التصنيفات
صحة المخ والجهاز العصبي

طاقة النوم: كيف تحصل على الفائدة القصوى من النوم

يمنح النوم التغذية الرئيسية لكل من الجسد والعقل. فالأشخاص المتوترون غالباً ما يكون لديهم مشاكل متعلقة بالنوم، بينما الحرمان من النوم في حد ذاته يمثل عامل توتر. ونحن عندما ننام تمر الموجات الدماغية بمراحل متعددة، وتتباطأ بشكل كبير. وأكثر المراحل تجديداً لحيوية الجسم هي تلك المراحل التي تكون إشارات الدماغ فيها في ارتفاع موجي بطيء وهذا يحدث عادة في أول 90 دقيقة من النوم. ثم بعد ذلك على فترات متكررة طوال الليل. وبعد 90 دقيقة ينتقل المخ إلى مرحلة أخرى تسمى النوم المصحوب بحركة العين السريعة REM. ويعتقد أن هذه المرحلة يقع فيها معظم ما يراه النائم من أحلام وهذه المرحلة مهمة بخاصة للصحة النفسية. والجدير بالذكر أنك إن لم تحصل على كفايتك من النوم -سواء المصحوب أو غير المصحوب بحركة العين السريعة- ستكون النتيجة إصابتك بالتعب والإرهاق.

وللنوم تأثير واسع وشامل على صحتك. فالنوم القليل جداً أو الكثير جداً يكون مصحوباً بالموت المبكر. فالإحصائيات تشير إلى أن فترة النوم المرتبطة بطول العمر تكون بين 5 إلى 9 ساعات بالليل. ونحن عندما نشيخ يكون هناك ارتباط وثيق بين الساعات القليلة (أقل من 5) والكثيرة (أكثر من 9) من النوم وزيادة معدل الوفيات. وسبع ساعات من النوم مرتبطة بأقل معدل للموت. ومن المهم كذلك نوعية النوم، فكثير من الناس -مع التقدم في العمر- يكون نومهم متقطعاً خفيفاً ولا يحصلون على فترة كافية من النوم بطيء الموجة أو المصحوب بحركة العين السريعة.

النوم والجسم

أثناء الليل وخصوصاً خلال مراحل الموجات البطيئة وحركة العين السريعة يفرز الجسم كميات كبيرة من هرمون النمو، يطلق عليه أيضاً سوماتوتروفين Somatotrophin، هذا الهرمون يساعد على ترميم واستبدال الأنسجة والعظام، وأثناء فترة النهار تنخفض مستويات هذا الهرمون. وعندما تتعرض للتوتر يرتفع مستوى هرمون التوتر الكورتيزول الذي بدوره يثبط هرمون النمو، موجهاً الطاقة بعيداً عن الترميم لمواجهة متطلبات الطاقة للموقف الضاغط.

وعندما تكون نائماً يرتفع مستوى الكورتيزول بدرجة كافية عند نومك. وهذا بدوره يعطل ترميم الأنسجة، ويعجل عملية الشيخوخة بشكل كبير. وبالرغم من عدم ثبوته علمياً، إلا أن ديناميكيات النوم والتوتر تشير إلى أنه من الأفضل أن تذهب للنوم وأنت غير متوتر. فإذا كان ذلك كذلك، فلا تشاهد أفلام الرعب آخر الليل. وبدلاً من ذلك، افعل شيئاً يجعلك مسترخياً ويساعدك على النوم الهادئ.

ومن الأمور المهمة كذلك كيفية استيقاظك من النوم، ومن الطبيعي أن مستويات الكورتيزول والأدرينالين تكون منخفضة أثناء الليل. وبالتالي يبطؤ نبضك وينخفض ضغطك عندما تستيقظ بينما يتسارع النبض ويرتفع الضغط عندما تقوم من الفراش. أما إذا استيقظت بنبض سريع أو ضغط مرتفع ثم لم تحدث زيادة أخرى فيهما عند وقوفك، فهذا دليل على ارتفاع مستوى الكورتيزول أثناء الليل. وهذا النوع من اللاتزامن Desynchronisation يحدث بالفعل لبعض الناس ويعتقد أنه جزء من آلية “الاضطراب العاطفي الموسمي” والأنواع الأخرى من الاكتئاب. تحت هذه الظروف يفضل استشارة خبير غذائي إكلينيكي يجري لك اختبار هرمونات اللعاب في 24 ساعة ليكشف ما هو خارج عن التزامن ويقدم لك التوصيات التي من شأنها أن تعيد كل شيء لحالة الاتزان.

