من المعروف أن الأسس العامة لتكوين مفاهيم الحساب عند الأطفال تنشأ في الأعوام الأولى من حياتهم، حيث يقوم تعلم الحساب على حب الاستطلاع والإشارة. ويتطور بصورة طبيعية من ممارستهم اليومية وخبراتهم المكتسبة. وهذا يعني أن لدى الأطفال في هذه الفترة رغبة فطرية للتعلم، غير أنها بحاجة إلى الرعاية المكتسبة والدعم اللازمين. ومن هذا المنطلق، فإن الحساب إذا ما أحسن ربطه بعالم الطفل يكون أكثر استعداداً للدخول إلى المدرسة. ويؤدي هذا إلى التسريع في فهم المبادئ الأولية للحساب.
صعوبة تعلم الحساب: يقصد بصعوبة تعلم الحساب اضطراب القدرة على تعلم المفاهيم الرياضية وإجراء العمليات الحسابية المرتبطة بها. وبعبارة أخرى هو صعوبة أو عجز عن إجراء العمليات الحسابية الأساسية، وهي الجمع والطرح والضرب والقسمة، وما يترتب عليها من مشكلات في دراسة السلوك والجبر والهندسة.
إن العالم “كوسك” يطلق على صعوبة تعلم الحساب مصطلح الحبسة الرياضية. وبذلك نستطيع أن نقول إن الصعوبات الحسابية تشمل العديد من المشكلات مثل الصعوبة في فهم العلاقات بين الأرقام، كمشكلة العد المنطقي والصعوبات في الربط بين الرموز السمعية والرموز البصرية. وهناك صعوبة في تعلم طرق العد الأساسي.
أنواع صعوبات تعلم الحساب
.1 صعوبة التعلم اللفظية: يجد الطفل صعوبة في التعامل الشفهي مع المسائل الرياضية.
.2 صعوبة التعلم الرمزية: يتعرف التلميذ على الشكل العام للعدد، لكنه لا يستطيع التعرف عليه بشكل رمز.
.3 صعوبة التعلم الاصطلاحية: تشير إلى مشكلات القراءة للرموز الرياضية / الأعداد /.
.4 صعوبة التعلم الكتابية: نلاحظ أن التلميذ يعاني من ضعف مهارته في كتابة الرموز الرياضية.
.5 صعوبة تعلم المفاهيم الرياضية: تشير إلى الصعوبة المتعلقة بقدرة الطفل على فهم الأفكار الرياضية.
.6 صعوبة التعلم العملية والإجرائية: لا يميز التلميذ مثلاً بين الجمع والطرح.
.7 الفشل التام في الحساب: هذا يعني أن كل المهارات الرياضية غير سليمة، ولم يتطور استعداد الطالب ليتعلم الحساب.
.8 هبوط جزئي بكل المهارات: بنفس الدرجة يحصل الطالب على نتائج منخفضة بالنسبة للنتائج المتوقعة. وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا الوضع هو المنتشر بكثرة وبصورة واضحة بين جميع أنواع الصعوبات.
.9 فشل قسم من المهارات الحسابية: حيث يكون القسم الآخر للمهارات سليماً وخالياً من العيوب. ومن المؤكد أن مثل هذا يحتاج إلى العناية الفائقة والعلاج أكثر مما هو عليه. إذاً فإن الصعوبات الحسابية قد تظهر على شكل تشويشات في التفكير الكمي. وهذا يعني عدم القدرة على فهم أساسات ومراحل رياضية لا تتعلق بالقدرة الكاملة على القراءة أو الكتابة، كما يتصفون بعجز في تنظيم مساحة النظر ودمج الكميات والأوزان ويظهرون عدة صعوبات في تخيل الجسم والدمج وتآزر العين واليد.
.10 صعوبة إتقان بعض المفاهيم الخاصة بالعمليات الحسابية الأساسية
كالجمع والطرح والضرب والقسمة. فالطالب هنا قد يكون متمكناً من عملية الجمع أو الضرب البسيط مثلا، ً ولكنه مع ذلك يقع في أخطاء متعلقة ببعض المفاهيم الأخرى المتعلقة بالقيمة المكانية للرقم مثل “آحاد، عشرات” وما شابه ذلك.
