التصنيفات
صحة ورعاية الطفل

طول الطفل قصير أو طويل | وزن الطفل سمين أو نحيف

هل الطفل قصير جداً أم طويل جداً؟

يظهر في المنحني في اللوحة رقم 2 إذا كان طفلك طويلاً أم قصيراً بالنسبة لعمره. هنا ترين منحني النمو الخاص بالطفلة هبة، ذات السنوات الأربع من العمر. يبلغ طول هبة 95 سم. تعتبر هبة طفلة قصيرة. 97 من مئة من الأطفال الذين هم في عمرها هم أكثر منها طولاً. لكن هبة تنمو بشكل مستمر ومتوازن. والدا هبة كلاهما ليسا من ذوي القامة الطويلة. لذا فإن طول هبة متناسب مع استعداداتها الوراثية. ويسير كل شيء لديها بشكل نظامي. وما دام طفلك ينمو بشكل متوازن، شأنه شأن هبة في نموها، فإن الطول لا يلعب دوراً هاماً، وللوراثة أبلغ الأثر في تحديد الطول الذي سيبلغه طفلك.

يمكن تحسين مردود الطول عند الطفل عن طريق الرياضة وبخاصة المرجحة وربطها لدى طفل المدرسة مع الصلوات الخمس حتى لا يملّ الطفل وحتى لا يؤثر ذلك على نشاطه المدرسي.فإن مارس المرجحة عشر دقائق مع كل صلاة فإن ذلك سيضاعف نموه من جهة الطول وينمو بشكل يكون من نتائجه أن الطفل سيكون أطول من والديه القصيرين بشكل واضح.

أما إذا توقف طفلك فجأة عن النمو، فإن طبيب الأطفال سيبحث عن السبب، لأن توقف النمو قد يكون مؤشراً لمرض خطير.

هل يمكن أن يكون الطفل طويلاً جداً؟ نعم، يوجد بطبيعة الحال أطفال يخرجون عن الإطار المعتاد ويفوقون أقرانهم بمقدار حجم الرأس طولاً. ليست الأمور دائماً سهلة بالنسبة لهؤلاء الأطفال. لأنهم يبدون للوهلة الأولى وكأنهم أكبر من أقرانهم، وبالتالي فإننا ننتظر منهم من المنجزات أكثر بكثير مما ننتظر من الآخرين. على كل حال، إذا كان طفلك ينمو بسرعة ليصبح طويلاً جداً، فإن هذا ليس مؤشراً لوجود مرض ما.

يمكن دوماً الاستعانة بمنحني النمو الذي يقدم نقطة ارتكاز جيدة ومعياراً علمياً، فإذا لم يعد منحني النمو يسير بشكل متوازن، وإنما “كسر” إلى الأعلى بشكل غير مألوف فلابد من الذهاب احتياطاً إلى الطبيب وهو يقرر ويخبر الأهل، إذا كانت الأمور لا تزال في “منطقة الأمان”. وقد يستلزم الأمر في حالات نادرة المعالجة بالهرمونات التي تساعد على البلوغ مما يوقف النمو بشكل مبكر أو يلزم معايرة هرمون النمو في الغدة الدرقية وهذا ما يقرره طبيب الأطفال. وللاطمئنان نذكر أن هذه حالات نادرة في بلادنا ولا داعي للقلق منها ولها علاج عند الضرورة.

هل الطفل خفيف جداً أم ثقيل جداً؟

اللوحة رقم 3 المعروضة أدناه جديرة بالاهتمام. نقرأ عليها إذا كان الطول والوزن متلائمين لدى الطفل. وتوضح هذه اللوحة كذلك كيف يزيد وزن طفلك. بإمكانك أن تقارني، هل تأخذ قيم طفلك مكان الوسط تماماً، الجانب العلوي أم الجانب السفلي، أم تقع خارج المنحني؟ هل يتوجه المنحني لدى طفلك نحو الأعلى أم يهبط في وقت من الأوقات نحو الأسفل؟ هل يوجد ثنيات في المنحني أم إنه متوازن جداً؟ ما الوضع الطبيعي؟ وما مؤشرات الإنذار؟ وما الأمر الذي يشكل سبباً مبرراً للقلق؟

نرى في اللوحة رقم 3 منحنياً للسنوات الأربع الأولى من العمر. ولدينا قيم خاصة بثلاثة أطفال: بشرى، هبة، محمود. يبلغ الأطفال الثلاثة أربع سنوات من العمر. بشرى “ذات الوزن الطبيعي”، هبة “ذات الوزن الخفيف” ومحمود “ذو الوزن الثقيل.” لقد تطورت أطوالهم وأوزانهم بشكل مختلف.

