في بعض الأحيان، لا تجدي الأدوية المضادة للاكتئاب والعلاج النفسي نفعاً، أو، استناداً إلى الوضع الصحي للشخص، قد لا يكونان ملائمين. إلا أنه تتوافر خيارات أخرى لحسن الحظ. يبحث هذا الموضوع أشكال أخرى من معالجة الاكتئاب وهي المعالجة بالصدمة الكهربائية والعلاج الضوئي وتحفيز العصب المبهم والتحفيز المغناطيسي.
العلاج بالصدمة الكهربائية Electroconvulsive therapy
تعتبر المعالجة بالتخليج الكهربائي اليوم علاجاً مصقولاً علمياً يزداد تطبيقه على المرضى خارج المستشفيات في حجرة شبيهة بتلك المخصصة للعمليات الجراحية البسيطة. يدوم التخدير 10 دقائق تقريباً، مع 30 إلى 45 دقيقة إضافية في غرفة الإنعاش. ويضم فريق المعالجة عادة طبيباً نفسياً، وممرضة، وطبيب بنج أو ممرضة بنج.
قبل الإجراء، يتم فحصك وسؤالك مجموعة من الأسئلة للتأكد ما إذا كنت مستعداً للمعالجة. يتم بعدها أخذك إلى الغرفة حيث ينجز الإجراء. وفيما أنت مستلقٍ، يضع الطبيب أقطاباً كهربائية صغيرة، كل منها بحجم قطعة النقود المعدنية تقريباً، على رأسك.
أثناء تثبيت الأقطاب الكهربائية، يتم حقنك عبر الأوردة بمخدر قوي التأثير يجعلك تخلد إلى النوم، فضلاً عن مرخٍ للعضلات للحؤول دون الارتعاش الذي يحدث أثناء نوبة التشنج. حين يبدأ تأثير التخدير بالظهور، يوضع قناع أكسجين فوق فمك لمساعدتك على التنفس. وقد تحقن أيضاً بأدوية أخرى عبر الأوردة، حسب الحالات الصحية الأخرى التي تعاني منها. كما يوضع مقياس لضغط الدم حول ذراعك وكاحلك.
حين تنام نتيجة التخدير وترتخي عضلاتك، يضغط الطبيب على زر في آلة المعالجة بالتخليج الكهربائي. يفضي ذلك إلى مرور مقدار صغير من التيار الكهربائي عبر الأقطاب الكهربائية إلى دماغك، مما يولد نوبة تشنج تدوم عادة 30 إلى 60 ثانية. لكن بسبب التخدير ومرخي العضلات، تبقى مرتخياً وغير واعٍ لنوبة التشنج. لكن الدليل الخارجي الوحيد على أنك تعاني من نوبة تشنج قد يتجلى في حركة إيقاعية في قدمك أو يدك. فعند وضع مقياس ضغط الدم حول كاحلك أو ذراعك ونفخه، يمنع مرخي العضلات من شلّ العضلات مؤقتاً في القدم أو اليد المطابقة. هكذا، ترتعش القدم أو اليد أثناء نوبة التشنج، مما يساعد على تأكيد حدوث نوبة التشنج.
أثناء نوبة التشنج، تتم مراقبة خفقان قلبك وضغط دمك واستعمالك للأكسجين عن كثب. ويتولى مخطط كهربائية الدماغ تسجيل نشاط دماغك، بالطريقة نفسها التي يسجل فيها مخطط كهربائية القلب نشاط قلبك. والواقع أن النشاط المتزايد فجأة يشير إلى بداية نوبة التشنج فيما يشير عودة مخطط كهربائية الدماغ إلى الخطوط المستقيمة إلى انتهاء النوبة. وبعد بضع دقائق، تبدأ تأثيرات التخدير ومرخي العضلات بالاختفاء، ويتم نقلك إلى غرفة الإنعاش حيث تتولى ممرضة مراقبتك. وعند الاستيقاظ، قد تعاني من ارتباك يدوم من بضع دقائق إلى بضعة ساعات أو أكثر.
