ألم الظهر الحاد هو ألم مفاجئ حاد في الظهر يصيب عادة الجزء السفلي من الظهر، وهو إحدى الحالات المرضية الأكثر شيوعا، والأكثر تسببا في الضيق، كما أنه إحدى حالات العجز الأكثر إيلاما للإنسان. يمكن أن تحدث هذه الكارثة نتيجة لرفع شيء ثقيل، أو أداء حركة خاطئة أو السقوط، ولكنها قد تحدث من لا شيء بدون سبب أو مبرر واضح. يمكن أن يعمل المرض الفيروسي على استنفار الحالة، وهو ما ينطبق على الصدمة النفسية. قد يزدهر المرض كلية فجأة، أو قد يتطور أي ألم بسيط بشكل تدريجي على مدى ساعات أو أيام ليسبب ألماً مبرحاً.
في صوره الأشد وطأة يمكن أن يحيل ألم الظهر الشخص إلى إنسان عاجز تماما مثل الطفل الرضيع، بمعنى أنه يكون غير قادر على النهوض من مقعده أو وضع الاستلقاء؛ لكي يتناول طعامه؛ أو يغتسل، أو يرتدي ثيابه. حتى أبسط خطوة أو أبسط صورة من صور السعال يمكن أن تسبب نوبة تقلصات مبرحة في الظهر تجعل الشخص غير قادر على التقاط أنفاسه.
بالرغم من أن الشخص المصاب بالام كهذه سوف ينفق جزءا كبيرا من ماله لتلقي العلاج لدى الأطباء ومقومي العظام والمعالجين اليدويين، وخبراء العلاج البدني وغيرهم، فإن المردود يكون في أغلب الحالات غير واضح. إن الزمن هو خير شفاء وعلاج لهذا المرض. يمكنك أن توفر كلا من وقتك وجهدك إن كشفت عن سبب الألم، وتعرفت على وسائل بسيطة جيدة لتعجيل الشفاء منه.
في الغالبية العظمى من الحالات الحادة من آلام الظهر سوف تجد أن الألم ناجم عن تقلص العضلات. إن ألم العضلة المتقلصة يمكن أن يكون مبرحا إلى حد لا يصدق أشبه بالام الوضع لدى النساء.
يعتقد الكثير من المصابين بآلام الظهر أنهم مصابون بانزلاق غضروفي، أو بألم في العصب أو بخلع جزئي في العمود الفقري (الحالة الأساسية التي يعتمد علاجها على المعالجين اليدويين)، أو بتمزق في الأربطة أو العضلات عندما يكون التقلص العضلي هو السبب الأساسي أو الوحيد. ما لم يكن هذا العرض مصحوبا بأعراض أخرى مثل سلس البول، أو الخدر، أو الوخز في الساقين، أو عدم القدرة على تحريك الساقين والقدمين، ليس هناك ما يدعو إلى التفكير في أن المشكلة يمكن أن تكون شيئا آخر غير آلام العضلات. (استشر الطبيب إن كنت مصابا بمثل هذه الأعراض). سوف يتطور التهاب الجزء المصاب سريعا، وقد تشعر بأن هناك سخونة منبعثة من موضع الجزء المصاب.
يتواصل تقلص العضلات الخلفية نتيجة لرد الفعل العصبي المنعكس عبر الحبل الشوكي مما يكون أشبه بالدوران دائرة مفرغة. يؤدی التقلص والالتهاب إلى إحداث المزيد من التقلص والالتهاب. وبالرغم من أن الدائرة يمكن أن تتطور نتيجة للإصابة، علما بأن السبب الأصلي يكون في العادة كامنة في المخ، فإنها يمكن أن تتداخل مع فسيولوجية العضلة عن طريق الحبل الشوكي. يعتبر الألم الحاد (وألم العنق) من بين الأعراض الأكثر شيوعا للضغوط والمعاناة النفسية. إنها بالفعل إحدى المشاكل النفسية الجسدية؛ ليس فقط لكونها “كامنة في العقل”، وإنما لكونها تكشف عن نفسها من خلال التفاعل المعقد ما بين العقل والمخ والأعصاب والعضلات. إن تشوش العقل بشأن الوظائف العضلية يكون في العادة هو السبب الأساسي المسبب للألم الحاد ، وذلك من خلال الحيلولة دون استجابة العضلات بشكل حر مع الضغوط البدنية المبذولة عليها. قد يفسر ذلك سبب حدوث تلك الدائرة المفرغة المؤلمة من التقلصات والالتهابات إثر التعرض لأي ثني أو التواء يبدو بسيطا.