يبلغ طول هبة 96 سم وتزن 12 كغ. ويزن محمود ذو ال 20 كغ ضعف وزن هبة تقريباً ولكنه أطول منها ب 10 سم أيضاً. وتحتل بشرى مكان الوسط فطولها 100 سم ووزنها 16 كغ. ماذا تعني لنا الخطوط المتباينة ؟

للمنحنيين المطبوعين قبل رسم منحنيات نمو الأطفال نقاط تحديد في الأعلى وفي الأسفل. وتقع قيم نمو معظم الأطفال قرب الوسط بينهما. وهذا هو حال منحني نمو بشرى لدينا في اللوحة رقم 3. كان وزنها منذ ولادتها متناسباً مع طولها، وزاد وزنها خلال السنوات الأربع بشكل متوازن ومطرد. ولا مجال للشك في أن وضع بشرى سليم، إذاً فهي تأكل أيضاً بشكل سليم.

رغم ذلك كانت والدة بشرى مقتنعة بأن طفلتها قليلة الأكل. وفي كل زيارة للطبيب كانت تعيد على مسامعه شكواها من قلة أكل ابنتها قائلة: ” إن ما تأكله لا يقيم الأود “. وغالباً ما كان الطبيب يضع لها منحني النمو أمامها كبرهان على أن الوضع لا يمكن أن يكون أفضل مما هو عليه. وكانت تقتنع في كل مرة ولكن سرعان ما كانت شكوكها تعاودها. ترى أي خبرات شخصية رسخت شكوكها بهذا الشكل العنيد ؟

ماذا يعني أن تساير قيم نمو الطفل الخط الأعلى بدقة كما هو الحال لدى هبة على اللوحة ؟ لقد تعرفنا على هبة في اللوحة رقم 2. وكانت قصيرة بالنسبة لعمرها. وإضافة لذلك فهي رقيقة جداً، وهذا يعني: إن وزن هبة حتى بالنسبة لطولها قليل. إنها نحيلة فعلاً؛ و97% من الأطفال ذوي الطول نفسه، يزنون أكثر منها؛ و3% فقط من الأطفال هم قليلو الوزن مثل هبة أو ربما أقل وزناً منها.

والآن قارني: هل لطفلك منحني نمو مشابه لمنحني هبة، يساير الخط الأعلى أو ربما يسير فوقه ؟ إذا كان الأمر كذلك، فإن طفلك أيضاً نحيل دون شك. ولكن هل هو “نحيل جداً”؟ ليس بالضرورة. يساعدك منحني النمو على معرفة ما إذا كان وزن طفلك يزيد بشكل متوازن. فإن كان الأمر كذلك وكان طفلك نشيطاً ونبيهاً وصحيح الجسم كما هو حال هبة، تأكدي أن طفلك ليس “نحيلاً جداً” بل يتمتع بوضع صحي سليم وكل ما في الأمر أنه ورث القد الصغير (ترى ممن ؟) وينتمي – مثل هبة – إلى ال 3% من الأطفال النحيلين والذين يتمتع معظمهم بصحة جيدة ويأكل جيداً ويمكن في هذه الحالة تحسين وضع الطفل عن طريق مساعدته بالمقويات والرياضة وبخاصة المرجحة..

كان صعباً على أهل هبة أن يستوعبوا وأن يتقبلوا أن ابنتهم قصيرة القامة، نحيلة وتأكل وجبات صغيرة خفيفة الوزن، ولكن تنمو بما يتناسب مع استعداداتها الوراثية، بكل تأكيد، بشكل ممتاز. كنا نحتاج دوماً إلى أن نكرر على مسامعهم قولنا: ” انظروا إلى ابنتكم كم هي نشيطة ! وكم هي نبيهة وبارعة ! وكم تشع بهجة وحيوية ! إنها توضح لكم بشخصيتها سلامة وضعها وهي تأكل بشكل سليم. وأما من الناحية الجمالية فإن تعديل وضعها إلى الشكل الأفضل يحتاج إلى شيء من التعاون والمتابعة والعناية بمساعدة طبيب الأطفال.

