تنشأ عُقَيْدَات الغدة الدرقية عندما تنمو أنسجة الغدة الدرقية الطبيعية، وتُكوِّن نتوءات على الغدة الدرقية، والعُقَيْدَات شائعة للغاية، كما يمكن أن يتراوح حجم العُقَيْدَة بين أقل من سنتيمتر واحد وأكبر من سنتيمترين ونصف السنتيمتر.
ويمكن أن تنشأ عُقَيْدَات الغدة الدرقية كتورم مفرد، أو كجزء من تضخم متعدد العُقَيْدَات. وقد تكون العُقَيْدَات صلبة، أو ممتلئة بالسوائل، وفي غالبية الحالات لا تسبب أية أعراض، وأحيانًا يمكن أن تصبح عُقَيْدَات الغدة الدرقية سرطانيةً؛ ومن المحتمل أن يحدث ذلك في حالة العُقَيْدَات المفردة أكثر من حدوثه في حالة الدراق متعدد العُقَيْدَات، وبشكل عام كلما زاد حجم العُقَيْدَة، زاد احتمال أن تكون سرطانية.
أنواع العقيدات الدرقية
هناك أربعة أنواع من عُقَيْدَات الغدة الدرقية المفردة:
• كيس ممتلئ بالسوائل.
• ورم غدي حميد منتكس.
• ورم غدي بطيء النمو.
• ورم غدي نسبة صغيرة منه هي الخبيثة.
حين تكون هناك عُقَيْدَة غدة درقية مفردة، تكون عادةً أنسجة الغدة الدرقية الأخرى طبيعية، ويكون إنتاج هرمونات الغدة الدرقية طبيعيًّا في العادة، بينما من المرجح أن يُنتِج الدراق متعدد العُقَيْدَات قدرًا كبيرًا للغاية من هرمونات الغدة الدرقية، محدثًا أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية.
يمكن تقسيم العُقَيْدَات الدرقية إلى عُقَيْدَات ساخنة (عُقَيْدَات نشطة)، و عُقَيْدَات باردة (عُقَيْدَات غير نشطة)، والتفريق بينهما يتم بعد الاطلاع على نتائج المسح الذري للغدة الدرقية.
تمتص العُقَي ْدَات الساخنة كمية كبيرة من اليود المشع بالمقارنة بالأنسجة المحيطة بها، فتظهر العُقَيْدَات كنقاط ساخنة في المسح الذري، وتكون العُقَيْدَات الساخنة في أكثر من ٩٥٪ من الحالات غير سرطانية، وعادةً لا تحتاج إلى فحص عينة أنسجة إلا إذا كانت كبيرة للغاية، أو تزداد، أو لها شكل غير منتظم. وتعمل أغلب العُقَيْدَات الساخنة من تلقاء نفسها، ولا يمكن أن تتحكم فيها الغدة النخامية مثلما تتحكم في أنسجة الغدة الدرقية الطبيعية؛ ولذلك تفرز عادةً كمية هائلة من هرمونات الغدة الدرقية، وتؤدي في النهاية إلى أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية.
وعندما تفرز عُقَيْدَة ساخنة كميات هائلة من هرمونات الغدة الدرقية، قد تتوقف خلايا الغدة الدرقية الأخرى عن إنتاج الهرمونات، وتبدو منطقة باردة (منطقة غير نشطة) في المسح الذري للغدة الدرقية، وهذا رد فعل تعويضي طبيعي.
وقد تُكتشف العُقَيْدَة الساخنة بسبب ظهورها في العنق، أو لأنها تسبب أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية عند المريض.
وإذا كانت العُقَيْدَة صغيرة، ولا تسبب أعراضًا، وتُظهر اختبارات الدم أن هرمونات مستويات الغدة الدرقية طبيعية، فعادة ما تُترك دون علاج، وتتم ملاحظتها بانتظام. ولكن إذا كانت العُقَيْدَة كبيرة للغاية، أو تضغط على الأنسجة المحيطة بها، أو تسبب أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية، فسوف تحتاج إلى علاج، وسيكون العلاج إما بالجراحة، أو باليود المشع. وإذا كانت العُقَيْدَة تُنتج كميات كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية، فسوف يُوقف اليود المشع ذلك، ولكنه عادةً لا يُقلِّص حجم العُقَيْدَة بشكل كبير.
