التصنيفات
صحة المرأة

علاجات ما بعد الجراحة في المراحل الأولية لسرطان الثدي

إن أهداف علاج سرطان الثدي هي الشفاء من المرض بالكامل أو منعه من العودة. ولذلك قد نعطي بعد الجراحة علاجات إضافية أثبتت الدراسات العلمية والسريرية أنها تمنع المرض من العودة وتطيل بعمر السيدة المصابة (OS: Overall Survival) أو تطيل بعمرها بدون مرض (DFS Disease Free Survival). هذه العلاجات تستطيع أن تقتل الانتشارات الميكروسكوبية للخلايا السرطانية التي لا يمكن رؤيتها ورصدها بالفحوصات العادية وهي أيضاً قد يكون لها مفعول وقائي للثدي الآخر. هذه العلاجات الإضافية قد تكون كيميائية أو شعاعية أو هرمونية أو مضادات مهدفة، بعض تلك العلاجات قد تعطى لوحدها أو تعطى مجتمعة اما الواحدة تلو الأخرى أو بعضها مع البعض الآخر.

أولاً: العلاج الشعاعي بعد الجراحة؟

يكون العلاج الشعاعي اما جزءاً من العلاج الاولي ومكملاً له أو وقائياً.

العلاج الشعاعي بعد الجراحة الجزئية للثدي؟

في حالات الاستئصال الجزئي، يكون العلاج الشعاعي جزءاً لا يتجزأ من العلاج الأولي للسرطان للمحافظة على الثدي (Breast Conserving Surgery)، إلا في بعض الحالات عند السيدات ما فوق السبعين من العمر واللواتي عندهن ورماً صغيراً.

العلاج الشعاعي بعد الاستئصال الكامل للثدي

تقول بعض الدراسات أن معظم السيدات يستفدن من العلاج الشعاعي ولكن هذا العلاج ليس بدون مضاعفات لذلك ننصح بما هو مقبول حسب معظم الدراسات العالمية وهو كما يلي:

–  وجود خلايا سرطانية في فحص الزرع قريبة من الجرح وغير ممكن استئصالها.
–  إذا كان حجم الورم يساوي 5 سنتم أو أكبر.
–  إذا كان السرطان متصلا بالجلد أو بالقفص الصدري.
–  إذا كان هناك خلايا خرجت من العقد المصابة إلى النسيج الدهني المحيط بها تحت الإبط.
–  إذا كان عدد عقد تحت الإبط المصابة أكثر من 3.
–  إذا كان العدد الكامل للعقد المستأصلة قليل ونسبة العقد المصابة تكون أعلى من 30%.
– إذا كان هناك انتشار ميكروسكوبي فقط في العقدة الليمفاوية الأولى الحارسة يمكن إعطاء العلاج الشعاعي بدون استئصال كامل العقد تحت الإبط.
– في حالات الأورام الداخلية الوسطية تتم دراسة وضع العقد من قبل الطبيب المختص.

ثانياً: العلاج الكيمائي بعد الاستئصال

يتم إعطاء الدواء الكيميائي بعد تذويبه في قارورة مصل زجاجية أو بلاستيكية ثم يتم اعطاؤه داخل الوريد لينتشر في كامل الجسم عبر الدورة الدموية ليقتل الخلايا السرطانية اينما وجدت، إذا وجدت. هناك أيضاً حبوب كيميائية قد تعطى بواسطة الفم.

لقد أثبتت الدراسات الكثيرة أن العلاج الكيميائي يساهم في زيادة نسبة الشفاء من سرطان الثدي في مراحله الأولية. هذا وتتجه الأبحاث حالياً نحو تحديد مواصفات وخصائص الأورام والسيدات التي تستفيد أكثر من غيرها من الأدوية الكيمياوية والمهدفة وربما الاستغناء عن الأدوية الكيميائية واستعمال الأدوية الهرمونية فقط، وكذلك نتجه الأبحاث أيضاً لزيادة نسبة الاستفادة مع تخفيف نسبة المضاعفات من العلاج الكيميائي.

نحن ندرس أيضاً خصائص المرض ونحدد حساسيته على الهرمونات المضادة، وكذلك عمر السيدة ووضع عمل المبيض، لكي نقرر أفضل طريقة لعلاجها بالكيميائيات و/او الهرمونات. اما خصائص المرض فيمكن تحديدها بواسطة الزرع النيسجي وفحوصات الجينات.

