يتألف الجهاز البولي عند الإنسان من الكليتين، الحالبين، المثانة والإحليل.
الكليتان
وهما عضوان بنيان, يشبهان بشكليهما حبتي الفاصولياء المتقابلتين, وتتوضعان في المنطقة القطنية من الظهر, خلف الضلعين السفليين من القفص الصدري, وهما خارج البطن ويقعان خلف البيرتوان، وتستندان إلى العضلات الظهرية، تبلغ أبعاد الكلية 12 X 6 X 3 سم، وتزن عند حديثي الولادة 10 –12 غرام، أما البالغ فيصل وزن كليته إلى 140 – 160 غرام.
تقوم الكلية بعدة وظائف هامة وأهمها تخليص الجسم من السموم من خلال تصفية وتنقية الدم من الشوائب وطرحها على شكل بول. وإذا عجزت الكلية عن طرح السموم هذه نسمي الحالة بالقصور الكلوي.
يتجه البول الذي تشكله الكلية إلى أجواف صغيرة تتوزع على محيط الكلية تدعى الكؤيسات، حيث تدفع عضلات هذه الكؤيسات البول إلى مستودع أكبر يدعى حويضة الكلية، ومنها يخرج البول على شكل دفعات إلى الحالبين.
الحالبان
وهما عضوان انبوبيان طولهما من 25 – 35 سم، وينقلان البول من الحويضة الكلوية إلى المثانة، وينفتحان على المثانة من خلال فوهتين تدعيان بالصماخين الحالبيين وهما اللذان يمنعان عودة البول من المثانة إلى الكلية، وإذا حدث تشوه في هاتين الفتحتين يتشكل عند الأطفال ما يسمى بالجذر المثاني الحالبي الذي يكون أحياناً أحد أسباب السلس الليلي.
المثانة
عبارة عن مستودع لتخزين البول الوارد من الكليتين، وهي عضو أجوف تشبه بهيئتها شكل القارب المقطوع، وتتوضع بالحوض عند الكبار وبالبطن عند الأطفال، وتتسع لحوالي 400 سم مكعب عند البالغين، وتتألف جدران المثانة من عضلات تتجه أليافها بأشكال مختلفة بهدف تطبيق الضغط اللازم عند تقلص هذه العضلات من أجل إفراغ المثانة.
تفرغ المثانة البول عندما يشعر الشخص بالحاجة للتبول وبشكل إرادي. وينظم هذه العملية مصرتان:
1. مصرة داخلية* هي عنق المثانة وهي مصرة لاإرادية وتنفتح عند قدوم التنبيهات العصبية اللازمة لها دون أي إرادة من الشخص.
2. المصرة المخططة وهي إرادية وتحيط بالإحليل إحاطة تامة كما تحيط قبضة اليد على القلم، وبتقلص هذه المصرة يمنع الإنسان خروج البول إرادياً من مثانته، وبارخائها يسمح للبول بالخروج من مثانته، وإن كل الأمراض التي تصيب هذه المصرة تؤدي إلى حدوث حالة سلس البول أكان الشخص كبيراً أو طفلاً؟
الإحليل
وهو عضو أنبوبي يبدأ عند عنق المثانة ويعبر البروستات ويسمى الإحليل البروستاتي ثم يعبر المصرة الإرادية ويسمى هنا الإحليل الغشائي ومن ثم يتزوى ليسير باتجاه أفقي وهنا يسمى الإحليل البصلي ومن ثم يسير ضمن القضيب إلى الخارج ويسمى الإحليل القضيبي، وهو الذي ينقل البول من المثانة إلى الخارج، وهناك الكثير من أمراض الإحليل عند الأطفال يؤدي إلى السلس الليلي كما سنرى؟
فيزيولوجيا التبول
تتلقى المثانة اليافا عصبية ودية (ذاتية) من القطع القطنية الأولى والثانية للنخاع الشوكي (الحبل الشوكي)، ومن النخاع الشوكي تخرج هذه الأعصاب إلى عقد عصبية متعددة ومرتبطة ببعضها كالسلسلة تدعى بالسلسلة العصبية الودية الجانبية، حيث تشكل لنا شبكة عصبية خاصة تدعى بالضفيرة العصبية الخثلية العلوية أو العصب قبل العجزي، ثم تتجه إلى الحوض لتدخل العقد العصبية الخثلية على الجدار الجانبي للمستقيم، ومن هذه العقد تنطلق الأعصاب إلى المثانة لتعصب المثانة، وتدعى بالأعصاب بعد العقدية، وضمن هذه العقد العصبية تحدث التشابكات العصبية.