الصعوبات التي تواجه التلميذ في تعلم الحساب
- فهم مدلول الأعداد ونطقها وكتابتها.
- إجراء العمليات الحسابية الأساسية في الحساب.
- التمييز بين الأرقام المتشابهة والتفرقة بين الأشكال الهندسية.
- التمييز بين العلاقات الأساسية المختلفة “+، ×، -، ÷”.
- إدراك العلاقات الأساسية بين المفاهيم عن الطول والكتلة.
- إيجاد ضعف العدد ونصفه وثلاثة أمثاله ومربعه.
- يلخص العالمان “كيرك وكالفنت” صعوبات تعلم الحساب في التالي:
- صعوبة التعلم مع الأرقام العادية في ثنايا عمليات الجمع والطرح والضرب والقسمة.
- صعوبة التعامل مع الكسور الاعتيادية والعشرية والرموز الجبرية والأشكال الهندسية.
العوامل المؤدية إلى صعوبة تعلم الحساب
العوامل الفردية
وتشمل
أ. الإصابة المخية: يقصد بها تلف المراكز العصبية مع المخ الذي يسبب قصوراً في كفاءة القدرات العقلية وما يرتبط بها من عمليات انتباه – إدراك – تكوين المفاهيم – التذكر – حل المشكلات -… الخ.
ب. نسبة الذكاء: أشار العديد من العلماء إلى أن تعلم الرياضيات يرتبط بنسبة الذكاء التي لا تقل عن المتوسط، وما يرتبط بها من قدرات رياضية مثل القدرات العددية والقدرة المكانية والقدرات الهندسية والقدرة الميكانيكية والقدرة على الاستدلال، رغم التسليم بأن ذوي صعوبات التعلم هم أقرب إلى المتأخرين دراسياً وبطيئي التعلم.
ج. صعوبة الانتباه: حيث يعاني التلاميذ من مشكلات تشتت الانتباه والنشاط الزائد وقلة المواظبة على الدوام، فلا يركزون في تمييز ومقارنة الأعداد والأشكال الهندسية والرموز الجبرية وفهم المسائل الرياضية.
د. قصور الإدراك: ومن مظاهره
- قصور الإدراك البصري. ويتمثل في عدم القدرة على التمييز بين العلاقات الأساسية ومعرفة القيمة المكانية للعدد والبناء الفئوي للأعداد.
- قصور الإدراك السمعي: حيث لا يفهمون التعليمات اللفظية، والشرح الذي يلقى عليهم في الصف أثناء الدروس في الحساب.
هـ. مشكلات الشكل والأرضية: يبدو واضحاً في عدم القدرة على التمييز في المثيرات اللونية المتعددة الموجودة على الأرضية، وعدم القدرة على حل المشكلات أو مسائل رياضية موجودة في صفحة مزدحمة.
و. صعوبة التكامل الحسي: حيث يجد التلميذ صعوبة في الاستخدام المتعدد للحواس حين يقوم بحل مسألة رياضية أو رسم شكل هندسي.
ز. صعوبة تكوين المفهوم: حيث نجد تجاوز المعطيات الحسية إلى الرموز الدالة عليها فيما يعرف بالتفكير التجريدي. وهي مهمة لتعلم الرياضيات. وفئة صعوبات التعلم قد يعاني أفرادها من صعوبة في القيام بعملية الاستدلال بشقيها الاستقراء والاستنباط وعمليتي التعميم والتجريد اللتين تؤديان إلى استنتاج الحل. وقد يرجع هذا إلى بطء النمو العقلي المعرفي، حيث ينغمس الطفل في عالم الأشياء المحسوسة الملموسة.
ح. صعوبة التذكر:
- صعوبة التذكر البصري: المتعلقة باستدعاء الأرقام والأشكال.
- صعوبة التذكر السمعي: المتعلقة بالشروح واسترجاع مضمونها عند حل المسألة الحسابية.
- صعوبة التذكر اللغوي: وهو خاص بحل المسائل الحسابية وصياغة الحل بصورة دقيقة واضحة.
