إذا كنت ضالعاً في علاقة تسبب لك الضيق أغلب الوقت، فأنت في مشكلة عويصة تحتاج إلى حل. وإذا كنت في وظيفة ما حيث تجد ظروف العمل بها أو المناخ العام غير مقبول، فسوف يسيطر هذا على أفكارك ومشاعرك بعد برهة. ونفس الشيء ينطبق عليك إذا كنت ترعى أقارب مسنين دون أن تلقى مساعدة من أي شخص أو إذا كنت تتوقع دوماً التعامل مع عبء هائل من العمل دون أن تلقى التقدير أو المساعدة.
والسؤال الذي تحتاج إلى طرحه على نفسك هو لماذا، طالما أن الموقف غير محتمل، أنت لا تزال ضالعاً فيه؟ وإليك بعض الأعذار التقليدية في هذا الصدد:
• إذا لم أقم به، فلن يتم إنجازه
• إذا لم أنجزه بنفسي، فلن يتم إنجازه بشكل طيب
• إذا لم أفعله، فإني سأتسبب في توريط شخص آخر
• إذا كففت عن عمله الآن، فإن الطرف الآخر لن يتفهم ذلك. فهم يتوقعون مني أن أستمر في القيام به لأني كنت دوماً أقوم به
• إذا توقفت عن القيام به الآن، فإن الطرف الآخر سوف يعتبر ذلك إساءة أو سيلحق به ضرر، ولا يمكنني أن أتحمل ذلك
• إذا لم أستمر في القيام به، فسوف أشعر أني قد فشلت
• إذا لم أستمر في القيام به، فأنا أناني
• إنها علامة على الضعف إذا أردت الهرب من موقف صعب
بالطبع من المفيد جداً أن تأخذ مسئولياتك على محمل الجد، وأن تثابر على أداء المهام الموكلة إليك أو التي اخترت أن تضطلع بها. وهو أمر محمود أن يضع الناس ثقتهم واعتمادهم عليك وأن تضطلع بالعمل الشاق، ولكن ليس إذا كنت بذلك ستدمر نفسك وسلامة وجدانك! فإذا ألحقت الضرر بنفسك أثناء القيام بما تعتقد أنه واجب، فلن يحقق هذا مكسباً لأحد. فما سيحدث هو أنك ستدخل في دوامة المرض وسوف تترك أي أناس كانوا يعتمدون عليك بغتة دون مساعدة ودون سابق إنذار.
أحد الأسباب الرئيسية التي تجعل الناس يصرون على البقاء في المواقف غير المحتملة أنهم يخجلون من الاعتراف بأنهم وجدوا الموقف يستنزفهم عاطفياً. غير أنهم عندما يجن الليل ويأوون وحدهم إلى فراشهم، يشعرون بالاستهجان وبالألم على ما هم فيه من ظروف وأحوال. ولما كانت تلك المشاعر تسبب لهم الضيق ويشعرون بالخجل منها، فإنهم يكبتونها بداخلهم ويقولون لأنفسهم إنه ليس من الواجب عليهم أن تخالجهم تلك المشاعر. وبهذه الطريقة، هم يحاولون طرد المشاعر السلبية، ولكنها بالطبع لا تزول. وكل ما يحدث أن يظهر شعور سلبي آخر ليضاف إليها؛ وهو الشعور بالذنب. الشعور بالذنب للتفكير في تلك المشاعر السلبية أصلاً.
إن المشاعر تنبع من المستوى اللاواعي من ذهنك وهي إما موجودة وإما غير موجودة. فلا يوجد حل وسط. فتماماً مثلما أن جسدك لا يمكن أن يقال عنه إنه ميت بعض الشيء أو أن المرأة حامل قليلاً، كذلك المشاعر إما موجودة وإما غير موجودة. ولن تزول تلك المشاعر لمجرد أنك لا ترغب في وجودها.
إن غض الطرف عن مشاعرك وإنكار أن المهمة قد صارت عبئاً عاطفياً عليك يوضح أنك لا تملك أي احترام للذات، وهذا أمر سيئ يعادل في سوئه تماماً ألا يكون لديك أي اهتمام بالآخرين. فمن أين تعلمت الاعتقاد بأن مشاعرك لا يجب أن توضع في الحسبان؟ في أغلب الأحوال، أنك تعلمت ذلك من الشخص الذي يطلب منك الآن أن تفعل المستحيل من أجله؛ أي الأبوين في الغالب أو من يقومون بأدوار الآباء.