معلومات مفيدة عن ألم الظهر
يختبر الجميع ألم أسفل الظهر في وقتٍ أو آخر من حياتهم. تصنِّف التقديرات الحالية ألم الظهر على أنه السبب الثاني الأكثر شيوعاً لزيارة الأطباء، والسبب الأول لزيارة خبير المعالجة اليدوية، والسبب المؤدِّي للعجز عند الأناس تحت سن الخامسة والأربعين. يُشار إلى المرض الأكثر شيوعاً بإجهاد أسفل الظهر، وهو مصطلح عام يشمل مشاكل العضلة الصغرى والرباط والمفاصل في العمود الفقري القَطَني والأنسجة المحيطة. وفي حين أن حدثاً تافهاً على ما يبدو مثل العطس أو النهوض من كرسي يمكنه أن يستحث نوبة من ألم الظهر، إلا أن الأطباء يدركون بأن الألم عادةً هو ذروة سنوات من الإصابات الدقيقة والرّضات في الظهر. وبشكلٍ عام فإن الحالة الأكثر حدّةً منه هو عرق النسا والتي أكثر ما يُسبِّبها هو القرص الماصّ للصدمات الذي يفصل فقرتين في العمود الفقري وذلك حين ينتأ ويضغط جذراً عصبياً خارجاً من الحبل الشوكي مسبِّباً الألم الذي ينتشر نزولاً على طول الرِجل، وأحياناً وصولاً إلى القدم. القليل من الناس يعانون من ألم الرِجل الناشئ عن عرق النسا دون ألم في الظهر.
إن مقاربة المهنة الطبية لألم الظهر قد تحوَّلت كثيراً في السنوات الأخيرة. عندما كنت أتدرَّب كطبيب، كانت الراحة في السرير هي المقاربة القياسية وهي ما أُوصي به لبوني في البداية. يدرك الأطباء الآن بأن الاستلقاء يعطي عكس النتائج المرجوّة، مؤدِّياً إلى انخفاض في التكيُّف وزيادة في الألم. كلما مكثت في السرير أكثر، كلما فقدت كتلة عضلية أكبر (حتى 3 بالمائة في اليوم، وفقاً لبعض المراجع)، ويمكن للخسارة العضلية الناتجة أن تتعارض مع إعادة تأهيلك وتجبرك على تشغيل عضلاتك بإفراط من أجل التعويض. بدلاً من إراحة إصابة ظهرية، يوصي الأطباء اليوم بالبدء بنشاطات خفيفة منذ اليوم الأول.
علاج ألم الظهر الحاد
● من بين إجراءات الإسعافات الأولية الفورية استخدام التبريد. إن وضع كمادة ثلج فوق المنطقة المصابة سوف يعمل في العادة على تخفيف الألم أكثر من أي نوع من أنواع العلاج الأخرى. ضع اللفافة لمدة خمس عشرة إلى عشرين دقيقة، وكرر استخدامها كل ساعة أو كل ساعتين. قد يكون الوضع الوحيد المحتمل هو الاستلقاء على ظهرك في وضع مسطح مع رفع الركبتين أو الساقين. في هذه الحالة، ضع الكمادة الباردة بين ظهرك والأرض مع تركيز وزنك أو ثقلك عليها. السخونة سوف تعمل في معظم الحالات على تفاقم الألم في المراحل المبكرة.
● إن الراحة التامة وعدم الحركة يعتبران من بين الإجراءات الأساسية، خاصة على مدى أول يوم أو اثنين. إن حاولت أن تبادر بالذهاب إلى عملك قبل الحصول على قسط كاف من الراحة فأنت الذي سوف تدفع الثمن في وقت لاحق سواء بحاجتك إلى فترة تعاف أطول، أو الإصابة بالأم أكثر حدة قد تصل إلى حد عدم قدرتك على ممارسة روتينك اليومي، والاستسلام للاستلقاء في الفراش.
