نصائح لتحقيق النجاح
قد تسمعين عن سيدات رغبن في إرضاع أطفالهن رضاعة طبيعية ولكنهن لم يفلحن، فأحيانا ما تتسبب الحالة الصحية للأم في صعوبة القيام بالرضاعة الطبيعية أو عدم ممارستها بشكل صحيح، ولكن تنجح معظم السيدات اللاتي تخترن إرضاع أطفالهن طبيعيا إلى حد كبير إذا اتبعن الخطوات الصحيحة.
وثمة ثلاثة عوامل تسهم في إنجاح الرضاعة الطبيعية بشكل كبير؛ ألا وهي: الابتعاد عن اللبن الصناعي، وعدم الاستسلام للإحباط، والتحفيز الكافي للثدي. ويمكن أن يساعدك في ذلك مدرب مختص داعم لك سواء أكان استشاري إرضاع مدربا أو إحدى السيدات ممن يمتلكن خبرة كبيرة في الرضاعة. الجدير بالذكر أنه في الوقت الذي يمكن أن تمنحك الكتب قدرا من التشجيع والأفكار المفيدة، إلا أنه لا بديل عن المساعدة العملية. فمعظم ممرضات التوليد والقابلات وأطباء الولادة يعرفون أفضل المدربين المختصين في الرضاعة الطبيعية. فإذا كنت ترضعين طفلك طبيعيا لأول مرة، فحاولي أن تطلبي مساعدة أحد هؤلاء المدربين المختصين مبكرا حتى تستطيعي بدء الرضاعة الطبيعة بداية سليمة.
الأيام الأولى
تبدأ الرضاعة الطبيعية تلقائيا بعد الولادة مباشرة؛ حيث يتمكن الطفل حديث الولادة بعد تجفيفه، ووضعه عاريا على بطن أمه، من التقاط الثدي حتى قبل أن تمر ساعة على مولده. وليس من الضروري أن يقوم أحد بتوجيه الطفل أو جعله يلتقط الثدي بفمه؛ إذ إنه يعرف بالفعل ما يتعين عليه فعله. وإلى أن تشهدي هذه التجربة بنفسك، فقد تجدين أنه من الصعب تصديق ولادة طفلك من رحمك ولديه هذه القدرة الفطرية على البحث عن غذائه. وتشجع الكثير من المستشفيات كافة الأمهات والمواليد الأصحاء على تجربة إقامة هذه الصلة القوية فيما بينهم.
من المفيد أن تجعلي وليدك معك أكبر وقت ممكن بعد ولادته مباشرة وخاصة في أولى ساعته وأيامه؛ فكلما كان معك باستمرار منذ ولادته، كان ذلك أفضل. فاحتضانك له تجاه صدرك يحفز إدرار اللبن، ويساعده على تطور تحكمه في عضلاته ليرضع بشكل فعال. واعلمي أن كمية لبن ثديك لن تكون كبيرة في الأيام الأولى القليلة، حيث إن طفلك لن يكون بحاجة للكثير منه. أرضعي طفلك وقتما يريد في البداية حتى تتقني الرضاعة ويصبح إدرارك للبن بقدر معقول. ومع الوقت والممارسة، تتحسن مهارة التقاط الثدي ومصه لدى الطفل، كما أنه كلما رضع الطفل، زادت كمية اللبن لدى الأم.
تجنب اللبن الصناعي مبكرا
من المرجح ألا يتمكن الرضع الذين يحصلون على اللبن الصناعي أول ثلاثة أو أربعة أيام في حياتهم من الرضاعة الطبيعية بنجاح. فالطفل الذي يتغذى على اللبن الصناعي لن يحاول أن يبذل قصارى جهده لرضاعة الثدي؛ وهو ما يجعل الأمهات قليلات الخبرة يعتقدن أن الطفل يفضل زجاجة اللبن الصناعي على الثدي، ولكن الأمر ليس كذلك. لذا، تتمثل الطريقة المثلى هنا في تجنب اللبن الصناعي قدر المستطاع حتى تستقر لدى الطفل ممارسة الرضاعة الطبيعية ويتقنها إتقانا. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الأطفال يولدون ولديهم كميات زائدة من السوائل في أجسامهم؛ ومن ثم، فإنهم لا يحتاجون إلى الحصول على الكثير من اللبن في اليوم الأول أو الثاني من الولادة في الوقت الذي لا يزال إدرار اللبن في بداياته.
