من الصفات التي لا تروق لي في البريطانيين نزوعهم وميلهم لتعريض أجزاء كبيرة من بشرتهم للشمس عندما يكون الطقس جميلاً. ففي صبيحة أول يوم في الأسبوع بعد العطلة الأسبوعية المشمسة يكون من واجبي علاج كثير من الحالات التي أصيبت بفلجات الشمس والتي يكون معظمها من الأطفال الصغار، بالإضافة أيضاً إلى بعض الكبار. ولكن لأن فهمنا لسرطان الجلد قد ازداد، فإن فكرة إكساب الجلد لوناً داكناً بتعريضه لأشعة الشمس اعتقاداً بأن ذلك لصالحك تبدو وكأنها مزاح سخيف. والشىء الأكثر إزعاجاً في الحقيقة هو أن مسحاً حديثاً قد ربط سرطان الجلد بالتعرض لأشعة الشمس لدى أقل من نصف المرضى. وعندما تضيف السفر للخارج واستخدام حمامات الشمس وسوء حالة طبقة الأوزون إلى المعادلة، فلن تتعجب كثيراً إذا عرفت أن عدد حالات سرطان الجلد يزداد بسرعة كبيرة حتى وصل إلى أكثر من 40.000 حالة إصابة في السنة في المملكة المتحدة، ويرتفع هذا الرقم في أستراليا نظراً لارتفاع عدد السكان.
وأخطر أشكال هذه الحالة هو الورم الخبيث الذي يكون لون الجلد فيه أسود. وهذا أكثر شيوعاً لدى السيدات والأشخاص ذوي البشرة البيضاء، وأصحاب الشعر الأشقر أو الأحمر، على الرغم من أن كل الناس معرضون لمثل هذه الأخطار. وهناك دليل جيد على أن لفحة الشمس التي تحدث قبل بلوغ سن السادسة عشرة تزيد من خطورة الإصابة بورم حميد في خلايا الجلد في أواخر الحياة، ولذلك يجب أن يبدأ النصح بشأن الحماية من أشعة الشمس في عمر مبكر. وهذا يشتمل تجنب شمس الظهيرة عندما تصل قوة موجات الأشعة فوق البنفسجية المدمرة إلى أقصاها، حيث يُنصح بارتداء القبعات وأغطية الرأس، واستخدام موانع للشمس كلما أمكن، بدلاً من استخدام الكريمات. ولابد من الحرص والعناية بتعليم هذا منذ الصغر، ومع قاعدة مثل: لا لعب دون غطاء للرأس التي تمارس في المدارس الأسترالية، فإن حدوث ورم في خلايا الميلانين في الجلد سوف يقل في السنوات القادمة. ولكن ذلك لن يفيد مرضاي الذين يعانون من هذا المرض حالياً، والذين استمتعوا بأيام طويلة من التعرض للشمس لإكساب بشرتهم لوناً داكناً بحثاً عن جمال الجسم، ولكن أجسامهم الآن تعاني مأساة.
يجدر بنا أن نتذكر قانون علامات الخطر الأربع بشأن الشامات الجلدية، والتي يجب أن نبحث عنها: هل هناك عدم تماثل على جانبي الشامة؟ هل تنزف الشامة؟ هل تغير اللون أو أصبح داكناً أو أسود؟ هل يزداد حجم قطرها؟ إذا كانت الإجابة عن هذه الأسئلة بنعم، فلابد من الاستشارة الطبية. ويفضل الأطباء أن يطمئنوا المرضى بشأن الشامات غير الضارة بدلاً من أن يتحققوا من وجود ورم خبيث في خلايا الميلانين في الجلد في وقت متأخر حيث لا تنفع أي مساعدة.
إن مرضى ورم خلايا الميلانين بالجلد كثيراً ما يقولون لي بكل مرارة ليس هناك شىء يسمى لفحة الشمس الآمنة، ويعلق أحدهم قائلاً: إن الذي قال إن الجمال يزول بسرعة كان مصيباً. ولسوء الحظ إنه كذلك في الواقع.
إن ورم خلايا الميلانين في الجلد يمكن الوقاية منه. لذلك لابد أن تحافظ على أن يكون تعرضك للشمس معقولاً، وتذكر قانون علامات الخطر الأربع عن الشامات، ولا تقع في خطأ الاعتقاد بأن الجلد الذي لفحته الشمس يعتبر بشرة سليمة.
