نحن الآن نتمتع بمستوى معيشي أفضل من أي وقت مضى، وهذا يعني أننا نستطيع شراء المزيد من السلع، وقضاء عطلات أطول وأكثر تكلفة، وإحاطة أنفسنا بالأشياء التي تمنحنا السعادة والتسلية. ولكي ننجح في تلبية كل هذه النفقات ؛ يجب أن نعمل بكد.
العزلة
وعلى الرغم من أن ساعات العمل قد أصبحت أقل مما كان عليه الحال منذ خمسين عاماً مضت بالنسبة لمعظم الناس، إلا أننا مطالبون بتحقيق المزيد من الإنتاج والإنجاز. إن الوظائف التي كانت متاحة في وقت ما بالنسبة لشخص لم يتلق سوى التعليم الأساسي فقط، باتت تتطلب اليوم شهادات أكبر ومواصفات ذات درجة كفاءة مرتفعة. فالتنافس على الوظائف يزداد ضراوة يوماً بعد يوم، كما أن توقعات أصحاب الأعمال من الموظفين قد باتت أعلى.
ونحن نريد نفس الشيء، إن لم يكن أفضل مما كان يريده أهلنا، كما أننا بالطبع نريد الأفضل بالنسبة لأبنائنا، أي أن هناك ضغوطاً تحثنا على الإنجاز. إن حدة المنافسة، وسرعة الحياة اليوم تعني تقليص الوقت المتاح للحياة الاجتماعية، والاسترخاء. إن الشخص الذي يتطلع إلى النجاح يجب أن يكرس حياته لفكرة واحدة تسيطر على عقله. وهذا يعني أن تدفع نفسك إلى الحد الذي يفوق كثيراً ما يمكن لعقلك وجسمك أن يتحمله. إن المتطلبات الأساسية مثل: الطعام الجيد، والراحة في هذه الحالة هي التي لا توفي حقها، حتى يتسنى للشخص أن يلبي احتياجات العمل على أساس يومي.
إن هذه النوعية من الحياة ليست غير صحية فحسب، ولكنها أيضاً تفرض علينا العزلة. إن لم يكن لديك وقت لنفسك ؛ فهذا يعني أن لديك وقتاً أقل للغير. ولعل هذا هو سر نجاح التسوق من خلال الحاسوب ؛ فما عليك إلا أن تضغط على بعض الأزرار، ثم تغرق فوق مقعدك أمام شاشة التلفاز، بينما يكون كل ما أنت بحاجة لشرائه في طريقه إليك بشكل تلقائي.
كثيراً ما يقول الناس أنهم ” يزدهرون ” في ظل الضغوط. قد يكون الحال كذلك ؛ ولكن العقل والجسد بحاجة إلى توازن معادل من خلال ممارسة بعض الأنشطة، وهذا التوازن لن يتأتى من الاكتفاء بالاشتراك في مباراة عنيفة للاسكواش، أو مزاولة التمرينات الرياضية في صالة الألعاب ؛ ولكن من خلال الاختلاط الهادئ المتمهل مع الآخرين. إن هذا لن يشعرك فقط بالاسترخاء، وإنما يمثل نوعاً من التهدئة لاستعادة التوازن أمام العزلة التي تفرضها الحياة الحديثة على الفرد. إن ما يحدث عادة هو أننا لا نلتفت إلى أن هناك ما يمكن إعادة اكتشافه بشأن الحياة أكثر من العمل إلا في العطلات. إننا ـ أثناء العطلات ـ نشرع في النظر حولنا ونلاحظ العالم الذي يحيط بنا، والأشخاص الذين يعيشون فيه، ونجد متسعاً من الوقت للتحدث لفترات طويلة مع أقرب الناس إلينا، واستعادة الروابط التي تصلنا بالآخرين. إن التواجد مع أشخاص آخرين، ورؤيتهم، وسماعهم والتحدث إليهم عن أشياء خارج ” إطار الإنجازات ” يعتبر من الحاجات الإنسانية الأساسية، ونحن بالفعل معرضون لخطر نسيان الحقيقة. بينما نمضي في صراع الإنجاز، وإمداد أنفسنا بالضروريات والمقتنيات، ووسائل الترفيه.
أما إحدى عواقب هذه العزلة فهو الإحساس بالوحدة والملل.
الوحدة
وهى حالة عقلية تختلف عن عيش الإنسان بمفرده. فقد يلازمك الشعور بالوحدة مع وجود زوج وثلاثة أبناء من حولك. كما أن عيشك بمفردك لا يعني بالضرورة أنك تشعر بالوحدة.
التأكيدات
– بدأت أتواصل مع الناس من حولي بشكل إيجابي ومرضٍ.
– أنا شخص محبوب. وقد بدأت أسمح للآخرين أن يدخلوا حياتي تدريجياً.