الاستماع إلى خبرات الأمهات الداعمات لك
ابحثي بين صديقاتك وأفراد عائلتك عن الأمهات اللاتي مارسن الرضاعة الطبيعية بنجاح، واستمعي إلى نصحهن وخبراتهن. ولا تدعي الأخريات يحبطنك؛ حيث إن الأم التي تختار إرضاع طفلها طبيعيا قد تتعرض من وقت لآخر إلى قدر من الإحباط والتشكيك من قبل الصديقات والقريبات اللاتي يظهرن لها تعاطفا كبيرا. فمن بين العبارات الملحوظة التي قد تسمعينها في هذا الشأن: «لم تقدمي بالطبع على إرضاع طفلك طبيعيا، أليس كذلك؟ ما الذي يدفعك لمحاولة فعل ذلك؟ لن تنجحي في إرضاعه بثدييك. أتحاولين تجويع طفلك لإثبات صواب وجهة نظرك؟».
ربما تكون الملاحظات الأقل وطأة والأكثر اعتدالا ناجمة عن اندهاش البعض من إرضاعك لطفلك طبيعيا، إلا أن الملاحظات الأشد وطأة تكون نابعة من مشاعر الحسد لدى البعض الآخر، حتى إنك قد تجدين بعض الصديقات فيما بعد يدفعنك نحو التوقف عن الرضاعة الطبيعة. لذا، من المهم الاستماع لمن يدعمك في قرارك. وقد تكون الأم أو الحماة حليفا مهما حينئذ، أو قد ترغبين في الاتصال بالجهات المجتمعية التي تدعم ممارسة الرضاعة الطبيعية.
مخاوف بشأن كمية اللبن
من الطبيعي أن تقلق الأمهات عند عدم القدرة على إدرار كمية كافية من اللبن. وأحيانا ما ينتاب الأم الإحباط عند بداية نزول اللبن، أو ربما بعدها بيوم أو يومين من الولادة؛ لأنها لا تدر كمية كبيرة جدا منه. ولا يعتبر هذا هو التوقيت المناسب للتوقف عن الرضاعة الطبيعية تماما؛ حيث إنها لم تمنح نفسها فرصة المحاولة الكافية.
إذا وجدت نفسك في هذا الموقف، فتأكدي من تناولك كميات كافية من الطعام والشراب وحصولك على قدر كبير من الراحة قدر المستطاع، ويعد شرب كميات كبيرة من الماء أمرا ضروريا؛ لأنه دون وجود كمية وفيرة من الماء، لن يتمكن الجسم من إدرار كمية كبيرة من اللبن. (ويعتبر تناول العصير أمرا محمودا أيضا حسب الرغبة، ولكن ابتعدي عن تناول القهوة والشاي وغيرهما من المشروبات المحتوية على الكافيين(. ضعي وليدك ليرضع من ثديك حتى وإن كان غير مكترث على ما يبدو في البداية؛ فتكرار تحفيز ثدييك سيزيد بدوره من إدرار اللبن.
وتعد الرضعات الليلية مهمة بشكل خاص في البداية لاستمرار تحفيز الثديين لإدرار اللبن؛ حيث يكون المواليد الصغار غالبا مستيقظين ليلا بشكل أكبر – للحصول على المزيد من الرضعات – في منتصف الليل. لذلك، من الأفضل في الأسابيع الأولى إرضاع طفلك ليلا كلما أراد ذلك؛ حيث تعد هذه هي الطريقة المثلى لزيادة كمية اللبن لديك ونمو طفلك أيضا. أما إذا كان طفلك ينام بجوارك في سرير هزاز أو سرير ملحق بسريرك، فستتمكنين من إرضاعه دون إيقاظه. رتبي شئونك لتحصلي على المزيد من ساعات النوم أثناء النهار حتى يمكنك الاستيقاظ ليلا؛ لأنك عندما ترضعين طفلك طبيعيا، فإنك غالبا ما ستحتاجين للاعتياد على السهر ليلا.
