من الممكن أن تنشأ الضغوط بسبب العديد من العوامل، ولكن العديد من الأشخاص يشيرون إلى العوامل التي يسببها العمل أو الوظيفة على أنها الأسباب الأساسية للضغوط. وربما تتنوع أسباب حدوث هذه الضغوط، سواء كانت تتضمن محل العمل الحالي أو مهنتك بشكل عام. وإذا لم تكن أحد القلائل الذين يمكنهم العيش اعتمادًا على دخل مستقل، فربما تضطر إلى العمل من أجل لقمة العيش. وفي الحقيقة، يريد معظمنا العمل من أجل لقمة العيش ويرحبون بالفرص والتحديات التي يمكن أن يقدمها العمل. ولكن عندما تتراكم ضغوط العمل وتتحول إلى مشاعر سلبية، فربما تصبح مشكلة يجب التعامل معها.
التحدي
توجد العديد من الطرق التي يمكن أن تتسبب من خلالها الضغوط في تغيير حياتنا، فربما نجد أنفسنا مضطرين إلى قبول مسئوليات جديدة، تضاف إلى الأمور التي نقوم بها، أيًّا كانت هذه الأمور. وربما نضطر إلى التعامل مع مشرف جديد ربما لا ننسجم معه بشكل جيد. وربما نواجه موقفًا في العمل تتعرض فيه شركتنا لخطر عظيم يتمثل في التوقف عن العمل. وربما نعتقد أننا عرضة للخطر، ولا نرى طريقة للنجاة بأنفسنا. وربما نتطلع إلى البدء في وظيفة جديدة أو القيام بتغيير مهني كبير. وتستطيع كل هذه التحديات التسبب في حدوث الضغوط. ولكننا نستطيع التعامل معها بشكل ناجح، وفي بعض الحالات، نستطيع استخدامها في تحسين توجهنا أو قدرتنا في التعامل مع وظائفنا. ويتمثل التحدي في معرفة الأمور المتعلقة بالعمل أو الوظيفة التي تتسبب في حدوث الضغوط، وكيفية وضعها في سياق الأمور الجيدة التي تتعلق بوظائفنا، وكيفية العمل مع مشرفينا أو زملائنا في العمل بطريقة تؤدي إلى تخفيف حدة الضغوط. إن الضغوط الوظيفية غالبًا ما تمثل أمرًا حتميًّا في بعض الأطر، ولكننا نستطيع التعامل معها، والتعلم منها، وتنمية أنفسنا من خلالها.
الحقائق
يمثل المعهد الوطني للصحة والسلامة المهنية (NIOSH) إحدى الوكالات التي أبدت اهتمامًا خاصًّا بضغوط العمل. وفي ظل توجيهات إدارة السلامة والصحة المهنية (OSHA)، اتجه المعهد الوطني للصحة والسلامة المهنية (NIOSH) إلى دراسة الجوانب النفسية للسلامة والصحة المهنية، بما في ذلك موضوع الضغوط في العمل. ويدرك المعهد الوطني للصحة والسلامة المهنية (NIOSH) أن ضغوط العمل يمكن أن تؤثر على سلامة العامل وصحته، ويسعى وراء البحث عن طرق لتقليل الضغوط في مكان العمل.
وتتفق الاستطلاعات حول ضغوط العمل في اكتشافها لكيفية تفاعل الموظفين مع وظائفهم:
– كشف استطلاع قامت به شركة “نورث ويسترن ناشيونال” للتأمين، أن 40% من العاملين يجدون وظائفهم مثيرة للضغوط بدرجة كبيرة أو حتى مفرطة.
– كشف استطلاع قامت به مؤسسة “فاميليز آند وورك” البحثية أن 26% من العاملين قرروا بأنهم في الغالب أو في أوقات كثيرة للغاية يشعرون بالاستنزاف أو الضغوط بسبب أعمالهم.
– كشف استطلاع قامت به جامعة “يال” أن 29% من العاملين يقررون بأنهم يشعرون بقليل أو بكثير من الضغوط في أعمالهم.