وسبب آخر يرفع ضغط الدم ويسرع معدل النبض عند القيام وهو حالة تسمى انقطاع النفس Apnoea التي يعتقد أنها تصيب 3 إلى 8% من الرجال. وهي تحدث عندما يضطرب تنفس الشخص بالليل. فيؤدي إلى خلل في إخراج ثاني أكسيد الكربون وبالتالي نقص الأكسجين. ويشيع انقطاع النفس في الأشخاص الذين يغطون في نومهم، كما يمكن أن يحدث عند الذهاب للنوم بعد شرب الكحول. ويسهم التوتر في هذه الحالة كذلك والتي بدورها تكون مصحوبة بمراحل قليلة من حركة العين السريعة وبالتالي نوم أقل راحة وتجديداً للحيوية.

النوم والذهن

وبقدر ما يتعلق الأمر بالعقل فإن أكثر مراحل النوم حرجاً هي نوبات النوم المصحوب بحركة العين السريعة. وهذه النوبات تنزع لأن تستمر لمدة 30 دقيقة وتحدث في المتوسط من 5 إلى 7 مرات في الليلة. وإذا حرم الشخص من النوم المصحوب بحركة العين السريعة، فإنه لا يشعر بالراحة الكاملة عندما يستيقظ وغالباً ما يصيبه الاكتئاب. وإذا أتيحت له الفرصة لينام، فسيحصل على فترات أطول من النوم المصحوب بحركة العين السريعة. كل ذلك يوحي بأن عقولنا تحتاج لهذه الفترة عندما نكون نائمين لكي تقوم بمعالجة ما يحدث في حياتنا. ومن المعتقد عموماً أننا نحلم أثناء هذه المراحل وأن تلك الأحلام مهمة لصحتنا العقلية والعاطفية. ومرة أخرى، فإن المستويات العالية من هرمون الكورتيزول الكظري تعني نوماً أقل في مرحلة حركة العين السريعة. وبعض الأدوية المضادة للاكتئاب لها تأثير مثبط للنوم المصحوب بحركة العين السريعة؛ ويتعجب المرء من تأثيره على الحالة النفسية للإنسان.

علاج اضطرابات النوم

غالباً ما يكون التوتر مصحوباً بصعوبات في إدراك النوم أو الاستمرار فيه. وكلاهما يمكن أن يكون نتيجة لنقص التغذية أو لتأثير القلق أو التوتر الشديد جداً على الجهاز العصبي. والكالسيوم والمغنسيوم لهما تأثير مهدئ وكذلك فيتامين ب6. والتربتوفان -أحد مكونان البروتين- له أقوى تأثير مهدئ. وإذا أخذ بجرعات من 1000 مجم إلى 3000 مجم يكون فعالاً جداً في علاج الأرق. ويأخذ حوالي ساعة حتى يعمل ويبقى فعالاً لأربع ساعات.

ومن نفس عائلة التربتوفان، هناك 5-هيدروكسي تربتوفان المتاح في متاجر الأغذية الصحية، وتأثيره أقوى من التربتوفان بعشرة أضعاف؛ لذلك يؤخذ بجرعة من 100 مجم إلى 300 مجم. وبرغم أن التربتوفان لا يسبب الإدمان وليس له آثار جانبية معروفة، إلا أنه لا ينصح باستعماله بصورة منتظمة، ومن الأفضل أن تعدل أسلوب حياتك بحيث لا تحتاج إلى أي أدوية مهدئة.

يتحول التربتوفان في المخ إلى مادة كيميائية مهمة يطلق عليها السيروتونين Serotonin، وهذه المادة لابد من توافرها بكميات كافية لأنها مهمة لأجل النوم السليم ووظائف المخ الطبيعية.

ومن مشاكل النوم المرتبطة بالتوتر هناك مشكلة أخرى شائعة يطلق عليها “الأرجل المتململة أو القلقة” Restless Legs، وهي حالة يشعر فيها المرء بالململة وعدم الاستقرار ويظل راغباً في تحريك رجليه، وهي معروفة بأنها مرتبطة إما بشرب القهوة بالليل أو بنقص الزنك والحديد. ومرة أخرى أذكر بأن التغذية المثالية واتباع كل التعليمات الموجودة في هذا الكتاب عن الامتناع عن المنبهات والكحول سوف يساعدان على تحسين النوم بالليل.

باختصار، لتحصل على الفائدة القصوى من النوم تحتاج لأن:

•    تأخذ كفايتك من النوم غير المتقطع الذي يستغرق من 6 إلى 8 ساعات.
•    تتجنب المنبهات والكحول وخصوصاً بعد الساعة السادسة مساءً.
•    تذهب إلى الفراش بذهن مسترخٍ مستريح.