إذا كان طفلك لا يحتاج إلى تناول الكثير من اللبن في البداية، فقد يساعدك اعتصار لبن ثدييك بعد كل رضعة، حتى يواصل معدل إدرار اللبن في الزيادة. وتستطيع بعض الأمهات اعتصار لبن الثدي يدويا، بينما تستخدم الأخريات شافطة حليب الثدي الكهربائية عالية الجودة.
ماذا إذا كان طفلك يفقد وزنه؟
عادة ما يفقد المواليد الجدد عشر وزن أجسامهم تقريبا في الأسبوع الأول، وبعدها يجب أن يزداد وزنهم بشكل ثابت. إذا ساورك
القلق في هذا الصدد، فاستشيري الطبيب أو استشاري الإرضاع. وبهذه الطريقة، ستتأكدين مما إذا كان طفلك يحصل على ما يحتاج، وأنك تفعلين كل ما في وسعك من أجله. إذا اتخذت قرارك بإرضاع طفلك طبيعيا بكل وضوح، فسيعطيك المتخصصون كل الإرشاد والدعم اللازمين لمساعدتك على الرضاعة الطبيعية.
ومن الاستراتيجيات الشائعة لمساعدتك على الرضاعة الطبيعية استخدام نظام الإرضاع التكميلي؛ ويتم فيه استخدام أنبوب ضيق يثبت بالثدي من ناحية، وبه زجاجة بلاستيكية في الناحية الأخرى. عندما يمص الطفل الحلمة، فإنه يحصل على اللبن من خلال الأنبوب. وبعد أن تتم الرضاعة بهذه الطريقة، فإن الأم تضطر لاستخدام شافطة لتفريغ لبن الثدي قدر المستطاع لتحفيز إدرار اللبن لديها. وتوفر هذه النظم المستخدمة – تحت إشراف استشاري الإرضاع – للأطفال التغذية التي يحتاجونها بينما يزداد إدرار لبن الثدي لدى الأم.
لماذا تتوقف بعض الأمهات عن الرضاعة الطبيعية؟
تبدأ الكثير من الأمهات الرضاعة الطبيعية في المستشفى بعد الولادة مباشرة ولفترة قصيرة بعدها، ولكن تنتابهن مشاعر الإحباط ويتوقفن عن ممارستها؛ فتقول بعضهن: «ليس لدي لبن كاف» أو «يبدو أن لبن ثديي لا يلائم طفلي».
رأي طبيب:
لماذا تفشل الأمهات – على ما يبدو – في ممارسة الرضاعة الطبيعية فقط في تلك الدول التي تنتشر فيها الرضاعة الصناعية مثل دولتنا؛ الولايات المتحدة؟ إن الأم التي تحاول إرضاع طفلها طبيعيا هنا، بدلا من أن تشعر بأن ما تفعله يعد أكثر شيء طبيعي في العالم، وأنها من المفترض أن تنجح فيما تفعل مثل أي أم أخرى، فإنها تشعر وكأنها تحاول أن تفعل شيئا غريبا، أو مستحيلا… فالرضاعة الطبيعية لها الفضل في أن يظل البشر على قيد الحياة لآلاف السنين. وتكمن طريقة إنجاح الرضاعة الطبيعية في الاعتقاد في ضرورة ممارستها، والمداومة عليها، والابتعاد عن اللبن الصناعي حتى يستقر على الأقل معدل إدرار اللبن ويزداد.
وبالطبع، يعتبر العمل خارج المنزل أحد العوائق الرئيسية للرضاعة الطبيعية، فحتى فكرة ضرورة العودة للعمل كفيلة بأن تشعر الكثير من السيدات بالإحباط تجاه بدء الرضاعة الطبيعية أو حتى المداومة عليها. ولكن مع تصميمك على الرضاعة الطبيعية وتوافر شافطة حليب ملائمة، يمكنك مواصلة الرضاعة في أغلب الأحوال. وتستطيع الكثير من السيدات مواصلة الرضاعة صباحا ومساء، بينما يتولى الشخص المسئول عن رعاية الطفل أو الأب إعطاءه زجاجة اللبن خلال ساعات اليوم. إذا كانت الأم قادرة على شفط اللبن في العمل، فمن الممكن الاحتفاظ به في زجاجة خلال فترة النهار.