إن تجاهل العواطف غير البهيجة ليس هو الحل. والطريق الوحيد نحو الأمام أن تعترف بوجودها وأن تتخذ إجراءً نحو ظروفك بالأسلوب الذي يخفف من عبء توترك العاطفي.
لكنك الآن كثيراً ما تلتقي بعقبة أخرى؛ وهي توقعك لردود أفعال مناوئة من الآخرين. فماذا سيقولون عندما تخبرهم بأنك غير قادر على الاستمرار في القيام بما كنت تقوم به؟ وكيف سيكون رد فعلهم؟ هل سيظلون على إعجابهم بك؟ وماذا سيقول الجيران أو الأصدقاء أو الأسرة؟
في 90% من الحالات، سوف يصبح الناس أكثر تفهماً مما كنت تعتقد، بشرط أن توضح لهم الحالة بجلاء وبطريقة مهذبة. بل إن البعض ربما أبدى اعتذاره لك لأنه كبلك بهذا العبء. وربما لم يكونوا يعلمون بمدى صعوبة موقفك وما آل إليه وربما يكونون سعداء لأنهم ساعدوك على إيجاد حل مختلف.
أما العشرة في المائة الباقون من الناس فسوف يحاولون أن يحضوك على مواصلة ما كنت تفعله لأن هذا يلائم ظروفهم أكثر. وربما حاولوا ابتزازك عاطفياً باللعب على أوتار مخاوفك الباطنية، وبالتحديد أنك بذلك سوف تخذلهم وأنك أناني لو أنك لم تواصل تحمل المسئولية غير المحتملة. ولكن قف وفكر لبرهة؛ من الأناني حقاً هنا؟ لو جاء أحدهم وأخبرك أن ما كانوا يقومون به تجاهك قد جعلهم يشعرون بالضيق وحملهم بأعباء ثقال لا يطيقونها، فهل أنت تعتقد أنه من قبيل التصرف السليم أن تستمر في مطالبتهم بالقيام به؟ توقف عن الكيل بمكيالين. إذا كان هناك أمر ما ليس من العدل أن تتحمل القيام به، فإنه ليس من العدل كذلك أن يعاملك الآخرون بنفس الطريقة. كف عن وضع الآخرين قبل ذاتك وإلا سوف تتحول إلى عبد لعجزك عن احترام ذاتك. بالطبع ليس من الخطأ أن تكون شخصاً ميالاً لمعاونة الغير ومكرساً لجهودك من أجل خدمتهم بل هو أمر طيب ومحمود، ولكن يكون من الخطأ الكبير أيضاً أن تقسو على مشاعرك وأن تدع الآخرين يشعرون بعدم التقدير لما تقوم به.
إذا وجدت نفسك في موقف جعلك غير مسرور، فلسوف تكون في حاجة للتعامل مع ذلك إن عاجلاً أو آجلاً، لهذا فإنك ربما تقوم أيضاً بشيء فوري تجاهه.
• اعترف لنفسك بأنك غير سعيد وقل لنفسك بأنه لا بأس من أن يكون شعورك على هذا النحو.
• قرر هل أنت بحاجة للخلاص من الموقف الحالي برمته أم أن باستطاعتك تعديله وجعله أكثر احتمالاً.
• اجتمع مع أولئك الضالعين في ذلك الموقف الذي يسبب لك التوتر.
• كن واضحاً بشأن ما تريد وترغب. اعرض الحقائق التي لديك بشكل مباشر وتمرن أمام مرآة على قول ما تريد أن تقوله.
• أثناء الاجتماع، كن هادئاً بقدر المستطاع وتحدث بأدب ولكن اعرض بوضوح ما تود أن تقوله.
• هناك استثناءان لكل ما سبق. أحدهما لو أنك تتعامل مع شخص ذي ميول عنيفة. ففي هذه الحالة، لا تتفاوض. فاتركه ولا تعد إليه. إنك مسئول عن سلامتك الشخصية. أما الاستثناء الآخر أن تتحدث مع شخص يبدي اهتماماً بك، وكنت قد تحدثت بأدب ووضوح في مناسبات عديدة سابقة دون أن تحصل على نتائج. فإذا كنت قد منحت الطرف الآخر فرصة ثانية وثالثة، فلا غضاضة عليك إذا خرجت من هذا الموقف في نهاية الأمر.