على الوالدين التنبه إلى آثار اضطرابات التنفس لديه أثناء النوم ومراقبة توتره
اثناء النهار
الرياض: د. عبير مبارك
ينظر الطب اليوم الى مشاكل نوم الطفل بطريقة أكثر دقة وتفهماً لأسبابها وتداعياتها،
خاصة تأثيراتها على ذهن الطفل وسلامة تقدمه في التعليم المدرسي، فالباحثون من
الولايات المتحدة يقولون إن اضطرابات التنفس أثناء نوم الأطفال حتى الرضّع منهم
ومصاحبة ذلك بالشخير تحديداَ، هي من أسباب بطء تطور نمو القدرات العقلية، الأمر
الذي سيترك آثاراً مستقبلية عليهم. وفي دراسة صدرت في عدد مارس من مجلة طب الأطفال
الأميركية، تبين أن الرضع من الأطفال يسجلون نقاطاً ضعيفة في اختبارات تقييم نموهم
الذهني حينما يكونون أثناء نومهم مصابين بالشخير، ولمح الباحثون إلى أن تعرض
الأطفال الرضع لدخان السجائر هو أحد أسباب إصابتهم بالشخير. وكانت الدراسات السابقة
قد بينت بوضوح العلاقة السلبية لاضطرابات النوم لدى الأطفال في سن ما قبل الدخول
الى المدرسة وما بعده على قدراتهم الذهنية ونشاطهم أثناء النهار، وفق ما أكده كل من
الدكتورة هاولي مونتيغمري داون من جامعة غرب فرجينيا والدكتور ديفيد غوزال من جامعة
لويزفيلا في كنتاكي اللذين قاما بالدراسة الجديدة على الرضع من الأطفال دون سواهم.
وأضافا إن نتائج دراستهم ومثيلاتها من الدراسات السابقة، كلها تُؤكد ضرورة فحص
الأطفال للبحث عن وجود عوامل تُؤدي الى إصابتهم باضطرابات في التنفس أثناء النوم،
لما لها من آثار سلبية على نمو وتطورات الجسم من جوانب شتى. لكن التحدي كما يقولان
يتمثل في أنه بالرغم من كون الشخير بحد ذاته أمرا لافتا للنظر وتسهل على الوالدين
ملاحظته إلا أنه قليل الحدوث مقارنة بحالات تكرار التهابات الجهاز التنفسي العلوي
المعيقة لتزويد الرئتين بالهواء، وتداعيات هذا النقص في تزويد الجسم بالأكسجين على
سلاسة وهدوء النوم بالدرجة الأولى.
* تأثير الشخير الباحثون في الدراسة قاموا بفحص تأثير الشخير على تطور النمو لدى 35
رضيعاً سليماً، ممن متوسط أعمارهم 2 ـ 8 اشهر، ووجدوا أن وجود الشخير أمر مؤثر
بدرجة مهمة على النمو العقلي لديهم وفق نتائج عناصر تقييم خاصة ومناسبة لسنهم
الصغير. وحينما تناولوا على وجه الخصوص تأثير دخان السجائر في المنزل على الأطفال
الرضع، تبين أن 33% منهم يوجد في بيوتهم على أقل تقدير شخص واحد يُدخن، وكان الشخير
ومشاكل إعاقة سهولة التنفس أكثر شيوعاً بين هؤلاء الرضع تحديداً.
والشخير هو ذلك الصوت الذي يصدر أثناء النوم نتيجة جريان هواء التنفس عبر مجاري
ضيقة، وعلى وجه الخصوص في خلفية الفم. والصوت الذي نسمعه لكن لا يشعر به من يشخر هو
عبارة عن اهتزاز الأنسجة في الحلق. ومقدار علو صوت الشخير يتأثر بأمرين، الأول سرعة
جريان الهواء والثاني هو كميته.
