كثيراً ما يؤدي الخجل والانعزال إلى حرمان الأطفال من النمو السليم والتعبير عن الذات. وعلى الرغم مما يكون مستوى الذكاء عند هؤلاء الأطفال ملحوظاً إلاّ أن آراء الناس فيهم تكون أقلّ ممّا هم عليه. لذلك كان لا بُد من الاهتمام بهم خاصة أولئك الذين هم شديدو الخجل كونه يصبـح مصدراً للإحباط عندهم وعند أسرهم.
“سامي” ولد عمره أربعة عشر عاماً ذهب إلى إحدى العيادات النفسية في إحدى المستشفيات مع والديه. وبعد إجراء المقابلة معهم تبين أن “سامي” يعاني من إنطواء شديد على الذات بحيث تكاد تكون علاقاته الاجتماعية معدومة فلا أصدقاء ولا أصحاب. يجلس فترات طويلة منفرداً بحجة الاستماع للموسيقى، أو لتسجيلات دينية. لا بل اقتصرت علاقاته الاجتماعية مع الأهل والأقارب على ما هو ضروري فقط.
ولمّا أخضع لأحد الاختبارات الشخصية تبين أنه يعاني درجة عالية من القلق العصابي الذي يؤدي إلى العجز واليأس. أما قدراته المعرفية والاستيعابية والذاكرة فكانت مقبولة. لذلك تبين ان “سامي” يعاني من قصور في العلاقات الاجتماعية.
الخطة العلاجية
ويتم إنجازها عبر القنوات التالية:
ـ تدريب سامي على إلقاء الأسئلة العادية والمكثفة عن موضوع معيًن.
ـ محاولة التعليق عن ما يسمع من موضوع أو قصة بشكل موافق أو غير موافق.
ـ الاحتكاك البصري الملائم.
ـ تشجيعه على الاهتمام بالناس عبر علاقات ودية.
لقد تم تدريب “سامي” على هذه الأمور مدة تزيد على الخمسة عشر أسبوعاً عبر عشرين جلسة كل واحدة مدتها أربعين دقيقة.
وقد ترافقت هذه التدريبات مع مجموعة من الأساليب السلوكية التالية:
ـ تدريب العضلات على الاسترخاء.
ـ تقليد المعالج عبر القيام بسلوك شبيه بسلوكه. كتقليده في عملية الاحتكاك البصري.
ـ القيام بعمليات معينة خارج العيادة كإلقاء التحية على بعض الزملاء والدخول معهم في حوار معيّن، أو القيام باتصالات هاتفية.
وقد تمّ لفت نظر “سامي” إلى أن حقائق الحياة ليست كما تبدو له. فمثلاً ، ألا يعني التدين التخلي عن السعادة الشخصية، كما أن تحقيق التفوق والنجاح لا يعني الانزواء وتجنب الناس.
هذا وقد لجأ المعالج إلى تحقيق هدف واحد في جلسة واحدة كي يسهل الوصول إلى نتيجة مرضية. فإذا كان الهدف هو التدريب على إلقاء الأسئلة فقد كان الطفل يُدرب في كل جلسة على تنمية أحد الجوانب المرتبطة بمهارة إلقاء الأسئلة.
أما عن التقدم في العلاج فقد كان التحسن ملحوظاً ومستمراً طيلة مدة الأربعة أشهر. ولمّا سئل الوالدان عن مدى التحسن الذي أحرزه ابنهما أجابا بأنه حقق تقدماً ملموساً في مجال العلاقات الاجتماعية وأبدى مرونة في هذا المجال. ولم تمض مدة طويلة حتى استطاع “سامي” أن ينتقل نقلة نوعية نحو الأفضل بحيث أصبح قلق الوالدين طفيفاً ولم يعد ذلك مشكلة بعد ذلك.