ط. صعوبة حل المشكلة: وهو خاص بحل المسائل الحسابية حلاً يعتمد على المحاولة والخطأ، أو يعتمد على فهم المجردات والاستدلال والاستنتاج. أيتمّ في إطار التروي والتأمل أم يتم في إطار الاندفاعية والتسرع؟ أيسير وفق خطوات متسلسلة تفضي إلى الحل منطقياً أم يتم وفق خطوات عشوائية متخطية؟
ي. الميول والاتجاهات السالبة نحو الرياضيات: هو أمر يتصل بالميول الدراسية التي تتكون في ثنايا الخبرات الشخصية وعمليات التنشئة الاجتماعية.
ك. قلق الرياضيات: هو استجابة انفعالية تنبع من خبرات الفشل الدراسي والافتقار إلى تقدير الذات لدى التلاميذ، وبالتالي يعوق الاتجاه نحو تعلم الرياضيات وتطبيق ما تعلموه من حقائق رياضية من حل المسائل خصوصاً أثناء أداء الاختبارات.
العوامل البيئية: يقصد بها المرتبطة بالمنزل والمدرسة.
أ. البيئة المنزلية: غالباً ما ينحدر التلاميذ الذين يعانون من صعوبات تعلم الحساب من أسر مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية متدنية لا تتابع بالقدر الكافي تحصيل أبنائها.
ب. البيئة المدرسية: ازدحام الصفوف بالتلاميذ، وطول المقررات الدراسية في الرياضيات، وعدم استطاعة المعلم استخدام التعلم الفردي في التدريس، وقصر المدة للحصة الدراسية كلها أدت إلى صعوبات تعلم خاصة في الرياضيات. وكذلك.
- استخدام أساليب تعليمية لا تناسب مستوى الطلبة المعرفي.
- انخفاض مستوى تحصيلهم لعدم تناسب المحتوى.
- فالأرقام يجب أن تقترن بأشياء واقعية.
علاج صعوبات تعلم الحساب عند الأطفال
لقد استخدمت طرق واستراتيجيات عديدة لعلاج صعوبات التعلم في الرياضيات عموماً، والحساب خصوصا. ً ولكل طريقة منطلقها وأسسها وإجراءاتها. وسوف نستعرضها فيما يلي:
.1 طريقة التعليم الايجابي: تستند إلى فاعلية التلميذ وعدم سلبيته وقيامه بالأنشطة التعليمية اللازمة.
.2 التدريس المباشر: وهو نوع من التعلم الارتقائي يستند إلى التكامل بين تصميم المنهج وطرق التدريس. ويستند إلى أربع خطوات..
- تحديد الأهداف الإجرائية من تدريس مقرر الرياضيات.
- تحديد المهارات الفرعية التي تحتاج إلى تحقيق الهدف.
- تحديد أي المهارات السابقة الذكر يعرفها التلميذ.
- رسم خطوات الوصول إلى تحقيق الهدف.
.3 التعليم المسموع الجهري: حيث يوجه إلى التلميذ مايلي:
- اقرأ المسألة بصوت عالٍ.
- حدد المطلوب بصوت عالٍ.
- اذكر المعلومات المتجمعة بصوت عالٍ.
- حدد المسألة بصوت عالٍ.
- قدم افتراض الحل بصوت عالٍ.
- توصل إلى الحل بصوت عالٍ.
- احسب واكتب الحل.
- اعرف الحل بنفسك وتحقق منه.
.4 أسلوب التعلم الفردي: يستند إلى الأسس والخطوات التالية:
- فردية التعلم بحسب الحاجات التربوية لكل تلميذ.
- عدم ثبات زمن التدريس لجميع التلاميذ.
- تنويع أسلوب معالجة محتويات المادة.
- كتابة المنهج في نطاقات يدرسها التلميذ في الصف أو المنزل تحت إشراف المربي.