المعالجة بالتخليج الكهربائي ووظيفة الدماغ
يعتقد أن العديد من الجوانب الكيميائية في وظيفة الدماغ تتغير أثناء نوبة التشنج وبعدها. ويقول الباحثون إنه عند وصف المعالجة بالتخليج الكهربائي على أساس دوري، تتراكم هذه التغيرات الكيميائية فوق بعضها، مما يخفف من الاكتئاب نوعاً ما.
والواقع أن معظم الذين يتلقون المعالجة بالتخليج الكهربائي يخضعون لـ6 جلسات إلى 12 جلسة معالجة على مدى عدة أسابيع. وتتلقى عادة العلاج بمعدل مرتين إلى ثلاث مرات أسبوعياً. وبعد تحسن عوارضك، تحتاج إلى شكل من العلاج المستمر للحؤول دون نكسة من الاكتئاب. لذا، قد يوصف لك مضاد للاكتئاب بعد انتهاء معالجتك بالتخليج الكهربائي، أو قد تستمر في تلقي المعالجة بالتخليج الكهربائي على نحو أقل تواتراً، وهذا ما يعرف بمعالجة المتابعة بالتخليج الكهربائي. وفي هذه الحالة الأخيرة، قد تختصر جلساتك بمرة واحدة أسبوعياً، ومن ثم مرة كل أسبوعين، ومن ثم مرة كل شهر أو ما شابه على مدى شهور عدّة. ويتلقى بعض الأشخاص جلسات دورية من المعالجة بالتخليج الكهربائي على مدى سنة أو أكثر.
إن المعالجة بالتخليج الكهربائي فعالة عند 80 في المئة تقريباً من الأشخاص الذين يكملون دورة العلاج. لا تظهر تأثيراتها على الفور في أغلب الأحيان، لكن المعالجة بالتخليج الكهربائي تؤثر بسرعة أكبر من الدواء. ويبدأ العديد من الأشخاص بملاحظة تحسن في عوارضهم بعد علاجين أو ثلاثة علاجات، ويكونون راضين عموماً عن النتائج.
هل أنت مؤهل لهذه المعالجة؟
قد يصف لك الطبيب المعالجة بالتخليج الكهربائي لمعالجة اكتئابك إذا كنت:
بحاجة إلى العلاج لمواجهة العوارض الخطيرة بسرعة
فعوارضك وخيمة كفاية ربما بحيث يخشى طبيبك من إقدامك على الانتحار. وفي بعض حالات الاكتئاب الوخيم، يرفض الأشخاص الأطعمة والسوائل لدرجة أن صحتهم الجسدية تصبح في خطر كبير. وفي بعض الأحيان، يعاني بعض المصابين باكتئاب وخيم من تخيلات أو هلوسات تسبب إزعاجاً كبيراً وتعرضهم لخطر إيذاء أنفسهم أو شخص آخر. في هذه الحالات، لا تملك الوقت لانتظار مفعول مضادات الاكتئاب.
لم تتحسن مع العلاجات الأخرى
إذا جربت العلاج النفسي ونوعين على الأقل من مضادات الاكتئاب من دون جدوى، غالباً ما تكون المعالجة بالتخليج الكهربائي خيارك التالي.
لا تستطيع تحمل التأثيرات الجانبية لمضادات الاكتئاب
فبعض الأشخاص حساسون جداً لمضادات الاكتئاب ويعانون من تأثيرات جانبية كبيرة حتى عند تناول أصغر الجرعات.
لم تستجب جيداً للعلاجات الأخرى خلال الاكتئاب السابق
فلا جدوى إذاً من متابعة العلاج الذي تعرف مسبقاً أنه غير فعال.
استجبت مع المعالجة بالتخليج الكهربائي في الماضي
ومن المفيد الحفاظ على ما كان فعالاً.
قبل المعالجة
كما هي الحال في أي إجراء آخر يستخدم فيه التخدير، تحتاج إلى تقييم طبي قبل علاجك الأول للتأكد من عدم معاناتك من مشكلة صحية تمنعك من تلقي التخدير أو المعالجة. وينطوي التقييم عادة على:
● تاريخ طبي.
● فحص سريري.
● اختبارات دم أساسية.