الجهات المجتمعية لمساعدة الأمهات المرضعات
يوجد في الكثير من المستشفيات الآن استشاريون في الإرضاع يقدمون المشورة للأمهات المرضعات. كما اكتسبت بعض وحدات الأمومة الآن أهمية خاصة باعتبارها «مستشفيات صديقة للأطفال»، وذلك من خلال تبنيها سياسات تدعم نجاح الرضاعة الطبيعية. وتتضمن هذه السياسات إبقاء الأمهات والأطفال مع بعضهم قدر الإمكان والابتعاد عن إعطاء عينات مجانية من اللبن الصناعي. وإذا توافر أمامك الاختيار، فابحثي عن أي من هذه المستشفيات لإتمام الولادة فيها.
كيفية الحفاظ على استقرار نمط الرضاعة
متى يتم إدرار اللبن؟
لا ينتج ثدياك اللبن في البداية على الإطلاق، وبدلا من ذلك ينزل سائل عقب الولادة يسمى اللبأ. وعلى الرغم من أنه لا ينزل بقدر كبير ويبدو خفيفا، فإنه غني بالعناصر الغذائية ويحتوي على مواد مضادة للأمراض والعدوى.
ولا يبدأ إدرار اللبن غالبا إلا في اليوم الثالث أو الرابع من ولادة الطفل، وهو الوقت الذي يصبح فيه الكثير من المواليد أكثر يقظة وجوعا. ويمثل هذا الأمر أحد الأمثلة الكثيرة الدالة على تعامل الطبيعة مع شئون حياتنا بقدر من السلاسة. ويتم إدرار اللبن مبكرا لدى الأمهات اللاتي أنجبن من قبل، أو اللاتي استطعن أن يرضعن أطفالا داخل المستشفى حسب الطلب. ويتم إدرار اللبن فجأة في لحظة ما ستشعر بها الأم؛ ليتدرج إدراره غالبا مع مرور الوقت.
ومع إدرار اللبن في اليوم الثالث أو الرابع بعد الولادة، تنتاب معظم الأطفال الذين يتم إرضاعهم طبيعيا رغبة في الحصول على عشر رضعات إلى اثنتي عشرة رضعة في اليوم. (يجوز أن يكثر عدد مرات تبرزهم في هذه الأيام أيضا)، ولا تشير الرضعات المتكررة إلى عدم كفاية لبن الثدي على الإطلاق، بل إنها تعني أن الطفل أصبح معتادا الآن على الرضاعة والنمو. فخلال النصف الثاني من الأسبوع الأول، يستقبل الثديان أقوى تحفيز هرموني من الجسم أيضا. وليس هناك مدعاة للعجب أن يمتلئ الثديان للغاية في الأيام القليلة الأولى، أو أحيانا لا يوجد بهما لبن كاف لإشباع الطفل الجائع؛ ومع ذلك، يؤدي نظام الإرضاع عمله على نحو معقول.
يقل معدل هرمون الرضاعة في نهاية الأسبوع الأول، وعلى أية حال، تحدد كمية ما يحتاجه الطفل كمية ما يدره الثدي من لبن. ففي أثناء فترة التغيير (عادة في الأسبوع الثاني)، قد لا يكون هناك لبن كاف حتى يعتاد الثدي على ما يحتاجه الطفل. فجوع الطفل هو ما يجعل الثدي يحدد بالضبط الكمية التي سيدرها من اللبن، ليس فقط في الأسبوع الثاني أو الثالث بعد الولادة، ولكن أيضا خلال الشهور التالية. بمعنى آخر، ستظل كمية اللبن في ازدياد عندما يبلغ عمر الطفل عدة أشهر في حالة احتياجه للمزيد.