حين تكون قيم نمو طفلكم مثل محمود، وتساير الطرف الأسفل أو تقع تحته، فإن وزنه ثقيل مثل وزن محمود نسبة إلى طوله. ربما يبدو طفلك ممتلئاً بل مستديراً بعض الشيء. 3% فقط من الأطفال الذين لهم الطول نفسه يزنون أيضاً وزنه أو هم أكثر وزناً منه. هل تجدين طفلك الآن وعلى كل الأحوال سميناً جداً ؟ ليس بالضرورة. تستطيعين التأكد على المنحني، هل زاد وزن طفلك بشكل متوازن مثل محمود دون أن يزيد بشكل مفاجئ؟ هل هو نشيط وصحيح الجسم؟ إن أهل محمود لا يرتكبون أي خطأ بخصوص ماذا يأكل الطفل وكيف يأكل أي بخصوص الغذاء الذي يقدمونه لطفلهم ولا في تطبيق قواعد المائدة، إذاً لمَ يصل وزنه إلى هذا الحد المرتفع؟ ليس الأطفال ذوو الوزن العالي بالضرورة هم ممن يحملون نسبة عالية من الدهن في أجسامهم. محمود طفل قوي وذو عضلات. إنه ينمو بما ينسجم مع استعداداته. إن وضعه جيد وهو يأكل بشكل جيد.

ليس من الصعب على والدي محمود أن يتقبلاه رغم وزنه الثقيل. فكلاهما ليسا نحيلين: ويقولان عن نفسيهما أنهما من النمط “الممتلئ والمرح”. يعمل والد محمود كمدرب للشباب في نادي كرة القدم، ويشاركه محمود نشاطه بكل سرور. ويمتلك كل فرد في الأسرة القوة والطاقة. ويمكن عن طريق أنواع أخرى من الرياضة مثل كرة القدم أو السباحة أو الجري تحويل كمية من الدهن الزائد عند هؤلاء الأطفال إلى نسيج عضلي قوي يساعد في حمل الجسم ولا يحتاج لمن يحمله.

ربما تكون حالة ابنك لا غبار عليها تماماً كحالة محمود، بالرغم من أن خطه البياني خارج المنحني. وسوف تقيمين الوضع بشكل أفضل حين تقرئين الفصول الخاصة بالتغذية الصحية وأخطاء الوالدين المحتملة.

إذا أعدت النظر في اللوحة مرة أخرى، تستطيعين الآن فهمها بشكل صحيح: الأطفال الثلاثة متباينون “كما خلقهم رب العالمين”، ولكن الله تعالى لم يخلقنا ويهملنا بل وجّهنا للعمل والاهتمام والعناية والمتابعة وهذا يحتاج إلى القناعة والتعاون بين الأولاد والأهل وليس للإكراه. الأطفال الثلاثة بوضع جيد، ولا تشكل قيم محمود وهبة المتطرفة على المنحني سبباً للقلق. فالأطفال بصحة جيدة ونشيطون وينمون بشكل ممتاز. ويزداد وزنهم بشكل دائم ومتوازن. ويحق لأهلهم أن يكونوا سعداء بهم وهم يتناولون الغذاء بشكل جيد.

سرعة النمو: النمو المتباطئ والنمو المتسارع

لا يزيد الوزن دوماً بشكل متوازن كما هو الحال لدى هبة وبشرى ومحمود. نرى في اللوحة رقم 4 مرة أخرى منحنيين، مختلفين جداً عن بعضهما. منحني فيصل ومنحني هيا. نما كلا الطفلين بشكل متوازن وكل منهما طويل القامة وسطياً. بإمكانكم التعرف على اللوحة على تطور الوزن في السنتين الأولى والثانية من العمر. بإمكاننا أن نرى على منحني فيصل الأخضر ما يلي:

