لطالما رددت الأمهات فوائد شرب الحليب حتى تحول إلى رمز للعافية وضرورة غذائية (أو هكذا قيل لنا) لعظام قوية وأسنان لامعة. غير أن كثيرا من مزاولي الطب البديل يؤكدون بأن كل ما نسمعه عن حسنات الحليب ليس سوى أكاذيب بيضاء.
“الحليب ليس غذاء كاملا، كما يسوق له دوما”، وفقا لما تقوله جاكلين كرون، دكتورة في الطب، طبيبة في نيو مكسيكو. فمن شأن الحليب برأيها أن يسبب أعراض تحسس على أنواعها، كالإسهال والربو وإنتانات الأذن والطفح والشرى.
ويوافقها جايمس برادلي، دكتور في الطب، أخصائي أمراض تحسسية في بوكا رايتون، فلوريدا، فيقول: “لقد أسيء فهم الحليب وبولغ في تقديره على نحو واسع. فمن المثير للسخرية أن تكون مستخرجات الألبان الأغذية الأكثر استهلاكا، وأن يكون الحليب في الوقت نفسه واحدا من نوعين أو ثلاثة من المحسسات الغذائية الأكثر شيوعا في نمط الغذاء الأميركي”.
والواقع أن كثيرا من أعراض التحسس الناتجة عن مستخرجات الألبان لا تظهر على الفور، وهذا ما يمنع كثيرين من الاشتباه بكون الحليب مسببا للتحسس، كما يضيف.
وإضافة إلى الأعراض المذكورة سابقا، يمكن للحليب أن يسبب فقدانا للدم عبر النزف المعدي المعوي. ومن شأنه في الوقت نفسه أن يمنع امتصاص الحديد، ونقص الحديد هو المشكلة الغذائية الأكثر انتشارا في الولايات المتحدة. أضف إلى أن الحليب الكامل يحتوي على دهون مشبعة تؤذي القلب.
ويرى د. برادلي أن الحليب يجب ألا يشكل جزءا من غذاء الإنسان العادي. “أعتقد بأن الغالبية العظمى من الناس حول العالم يعانون من التحسس للحليب أو من عدم احتمال اللاكتوز، أي أنهم يفتقرون إلى أنزيم اللاكتاز الضروري لهضم سكر الحليب، المدعو باللاكتوز”، كما يفسر.
بالتالي، إن كنت تعاني من الأعراض الهضمية التي يسببها عدم احتمال اللاكتوز (انتفاخ، تشنج، إسهال، وتطبل البطن)، أو أعراض أخرى تعاودهم باستمرار، قد ترغب بتجربة نمط غذائي خال من الألبان واللاكتوز.
دليل العناية الطبية
إن عدم احتمال اللاكتوز أو الحساسية للألبان لا يمثل مشكلة صحية خطيرة عادة. فما دمت تتجنب الألبان بجميع أشكالها، ستختفي الأعراض. ولكن كثيرا من الناس لا يعرفون بأنهم يعانون من عدم تحمل اللاكتوز أو التحسس للحليب. وكل ما يعرفونه هو أنهم يعانون من المشاكل الهضمية معظم الوقت.
“لقد ثبت لي خلال تجربتي الطبية بأن من يشربون الحليب غالبا ما يعانون من كثير من البلغم”، كما يقول سكاي واينتراوب، دكتور في طب المعالجة الطبيعية في يوجين، أوريغون.
“وهم أكثر عرضة لإنتانات الجيوب والسعال والصداع وإنتانات الأذن والسيلان الأنفي والزكام ممن لا يشربون الحليب”.
ولدى البعض، من شأن مستخرجات الألبان أن تسبب مشاكل أخرى أكثر خطورة، كنوبات المرارة ومرض تهيج الأمعاء وحتى القرحة.
وبما أن كثيرا من أعراض عدم احتمال اللاكتوز والتحسس للألبان تحاكي أحيانا أعراض أمراض خطيرة، عليك أن تقصد الطبيب لاكتشاف حقيقة الأعراض. وغالبا ما يتم تشخيص عدم احتمال اللاكتوز في عيادة الطبيب عبر فحص بسيط يدعى فحص النفس الهيدروجيني. إضافة إلى ذلك، قد يطلب الطبيب تحليل دم للتحسس المتأخر للحليب لمعرفة ما إذا كنت حساسا تجاه عنصر آخر في الحليب علاوة على اللاكتوز.
الغذاء الخالي من الألبان (الحليب): جربه لعشرة أيام
لكي تعرف ما إذا كنت تعاني من التحسس للحليب، انقطع عن جميع مستخرجات الألبان لعشرة أيام وانظر إن كنت ستتحسن، كما توصي إليزابيث ليبسكي، خبيرة تغذية سريرية في كاواي، هاواي. فإن اختفت أعراضك خلال الأيام العشرة ثم عادت حين أدخلت الألبان من جديد في غذائك، فأنت تعاني على الأرجح من التحسس، كما تقول.
