صعوبة في التنفس).
إذا لم يجر اكتشاف الداء السكري الحملي، يكون لدى الطفل خطر أعلى لأن يولد ميتا أو يموت في مرحلة الوليد (ما بعد الولادة) Newborn؛ ولكن عندما تشخص المشكلة ويجري تدبيرها بشكل مناسب، لا يكون لدى طفلك خطر زائد عن أي طفل لا تعاني أمه من الداء السكري الحملي.
الأعراض والعلامات
لا يسبب الداء السكري الحملي أية أعراض عادة؛ وبما أنه لا يمكن تشخيص الحالة بناء على الأعراض والعلامات الموجودة عند الأم، يجب قياس سكر الدم لكشفه.
يجري اختبار تحمل السكر glucose tolerance test عادة في الأسبوع 26 إلى 28 من الحمل؛ ويمكن إجراؤه أبكر إذا كان طبيبك يعتقد بوجود خطر أعلى لديك لظهور الداء السكري الحملي؛ ولا يوجد لدى حوالى نصف النساء اللواتي يظهر لديهن الداء السكري في أثناء الحمل عوامل خطورة للحالة؛ لهذا السبب، يفضل الكثير من الأطباء إجراء الفحص لدى جميع النساء بغض النظر عن أعمارهن أو وجود عوامل خطورة لديهن.
عند إجراء اختبار تحمل السكر، يطلب منك أن تشربي محلولا يحتوي على الغلوكوز، ويجري بعد ساعة سحب عينة من دمك وقياس مستوى الغلوكوز فيها؛ ويكون لدى حوالى 15% من النساء الحوامل اللواتي يجري لهن هذا الاختبار مستويات غير طبيعية من غلوكوز الدم؛ وفي هذه الحالة، يجرى اختبار ثان يدعى اختبار تحمل السكر الفموي.
وبالنسبة إلى اختبار المتابعة، تصومين خلال الليل، ثم يجري إعطاؤك محلولا سكريا آخر لتشربيه، ومن ثم يجرى قياس غلوكوز الدم عندك بفواصل 3 ساعات عدة مرات. وفي حوالى 15% من النساء اللواتي كانت لديهن نتائج غير طبيعية في الاختبار الأول، واللواتي خضعن لاختبار المتابعة، يشخص الداء السكري الحملي.
علاج سكري الحمل
إن مفتاح تدبير الداء السكري الحملي هو السيطرة على مستوى سكر الدم لديك، ويتحقق ذلك في معظم الحالات من خلال حمية مدروسة بعناية وممارسة التمارين بكثرة وفحص مستوى غلوكوز الدم بشكل منتظم.
وفي هذه الأيام، يطلب معظم الأطباء منك مراقبة الغلوكوز في المنزل بفترات منتظمة للتأكد من السيطرة الكافية على مستوى الغلوكوز، ويجري هذا عادة في الصباح قبل أن تكوني قد تناولت طعاما، ويعاد بعد الوجبات لتحديد المستوى الذي يرتفع إليه الغلوكوز بعد الطعام.
إذا بقي مستوى غلوكوز الدم عندك شديد الارتفاع رغم الحمية والتمارين, يتطلب الأمر علاجا إضافيا، ويتضمن العلاج في هذه الحالة حقن الأنسولين، ولا يعبر الأنسولين المشيمة، وبذلك فهو لا يصل إلى الجنين، ولكنه يسيطر بشكل فعال على مستوى سكر الدم عند الأم.
يمكن استعمال عقار فموي يدعى الغليبوريد Glyburide قبل إضافة الأنسولين في محاولة للسيطرة على سكر الدم، وتعد الخبرة الموجودة في هذه الطريقة قليلة، ولكنها تبدو آمنة بالنسبة للطفل وفعالة بالنسبة لمعظم النساء.
قد ينصح طبيبك بمراقبة منتظمة للجنين خلال الأسابيع الأخيرة من الحمل، إضافة إلى مساعدتك في الحفاظ على مستوى طبيعي من غلوكوز الدم؛ وتستعمل الأمواج الفائقة الصوت (الإيكو) لتقدير نمو الجنين. ويجب التذكر بأنه هناك نسبة خطأ كبيرة للإيكو في تقدير وزن الجنين، وهو يعد طريقة مفيدة في تحديد نزعات النمو Trends of growth، ويكون أقل فائدة في تحديد وزن الولادة للطفل بشكل دقيق.
يكون الخطر قليلا عند توليد الطفل قبل تمام الحمل؛ ومع ذلك، يحاول معظم الأطباء توليد الطفل بالتاريخ المحدد لتمام الحمل؛ وبوجود خطر من زيادة حجم الطفل، لا تستعمل بعض الخيارات التي تساعد أو تحرض الولادة المهبلية عند النساء اللواتي لديهن داء سكري حملي بسبب خطر تعسر ولادة الكتفين؛ وتكون الولادة القيصرية نتيجة شائعة.
إذا لم يبدأ المخاض من تلقاء نفسه في الأسبوع 40 من الحمل، يمكن تحريضه؛ وإذا كانت هناك خطة للولادة قبل الأسبوع 39، يجري عادة بزل السلى (السائل الأمنيوسي) لتحديد ما إذا كانت رئتا الجنين ناضجتين بشكل كاف للولادة.
ويختفي الداء السكري الحملي، في جميع الحالات تقريبا، بعد الولادة بوقت قصير؛ وقد يجري طبيبك فحصا له مرة أو مرتين في اليوم التالي للولادة، ليتأكد من أن مستوى غلوكوز الدم لديك قد عاد إلى المستوى الطبيعي؛ وقد يعاد قياس الغلوكوز بعد ستة أسابيع من الولادة.
إذا حدث لديك داء سكري حملي في أحد الحمول، يزداد خطر حدوثه في الحمل التالي؛ كما يزداد لديك خطر حدوث الداء السكري من النمط 2 (والذي كان يسمى سابقا الداء السكري عند البالغين أو السكري غير المعتمد على الأنسولين) في المستقبل؛ وفي حوالى نصف النساء اللواتي حدث لديهن داء سكري حملي، يحدث لديهن في نهاية المطاف الشكل غير الحملي من الداء السكري؛ ولهذا السبب، يكون من المهم أن تتبعي نصيحة طبيبك فيما يتعلق بالحمية والتمارين بعد الولادة وقياس مستوى غلوكوز الدم لديك مرة بالسنة على الأقل.