كان وزن فيصل عند الولادة 3,3 كغ، وهو وزن ملائم لمتوسط الوزن. حين بلغ من العمر عامين صار وزنه 10 كغ وهو وزن قليل بالنسبة لطوله البالغ 85 سم. بدءاً من الشهر الرابع من العمر اتجه خط نموه ببطء وبلغ تمامه بهذا التوجه البطيء مع بلوغ السنة حيث وصل إلى الطرف الأعلى من المنحني. ومنذ ذلك الحين يسير المنحني الخاص به بشكل مساير للطرف الأعلى. 3% فقط من الأطفال من ذوي الطول نفسه يزنون مثله هذا الوزن الخفيف. فهل في ذلك مؤشر لمشكلة جدية؟ تقول أم فيصل: “ما أجمل فيصل في الشهور الأولى من عمره ! لقد كان كل شيء طبيعياً. لمَ أصبح الآن ومنذ سنة نحيلاً إلى هذا الحد ؟” يمكن التعبير عما أظهره منحني وزن فيصل “بالنمو المتأرجح نحو المستوى المنخفض” أو “النمو المصاحب بالتوقف” أو “النمو المتباطئ”. كان فيصل في الشهور الأولى من حياته ثقيل الوزن نسبة إلى ظروفه, وقد زاد وزنه بدءاً من الشهر الرابع ببطء واضح حتى وصل إلى الوزن المتناسب في الواقع مع استعداداته، وبقي على هذا الوزن، لذا فإن منحني فيصل طبيعي.

اللوحة رقم 4: سرعة النمو

لقد قلق والدا فيصل بشأن طفلهما حين صار أقل شرباً للحليب وأصبح نحيلاً. كان فيصل لحسن الحظ صحيح الجسم واستطاع والداه أن يلمسا ذلك. وأدركا في نهاية العام الثاني أن فيصل وجد طريقه على طرف المنحني وأن هذا المنحني هو الوضع السليم له.

نرى مثل هذا المنحني لدى أطفال كانوا ثقيلي الوزن بشكل واضح عند الولادة (4 – 5 كغ) ثم اتجه منحني نموهم خلال السنة الأولى من عمرهم نحو الوسط حيث مكانهم الطبيعي وحيث بقوا.

يسير منحني النمو الخاص بالطفلة هيا بشكل معاكس تماماً. فقد كان وزنها عند الولادة المبكرة بعشرة أسابيع 1400 غ. فقدت الطفلة في البداية شيئاً من وزنها ولكنها ما لبثت أن عوضت بعد ذلك بسرعة. وبلغ وزنها في نهاية العام الأول من العمر الوزن الوسطي 10,5 كغ ووصل طولها إلى الطول الوسطي75 سم. وأصبح وزنها في نهاية العام الثاني أعلى من متوسط الوزن.

يسمى هذا النمو بالنمو” المتسارع “. ويأتي أمثال هيا من الأطفال غالباً بولادات مبكرة إلى هذا العالم، لذا فهم في البداية قصيري القامة وخفيفي الوزن. يجد بعضهم، أمثال هيا، طريقه على منحني النمو ويزيد وزنه بشكل يدعو إلى التعجب. هيا أيضاً وجدت في العام الأول مكانها الطبيعي على منحني النمو.

يظهر لنا من مثال فيصل وهيا بوضوح أن الوزن والطول عند الولادة لا يعنيان كثيراً. والمنحنيات التي تعلو وتنخفض هي منحنيات طبيعية. ويتسارع النمو أو يتباطأ وبخاصة في السنة الأولى من العمر. وتظهر في أواخر السنة الثانية من العمر البصمة التي تطبعها الاستعدادات.