ما الوقت الذي تستغرقينه بالنسبة لكل رضعة في كل مرة؟
كان يفضل فيما مضى تقليل زمن الرضعة في البداية، مع زيادته تدريجيا لمنع تقرح الحلمة أو تشققها. ولكن أثبتت التجربة أنه من الأفضل ترك القرار للأطفال الرضع من البداية. فإذا تم السماح لهم دوما بالرضاعة فور الشعور بالجوع ووفقا لرغبتهم؛ فإنهم يأخذون وقتهم حتى ينتهوا من الرضاعة بشكل صحيح؛ وهو ما يجنب الأم الشعور بألم في الحلمة أو تقرحها أو تشققها. فاستغراق وقت أطول في الرضاعة من البداية يسمح لرد الفعل الانعكاسي لإدرار اللبن – والذي يكون معدل الاستجابة له في البداية أبطأ – أن يؤتي بثماره مع الوقت. وهذا يعني أن الأم الجديدة التي ترغب في ممارسة الرضاعة الطبيعية تحتاج إلى إعداد نفسها للرضاعة فقط وليس أكثر من ذلك. ومن ثم، يتعين على الأشخاص البالغين في العائلة أن يقوموا بتولي مسئولية شئون المنزل بدلا من الأم في هذه الفترة؛ كي يسمحوا للأم المرضعة بالتركيز على تلبية احتياجات وليدها الجديد.
كم مرة يمكنك إرضاع طفلك؟
تكمن الإجابة عن هذا السؤال بطريقة ما في ضرورة إرضاع طفلك كلما شعر بالجوع، أو كلما شعرت أنت بأن إرضاعه متاح لك. فالأمهات في المجتمعات غير الصناعية يرضعن أطفالهن مرارا وتكرارا من وقت لآخر، حتى بعد مرور نصف ساعة على آخر رضعة، بالرغم من أن الطفل لن يرضع سوى القليل فقط في هذه المرات المتلاحقة. أما الأم في مجتمعنا – التي نجحت مسبقا في رضاعة أحد الأطفال ولديها قدر وفير من الثقة بالنفس في هذا الصدد – فلا تتردد على الإطلاق في رضاعة الطفل بعد مرور ساعة على آخر رضعة، إذا ما وجدت أن هناك سببا مبررا لجوعه.
ولكن، لن يكون الأمر مفيدا إذا ما أخبرتك بضرورة إرضاع طفلك أينما بكى. فالأطفال يبكون لأسباب أخرى غير الجوع – فقد يبكون بسبب المغص، أو الإصابة بأشكال أخرى من عسر الهضم، أو الشعور بالانزعاج أو الانفعال لأسباب لا نفهمها، أو الإصابة بمرض لا يجعلهم يخلدون إلى النوم. وقد تصل الحالة بالأم القلقة عديمة الخبرة إلى أن تصاب بحالة من التعب الشديد إذا ما داومت على الشعور بالقلق وإرضاعه طوال النهار والليل. فهذا القلق من شأنه أن يوقف إدرار اللبن ويؤثر بالسلب على رد الفعل الانعكاسي لإدراره أيضا.
من المفضل أن ترضعي طفلك كلما رغبت في ذلك، ولا بأس أيضا من أن تتركي طفلك يبكي قليلا أملا في أن يعاود النوم مرة أخرى. أحيانا إذا حمل الأب الطفل بين ذراعيه واحتضنه، فسوف يسهم الإحساس بالدفء بجانب التعرف على رائحة الأب المختلفة عن الأم في تهدئة الطفل؛ كما يمكن أن يساعد تقميط الطفل وأرجحته في تهدئته أيضا. ولكن، إذا لم يجد أي من هذه الأشياء، فعليك معاودة إرضاعه.
إن الطفل الذي يبذل جهدا في المص مرارا وتكرارا ولا تبدو عليه علامات الرضا، قد لا يحصل على كمية كافية من اللبن. تأكدي من سماعك لصوت ابتلاعه اللبن؛ وتأكدي من أن برازه لين وأنه يخرج عدة مرات على مدار اليوم، ويتبول باستمرار؛ واجعلي الطبيب يتأكد مما إذا كانت هناك زيادة في وزنه أم لا. ابحثي عن مساعدة استشاري الإرضاع مبكرا قبل تفاقم المشكلة.