● مخطط لكهربائية القلب للتحقق من مرض القلب
وقبل تلقيك المعالجة بالتخليج الكهربائي، عليك إعطاء موافقتك العلنية. والموافقة العلنية تعني أنه جرى إخبارك بفوائد الإجراء ومخاطره، وأنك تمنح فريق الرعاية الصحية الإذن لإخضاعك للمعالجة. يمكنك سحب موافقتك في أية مرحلة من المعالجة. وإذا كنت عاجزاً عن منح موافقتك، يجدر بالطبيب اتباع القوانين المحلية التي تحدد الظروف التي تتيح لك تلقي المعالجة بالتخليج الكهربائي. ولا بد من الحصول على شكل معين من الموافقة البديلة، من أحد أفراد العائلة أو وصي قانوني عادة. غير أن القوانين تختلف قليلاً بين ولاية وأخرى.
الإيجابيات والسلبيات
لعل الفائدة الأساسية للمعالجة بالتخليج الكهربائي تتمثل في فاعليتها للاكتئاب حين تخفق العلاجات الأخرى. كما تميل إلى التأثير بسرعة أكبر من الأدوية أو العلاج النفسي. إلا أن المعالجة بالتخليج الكهربائي قد تسبب تأثيرات جانبية، أبرزها:
تعطل الذاكرة
مباشرة بعد تلقي المعالجة بالتخليج الكهربائي، قد تشهد فترة من الارتباك. فقد لا تعرف أين أنت أو لمَ أنت هنا. ويدوم هذا عموماً من بضع دقائق إلى عدة ساعات، وتصبح الفترة أطول غالباً مع كل علاج تالٍ. وفي بعض الأحيان، قد يدوم الارتباك لعدة أيام. لكن بعد انتهاء دورة المعالجة، يختفي كل الإرباك.
كما أن الذكريات الجديدة التي تتكوّن أثناء فترة علاجك قد تضيع. فعلى سبيل المثال، قد تواجه مشكلة في تذكر المحادثات مع الآخرين خلال هذه الفترة. ويفترض أيضاً أن يختفي هذا النوع من فقدان الذاكرة بعد توقيف العلاجات.
أما النوع الأخير من تعطل الذاكرة الناجم عن المعالجة بالتخليج الكهربائي فيرتبط بالذاكرة الطويلة الأمد. ففي أغلب الأحيان، تؤثر المعالجة بالتخليج الكهربائي في الذكريات التي تكوّنت مباشرة قبل العلاج أو أثناءه. لكن في بعض الحالات النادرة، يواجه الأشخاص مشكلة في تذكر أحداث الحياة التي تعود إلى عدة أعوام مضت. تعود هذه الذكريات الطويلة الأمد أحياناً بعد الانتهاء من العلاجات. وفي أحيان أخرى، تبقى منسية إلى الأبد.
مضاعفات طبية
كما هي الحال في أي إجراء طبي، ولا سيما الإجراء المنطوي على استخدام التخدير، تظهر مخاطر المضاعفات الطبية. والواقع أن التقييم الطبي السابق للمعالجة بالتخليج الكهربائي يساعد على تحديد الحالات الطبية التي قد تزيد من خطر تعرضك للمضاعفات، مما يتيح للأطباء اتخاذ احتياطات خاصة تخفف من مثل هذه المخاطر.
الانزعاجات الجسدية
في الأيام التي تخضع خلالها للمعالجة بالتخليج الكهربائي، قد تعاني من الغثيان، والصداع، وألم العضلات أو ألم في الفك. إنها عوارض شائعة ويمكن معالجتها بسهولة بالأدوية. قد تكون هذه العوارض مزعجة لكنها ليست خطيرة.
النكسة
في حال عدم اتباع شكل من أشكال العلاج المستمر بعد دورة ناجحة من المعالجة بالتخليج الكهربائي، يعاني 90 في المئة تقريباً من الأشخاص من نكسة اكتئاب في غضون سنة. للتخفيف من خطر تعرضك للنكسة، من المهم تلقي معالجة مستمرة بمضادات الاكتئاب أو الخضوع لمعالجة متابعة بالتخليج الكهربائي.