احذر حمامات الشمس
يسألنى المرضى كثيراً عما إذا كان الجلوس على المقاعد في الشمس أو التعرض لأشعتها شيئاً خطيراً، لأنهم يرغبون في أن يكتسبوا بشرة برونزية أثناء الصيف. إن هذا الاعتقاد الشعبى بأن تلوين الجلد بالسمرة يجعل الشخص يبدو شاباً معافى يجب أن يكون متوازناً مع حقيقة أن سمرة البشرة ليس لها علاقة بالصحة، بل إنها في الحقيقة قد تكون أمراً خطيراً. إن التعرض لضوء الشمس المفرط كان دائماً مصاحباً للإصابة بالسرطان منذ عام 1894، ويتفق معظم الأطباء الآن على أن استخدام المصابيح الشمسية الاصطناعية (مصباح يعطى أشعة فوق البنفسجية لتغيير لون البشرة إلى اللون البنى)، قد يضاعف من خطر الإصابة بسرطان الجلد. ولكى تفهم السبب، من المهم أن تعرف لماذا يسمر الجلد عندما تتعرض لضوء الشمس.
إن الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس تسبب تلف البشرة، وهذا التلف يجعل البشرة تفرز صبغة سوداء تسمى ميلانين هى السبب في سمرة البشرة. واللون الأسمر الناتج عن هذه العملية يساعد على حماية البشرة من المزيد من التلف الناتج عن الأشعة فوق البنفسجية. وعلى الرغم من أن هذه الحماية كاملة الفائدة، إلا أنها لا تحول دون المزيد من الضرر. إن عوائق الشمس مصممة لتمنع الأشعة فوق البنفسجية من إتلاف البشرة أو الجلد، ولذلك عند استخدامها لا يحدث إسمرار للبشرة.
إن فكرة حمام الشمس أو تعريشة تلوين الجلد التي تسبب السمرة تنتج كميات كبيرة من الأشعة فوق البنفسجية في وقت قصير أكثر تفعل الشمس. وهذا يعطى الفرصة لمن يفعل ذلك ليحصل على سمرة البشرة بطريقة أسرع مما هو ممكن عن طريق حمام الشمس التقليدى. ولكن ذلك يعنى أيضاً أن حروق الشمس تتطور بطريقة أكثر سرعة، لذلك لابد من مراعاة الالتزام بالوقت المحدد لهذه الأجهزة.
إننى أدرك أننى لن أستطيع منع الناس من رغبتهم في تلوين بشرتهم باللون الأسمر ـ فهذه هى الطبيعة البشرية، ولكننى دائماً أقول لمرضاى إن اللون الشاحب ليس أمراً ممتعاً فقط، لكنه أمر صحى أيضاً. وإن كنت تخطط لاستخدام حمامات الشمس أو التعريشات التي تسبب اسمرار البشرة وتتناول أدوية ؛ فعليك أن تراجع الطبيب أولاً ؛ فبعض الأدوية يمكن أن تزيد من تفاعل الجسم مع الأشعة فوق البنفسجية، وقد لا يكون هذا مشكلة في ضوء الشمس ولكنه يكون مشكلة في حالة الأشعة البنفسجية القوية لحمام الشمس أو التعريشات الشمسية. وهذه الأدوية تشمل بعض المضادات الحيوية (ولكن ليس كل الأدوية)، ومدرات البول، وحبوب منع الحمل، وبعض علاجات مرض الداء السكرى، وأدوية ارتفاع ضغط الدم.
ونصيحتى بالنسبة لتلوين الجلد هى:لا تفعل ذلك. ولكن إذا فعلت، فعليك أن تفكر في الأخطار، وتتذكر دائماً ما يلى:
▪ عليك بارتداء واقى العيون. إن العيون تتسم بالحساسية في حالة استخدام التعريشات الشمسية لسمرة البشرة، حيث يمكنها أن تسبب تلفاً في مقدمة العين وخلفها، مع حدوث عتامة لعدسة العين أو ما يسمى بالمياه البيضاء. إن مجرد إغلاق العيون أو ارتداء النظارات الشمسية ليس كافياً ؛ لذا عليك أن تستخدم دائماً النظارات الواقية للعين من أشعة الشمس التي صممت لهذا الغرض.
▪ لا تفرط في التعرض لأشعة الشمس. ابدأ بالتعرض لها أوقاتاً قصيرة ـ حتى لو أغرتك أشعتها للبقاء طويلاً، وببطء شديد يمكنك أن تزيد من فترة التعرض لها.
▪ لا تستخدم المنتجات التي تسرع من تلوين البشرة باللون الأسمر مثل غسول تلوين البشرة ـ فهذا يزيد من تلف البشرة.
تذكر أن اسمرار البشرة يعنى أن بشرتك قد تعرضت للتلف، وأن حمامات الشمس والتعريشات الضوئية تزيد من هذه العملية، لكن إذا قمت بذلك ؛ فعليك باتخاذ المحاذير وعليك بفحص الجلد بحثاً عن الخال أو الشامة أو أى كتل غير سوية تشير إلى زيادة ترسيب الميلانين أو أية علامات خطر أخرى.