هل يتم الإرضاع من ثدي واحد أم من الثديين معا؟
في مناطق كثيرة من العالم حيث تعد الرضاعة هي الطريقة الرئيسية لإطعام الأطفال الصغار – وتحمل الأمهات صغارهن في كل مكان في حمالات صدرية أثناء عملهن – يستيقظ هؤلاء الصغار من النوم ليتم إرضاعهم من الثدي مرارا وتكرارا. فيرضعون كمية ضئيلة إلى حد ما من ثدي واحد، ثم سرعان ما يخلدون إلى النوم مجددا. أما في مجتمعنا والذي تتم إدارة شئونه بشكل كبير وفقا لمواعيد محددة ودقيقة، وحيث يتم وضع الكثير من الصغار في سرير خاص بهم في حجرات هادئة بعد الرضاعة، أصبح هناك اتجاه نحو تقليل عدد الرضعات مع الاهتمام بكمها. فإذا ما كانت الأم قادرة على إدرار كميات وفيرة من اللبن، فقد ينتاب الطفل شعور بالرضا تجاه الرضاعة من ثدي واحد في كل رضعة. فيحصل كل ثدي على التحفيز الكامل نتيجة الرضاعة الكاملة حتى وإن تمت الرضاعة مرة واحدة فقط كل أربع إلى ثماني ساعات.
على الرغم من ذلك، تكون كمية اللبن في ثدي واحد – في الكثير من الحالات – غير كافية للطفل؛ ومن ثم يتم إعطاء الثديين للطفل في كل رضعة، حيث يتم تقديم الثدي الأيسر أولا في الرضعة، ثم الثدي الأيمن في الرضعة التالية. وعلى أية حال، يفضل بعض الأطباء والأمهات إتمام الرضاعة من الثديين معا. ومن أفضل وأبسط الطرق المتبعة هنا هو ترك الطفل ينتهي من رضاعة أحد الثديين أولا ثم يتم تقديم الثدي الآخر له. ستعرفين متى ينتهي الطفل من الرضاعة عندما يترك الثدي من فمه. وقد يحتاج الطفل إلى أن يرضع القليل – أو حتى الكثير – من الثدي الثاني، اتركي له حرية الاختيار. فحرية الاختيار المتاحة للطفل تضمن لك أن ينتهي من الرضاعة عند الشعور بالشبع وليس الامتلاء.
الأنماط السلوكية للرضاعة المبكرة
أوضح طبيب يتمتع بحس الدعابة، وعكف على دراسة سلوكيات مئات الأطفال عند الرضاعة من الثدي لأول مرة أن هناك أنماطا مختلفة للأطفال الذي يرضعون طبيعيا لأول مرة، فتجد نمط الطفل المتلهف والذي يسحب الثدي إلى داخل فمه ويمصه بقوة حتى يشبع. وتكمن المشكلة الوحيدة لدى هذا النمط في أن الطفل يظهر جهدا مبالغا فيه عند مص الحلمة إذا ما شعر بتوقف إدرار اللبن.
أما النمط الانفعالي، فإنه يتسم بدرجة كبيرة من الانفعال والنشاط حتى إنه يترك الثدي، وبدلا من محاولة رضاعته مرة أخرى، فإنه يصرخ ويبكي. وقد يستلزم الأمر حمله وإسكاته لعدة دقائق كي يصبح هادئا بما يكفي لمعاودة الرضاعة مرة أخرى. والجدير بالذكر أن هذا النمط عادة ما يتحسن ويستقر بعد مرور عدة أيام.
أما النمط المسوف، فإنه لا ينزعج من قلة الرضاعة في الأيام القليلة الأولى؛ لأنه ينتظر إدرار اللبن. ولا يضايقه سوى حثه على الرضاعة؛ فهو يرضع بطريقة مقبولة مع مرور الوقت. أما النمط المتذوق، فهو من يطبق فمه لفترة وجيزة على الحلمة، ويتحسس طعم قطرة اللبن على شفتيه ويتذوقها قبل الإقبال على الرضاعة. ولا يغضبه أيضا سوى بذل تلك الجهود للتعجيل من إقباله على الرضاعة.
النمط المسترخي؛ وهو من يريد الرضاعة لدقائق قليلة، ثم الحصول على راحة لدقائق أخرى قليلة قبل استئناف الرضاعة مرة أخرى. ولا يمكن استعجاله على الإطلاق؛ فعادة ما تكون لديه طريقته الخاصة والمميزة في الرضاعة، ولكنها تستغرق منه وقتا أطول.