ويتوجب عليك في هذا الاختبار أن تتجنب جميع مصادر اللاكتوز الواضحة، كالحليب واللبن والبوظة والحساء المحتوي على الكريما فضلا عن اللبن المثلج وحليب البودرة والكريما المخفوقة. ولكن تشير ليبسكي إلى ضرورة الحذر أيضا من مستخرجات الألبان المستعملة في الأطعمة المخبوزة والبسكويت والهوت دوغ واللحومات إضافة إلى الشوكولا المحتوية على الحليب ومعظم أنواع الكريما غير المرتكزة على الألبان والفطائر ومشروبات بودرة البروتين وتتبيلة السلطة الأميركية (ranch dressing). واحرص على قراءة الملصقات الغذائية وتجنب كل ما يحتوي على مركبات من الألبان، كالكازيين والكازيينات واللاكتوز وكازيينات الصوديوم أو مصل اللبن.
وإن لم تكن أكيدا ما إذا كان الطعام يحتوي على أي من مستخرجات الألبان، تجنبه خلال الأيام العشرة. فخلال الاختبار، “من المستحسن على الأرجح أن تتناول جميع وجباتك في البيت أو تحضر كل طعامك بنفسك”، كما تنصح ليبسكي.
بدائل الحليب: مرضية لمن يعانون من التحسس
إن وجدت بأنك لا تحتمل اللاكتوز أو تتحسس للحليب ولكنك لا ترغب بالتخلي عنه نهائيا، جرب بديلا للحليب، كما تنصح ليبسكي. استعمل الحليب (lactaid milk) المحتوي على أنزيم اللاكتاز الذي يهضم اللاكتوز. أو جرب حليب الصويا أو حليب الأرز أو حليب اللوز أو أي نوع آخر من بدائل الحليب الموجودة في السوق.
اللاكتاز: تناوله مع الوجبات
من الطرق التي تساعدك على الاستمتاع بالحليب إن كنت لا تحتمل اللاكتوز هو استعمال مكمل لاكتاز كمستحضر Lactaid، على شكل نقاط أو أقراص أو كبسولات. تناول المكمل مع أية وجبة تحتوي على مستخرجات ألبان، وفقا للتعليمات على الوصفة، كما ينصح ويليام ب. سالت II، دكتور في الطب، أستاذ طب سريري في كلية الطب والصحة العامة في جامعة ولاية أوهايو في كولومبوس. ويساعدك الأنزيم الموجود في المكمل على هضم اللاكتوز في مستخرجات الألبان، كما يفسر.
الألبان المحتوية على نسبة أقل من اللاكتوز: ربما كنت قادرا على أكلها
يمكن لبعض الأشخاص الذين يعانون من حالات كعدم احتمال اللاكتوز أو الحساسية للحليب أن يحتملوا كميات صغيرة من اللبن الخالص أو الجبن المعالج أو حليب الماعز أو الحليب الخالي من الدهون، وجميعها تحتوي على كميات أقل من اللاكتوز وبعض المركبات المسببة للتحسس والموجودة في الحليب الكامل، كما يشير سكاي واينتراوب، دكتور في طب المعالجة الطبيعية في يوجين، أوريغون.
الكالسيوم: يجب أن يدخل في غذائك
“ثمة مصادر أخرى كثيرة للكالسيوم غير حليب البقر”، استنادا إلى د.برايلي. وتشتمل مصادره الجيدة من السمك وثمار البحر على السلمون المعلب والسردين والقريدس والحلزون الصدفي والمحار وسمك القد وسمك الحدوق. ومصادره الجيدة من الخضار تشمل عشب البحر وأوراق الكرنب وأوراق اللفت والبركولي والملفوف والجزر والبقدونس وقرة العين والخس الروماني والقرع الصيفي والبصل.
ويمكنك الحصول على كميات جيدة من الكالسيوم من الحبوب والمكسرات، كالفستق وبزر السمسم وزبدة السمسم وقشر الشوفان والحنطة السوداء والأرز الأسمر. كما تحتوي الفاصولياء البيضاء والمرقطة والحمص والتين المجفف ومستخرجات الصويا، كالتوفو، على نسب جيدة أيضا.
وبما أن الحليب هو واحد من مصادر الكالسيوم الأكثر تركزا، قد تحتاج إلى استعمال مكمل كالسيوم لاستبدال ما يفوتك منه بالانقطاع عن الألبان، كما توصي د. كرون. ولامتصاصه بالشكل الأفضل، ابحث عن مكمل مستخلب يحتوي على الكالسيوم والماغنيزيوم بمعدل 2 إلى 1، كما تنصح. (ولا تستعمل لاكتات الكالسيوم إن كنت تتحسس للحليب لأنه يرتكز على الحليب). ويحتاج الأشخاص الذين لم يتجاوزوا الخمسين من العمر إلى 1000 ملغ من الكالسيوم في اليوم، ومن تخطوا الخمسين من العمر إلى 1500 ملغ يوميا.