العلاج الضوئي
يعاني المصابون بالاضطراب العاطفي الموسمي من الاكتئاب مبدئياً أثناء الفترة الأكثر ظلمة من السنة، أي حين يكون ضوء الشمس محدوداً. وقد تشمل العوارض الشعور بالحزن وفقدان الطاقة والصعوبة في النوم. وفيما تصبح الأيام أطول تدريجياً وتزداد قوة ضوء الشمس، تختفي هذه العوارض. لكن ثمة علاج شائع لهذا النوع من الاكتئاب هو العلاج الضوئي، المعروف أيضاً بالمعالجة الضوئية. والواقع أنه تم استخدام العلاج الضوئي منذ أوائل الثمانينات في القرن العشرين وكشف عن فوائد عدّة. بالفعل، يسهل وصفه، ولا يكشف عادة عن تأثيرات جانبية كبيرة، ولا يكلف كثيراً.
الإشراق
يقوم العلاج الضوئي على التعرض لضوء كثيف ضمن ظروف معينة. والواقع أن النظام الضوئي المستخدم في أغلب الأحيان ضمن العلاج الضوئي هو علبة تثبتها على طاولة أو مكتب. تحتوي هذه العلبة على مجموعة من المصابيح الفلورية لها شاشة نشر. تساعد الشاشة على حجب الأشعة ما فوق البنفسجية التي قد تسبب إعتام عدسة العين ومشاكل جلدية.
ينطوي العلاج على الجلوس بالقرب من العلبة الضوئية فيما المصابيح مشتعلة وعينيك مفتوحتين. لا يجدر بك النظر مباشرة إلى الضوء وإنما توجيه رأسك وجسمك نحو الضوء بحيث يستطيع الضوء الدخول عبر عينيك. عليك الجلوس بالقرب من العلبة الضوئية لمدة تراوح بين 15 دقيقة وساعتين مرة كل يوم، في الصباح عموماً. فقد وجدت الدراسات التي قارنت استعمال العلاج الضوئي في الصباح مع العلاج الضوئي في المساء أن التعرض للضوء الساطع في الصباح هو الأكثر فاعلية عادة. لكن حسب حاجاتك والنظام الضوئي الذي تملكه، يمكن توزيع علاجك الضوئي على جلسات عدّة. وهناك العديد من الأشخاص الذين يقرأون أو يكتبون أو يتناولون الفطور أثناء الخضوع للعلاج الضوئي.
ويعتقد الباحثون أنه عند دخول الضوء الساطع إلى عينيك، فإنه لا ينبّه فقط مساحة دماغك التي تنظم ساعتك البيولوجية اليومية وإنما قد يحدث أيضاً تأثيرات نفسية إيجابية أخرى. فقد أظهرت الدراسات تضاؤل مستويات هرمون الميلاتونين في الدم عند تعرض عينيك للضوء الساطع. والواقع أنه يتم إنتاج الميلاتونين خلال الظلام وهو يساعد على التحكم في الإيقاعات الداخلية لجسمك مثل حرارة الجسم وإفراز الهرمونات والنوم. وحسب الوقت الذي تتلقى خلاله العلاج الضوئي، تتحرك ساعة جسمك الداخلية إما إلى الأمام أو تتأجل.
يظن الباحثون أيضاً أن العلاج الضوئي قد يكشف عن تأثيرات مضادة للاكتئاب لدى المصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي، لأنه يحدث تغيرات في نشاط الناقلات العصبية في بعض مساحات الدماغ. ويدرس العلماء تأثيرات الضوء الساطع في إنتاج الناقلين العصبيين، السيروتونين والدوبامين.
ليس أي ضوء
إن الجلوس ببساطة أمام ضوء في منزلك لا يريحك من عوارض الاضطراب العاطفي الموسمي. فالأضواء الداخلية لا توفر النوع والكثافة اللازمين في الضوء لمعالجة المرض. أما العلب الضوئية الخاصة المستعملة في الاضطراب العاطفي الموسمي فتصدر ضوءاً يمكن مقارنته بالضوء الخارجي مباشرة بعد شروق الشمس أو مباشرة قبل غروبها- أي أن الكثافة تكون أكبر خمس مرات على الأقل من الضوء الداخلي العادي. فالكثافة الضوئية الموصى بها في العلاج الضوئي لمعالجة الاضطراب العاطفي الموسمي تراوح غالباً بين 2500 و10000 لكس (وهو مقياس للضوء).