وربما تتنوع أسباب الضغوط الوظيفية حسب الموقف، ولكن بشكل عام، هناك عدد من الأسباب الأساسية لضغوط العمل:
– السمات الشخصية للعامل التي تعني أن هناك عوامل أخرى في حياة العامل يمكن أن تسهم في الشعور بالضغوط؛
– الاختلافات في سمات العاملين، مثل الشخصية وأسلوب التعامل؛ فالأمر الذي يثير الضغوط لدى شخص ما ربما لا يكون كذلك بالنسبة لشخص آخر؛
– متطلبات الأعباء المفرطة في العمل والتوقعات المتضاربة؛
– الصراعات الشخصية مع المشرفين أو زملاء العمل.
ولقد حددت إدارة السلامة والصحة المهنية (OSHA) عدة حالات مختلفة ربما ترتبط ارتباطًا وثيقًا بضغوط العمل:
– أمراض الأوعية الدموية القلبية؛
– الاضطرابات العضلية الهيكلية، بما في ذلك آلام الرقبة والظهر؛
– الاضطرابات النفسية، مثل الإرهاق والاكتئاب؛
– إصابات مكان العمل؛
– الانتحار، وأمراض السرطان، والتقرحات، واختلال وظائف جهاز المناعة.
وتعتمد الوقاية من ضغوط العمل على التدخلات التي ربما يقوم بها صاحبها. وتتبع هذه التدخلات نهجًا محددًا وُجد أنه مفيد للغاية في التخفيف من حدة الضغوط:
– تحديد المشكلة. يمثل نقص الإنتاج، وفقدان الموظفين، وسوء جودة الوظيفة الأعراض، وليس المشكلة الحقيقية. وحالما تحدد المشكلة الحقيقية التي تقف وراء الضغوط الهدامة، سيكون من السهل التعامل معها.
– تصميم التدخلات التي تستهدف المشكلة الحقيقية وتنفيذها. ربما يكون التدخل ظرفيًّا من أجل موظف معين أو على مستوى الشركة. تأكد من معرفة موظفيك لما تخطط القيام به قبل البدء في التدخل. وفي بعض الأوقات، ربما يكون تناول الإفطار أو الغداء في البداية مفيدًا.
– تقييم التدخل. يجب عليك أن تحدد إذا ما كان التدخل قد نجح أم لا، وما يمكنك القيام به لتغييره، إذا لم ينجح.
الحلول
من أجل تعزيز مستوى الإنتاجية والحفاظ على الميزة التنافسية في سوق العمل العالمي، أصبح المطلوب من العاملين الأمريكيين بذل المزيد في العمل. وأصبح العمال يتعرضون للإقالة من أجل توفير المال، أو لا يتم استبدالهم بعد الرحيل بسبب التناقص الذي يمكن أن يحدث تطوعًا بسبب الانتقال إلى وظيفة أخرى، أو التقاعد. ويتمثل الحل أمام الشركات في دفع العاملين إلى القيام بوظائف الآخرين بالإضافة إلى القيام بوظائفهم. وربما يؤدي هذا النوع من أعباء العمل إلى حدوث ضغوط وظيفية رهيبة مع تفكير العاملين المستمر في عملهم، ومحاولتهم القيام بالكثير من المهام كما كان في السابق. وربما يؤدي هذا إلى زيادة ساعات العمل، وربما يؤدي الشعور بالإرهاق إلى دفع العاملين إلى ارتكاب الأخطاء التي ربما تؤدي إلى إيقاع الضرر بأنفسهم أو بزملائهم في العمل. ويتمثل الحل أمام الشركات التي تنظر إلى تقليل عدد العمال، في وضع الاحتياجات الحالية للعاملين في الاعتبار وتجنب نوعية الأعمال المرهقة التي ربما تؤدي إلى تعزيز الإنتاج بشكل مؤقت، ولكنها ستؤدي إلى الاستنزاف في النهاية. وهذا يعني فحص هيكل الشركة، والبحث عن أنظمة أو تقنيات جديدة يمكنها مساعدة الموظفين الحاليين على التعامل مع الضغوط الوظيفية. وربما يتضمن الأمر جلب مستشارين أو توفير التدريب من أجل مساعدة الموظفين على تنظيم وقتهم بشكل أفضل ومواجهة التغيرات الوظيفية بطريقة إيجابية.