الجدير بالذكر أن هناك أنماطا سلوكية أخرى وخصوصا في الأسابيع الأولى للرضاعة والتي تجعل مهمة الأم أكثر صعوبة، بل وقد تقودها إلى أن تفقد صوابها. ولكن لحسن الحظ أن معظم الرضع يقلعون عن هذه الأنماط غير الملائمة في غضون أسابيع قليلة.
الأطفال الذين يرضعون رضعات صغيرة وسرعان ما يخلدون إلى النوم
لا تتسم سلوكيات الرضاعة لدى هؤلاء الأطفال بالعنف أو القوة؛ لأنهم سرعان ما يخلدون إلى النوم بعد خمس دقائق تقريبا من بدء الرضاعة. فلا تتمكنين من معرفة ما إذا كانوا قد حصلوا على كمية معقولة من اللبن أم لا. ولكن لا بأس من خلودهم إلى النوم لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات، إلا أنهم قد يستيقظون ويبكون مرة أخرى بعد عدة دقائق من وضعهم في فراشهم. ولا نعلم حقا الأسباب وراء هذا السلوك تحديدا. ولكن ربما لا تكون وظائف الجهاز العصبي والجهاز الهضمي معا لدى هؤلاء الأطفال قد اكتملت كما ينبغي. وربما يكون دفء حضن الأم، بجانب وجود الثدي في أفواه هؤلاء الأطفال، كافيا لأن يعاودوا النوم مرة أخرى، ولكن عند وضعهم مجددا في فراشهم الأكثر صلابة وبرودة، فإن جوعهم سيوقظهم مرة أخرى. وعندما يكبرون قليلا ويعرفون ما يدور حولهم، سيتسبب الجوع في إيقاظهم إلى أن يأكلوا ويشبعوا. إذا شعر طفلك بالنعاس أو بالقلق بعد دقائق قليلة من رضاعة ثدي واحد، فيمكنك إرضاعه من الثدي الآخر لكي تلاحظي ما إذا كان التدفق الأسهل للبن سيساعده في التغلب على هذا الشعور. ستودين أن يرضع طفلك على الأقل خمس عشرة دقيقة من ثدي واحد كي تضمني حصولك على التحفيز الملائم لثدييك، إلا أنه إذا لم يفعل ذلك فلا بأس.
الرضع العصبيون
يتصرف الرضع الآخرون الأكثر جوعا أو الأكثر يقظة أو ثقة بقدر من العصبية عندما لا يجدون اللبن الكافي لتغذيتهم. فيهزون رءوسهم بعنف بعيدا عن ثدي الأم ويصرخون، ويحاولون مرارا وتكرارا ثم تنتابهم العصبية مجددا. ومما يزيد من شعور الأم بالقلق حقيقة عدم رضاعة طفلها على نحو ملائم، مما يؤدي إلى دخول الأم وصغيرها في دائرة مفرغة باستمرار. ولكن إذا أدركت الأم كيف يؤثر التوتر والقلق بالسلب على إدرار اللبن؛ فيمكن لها عندئذ استخدام كل براعتها كي تجد أفضل طريقة لديها كي تهدأ وتسترخي قبل وأثناء الرضاعة. فالأمر يختلف من شخص لآخر؛ فيمكن للأم سماع الموسيقى أو قراءة المجلات أو مشاهدة التليفزيون – أيا كانت الطريقة الأفضل لديها؛ كي تهدأ ولا تتوتر.
رأي طبيب:
عندما يرفض الطفل رضاعة الثدي ويستمر في رفضه، فلن تتوقف الأم عن الشعور بخيبة الأمل والإحباط والقلق. ولكن، يجب ألا تنساق وراء شعورها بجرح مشاعرها بسبب هذا المولود الجديد عديم الخبرة والذي يبدو عنيدا. وإذا أمكن للأم المحاولة معه بإعطائه المزيد من الرضعات القليلة، فقد تتحسن الفرص أمامها ليصبح الطفل قادرا على إدراك ما يحدث.