إن الأجهزة الضوئية المستخدمة في العلاج الضوئي متوافرة تجارياً، لكن إستشر الطبيب قبل شراء مثل هذه الوحدة، واستخدم الجهاز فقط تحت إشراف طبيبك لتفادي المضاعفات. يجب مراقبة العلاج الضوئي من قبل اختصاصي للتوصل إلى أفضل نتيجة سريرية مع أقل عدد من التأثيرات الجانبية. لكن هذا العلاج قد لا يجدي نفعاً وقد تزداد عوارض الاضطراب العاطفي الموسمي سوءاً.
علاج فعال
يحسّن العلاج الضوئي العوارض عند ثلاثة أرباع المصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي. وفي العديد من الحالات، يبدأ المرضى بالشعور بالتحسن بعد 4 أو 5 أيام فقط. يتبع معظم الأشخاص برنامجاً يومياً مطرداً من العلاج الضوئي، يبدأ في الخريف أو الشتاء في النصف الشمالي من الكرة الأرضية ويستمر حتى الربيع حين يصبح الضوء الخارجي لوحده كافياً للحفاظ على المزاج الجيد والطاقة العالية. وفي حال تقطع العلاج الضوئي خلال أشهر الشتاء أو توقيفه في مرحلة باكرة جداً، يعاني المصابون بالاضطراب العاطفي الموسمي غالباً من عودة العوارض الاكتئابية، في غضون أقل من أسبوع تقريباً.
لا تشيع التأثيرات الجانبية، ويزداد احتمال حدوثها إذا استخدمت العلاج الضوئي في المساء. ويعاني بعض الأشخاص من التهيج، والضغط في العينين، والصداع والأرق. يمكن معالجة هذه المشاكل عادة من خلال تغيير وقت العلاج أو مدته.
في بعض الأحيان، يمكن جمع الدواء المضاد للاكتئاب مع العلاج الضوئي. وحين لا يكون العلاج الضوئي فعالاً، يكون مضاد الاكتئاب هو الحل التالي في أغلب الأحيان. كما توصف مضادات الاكتئاب للمصابين بالاضطراب العاطفي الموسمي الذين لا يريدون تخصيص 15 دقيقة كل يوم أو أكثر للعلاج الضوئي. فمضادات الاكتئاب فعالة عموماً، لكن يحتمل أن تسبب المزيد من التأثيرات الجانبية.
التنبيه المغناطيسي عبر الجمجمة Transcranial magnetic stimulation
يمكن القول إن التنبيه المغناطيسي عبر الجمجمة شبيه من عدة نواحٍ بالمعالجة بالتخليج الكهربائي. ففي التنبيه المغنطيسي عبر الجمجمة يمرّ تيار كهربائي عبر سلك معدني ملفوف داخل جهاز محمول باليد. يولّد التيار الكهربائي نبضاً مغناطيسياً قوياً يمرّ عبر فروة رأسك وجمجمتك عند حمل الجهاز إلى رأسك. ينبّه النبض المغنطيسي الخلايا العصبية الموجودة داخل دماغك الباطني.
تستغرق العملية عادة 20 إلى 30 دقيقة، تكون خلالها واعياً ومتيقظاً. وعلى عكس المعالجة بالتخليج الكهربائي، ليس التخدير ضرورياً مع التنبيه المغنطيسي عبر الجمجمة لأن دماغك لا يتلقى تنبيهاً كهربائياً مباشراً ولا يسبب الإجراء نوبة تشنج عن قصد. إلا أن نوبة التشنج قد تحدث أحياناً. وثمة فائدة أخرى للتنبيه المغنطيسي عبر الجمجمة وهي أنه لا يسبب صعوبات في التفكير أو الذاكرة.
أثناء التنبيه المغنطيسي عبر الجمجمة، يتم وضع جهاز يصدر نبضاً مغنطيسياً قوياً على فروة رأسك. تمرّ الطاقة المغنطيسية عبر جمجمتك وتنبّه الخلايا العصبية في دماغك.