– أنا أُقدر قدرتي على التواصل، وأوظفها أفضل توظيف بما يعود علي بالنفع.
النص
أنا شخص محبوب، وأمتلك القدرة على خلق حياة سعيدة، ومشبعة أشارك فيها الآخرين. إن كل المهارات التي أحتاج إليها موجودة بداخلي بالفعل، وكل ما علي عمله هو أن أوظفها. أنا أسمح لنفسي بالاستمتاع بالمشاركة مع الآخرين، وأستمتع بصحبتهم، وأمنحهم الوقت. لقد بدأت أكتشف نقاط قوتي، وقدراتي أثناء سعيي لإقامة علاقات شخصية حميمية مع كل من حولي. أتوق إلى مقابلة أشخاص جدد، وأنا على استعداد لهذه اللقاءات الجديدة. ثقتي بنفسي تزداد يوماً بعد يوم، كما أنني قد بدأت أستمتع بقضاء الوقت بصحبة الآخرين. إنني أجد الآخرين مثيرين للاهتمام فهم يضيفون بُعداً وقيماً لحياتي. يمكنني أن أشعر بالاسترخاء وهو ينمو داخل نفسي يوماً بعد يوم، وأنا أمد نفسي بكل ما أحتاج إليه من علاقات تبعث على الرضا.
السيناريو
تصور نفسك بصحبة شخص أو مجموعة من الأشخاص المقربين إليك. تصور كيف تضحكون، وتتسامرون معاً، أو تتناقشون في أمور مهمة، أو تتنزهون معاً.
نصائح وحيل
1. اقض أكبر قدر ممكن من الوقت مع الأشخاص الذين تشعر معهم بالارتياح، وأقل وقت ممكن مع الأشخاص الذين لا تشعر معهم بالارتياح أو عدم التواؤم. راجع أسماء كل أفراد عائلتك، وأصدقائك، وقيم بصدق المناسب وغير المناسب منهم. إن كان لابد من قضاء بعض الوقت مع شخص ما يصيبك بالإحباط، واعمل على تقليص الوقت الذي تقضيه معه.
2. لا تنتظر أن يحادثك الآخرون. ابذل جهداً بنفسك، واتخذ المبادرة. ادع جاراً ودوداً لتناول الشاي، أو اتصل بصديق لم تره منذ فترة طويلة.
3. اقبل الدعوات !
4. كافح لكي تصبح الشخص الذي تراه جذاباً كصديق. شارك في الأنشطة، واعمل على تنمية هواياتك. إن المجال الذي يثير اهتمامك ليس من الضروري أن يكون نافعاً، ولكنه يجب أن يحقق لك المتعة. وبذلك يزداد حجم المتعة في حياتك، كلما ازاد شعورك بالاستمتاع بها.
5. ليكن لديك الجرأة على الإفصاح عن مشاعرك للآخرين. إن الشخص الذي يعكف فقط على الاستماع إلى الآخرين سوف يتحول إلى صاحب القلب الكبير نبث له الشكوى فحسب. إن انفتاحك على الآخرين سوف يشجع الغير على الانفتاح معك. هذا لا يعني أنك يجب أن تتحدث عن التفاصيل الدقيقة في حياتك منذ اللقاء الأول مع شخص جديد. ولكن ـ على الرغم من ذلك ـ تبقى المعلومة التي يتطوع الشخص بقولها عن عمله، أو أسرته، أو اهتماماته، أو آخر عطلة قضاها ؛ وسيلة لفتح الباب أمام الآخرين للاسترخاء والتحدث معهم بيسر وبساطة عن أنفسهم.
الملل
بعد أن عرضنا الوحدة، ماذا عن الملل ؟ نحن محاطون بوسائل الترفيه التكنولوجية داخل وخارج المنزل، وعلى الرغم من ذلك يجد بعض الأشخاص صعوبة في شغل أوقات فراغهم.
ربما تكون المشكلة هي أننا قد بتنا اليوم ووجهتنا الأساسية صوب العمل، بحيث لم تعد أمامنا فرصة لاكتشاف مجالات خارج إطار العمل والعائلة. لقد اعتدنا الترفيه السلبي الذى تقدمه لنا وسائل التقنية الحديثة والذى يضعف بداخلنا روح الإبداع. فلقد أصبح كل ما علينا عمله هو أن نوفر المال لشراء الترفيه، كما أن المال الذي نكسبه كثيراً ما يوفر لنا الوقت لممارسة اهتماماتنا خارج العمل. أما ما نفتقده في العادة فهو العنصر الفعال الذي يجعلنا نستمتع بأوقات فراغنا.