دراسة جينات الورم: تجدر الإشارة إلى أن هناك أبحاث جديدة لمعرفة درجة خطورة المرض والحاجة إلى العلاجات الأخرى ليس فقط عن طريق الفحص النسيجي ولكن أيضاً عن طريق دراسة مجموعات الجينات في الورم.

متى تعطى المريضة علاجاً كيميائياً؟

يلزم العلاج الكيمائي بعد الاستئصال كما يلي:

–  كبر حجم الورم والانتشار إلى العقد الليمفاوية: هذه الخصائص الاناتومية ما زالت تعتبر من أهم العوامل حالياً.

–  خصائص الورم النسيجية والبيولوجية: هي قد تشير إلى خطورة زائدة لعودة المرض مثل غزو الأوعية اللمفية والدموية، ودرجة الخبث العالية، مؤشرات النمو الخطيرة الزائدة، عدم وجود متلقيات هرمونية، أو وجود متلقيات هير2 زائدة على سطح الخلايا السرطانية.

–  إذا كان الورم حساسا على الهرمونات ولكن عندها درجة نسيجية متوسطة أو عالية الخطورة.

–  إذا كان الورم غير حساس على الهرمونات النسائية، أي أن متلقيات ايستروجين قليلة جداً أو غير موجودة في نواتها (- ER: سلبية)، ومتلقيات بروجيستيرون قليلة جداً أو غير موجودة في نواتها (- PR: سلبية).

–  إذا كانت المريضة تحت سن 35 -40 قد يتوجب إعطائها العلاج الكيميائي أكثر من غيرها.

– في حال وجود ورم صغير الحجم وتم إجراء فحص جيني مثل ريكورنس سكور-21 (ONCOTYPE DX: انكوتايب دي اكس) أو فحص مامابرينت امستردام جين 70 (MAMMAPRINT) وثبت ان المريضة عندها ورم عالي الخطورة، أو ربما طرق جديدة مثل اندوبريديكت ENDOPREDICT أو بام50 PAM50.

ثالثاً: العلاج الهرموني بعد الاستئصال

أما العلاج الهرموني الذي يكون اما بإعطاء أدوية مضادة للهرمونات النسائية، أو قطع مصدر انتاج تلك الهرمونات، لقد أثبتت الدراسات أن العلاج الهرموني يعود بالفائدة الكبيرة إذا أعطي بعد الجراحة لأنه يخفف من احتمالات عودة المرض ويطيل بعمر حياة السيدة المصابة. وهو يعطى إذا كان للورم متلقيات هرمونية اما بعد العلاج الكيميائي، واما لوحده إذا لم تكن هناك حاجة للعلاج الكيميائي. وهو ذات أهمية كبرى سواء بعد سن اليأس أو قبله. أساس هذا العلاج هو دواء تاموكسيفين لمدة خمس سنوات (أو عشر سنوات) وهناك دراسات جديدة حول إضافة أدوية أخرى لتوقيف العادة الشهرية عند المرضى الصغيرات بالعمر إذا لم تكن قد انقطعت مع العلاج الكيميائي أو عادت بعده. أما عند المرضى اللواتي قطعن سن المينوبوز فيمكن استعمال أدوية مضادة لخميرة اروماتاز توقف انتاج الاستروجين في كل أنحاء الجسم مثل أناستروزول، أو ليتروزول، أو ايكزيميستان. تعطى هذه الأدوية لمدة خمسة سنوات إما في البداية أو بعد سنتين ونصف من تاموكسيفين أو بعد خمسة سنوات منه، لا يعطى العلاج الهرموني مع العلاج الكيميائي بل بعد الانتهاء منه.

رابعاً: العلاج المصوب المهدف بعد الاستئصال

لقد أثبتت التجارب السريرية أن استعمال دواء تراستوزوماب المصوب ضد متلقيات Her2 neu 2 يخفف من احتمال عودة المرض أكثر من 50% ويزيد بالعمر السليم أكثر من 30% ونعتبره أحدث ثورة في علاج سرطان الثدي الحديث. يعطى تراستوزوماب لفترة سنة كاملة طبقاً للدراسات الشهيرة “هيرا: HERA” وNCCTG-N9831 and NSABP B-31 وBCIRG 006.