تشير معظم الدراسات، ولكن ليس كلها، إلى أن التنبيه المغنطيسي للدماغ مرة يومياً على مدى أسبوعين أو أكثر قد يخفف من عوارض الاكتئاب عند الأشخاص الذين لم يستجيبوا لأشكال العلاج الأخرى. لا يزال التنبيه المغنطيسي عبر الجمجمة علاجاً تجريبياً، لكن الأدلة المرتبطة بسلامته وفاعليته كانت إيجابية. لا يوصى باستعمال التنبيه المغنطيسي عبر الجمجمة عند الذين خضعوا لزراعة جهاز معدني، مثل ضابطة النبض، لأن النبضات الكهربائية قد تعيق عمل الأجهزة.
تنبيه أو تحفيز العصب المبهم Vagus nerve stimulation
العصب المبهم هو عصب مهم يربط ساق الدماغ بأعضاء في صدرك وبطنك- مثل القلب والرئتين والأمعاء. يمتدّ العصب من بطنك وصدرك عبر عنقك وصولاً إلى ساق دماغك عبر فتحة صغيرة في جمجمتك. إنه مسار مهم تنتقل بواسطته المعلومات من وإلى جهازك العصبي المركزي.
يستلزم تنبيه العصب المبهم عملية جراحية يوضع خلالها مولّد صغير للنبضات الكهربائية بحجم ساعة الجيب تقريباً- وهو نوع من ضابطة النبض- في الجهة العلوية اليسرى من صدرك. كما يتم تمرير أسلاك معدنية بالغة الصغر تحت جلدك وصولاً إلى عنقك حيث تلتف حول العصب المبهم. تتم برمجة المولّد لتسليم نبضات كهربائية صغيرة إلى العصب المبهم مرة كل بضع دقائق. الأمر الذي يؤثر على مراكز المزاج في الدماغ.
قد يكون هذا العلاج خياراً ممكناً إذا كان لديك اكتئاب مزمن أو مقاومة لأدوية الاكتئاب.
جرى تطوير تنبيه العصب المبهم أساساً لمعالجة المصابين بالصرع الذين استمروا في المعاناة من نوبات التشنج على رغم استعمال الأدوية. وبدأ الباحثون يدرسون استعماله في معالجة الاكتئاب بعد أن لاحظوا تحسناً ملحوظاً في المزاج عند الذين خضعوا لتنبيه العصب المبهم لمعالجة الصرع.
الوخز بالإبر
ليس الوخز بالإبر شكلاً جديداً من العلاج الطبي. إنه بالفعل أحد أقدم العلاجات التي استخدمها المعالجون الصينيون القدامى. إلا أنه واحد من الطرق البديلة القليلة في العناية الطبية التي حظيت بدراسات كبيرة. فقد قارنت الدراسات الوخز بالإبر مع مضادات الاكتئاب ووجدت أن الوخز بالإبر مفيد ربما.
يعود الوخز بالإبر إلى معتقد صيني مفاده أنه يوجد تحت جلدك 14 مساراً غير مرئي، اسمها خطوط الزوال. يتدفق عبر هذه المسارات التشي، وهي كلمة صينية تعني قوة الحياة. عند انقطاع تدفق التشي، ينشأ المرض. لذا، يقوم اختصاصي الوخز بالإبر بفرض الضغط على نقاط محددة في جسمك لإعادة التدفق الحر للتشي والتخفيف من العوارض. وأثناء جلسة الوخز بالإبر، يغرز المعالج إبراً رفيعة في جلدك، تسبب القليل من الألم أو حتى لا ألم على الإطلاق. تبقى الإبر في مكانها لمدة 15 إلى 40 دقيقة. ويمكن تمرير التنبيه الكهربائي عبر الإبر في شكل من العلاج يعرف بوخز الإبر الكهربائي.
وفي دراسة شملت 241 مريضاً بالاكتئاب، وزّع الباحثون في جامعة بكين الطبية في الصين المرضى على مجموعتين. تلقت المجموعة الأولى وخز الإبر الكهربائي، فيما تلقت المجموعة الثانية مضاداً للاكتئاب. وكان الوخز بالإبر فعالاً بقدر العقار، مع تأثيرات جانبية أقل.
ورغم أن الوخز بالإبر يلقى المزيد من القبول بصفته علاجاً شرعياً لبعض الحالات الطبية، ليس معظم الأطباء مستعدين بعد لقبوله بمثابة علاج أولي للاكتئاب.