● إن تجنب الأوضاع التي تزيد من تفاقم الضغوط وقضاء المزيد من الوقت في الأوضاع التي تشعرك بالراحة يعتبر أيضا من العوامل المهمة. لا تجلس. قلل قدر الإمكان من كل عمل أو حركة تثير الألم أو تزيده سوءا. احصل على المساعدة، ولا تتردد في طلب المساعدة العلاجية ببعض الإجراءات العلاجية اليدوية. حاول أن تستلقي على ظهرك فوق الأرض مع وضع المؤخرة بالقرب من مقدمة المقعد ورفع الساقين بزاوية مستقيمة مع الكاحلين وتثبيتهما فوق المقعد. أو ضع كومة من الكتب ارتفاعها من ست إلى ثماني بوصات تحت رأسك، وارفع ركبتيك، وضع قدميك بالقرب من المؤخرة مع المباعدة بينهما قدر خمس عشرة بوصة؛ أبق في هذا الوضع لمدة عشر دقائق إلى خمس عشرة دقيقة في المرة الواحدة. إن كنت تستطيع السير؛ فإن قليلا من السير بين جلسات الاستلقاء قد يساعد.
● من بين أنواع العلاج المثلي الجيد للتقلصات العضلية الحادة نذكر زهرة العطاس قوية المفعول x30، والتي تباع في معظم متاجر الطعام الصحي. إن هذا النوع من العلاج يكون نافعا لعلاج الكدمات والرضوض، وغيرها من الصدمات؛ أي إنه يمكنك الاحتفاظ بزجاجة في منزلك لاستخدامها في حالات الطوارئ. تناول أربعة أقراص بعد الإصابة مباشرة، وكرر العلاج كل ساعة على مدى اليوم الأول أثناء فترة اليقظة. وفي اليوم التالى قلل الجرعة إلى أربعة أقراص كل ساعتين، ثم أربعة أقراص يوميا. يمكنك أن تواصل العلاج على مدى أربعة إلى خمسة أيام. يجب وضع أقراص العلاج المثلي تحت اللسان، وتركها إلى أن تذوب. تصل إلى أقصى حد من الفاعلية إن امتنعت عن تناول أي شيء عن طريق الفم على مدى خمس عشرة إلى ثلاثين دقيقة قبل أو بعد وضعها تحت اللسان. يمكنك أيضا أن تساعد على زيادة كفاءتها بتجنب الكافيين (خاصة القهوة) والنعناع (مثل معجون الأسنان) والكافور (الذي يدخل ضمن تركيب بعض المراهم التي تعالج العضلات).
● تفيد المسكنات المضادة للالتهاب مثل الأسبرين والإيبوبروفين (أدفیل، موترین) هي الأخرى في العلاج. وجميعها تؤدي إلى تهيج المعدة؛ لذا يجب أن تحرص على تناولها مع الطعام. يعمل الأسيتامينوفين ( تیلینول ) على تخفيف الآلام؛ ولكنه لا يقلل الالتهاب.
● يعمد الأطباء عادة إلى وصف الأدوية المرخية للعضلات لعلاج هذه الحالة، ولكن هذه العقاقير تكون في العادة غالية الثمن، وقليلة الفاعلية إلى حد مثير للإحباط؛ كما أن بعضها قد يجعلك تفقد توازنك، وتترنح أثناء الحركة، وقد لا يحدث أثرا إلا عندما يجعلك تفقد القدرة على الحركة. في بعض الحالات؛ عند الجمع بين هذا الدواء والإسبرين أو الأيبوبروفين مع الالتزام بالراحة، قد تساعد مرخيات العضلات على کسر رد الفعل المنعكس للأعصاب المسئول عن حدوث التقلص والألم.
● هناك وسائل أرخص ثمناً، وأكثر أمنا من العقاقير الدوائية وهي مضادات التهيج الموضعية والتي تخلق شعور بالسخونة والوخز عند تدليك جلد المنطقة المصابة بها. إن هذه الأحاسيس سوف تصرف انتباهك عن الألم، وقد تساعد الجهاز العصبي على التحرر من هذه الأعراض غير الصحية. تتوافر الكثير من السوائل والمراهم المضادة للتهيج في الصيدليات، ومتاجر الأدوية. حاول أن تعثر على دواء لا يحتوي على الكافور إن كنت تتناول حبوب زهرة العطاس المثلية.