منحنيات النمو

كيف تكتشفين موضع الخطأ في نمو طفلك

قد تتساءلون مادام كل شيء صحيحاً فما فائدة منحنيات النمو؟ و هل هناك منحنيات تشير إلى مشكلة ما؟ نعم! يوجد مثل هذه المنحنيات، وإن كانت نادرة. و القاعدة هنا: إذا كان وضع طفلك جيداً فلا بأس إن خرج عن الحدود وعن المنحني. ولا تقلقي حتى وإن لم يساير منحني النمو الخاص به خط المنحني المتوسط. وكوني جاهزة لمقابلة جميع أنواع النصائح المفيدة وغير المفيدة التي قد تقدم لك، وفيما يلي مثال على هذه النصائح:

” منذ 15 عاماً أخبرتني إحدى الأمهات المرضعات: تبلغ ابنتي الآن أربعة شهور من العمر ولا أزال أرضعها بشكل كامل. منذ أسبوعين وزنها طبيب الأطفال ووجد – حسب رأيه – أن وزنها ثقيل بالنسبة لطوله. وطلب مني أن أفطمها وأعطيها اللبن كي يخف وزنه. ولكن برأيي ليأكل هو اللبن, وحليب الأم وحده لا يمكن أن يؤدي إلى سمنة زائدة عند الطفل. وهذا ما يقره كل عاقل. لقد بحثت لابنتي عن طبيب آخر.” وهذا صحيح لأن خالق البشر هو الذي يعطي حليب الإنسان للإنسان وهو الذي خلق حليب الحيوان للحيوان وليس للإنسان.

كوني حذرة جداً تجاه النصائح الخاصة بالوزن الزائد أو بنقصان الوزن. ومن أراد أن يدلو بدلوه في هذا المجال، عليه أن يقوم بما يلي:

• أن يتأمل الطفل، ليرى هل هو صحيح معافى وجيد النمو.

• أن يتأمل الوالدين، ليعرف ما الاستعدادات الوراثية التي يمكن أن تلعب دورها.

• وأن يتأمل منحني النمو والوزن، هل المسيرة غير عادية.

بعد كل المنحنيات ” الطبيعية ” التي عرضناها لكم، نعرض الآن منحنيين غير طبيعيين، قد يظهران من وقت لآخر في عيادة طبيب الأطفال.

كان وزن دارم عند الولادة 4,140 كغ أي أنه تجاوز متوسط الوزن. وكانت أم دارم سعيدة للغاية لأن طفلها كان سهل العناية به، فهو لا يبكي أبداً تقريباً. كان ينام وعمره ستة أسابيع ليلاً باستمرار، ويذكرها كل خمس أو ست ساعات فقط بوجوده. وكان ينام في النهار أيضاً ساعات طوالا. كان يرضع الحليب من صدر أمه دون إقبال شديد ويتوقف بعد بضع دقائق عن الرضاعة. ولكن، كان يبدو أن هذا يكفيه لأنه كان يحتمل البقاء دون رضاعة عدة ساعات حتى الوجبة التالية.

وفيما يلي نعرض منحني وزن دارم في الشهور الاثني عشر الأولى من العمر على اللوحة التالية، اللوحة رقم 5.

عادةً، يزيد وزن حديثي الولادة في الأشهر الأولى بسرعة. ويتضاعف وزن أطفال كثيرين حين يبلغون نهاية الشهر الرابع من العمر. أما دارم فقد زاد وزنه في الأسبوع الأول من العمر أقل من المعتاد. لكنّ هذا لم يشكل مؤشراً للخطر. فقد كان على كل الأحوال عالي الوزن لدى ولادته.

حين بلغ دارم ثلاثة أشهر ونصف من العمر وجدنا أنه منذ ستة أسابيع لم يزد وزنه على الإطلاق. كيف حدث ذلك؟ لقد تم إرضاعه بشكل كامل. إذاً لمَ لم يأخذ من حليب أمه أكثر؟ مادام الأطفال يعرفون بفطرتهم كم يحتاجون من الطعام؟

كان لدى دارم وأمه مشكلة. لم يكن دارم نشيطاً جداً ولا ملحاً بطلب الطعام. فلم يعط أمه إشارات واضحة حين كان يجوع. كانت خمس إلى ست ساعات تفصل بين الرضعة والرضعة التالية وكانت هذه مدة طويلة جداً بالنسبة لطفلٍ رضيع. وإضافةً لذلك فسّرت الأم كل عزوفٍ لابنها عن الصدر بأنه “شبع” وأبعدت صدرها عنه، ولم يكن دارم ليحتج وكانت الأم تفرح لأن رعاية ابنها سهلة.