قد يكون هناك أيضاً نقص في نسبة المرونة، وهو ما يدفعنا إلى الالتزام بعمل ما نعرفه بالفعل (مثل: السينما، والمسرح، والحفلات الموسيقية ؛ وكلها أنشطة ممتعة، ولكنها سلبية !) بدلاً من اكتشاف أنشطة جديدة. نحن نميل إلى تخير الأنشطة الترفيهية التي نشعر بأننا على ثقة من قدرتنا على ممارستها بدلاً من أن نعرض أنفسنا للسخرية بأن نمارس أنشطة جديدة لا نعلم عنها شيئاً. ولكن ذلك ليس أمراً إيجابياً ؛ لأنه يعني أننا سوف نتخير دائما الأشياء المألوفة بالنسبة لنا وبالتالي نبقى دائماً في مأمن، ويبقى ما نمارسه من أنشطة مقتصراً دائماً على الأنشطة الأقل تشويقاً.
التأكيدات
– أنا مصمم على إضافة المزيد من التشويق إلى حياتي، وسوف أبدأ من اليوم.
– أنا أفضل شخص يستطيع أن يضفي المعنى على حياتي ؛ أنا الوحيد الذي يستطيع أن يقوم بهذه المهمة الصعبة.
– لقد أصبحت حياتي أكثر روعة من خلال أفكاري المبتكرة.
النص
من الآن فصاعداً، سوف أتحمل مسئولية سعادتي الشخصية. لقد انتهي وقت الملل، وبدأ وقت السعادة، والمتعة الآن ؛ لأنني قررت ذلك. أنا الآن أنظر إلى الحياة من زوايا مختلفة. أستطيع الآن أن أرى الأشياء التي لم يكن بوسعي ملاحظتها من قبل. أستطيع الآن أن أرى الأشياء التي لم أكن أجرؤ على رؤيتها من قبل. يمكنني أن أجازف قليلاً وأستمتع بالتحدي الذي أضعه لنفسي وأنا أشعر بالتشويق حيال تلك الأفكار الجديدة، والأحداث المثيرة التي تعترض طريقي. أنا أفتح الباب لعالم جديد ؛ عالم له معنى، عالم مثير ومُرض. هناك فرص للإشباع تتراءى أمامي لأنني أتطلع إليها ؛ وأنا أنتهز هذه الفرص، ولا أدعها تفلت منى.
السيناريو
ابدأ السيناريو بشعورك بتوقع الأمور التي تجلب السعادة. يمكنك خلق هذه المشاعر بتذكر الأوقات التي كنت تشعر فيها في الماضي بالتشويق حيال بعض الأحداث المستقبلية التى كانت على وشك الحدوث. إن لم يكن لديك مثل هذه الذكريات ؛ تظاهر في مخيلتك أنك تستطيع أن تستشعر هذا التشويق الذى يجلب السعادة. لاحظ الصور التي سوف تتراءى لك في مخيلتك. ما الشيء الذي عندما تفكر فيه تستشعر التشويق السعيد ؟ إن الصور التي تتراءى لك الآن سوف تمنحك فكرة عما يمكنك عمله لكي تشعر بمزيد من الإشباع في حياتك.
نصائح وحيل
1. سل نفسك الآتي: ” ما الذي سأفعله بوقت فراغي إن لم أكن ألقي بالاً إلى رأي الآخرين واحتمال سخريتهم منى ؟ “، بما أن تجيب عن هذا السؤال ؛ تظاهر أنك لا تعبأ برأي الآخرين، واسع لعمل ما تريد.
2. إن كنت شديد التخوف أو التحرج من الإقدام على تجربة شيء جديد ؛ ابحث عن صديق يشاركك الرغبة فيما تود عمله.
3. يجب أن تدرك أنك أنت وحدك المسئول عن سلامتك الشخصية، والتسرية عن نفسك. لا تلقِ اللوم على الآخرين عند شعورك بالملل. إنه أمر راجع إليك أنت وحدك، فأنت المسئول عن الترويح عن نفسك.
4. يجب أن تكون على استعداد لأن تعتاد تجربة الأشياء الجديدة. إن المبادرة، والشعور بالحافز تفعم الشخص بالشعور بالإقبال، وتضفي الحماس على مستوى أدائك في الحياة، كما أنها سوف تشعرك بمزيد من المتعة والسيطرة على حياتك.
5. ليس عليك أن تمارس رياضة عنيفة مثل القفز بالمظلات، أو القفز الحر حتى تشعر بالتشويق. بالنسبة للبعض، قد يكون تعلم السباحة هو كل ما يحتاجون إليه لكي يشعروا بالتشويق أسبوعياً. يجب أن تحرص دائماً على عدم تخير الشيء الذي يصعب عليك، وإنما الذي يفوق قليلاً الحد الذي يشعرك بالراحة. أنت بهذه الطريقة تدعم ثقتك بنفسك من خلال خطوات قصيرة قابلة للإنجاز.