وتشير نشرات المؤسسة القومية للنوم في الولايات المتحدة الى أن معظم الأطفال من
الطبيعي أن يكونوا عرضة لنوبات قليلة من الشخير أثناء نومهم، لكن 10% فقط منهم يحصل
ذلك لديهم في معظم الليالي. وأن حوالي 2% يُعانون من اضطرابات في سهولة عملية
التنفس أثناء النوم إضافة الى الشخير. ويصدر الشخير لدى الأطفال ممن هم فوق سن
الثالثة من العمر حينما يكونون آنذاك في مرحلة النوم العميق. الأصل أن الشخير هو
أمر غير طبيعي الحصول، لأنه غالباً ما يكون هناك سبب لإعاقة جريان الهواء. فهو قد
يكون علامة على وجود التهابات في أجزاء الجهاز التنفسي العلوي، أو تراكم إفرازات
مخاطية في الأنف أو وجود حالة من الحساسية. ولذا فإن إرشادات رابطة طب الأطفال
الأميركية ومنذ عام 2002 تنصح بفحص الأطفال للتأكد من خلو نومهم من الشخير، وإن كان
فإن من الضروري معرفة هل أن الشخير هو من النوع الأولي البسيط الذي لا يؤثر على
حركة التنفس، أو أنه من النوع المؤثر على التنفس كمتلازمة توقف التنفس أثناء النوم
كنتيجة لإعاقة جريان الهواء في مجاري النفس. ويُعتبر تضخم اللوزتين، غالباً نتيجة
التهابهما، أحد أهم أسباب الشخير وبالتالي صعوبات التنفس. وحسب إحصائيات المركز
القومي لإحصائيات الصحة فإنه يتم سنوياً إجراء أكثر من ربع مليون عملية استئصال
للوزتين بسبب تأثير تضخمهما على التنفس أثناء النوم.
والذي تجب معرفته من قبل الوالدين أن استمرار وجود حالة صعوبات التنفس أثناء النوم
يعتبر سببا في اضطرابات النعاس والسلوك لدى الأطفال أثناء النهار، وخاصة منها ما
يتعلق بالتحصيل التعليمي. فلقد أشارت دراسة حديثة للكلية الأميركية لأطباء الصدر
الى أن منْ يشخر من الأطفال هو عرضة بنسبة الضعف لمشاكل وصعوبات في التعليم
المدرسي، كما أن الطفل بعد ليلة من قلة النوم عرضة بشكل أكبر لفرط في النشاط البدني
مع صعوبات في التركيز والانتباه، هذا بالإضافة الى الإصابة بتأخر النمو واضطرابات
القلب.
وتنصح المؤسسة القومية الأميركية للنوم الوالدين فيما لو شكّا أن الطفل لديه أعراض
متلازمة توقف التنفس أثناء النوم بأن يعرضوه على الطبيب، الذي سيطلب بدوره إجراء
اختبار فحص النوم لدى أخصائي دراسة النوم. وسيتم خلال الفحص تقييم نظام نوم الطفل،
ورسم تخطيط موجات الدماغ الكهربائية أثناءه، وحركات عضلات الجسم في مناطق شتى مع
النوم، وإيقاع نبضات القلب، ووتيرة عملية التنفس. وستتم بالنتيجة معرفة هل أن الأمر
هو من النوع البسيط أم الحالة أعقد. وبالتالي يتمكن الطبيب من تشخيص الحالة ووضع
برنامج للعلاج وتطبيقه.
والحقيقة أن على الوالدين أن يتفهما بعمق التأثيرات السلبية لاضطرابات نوم الطفل
وخاصة من ناحية ضعف التركيز والانتباه، وقلة التحصيل العلمي والتأخر في بلوغ
النجاحات الدراسية وفرط النشاط وعدم استجابته للتوجيهات والتنبيهات الأبوية لضبط
السلوك الاجتماعي أو المنزلي، وهذا جانب كثيراً ما يغفل الآباء والأمهات عنه.
إن تربية الأبناء بالطريقة الواعية الحديثة وتنشئتهم وفق أسس سليمة يتطلب أن تكون
الرعاية المنزلية المقدمة للأطفال مبنية على فهم علمي صحي لكل ما يتعلق بهم. وأفضل
طريق للوصول الى ذلك هو التواصل مع الطبيب في كل ما يهم الطفل وسؤاله عنه مهما كان
بسيطاً في نظر الوالدين.