والآن ماذا حصل؟ لقد أخذ دارم من الحليب القليل والنادر. وبما أن حليب الأم يتكون بما يتناسب مع الطلب عليه، فإن الحليب لدى الأم أصبح أقل وأقل في وقت كان الطفل يحتاج منه كمية أكبر. ولم تعد كمية الحليب بالقدر المطلوب. وبدأ دارم يعاني من “نقص في التغذية ” على صدر أمه. حين انهار وزنه بشكل واضح، جاءت به أمه إلى عيادة طبيب الأطفال، ولم يبق أمام الطبيب سوى أن يقدم لها بشكل استثنائي النصيحة بالتغذية الاصطناعية. وهكذا استعاد دارم في وقت قصير جداً عافيته ووجد مكانه الطبيعي على منحني الوزن في الشهر السادس من عمره.

والآن نعرض منحنياً آخر مثيراً للاهتمام على اللوحة رقم 6: عدم تحمل القمح.

بخلاف حالة دارم زاد وزن مصعب في الشهور الستة الأولى من العمر بشكل متوازن. وتم إرضاعه خلال هذه الفترة بشكل كامل. بعد ذلك حوًلت أمه في تغذيته إلى مسحوق القمح. وبدأ منحني النمو بالهبوط. وبدا كأن جسمه لا يتحمل هذا الغذاء. وأظهر التشخيص والمعالجة أن جسم مصعب لا يحتمل القمح ونصحت الأم باستخدام الأرز أو طحين الذرة في تغذيته. ومنذ أن صحح الوضع تحسنت صحة مصعب وعوّض في السنة الثانية من العمر كل ما فاته من النمو بشكل جيد.

وهذه حالات معروفة في طب الأطفال وهي عدم تحمل طحين القمح (Gluteen) حيث يتراجع وزن الطفل بمجرد البدء بإضافة طحين القمح لغذائه مثل الكعك أو البسكوت أو غير ذلك. وتحصل معه إسهالات مستمرة وسوء في الهضم واختلال في النمو نتيجة ذلك.

كذلك تتحسن حالة هؤلاء الأطفال بمجرد رفع كل مشتقات القمح من غذائهم واستبدالها بطحين الذرة أو الأرز أو لبطاطا.

ربما افتقدتم أننا لم نعرض حتى الآن منحني نمو طفل نقص وزنه أو زاد فجأة بسبب التوتر. لا يمكن أن نعرض عليكم مثل هذا المنحني لأن الأطفال يأتون فقط في السنوات الست الأولى من العمر بشكل نظامي للفحص الطبي إلى العيادة وفي هذا العمر لا يوجد زيادة مفاجئة بالوزن أو نقصان مفاجئ بسبب “التوتر” لأن نظام الضبط الداخلي لا يزال يعمل بشكل جيد لدى الطفل.

واضطرابات التغذية في عمر الرضع التي نسمع عنها أحياناً: حين يرفض الأطفال بشكل تام الغذاء ويتسبب ذلك في تهديد صحة الطفل وتهديد العلاقة بين الوالدين والطفل، ألا تستدعي إدخال هؤلاء الأطفال المصابين المستشفى؟ ألا يوجد مثل هذه الحالة؟

الجواب: نعم، طبعاً تعاني علاقة الأهل والطفل من الموقف الغذائي المتوتر في بعض الأحيان إلى حد بعيد. قد يصبح الأمر مخيفاً بالنسبة للأم حين يرفض طفل صغير الغذاء. وكذلك الأمر بالنسبة للطفل الذي قد تخيفه محاولات الأم اليائسة لتغيير الوضع.

أحيلت الطفلة ديما، ذات الشهور الستة من العمر، إلى قسم خاص في مشفى الأطفال برفقة أمها لأن الأم كانت فاقدة الأمل وبحاجة ماسة للمساعدة. لقد كانت مقتنعة بأن ابنتها سوف ترفض الغذاء لعدة أيام إن لم ترغمها على الطعام. لقد ارتكبت الأم جميع أخطاء تغذية طفلتها. لكن، ازداد وزن ديما بالرغم من العلاقة المخربة مع أمها وبالرغم من الرفض المتكرر للطعام. لقد كانت الأم والابنة بحاجة إلى مساعدة نفسية. لكن الرضيعة لم تكن وبالرغم من كل ما حصل نحيلة جدا.

