“سميرة” طفلة عمرها ست سنوات في الصف الأول الابتدائي. وكان هناك اهتمام ملحوظ من قبل أسرتها لمعرفة مدى تمكنها من الدراسة وخاصة بالنسبة لباقي زميلاتها في الصف وذلك بسبب صعوبات في تعلم القراءة والكتابة والتشتت السريع وعدم التركيز.
سميرة كانت على قدر كبير من الإيجابية والنشاط، ولم تبدر منها أي دلائل مرضية خطيرة. فهي تستجيب للأسئلة بطريقة ملائمة وتعرف ما حولها جيداً. إلاّ أنه بدر منها بعض العلامات الدالة على التشتت السريع في الانتباه وعدم التركيز خاصة على الأشياء ذات التفاصيل الدقيقة.
إن مشكلة “سميرة” لا ترجع إلى تخلف عقلي Mental Disability بل ترجع إلى صعوبات تعليمية Learning Disabilities لذلك سوف نركَز على هذه الصعوبات مقرونة بنصائح علاجية.
جوانب الضعف أو المشكلة
ـ تشتت وضعف في الانتباه خاصة للنشاطات التي تتطلب التركيز. فهي لا تُكمل ما تبدأه ولا تهتم أحياناً بالتعليمات وتتحايل حتى تبتعد عن أداء الأعمال. ويرجع السبب في ذلك إلى القلق أو الخوف من الفشل. فخوفها من أداء العمل بشكل ناجح يدفعها إلى تجنب التعامل مع العمل الأصلي خوفاً من التوتر النفسي.
ـ صعوبة في تحمل الإحباط. فهي نتيجة لذلك تنتقل “سميرة” من موضوع إلى آخر وتندفع لإعطاء إجابات قبل أن تعطيها حقها من التفكير.
الحلول العلاجية
حتى يتم علاج “سميرة” في مواجهة تخلفها الدراسي كان لا بُد من وضع خطة علاجية ذات إتجاهات ثلاثة وهي:
1. خطة باتجاه التعلُّم والتعليم
ويتم تنفيذها عبر القنوات التالية:
ـ إيجاد جدول مُعد بإتقان من أجل القيام بالواجبات، واللعب، والنشاطات المنزلية. كل هذا يُفترض تنفيذه بعد العودة من المدرسة. ويجب أن لا ننسى وقت مشاهدة التلفزيون وسوى ذلك من الأمور.
ـ عدم التركيز على جوانب الضعف بحيث يغدو التركيز سلبياً بل التركيز على النواحي الإيجابية.
ـ التركيز على حل المشكلات بشكل منفرد وكل على حدة في كل مرة عوضاً عن محاولة حل المشكلات جميعها مرة واحدة. ولنأخذ مثلاً على ذلك صعوبة القراءة مثلاً لا يمكن حلها مرة واحدة بل اللجوء إلى تجزئة هذه الصعوبة فهناك الحروف والكلمات والجمل، لذا يلزم العمل خطوة خطوة فمرة نركِّز على الحروف وتارة على الكلمات وأخرى على الجمل وهكذا…
ـ يُفترض أن يكون المكان مناسباً للدراسة فالهدوء والإضاءة من الأمور المفترض توافرها حتى يتم العلاج ضمن المكان المقصود.
ـ وبما أن “سميرة” تحب التواجد مع الآخرين لذلك نقترح أن يكون عملها ثنائياً فمرة مع الأم وأخرى مع الأب من أجل التشجيع والتنظيم بحيث تحس باهتمام الأسرة بها ومتابعة العمل معها.
ـ يُفترض أن تُعطى مسائل يمكن حلُّها حتى تذوق طعم النجاح ومتى فعلت كان هذا حافزاً للمزيد من مواجهة المسائل الأكثر صعوبة. وهنا يلزم التشديد على عدم إعطائها مسألة على درجة من الصعوبة بحيث لا تستطيع حلها ممّا يشكل عائقاً وإحباطاً.
ـ التذكير بأن التشويق للتعلُّم أمر في غاية الأهمية، فأنت بوسعك أخذ الحصان إلى بركة الماء ولكنك لا تستطيع إجباره على الشرب.
ـ تشجيع وإطراء “سميرة” كلما قامت بعمل سواء حققت نجاحاً أم لم تحقق.
2. خطة باتجاه التركيز على الانتباه وتقوية الدافع الدراسي
ويتم تنفيذها عبر القنوات التالية:
ـ تأمين ما يلزم من أدوات وتجهيزات مدرسية (مسطرة، كتاب، قلم…).
ـ كتب مبسطة لتعليم القراءة.
ـ نجوم لاصقة بألوان مختلفة.
ـ دفتر مكافآت.
ـ مقص وتلوين.
ـ هدايا صغيرة (مفاجآت) مخبأة في مكان لا يمكن الوصول إليه (شوكولا… مأكولات…).
ـ لوح ذو عدّاد.
3. خطة باتجاه تحمُّل الإحباط في مواجهة الصِعاب
ويتم تنفيذها عبر القنوات التالية:
ـ التخطيط أمر ضروري، لذا يجب عدم البدء بأي نشاط دون خطة مسبقة حتى نتعلم العمل من خلال جدول مُعدٍ لذلك.
ـ لا تلجأ إلى المديح والتشجيع الزائد عند اللزوم فهذا من شأنه أن يؤدي إلى عكس ما تريد الوصول إليه اللهم عند الضرورة وكلما دعت الحاجة.
ـ أن لا يقتصر النشاط اليومي على النواحي الدراسية بل يتعداها إلى النواحي غير الدراسية. وعلينا أن نختار النشاط الذي يمكن القيام به وتحقيق النجاح من خلاله. عدا الدرس مثلاً غسل الصحون، تنظيف الطاولة، تنسيق الزهور…
ـ إفساح وإيجاد الوقت الكافي (نصف ساعة أو أكثر) بشكل يومي يتم خلالها الانفراد مع أحد الوالدين على أن تترك لها الحرية في التصرف وملء هذا الوقت حسبما يرضي حاجاتها ورغباتها.
ـ إذا بدأت بعمل ما فيجب تشجيعها على إنهائه ولو كان صعبـاً، لأنه في تعليق الأمور وعدم الانتهاء منها من شأنه إثارة القلق. وعلى العكس ففي إنجازها فخر واعتزاز.
ـ التخطيط أمر هام يجب التشجيع عليه والمشاركة فيه حتى تُثمر لأنه من الأمور الهامة في تنظيم الفكر والعمل.
ـ فترات الراحة ضرورية بين كل نشاط أو عمل.
ـ لا تقارنوا عملها بعمل أخوتها أو أخواتها أو زميلاتها.
ـ الاتصال بالمعلمين والمعلمات كلما دعت الحاجة وعند الضرورة.
وبعد تطبيق هذه الخطة برمتها سوف تتمكن “سميرة” وأسرتها من تجاوز المشكلة وتصل بالسفينة إلى الشاطئ الأمين.