ولا تنتج العُقَيْدَات الباردة كميات هائلة من هرمونات الغدة الدرقية، وهي عادة غير سرطانية، ولكنها تحتاج إلى فحص بعناية كبيرة؛ حيث إن الاحتمال الأكبر أن تتحول إلى عُقَيْدَات سرطانية. وإذا كانت هناك أعراض مثل: ألم العنق، وصعوبة التنفس، أو صعوبة البلع، وتغير الصوت، وتورم الغدد الليمفاوية الموجودة في العنق في وجود هذه العُقَيْدَات، فهناك احتمال كبير للإصابة بسرطان الغدة الدرقية.
الإصابة بعقيدات الغدة الدرقية
تشيع عُقَيْدَات الغدة الدرقية أكثر في المناطق التي تعاني نقصًا في اليود والسيلينيوم، وهي أكثر شيوعًا عند النساء، وفي إحدى الدراسات التشريحية وُجِد أن ما يصل إلى ٥٠٪ من الغدد الدرقية التي تعمل بشكل طبيعي تحتوي على عُقَيْدَات.
أعراض عقيدات الغدة الدرقية
عادةً ما تكون عُقَيْدَات الغدة الدرقية صغيرة وغير مؤلمة، وأغلبها لا يسبب ضغطًا على الأعضاء الموجودة في منطقة العنق. ومع أن أغلب الناس لا يلاحظون وجودها، فإن الطبيب يكتشف وجودها غالبًا في أثناء إجراء الفحص العام، أو في أثناء فحص مشكلة أخرى، ويطلق على العُقَيْدَات التي تُكتشف مصادفةً خلال فحص مرض آخر “التورم العرضي”، والأمر المثير للدهشة أن ٢٥٪ من هذه التورمات العرضية يتبين أنها أورام سرطانية، ويُعد ذلك دافعًا جيدًا لكي تفحص عنقك بانتظام للكشف عن وجود أية نتوءات، وعادةً ما تكون عُقَيْدَات الغدة الدرقية صلبة وملساء، ويمكن تحسسها بسهولة من خلال الجلد إذا كان حجمها أكبر من واحد سنتيمتر، ويمكن رؤية العُقَيْدَات الأصغر عن طريق الفحص بالموجات فوق الصوتية. وعادة تكون العُقَيْدَات الدرقية السرطانية صلبة للغاية، وقد تتورم الغدد الليمفاوية الموجودة في العنق إذا انتشر السرطان، ولكن من المستحيل التمييز بين العُقَيْدَة الخبيثة والعُقَيْدَة الحميدة من خلال ملمسهما، وقد تنتج عن العُقَيْدَات الساخنة (العُقَيْدَات النشطة) أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية إذا كانت تُنتج كميات هائلة من هرمونات الغدة الدرقية.
أسباب الإصابة بعقيدات الغدة الدرقية
يمكن أن تنشأ عُقَيْدَات الغدة الدرقية نتيجة أسباب مختلفة:
• الوراثة. إذا كان هناك فرد من العائلة مثل أحد والديك، أو أشقائك، لديه عُقَيْدَة، فمن المرجح أن تصاب بواحدة.
• العمر. تزداد فرصة الإصابة بعُقَيْدَة الغدة الدرقية مع تقدم العمر.
• النوع الجنسي. من المرجح إصابة النساء بعُقَيْدَات الغدة الدرقية أكثر من الرجال.
• بعض حالات الغدة الدرقية. الأشخاص المصابون بالتهاب الغدة الدرقية من المرجح أن يصابوا بالعُقَيْدَات.
• التعرض السابق للإشعاع. الأشخاص الذين تعرضت منطقة الرأس أو العنق لديهم لإشعاع خلال مرحلة الطفولة يكونون أكثر عرضة للإصابة بعُقَيْدَات الغدة الدرقية السرطانية عند بلوغهم، وفي الولايات المتحدة في الحقبة ما بين العشرينات والخمسينات من القرن الماضي، كان يتم علاج المراهقين، والأطفال، والمواليد كذلك في بعض الأحيان بتعريض رءوسهم، وأعناقهم للإشعاع، وذلك لعلاج حالات بسيطة مثل تضخم اللوز، واللحمية، وحب الشباب. وقد زاد كذلك التعرض للجزيئات المشعة الناتجة عن تجارب الأسلحة الذرية، أو حوادث المحطات النووية من خطر الإصابة بعُقَيْدَات الغدة الدرقية الخبيثة.