يختلف الوضع لدى الخدج الذين يتنفسون ويتغذون طيلة أسابيع وشهور بشكل اصطناعي. فهم يرفضون كل ما يلمس أفواههم، بسبب الخبرات التي يمرون بها بشكل مستمر والتي تطال الفم والبلعوم. ويحتاجون إلى كثير من الصبر والحب حتى يعتادوا ببطء شديد على قبول المصاصة أو الملعقة. وإضافة إلى ذلك، عليهم أن يتعلموا كيف يبلعون. يستطيع الطفل المولود في وقته، بعد إتمام شهور الحمل به، أن يتقن خلال يومين بعد ولادته عملية المص والبلع. وقد يأخذ هذا التطور لدى الخديج شهراً وقد يستلزم الأمر لدى الخدج غير الناضجين ثلاثة شهور. وطبيعي أن الأمر سيصل في مثل هذه الحالات النادرة والصعبة إلى مستوى حرج جداً من التوتر وخسارة الوزن، ولابد للأهل، إذا لم يستطيعوا إنجاز المطلوب وحدهم، من طلب المعونة المختصة.

جدول الأطوال والأوزان حسب العمر

وكختام للبحث في موضوع طول الطفل إن كان قصيراً أو طويلاً ووزنه إن كان بديناً أو نحيلاً نورد فيما يلي جدول الأطوال والأوزان حسب العمر من جامعة بون في ألمانيا الاتحادية والذي يعتمده أطباء مشافي الأطفال فيها كمرجع معياري علمي عالمي:

جدول رقم 1: جدول الأطوال والأوزان حسب العمر

استنتاجات

طول الطفل قصير أو طويل

نلخص فيما يلي النقاط الهامة في هذا الموضوع:

• إذا كان طفلك صحيح الجسم وسليماً ومعافى فإن تغذيته سليمة، سواء كان سميناً أو نحيفاً أو وسطاً بينهما.

• لا تحاولي تحقيق “الشكل الحلم” لدى طفلك، ولكن، اقبليه كما هو: طويلاً كان أم قصيراً، سميناً أم نحيلاً، رقيقاً أم قويا. وإذا ما قدمت الطعام الجيد والكافي لطفلك فإن وضعه، كما هو، سليم غالباً.

• وإذا رغبت بمساعدة طفلك فلا مانع من التعاون مع الطبيب المختص لتحسين طوله عن طريق الرياضة أو تخفيف وزنه عن طريق الرياضة أيضاً.

• يستطيع الأهل خلال الفحوصات الدورية الوقائية عند طبيب الأطفال معرفة نمو طفلهم وزناً وطولاً ومعرفة ما إذا كانت الأمور تسير بشكل عادي أو غير عادي.

• النمو المتوازن هو مؤشر جيد على الدوام.

• يعتبر ظهور “النمو المتباطئ” و “النمو المتسارع” في السنة الأولى من العمر أمراً طبيعياً.

• يشير الهبوط المفاجئ والشديد في وزن الطفل الرضيع أو الطفل الصغير إلى وجود مرض يجب التعرف عليه ومعالجته. ولا يحل المشكلة هذه إعطاء الطفل المزيد من الطعام.

• سواء كان طفلك ثقيل الوزن أم خفيفه أم متوسطاً فيه لا بد لك من مراعاة قواعد التغذية السليمة الذهبية: أنت تقررين، ماذا تقدمين لطفلك من طعام، وطفلك يقرر، إذا كان يريد أن يأكل منه وكم يريد أن يأكل منه. ويسري هذا على الأطفال ذوي الوزن الثقيل وكذلك ذوي الوزن الخفيف. وهكذا فقط يستطيع طفلك أن يجد طريقه إلى وزنه الأفضل المتناسب مع استعداداته.

• بالطبع إن كان جسم الطفل يميل إلى البدانة والسمنة وزيادة الوزن فيمكن توجيهه غذائياً بزيادة الخضار الطازجة كالسلطة أو المسلوقة وزيادة الفواكه في غذائه وتخفيف المواد الدهنية والسكرية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى توجيهه إلى رياضة المشي أو الألعاب التي يلزمها حركة ككرة القدم أو السباحة وهذا يساعد في توازن جسمه