● يبحث الكثير من الأشخاص المصابين بآلام حادة في الظهر عن وسائل للعلاج عن طريق التدليك اليدوى، أو معالجي تقويم العظام، أو غيرهم. إن العلاج اليدوى بواسطة خبير متخصص يمكن أن يحدث في بعض الحالات تحسنا كبيرا، بل وقد يحقق الشفاء الكامل. ولكنه في معظم الحالات سوف يحقق تخفيف مؤقت للألم إن لم يحدث أي تحسن بالمرة، فضلا عن الألم المضاعف الذي يشعر به المريض عند الخروج من السيارة، ودخوله لزيارة الطبيب؛ مما يمكن أن يضر أكثر مما يفيد في العلاج. احترس من المعالجين اليدويين الذين قد يسعون الإقناعك باتباع برامج خاصة مكلفة وطويلة لعلاج الخلع الجزئي الذي يظهر في عدد مبالغ فيه من أشعات إكس التي يجريها المعالجون اليدويون. إن الخلع الجزئي قد لا يكون سبب آلام الظهر الحادة، وإنما التقلص العضلي هو السبب الرئيسى. إن لم تنجح جلسة أو اثنتان من العلاج اليدوي في تحقيق تحسن واضح، فهذا يعني أنها لن تعود عليك بأي جدوى مهما زاد عدد الجلسات.
● من بين طرق التقويم العظمي التي يمكن أن تحقق قدرا من تخفيف الألم طريقة يطلق عليها اسم الشد العضلي المضاد؛ حيث يعمد المعالج ببساطة إلى تثبيت ساقي المريض وظهره في بعض الأوضاع التي يمكن أن تساعد الجهاز العصبي على التحرر من النمط الذي يسبب الألم، ولكن معظم مقومي العظام اليوم يفتقرون إلى المهارة التي تمكنهم من ممارسة هذه النوعية من العلاج. من الجيد أن تتعرف على معالج يجيد هذه المهارات لكي تستعين به عند اللزوم.
● إن التدليك وخاصة التدليك العميق للعضلات مثل الشياتسو، أو العلاج بالضغط الإبرى يمكن أن يخفف آلام التقلص؛ ولكنه سوف يكون من المستحيل ملامسة أي ظهر مصاب بألم حاد إلى أن يولي الألم، أو يتحسن قليلا. جرب التدليك، وسوف تكتشف بعدها بنفسك الوسيلة المناسبة لعلاجك.
● العلاج بالإبر الصينية يمكن أن يكون مفيدا هو الآخر، وخاصة عند التعرف على النقاط المسببة للألم – مواضع الليونة داخل إطار العضلات المتقلصة. دع شخصا يكتشف المنطقة المسببة للألم في ظهرك بالضغط على نقاط مختلفة بواسطة أطراف الأصابع، إن تسببت بعض النقاط في إحداث آلام معينة، وإن تشعب الألم فوق حدود أطراف الأصابع فهذا يعني أن هذه النقاط هي نقاط مسببة للألم ويمكن علاجها. يعمد الأطباء إلى حقن هذه النقاط بالمسكنات الموضعية لتخفيف الألم؛ لكن هناك علاج منزلية جيدا وهو أن تطلب من شخص أن يدلك لك هذه النقاط باستخدام مفصلات الأصابع، أو أي أداة مستديرة غير حادة. يمكنك أيضا أن تلجأ للعلاج بالإبر الصينية على يد خبير مدرب. إن مجرد وخز النقاط الصحيحة المثيرة للألم يمكن أن يكون في نفس جدوى وفائدة حقنها.
● تعتبر تدريبات التنفس هي الأخرى من بين الوسائل المجدية، كما يمكنك أن تشرع في ممارستها في الحال بدون انتظار. احرص على ممارسة التنفس البطيء الواعي العميق في إطار دائرة وهمية تبدأ من عند البطن مرورا بالمنطقة المسببة للألم، وحتى الأنف، ثم تهبط ثانية من عند الأنف حتى البطن مرورا بمنطقة الألم. يجب أن تكون أنفاسك سلسة ومتواصلة تتخللها فترات راحة مقتضبة بين الشهيق والزفير. يمكنك أن تمارس هذه التمرينات في أي وضع. من خلال التحكم في التنفس يمكنك أن تؤثر بشكل مباشر على الجهاز العصبي، وتشجعه على الاسترخاء.