• المبيدات الحشرية وغيرها من المواد الكيميائية. يذكر أن هناك علاقة بين العديد من المواد الكيميائية، وظهور عُقَيْدَات الغدة الدرقية، وسرطان الغدة الدرقية.
• نقص السيلينيوم أو اليود أو نقصهما معا.
تشخيص عقيدات الغدة الدرقية
يلاحظ المرضى في بعض الأحيان بأنفسهم وجود عُقَيْدَات الغدة الدرقية، ويكتشفها الطبيب في بعض الأحيان خلال الفحص الطبي المعتاد، حيث يطلب الطبيب منك أن تبتلع بعض الماء؛ ومن ثم يلاحظ في أثناء نظره إلى عنقك تحرك العُقَيْدَة الموجودة على الغدة الدرقية من أعلى إلى أسفل في أثناء البلع، بينما لن يتحرك أي نتوء في موضع آخر من عنقك، وبمجرد اكتشاف وجود العُقَيْدَة، من المهم معرفة إذا ما كانت سرطانية، أم تتداخل في عملية إنتاج هرمونات الغدة الدرقية؛ وهذا يعني أنك من المحتمل أن تُجري الاختبارات الآتية:
• اختبار دم. يحدد اختبار وظائف الغدة الدرقية مستويات هرمونات تي٣ وتي٤ وتي إس إتش، وسيُحدِّد ذلك إذا ما كانت العُقَيْدَات نشطة (ساخنة)، أي تنتج كميات هائلة من هرمونات الغدة الدرقية، وإذا كانت نتائج اختبار الدم غير طبيعية، فالاحتمال الأبعد أن تكون العُقَيْدَة سرطانية.
• فحص بالموجات فوق الصوتية. تستخدم هذه التقنية موجات صوتية عالية التردد لإنشاء صورة للغدة الدرقية، ويمكن للموجات الصوتية أن تميز العُقَيْدَة الكيسية من العُقَيْدَة الصلبة, كما يمكن أن تُستخدم الموجات فوق الصوتية لإرشاد طبيبك عندما يأخذ عينة أنسجة من العُقَيْدَة باستخدام الإبرة الدقيقة.
• أخذ عينة نسيج باستخدام الإبرة الدقيقة. وهذا هو أكثر الاختبارات حساسية للتمييز بين عُقَيْدَة الغدة الدرقية الحميدة وعُقَيْدَة الغدة الدرقية الخبيثة، وذلك عن طريق إدخال إبرة رفيعة في العُقَيْدَة (أرفع كثيرًا من الإبرة المستخدمة لسحب الدم) لسحب عينة من الخلايا، وتؤخذ عدة عينات من العُقَيْدَة، وإذا كانت لديك أكثر من عُقَيْدَة فسوف تؤخذ منها عينات كذلك، ويستغرق هذا الإجراء نحو ٢٠ دقيقة. وسوف يقوم أغلب أطباء الغدة الدرقية بأخذ عينة أنسجة فقط في حالة كبر حجم العُقَيْدَة عن سنتيمتر واحد. ومن النادر ألا يعطي اختبار عينة الأنسجة إجابة قاطعة عما إذا كانت العُقَيْدَة سرطانية أم لا؛ وفي هذه الحالة تُجرى جراحة لاستئصال العُقَيْدَة وتحليلها.
• المسح الذري للغدة الدرقية. يُجرى بحقن نظير اليود المشع في الوريد المرفقي، وتظهر صورة للغدة الدرقية على شاشة الحاسوب، وهي وسيلة جيدة للكشف عن “العُقَيْدَات الساخنة”؛ لأنها تمتص كمية أكبر من نظير اليود المشع عن الأنسجة الطبيعية المحيطة، ولا تمتص العُقَيْدَات الباردة نظير اليود المشع؛ لذلك تبدو كأنها ثقوب في الصورة، ولا يستطيع المسح الذري التمييز بين العُقَيْدَات الحميدة والعُقَيْدَات الخبيثة، كما يمكن للاختبار أن يكون غير مريح؛ حيث يجب أن يكون رأسك ممددًا إلى الخلف في أثناء إجراء الفحص، كما أن هذا الاختبار يعرضك لبعض الأشعة.