.5 طريقة الألعاب الرياضية:
هي نشاط هادف وممتع يقوم به التلميذ، أو المجموعة من التلاميذ بقصد إنجاز مهمة رياضية محددة في ضوء قواعد معينة للعبة مع توافر الحافز لدى التلميذ للاستمرار بالنشاط. فاللعب هو عمل الأطفال الدؤوب، لذلك فعندما يوجه الكبار أطفالهم نحو الحساب الذي يستعملونه في ألعابهم فإنهم بهذه الحالة يدعمون تطور مفاهيم الرياضيات عند هؤلاء الأطفال، إضافة إلى تحديهم في حل المشكلات، وتشجيع مثابرتهم واجتهادهم. ويمكن للآباء والأمهات أن يقدموا للأطفال أنشطة لعب حرة يحاولون من خلالها أن ينموا لدى الأطفال خواص الثبات والعمليات العكسية، مثل اللعب بالرمل والماء وتعبئة وتوزيع أشياء، مثل كوب – كرة… وهنالك ألعاب أخرى مفيدة مثل ألعاب التدريب على الأرقام والحروف والمكعبات الخشبية والقطع التركيبية التي يتعين على الطفل أن يرتبها بحيث تشكل أشكالاً هندسية أو أي شيء آخر. وتتميز الألعاب الرياضية بما يلي:
- زيادة الدافعية عند التلاميذ للتعلم.
- زيادة فهم وتطبيق واستبقاء المهارات الرياضية.
- تحقيق أهداف معرفية “فهم – تطبيق”.
- تحقيق أهداف وجدانية، زيادة الميل نحو الرياضيات.
دور المعلم العلاجي في صعوبات تعلم الحساب
العلاج في الرياضيات هو المجال الذي يستخدم فيه المعلم استراتيجيات تعلم الرياضيات. فأسلوب التعليم يجب أن يتنوع وفق احتياجات المتعلم. والمعلم الحاذق يحتاج إلى دراسة عدة سبل لتقديم نشاط يقوم على مهارة ما، كما يحتاج إلى عدة سبل في حل المسائل الصعبة، لذا يجب أن تكون المرحلة الأولى في تعلم شيء جديد ما في الرياضيات ممتعة على أحد المناشط. ويجب أن ينتج هذا النشاط للدارس أن يدرك العملية من خلال موقف حياتي، أو نموذج حسّي. ومن الخطأ أن يتعامل المعلم مع تلاميذه على أساس أنهم ذوو قدرات رياضية متساوية. ويقيد أسلوب حل المسائل بتقويم المعلم لاستيعاب الطفل للرياضيات، وذلك من خلال وقوف المعلم على صحة استخدام التلميذ للقاعدة، ومدى استفادته من التجارب الخاطئة، ومنطقية طريقته، واعتماده أقصر الطرق في حل المسألة.
إرشادات خاصة بتعليم مادة الحساب
- على المعلم أن يستخدم جميع الرسائل الحسية وشبه الحسية والمجردة في الحساب.
- أن لا يعتمد على طريقة واحدة في التدريس.
- أن يحدد أهداف الدرس والأسئلة الخاصة بدرس الحساب.
- أن يراعي الفروق الفردية بين التلاميذ، من حيث الفهم والإدراك والانتباه.
- أن يعمل على إمكانية تشخيص حالات التلاميذ التعليمية، وتقدير مدى فهم كل منهم للفكرة.
- أن يكون الاهتمام مركزاً على الأمثلة الحسية والنشاط العملي.
- تدريب التلاميذ بين الحين والآخر على إجراء عمليات آلية بقصد تعويدهم السرعة والدقة.
- العناية بالحساب الذهني عناية تامة، لأنه خير ما يساعد على حل التمرينات والمسائل الحسابية التحريرية.
- أن يساعد المعلم التلميذ على اكتشاف الحقائق والمفاهيم الحسابية بنفسه، وذلك أقرب للفهم وأسهل للتذكر والحفظ.
- على المعلمين الإكثار من التدريب، خصوصاً للتلاميذ الضعفاء.
- يستحسن على المعلم أن يحاول استعمال مسائل قصصية وألعاب رياضية وألعاب حركية تدخل فيها الأعداد.
- أن يشجع المعلم التلميذ على النشاط الذهني والتفكير، وأن يتكلم عن طريقة الحل التي تدور في ذهن التلميذ.