● نظرا لأن المشاعر تملك تأثيراً عظيماً على التفاعل العضلي العصبي، يجب أن تحاول أن تضع نفسك في حالة ذهنية إيجابية. اقض وقتا مع الأشخاص الذين يشعرونك بأنك في حالة مزاجية ممتازة. شاهد الأفلام الكوميدية. لا تفقد حماسك. وقد يبدو هذا صعبا، ولكنه شديد الأهمية.
● بما أن يشرع الألم في التراجع، فإن السخونة يمكن أن تعجل بالشفاء. أولا : حاول أن تناسب بين الكمادات الباردة والساخنة مع الانتهاء بالكمادات الساخنة، ثم استخدم الكمادات الساخنة وحدها إن كانت تشعرك بأنك في حالة جيدة. تعتبر الكمادات الساخنة المبللة هي الأفضل. إن كان بوسعك أن تستلقي في حوض ماء دافئ؛ فلتفعل؛ لأن هذا قد يمنحك قدرا كبيرا من الراحة. عندما تشعر أنك تملك القدرة على النهوض أو التحرك، قد تجد أن الحزام الداعم حول مؤخرة الظهر من العوامل المساعدة التي سوف تساعد على استقرار حركتك، والتي سوف تعمل على تسهيلها. سوف تجد أنواعا عديدة من الأحزمة في الصيدليات ذات مقاسات وأحجام مختلفة.
● بما أن تكتسب العضلات هذا النمط من الاستجابة، قد تميل إلى تکراره ثانية تحت الضغوط. قد يكون بوسعك أن تراجع نفسك، وتنظر إلى الوراء بحثا عن الإشارات التحذيرية التي تنذر بوقوع المشكلة مثل وجود شعور مبكر من الشد والألم، أو عدم الراحة في الجزء مركز الألم الحاد. إن كان الأمر كذلك، يجب أن تكون الآن قد أصبحت قادرا على التعرف على هذا الشعور، واتخاذ الإجراء اللازم لتقي نفسك من نوبات التقلص والالتهاب المرتقبة. يمكنك – على سبيل المثال – أن تقلل من نشاطك، وأن تقضي المزيد من الوقت في الأوضاع المريحة، وأن تحصل على جلسة تدليك أو علاج يدوى بما أن تلحظ هذه الإشارة التي تنذر ببداية النوبة.
● إن معايشة نوبة الألم المبرح قد تكون بمثابة تجربة قاسية، كما أنها يمكن أن تكون فرصة تتعلم من خلالها كيف تكون صبورا، وكيف تتقبل التغيرات التي تطرأ على جسدك، وكيف تتقبل فكرة التخلي عن نظامك اليومي، وتتلقى المساعدة من الآخرين. إن اندلعت نوبة الألم الحادة، يجب أن تضع في اعتبارك دائما أن الوقت هو حليفك الأول.
آلام الظهر المزمنة الناتجة عن التوتر
قد لا ترجع معظم آلام الظهر المزمنة إلى إصابة هيكلية، وإنما إلى تقلص عضلي غیر متوازن، والتهاب ناجم عن نمط غير متوازن للتحكم العصبي في الجهاز العضلي. يطلق أحد خبراء آلام الظهر المزمنة على هذه المشكلة اسم متلازمة التهاب العضلات الناتج عن التوتر.
أعتبر نفسي من بين من يؤمنون بتأثير متلازمة التهاب العضلات الناتج عن التوتر؛ لأنني شهدت الكثير من النجاحات التي حققها العلاج لآلام الظهر المزمنة التي اختفت، وكأن قوة سحرية قد عالجتها من خلال تغير الحالة النفسية مثل الزواج، أو إجراء تغييرات جذرية على مستوى الحياة العاطفية والعقلية. هذا ليس مدعاة للتصور بأن آلام الظهر المزمنة تكمن جميعها داخل العقل؛ لأنه يبدو من الواضح أن جزءا كبيرا من المرض يكون متمثلا في حدوث خلل بدنی حقیقی في تشریح العضلات وفسيولوجيتها، ولكن النهاية التقليدية لسلسلة الأحداث المؤدية إلى الألم لا تكمن مع ذلك في الظهر، وإنما في الجهاز العصبي الذي يربط بين العقل والمشاعر.
