يعدّ تسرّع القلب مشكلة رئيسية لعدد كبير من الناس؛ وتقدّم الطرق الحديثة في تقييم تسرع القلب ومعالجته تفريجا للأعراض ونتائج جيدة على المدى البعيد للأشخاص المصابين ببعض اضطرابات النظم هذه.
أعراض تسرّع القلب
بصرف النظر عن النمط النوعي لتسرّع القلب، يؤدي هذا التسرّع إلى أعراض مختلفة، بما في ذلك الخفقان وضيق التنفّس والذبحة والدوخة والغشي. وتؤدي بعض أنماط تسرّع القلب إلى أعراض فورية (قد تكون سيئة جدا)، لكنها قد تحمل خطرا كبيرا، بما في ذلك الوفاة.
تصنيف تسرّع القلب
يمكن أن ينشأ تسرّع القلب، مثل الضربات الزائدة، من البطين (البطيني) أو فوق البطين (فوق البطيني)؛ وفي الواقع، تبدأ معظم أنماط تسرّع القلب بضربة إضافية أو زائدة في أحد هذين الموضعين؛ ويمكن أن تظهر الأنماط المختلفة لتسرّع القلب في أحد هذين الموضعين؛ وعلى العموم، يكون للنظم البطينية السريعة الكثير من النتائج السيئة، لأنها تجعل الوظيفة القلبية بشكل خاص غير كافية، وتميل إلى إحداث أعراض شديدة، وتنطوي على خطر كبير للوفاة.
أنماط تسرّع القلب فوق البطيني
الرفرفة الأذينية Atrial Flutter
تعدّ الرفرفة الأذينية، مثلها مثل الرجفان الأذيني، نبضانا أذينيا سريعا جدّا وغير فعال، لكنه أكثر تناسقا وانتظاما؛ وتؤدي الرفرفة الأذينية إلى نبضان الأذينين بمعدل 300 مرة/الدقيقة تقريبا؛ وإذا ما كان النبضان البطيني بالسرعة نفسها أيضا، لا يدور الدم بكفاءة. ومن دواعي السرور أن العقدة الأذينية البطينية تقوم بدور البوّابة عادة، حيث تمنع كلّ ضربة أذينية تالية على الأقل من العبور إلى البطينين؛ وبذلك، إذا كنت مصابا بالرفرفة الأذينية، تكون سرعة نبضك نحو 150 ضربة/الدقيقة عادة.
تترك العقدة الأذينية البطينية أحيانا كل ضربة ثالثة أو رابعة لتمرّ، وبذلك تصبح سرعة القلب 100 ضربة/الدقيقة أو 75 ضربة/الدقيقة على الترتيب.
تكون أعراض الرفرفة الأذينية هي تلك الخاصة بتسرع القلب، وتشتمل على الخفقان أو الألم الصدري أو ضيق التنفّس أو الدوخة.
تسرّع القلب فوق البطيني الانتيابي Paroxysmal Superventricular Tachycardia
يطبّق هذا المصطلح على هبات (نوبات) من الضربات القلبية السريعة الناشئة فوق البطينين؛ ويمكن أن يحدث تسرّع القلب فوق البطيني الانتيابي عندما يوجد مسلك إضافي في الأذينين أو العقدة الأذينية البطينية أو بين الأذينين والبطينين (متلازمة وولف – باركنسون – وايت (WPW))؛ وتنتقل كافة الضربات القلبية السريعة عادة إلى البطينين، لكن يمكن أن تحصر أحيانا. وتبدأ النوبات عادة بشكل مفاجئ، وتنتهي فجأة أيضا، مع حدوث توقف أحيانا يؤدي إلى أعراض حقيقية أيضا. ويمكن أن تدوم من ثوان إلى ساعات أو أيام إذا لم تعالج. ويمكن أن تتراوح سرعة القلب خلال تسرّع القلب فوق البطيني الانتيابي بين 240-140 في الدقيقة، وتعتمد درجة الأعراض في تسرع القلب جزئيا على مدى هذه السرعة.
الشكل الأكثر شيوعا لتسرّع القلب فوق البطيني الانتيابي هو تسرّع القلب بعود (عودة) الدخول إلى العقدة الأذينية البطينية AV Nodal Reentry Tachycardia؛ ففي هذه الحالة، يوجد مسلك إضافي في العقدة الأذينية البطينية أو قريبا منها؛ وإذا ما دخلت الدفعة الكهربائية إلى هذا المسلك، قد تبدأ السير في نمط دائري وقد تؤدي إلى تقلّص القلب مع كل دورة؛ ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تسرّع ضربات القلب.
يندر أن يكون تسرّع القلب فوق البطيني خطرا على الحياة، إلا أنه يؤدي إلى أعراض مزعجة بشكل مؤكّد؛ وينبغي اللجوء إلى التدابير المحافظة للحدّ من تواتره، مثل تجنّب الكافيين والتدخين والكحول؛ ويمكن أن يلجأ بعض الأشخاص إلى كسر نوبات هذا النمط من تسرّع ضربات القلب بالقيام ببعض المناورات التي تبطئ سرعة القلب؛ وتشتمل هذه على الكبس (كمثل الضغط عند التغوّط) وإثارة منعكس القيء (بدغدغة الجزء الخلفي من الحلق) ورش الماء البارد على الوجه؛ وتتوفر أدوية كثيرة للمساعدة على معالجة هذا الاضطراب في النظم؛ وتستطيع طرائق الاجتثاث بالقثطار، بالإضافة إلى بعض العمليات، شفاء المصابين بمعظم اضطرابات النظم هذه.