هذا وظهرت مؤخراً نتائج دراسة تراستوزوماب هيرا لمدة سنتين ولم يتبين أن إعطاء تراستوزوماب لمدة سنتين أفضل من سنة. أما بالنسبة لاحتواء تكاليف العلاج واعطاء تراستوزوماب لأقل من سنة، فبعد أن أثبتت دراسة سكندينافية أن تراستوزوماب يفيد حتى إذا استعمل لمدة تسع أسابيع فقط، هناك عدة دراسات برزت نتائج أولها دراسة فار PHARE الفرنسية حول استعمال تراستوزوماب لمدة ستة أشهر ولم يتبين أن 6 أشهر تراستوزوماب توازي السنة منه.

وتجدر لإشارة إلى دراسة جديدة حول مستحضر تراستوزوماب جديد يتم اعطاءه بشكل إبرة خاصة مطولة تحت الجلد يبدو انه يعطي نفس المفعول ويخفف عناء الاستشفاء والمصل وننتظر نتائج إضافية عنها.

العلاج المصوب والمهدف بعد الاستئصال

أثبتت البحوث العلمية الحديثة ان وجود متلقيات هير2 نيو على سطح الخلايا تزيد من خطورة المرض ولكت تم اكتشاف أدوية مضادة له. بعد ان تم التأكد من ان دواء تراستوترماب – هيرسبتين يفيد المريضات اللواتي عندهن مرضا منتشرا في الجسم، تم استعماله مع تجارب سريرية للمرضى في المراحل الأولى من المرض.

أثبتت هذه التجارب ان إعطاء تراستوزوماب بعد الجراحة يخفف من احتمال عودة المرض 50 بالمئة ويزيد من فرص الحياة 30 بالمئة، وهكذا نعتبر ان تراستوزوماب هيرسبتين أحدث ثورة في عالم علاج سرطان الثدي ويتم اعطاءه بشكل وقائي لمدة ستة بعد العلاج الكيمائي أو خلاله حسب نوع الأدوية التي يرتأي الطبيب استعمالها. لقد تم إعطاء تراستوزماب بعد العلاج الكيميائي ف تجارب HERA واما في تجارب الأخرى فقد تم اعطاءه اما بعد أو مع العلاج الكيميائي (N 9831, B-31) وBCIRG وFinHer.

سادساً: متابعة المريضة بعد انتهاء العلاج

بعد أن تنتهي المريضة من العلاج الجراحي والعلاجات المكملة له من علاج كيميائي أو شعاعي أو هرموني، يجب عليها متابعة طبيبها بشكل دوري وذلك بواسطة معاينة سريرية في العيادة مرة كل ثلاثة أشهر في السنوات الخمس الأولى التي تتبع العلاج، ثم مرة كل ستة أشهر ثم مرة كل سنة فيما بعد. إضافة إلى الفحص السريري، يطلب الطبيب فحوصات دورية للدم مثل CBC, Alakaline Phosphatase, Gamma GT. ويطلب صورة ماموغرافي للثدي مرة كل سنة. إذا كانت السيدة تأخذ تاموكسيفين يتم إجراء صورة صوتية للرحم كل 12-6 شهراً بالتعاون مع الطبيب النسائي. بعض الأطباء يطلبون فحص دم إضافي لما نسميه علامة الورم Tumor Marker هو Ca15.3. لقد أثبتت التجارب السريرية ان هذا الفحص لا يفيد حياة المريضة ولا تنصح به الجمعية الأميركية لعلاج السرطان ASCO ولا ارشادات NCCN، ولكن الكثيرون يستعملونه خاصة إذا كان هناك خوف وخطر زائد لعودة المرض. إلا أنه يجب التنبه إلى أن استعماله قد يعطي نتائج تشغل البال وتؤثر على نفسية المريضة وتضرها ولا يثبت أي ورم في الفحوصات والصور ولا يتم إعطاء أدوية وعلاج بناء على ارتفاع طفيف في مستوى البروتين Ca15.3 فقط. وكذلك أصبحت الإرشادات لا تنصح بفحوصات دورية مثل الصورة النووية للعظم أو الصورة الصوتية أو الطبقية المحورية للبطن الا في حالات الضرورة عندما يكون هناك علامات سريرية أو تغييرات بفحوصات الدم أو خطورة عالية أو أبحاث سريرية.