معظم المصابين بمرض الظهر المزمن يمضون في حياتهم معتقدين أنهم يعانون من آلام في الظهر، وأن المشكلة تكمن في الظهر. ولکنی توصلت من خلال خبرتي إلى أن ألم الظهر المزمن ( وكذلك العنق ) يجب أن ينظر إليه بصفته توترا مؤديا إلى التهاب العضلات إلى أن يثبت غير ذلك، كما أن كل الجهود العلاجية يجب أن توجه لعلاج ما يدور في رأسك، وخاصة تغيير أنماط تفكيرك ومشاعرك، ومعالجة الضغوط التي تقود الجهاز العصبي إلى هذا النمط الشاذ. بالطبع، إن كنت تملك تاريخا في إصابات الظهر؛ سوف تكون هذه البقعة الضعيفة بمثابة بقعة مثالية لاجتذاب التوتر المؤدي لالتهاب العضلات.
تعتبر اليوجا إحدى الطرق الممتازة لتقوية الظهر، وتحقيق توازن الوظائف العصبية وزيادة المرونة والتصدي للضغوط. إنني أنصح المرضی المصابين بالام الظهر بممارستها بالإضافة إلى وجوب استشارة الطبيب عن طبيعة الألم، ومن ثم العمل على وضع حد للأعراض المرضية بلا رجعة بمجرد أن يكف العقل عن إرسال رسائل خاطئة إلى عضلات الظهر.
نصائح طبية وأفكار في علاج ألم الظهر
● إنّ تغييرات الوضع المتكرِّرة هي طبيعية وصحية. حاول أن تأخذ استراحات منتظمة أثناء العمل وهيِّئ مكتبك بحيث تضطر إلى القيام من أجل الملفات أو للإجابة على الهاتف.
● عندما ترفع أشياء ثقيلة، استخدم رِجليك قدر الإمكان. إذا كنت مضطراً للانحناء نحو الأمام، فلا تنحنِ عند الخصر. انثنِ إلى الأمام من عند الوركين دون أن تسمح لأسفل ظهرك أن يتكوَّر. حاول أن تحافظ على تقوّس طبيعي في الجزأين السفلي والعلوي من العمود الفقري وتجنّب الالتواء والانحناء في الوقت نفسه لأن هذه آلية شائعة لإصابة الظهر.
● انتعل الحذاء الملائم. تؤدِّي الأحذية الضيقة عند مقدَّمها إلى شد في الرِجلين والظهر. يقصّر الكعب العالي عضلات رِبلة الساق وأوتار المأبض ويمكن أن يسهم في إجهاد الظهر.
● الكريمات الموضعية المشتملة على capsaicin أو زهرة العُطاس والمروخات (المراهم) المرتكزة على الميثيل ساليسايليت والمنثول والكافور هي مسكِّنة وآمنة جداً.
● يجد العديد من الناس أن تطبيقات الثلج مفيدة، وحالما تبدأ الإصابة بالشفاء يبدِّلون إلى الحرارة الرطبة، إمّا لوحدها أو بالتناوب مع الثلج. يمكن للحرارة أيضاً أن تكون مفيدة لتقليل التيبّس قبل البدء بالتمرين.
● يمكن لشاي لحاء الصفصاف (الذي يحتوي على مكوِّن الأسبرين النشط) أن يكون مفيداً.
● الدليل على الوخز بالإبر لتخفيف ألم الظهر متفاوت، ولكنه آمن جداً ويستحق النظر فيه.
● تستطيع مقاربات عمل الجسم باللمس باليدين مثل المعالجة اليدوية، والعلاج الفيزيائي، والتدليك العلاجي، وتجبير العظام أن تساعدك خلال ظهور ألم الظهر (ومع ذلك لا يقوم كل مجبِّري العظام بمعالجة يدوية، ولهذا اسأل قبل أن تأخذ موعداً).