متلازمة وولف – باركنسون – وايت (WPW)
في هذه المتلازمة، يربط «جسر» نسيجي شاذ بين الأذينين والبطينين؛ ويدعى هذا المسلك الشاذ باسم المسلك الإضافي، ويجعل من الممكن مرور الدفعات الكهربائية من الأذينين إلى البطينين من دون عبور العقدة الأذينية البطينية.
في المصابين بمتلازمة وولف – باركنسون – وايت، يمكن أن يحدث اضطراب النظم عندما تنتقل الدفعة الكهربائية عبر العقدة الأذينية البطينية إلى البطينين، ثم إلى الأعلى عبر المسلك الإضافي إلى الأذينين؛ فإذا استمرت الإشارة بالحركة بنمط دائري، يمكن أن تؤدي إلى تقلّص القلب مع كل دورة، وقد تقود إلى ضربات قلبية سريعة جدا؛ وبما أن المسلك الإضافي يميل إلى توصيل الدفعات الكهربائية بسرعة، يمكن أن يسمح بحدوث نظم سريع للغاية وخطر على الحياة.
رغم أنه يمكن اكتشاف وجود المسالك الإضافية على مخطط كهربائية القلب، لكن لا يعني ذلك أن أيّ شخص مصاب به يبدي تسرعا قلبيا أو يحتاج إلى معالجة خاصّة؛ ومع أن متلازمة وولف – باركنسون – وايت (WPW) غير شائعة، لكنها غير نادرة أبدا.
يمكن أن تشفى متلازمة وولف – باركنسون – وايت (WPW) بطريقة الاجتثاث بالقثطار غير الجراحية، مما يؤدي إلى تخريب أجزاء من المسلك الكهربائي الشاذ المسبّب لاضطراب النظم؛ وفي هذه المتلازمة، يحدّد الأطباء أولا الموضع الدقيق للمسلك الإضافي «برسم خارطة» الإشارات الكهربائية خلال تسرّع القلب وإنظام القلب؛ فإذا حدّد المسلك الإضافي المسبب لتسرع القلب في العقدة الأذينية البطينية أو بجوارها، يمكن اجتثاث هذا المسلك من دون تخريب العقدة الأذينية البطينية نفسها؛ وتبلغ معدلات النجاح في هذا الإجراء نحو.%98
أنماط تسرّع القلب البطيني
التسرّع البطيني Ventricular Tachycardia
عند استعمال هذا المصطلح كتشخيص نوعي، فهو يشير إلى ضربات قلبية سريعة منتظمة تنشأ من موضع في أحد البطينين؛ ويمكن أن تتراوح السرعة بين 250-100 ضربة/الدقيقة.
بخلاف تسرّع القلب فوق البطيني الانتيابي، لا يتوقف الكثير من عوارض التسرّع البطيني تلقائيا؛ وهناك احتمال لتحوّل التسرّع البطيني إلى رجفان بطيني Ventricular Fibrillation؛ وبذلك، يعدّ التسرّع البطيني طارئة طبية، حتى وإن لم تكن الأعراض الناجمة عنه شديدة.
تترافق معظم حالات التسرّع البطيني مع أمراض قلبية خطيرة، مثل انسداد الشرايين الإكليلية واعتلال العضلة القلبية والأمراض القلبية الخلقية أو الصمامية؛ لكن قد تحدث أشكال أخرى عديدة لدى الشباب من دون وجود مرض قلبي خفي (مستبطن)، وتثار بالجهد عادة؛ ومع أنها قد تكون غير خطرة، لكنها تحتاج إلى اهتمام طبي.
توجّه المعالجة أولا إلى إنهاء نوبة التسرّع البطيني؛ فإذا لم تؤد الأدوية المعطاة وريديا إلى نتائج فورية، يكون تطبيق الصدمة الكهربائية على الصدر ضروريا عادة؛ وتقوم الخطوة اللاحقة على الوقاية من عودة التسرّع البطيني؛ وتشتمل خيارات ذلك على الأدوية وتصحيح المشكلة المستبطنة كإقفار العضلة القلبية أو استعمال مزيل رجفان لضبط نظم النبض
(cardioverter-defibrillator) قابل للاغتراس أو الإجراءات الجراحية أو القثطرية لحذف الموضع في البطين المسبّب للتسرّع البطيني.
الرجفان البطيني
يعدّ الرجفان البطيني أسوأ نظم قلبي يمكن أن تتعرّض له؛ وفي هذه الحالة، لا توجد ضربات قلبية فعّالة – وإنما مجرّد ارتجاف في العضل البطيني، حيث يتوقف القلب والدوران الدموي عن العمل. ويجب عدم الخلط بين الرجفان البطيني والرجفان الأذيني؛ فالرجفان البطيني هو نظم يقف دائما تقريبا وراء «توقف القلب» أو «الموت القلبي المفاجئ»؛ وإذا لم يكن بجوار المصاب شخص قادر على تطبيق الإنعاش القلبي الرئوي CPR عند الإصابة بالرجفان البطيني، يحدث الموت لا محالة. ونادرا ما يكون هناك فرص أخرى، مما يبرّر أهمية معرفة الإنعاش القلبي الرئوي.
يندر حدوث الرجفان البطيني في ظل غياب مشاكل هامة أخرى في القلب، رغم أنه يحدث من دون ذلك في حالات نادرة.