أما الأعصاب نظيرة الودية وهي أعصاب تعاكس بعملها الأعصاب السابقة وظيفياً فتأتي من القطع العجزية الثانية والثالثة والرابعة للنخاع الشوكي وتتجه إلى الضفيرة العصبية الحرقفية، حيث تخرج من هذه الضفيرة العصبية أعصاب نظير ودية تتجه إلى جدار المثانة لتتشابك بوصلات عصبية خاصة ضمن الطبقة الخارجية للمثانة وبالمنطقة تحت مخاطية المثانة.
تؤدي الأعصاب النظير ودية إلى تقلص عضلة المثانة وإرخاء عضلة المصرة الداخلية للمثانة وبالتالي تساعد على عملية التبول.
أما الأعصاب الودية فتؤدي إلى عكس ما سبق وبالتالي تساعد على تخزين البول بالمثانة.
وهكذا نرى أن المثانة تتعصب بأعصاب لاإرادية من الجملة العصبية الذاتية ودية تساهم بتخزين البول ونظير ودية تساهم في عملية التبول وإن أي خلل بالعمل أو التنسيق بين هذه الألياف العصبية سيؤدي إلى خلل تخزين البول وبالتالي السلس البولي أو العكس إلى الاحتباس البولي وذلك يتبع الأعصاب المصابة.
ومن هنا أصبح بإمكاننا أن نوضح لماذا يحدث السلس الليلي عند الأطفال قبل عمر الأربع سنوات والذي يعتبر طبياً حالة طبيعية؟ السبب هو أن هذه الأعصاب الودية ونظير الودية لا يكتمل نمو الغلاف الخاص بها والذي يسمى (غمد النخاعين) إلا إلى ما بعد عمر الأربع سنوات ولهذا السبب لا يضبط الطفل قبل هذا السن عملية التبول أو التغوط؟
أما بعد سن الأربع سنوات فمن المفترض أن يضبط الطفل عادة التبول وأن يقدر على تأجيل حاجته إلى التبول، وإذا لم يستطع ذلك فهذا يعني وجود المرض والحاجة للعلاج.
وسنرى في الفصول القادمة أهمية هذه الأعصاب ونضجها في سبيل تأمين وظائف طبيعية للمثانة مثل:
1. وظيفة التخزين البولي الطبيعية.
2. وظيفة تأجيل الحاجة الماسة للتبول.
3. وظيفة التبول نفسها.
وهناك العديد من الأمراض العصبية التي تؤثر سلباً على أداء عمل هذه الأعصاب وتؤدي إلى حالة سلس البول الليلي وحتى النهاري أو الدائم عند الأطفال أو الكبار.
كيف تتم عملية التبول؟
عندما تكون المثانة فارغة يكون الضغط المستبطن للمثانة يساوي الصفر، وعندما يتجمع البول قطرة تلو الأخرى في المثانة من خلال دفق الحالبين للبول القادم من الكليتين يبدأ الضغط المستبطن للمثانة بالارتفاع التدريجي، ويصبح الضغط حوالي 10 سل ماء عندما يكون بالمثانة حوالي الـ 100 مل بول.
ويستمر البول بالتجمع ضمن المثانة دون أن يرتفع الضغط بالمثانة بعد ذلك حيث تحافظ المثانة على الضغط المستبطن لها (10 مل ماء) بالرغم من ازدياد كمية البول المخزن في المثانة.
وتبقى المثانة محافظة على هذا الضغط 10 مل ماء إلى أن يصبح بالمثانة حوالي 300 – 400 مل بول وهنا يرتفع الضغط بشكل مفاجئ وسريع إلى الـ 110 مل ماء وهنا يشعر الشخص بالحاجة الشديدة والملحة للتبول.