● تجد جوديث بأن العديد من الناس الذين يعانون من ألم الظهر يحصلون على نتائج أفضل إذا جمعوا ممارستهم لليوغا مع عمل الجسم مثل “التحرير اللفافي العضلي myofascial release” المصمَّم لإزالة التشنّجات في العضلات والنسيج الرابط، والتخلص من النسيج النَّدَبي والفضلات المتخلِّفة عن إصابات سابقة.
● لقد وجدتُ بأن تقنية ألكساندر التي تؤكِّد على التعليم الوضعي (طريقة الوِقفة والجِلسة) هي فعالة تحديداً لمشاكل الظهر سواء كوقاية أو كعلاج. يمكن أن تكون طريقة فيلدينكريس قيِّمة على نحوٍ مماثل.
● فكرة مفيدة: الدكتورة غالِن كرانز هي أستاذة في الهندسة المعمارية في جامعة كاليفورنيا : إعادة التفكير في الحضارة والجسم والتصميم، هذا بالإضافة إلى كونها ممارسة يوغا ومعلِّمة لتقنية ألكساندر. تعتقد كرانز بأن معظم الكراسي مصمَّمة على نحوٍ ضعيف لصحة العمود الفقري وتحديداً لأي شخص يقل طوله عن مئة وخمسة وستين سنتمتراً، وهي تقترح الجلوس متى ما كان ممكناً والقدمان مسطَّحتان على الأرض وعظام الجلوس (النتوء العظمي في كل ردف) أعلى من الركبتين. يتيح هذا الوضع للعمود الفقري القَطَني أن يحتفظ بتقوّسه الطبيعي الصحي المتجه نحو الداخل. وتقول بأن الزاوية بين الرِجلين والجذع يجب أن تكون – مثالياً – حوالى 120 درجة، ولكن أي قيمة أخرى أكبر من 120 ستكون مفيدة. إذا كانت كرسيك لا تتيح الجلوس بهذه الزاوية، فباستطاعتك وضع كتاب أو وسادة على مقعد الكرسي لرفع مستوى الوركين، وكتاب آخر على الأرض إذا كانت قدماك لا تبلغان الأرض. وإلا فهي تقترح أن تدفع نفسك نحو الأمام وتجلس على حافة الكرسي مبقياً عمودك الفقري مستقيماً ومحتفظاً بزاوية صحية بين الرِجلين والجذع (قد لا يبدو هذا الوضع مشجِّعاً ولكنه مريح على نحوٍ مدهش).
● فكرة مفيدة: إنّ استخدام كتلة مضلّعة تحت اليد السفلى في وضعيات مثل المثلث والمثلث المُدار ترفع الفائدة العلاجية إلى الحد الأقصى عن طريق إحداث ثباتٍ أكثر وبإتاحتها لك أن تعتمد على رِجليك بشكل أكمل لتثبيت نفسك على الأرض، وهو ما يوجد بدوره حرية أكبر في الجزء السفلي من العمود الفقري ويتيح لك أن تدير قفصك الصدري بسهولة أكثر. كما أن الارتفاع المُضاف يسمح بحركة أكبر لعمودك الفقري وأضلاعك.
● تحذير: على قدر ما قد تبدو الأقراص المتفتقة مخيفة، إلا أن الدراسات تكشف بأن الكثير من الناس الذين لا يشكون من ألم بالظهر يعانون منها، بينما لا يُظهر آخرون أي دليل على التفتّق رغم أنهم يشكون من ألم واضح. يمكن لفحص الـ MRI أن يقرِّر فيما إذا كان لديك قرص متفتق ولكن الأمر يتطلّب مهارات فحص فيزيائية متطورة لمعرفة إن كان ذلك هو السبب المحتمل لمشكلتك. وللأسف بسبب الانتشار الكلي للاختبارات العالية التقنية، لم يعد طلاب الطب يتعلمون كيف يفحصون المرضى كما كانت تفعل أجيال الأطباء السابقة، وعندما يُظهر الـ MRI وجود تفتّق، فإن الخطر هنا هو أن بعض الجراحين قد يرغبون في إجراء عملية عليه قبل معرفة إن كان له علاقة بألمك أم لا. غالباً ما يكون المعالج الفيزيائي البارع أفضل بكثير من جهة تقييم الحالة بلمس اليد من كثير من الأطباء بمن فيهم جراحو العظام (التجبيريون).