وهناك طريقتان إبداعيتان للمساعدة على إزالة الضغوط من الوظيفة تتمثلان في تقديم المكافآت ومنح الموظفين وقتًا مرنًا؛ حيث تستطيع المكافآت – التي ليس من الضروري أن تكون مالية – المساعدة على استمرار تحفيز الموظفين. ويساعد الوقت المرن الموظفين على تحقيق التوازن بين وقت العمل واحتياجاتهم الشخصية، مع الاستمرار في إنجاز العمل.
وربما تؤثر العوامل الفردية والظرفية على العامل، وتزيد من الشعور بالضغوط. وربما تتضمن هذه العوامل التغيرات في حياة الفرد خارج مكان العمل. ولقد اكتشفت الرابطة الوطنية للسلامة والصحة المهنية (NIOSH) ثلاث طرق أساسية للتعامل مع ضغوط العمل المتأثرة بالعوامل الفردية والظرفية:
– البحث عن التوازن بين العمل أو العائلة أو الحياة الشخصية؛
– استخدام شبكة للدعم من الأصدقاء أو زملاء العمل؛
– الحفاظ على رؤية هادئة وإيجابية.
إن قواعد تنظيم العمل ليست أوامر منقوشة في الصخر، ويمكن تغييرها من أجل مساعدة العاملين على التعامل مع الضغوط الوظيفية. ووفقًا لمجلة “أمريكان سيكولوجيست”:
– تأكد من أن أعباء العمل تتوافق مع قدرات العامل.
– صمم الوظائف بحيث تقدم المعنى، والتحفيز، والفرص لكي يستخدم العاملون مهاراتهم.
– حدد أدوار العامل ومسئولياته بوضوح.
– امنح العاملين فرصًا للمشاركة في القرارات والأعمال التي تؤثر على وظائفهم.
– قم بتحسين عمليات التواصل.
– وفر فرص التفاعلات الاجتماعية بين العاملين.
– ضع جداول للعمل تتوافق مع المتطلبات والمسئوليات خارج الوظيفة.
ولا يمثل التعامل مع الضغوط الوظيفية مسئولية يتحملها صاحب العمل وحده. بل يجب على العامل أن يتخذ معها إجراءات استباقية.
– إذا رأى العامل أن الأعمال المرهقة مشكلة، فيمكنه أن يأخذ إجازة، أو يترك العمل في الأوقات المحددة، ويتجنب أن يأخذ العمل معه للمنزل.
– إذا كان هناك احتمال لحدوث تسريح مؤقت، وتشعر بالقلق حيال ذلك، فتأكد من استعدادك له.
– إذا اعتقدت أنك قمت باختيار وظيفي غير صحيح، أو أن الوظيفة لم تعد مرضية، فقم بالتغيير.
– إذا كنت تواجه صراعات مع رئيسك أو زملائك في العمل، فحاول تسويتها معهم والتعامل معهم بشكل أفضل.
– إذا كانت الضغوط تؤثر على حياتك بشكل سيئ، فاسع لطلب المساعدة المتخصصة.
– قلل الفوضى المتراكمة في وظيفتك وكن منظمًا.
– ابحث عن الدعابة في موقفك الوظيفي، فليست الضغوط نهاية العالم، ولا يمثل العمل المحور الوحيد لوجودنا. ويمكن أن يساعد الاحتفاظ بتوجه إيجابي على التعامل مع الضغوط الوظيفية.
– ضع توقعات حقيقية للأمور التي يمكنك إنجازها.
– اعلم أنك لست كاملًا. ابذل أفضل ما لديك وتعلم من أخطائك.