يعود الفضل باستقرار الضغط داخل المثانة وعدم ارتفاعه بالرغم من ورود كميات إضافية من البول إلى وجود مقوية داخلية لعضلة المثانة (مطاوعة جدار المثانة)، حيث تساير هذه المطاوعة ارتفاع الضغط الواجب حدوثه حتى الـ 300 – 400 مل وهنا لا تعود المثانة قادرة على مسايرة الكميات الإضافية من البول وتصبح الضغوط حرجة وعلى الحد ولهذا السبب وبعد كمية الـ 300 – 400 مل بول فان أي كمية ولو كانت قليلة جداً من البول ستؤدي إلى رفع الضغط المستبطن للمثانة بشدة وبالتالي ستعطي إحساساً شديداً بوجوب إفراغ المثانة (الحاجة الملحة للتبول).
يحتوي جدار المثانة على مستقبلات عصبية خاصة وحساسة جداً للتمدد تدعى (مستقبلات التمدد) وهي موزعة بكامل جدار المثانة والقسم القريب من الإحليل. وعندما يبدأ الضغط بالارتفاع التدريجي تتنبه هذه المستقبلات وتصل الإشارة العصبية إلى النخاع الشوكي العجزي حيث يرسل بدوره عبر الألياف نظير الودية تنبيهاً عصبياً إلى المثانة بالتقلص البسيط (المطاوعة) ويدعى هذا المنعكس العصبي بمنعكس التبول، ويرتسم على مخطط المثانة اليوروديناميكي على شكل موجة تكرر نفسها كثيراً أثناء عملية التخزين البولي وتدعى بأمواج التبول.
في كل مرة ينطلق تنبه حسي من المثانة عبر الألياف العصبية الحسية للمثانة (من خلال العصب الحوضي) إلى النخاع الشوكي العجزي حيث يعود من جديد عبر الأعصاب نظير الودية (من خلال العصب الحوضي أيضاً) إلى المثانة مؤدياً إلى تقلصها ورسم موجة على مخطط المثانة وتتكرر هذه الحالة عشرات المرات أثناء امتلاء المثانة حتى يصل الحجم إلى 300 – 44 مل وهنا ينطلق تنبيه حسي شديد يؤدي إلى إرسال المعلومات إلى الدماغ الذي يرسل بدوره الأمر إلى مركز التبول العجزي بأن يرسل الأوامر اللازمة من أجل التبول الإرادي.
فإذا تجاوب الإنسان مع هذه المنعكسات التبويلية وسمح للأوامر الدماغية بالعمل على مركز التبول صدر أمر التبول من مركز التبول العجزي وأطلقت الأمر بانقباض العضلة المثانية وإرخاء المصرة الداخلية وفتح المصرة الإرادية وخروج البول.
أما إذا كان الوضع العام لا يسمح للإنسان بالتبول، يؤجل الشخص الحاجة للتبول ويتلاشى منعكس التبول لفترة ثم يعود ليظهر من جديد وتحت إلحاح أشد وهكذا يعاود المنعكس ويتلاشى إلى أن تصل المثانة إلى مرحلة لا تعود قادرة على التحمل، وهنا كلما أمتلأت المثانة بالبول أكثر اشتدت المنعكسات التبويلية أكثر.
إن منعكس التبول السابق هو منعكس نخاعي عجزي آلي لكنه يتسرع أو يتباطأ من خلال المراكز العصبية الموجودة بالدماغ وهذه المراكز هي:
1. مراكز مسرعة ومثبطة موجودة في جذع الدماغ.
2. مراكز عديدة مثبطة موجودة في قشرة الدماغ مهمتها تثبيط هذه المنعكسات بشكل أساسي ولكنها تسرعه في بعض الأحيان.
هذه المراكز هي المسؤولة عن تأجيل الحاجة إلى التبول عندما تكون المثانة ممتلئة من خلال تثبيطها لمنعكسات التبول، ومن خلال تقويتها لعضلات المصرة البولية الخارجية الإرادية المخططة وذلك إلى أن يحين الوقت المناسب للتبول.
وحين يصبح الوقت مناسباً للتبول تُسرع المراكز الموجودة في قشر الدماغ المراكز العصبية العجزية المسؤولة عن التبول (مراكز التبول العجزية) فتبدأ المنعكسات من جديد وتثبط التقلصات العضلية للمصرة الخارجية لتسمح للإنسان بإفراغ المثانة.
عند الأطفال قبل سن الأربع سنوات تكون هذه المراكز العصبية غير ناضجة وتكون الألياف العصبية الخاصة بهذه المنعكسات غير مغمدة بغمد النخاعين مما يؤدي إلى حدوث سلس البول الليلي “تبليل الفراش ليلاً “.