علاج عقيدات الغدة الدرقية
من الممكن أن يتضمن العلاج ما يأتي:
• العلاج الغذائي والفحص المتكرر. عادة تكون المكملات الغذائية المحتوية على اليود والسيلينيوم شديدة الفاعلية في تقليص حجم عُقَيْدَات الغدة الدرقية، وتختفي جميعها في كثير من الأحيان. وإذا زاد حجم العُقَيْدَة، أو نتجت عنها أعراض، فسوف تحتاج إلى علاج إضافي.
• العلاج بالثيروكسين (تي٤). تُعطى في بعض الأحيان أقراص هرمون الغدة الدرقية تي٤؛ والغرض من ذلك هو أن تناول الثيروكسين عن طريق الفم سوف يُوقف إنتاج الغدة النخامية لهرمون تي إس إتش؛ وهذا الهرمون هو المحفز لنمو الغدة الدرقية. وهذا العلاج عادةً غير فعَّال، ولكي يتقلص حجم العُقَيْدَة بالفعل يمكن أن يستغرق ذلك شهورًا أو سنواتٍ عديدة.
• اليود المشع النشط. وهو العلاج المعتاد للعُقَيْدَات الساخنة، أو للدراق متعدد العُقَيْدَات الذي يُنتج كميات هائلة من هرمونات الغدة الدرقية. ويتناول اليود المشع إما في شكل كبسولة أو في شكل سائل، فيصل إلى الغدة الدرقية ويؤدي إلى تقلص حجم العُقَيْدَة، وعادةً يستغرق هذا العلاج شهرين أو ثلاثة أشهر. ومن الممكن أن تسوء الأعراض لبضعة أيام بعد البدء في هذا العلاج؛ لأنه في أثناء تدمير عُقَيْدَات الغدة الدرقية يخرج منها المزيد من هرمونات الغدة الدرقية إلى مجرى الدم، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية بشكل أسوأ مؤقتًا، ويصاب بعض الأشخاص بتورم العنق، أو التهاب الحلق بعد العلاج باليود المشع، ومن المحتمل أن يدمر هذا العلاج أجزاءً كثيرةً من أنسجة الغدة الدرقية؛ الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض نشاط الغدة الدرقية، والحاجة إلى تناول أقراص هرمونات بديلة مدى الحياة.
• الاجتثاث بالكحول. تُستخدم هذه الطريقة في بعض الأحيان مع العُقَيْدَات الساخنة (النشطة)، التيُ تنتج كميات كبيرة من هرمونات الغدة الدرقية، ويحقن كحول الإثانول داخل العُقَيْدَات، ما ينتج عنه انكماش حجمها، وعلاج أعراض زيادة نشاط الغدة الدرقية. وفي بعض الأحيان يكفي الحقن مرةً واحدةً، غير أن هناك أشخاصًا آخرين قد يحتاجون إلى ما يصل إلى ثماني مرات، وهذا عادة يتم على فترات لمدة شهرين، ويمكن أن يسبب هذا العلاج الشعور بألم حارق في موضع الحقن، وصداع، غير أن هذه الأعراض لا تستمر لأكثر من بضعة أيام. والأمر الجيد هو أن هذه الطريقة لا تؤدي إلى انخفاض نشاط الغدة الدرقية.
• الجراحة. تُستأصل عادةً العُقَيْدَات إذا كانت سرطانية (خبيثة)، مع الغدة الدرقية كلها تقريبًا، وهذا أيضًا أفضل خيار بالنسبة لحالة الدراق متعدد العُقَيْدَات حين يكون التضخم كبيرًا، ويضغط على الأوعية الدموية، أو الممرات الهوائية، أو المريء، وكذلك تُستأصل في بعض الأحيان العُقَيْدَات غير السرطانية، وذلك إذا كان حجمها كبيرًا للغاية، وتسبب مشكلات في التنفس والبلع. وإذا استأصلت الغدة الدرقية بالكامل، فسوف تحتاج إلى تناول أدوية هرمونات الغدة الدرقية البديلة مدى حياتك، ومن الممكن أن يمثل استئصال الغدة الدرقية جراحيًّا خطرًا؛ لأن هناك احتمالًا لأن تتعرض الأعصاب المتحكمة في الأحبال الصوتية إلى ضرر، الأمر الذي يسبب تغيرات في الصوت. كما يمكن أن تتضرر الغدد جار الدرقية الموجودة خلف الغدة الدرقية أيضًا، والتي تتحكم في مستوى الكالسيوم في الدم.